في حوار مهم أبدى معالي الدكتور نبيل العربي الأمين العام لجامعة الدول العربية لمجلة ( آراء حول الخليج ) رؤية واضحة وجلية حيال القضايا العربية المعاصرة دون مواربة، ووضع يده على أهم مشكلات العمل العربي المشترك ، موضحاً دور وقدرات جامعة الدول العربية في تعزيز مسيرة العمل العربي المشترك، حيث اعتبر معاليه أن التحديات التي تواجه العمل العربي المشترك تغيرت بعد مرور قرابة 70 عاماً على تأسيس الجامعة العربية، فبعد أن كانت هناك خلافات بين الدول العربية عند تأسيس جامعتهم، توجد الآن خلافات في النظر إلى التحديات الجديدة وأبرز هذه التحديات هو موضوع (الإرهاب)،ويرى الدكتور نبيل العربي أنه من المؤسف أن المتابعة العربية والتنفيذ لمواجهة الإرهاب ليست بنفس أهمية التحديات الأمنية التي تتطلب المواجهة العربية الشاملة لهذه الظاهرة، ويرى ضرورة التعاون الدولي بطريقة عملية جادة في مجالات التعاون الاستخباراتي ـ العسكري ـ المصرفي، الأمني لتجفيف منابع الإرهاب ومصادر تمويله، معتبراً تراخي المجتمع الدولي في مواجهة هذه الظاهرة سوف يهدد كافة الدول بدون استثناء سواء الدول الغنية منها أو الأقل ثراءً، و يرى معاليه أن مواجهة الإرهاب تتطلب تدابير متكاملة منها الفكري، والعقائدي، والاقتصادي وتحسين الأوضاع الاجتماعية ، وإعادة النظر في الخطاب الديني. وفيما يخص حضور المشاريع الإقليمية وغياب المشروع العربي في مواجهتها قال " إن الدول العربية محاطة بدول بعضها قوي ولها سياساتها و أهدافها وعلينا نحن كعرب أن نوجه الاتهام إلى أنفسنا قبل أن نوجه الاتهام لغيرنا ، وعلينا أن نتعاون معاً وفي جميع المجالات، وقال إننا في حاجة إلى سياسة إعلامية جديدة تركز على الإيجابيات وليس على السلبيات فقط وكيل الاتهامات الجزافية، موضحاً أن ذلك يتطلب تفكيرا أعمق ونظرة أكثر عمقاً وإيجابية، وفيما يتعلق بتشكيل القوات العربية المشتركة، أوضح الأمين العام لجامعة الدول العربية أن هذا المشروع شبه منتهي وأنه متفائل بخروج نتائج إيجابية إلى حيز التنفيذ خلال فترة وجيزة قد تكون في غضون أسابيع .
وفيما يخص عملية عاصفة الحزم، أوضح الأمين العام لجامعة الدول العربية أن عملية عاصفة الحزم تمت دون عرضها على جامعة الدول العربية، بل نفذها التحالف العربي، وعندما تم عرض هذا الموضوع لاحقاً على الجامعة العربية وجد تأييداً كاملاً ولم يعترض أحد مطلقاً عليه، وأن الجامعة العربية مع ضرورة عودة الشرعية إلى اليمن، بل أن هناك تخوف عربي من تدخلات خارجية عبر البوابة اليمنية ، مبديا موافقة متوقعة من قبل مجلس الجامعة لإيفاد مراقبين عرب إلى اليمن في حال طلب مجلس الأمن الدولي ذلك إثر وقف إطلاق النار في هذا البلد العربي.
وبشأن الاتفاق النووي بين إيران ومجموعة 5+1 ، أوضح الدكتور نبيل العربي أنه أثناء المفاوضات بين إيران والقوى الكبرى، حاول مع الجانب الغربي (الولايات المتحدة الأمريكية والدول الأوروبية) أن يتضمن الاتفاق نصاً صريحاً لتحجيم التدخلات الإيرانية في المنطقة، لكن رفضت واشنطن ودول الاتحاد الأوروبي هذا الطلب بحجة أنهم يركزون على الاتفاق النووي وعدم الرغبة في الدخول في قضايا أخرى، وطالب الدكتور نبيل العربي بضرورة إخلاء المنطقة من السلاح النووي وتفعيل الاتفاقية الدولية الخاصة بهذا الموضوع بما في ذلك إسرائيل وإيران وكافة الدول العربية، موضحاً أن المعالجة التي تمت للملف النووي الإيراني كانت معالجة خاطئة ـ رغم أنه ليس ضد الاتفاق ـ واعتبر هذا الاتفاق بمثابة خطوة إلى الأمام ولكن ليست كافية.
