array(1) { [0]=> object(stdClass)#12962 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

العدد 86

التنسيق بين دول مجلس التعاون في مجال العلم والتكنولوجيا

الثلاثاء، 01 تشرين2/نوفمبر 2011

تحاول هذه الورقة الكشف عن الآليات التي اتبعتها الدول الأعضاء في مجلس التعاون لدول الخليج العربية في مجال بناء قاعدة معلوماتية وتكنولوجية قادرة على سد النقص الحاصل في حجم العقول العربية وكذلك المساهمة المتواضعة للعرب في مجال الثورة المعلوماتية والتكنولوجية، ولا بد من القول إن هنالك جملة من الظروف التي توفرت لدول الخليج والتي مكنتها من إقامة قاعدة علمية وتقنية متينة والاستفادة في الوقت ذاته من العقول والخبرات والكفاءات العربية الأخرى في بناء وتطوير قاعدة علمية في بلدان الخليج كانت قادرة على الاستجابة لتحديات العصر التقاني.

لا بد من تقرير حقيقة أساسية وهي أن الحياة المعاصرة شهدت طغياناً للعلوم والتكنولوجيا على مختلف الصعد والمجالات حتى إنها أضحت استراتيجية قومية تُعتمد من لدن الدول المتقدمة والنامية على حدٍ سواء لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية من خلال ما تقدمه من معرفة علمية تعزز قوة هذه الدول لمواجهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية المتغيرة باستمرار.

الحياة المعاصرة شهدت طغياناً للعلوم والتكنولوجيا على مختلف الصعد والمجالات

وتتأثر سياسات تنمية الأبحاث والتكنولوجيا إلى حد كبير في وقتنا الحالي بالقضايا الوطنية المرتبطة بالتعليم والصحة وإيجاد فرص العمل، إلى جانب التحديات العالمية كشح موارد المياه والتغير المناخي وإنتاج الطاقة. وغالباً ما تتم مراجعة هذه السياسات وتعديلها لتتكيف وظروف كل دولة من أجل مزيد من الفاعلية والاستدامة والقدرة على المنافسة.

لقد ولدت متطلبات التنوع الاقتصادي في دول مجلس التعاون الخليجي حاجة متزايدة للتكنولوجيات المختلفة التي تتيح لها إنتاج الطاقة وتوفير المنتجات والخدمات، إلا أنه من أجل أن تحد هذه الدول، في مرحلة أولى، وأن تتخلص في نهاية المطاف، من اعتمادها التكنولوجي على استيراد الابتكارات وخدمات الصيانة، عليها أن تعزز إمكاناتها الوطنية في البحث والتطوير والابتكار.

وتتضمن منطقة مجلس التعاون الخليجي عدداً من العوامل - كالموقع الجغرافي والنمو السكاني المتسارع والنمو الاقتصادي السريع - التي تشكل المبررات الاجتماعية والبيئية لسياسات علمية وتكنولوجية تؤقلم أنشطة البحث والتطوير بحسب القضايا البيئية المحلية، وتمكن الشباب الخليجي من المساهمة بمهام التخطيط والتصميم لمستقبله الصناعي. وفي الواقع، إن تزايد الصناعات المعتمدة على المعرفة في عدد من الدول والتي تتطلب أشخاصاً ذوي كفاءات عالية سيقود الطلب العالمي على الموارد البشرية في مجال العلوم والتكنولوجيا إلى الارتفاع. ولا شك في أن توفر هذه المهارات سيشكل عامل مفارقة أساسياً في التنمية إذ سوف يدفع بها خطواتٍ نحو الأمام.

توفر الكفاءات العلمية المؤهلة سيشكل عامل مفارقة أساسياً في تطور التنمية

وفي إطار العولمة المتزايدة لأنشطة الإنتاج والبحث والتطوير ومع اختلاف صور الابتكار المنفتح التي تتحدى السياسات العلمية والتكنولوجية الوطنية، يجب تحفيز التكتلات والشبكات والتعاون بين قطاعي الصناعة والأبحاث في دول مجلس التعاون الخليجي، فهذا سيدعم تطور أنظمة الابتكار ويساعد على توطين عمليات البحث والتطوير للشركات المتعددة الجنسيات المتمركزة في الخليج.

