array(1) { [0]=> object(stdClass)#12962 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

العدد 102

قمة الرياض .. التحديات والخيارات

الأحد، 29 تشرين2/نوفمبر 2015

مع تأهب شمس عام 2015م للغروب، ومع قرب بزوغ فجر عام 2016م، يشهد العالم تحديات كبيرة، ومتغيرات متسارعة، كما تشهد المنطقة أزمات - تراوح دون حل - تؤثر بشكل مباشر على دول مجلس التعاون الخليجي، فهناك أزمات مُرحلة من الأعوام السابقة، وأخرى جديدة طارئة. ففي حين مازالت الدول التي تعرضت لما يسمى بثورات الربيع العربي تنزف جراء التحولات وتوابعها الاقتصادية والأمنية والسياسية ؛ وحالات الصراع التي اقتربت في بعض هذه الدول من حد الحروب الأهلية، إضافة إلى تنامي الطائفية التي تغذيها دول إقليمية مؤثرة ودول كبرى مهمة بغرض إشغال الدول العربية عن قضاياها الكبرى واستمرار انكفائها على أوضاعها الداخلية الأمر الذي يحقق مصالح الدول الطامحة والطامعة في المنطقة على حساب المصالح العربية. شهدت المنطقة موجات إرهاب عنيفة تقف خلفها جهات لها مصالحها وأجنداتها ومن ثم تدفع الإرهابيين إلى تنفيذ تفجيرات تحصد أرواح الأبرياء في أماكن متعددة بهدف دفع دول المنطقة إلى حالة من الفوضى وعدم الاستقرار، وقد طالت هذه العمليات الإرهابية المساجد ودور العبادة والأبرياء في المملكة العربية السعودية والكويت، وتم ضبط شبكات إرهابية ومتفجرات وأسلحة كانت تستهدف الكويت والبحرين، وامتدت هذه العمليات إلى فرنسا وبلجيكا، وما يتردد بشأن إسقاط الطائرة الروسية فوق سيناء. كل ذلك يأتي لزيادة حالة السخط الدولي وتنامي مشاعر الكراهية والعداء ضد العرب والمسلمين، ووضع دول المنطقة في حالة دفاع عن النفس بشكل مستمر، وإشغالها عن قضاياها الجوهرية، وإبعادها عن المشاركة في تحديد مستقبلها ومعرفة المخططات التي تُحاك للمنطقة.  

وأيضا شهد عام 2015م، التوقيع على الاتفاق النووي بين إيران ومجموعة 5+1، هذا الاتفاق الغامض والمحير خاصة حول ما يُثار بشأن ما يحمله من بنود غير معلنة هي محل شك وجدل وجعلت دول المجلس تطرح تساؤلات كثيرة حول ذلك. كما شهد العام الحالي بداية الزحف الروسي العسكري مقابل التراجع الأمريكي , الأمر الذي يعكس بوادر نزاع حول إعادة التواجد الدولي في منطقة الشرق الأوسط، وفتح باب التفكير حول إمكانية نشوب حرب باردة جديدة انطلاقاً من هذه المتغيرات التي تشير مقدماتها إلى نهاية العالم أحادي القطبية وظهور عالم متعدد القطبية خاصة في ظل ما يتردد حول تخفيف التواجد العسكري الأمريكي في الخليج.

هذه التحديات إضافة إلى هبوط أسعار النفط وتأثيرها القوي والمباشر على موازنات دول مجلس التعاون التي تعتمد على  80 أو90% من مدخلاتها على عائدات النفط، تلقي بظلالها على القمة الخليجية السنوية التي تستضيفها الرياض نهاية ديسمبر الجاري، لذلك من المؤكد أن يكون جدول أعمال هذه القمة مثقلاً بالقضايا المهمة ,وسوف ينظر زعماء دول الخليج  في هذه القضايا ويتخذون حيالها ما يلزم طبقاً للأولويات، حيث نعتقد أن تأتي التحديات الأمنية ومقاومة الإرهاب في المقدمة خاصة إرهاب داعش الذي تسلل إلى دول الخليج لأول مرة، على أن يتم تكثيف الجهود الخليجية وزيادة التنسيق بما يحقق التكامل الأمني بين دول المجلس . كذلك من المأمول أن تتخذ قمة الرياض خطوات عملية بشأن مشروع التحول إلى "الاتحاد الخليجي" الذي تحتاجه دول المجلس الآن أكثر من أي وقت مضى. كذلك بحث الخيارات والبدائل المتاحة لمواجهة تداعيات انخفاض أسعار النفط بما في ذلك العمل على تنويع مصادر الدخل وزيادة حجم التبادل التجاري الدولي والتركيز على التوجه نحو الأسواق الناشئة خاصة التوجه شرقاً، وتشجيع الاستثمارات لزيادة الفرص المواتية بما يساعد على تحقيق الهدف المهم وهو توسيع القاعدة الاقتصادية وتنويع مصادر الدخل والتحول من الاقتصاد الريعي إلى الاقتصادات ذات القاعدة العريضة واقتصادات المعرفة لمواجه المنافسة العالمية والبقاء في مأمن بعيداً عن الأزمات العالمية أو التقلبات الإقليمية، والبحث عن حلول غير تقليدية لمواجهة البطالة.

إقليمياً، سوف يأتي إنهاء أزمة الانقلاب في اليمن وتثبيت الشرعية وعودة الاستقرار إلى هذه الدولة الجارة لدول الخليج في مقدمة الأولويات، إضافة إلى قضية تحقيق التوازن الاستراتيجي والعسكري في منطقة الخليج بما يحقق الاستقرار بعيد المدى ومواجهة أي تهديدات جراء الاستقطاب ومحاولات الهيمنة وفرض النفوذ بالقوة، حيث تشغل هذه القضية تفكير النخب الخليجية وبالضرورة تشغل الحكومات وصانعي القرار في الخليج.

وتأتي الأزمة السورية وضرورة إعادة الأمن والاستقرار لهذا البلد، وإنهاء أزمة اللاجئين السوريين وإيقاف القتل الجماعي وتسلل النفوذ الإقليمي والدولي إلى سوريا في مقدمة أولويات القمة الخليجية بالرياض أيضاً، وهذا ما ينطبق على الأوضاع في ليبيا والعراق وفلسطين. وهذا يقود إلى ضرورة تفعيل العمل العربي العام بما يخدم قضايا الأمة العربية.

على ضوء هذه التطورات مجتمعة، فإن أجندة جدول أعمال قمة الرياض الخليجية لن تكون تقليدية وما سيتمخض منها قرارات ليست تقليدية أيضاً لمواجهة تحديات غير مسبوقة، خاصة أن دول مجلس التعاون تضطلع بدور محوري لتثبيت استقرار المنطقة وصيانة سيادتها ومصالحها. 

مقالات لنفس الكاتب