بدأت منذ ثمانينيات القرن الماضي تظهر مؤشرات سعي الصين إلى أن تتحول للاعب أساسي في مناطق أوسع من العالم، وبانتهاء الحرب الباردة دفعت الاحتياجات الاقتصادية والتطلعات الاستراتيجية للصين إلى الاهتمام المكثف والمنظم بالقارة الإفريقية، جعلها محط أنظار قوى آسيوية أخرى، كمجموعة الآسيان واليابان ودول الخليج العربي.
I. العلاقات الصينية بإفريقيا جنوب الصحراء: المجالات والآليات
- العلاقات الاقتصادية الصينية الإفريقية وأهم مجالاتها
التطور الاقتصادي للصين خلال العقدين الأخيرين جعلها في حاجة أكبر إلى موارد الطاقة والمعادن، وفرض عليها تركيز استثماراتها في هذا المجال بالدول الغنية بالموارد الطبيعية في إفريقيا[1]، خاصة الجزائر، أنغولا، الكونغو الديموقراطية، زامبيا، غينيا، نيجيريا، والغابون، حيث استحوذت فيها بكين على نسبة مهمة من الاستثمارات الأجنبية المباشرة[2]. ولتسهيل تصدير المواد الأولية والطاقة، أنشأت الصين عددًا من مشاريع البنية التحتية بإفريقيا، بما فيها تهيئة الموانئ وخطوط السكك الحديدية. وأعطت أهمية خاصة لهذه المشاريع في كينيا، تانزانيا، وإثيوبيا، لكونها تربط سياستها في شرق إفريقيا باستراتيجياتها في المحيط الهنديالأهم لتجارتها الدولية[3]. وأنشأت الصين في أنغولا ونيجيريا مشاريع في مجال البنية المرتبطة بالطاقة، بما فيها مصفات تكرير النفط والطاقة الكهربائية[4].
والملاحظ، أن الشركات الصينية التابعة للدولة هي التي تقود الاستثمارات بإفريقيا في قطاعات الزراعة والطاقة والمعادن والبنية التحتية، بينما الشركات الخاصة تركز على التصنيع والخدمات (الجدول رقم: 1)[5]. وعمومًا، مشاريع البنية التحتية التي أنجزتها الصين بإفريقيا، بقدر ما أسهمت في التطور الاقتصادي داخل دولها، أعطت دفعة لاندماج أكبر بين دول القارة[6]. وبغية تحقيق اندماج اقتصادي أوسع مع إفريقيا، اعتمدت الصين أيضا على آلية إنشاء "المناطق الاقتصادية الحرة"، كتلك التي أقامتها في مصر، الجزائر، إثيوبيا، موريتيوس، نيجيريا، وزامبيا[7].
ــ القطاع الزراعي
بدأت الصين تهتم بالقطاع الزراعي مع إفريقيا في سياق سياسة "تصدير الثورة الخضراء"[8]، تعززت مع توجس الصين من ارتفاع أسعار المواد الغذائية لما يمكن أن يسبب لها من توترات اجتماعية إذا لم تتمكن من سد احتياجاتها المتزايدة، لذلك ركزت أيضًا على الاستثمارات الزراعية في إفريقيا، ونتج عنها ظاهرة شراء الأراضي في عدد من دول القارة، مثل بنين ومدغشقر وسيراليون. وتنافست الصين في هذا المجال عدد من الدول الآسيوية الأخرى، كماليزيا، كوريا الجنوبية، سنغافورة، وفيتنام[9]. وعمومًا، استثمر في القطاع الزراعي بإفريقيا حتى 2011م، 2372 شركة صينية، أغلبها في زامبيا، نيجيريا وإثيوبيا، تنزانيا، جنوب إفريقيا، أنغولا،ومصر[10].
وتعزز بكين التعاون في مجال التدريب الزراعي مع عدد من المؤسسات في إفريقيا[11]. وخلال يونيو 2010م، تم تأسيس إطار تعاون صيني ـ إفريقي لتشجيع المزيد من الاستثمارات في القطاع الزراعي بإفريقيا، بمبادرة كل من "مجموعة تنمية التعاون الفلاحي الوطني الصيني" (CNADC) التابعة للدولة و"بنك التنمية الصيني الإفريقي" ومجموعة من الشركات التجارية الفلاحية[12].
