array(1) { [0]=> object(stdClass)#12958 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

العدد 99

إيران النووية...هل تشعل السباق النووي؟

الثلاثاء، 01 أيلول/سبتمبر 2015

بعد واحد وعشرين شهراً من المفاوضات الصعبة التي أعقبت التوصل إلى اتفاق الإطار في جنيف في نوفمبر2013 م، وبعد عدة تمديدات للمهلة حتى الموعد النهائي للاتفاق ، أعلنت مجموعة القوى الكبرى5 +1(الأعضاء الدائمون في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بالإضافة إلى المانيا) عن التوصل إلى اتفاق نهائي مع إيران حول (برنامجها النووي) ينص في مبدئه العام على (رفع العقوبات الدولية عن إيران ، مقابل تخليها عن الجوانب العسكرية لبرنامجها النووي)، وفي حين رحبت أطراف دولية عديدة بالاتفاق، وتحفظت أطراف أخرى فيما وصفه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بـ (الخطأ التاريخي)(1).

السؤال الذي يطرح نفسه: هل الاتفاق النووي الإيراني مع القوى الكبرى سيشعل السباق النووي في المنطقة؟ وللإجابة على هذا التساؤل المهم، والمثير، سيتم معالجة الموضوع من عدة زوايا، أولا سيتم إعطاء نبذة تاريخية موجزة عن البرنامج النووي الإيراني، ثم سنتناول شرح موجز لأبرز نقاط الإطار العام للاتفاق النووي الإيراني، ثم سنعرج على العلاقة بين الاتفاق النووي الإيراني ومنع إيران من امتلاك السلاح النووي، ثم سنتناول الموقف الإقليمي والدولي من الاتفاق النووي الإيراني.

نبذة تاريخية عن البرنامج النووي الإيراني

--------------------------------------- 

يقسم الباحث الأكاديمي المصري الدكتور محمد السعيد إدريس ـ رئيس تحرير دورية (مختارات إيرانية) بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية أربع مراحل تاريخية أساسية في تطور البرنامج النووي الإيراني كما يأتي:-(2)

المرحلة الأولى:مرحلة النشأة وإقامة البنية الأساسية

-------------------------------------------------

وترجع خلال الفترة 1968-1978م ، حيث ترجع البداية الحقيقية للبرنامج النووي الإيراني إلى عهد الشاه(محمد رضا بهلوي)، وكان الاهتمام بالطاقة النووية يمثل جزءا من جهود الشاه الرامية إلى تحويل إيران إلى قوة إقليمية عظمى، وقام الشاه (رضا بهلوي)في بداية السبعينات بإنشاء (منظمة للطاقة النووية)، علاوة على الاتفاق على البدء في إنشاء (مفاعلات نووية) كبيرة الحجم، وكانت الولايات المتحدة الأمريكية ، والدول الغربية قد شجعت إيران على ارتياد المجال النووي، وعند قيام الثورة الإسلامية في إيران عام1979، فإن نظام الشاه  كان قد استثمر حوالي 6مليارات دولار في بناء المنشآت النووية، وكانت الشركات الألمانية قد انتهت من إنشاء البنية التحتية ووعاء الاحتواء الفولاذي لأحد المفاعلات في بوشهر.

المرحلة الثانية:مرحلة عدم الاكتراث أو اللامبالاة بالطاقة النووية

------------------------------------------------------------

وكانت محصورة بين عامي1978-1985 بعد قيام الثورة الإسلامية الإيرانية، حيث اتخذ قادة الثوريين الإيرانية، وفي مقدمتهم آية الله الخميني موقفا سلبيا تجاه الطاقة النووية، ناهيك أن الولايات المتحدة الأمريكية، والمانيا، والدول الغربية رفضت التعاون مع إيران في المجال النووي، وفرضت حظرا شاملا ضدها في كافة مجالات التسليح، كما تعرضت منشأتها النووية للقصف الجوي، والصاروخي العراقي أثناء الحرب العراقية –الإيرانية.

