array(1) { [0]=> object(stdClass)#13490 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

العدد 99

إيران النووية:هل تشعل السباق النووي في المنطقة؟

الثلاثاء، 01 أيلول/سبتمبر 2015

مما لاشك فيه أن الاتفاق حول البرنامج النووي الإيراني الذي تم التوقيع عليه بين إيران ومجموعة دول الـ 5 +1في فيينا (14  يوليو2015) لم ينه الجدل بشأن ذلك البرنامج بل أنه قد أضفى زخماً جديداً حول ذلك الجدل وخاصة أن مضمون الاتفاق يؤكد وبما لا يدع مجالاً للشك ضمان المصالح الإيرانية ليس فقط بالنسبة للملف النووي وإنما بالنسبة للقضايا الاستراتيجية لإيرانفي منطقة الخليج العربي ومجملها بقاء إيران القوة المهيمنة في تلك المنطقة بما يعنيه ذلك من استمرار تأسيس علاقاتها مع دول الخليج العربية على توازن القوى وليس توازن المصالح انطلاقاً من استمرار مفهوم إيران الثورة وليس إيران الدولة الأمر الذي من شأنه أن ينعكس على مستقبل منظومة الأمن الإقليمي الخليجي برمتها والتي تعاني من خلل في توازن القوى على ضفتي الخليج العربيذلك الخلل الذي ازداد تكريساً في أعقاب الغزو الأمريكي للعراق عام 2003.

وانطلاقاً مما سبق تثار تساؤلات أربعة:

أولها:هل يمكن أن تتحول إيران إلى قوة نووية عسكرية؟

وثانيها:هل تغضالدول الغربية الطرف عن تحول إيران إلى دولة نووية عسكرية؟

وثالثها:هل هناك تواطؤ من الولايات المتحدة تجاه إيران في إطار صفقة ما؟

ورابعها:ما هي خيارات دول مجلس التعاون تجاه إيران النووية؟

فعلى صعيد إمكانية تحول إيران إلى قوة نووية عسكريةلا تكمن المشكلة في البرنامج النووي الإيراني ذاته رغم تأثيره في تكريس الخلل في توازن القوى بين إيران ودول مجلس التعاون ومن ثم صياغة معادلة إقليمية جديدة ربما تستمر لعقود وستكون خصماً من المصالح الاستراتيجية لدول مجلس التعاون التي لا تزال لديها مشكلات مع إيران ومجملها رفض إيران الانسجام مع معطيات الواقع الخليجي الراهن وإنما تتمثل المشكلة في ثلاثة أمور:

الأول: امتلاك إيران للتكنولوجيا العسكرية اللازمة لإيصال تلك الأسلحة إلى أبعد مدى ممكن وبالتالي ستظل دول الخليج العربي في مرمى الصواريخ الإيرانية والتي يصل مداها إلى 2000 كم،مما يشكل تهديداً وجودياً لدول المجلس ككل وخاصة في ظل الإصرار الإيراني على أن يظل ملف الصواريخ بعيدة المدى خارج نطاق المفاوضات النووية،فضلاً عن موافقة روسيا على إمداد إيران بنظام الدفاع المضاد للصواريخ300–S

والثاني: سياسة الغموض التي تتبناها إيران حول برنامجها النووي وهي "سياسة الردع بالشك" تجعل من إمكانية تطوير إيران لتلك الأسلحة أمراً محتملاً وخاصة أن أجهزة الاستخبارات الأمريكية لم يحالفها النجاح في اكتشاف أياً من البرامج النووية للدول الكبرى في العالم سواء التي انضمت لمعاهدة منع الانتشار النووي أم تلك التي لا تزال خارج إطار تلك المعاهدة. 

والثالث: هو ضيق العمق الاستراتيجي والتي تقل بالنسبة لبعض دول مجلس التعاون عن 200 كم، وبالتالي سيكون من الصعوبة بمكان تلافي آثار أي إشعاعات نووية محتملة من تلك المنشآت التي ربما لا يكون بها إجراءات أمان كافية،فضلاً عن انعدام خبرة دول المجلس في التعامل مع أزمات من ذلك النوعفي ظل وجود بعض التقارير التي تؤكد أن المفاعلات النووية الإيرانية لا تتوافر بها عناصر الأمان النووي الكاملة.