واعتبر الأمين العام لجامعة الدول العربية أن التحرك نحو الانتقال من صيغة مجلس التعاون الخليجي إلى الاتحاد الخليجي مهم جدا ومطلوب يأتي ضمن ميثاق تأسيس جامعة الدول العربية نفسها وما تضمنته المادة التاسعة من الميثاق، موضحاً أن الاتحاد الخليجي سيدعم العمل العربي المشترك كما هو حال مجلس التعاون الخليجي الداعم للعمل العربي المشترك.
وفيما يخص الأزمة السورية، قال الدكتور نبيل العربي: إن ما يحدث في سوريا غير مسبوق من حيث الدمار والقتل ودعم دول خارجية للحكومة السورية وسط صمت وتجاهل من مجلس الأمن الدولي بطريقة غير مسبوقة ، موضحاً في هذا الصدد أن جامعة الدول العربية وضعت ثلاثة شروط لحل الأزمة السورية ومازالت متمسكة بها وهي:
1 ـ ضرورة وقف إطلاق النار توقفا تاما، وهذه مسؤولية مجلس الأمن الدولي ويوجد طلب من الجامعة العربية مقدم إلى مجلس الأمن بذلك منذ 22 يناير 2012م، ولكن لم يحدث أي شيء حتى الآن، فرغم أن ما يحدث في سوريا غير مسبوق تاريخياً ويقابله عجز غير مسبوق ، و تجاهل تام من مجلس الأمن الدولي.
2 ـ الإفراج عن كافة المعتقلين السياسيين وهم أعداد هائلة في السجون والمعتقلات السورية.
3 ـ إجراء إصلاحات سياسية حقيقية تؤمن الشعب السوري وتحقق له مطالبه وطموحاته وتطلعاته.
وفيما يلي نص الحوار:
*معالي الدكتور نبيل العربي الأمين العام لجامعة الدول العربية .. كيف تنظرون إلى دور جامعة الدول العربية مع الاحتفال بمرور 70 عاماً على تأسيس هذه المنظومة العربية العريقة؟
ــ جامعة الدول العربية تأسست في عام 1945م، بموجب الميثاق الذي تم إعداده في أغسطس وسبتمبر عام 1944م، أي قبل نشأة الأمم المتحدة التي أقرت في يونيو عام 1945م، أي بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية.
كانت الأهداف واضحة من تأسيس الجامعة العربية وهي: توثيق الصلات بين الدول العربية الأعضاء، وتوثيق خططها السياسية، وتحقيق التعاون فيما بينها، وصيانة استقلالها وسيادتها ومصالحها. والجامعة العربية عليها التزام أدبي وقانوني وسياسي تجاه تحقيق ودعم ومساندة مصالح الدول العربية.
لكن المشاكل التي كانت تواجه الدول العربية في مرحلة تأسيس الجامعة تغيرت عن الوضع الحالي، فمنذ خمسة عقود كانت هناك خلافات بين الدول العربية وكانت هذه الخلافات تمثل مشكلة، لكن في الوقت الحالي لا توجد خلافات بين الدول الأعضاء، لكن هناك خلافات في النظر حول التحديات الجديدة وأبرز هذه التحديات هو موضوع (الإرهاب) الذي يعد قضية عالمية وقديمة أي منذ بدء استخدام القوة دون وجه حق. لكن في الوقت الحالي زادت تحديات الإرهاب وتجاوزت حدودها خاصة بعد ظهور تنظيم داعش الإرهابي الذي يقوم بدور خطير في المنطقة ولا يعترف بالحدود بين الدول ويتحدث عن مساعيه إلى إقامة دولة الخلافة وهو يرتكب جرائم خطيرة لم تحدث منذ العصر الحجري.
لذلك لابد للدول العربية أن تتعاون بكل السبل لمواجهة هذه الظاهرة، وبالفعل أقر وزراء الخارجية العرب في سبتمبر من عام 2014م، مبدأ المواجهة الجماعية الشاملة ضد الإرهاب، ومع أهمية هذا القرار فإنه يؤسفني القول إن المتابعة والتنفيذ ليست بنفس أهمية القرار والتحديات التي تتطلب المواجهة العربية الجماعية.