شاه إيران استثمر 6 مليارات دولار في بناء محطات نووية بتشجيع أمريكي ومساعدة المانية 

المرحلة الثالثة:مرحلة الاهتمام الجزئي1985-1991

--------------------------------------------------

بدأ البرنامج النووي الإيراني يشهد منذ بداية الثمانينات مزيدا من قوة الدفع، ومن الواضح أن تطورات الحرب العراقية –الإيرانية في منتصف الثمانينات أدت إلى أحداث تحولات جذرية في التفكير الاستراتيجي الإيراني عموما، وفي المجال النووي خصوصا القيادة الإيرانية وجدت أنه من الحيوي بالنسبة لها أن تهتم بإعادة أحياء البرنامج النووي، ونفذت إيران وقتذاك كثيرا من الأنشطة المتعلقة بتصميم الأسلحة، ودورة الوقود اللازمة لصنع السلاح النووي، كما قامت الحكومة الإيرانية بتقوية منظمة الطاقة النووية، وتقديم أموال جديدة إلى مركز (أمير آباد)، بالإضافة إلى تأسيس مركز أبحاث نووي جديد في جامعة (أصفهان)عام1984 بمساعدة فرنسا، وبعد انتهاء الحرب العراقية-الإيرانية اكتسبت الجهود الإيرانية في المجال النووي المزيد من قوة الدفع، واعتمدت طهران بقوة على كل من روسيا، والصين ، إلا أن من الثابت أنها لم تلجأ إلى التعاون مع هاتين الدولتين إلا بعد أن فشلت جهودها الرامية للتعاون مع دول غرب أوروبا.

المرحلة الرابعة:مرحلة الاهتمام الكثيف بالطاقة النووية1990-2000

-----------------------------------------------------------------

شهد البرنامج النووي الايراني نشاطا مكثفا في كافة المجالات، وأصبحت إيران تمتلك في ذلك الوقت بنية أساسية كافية لإجراء الابحاث النووية المتقدمة.فمن المعروف أن جامعة (شريف)للتكنولوجيا في طهران تعتبر مهد البرنامج النووي.وقد أشارت بعض المصادر إلى أن الأنشطة النووية نقلت من هذه الجامعة بعد أن خضعت للمراقبة الغربية، وبعد أن شاعت مخاوف من إمكانية تعرضها لهجوم جوي.وفي أعقاب ذلك قامت الحكومة الإيرانية بنشر المنشآت النووية الاستراتيجية على مساحة واسعة، وأحاطتها بجدار هائل من السرية، وذلك على سبيل التحسب إزاء أية ضربات عسكرية.وفي الوقت الحالي تعتبر منطقة(بوشهر) بمثابة المعقل الرئيسي للبرنامج الإيراني، حيث توجد بها محطتان غير مكتملتين للطاقة النووية، وتضمان مفاعلين نوويين قوة كل منهما 1200ميجاواط، وقد استكملت روسيا بناء هذه المحطات، وقد سعت إيران أيضا إلى الاستفادة من حالة التفكك التي أصابت جمهوريات آسيا الوسطى عقب انهيار الاتحاد السوفياتي وذلك من أجل الحصول على السلاح النووي، بالإضافة إلى التفاوض مع حكومة جنوب أفريقيا في هذا الشأن.

وقد سربت بعض الدوائر الأمريكية، والإسرائيلية معلومات مذهلة حول القدرات التسليحية غير التقليدية الإيرانية والتي تنطوي على امتلاك تكنولوجيا للصواريخ البعيدة المدى، إلى جانب التحكم في المواد الانشطارية التي يستلزمها انتاج القنبلة النووية التي حددت (إسرائيل) إمكانية امتلاكها في عام 2005.وفي هذا الإطار سجلت طهران بداية خطواتها في هذا المجال بالحصول على كميات من (سكود ب) من كوريا الشمالية، والصين، إضافة إلى (فروغ7)بمدى 70 كلم، وشرعت في وضع النواة الأولى لبرامج تطوير وإنتاج صاروخي، بالتعاون مع كوريا الشمالية، والصين(3).