البرنامج النووي الإيراني يحدث خللا في توازن القوى وصياغة معادلة إقليمية جديدة تستمر طويلاً

فهل يعني ما سبق أن الغرب سوف يغض الطرف عن تحول إيران إلى دولة نووية عسكرية؟

واقع الأمر أن السياسات الأمريكية تجاه أمن الخليج العربي منذ الانسحاب البريطاني من المنطقة وحتى الآن تنهض على مبدأ مؤداه الحيلولة دون ظهور قوة إقليمية تمثل تهديداً للمصالح الأمريكية والغربية عموماً حتى لو تطلب الأمر التدخل عسكرياً على غرار الغزو الأمريكي للعراق عام 2003 ولكن في ظل الاتفاق الجديد فإن إيران سيكون بمقدورها التحول لقوة إقليمية نووية وعسكرية- بغض النظر عن رغبة الولايات المتحدة في ذلك من عدمه- وفي هذا السياق تجدر الإشارة إلى الشهادة التي أدلى بها السيناتور جون ماكين رئيس لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ الأمريكي بالقول "لن تكون لدى إيران فقط مليارات الدولارات لشراء الأسلحة بحرية من السوق العالمية للتسليح، والتي حتما ستجد دولاً كثيرة تريد بيعها الأسلحة، بل أن هذا الاتفاق سوف يجعل إيران الدولة العسكرية الأولى في المنطقة"وأضاف "أنه على المدى البعيد فإن هناك تهديد مباشر للقوات الأمريكية حيث أن "إيران لن تمتلك سلاحاً نوويا ليست فقط بل مدى قدرة القوات الأمريكية على عمل المطلوب إذا ما لم ينفذ الاتفاق" وأضاف" إن الاتفاق سوف يعزز إمكانيات إيران لردعنا بدلاً من أن تعزز قدراتنا لردعها وبخاصة أن الاتفاق يعزل خبراء أمريكيين عن عمليات التحقق من المنشآت النووية الإيرانية"

بمعنى آخر أن بنود الاتفاق ذاتها من شأنها أن تمهد السبيل أمام إيران للتحول إلى دولة نووية عسكرية من خلال أربع نقاط:

الأولى: هي تحديد مدة فرض الرقابة على أنشطة إيران النووية بعشر سنوات أخذاً في الاعتبار أن إيران خلال تلك المدة سوف تستمر في التخصيب المخفض والدراسات والبحوث النووية، وبالتالي ماذا بعد عشر سنوات؟

والثانية: ضعف آليات الرقابة على البرامج النووية الإيرانية من شأنه أن يقدم لإيران فرصة جديدة لاستكمال طموحاتها النووية والدليل على ذلك أن الكشف عن البرامج النووية السرية لإيران لم يكن سوى من خلال جماعة مجاهدي خلق الإيرانية المعارضة وليس من خلال آلية تفتيش دولية.

والثالثة: أنه لدى إيران القدرات البشرية والمعرفية والتكنولوجية اللازمة لاجتياز العتبة النووية متى أرادت ذلك.

والرابعة: أن هدف إيران الأساسي من ذلك الاتفاق هو الخروج من الأزمة الاقتصادية الراهنة التي تواجهها إيران حيث من المتوقع أن تقوم إيران بتوظيف ما يقرب من  150 مليار دولار أموال مجمدة بالخارج لتعزيز قدراتها التسليحية التقليدية وغير التقليدية ومما يؤكد ذلك أنه منذ أن فرضت العقوبات الدولية على إيران جراء برامجها النووية لم يؤد ذلك إلى خفض إيران لإنفاقها العسكري بل على العكس فقد شهد ذلك الإنفاق تزايداً متنامياً خلال العقد الأخير حتى في ظل انخفاض أسعار النفط مما يعني أن تعزيز القوة الإيرانية يعد أمراً استراتيجياًولا يرتبط بالأوضاع الاقتصادية أو حتى بالنخبة السياسية التي تتولى مقاليد السلطة في إيران سواء أكانت من المحافظين أم من الإصلاحيين، بل أن الدول الأوروبية قد وجدت في ذلك الاتفاق مصلحة أكيدة لها وخاصة كل من فرنسا وألمانيا وإيطاليا لاستعادة العلاقات الاقتصادية مع إيران والتي وصفها البعض بأنها "كنز ثمين"

دول الخليج ستكون في مرمى الصواريخ الإيرانية ما يشكل خطراً على وجود دول مجلس التعاون

من ناحية أخرى فإن ما أشارت إليه بعض المصادر من اختلاف نص الاتفاق الوارد على الموقع الإلكتروني للإدارة الأمريكية عن ذلك النص الوارد باللغة الفارسية والذي تضمن الكثير من الكلمات ذات المعنى الفضفاض غير المحدد يعني إمكانية أن تتنصل إيران من الكثير من بنود ذلك الاتفاق.