لقد حظي التعاون في مجالات البحث العلمي والتقني باهتمام خاص منذ بداية تأسيس مجلس التعاون، حيث نصت المادة الرابعة من النظام الأساسي للمجلس على دفع عجلة التقدم العلمي والتقني في مجالات الصناعة والتعدين والزراعة والثروات المائية والحيوانية وإنشاء مراكز بحوث علمية وإقامة مشاريع مشتركة، وهي أهداف أكدت عليها الاتفاقية الاقتصادية الموحدة لعام 1981، ثم الاتفاقية الاقتصادية لعام 2001، حيث نصت الأخيرة على أن تقوم الدول الأعضاء بدعم البحث العلمي والتقني المشترك وتطوير قاعدة علمية وتقنية ومعلوماتية ذاتية مشتركة باعتبارها من الأولويات الأساسية للتنمية، بما في ذلك تبني السياسات التالية:
* زيادة التمويل المخصص لمجالات البحث العلمي والتقني.
* تشجيع القطاع الخاص على المساهمة في تمويل الأبحاث العلمية والتقنية المتخصصة، ووضع الحوافز اللازمة لذلك.
* التأكيد على قيام الشركات العالمية العاملة في دول المجلس بتبني برامج متخصصة للبحث العلمي والتقني في الدول الأعضاء.
* توطين القاعدة العلمية والتقنية والمعلوماتية والاستفادة الكاملة في ذلك من خبرات المنظمات الدولية والإقليمية.
* تحقيق التكامل بين مؤسسات البحث العلمي في دول المجلس لتطوير وتفعيل القاعدة العلمية والتقنية والمعلوماتية، والعمل على إقامة مراكز بحثية مشتركة.
كما نصت الاتفاقية الاقتصادية على عدد من التدابير التي تقوم بها الدول الأعضاء في هذا الإطار، كحد أدنى، وهي:
* تحديد آلية لتحقيق الاستفادة من البحث العلمي والتقني في القطاعين العام والخاص، والتنسيق المستمر بين أجهزة التنفيذ من جهة ومخرجات القاعدة العلمية والتقنية والمعلوماتية من جهة أخرى.
* دعم وتطوير مراكز وأنظمة وشبكات المعلومات التقنية، وتبني برامج تسهل نشر وتبادل المعلومات بين مؤسسات البحث العلمي والتقني في دول المجلس.

ولتحقيق الأهداف السابقة، تم تشكيل لجنة لدفع التعاون بين الدول الأعضاء في مجال البحث العلمي والتقني، وصيغت مهامها على أساس من التوجيهات المحورية للعمل، وهي التنسيق والتعاون وتوحيد المواقف، كما تم تحديد المجالات التي يمكن من خلالها تنفيذ تلك المهام، وهي سياسات وبرامج البحث العلمي والتقني واقتراح مجالات العمل المشترك العلمي والتقني.
ويعتبر دور الجامعات والمراكز والمعاهد البحثية محورياً في مسيرة التنمية الشاملة والمستدامة لدول المجلس، وتعمل اللجنة المختصة على تعزيز الشراكة والتواصل بين المؤسسات العلمية والبحثية والمنشآت الصناعية والإنتاجية عن طريق تطوير العلاقات المتشابكة بين البحث العلمي والتنمية في الدول الأعضاء.

حظي التعاون في مجالات البحث العلمي والتقني باهتمام خاص منذ بداية تأسيس مجلس التعاون

ويمثل قرار المجلس الأعلى في دورته الثانية والعشرين (مسقط، ديسمبر 2001) المتضمن اعتماد مرئيات الهيئة الاستشارية بشأن البحث العلمي والتقني، وقراره في دورته السابعة والعشرين (الرياض، ديسمبر 2006) المتضمن إجراء دراسة مشتركة لدول مجلس التعاون في ما يخص استخدامات التقنية النووية للأغراض السلمية طبقاً للمعايير الدولية، أبرز موجهات العمل المشترك خلال العقد الحالي، بالإضافة إلى مواصلة المتابعة لقضايا التعاون العلمي والتقني بين دول المجلس. وتقوم الأمانة العامة بالمتابعة والتنسيق بين دول المجلس، وتنفيذ بعض النشاطات والفعاليات. وفيما يلي نبذة عما تم تنفيذه.

الإنجازات
أولاً: متابعة التعاون العلمي والبحثي
* إعداد كتيب للتقارير الواردة من الدول الأعضاء حول مرئياتها بشأن واقع البحث العلمي والخطط المستقبلية لتطويره.
* الاتفاق على إعداد دولة قطر دراسة جدوى أولية عن إنشاء صندوق لدعم أنشطة البحث العلمي المشترك بين دول المجلس.
* تبادل الزيارات الميدانية للمراكز البحثية في دول المجلس.
* الترتيب لعقد اجتماع لمجموعة عمل من المسؤولين عن مراكز رصد الزلازل في دول المجلس يهدف إلى التعريف بنشاط هذه المراكز وبحث مدى إمكانية ربطها.
* العمل على متابعة المقترحات الواردة من الجهات ذات العلاقة بالبحث العلمي بشأن مقترح خادم الحرمين الشريفين حول تسريع الأداء وإزالة المعوقات التي تعترض مختلف أوجه مسيرة العمل المشترك بين دول المجلس.
* الموافقة على إعداد دولة قطر تقريراً يبرز أوجه التعاون المشترك بين المراكز البحثية في دول المجلس بمجال الأنشطة البيئية.