وتمثلت الثمرات الأولى لهذا البرنامج بداية في نماذج لصواريخ بالستية قصيرة المدى، كانت في معظمها طرازات مشتقة من (فروغ7)مثل (شاهين1)و(عقاب)و(نازيات)والتي يتراوح مداها بين60كلم و150كلم ، وخلال المرحلة التي تلت انتهاء الحرب العراقية- الإيرانية اجتهدت إيران في تصنيع صواريخ بمستويات تكنولوجية أكثر تقدما على صعيد القوة الدافعة، والوقود الصاروخي، والحمولة الحربية، وأجهزة التهديف، والتصويب الحسابية إلى المسافات التي باتت تتجاوز الـ1000كلم ، وعملت طهران من خلال تطوير برنامجها الصاروخي على تجاوز الإطار الإقليمي إلى مستويات أوسع، ومسافات أبعد تتخطى الـ 2000كلم ، وكانت إيران في مطلع التسعينات حصلت على (سكود سي)من كوريا الشمالية وعلى (سي.س.س80)من الصين، وتعتقد مصادر استخباراتية أن إيران تعمدت تنفيذ خططها بشكل منفصل، كي لا تثير قلق الأوساط الأميركية، والاطلسية، وخصوصا الإسرائيلية وهي استعانت بكوريا، وروسيا، فكانت النتيجة (شهاب3)و(شهاب4)إلى تطوير صاروخ (نودونغ1)بتمويل إيراني، وتقنيات كورية، وإنتاج (زلزال)مع ماتبع ذلك من إطالة المدى، وتحسين الحمولة الحربية، وزيادة دقة التصويب، وجدير بالذكر أن (شهاب3)أصبح عملانيا وجاهزا بدءا من العام1988(4).

وكانت إيران قد طورت عائلة من الصواريخ غير الموجهة (نازيب) ذات الوقود الصلب، إلا أنها منذ عام1991 بدأت بتصنيع (سكود سي) الذي يصل إلى 550كلم ، وهناك تقارير تتحدث عن قيام إيران بتطوير صاروخين بالستين جديدين يعملان بالوقود الجاف هما اشتقاقات للصاروخين الصينيين م11-CSS (11-DF)7وم9(15-DF)/6-CSS بحمولات مخففة ، وبمدى يبلغ 400كلم للصاروخ الأول و800كلم للصاروخ الثاني، وقد أجري اختبار على اشتقاق الصاروخ (م9)في مايو1996كما أشارت التقارير ، ويعتقد أن في عام1992 بدأت إيران بتطوير صاروخ من مرحلة واحدة يعمل بالوقود السائل أطلق عليه اسم (شهاب3).

مركز أبحاث أصفهان تأسس عام 1984 بمساعدة فرنسا ثم اعتمدت على روسيا والصين

وفي يوليو1998 أجريت أولى التجارب عليه، ويشبه (شهاب 3) الصاروخ الكوري الشمالي(نودونغ1)ومن المحتمل أنه يستخدم بعض تقنيات الصاروخ (سكود ب) انما بمحرك أكثر تقدما كما يشبه الصاروخ الباكستاني(غوري)أو (هاتف5) هذين الصاروخين دخلا الخدمة في صفوف القوات المسلحة الإيرانية، ويتراوح مدى (شهاب3) بين1300و1500 كلم، وأشارت تقارير إلى أن برنامج التطوير لايزال قائما ، ومستمرا، وأن الهدف التالي هو صنع (شهاب4) الذي يبلغ مداه 2000 كلم كما تحدثت تقارير أخرى عن أن كوريا الشمالية تساعد إيران في برنامج جديد يهدف إلى صنع الصاروخ (شهاب5)الذي يرتكز على تصميم الصاروخ الكوري الشمالي(تايب دونغ1)وهو الصاروخ الذي اختبرته كوريا الشمالية في أغسطس1998 وكاد يسبب أزمة حادة مع اليابان، ويبلغ مدى الصاروخ بين3500و5000كلم(5).

أبرز نقاط الإطار العام للاتفاق النووي الإيراني (6)

------------------------------------------------       

يمثل الاتفاق المرحلة الثالثة والأخيرة من المفاوضات بين القوى الكبرى وإيران بعد الاتفاق الانتقالي في جنيف في نوفمبر2013 م، ثم اتفاق الإطار في (لوزان) النهائي على تقييد البرنامج النووي الإيراني الذي يصر الغرب على أن له أبعادا عسكرية، في حين تصر طهران على أنه سلمي في مقابل رفع العقوبات الاقتصادية، والمصرفية المفروضة على طهران ، بعد التأكد من وفائها بالتزاماتها بموجب الاتفاق كما يعزز الاتفاق الإجراءات، والضمانات الرقابية الصارمة على الأنشطة، والمنشآت النووية الإيرانية ، ويضع قيودا على مستوى تخصيب اليورانيوم، والبلوتونيوم، ويحدد عدد (أجهزة الطرد المركزي) التي تمتلكها إيران، وبهذا تأمل الدول الغربية زيادة فترة الإنذار قبل محاولة إيران صناعة قنبلة نووية