*إذاً كيف يمكن تفعيل مثل هذا القرار؟ وكيف تكون المواجهة العربية الشاملة ضد الإرهاب معالي الدكتور نبيل العربي الأمين العام لجامعة الدول العربية؟
ـــ وضعنا صيغة قرار جديد أمام وزراء خارجية الدول العربية الذين سوف يجتمعون هنا في مقر الجامعة غداً (الأحد) للدفع في هذا الاتجاه، ومن الضروري مواجهة الإرهاب مواجهة شاملة بمعنى أن تكون مواجهة فكرية، عقائدية، مع إعادة النظر في صيغة الخطاب الديني، ورفع المستوى الاقتصادي، وتحسين الأوضاع الاجتماعية للشعوب، وتخفيض مستويات البطالة وغير ذلك مما يؤدي إلى المواجهة الشاملة للإرهاب والقضاء عليه.
*معالي الأمين العام، رغم هذه الجهود التي تبذلها الدول العربية والأمانة العامة للجامعة لكن لا يوجد اتفاق عربي على تحديد مفهوم الإرهاب والجماعات التي تمارسه، متى يمكن أن يتحقق ذلك ومن ثم توحيد الجهود لمواجهة هذه الظاهرة؟
ــ أنا لا أجد جدوى من محاولة تعريف الإرهاب، وأيضاً المجتمع الدولي لم يحدد أو يضع تعريفاً للإرهاب والمجتمع الدولي يتحدث عن الإرهاب وليس تكييفه، وبالرغم من نشأة الأمم المتحدة عام 1945م، إلا أنها لم تضع تعريفاً حتى الآن للعدوان مثلاَ وهناك اختلافات في وجهات النظر حول تعريف " العدوان" فهناك من لا يرى في واقعة محددة عدواناً، فيما هناك من يصنفها على إنها عدوان.
*بغض النظر عن تعريف الإرهاب .. هل ترى معاليك أن هناك جهود عربية مخلصة لمحاربة الإرهاب وتجفيف منابع تمويله؟
ـــ للحقيقة هناك جهود عربية أكيدة لتجفيف منابع الإرهاب، وقامت مملكة البحرين على سبيل المثال بجهود مهمة على هذا الصعيد حيث نظمت مؤتمراً العام الماضي لتجفيف منابع الإرهاب وكان مؤتمراً ناجحاً جداً، لكن محاصرة الإرهاب تظل معقدة وتتجاوز محاصرة التمويل، فهناك جماعات إرهابية تستولي على مصارف أو حقول نفط ، ولذلك يجب بحث ذلك على مستوى دولي بطريقة عملية جادة ولابد من تعاون دولي حقيقي في مجالات التعاون الاستخباراتي ـ العسكري ـ المصرفي، الأمني ، والفكري، وغير ذلك لأن تراخي المجتمع الدولي في مواجهة هذه الظاهرة سوف يهدد كافة الدول بدون استثناء سواء الدول الغنية منها أو الأقل ثراءً .
*هل تعتقدون أن هناك دول إقليمية تقف خلف الجماعات الإرهابية، وهل لهذه الدول أجندات خاصة تريد تحقيقها من وراء العمليات الإرهابية؟
ـــ بداية عندما يحدث أي شيء في بعض الدول العربية تذهب أنظاري مباشرة إلى إسرائيل وأتذكر مقولة ابن جورين الشهيرة ( إن قوة إسرائيل ليست فقط في ترسانتها العسكرية، بل في إضعاف القوة العسكرية للعراق وسوريا ومصر).
ومع أنني من حيث المبدأ لا أؤمن بنظرية المؤامرة، ومن خبراتي الدبلوماسية السابقة والطويلة في وزارة الخارجية المصرية، فكل الدول تعمل على تنفيذ سياستها وتخطط وتدرس تنفيذ هذه السياسة وتقوم بتقدير الموقف على ضوء مصلحتها، وأحيانا تجد ثغرات للدخول منها، وهذا يحدث بكل تأكيد في منطقتنا، فكثيراً ما نقرأ عن مؤامرة خلف تنظيم داعش في حين أن داعش مؤامرة في حد ذاته، وهذا موجود في أفريقيا أيضاً وغيرها من الدول القريبة من منطقتنا، حيث توجد جماعات تريد إشغال الحكومات عن حل مشاكلها الحقيقية، وعليه لابد من المواجهة الشاملة المتمثلة في رفع مستوى المعيشة وتحسين أوضاع الفئات الفقيرة، لكن تظل هناك علامات استفهام كثيرة على مشهد الإرهاب خاصة في منطقتنا، ولا أستطيع أن أجد إجابة مثلاً لما قاله وزير الخارجية الاسترالي العام الماضي لي في نيويورك من أن هناك 60 شخصاً من استراليا انضموا إلى صفوف داعش.