ثانياً: تعزيز استخدامات دول المجلس للتقنية النووية في الأغراض السلمية
يعتبر تطور معدلات الاستهلاك المحلية في دول مجلس التعاون من الطاقة الكهربائية والمياه المحلاة، اللتين يعتمد إنتاجهما على النفط والغاز، من أعلى معدلات الاستهلاك على المستوى العالمي نتيجة لارتفاع معدل النمو السكاني وزيادة خطط التنمية وحجم المشروعات. ولهذا فقد رأت دول المجلس أهمية البحث عن مصدر آخر من مصادر الطاقة بهدف استغلاله كمصدر مؤازر للنفط والغاز لتحقيق التنمية الاقتصادية والرفاه الاجتماعي، ووجدت أنه يمكن استغلال الطاقة النووية لتحقيق المطلوب جنباً إلى جنب مع استمرار دعمها للجهود العالمية لتطوير مصادر الطاقة المتجددة الأخرى.

ومن المؤكد أن هذا التوجه سوف يوفر كميات أكبر من النفط والغاز للتصدير إلى الأسواق العالمية، مما سيساهم في تعزيز استقرار أسواق الطاقة بزيادة المعروض ويحقق زيادة في الإيرادات الوطنية. كما أن تنويع مصادر استخدام الدول الأعضاء لمصادر الطاقة المختلفة سيخفض من معدلات الاستنزاف لاحتياطيات النفط والغاز، ويطيل فترة الإنتاج حفاظاً على هذه الثروة الطبيعية الناضبة للأجيال القادمة، علاوة على ما يتيحه ذلك من إمكانات إضافية لمواكبة ونقل تكنولوجيا متقدمة ذات أغراض سلمية متعددة ومتطورة.

استخدام الطاقة النووية لإنتاج الكهرباء وتحلية المياه في دول المجلس هو أحد الخيارات الأقل تكلفة

ويشجع المضي في هذا التوجه الاستراتيجي لاستخدام الطاقة النووية في إنتاج الكهرباء وتحلية المياه عوامل عدة، منها أن استخدام هذا المصدر يسهم في خفض انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون، وهو أحد الغازات المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري. كما أن التقدم الكبير في مستويات الأمان والأداء للطاقة النووية أدى إلى انخفاض القلق العام من بناء المفاعلات النووية. بالإضافة إلى ذلك، فإن تكاليف استخدام الطاقة النووية تعتمد على التكاليف الرأسمالية لبناء وإنشاء المفاعلات النووية، مما يحفظ استخدام الطاقة النووية من تقلبات الأسعار.

وقد اتخذت دول مجلس التعاون الخطوة الأولى في هذا الاتجاه، بأن أقرّ المجلس الأعلى في دورته السابعة والعشرين (الرياض، ديسمبر - 2006) إجراء دراسة مشتركة لدول مجلس التعاون في ما يخص استخدامات التقنية النووية للأغراض السلمية طبقاً للمعايير الدولية. وتنفيذاً لهذا القرار، تم الاتفاق على إعداد الوكالة الدولية للطاقة الذرية دراسة جدوى أولية لاستخدامات الطاقة النووية لتوليد الكهرباء وتحلية المياه تتبعها دراسات تفصيلية وبرنامج عمل تنفيذي. وقد أوضحت المشاورات بين الأمانة العامة لمجلس التعاون والوكالة أن أي برنامج للطاقة النووية ينطوي بحكم طبيعته على مجموعة قضايا ترتبط بالمواد النووية والإشعاعات، مما يقتضي العناية الفائقة في التخطيط والإعداد والاستثمار لتوفير حد أدنى من البنية الأساسية المطلوبة لتنفيذ مثل هذا البرنامج، وأن الشروع بتنفيذ برنامج نووي لتوليد الكهرباء ينطوي على مجموعة من الأنشطة المعقدة والمترابطة والتي تمتد إلى فترة زمنية طويلة تستغرق من عشر إلى خمس عشرة سنة منذ اتخاذ القرار بإدخال الطاقة النووية إلى حين تشغيل أول محطة نووية، وفقاً لقدرات الدول الذاتية والتسهيلات المتوفرة.