Breakout  من شهرين في الوقت الحالي كما تقول الولايات المتحدة الأمريكية، وحلفائها كإجراءات للحيلولة دون ذلك.وفي حال انتهاك إيران بنود الاتفاق فإن قائمة مواد تنص على عودة فورية إلى العقوبات الدولية والأميركية عليها.ولن يدخل الاتفاق حيز التنفيذ خصوصا الشق الذي ينص على رفع العقوبات الأممية عن إيران حتى تصدق (الوكالة الدولية للطاقة الذرية) على وفاء طهران بالتزاماتها الواردة في الاتفاق كافة خصوصا مايتعلق بتطبيق (الرقابة الصارمة) على أنشطتها ومنشآتها النووية بما في بعض المنشآت العسكرية ويفترض أن يعرض الاتفاق على مجلس الأمن في الأسابيع القليلة المقبلة لتحويله إلى قرار دولي ترفع بموجبه العقوبات الدولية عن إيران وقد كانت مسألة رفع العقوبات إحدى أهم نقاط الخلاف بين  الطرفين كانت مسالة حظر مبيعات الأسلحة التقليدية ، و الصواريخ البالستية، أو التكنولوجيا المؤدية إليها إلى إيران، وقد كانت هذه أيضا إحدى نقاط الخلاف بين الولايات المتحدة الأمريكية، وحلفائها الغربيين من جهة وبين إيران المدعومة بالموقفين الروسي، والصيني، وحلا وسطا اتفق الطرفان على أن يستمر حظر معظم مبيعات الأسلحة التقليدية لإيران خمس سنوات أخرى امتدادا إلى عام2020 في حين يستمر حظر بيع الصواريخ البالستية أو التكنولوجيا المؤدية إليها إلى ثماني سنوات.

وتصر الولايات المتحدة الأمريكية على أن الاتفاق النووي مع إيران لايتضمن تفاهمات معها حول ماتصفه واشنطن (دعم إيران للإرهاب) وانتهاكاتها لحقوق الإنسان، وقد أكد الرئيس الأميركي (باراك أوباما) أن الولايات المتحدة الأمريكية ستدعم حلفائها في المنطقة، وتحديدا (إسرائيل) ودول الخليج العربي للتصدي لأي تصرفات إيرانية تهدد استقرار المنطقة، أو تزعزعه.

طهران طورت منظومة الصواريخ بالتعاون مع الصين والصفقة الكبرى بالتعاون مع كوريا الشمالية 

العلاقة بين الاتفاق النووي الإيراني ومنع طهران من امتلاك السلاح النووي(7)

------------------------------------------------------------------------

يتضمن الاتفاق آليات لمنع إيران من امتلاك السلاح النووي، حيث لايشترط اتفاق الإطار في أبريل2015 م، والاتفاق النهائي الحالي في يوليو من العام نفسه على إيران تفكيك منشأتها النووية، بمعنى أنها ستبقى محتفظة ببنيتها التحتية النووية مايعني الاحتفاظ بقدرتها على التحول إلى قوة نووية بعد انتهاء مدة الاتفاق إذا قررت ذلك، كما وافقت إدارة الرئيس أوباما على تخفيض مخزون إيران من (اليورانيوم المخصب)، وليس شحنه إلى الخارج كما كانت تصر من قبل.وتعد هذه النقاط التي تبقي على المعرفة النووية الإيرانية Knowhow  وبنيتها التحتية كليا يعد أمرا غير واقعي، ويمكن أن يفجر فرص التوصل إلى اتفاق خصوصا أن الأمر يعد مسألة (كرامة وطنية)، وأي عمل عسكري لإرغام إيران على تفكيك برنامجها كليا سيكون غير مضمون النتائج، وفي أحسن الحالات سيؤخر البرنامج سنوات قليلة فحسب بل قد يؤدي إلى تعجيل إيران ببناء (قنبلة نووية) للدفاع عن نفسها مستقبلا ، وبديلا من ذلك نجحت إدارة أوباما في انتزاع موافقة إيران على أربع آليات رئيسة كفيلة بأن تغلق جميع السبل أمام إيران لصنع أسلحة نووية ، ويقول أوباما ((أن هذا الاتفاق مبني على التحقق وليس الثقة)) وهذه الآليات الأربع حسب موقع البيت الأبيض هي:-

1.وضع قيود على إنتاج اليورانيوم على التخصيب في منشأة نتنز.