*معالي الدكتور نبيل العربي، مع ذكر الوضع في إفريقيا وغيرها، هناك من يرى أن منطقتنا محاصرة بعدة مشروعات إقليمية ومنها المشروع الإيراني، المشروع الإسرائيلي، والمشروع التركي، مع غياب المشروع العربي .. كيف يمكن إيجاد مشروعاً عربيا لمواجهة هذه المشروعات لحماية أمتنا العربية؟
ــ بداية لن أذكر دول بعينها، بل أقول إن الدول العربية محاطة بدول بعضها قوي ولها سياستها ولها أهدافها وعلينا نحن كعرب قبل أن نوجه الاتهام لغيرنا أن نوجه الاتهام لأنفسنا، وعلينا أن نتعاون معاً وفي جميع المجالات (الأمنية ـ السياسية ـ العسكرية، الفكرية، والعقائدية، وغيرها)، كما أننا في حاجة إلى سياسة إعلامية جديدة تركز على الإيجابيات وليس على السلبيات فقط وكيل الاتهامات الجزافية، وهذا يتطلب تفكيراً أعمق وبنظرة عميقة وأكثر إيجابية.
*معالي الدكتور نبيل العربي .. الإعلام العربي أسير لبعض الخلافات العربية .. كيف يمكن لجامعة الدول العربية أن تقدم مشروعاً عربياً إعلامياً فاعلاً يخدم قضايا الأمة ووحدتها؟
ــ في إطار الجامعة يتم عقد اجتماعات دورية لوزراء الإعلام العرب ويتم اتخاذ قرارات لكن للأسف لا يتم الالتزام بهذه القرارات، كما تنعقد اللجنة الإعلامية مرتين في العام لكن لا يوجد أي تجاوب، ونحن ننظر إلى ضرورة التعاون العربي الفاعل للتخلص من كافة الشوائب العالقة بالعمل العربي المشترك في كافة المجالات وليس في الإعلام فقط، فمثلاً من الضروري الاهتمام بالتعاون العلمي، ومن المهم إيجاد مشروعات عربية مشتركة عملاقة تربط بين الدول العربية، وعلى سبيل المثال تقدمت في عام 2014م، أثناء انعقاد قمة الكويت بمشروع للتعاون العربي في مجال الطاقة الشمسية حيث من الممكن أن تنتج الدول العربية ما يكفيها من هذه الطاقة وتصدير الفائض إلى الخارج خاصة إلى أوروبا، لكن هذا المشروع تعثر بسبب عدم وجود رؤية عربية مشتركة، وهنا المشكلة تكمن في الرؤية المشتركة وليس في التمويل.
*معالي الأمين العام لجامعة الدول العربية .. مشروع القوة العربية المشتركة الذي تمخض عن قمة شرم الشيخ في نهاية مارس الماضي .. كيف ومتى يمكن تفعيله وما هي أهميته للأمة العربية، وما هي التحديات التي تواجهه وكيف يمكن تجاوز هذه التحديات؟
ـــ هذا المشروع شبه منتهي وأنا متفائل بخروجه إلى حيز التنفيذ خلال فترة وجيزة، ولقد شعرت بالسعادة عندما رأيت رؤساء أركان جيوش 18 أو 19 دولة عربية يجتمعون مرتين بمقر جامعة الدول العربية لمناقشة مشروع القوات العربية المشتركة، وعموما قد تكون هناك آراء من جانب بعض الدول العربية حول تشكيل هذه القوات ومن الممكن في أي لحظة تحدث اجتماعات جديدة في هذا الخصوص.
*معالي الدكتور نبيل العربي .. قد يفهم البعض أن هناك عقبات أمام تشكيل القوة العربية المشتركة بعد قرار التأجيل المفاجئ لاجتماع وزراء الخارجية والدفاع العرب في نهاية أغسطس الماضي فما حقيقة ذلك؟
ــ أنا لا أرى أي عقبات أمام تشكيل القوة العربية المشتركة، وأتوقع أن يتم خلال أسابيع تحرك مهم في اتجاه تشكيل هذه القوات.