واستهدفت دراسة الجدوى الأولية التعرف إلى احتياجات دول المجلس الحالية والمستقبلية من الطاقة الكهربائية والمياه المحلاة، وبحث إمكانية تلبية ذلك جزئياً عن طريق استغلال الطاقة النووية بشكل اقتصادي وآمن، وكذلك التعرف إلى المتطلبات الرئيسية من بنى مؤسسية وتشريعات تنظيمية وقوى عاملة للمشروع المشترك بين دول المجلس. ويعطي التعاون مع الوكالة، خاصة في المراحل الأولى، مزيداً من الشفافية بشأن التوجه السلمي لدول المجلس من اسـتخدامها للطاقة النووية وتوظيفها لتوليد الكهـرباء وتحلية المياه، بالإضافة إلى الحاجة إلى مشورة وخبرة الوكالة.

وخلصت دراسة الجدوى الأولية إلى أن استخدام الطاقة النووية لإنتاج الكهرباء وتحلية المياه في دول المجلس هو أحد الخيارات الأقل تكلفة. كما تضمنت الدراسة إرشادات عامة حول إجراءات وخطوات تطوير برنامج مشترك للطاقة النووية، ومن أهمها الجوانب القانونية والتشريعية، والبنى المؤسسية والفنية والبيئية، وضوابط الأمن والأمان النووي والسلامة النووية والإشعاعية.


وبعد اعتماد المجلس الأعلى في دورته الثامنة والعشرين (الدوحة، ديسمبر 2007) للدراسة الأولية، تم الاتصال بالوكالة لإعداد الأطر المرجعية للدراسات التفصيلية، والتي ركزت على الجوانب المشار إليها أعلاه. وفي الدورة التاسعة والعشرين (مسقط، ديسمبر 2008) قرر المجلس الأعلى التأكيد على الإسراع في استكمال فريق العمل للأطر المرجعية للدراسات التفصيلية لاستخدامات الطاقة النووية للأغراض السلمية، وذلك بهدف طرحها على شركات ومؤسسات عالمية متخصصة للبدء في إعدادها، والعمل على استفادة دول المجلس من برامج التعاون التقني مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية في المشاريع الآتية:
المشروع الأول: تخطيط وتطوير الطاقة النووية.
المشروع الثاني: دعم البنى التحتية القانونية وشروط السلامة.
المشروع الثالث: تطوير مركز إقليمي للبحوث وتطوير القوى البشرية.
وقد وافت الوكالة الدولية للطاقة الذرية الأمانة العامة بالصيغة النهائية المعدّلة للأطر المرجعية في فبراير 2009، ويجري الاتصال ببيوت الخبرة المتخصصة في هذا المجال للحصول منها على الأسعار التقديرية والفترة الزمنية اللازمة لإجراء الدراسات التفصيلية.
وفي نطاق مشاريع التعاون التقني مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية تمت تسمية مسؤولي الاتصال لمشاريع التعاون التقني مع الوكالة في كل دولة، الذين شاركوا في ورشة عمل نظمتها الوكالة في فبراير 2009. وتم في هذه الورشة تحديد الفعاليات والدورات، ووضع برنامج زمني وتسمية منسقين عامين لكل من المشاريع الثلاثة. وقد تم إنجاز المشاريع الثلاثة بمشاركة متخصصين من الدول الأعضاء والوكالة الدولية للطاقة الذرية. كما قامت الدول الأعضاء بمراجعة ودراسة مقترح إطار الخطة الاستراتيجية لبرنامج الطاقة الذرية لدول مجلس التعاون، وأوصت بإجراء تعديلات عليه تمهيداً لاعتماد الخطة.

وتنفيذاً لقرار المجلس الأعلى في دورته الثلاثين (الكويت، ديسمبر 2009) بالموافقة على مشروع الدراسة الاستراتيجية للطرق المحتملة لتقييم مجالات التعاون بين دول المجلس في تطوير استخدامات الطاقة النووية، تم التعاقد مع إحدى الشركات المختصة في هذا المجال لإعداد الدراسـة الاستراتيجية، وإنجازها في منتصف عام 2011م.
ولعل ما يأمله أي متتبع في مجال التعاون والتنسيق العلمي بين دول الخليج هو العمل على استمرار مثل هذا التعاون والتنسيق في قادم الأيام وذلك لما فيه من مصلحة وطنية وقومية ستعود بثمارها على بلدان الخليج وشعوبها في الحاضر والمستقبل.

مقالات لنفس الكاتب