array(1) { [0]=> object(stdClass)#12962 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

العدد 104

قطع العلاقات بين الرياض وطهران يقود صحوة عربية تكتل عربي لإفشال المخطط الإيراني في المنطقة

الأحد، 07 شباط/فبراير 2016

شهد مطلع الميلادي الجاري أزمة في العلاقات السعودية ـ الإيرانية كانت جراء افتعال طهران مواقف غير مبررة ضد السعودية كعادة طهران التي تسببت في إيجاد الكثير من الأزمات الإقليمية وفتحت أبواب الحروب الأهلية وأذكت المذهبية تحت شعارات تظهر غير ما تبطن، فمنذ قيام الثورة الإيرانية عام 1979م، والنظام الحاكم في طهران يتعامل مع جيرانه العرب بمعايير غير المتعارف عليها في العلاقات الدولية ولا تنطلق من مبادئ حُسن الجوار.

 في الثاني من يناير الماضي وإثر إعلان المملكة عن تنفيذ القصاص في 47 مداناً في قضايا إرهاب أو التحريض على الأعمال الإرهابية وزعزعة أمن واستقرار المملكة، ثارت ثائرة إيران بسبب تنفيذ الحكم في شخص واحد من بين المدانين الذين تم تنفيذ الحكم بهم في 12 منطقة تمثل كل مناطق المملكة باستثناء منطقة جازان، بعد أن صدقت الأحكام من محكمة الاستئناف المختصة ومن المحكمة العليا وصدر أمر ملكي بإنفاذ ما تقرر شرعاً وصدق من مرجعه بحق الجناة.

 وجاءت نصوص الحكم في تقرير نقلته وكالة الأنباء السعودية التي أوردت في مقدمته الأدلة الإسلامية التي تؤيد الحفاظ على الأنفس والأموال وعدم العبث بالأمن والاستقرار ، ثم أوردت أسماء 47 مداناً ، ثم قدم البيان الجرائم التي ارتكبها الجناة والتي تراوحت بين اعتناق الفكر التكفيري المشتمل على عقائد فكر الخوارج ونشره والترويج له بوسائل مضللة ومتنوعة، وتنفيذ مخططات لتفجير مجمعات سكنية وحكومية وشروعهم في استهداف مجمعات أخرى، وخطف وقتل عدد من المقيمين لقتلهم والتمثيل بجثثهم، وتصنيع المتفجرات وتهريبها إلى المملكة وحيازة أسلحة وقنابل مصنعة محلياً، وحيازة مواد متفجرة وصواريخ وقذائف، وكذلك استهداف مقار الأجهزة الأمنية والعسكرية، وسعيهم إلى ضرب الاقتصاد الوطني والإضرار بمكانة المملكة وعلاقاتها ومصالحها مع الدول الشقيقة والصديقة، والشروع في استهداف عدد من السفارات والقنصليات الأجنبية، و تفجير شركة أرامكو السعودية، وكذلك جمع أموال ضخمة لتمويل الإرهاب، والدعوة إلى إشاعة الفوضى والتحريض على أعمال العنف والتخريب وإثارة الفتنة وإذكائها، وإيغال الصدور بالكذب والبهتان والتلبيس على الناس.

 المدانون هم 45 سعودياً واثنين من المقيمين في المملكة، ولم تعترض أي جهة أو منظمة على تنفيذ الأحكام بحق من تورطوا في جرائم إرهابية، بل استقبلت وسائل الإعلام هذا الخبر بارتياح وهذا ما عبر عنه الرأي العام السعودي أوفي الخارج باعتبار أن هذه الأحكام تحد من موجات الإرهاب وخطرها، إلا أن إيران ثارت ثائرتها ليس بسبب قتل الإرهابيين جميعهم، بل بسبب قتل المدان نمر النمر الذي جاء ترتيبه رقم 46 في قائمة من تم تنفيذ حكم القتل بحقهم.