*" أسابيع؟"هذا تفاؤل شديد منكم معالي الدكتور نبيل العربي ..أليس كذلك ؟
ــ أنا متفائل على ضوء الواقع الذي رأيته ولمسته بنفسي من اجتماعات رؤساء أركان الجيوش العربية ومن رغبة الدول العربية وحاجتها إلى التكامل في هذا المجال المهم والحيوي لكافة الدول العربية دون استثناء.
*عاصفة الحزم والوضع في اليمن .. كيف يرى معالي الأمين العام لجامعة الدول العربية الموقف العربي من هذه العملية، وكذلك دور دول التحالف في هذه العملية، وكيف تنظرون إلى مستقبل الوضع في اليمن على ضوء مجريات الأحداث في هذه الدولة العربية؟
ـــ أولاً عملية عاصفة الحزم تمت دون عرضها على جامعة الدول العربية، بل نفذها تحالف عربي مكون من دول مجلس التعاون الخليجي، والسودان، ومصر ودول عربية أخرى، وعندما تم عرض هذا الموضوع لاحقاً على الجامعة العربية وجد تأييداً كاملاً ولن يعترض أحد مطلقاً عليه، بل أكرر وجد تأييداً كاملاً لضرورة عودة الشرعية في اليمن، بل هناك تخوف عربي من تدخلات خارجية عبر البوابة اليمنية، وأعتقد أن جهود مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة إسماعيل ولد الشيخ تسير في طريقها ونحن في الجامعة العربية على اتصال به كثيراً ، ولقد زار الجامعة العربية، وأكد أن تثبيت وقف إطلاق النار في اليمن يتطلب وجود مراقبين من جامعة الدول العربية، وذكرت له بوضوح أنه بمجرد أن يصدر قرار من مجلس الأمن الدولي بوقف إطلاق النار وطلب مراقبين عرب، سوف أعرض هذا الأمر على مجلس الجامعة العربية وأنا متأكد أنه سيوافق المجلس بشكل جماعي على إرسال مراقبين عرب إلى اليمن.
*معالي الأمين العامة لجامعة الدول العربية .. كيف ترون تأثير الاتفاق النووي بين إيران ومجموعة الدول 5+1 خاصة على دول مجلس التعاون الخليجي؟ وكيف ترون مدى عسكرة هذا البرنامج مستقبلاً وخطورة ذلك على المنطقة؟
ــ بداية أثناء المفاوضات بين إيران والقوى الكبرى، حاولت مع الجانب الغربي سواء الولايات المتحدة الأمريكية أو الجانب الأوروبي أن يتضمن الاتفاق نصاً أو تفاهماً ينص على تحجيم التدخلات الإيرانية في المنطقة، لكن تم رفض هذا الطلب من جانب واشنطن وأوروبا بحجة أنهم يركزون على الاتفاق النووي وعدم الرغبة في الدخول في قضايا أخرى.
عموما نحن ننظر إلى تقييد البرامج النووية في كل مكان في العالم شيئا مهما ولا نرغب في الكيل بمكيالين في هذه القضية، و نرى وضع قيود على امتلاك إيران القنبلة النووية شيئا مهما ، كما إنها مازالت دون القدرة على امتلاك الأسلحة النووية وهذا يتفق مع معاهدة منع الانتشار النووي، وهنا يجب إخلاء منطقة الشرق الأوسط من السلاح النووي بما في ذلك إسرائيل، فإسرائيل رغم عدم إعلانها صراحة عن امتلاكها السلاح النووي إلا أن لديها قنابل نووية جاهزة وهذا غير مقبول مطلقاً.
إن الدول الثلاث الكبرى المودعة لديها الاتفاقية النووية وهي الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وفرنسا عليها مسؤولية عن التحقق من عدم انتشار السلاح النووي وهذا لم يحدث للأسف، بل امتلكت إسرائيل السلاح النووي، و الهند ، ثم باكستان ولم يعترض أحد، وكذلك كوريا الشمالية التي انسحبت من الاتفاقية وأصبحت دولة نووية ولا اعتراض من أي دولة، والأخطر أن هناك دول متقدمة علمياً مثل ألمانيا واليابان قد تمتلك الأسلحة النووية ولن يعترض أحد حيث لا يوجد اتفاق نهائي بهذا الخصوص وما تم هو اتفاق مرحلي ليس أكثر من ذلك, ولذلك لابد من وجود اتفاق عالمي نهائي لإخلاء العالم من الأسلحة النووية .