2.وضع قيود على إنتاج اليورانيوم عالي التخصيب في منشأة فوردو.

3.منع إنتاج البلوتونيوم عالي التخصيب في مفاعل آراك.

4.ضمان وصول مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى أي منشأة في إيران بما في ذلك المنشآت العسكرية للتأكد من عدم وجود برامج نووية.

تركيا انخرطت في امتلاك قنبلة نووية في غمرة انشغال العالم بالبرنامج النووي الإيراني

وقد تم الاتفاق على الآليات الثلاث الأولى في اتفاق الإطار في أبريل2015 وحسب الآليتين الأولى والثانية وافقت إيران على تخفيض (أجهزة الطرد المركزي) التي تمتلكها في منشأتي نتنز وفوردو من نحو 20000 إلى 6104، ستشغل منها 5060 جهازا فقط عشر سنوات، ولن يسمح لإيران أيضا في فترة السنوات العشر هي مدة الاتفاقية إلا بتشغيل أجهزة الطرد المركزي القديمة من الجيل الأول كما لن يسمح لطهران بإجراء أبحاث وأعمال تطوير مرتبطة بتخصيب اليورانيوم في منشأة فوردو مدة 15 عاما.

وحسب الاتفاق أيضا تزيل إيران أجهزة الطرد المركزي من الجيل الثاني الموجودة حاليا في منشأة نتنز وعددها 1000 جهاز ، وتضعها قيد التخزين تحت مراقبة الوكالة الدولية للطاقة الذرية عشر سنوات، كما التزمت إيران عدم تخصيب اليورانيوم فوق معدل3،67% مدة 15عاما على الأقل، وتقليص مخزون اليورانيوم منخفض التخصيب من عشرة آلاف كيلوجرام إلى 300كيلوجرام 15 عاما مايساوي قرابة98% من مخزون إيران الكلي، وأشار الاتفاق أيضا إلى موافقة طهران على عدم بناء أي منشآت جديدة لتخصيب اليورانيوم 15 عاما ، في حين ستستمر عمليات التفتيش النووية لسلسلة تعدين اليورانيوم، وتخصيبه 25عاما، وتقول الولايات المتحدة الأمريكية أن هذه الإجراءات ستحرم إيران كليا من القدرة التي تملكها اليوم لبناء عشر قنابل نووية خلال شهرين إلى ثلاثة اشهر.

وتتعلق الآلية الثالثة بمنع إنتاج البلوتونيوم عالي التخصيب في مفاعل آراك الذي يعمل بالماء الثقيل فقد نص الاتفاق على موافقة إيران على إعادة بناء المفاعل، وتصميمه بحيث لايعود قادرا على انتاج البلوتونيوم، وتحويله بمساعدة دولية إلى مركز أبحاث للأغراض النووية السلمية، وإنتاج النظائر المشعة للأغراض الطبية والتعليمية.

وفيما يتعلق بالآلية الرابعة والتي تفضل آليات الرقابة، والتفتيش الدولية الحثيثة على الأنشطة، والمواقع الإيرانية عبر مفتشين تابعين للوكالة الدولية للطاقة الذرية فإنها ستجرى بموجب التزام طهران البرتوكول الإضافي لمعاهدة حظر الانتشار النووي الدوليةNPT   والتي تسمح لمفتشي الوكالة بالوصول إلى أي موقع معين بناء على معلومات استخباراتية، أو شكوك سوف يكون أمام الوكالة وإيران 14يوما للموافقة على ذلك ، وإذا لم تستجب إيران لطلب الوكالة خلال تلك المدة يحال الأمر إلى لجنة مشتركة تتكون من الدول التي تشكل مجموعة5+1 في المفاوضات، بالإضافة إلى إيران ، والاتحاد الأوروبي للنظر في النزاع ، وأمام اللجنة مهلة سبعة أيام حدا أقصى للبت في الأمر ، وتحتاج اللجنة إلى خمسة أصوات فقط من أصل سبعة لتقرر في الأمر مايعني عمليا أن القرار سيبقى غربيا في حال صوتت روسيا ، والصين مع إيران ، وحسب إدارة أوباما ، فإن مدة الأربعة والعشرين يوما منذ تقديم طلب التفتيش إلى حين الفصل فيه لاتعد كافية لإيران للتغطية على أي انتهاك تقوم به.