ــ دور البنوك الصينية في العلاقات الاقتصادية الإفريقية
تأسس "بنك الاستيراد والتصدير الصيني"عام 1994م، لتشجيع الاستثمار والتجارة الخارجية، عبر القروض الميسرة التي يقدمها، وفي ظرف وجيز أصبح ضمن أكبر المؤسسات البنكية في العالم التي تقدم القروض على هذا المستوى[13]، بما فيها المقدمة للاستثمارات الصينية المباشرة في إفريقيا، خاصة في مجال البنى التحتية والمعادن[14]. ويعتبر أيضًا "البنك الصيني للتنمية"أحد أذرع بكين لدعم مشاريع التنمية في إفريقيا، كما أنه المؤسسة المالية الرئيسة في تنفيذ أجندة "المنتدى الاقتصادي الصيني الإفريقي للتعاون"، وذلك بالتنسيق مع عدد من المؤسسات الأخرى، أهمها وزارة التجارة الصينية[15].
وتطور دور البنوك الصينية في إفريقيا بتأسيس بكين لـ"الصندوق الإفريقي الصيني للتنمية" في يوينيو 2007م، برأسمال أولي قدره 5 مليارات دولار،مخصصة لتشجيع الاستثمارات[16]، ومنذ 2009م، صار لـه ممثلية بـ"جوهانسبورغ" في جمهورية جنوب إفريقيا[17]. وقد أنجز "الصندوق" عددًا من المشاريع في قطاعات مختلفة، منها تخصيص 22.6 مليون دولار لزراعة القطن في مالاوي، الموزمبيق، وزامبيا، و16.4 مليون دولار لمحطة كهربائية ومشاريع أخرى في إثيوبيا والمناطق الصناعية الحرة في نيجيريا ومصر[18].وعمومًا، فقد ساعدت هذه البنوك على رفع المساعدات والمشاريع الاقتصادية والتنموية لإفريقيا، إذ انتقلت من 1.2 مليار دولار عام 2000م، إلى 35 مليار دولار عام 2012م[19].
- الاعتناء الصيني بالموارد البشرية الإفريقية
ــ التعاون العلمي والثقافي الصيني الإفريقي
اهتمت الصين مبكرًا بالتعاون العلمي والثقافي مع إفريقيا، خاصة منذ الثمانينيات عندما بدأت الصين بالاندماج مع إفريقيا، كنتيجة لسياسة الانفتاح على الخارج خلال هذه المرحلة[20]. وأثناء التسعينيات رفعت بكين أعداد الأساتذة المبتعثين إلى إفريقيا، فضلا عن زيادة عدد الطلاب الأفارقة الوافدين إليها، إذ انتقل عددهم من طالبين عام 1989م، إلى 1580 طالب عام 1999م[21]. وبتأسيس "المنتدى الإفريقي الصيني للتعاون" ستتطور العلاقات الثقافية والعلمية بشكل أكبر، خاصة بعد إنشاء "معهد كونفوشيوس" عام 2003م، لتعليم اللغة الصينية عبر العالم. ويتوفر بإفريقيا عدد من هذه المعاهد، فضلًا عن أقسام تابعة لها افتتحت في بعض جامعات القارة، حيث بلغت 69 قسمًا ومعهدًا، في الوقت الذي يصل عددها إلى 701 في أمريكا، و426 في أوروبا، و200 في آسيا[22].
وبمبادرة من "الرابطة العالمية البارزة للتجار الصينيين" و"مؤسسة الشباب الصيني للتنمية" و"مجموعة تجانيو هابيناس القابضة"، تخطط الصين منذ 2010م، لبناء 1000 مدرسة ابتدائية كهدية لإفريقيا، سميت بـ"مشروع الأمل إفريقيا -الصين". وقد تم بناء عدد منها في إثيوبيا، وكينيا، وناميبيا، ورواندا، وبوروندي، وتنزانيا[23]. ويرافق بناء المدارس، توثيق علاقات التعاون بين الجامعات، فضلا عن تشبيك العلاقات بين المراكز البحثية الصينية والإفريقية[24]. وعمومًا، يلاحظ أن الصين تؤسس بنية من العلاقات في مجال التعليم لتهيئة النخب الإفريقية التي ستكون الجسر الأساس لضمان الوجود الصيني واستمراره المستقبلي بالقارة.