وانطلاقاً مما سبق فإن التساؤل المنطقي هو هل هناك تواطؤ ما من جانب الولايات المتحدة تجاه إيران؟ بمعنى آخر هل كانت أزمة البرنامج النووي الإيراني منشأة لهذا التحول الاستراتيجي في العلاقات الإيرانية الأمريكية أم أنها كانت كاشفة لتطور طبيعي في العلاقات بين الجانبين وفقاً لما اقتضته المصالح الاستراتيجية بينهما؟

وللإجابة عن ذلك التساؤل ينبغي التأكيد على أن العلاقات الأمريكية الإيرانية منذ قيام الثورة الإيرانية عام 1979 وحتى الآن لم تكن عداءً كاملاً أو صداقة كاملة بل تأرجحت بين هذا وذاك وفي هذا السياق يمكن الإشارة إلى أمور ثلاثة:

الأول: أنه كان هناك مستويان للعلاقة أحدهما معلن والآخر خفي، إذ لم يتوقف التنسيق الأمريكي الإيراني يوماً ما حول مجمل قضايا الأمن الإقليمي ومنها العراق،أفغانستان،تنظيم القاعدة.

والثاني: تقرير الأمن القومي الأمريكي عام 2007 والذي أشار إلى أن إيران قد أوقفت السعي لإنتاج سلاح نووي منذ عدة سنوات وقد استند ذلك التقرير على تقديرات 16 تقدير استخباراتي.

والثالث:أن الحوار مع إيران كان جزءًا من البرنامج الانتخابي للرئيس الأمريكي باراك أوباما ومن الطبيعي أن يكون مصير أي حوار إما الفشل أو التوصل لاتفاق.

 وعلى الرغم من أهمية تلك العوامل في صياغة العلاقات الإيرانية الأمريكية عبر عقود فإن التطورات التي يشهدها العالم العربي منذ عام 2011 وحتى الآن كان من نتيجتها تنامي الدور الإقليمي لإيران الأمر الذي حدا بالطرفين وبشكل أكبر من جانب الولايات المتحدة تطوير العلاقات بينهما والمؤشرات على ذلك عديدة ليس أقلها حرص كل من إيران والولايات المتحدة على استمرار المفاوضات على الرغم من الصعوبات التي واجهتها على مدى أكثر من 12 عاماً.

وواقع الأمر أن المشكلة لا تكمن في الاتفاق بحد ذاته حيث أن الاتفاق ليس سوى جزء من سياسات غربية وأمريكية مضمونها الرغبة في إدماج إيران في منظومة الأمن الإقليمي الخليجي وربما ترى الولايات المتحدة أن إيران هي الطرف الذي يمكنه حماية المصالح الغربية في المنطقة في ظل تغير أولويات الإدارة الأمريكية بشأن ملفات الشرق الأوسط في الوقت الراهن ولكن الدول الغربية قد تناست أن إيران لو كانت هي جزء من الحلول الإقليمية للأزمات- وفقاً للتصور الأمريكي في هذا الشأن- فإنها في الوقت ذاته جزء من تلك المشكلات.

ومجمل القول إنالاتفاق النووي هو جزء من قناعة أمريكية مضمونها الرغبة في إدماج إيران ضمن منظومة الأمن الإقليمي وهو ما لخصه مارتن أنديك المبعوث الأسبق للرئيس الأمريكي باراك أوباما لمنطقة الشرق الأوسط بالقول" الولايات المتحدة الأمريكية أمام مفترق طرق إما الاختيار بين صياغة نظام إقليمي مع إيران أو ضدها" ويعني ذلك أن مشكلة الولايات المتحدة تتمثل في الرغبة في الانفتاح على إيران وفي الوقت ذاته الحفاظ على علاقة التحالف الاستراتيجي مع دول مجلس التعاون.

3 خيارات و4 متطلبات خليجية لمواجهة الخطر الإيراني وضرورة بحث التعليم والتكنلوجيا والإرادة 

ويثير ما سبق تساؤلاً مؤداه ما هي الخيارات الاستراتيجية لدول مجلس التعاون إزاء تمكن إيران من تحويل برامجها النووية للأغراض العسكرية؟

وفي هذا السياق يمكن الإشارة إلى الخيارات التالية:

1-الخيارالأول:تطوير برامج نووية خليجية

لاجدال أن نجاح إيران في تطوير برامج نووية لغير الأغراض السلمية سيكون تطوراً استراتيجياً بالغ الخطورة بالنسبة لأمن دول مجلس التعاون، إلا أن قدرة دول المجلس على تطوير تلك البرامج ذاتها سيكون لها متطلبات أربعة أولها:النظام التعليمي والعلماء المتخصصين وثانيها:القدرات المالية والبنية التحتية التكنولوجية وثالثها:الشعور بوجود تهديدات أمنية حقيقية ورابعها:الإرادة الوطنية والسياسية.