الموقف الإقليمي والدولي من الاتفاق النووي الإيراني

-------------------------------------------- ----

1.المملكة العربية السعودية (8)

-----------------------------

لم يصدر رد فعل رسمي من المملكة ضد الاتفاق، لكن تعتبر ـ بشكل غير رسمي ـ رجحت عقب توقيع الاتفاق النووي الإيراني إمكانية تسريع توجه المنطقة نحو التسلح النووي، وقد أكد في هذا الاتجاه صاحب السمو الملكي الأمير تركي الفيصل الرئيس الأسبق للمخابرات السعودية وذكر أن التوصل لاتفاق إيران بشأن برنامجها النووي قد يدفع دولا أخرى في المنطقة لبدء تطوير وقود ذري، والسعودية وغيرها من الدول التي ستسعى للحصول على الحق نفسه.

2.تركيا: (9)

---------

حاولت تركيا استبعاد نفسها من مخاوف دول المنطقة لامتلاك سلاح نووي بعد الاتفاق النووي الإيراني، حيث عملت كي ينظر إليها كإحدى ركائز التوازن في منطقة الشرق الأوسط مع إيران، لكن (هانز ربلة) رئيس هيئة التخطيط في وزارة الدفاع الألمانية مابين عامي1982-1988 أكد أن هناك مؤشرات قوية على سعي تركيا إلى إنتاج (قنبلة نووية) سرا ، وذلك في ظل انشغال العالم ببرنامج إيران النووي، وربما يفسر هذا عدم انخراط الأتراك، وإبداء تخوفهم من نووي إيراني، ويبين ربلة في مقال له في صحيفة (دي فيلت) الألمانية أن الاستخبارات الألمانية تنصتت على المسؤولين الاتراك على مدى سنوات طويلة ، ورأى في نتائج تحرياتها مؤشرات قوية على سعي تركيا لامتلاك (القنبلة النووية)، ويضيف ربلة على ماقال بعدة مؤشرات منها أن تركيا وقعت عام2011 اتفاقا مع شركة (روس أتوم)الروسية لبناء مفاعل نووي كبير على بعد300كيلومترا من المدينة الساحلية (أنطاليا)بقيمة 15مليار دولار والحقته باتفاق أخر قيمته 17مليار يورو مع شركة يابانية –فرنسية ، وأشار الكاتب إلى أن الاستخبارات الألمانية أفادت بأن رئيس الوزراء التركي آنذاك (رجب طيب أردوغان)أمر عام2010 ببناء منشآت لتخصيب اليورانيوم سرا، وأفادت التقارير الاستخباراتية بامتلاك تركيا لعدد كبير من أجهزة الطرد المركزية يعتقد أنها أتت من باكستان .

إن أحد أهم المؤشرات على سعي الأتراك لتطوير سلاح نووي هو سعيهم لتطوير منظومات صاروخية قادرة على حمل رؤوس نووية وحسب ما زعمت به المجلة الإسرائيليةISRAEL DEFENSE  ، حيث استندت المجلة إلى تصريحات منسوبة إلى البروفسور(بوسال التنبساك)المدير السابق للمركز التكنولوجي التركي حيث أكد فيه على أن الرئيس التركي (رجب طيب أردوغان)أمر في عام2011 بتطوير خطة لإنتاج الصواريخ البالستية يصل مداها إلى 2500 كيلومترا ، وزعم التنبساك أن أردوغان معني بتطوير صواريخ عابرة للقارات يصل مداها إلى 10000 كيلومترا، ونقلت المجلة عن المؤسسة الأمنية الإسرائيلية ادعاءات  تشير إلى توجه أنقرة لتطوير برنامج فضاء خاص بها.وتنطلق المصادر العسكرية من افتراض مفاده بأنها من الدول التي لديها رغبة في الحصول على سلاح نووي.