لكن لماذا أولت طهران أهمية كبرى لنمر النمر فقط دون غيره، في حين الحكم تضمن تنفيذ القصاص في 45 سعودياً وهم جميعاً مواطنون سعوديون، بل إن عائلاتهم تبرأت منهم لخروجهم عن الدين وولي الأمر والدولة والمجتمع .. طهران تتعامل مع المنطقة على أنها امتداد طبيعي للنفوذ الإيراني، وأنها صاحبة الحق في فرض هيمنتها على منطقة الخليج وأن تكون شرطي المنطقة، خاصة بعد سطوتها على القرار في العراق وسوريا وحزب الله في لبنان، والحوثيين في اليمن، كما ترى أن الفرصة التاريخية مواتية لطهران لإعادة تشكيل الخريطة العربية وتلوينها باللون الفارسي تحت شعار مذهبي تحاول ترويجه للسيطرة على المنطقة باسم المذهب الذي يمكنها من السيطرة المطلقة، تريد طهران أن تقسم العالم الإسلامي وتقود حرباً طائفية تتيح لها قيادة أبناء المذهب الشيعي وتستخدمهم وقودًا لحرب قومية لإعلاء القومية الفارسية.

 لذلك تلبست إيران حالة من الهوس والتعالي وترجمته في حادث الاعتداء على السفارة السعودية في طهران والقنصلية السعودية في مشهد بطريقة تخالف الأعراف والمواثيق الدولية، وصاحب ذلك موجهة من الهجوم على المملكة عبر وسائل الإعلام وفي محافل دولية كبرى، انطلاقاً من عادة إيرانية قديمة منذ الثورة الإيرانية عام 1979م، لتشويه الصورة وتغيير الحقائق ، فهي استخدمت العديد من المناسبات الإسلامية خاصة أداء فريضة الحج ومواسم العمرة لتعكير صفو أمن المملكة، إضافة إلى ما هو معلوم من محاولات إيران المتكررة والتي لن تنتهي بالتدخل في شؤون مملكة البحرين، ومحاولات زعزعة أمن دولة الكويت، بعد أن فرضت هيمنتها على العراق، ومزقت سوريا وأدخلتها في حرب طائفية غير محمودة العواقب، ومحاولاتها الدائمة لإيجاد أذرع مسلحة لها في الدول الخليجية والعربية تنفذ سياسات طهران التي تتعامل مع الميليشيات المسلحة ولا تتعامل مع الأنظمة والحكومات.

على إثر هذه الأحداث الإرهابية المنظمة بتخطيط ودعم من الحكومة الإيرانية لحرق مقري السفارة والقنصلية السعودية في طهران ومشهد، قررت المملكة العربية السعودية قطع العلاقات مع إيران وسحبت بعثتها الدبلوماسية من إيران، حيث أن ما حدث من إيران تجاه المملكة أغضب الرأي السعودي، ودول مجلس التعاون الخليجي، والدول العربية، والمجتمع الدولي، وأكد وقوف دول مجلس التعاون والدول العربية صفاً واحداً مع المملكة في وجه الغطرسة الإيرانية وعدم السماح لها بممارسة سياستها المعهودة، والتي زادت غلاً بعد أن تم قطع يدها في اليمن وتحجيمها في سوريا وهي تخشى الخروج من العالم العربي وتلتزم بحدودها الدولية التي تجاهلتها بعد سقوط نظام صدام حسين في العراق عام 2003م،حيث عودة طهران داخل حدودها انتكاسة لأحلامها وطموحها وعكس ما خططت له بعد توقيع الاتفاق النووي مع مجموعة 5+1 ، وبعد ظهور ملامح التراضي و التوافق مع الولايات المتحدة الأمريكية حيال العديد من الملفات في المنطقة و السماح لها بالتمدد داخل الدول العربية ظناً من واشنطن أن الإسلام الإيراني هو الأقرب إلى الغرب، وأن النموذج الإيراني هو الأقرب إلى الغرب، وبالفعل غيرت إيران شعار ( الشيطان الأكبر) إلى شعار ( الصنم الأكبر) ما يعني انتهاء المواجهة الإعلامية بين الدولتين، أو تغيير التكتيك وليس الاستراتيجيات غير المعلنة، إضافة إلى الوفاق الإيراني ـ الإسرائيلي غير المعلن، و بالتزامن مع تخفيف الوجود الأمريكي في منطقة الخليج واختيار تسلم طهران الملفات المتعلقة بالمنطقة وأمنها، وكذلك رغبة أمريكا في إذكاء الصراع الإقليمي ( الإسلامي / الإسلامي) حتى تظل إسرائيل في مأمن وبعيداً عن الصراع وكذلك بعيداً عن المطالبات الدولية والإقليمية بالحقوق الفلسطينية.