وانطلاقاً مما سبقربما تضطر بعض دول مجلس التعاون وخاصة المملكة العربية السعودية إلى إقامة نظام ردع نووي لموازنة المساعي الإيرانية حيث أن لديها ما يؤهلها لذلك حيث أنفقت المملكة حوالي 350 مليار دولار على قطاع التعليم خلال السنوات العشر الأخيرة ،كما أن هناك حوالي 200 ألف سعودي يدرسون في الجامعات الكبرى في العالم،من ناحية ثالثة أعدت المملكة خطة لإنشاء 16 مفاعلاً نووياً لإنتاج الطاقة السلمية في غضون  20 عاماً بتكلفة 80 مليار دولار،وأخيراً فإن الكاريزما التي يمتلكها الملك سلمان بن عبد العزيز عاهل المملكة العربية السعودية من شأنها أن تمثل دعماً هائلاً للتوجه نحو تطوير تلك البرامج النووية.

ومع أهمية ذلك الخيار فإن المدى الزمني سيظل محدداً مهماً لنجاح تلك الجهود من عدمها حيث تحتاج المفاعلات النووية عموماً إلى نحو 12 عاماً سواء للتخطيط أو التصميم أو إعداد البنى التحتية ودراسات الجدوى،كما أن بدء تشغيل تلك المفاعلات والاستفادة منها يحتاج إلى نحو 18 عاماً على الأقل.

2-الخيار الثاني: تطوير أسلحة تقليدية بالتوازي مع برامج نووية سلمية:

وهذا النموذج هو ما اتبعته كوريا الجنوبية حيث لم تقم بتطوير سلاح نووي على الرغم من وجوده لدى جارتها كوريا الشمالية ولكنها قامت بتطوير أسلحة تقليدية بالتوازي مع تطوير برامج نووية لأغراض سلمية والحرص على تطوير البلاد اقتصادياً مع الحفاظ على روابط دفاعية متميزة مع الولايات المتحدة الأمريكيةوثمة مؤشراًمهماً  في هذا الشأن منها نتائج اجتماع وزير الخارجية الأمريكي جون كيري مع نظرائه من دول مجلس التعاون في الدوحة في 3 أغسطس 2015 والتي كان منها تأكيد جون كيري على أن الولايات المتحدة قررت القيام بالمزيد من التعاون في المجالات الأمنية والعسكرية لتعزيز قدرات دول مجلس التعاون كجزء من التزام الولايات المتحدة بأمن دول الخليج بعد الاتفاق النووي مع إيران" والجدير بالذكر أن وزارة الخارجية الأمريكية قد وافقت على بيع صواريخ باتريوت الاعتراضية للمملكة العربية السعودية بتكلفة متوقعة 5,4 مليار دولار ،فضلاً عن ذخيرة لعدد من أنظمة الأسلحة بقيمة 500 مليون دولار.

3-الخيار الثالث: تعقيد البيئة الإقليمية للاتفاق النووي الإيراني:

وفي هذا الإطار ينبغي التأكيد على أنالاتفاق النووي ليس سوى جزءًا من مسألة أكبر وهي "معركة إعادة هيكلة الإقليم "والتي سوف يترتب عليها تكريس الخلل في توازن القوى ومن ثم فإن دول مجلس التعاون مدعوة الآن وقبل أي وقت مضى أن تقوم بتأسيس تحالفات إقليمية ويعدمقترح القوة العربية المشتركة محاولة إقليمية مهمةلبلورة هوية الأمن الإقليمي، فضلاً عن أهمية أن يكون لدول المجلس حضوراً فعالاً في دول الجوار لتحجيم النفوذ الإيراني المتنامي في تلك الدول نتيجة الفراغ الناتج عن تحولات عام 2011 والتي أدت في مجملها إلى انحسار أدوار الدول المحورية،بالإضافة إلى أن تنويع التحالفات الدولية لدول المجلس يعد أمراً استراتيجياً ومن ذلك التقارب السعودي مع كل من فرنسا وروسيا والذي كانت نتيجته المباشرة تغير سياسة الولايات المتحدة تجاه بعض القضايا الإقليمية، بالإضافة إلى أهمية استنهاض أدوار دولية أخرى تجاه  أمن الخليج العربي  ومنها بريطانيا من خلال استثمار المؤشرات الإيجابية في هذا الشأن ومنها تصريح وزير الخارجية البريطاني فيليب هاموند بالقول "ستبقى إيران دولة مارقة إذا حاولت أن تفرض نفوذها من خلال دعم الإرهاب" مشيراً إلى أن "هناك استراتيجية طويلة الأمد لحماية أمن الخليج العربي"