إسرائيل تروج أن مصر في طريقها لامتلاك السلاح النووي بعد توقيع اتفاق إيران ومجموعة 5+1

3.مصر(10)

-------------

رغم إعرابها عن أملها بأن يحول الاتفاق النووي الإيراني دون حدوث سباق تسلح في الشرق الأوسط ، إلا أنها دخلت نطاق الدول التي يعتقد أنها قد تسعى بعد توقيع الاتفاق النووي إلى التسليح النووي، فقبل توقيع هذا الاتفاق حذرت (إسرائيل) من جهود مصر في هذا النطاق ردا على هذا الاتفاق، حيث حذر (عاموس جلعاد) مدير الشؤون السياسية والعسكرية بوزارة الدفاع الإسرائيلية من إمكانية توصل مصر لامتلاك السلاح النووي في الفترة المقبلة، بل أكد على امتلاك مصر بالفعل للمعرفة، والموارد التي تؤهلها لتحقيق قدرات نووية حسب ماجاء في صحيفة (جيروزاليم بوست)الإسرائيلية  وقال القيادي السابق بالمخابرات الإسرائيلية (الموساد) في مؤتمر عقد بمعهد السياسة والاستراتيجية في هرتزيليا(بمجرد حصول إيران على السلاح النووي ستطور مصر سلاحها الخاص بها).

4.الولايات المتحدة الأمريكية

---------------------------

تنوع الموقف الأمريكي بين من يبشر بإمكانية اشتعال المنطقة بالولوج إلى طريق سباق التسلح النووي، وبين من ينفي حدوث أي سباق تسلح نووي في المنطقة بعد الاتفاق النووي الإيراني، فعلى سبيل المثال لاالحصر يقول (جون كارلسون) الباحث الأمريكي (وإذا ماسعت إيران للحصول على أسلحة نووية فإن ميزتها الحالية ستتأكل مع مرور الوقت، وفي نهاية المطاف سوف نجد إيران نفسها محاطة بجيران لديهم السلاح، أو القدرة النووية أيضا، وسوف تكون ظروفها الاستراتيجية بالتالي أسوأ بكثير من أي شيء من الممكن تصوره اليوم)(11).

ومن جانبه قال العضو الديمقراطي في لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأميركي (روبرت مننديز)(إن على المشرعين الأميركيين مراجعة تفاصيل الاتفاق النووي مع إيران، لأن الشيطان يكمن في التفاصيل)، وأضاف مننديز(أن منطقة الشرق الاوسط قد تشهد سباقا نوويا استنادا إلى نظرية الردع النووي)(12).

ورصدت شبكة (فوكس نيوز) الأمريكية الاخبارية مجموعة من المواقف الأمريكية لمسؤولين بارزين حاليين، وسابقبن في الإدارة الأمريكية تؤكد بأن الاتفاق النووي التي توصلت له إيران، والدول الست، والمفاوضات التي أدت له تؤجج سباق للتسلح النووي في الشرق الأوسط وكما يأتي: (13)

1.قال السفير الأمريكي السابق جون بولتون: لقد أعطينا إيران الطريق الذي كانت تبحث عنه لحوالي35 عاما، الدول الأخرى في المنطقة لن تقف مكتوفة الأيدي، ولهذا فإن سباق التسلح النووي جار بالفعل).

2.السيناتور الأمريكي المرشح للرئاسة عن الحزب الجمهوري (ليندسي جراهام) قال ((كل دولة عربية سنية سترى إيران نووية كنتيجة حتمية، وأسوأ ناتج محتمل من الاتفاق هو خلق سباق تسلح نووي في الشرق الأوسط لدى شعور الدول السنية بالتهديد)).

3.قال مسؤول استخباراتي مخضرم عاد لتوه من الشرق الأوسط إن السباق بدأ والولايات المتحدة يجب أن تعالج هذا الوضع.