ووجدت إيران الضوء الأخضر من الغرب بعد أن أضفى مجلس الأمن الدولي الشرعية على انتهاء العقوبات الدولية ورفع الحظر الدولي عن الممتلكات الإيرانية في الخارج والتي تصل قيمتها إلى أكثر من 150 مليار دولار، مع توقع تدفق استثمارات على إيران بقيمة 50 مليار دولار خلال السنوات الخمس المقبلة، مع توقعات بأن تحقق طهران نسبة نمو سنوية بنسبة 5% الأمر الذي يجعل الحكومة الإيرانية في موقف أفضل لتصدير الثورة الأمر الذي ينص عليه الدستور الإيراني صراحة.

في المقابل، المملكة العربية السعودية ومعها دول مجلس التعاون الخليجي والدول العربية ترفض تمدد النفوذ الإيراني المدعوم من الغرب وروسيا معاً وفي آن واحد رغم اختلاف المصالح الغربية ـ الروسية ـ الإيرانية إلا أن الأهداف تلاقت تحت مزاعم مواجهة الإرهاب في حين أن إيران وسياسات الغرب هي التي أوجدت الإرهاب في منطقة الشرق الأوسط والذي يستهدف الدول العربية في المقام الأول، وإن كانت الأسباب كثيرة ومتنوعة ـ وليس دفاعاً عن آفة الإرهاب ـ  فهي صناعة غربية ـ روسية ـ إيرانية في المقام الأول واستغلال الشباب المسلم والتغرير به لإطالة أمد الأزمات في منطقة الشرق الأوسط والمستفيد منها هو إسرائيل وإيران.

ولقد أثبتت الأحداث الأخيرة ومنذ اندلاع عاصفة الحزم وما تلاها من أحداث بالمنطقة وصولاً إلى الاعتداء الإيراني على البعثات الدبلوماسية، أن المملكة العربية السعودية التي تخوض أشرس المعارك للدفاع عن أمنها الوطني وتثبيت الأمن الإقليمي ليست بمفردها في الميدان، وأنها ليست الوحيدة التي تشعر بخطر التمدد الإيراني، حيث هبت الدول الخليجية والعربية للوقوف إلى جانب المملكة سواء بالانضمام إلى تحالف تحرير اليمن من الطغمة الحوثية الانقلابية، وتثبيت الشرعية في هذه الدولة العربية، أو إنهاء المأساة السورية التي تتسبب فيها طهران وحليفها بشار الأسد تحت المظلة الروسية، وأيضاً مواجهة الإرهاب بشكل جماعي من خلال التحالف الإسلامي العسكري لمواجهة الإرهاب.  وكان من أبرز مؤشرات هذا التلاحم  في مواجهة المخططات الإيرانية هو الاجتماع الاستثنائي  لوزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي بعد أقل من أسبوع من حادث بعثتي المملكة في إيران، واتخذ الوزراء موقفاً واضحاً بالرياض يوم التاسع من يناير الماضي وحملوا إيران المسؤولية كاملة لما وصفوه بـ ( الأعمال الإرهابية) وشددوا على وقوف دول المجلس صفاً واحداً مع المملكة، وتضمن البيان الذي تمخض عن الاجتماع الوزاري ( اتفاق دول مجلس التعاون على وضع آلية فعالة لمواجهة التدخلات الإيرانية ) ودعا إلى اتخاذ التدابير اللازمة من أجل إلزام إيران باحترام حسن الجوار قولاً وعملاً، ووقف أنشطتها المزعزعة للاستقرار في المنطقة، ووقف دعمها للإرهاب وعدم التدخل في الشؤون الداخلية لدول المجلس والمنطقة، وعدم استخدام القوة أو التهديد بها، وأيد الوزراء الإجراءات التي اتخذتها المملكة لمحاربة الإرهاب، وملاحقة مرتكبي الأعمال الإرهابية ومثيري الفتنة وتقديمهم للقضاء، وأشاد الاجتماع بكفاءة السلطة القضائية في المملكة العربية السعودية واستقلالها ونزاهتها، مشيراً إلى أن دول المجلس سوف تتخذ المزيد من الإجراءات المناسبة للتصدي لهذه الاعتداءات.