الاتفاق النووي جزء من قناعة أمريكية لإدماج إيران ضمن منظومة الأمن الإقليمي باعتراف واشنطن

وتبقى لدى دول مجلس التعاون مخاوفها المشروعة فعلى الرغم من صدور بعض التصريحات الخليجية الرسمية التي تؤكد اطلاعها على بنود الاتفاق وأنه لا يتضمن بنوداً سرية،بالإضافة إلى الترحيب الخليجي الرسمي "الحذر" بالاتفاق فإن صدور تصريحات إيرانية مغايرة أمر يثير الشك والريبة ومن ذلك تصريح الرئيس الإيراني حسن روحاني في أعقاب توقيع الاتفاق الإطاري في إبريل 2015 بالقول"مباحثاتنا ليست نووية فقط" مشيراً إلى الأمن الإقليمي والأمن العالمي كمستفيد محتمل من ذلك الاتفاق"

ويعني ما سبق أنه ينبغي على دول مجلس التعاون أن تعيد النظر في سياساتها الفردية تجاه إيران حيث تقوم كل دولة بصياغة سياستها تجاه إيران وفق مصالحها على الرغم من استمرار الخطاب الإيراني العدائي تجاه دول مجلس التعاون عموماً ،ففي رصد للتصريحات الإيرانية الرسمية تجاه دول المجلس عموماً ومملكة البحرين على نحو خاص بلغت 97 تصريحاً إيرانياً عدائياً منذعام 2011 وحتى يوليو2015 منها 61 تصريحاً حول قضايا البحرين و36 حول قضايا دول مجلس التعاون،بل أن التصريحات الإيرانية في أعقاب الاتفاق لا تزال تعكس تناقضاً كبيراً بين الأقوال والأفعال ومن ذلك تصريحات الرئيس الإيراني حسن روحاني ووزير الخارجية محمد جواد ظريف غير ذي مرة بشأن الرغبة في بدءحقبة جديدة في العلاقات مع دول الجوار وفي الوقت ذاته صدور تصريحات من المرشد الأعلى للثورة الإسلامية تعكس استمرار تدخل إيران في الشؤون الداخلية لكل من مملكة البحرين واليمن.

وبالتالي من الخطأ القول أن هذا الاتفاق سوف ينزع فتيل التوتر في منطقة الخليج العربي بل أن العكس هو الصحيح حيث سوف تسعى إيران إلى توظيف الشرعية الدولية لتنفيذ المشروع الإيراني الذي يستهدف أن تكون هي القائد الإقليمي المهيمن وفي هذا الصدد تجدر الإشارة إلى تصريح سامنتا باور مندوبة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة في أعقاب مصادقة مجلس الأمن على الاتفاق النووي من خلال قرار بالإجماع في هذا الشأن من أن "الاتفاق لا يبدد كل القلق لكنه في حال طبق سيجعل العالم أكثر أمناً"

ومع التسليم بأن الاتفاق النووي الإيراني قد نزع فتيل التوتر الإيراني الغربي" بشكل مؤقت" فإنه يتعين النظر إلى الضلع الثالث من المثلث والذي يمثله دول مجلس التعاون وخلاصة تلك القضية هي أن الأمن الإقليمي الخليجي الحقيقي يتعين أن يؤسس على توازن القوى بين ضفتي الخليج العربي لضبط حركة التفاعلات الإقليمية وفي هذا السياق يتعين أن تولي دول مجلس التعاون مسألة بناء قوة دفاع ذاتية أهمية بالغة من خلال انتظام الجهود الفردية لتلك الدول ضمن منظومة دفاعية متكاملة من خلال البدء بتنفيذ مقترح الاتحاد الخليجيانطلاقاً من حقيقة مهمة وهي أنه إذا كانت التفاعلات داخل الإقليم الخليجي قبل توقيع ذلك الاتفاق تتم بين القوة التدخلية وهي الولايات المتحدة وكافة القوى الغربية التي لها مصالح جوهرية في منطقة الخليج العربي والقوة المناوئة وهي العراق سابقاً وإيران حالياً  إيران والقوة الموازنة وهي دول مجلس التعاون فإن دول المجلس في أعقاب توقيع ذلك الاتفاق سيكون عليها القيام بوظيفتين في آن واحد وهما القوة الموازنة وكذلك تلك المناوئة ضمن أي ترتيبات أمنية مستقبلية في منطقة الخليج العربي.

مجلة آراء حول الخليج