وفي مقابل هذه التخوفات الأمريكية، إلا أن موقف الرئيس الأمريكي باراك أوباما ألغى من أهمية حدوث سباق تسليح نووي في المنطقة بعد الاتفاق النووي الإيراني إذ قال:إن الاتفاق النووي أوقف مخاطر انتشار السلاح النووي في منطقة الشرق الأوسط، وأوضح أن الولايات المتحدة الأمريكية استطاعت من خلال هذه الصفقة أن تجعل العالم أكثر أمنا، مشيراًإلى أن الصفقة تستوفي الشروط التي وضعتها الإدارة للتأكد من عدم امتلاك إيران للسلاح النووي.وشدد أوباما على أن الاتفاق يمكن المجتمع الدولي من التحقق من برنامج إيران النووي، وأن يكون للمفتشين الدوليين الفرصة للوصول إلى منشآت إيران الحساسة، وطمأن أوباما حلفاء الولايات المتحدة الأمريكية في المنطقة ، مشيرا إلى أن واشنطن ستستمر في الدفاع عن أمن إسرائيل ، وستواصل تعاونها الأمني مع دول الخليج العربي، إلا أنه بالرغم من ذلك فإن رئيس مجلس النواب الأميركي الجمهوري (جون بينر)ندد بالاتفاق ، معتبرا أنه سينطلق سباقا على التسلح النووي في العالم، وتابع قائلا: بدلا من وقف إنتشار الأسلحة النووية في الشرق الأوسط ، هذا الاتفاق سيطلق على الأرجح سباقا على التسلح النووي في العالم(14).

خلاصة القول إن الاتفاق النووي الإيراني أحدث تداعيات خطيرة في المنطقة، بين من يقلق منه باعتبار ذلك يمكن أن يفتح الباب لإشعالها بسباق تسلح نووي، وبين من يقلل من فرضية حدوث سباق تسلح نووي، وبين هذا وذاك ستبقى قدرات إيران النووية حافزا لدول المنطقة لامتطاء الطريق النووي على الأقل من أجل الموازنة معها، ومع قدرات إسرائيل النووية، أو من باب الردع، وحماية النفس، والأوطان من التهديدات النووية القادمة.                       

 

    ((الهوامش))

1.الاتفاق النووي الإيراني—المضامين والنتائج والاعتراف المتبادل بالفشل، (الدوحة، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، 2015)، ص1.

2.د.محمد السعيد إدريس، البرنامج النووي الإيراني: الأزمة والسيناريوهات المحتملة، والتداعيات الاقليمية، ورد في عمر الحسن(أشراف)، د.مصطفى العلوي(تحرير)، مخاطر وتداعيات الانتشار النووي:أعمال ومناقشات مؤتمر نظمته وزارة الداخلية بمملكة البحرين بالتعاون مع مركز الخليج للدراسات الاستراتيجية، المنامة10-11سبتمبر2006، (لندن، مركز الخليج للدراسات الاستراتيجية، 2007)، ص211-212.

3.كمال مساعد، القدرات النووية الإيرانية والمخاوف الاميركية والإسرائيلية، مجلة الجيش، العدد202، (لبنان، الجيش اللبناني، أبريل2002)، ص6.

4.المصدر نفسه.

5.المصدر نفسه.

6.الاتفاق النووي الإيراني---المضامين والنتائج والاعتراف المتبادل بالفشل، مصدر سبق ذكره، ص2.

7.المصدر نفسه.

8.ميرفت عوف، بعد الاتفاق النووي مع إيران هل تدخل دول الشرق الأوسط في سباق لامتلاك أسلحة نووية، موقع ساسة بوست، 25/7/2015.

9.المصدر نفسه.

10.المصدر نفسه.

11.جون كارلسون، الكابوس النهائي:سباق تسلح نووي في الشرق الأوسط، موقع التقرير، (واشنطن، 16أبريل2015)، ص6.

12.سيناتور ديمقراطي يحذر من سباق نووي في الشرق الأوسط، موقع قناة الحرة الفضائية، 14/7/2015.

13.مسؤولون:الاتفاق النووي يؤجج سباق التسلح في الشرق الأوسط، موقع قناة الحرة الفضائية، 15/7/2015.

14.أوباما:الاتفاق مع إيران أوقف انتشار السلاح النووي في الشرق الأوسط، موقع قناة الحرة الفضائية، 14/7/2015.

 

مجلة آراء حول الخليج