وأعتقد أن المعالجة التي تمت للملف النووي الإيراني معالجة خاطئة ـ وهذا ليس معناه أنني ضد الاتفاق ـ بل بالعكس هو خطوة إلى الأمام ولكن ليست كافية.
*هناك أصوات تنادي بضرورة دخول الدول العربية إلى مضمار استخدام الطاقة النووية للأغراض السلمية .. هل تؤيدون ذلك؟
ــ نعم أؤيد ذلك وهذا مهم جدا ويجب على الدول العربية استخدام الطاقة النووية للأغراض السلمية من أجل اللحاق بركب العصر والتقدم.
*دول مجلس التعاون الخليجي تتخذ خطوات إلى التحول من صيغة التعاون الخليجي إلى صيغة الاتحاد الخليجي .. كيف ترون تأثير ذلك على العمل العربي المشترك وخدمة مصالح وأهداف دول الخليج ؟
ــ التحرك نحو الانتقال من صيغة مجلس التعاون الخليجي إلى الاتحاد الخليجي مهم جدا ومطلوب ويأتي ضمن ميثاق تأسيس جامعة الدول العربية نفسها، حيث جاء في المادة التاسعة من الميثاق ( لدول الجامعة العربية الراغبة فيما بينها في تعاون أوثق وروابط أقوى مما ينص غليه هذا الميثاق، أن تعقد بينها من اتفاق ما تشاء لتحقيق هذه الأغراض)
والاتحاد الخليجي سيدعم العمل العربي المشترك كما هو حال مجلس التعاون الخليجي الداعم للعمل العربي المشترك حالياً، وللعلم بين جامعة الدول العربية ومجلس التعاون الخليجي مذكرة تعاون وهناك تعاون وثيق بيني وبين معالي الدكتور عبد اللطيف بن راشد الزياني الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي وتنسيق تام وتبادل وجهات النظر واللقاءات، وكذلك الحال بين جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي وأمينها العام معالي الأستاذ إياد بن أمين مدني، وأيضا الاتحاد المغاربي لأن هذه المنظمات والاتحادات تخدم نفس الفكرة والأهداف وهي تفعيل التعاون وتوطيد السلم والأمن وتحقيق التعاون بين الدول لتحقيق تطلعات الشعوب.
*معالي الدكتور نبيل العربي الأمين العام لجامعة الدول العربية .. كيف ترى مستقبل الوضع في العراق وسوريا وكيف يمكن إنهاء الأزمة السورية؟
ــ بالنسبة للوضع في العراق، نأمل أن تسير الأمور إلى الأحسن خاصة في ظل الحكومة العراقية الحالية برئاسة الدكتور حيدر العبادي فهي حكومة رشيدة.
أما الوضع في سوريا فهو شائك .. فسوريا تتعرض للتدمير وتتعرض لما لم تتعرض له أي دولة من قبل، ولم يحدث في أي دولة من دمار كما حدث في سوريا، بل توجد تدخلات خارجية في سوريا، واليوم توجد دول خارجية تساعد الحكومة السورية بطريقة فجة .. والمطلوب في سوريا تحقيق ثلاثة مطالب هي التي نادت بها الجامعة العربية من قبل وما زالت هذه المطالب قائمة، خاصة أن الجامعة لعبت دوراً منذ البداية في الأزمة السورية وقامت بجهود حثيثة لإيجاد الحل المناسب لهذه الأزمة الطاحنة وأجرت اتصالات ومقابلات كثيرة ومتكررة مع القيادة السورية من أجل ذلك، ومع ذلك الحل في سوريا يكمن في المطالب التالية:
1 ـ ضرورة وقف إطلاق النار توقفا تاما، وهذه مسؤولية مجلس الأمن الدولي ويوجد طلب من الجامعة العربية مقدم إلى مجلس الأمن بذلك منذ 22 يناير 2012م، ولم يحدث أي شيء حتى الآن، فرغم أن ما يحدث في سوريا غير مسبوق تاريخياً يقابله عجز غير مسبوق تاريخاً من مجلس الأمن الدولي، بل تجاهل تام من مجلس الأمن.
2 ـ ضرورة الإفراج عن كافة المعتقلين السياسيين وهم أعداد هائلة في السجون والمعتقلات السورية.
3 ـ لابد من إجراء إصلاحات سياسية حقيقية تؤمن الشعب السوري وتحقق له مطالبه وطموحاته وتطلعاته.