وإذا كانت طهران قد لا تتوقع الرد الخليجي بهذه السرعة والقوة، فإن الرد العربي كان بالقوة والسرعة نفسها فجاء باليوم التالي الاجتماع الوزاري العربي  الطارئ لوزراء الخارجية العرب الذي استضافته الأمانة العامة لجامعة الدول العربية  بالقاهرة في العاشر من يناير والذي ناقش أزمة الاعتداء على سفارة المملكة وقنصليتها في إيران، وأوضح سمو الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان وزير خارجية دولة الإمارات العربية المتحدة الذي ترؤس بلاده الدورة الحالية على المستوى الوزاري بالجامعة العربية " إن الاجتماع أعرب عن دعمه القوي لموقف المملكة فيما يتعلق بسيادتها وعدم التدخل في قراراتها فضلاً عن مسألة الاعتداء على مقراتها، وما اتخذته من قرارات سياسية ضد كل من يحاول زعزعة الأوضاع لأي من بلداننا" وأضاف: صحيح أن إيران في نهاية الأمر جار لنا لكننا لا نستطيع أن نحدد هوية هذا الجار وعليها أن تحدد هل تريد أن تكون جاراً صالحاً أو تريد أن تكون جاراً عبثياً، ومع الأسف إلى الآن نرى العبثية من إيران، ونرى اهتمام إيران بإصلاح علاقتها مع الغرب وليس مع الإقليم.

من جانبه، وصف الأمين العام لجامعة الدول العربية الدكتور نبيل العربي ما توصل إليه الوزراء العرب من قرارات تؤكد شعور الدول العربية بالقلق بقوة من تدخل دول الجوار خاصة التدخلات الإيرانية المستمرة في شؤون الدول العربية، موضحاً أن ما توصل إليه وزراء الخارجية العرب يعكس الدعم العربي الكامل للمملكة العربية السعودية، وشكل الاجتماع لجنة وزارية لمتابعة تنفيذ ما جاء في قرارات الاجتماع الوزاري ورفع تقريراً للاجتماع الوزاري الذي انعقد في أبو ظبي في الخامس والعشرين من يناير الماضي اجتمع وزراء الخارجية العرب في خلوة بعيداً عن التعقيدات الرسمية في أبو ظبي وناقشوا الوضع الراهن ودور إيران في زعزعة الأمن العربي ، كما اجتمعت اللجنة الرباعية العربية في اليوم ذاته والتي شكلتها جامعة الدول العربية لمتابعة تطورات الموقف بين السعودية وإيران وهي تتشكل من مصر والسعودية والإمارات والبحرين إضافة إلى الأمين العام لجامعة الدول العربية حيث تم بحث تطورات الأزمة مع إيران وسبل التصدي لتدخلاتها في الشؤون العربية، ومن جهته قال وزير الخارجية المصري سامح شكري إن الدول العربية في طور رسم منهج للرد على الضغوط والتدخلات الإيرانية في الشؤون العربية ، وهذا المنهج سيرى النور خلال الأسبوعين المقبلين، موضحاً أن التوتر بين مصر وإيران قديم ويمتد لأكثر من ربع قرن بسبب سياستها تجاه المنطقة وتدخلها في شؤونها الداخلية وتلاعبها على الوتر الطائفي إذ لا تفرق بين الطائفية والدولة الوطنية، مؤكداً دعم مصر قرار الجامعة العربية ورفض التدخلات الأجنبية في الشؤون السعودية.

هذه المواقف والقرارات الخليجية والعربية تؤكد أن دول المنطقة وقيادتها متيقظة للمخططات الإيرانية ولن تسمح بتنفيذها على حساب الأمن العربي الجماعي أو الدول العربية منفردة، وهذا ما يتطلب وضع استراتيجية عربية دائمة للتعامل مع المتغيرات الإقليمية وخاصة المخططات الإيرانية التي تستهدف الوجود العربي من الأساس، لأن إيران ستظل مستمرة في غيها رغم المناورة التكتيكية التي تمثلت في تعقب الجناة الذين اضرموا النيران في السفارة السعودية والقنصلية السعودية بسبب رد الفعل العربي، إلا أنها سوف تستمر في إشعال النيران في أوصال الدول العربية .

مجلة آراء حول الخليج