ــ التعاون الإعلامي الصيني ـ الإفريقي
بدأت بكين في توسيع نشاطها الإعلامي بإفريقيا بعد قمة "المنتدى الإفريقي الصيني للتعاون" 2006م، عبر القروض والدورات التدريبية وبرامج التبادل مع الأفارقة في هذا المجال. وخلال عام 2012م، تم فتح قناة "CCTVAfrica" في نيروبي بكينيا، شغلت فيها صحفيين كينيين وصينيين لتغطية الأحداث في مختلف مناطق القارة[25]. وافتتحت في كينيا أيضًا إذاعة ناطقة باللغتين الإنجليزية والسواحلية، فضلا عن إصدار جريدة باسم "ChinaDaily". ومنحت بكين قرضًا لزيمبابوي عام 2012م، قيمته 5 ملايين دولار لتوفير سيارات البث الإذاعي لفائدة قناة "ZBC"، كما قدمت قرضًا بقيمة 30.6 مليون دولار لولاية كادونا في شمال نيجيريا لتطوير المؤسسات الإعلامية، فضلا عن 4 ملايين دولار لتحديث الإعلام الليبيري[26]. وخصصت قروضاً أخرى ومساعدات تقنية في مجال الإعلام لناميبيا، ليسوتو، موريشيوس، جنوب إفريقيا، موزامبيق، ومالاوي، وسيشيل، وجيبوتي، الغابون، وجزر القمر وغيرها[27].
ــ التعاون الصحي الصيني الإفريقي
ركزت الصين منذ ستينيات القرن الماضي على المساعدات الطبية في علاقاتها مع الدول الإفريقية، من خلال إرسال فرق طبية إلى عدد من دول القارة، كانت أولاها عام 1963م[28]. وخلال الثمانينيات توسع دور وزارة الصحة في المساعدات الطبية الخارجية، كما انخرطت بكين في عدد من برامج الأمم المتحدة للصحة. وتنوعت أشكال التعاون مع إفريقيا بين إرسال الفرق الطبية والقروض والبرامج المشتركة والإعانات المجانية(أنظر الجدول: رقم2)[29].
وبعد إنشاء "المنتدى الصيني الإفريقي للتعاون" تتطور دور البرامج الصحية بصورة أكبر في ديبلوماسية التنمية للصين في إفريقيا[30]. واحتلت بكين الرتبة التاسعة ضمن أكبر الدول المساهمة في الإعانات الدولية الموجهة لقطاع الصحة بالقارة مابين 2000و2010م، بلغت قيمتها 3 مليارات وما يقارب 30 مليون دولار. وتعتبر كل من الكاميرون، التشاد، كينيا، السودان، زيمبابوي وأنغولا وموريشيوس، كوديفوار، زامبيا، والنيجر، ضمن أكبر الدول الإفريقية المستفيدة من الاعانات الصينية في المجال الصحي[31]. ويشكل بناء المستشفيات وتجهيزها، النسبة الأكبر في الإعانات الصحية لإفريقيا، تليها محاربة مرض الملاريا، ثم البعثات الطبية ومشاريع الصرف الصحي وغيرها[32]. وعندما ظهر مرض الإيبولا في غرب إفريقيا عام 2014م، أرسلت الصين مساعدات إلى سيراليون، و200 طبيب إلى "مستشفى الصداقة الصيني السيراليوني" للعمل على محاصرة المرض[33].
ولكن الملاحظ أن الإعانات الصحية الصينية مرتبطة بظاهرتين، الأولى أنها تقدم لنفس الدول التي لها فيها استثمارات، خاصة في مشاريع البنية التحتية والموارد الطبيعية التي توظف عمال صينيين. أما الظاهرة الثانية فهي أن الفرق الطبية التي ترسلها بكين إلى دول بعينها في إفريقيا تنتمي إلى المحافظات الصينية التي لها علاقات اقتصادية مع تلك الدول، سواء من حيث المبادلات التجارية أو الاستثمارات[34]. ويجب الإشارة أيضًا أن الإعانات الصينية الطبية لإفريقيا لا تخلو من أبعاد تجارية لشركاتها الخاصة في القطاع الصيدلاني[35].
- التعاون الأمني والعسكري الصيني بإفريقيا جنوب الصحراء
ــ المشاركة الصينية في قوات حفظ السلام بإفريقيا
إن تزايد الأهمية الاقتصادية لإفريقيا في السياسة الخارجية يوازيها تنامي الحضور الأمني والعسكري، عبر المشاركة في قوات حفظ السلام الدولية. وتشارك بكين في سبع بعثات أممية من أصل ثمانية في إفريقيا بقوات عددها 1500 شخص، أي ما يعادل 75% من مجموع قوات الصين المشاركة في بعثات السلام الأممية نحو العالم[36]. ولعبت الصين دورًا بارزًا في بعثات السلام نحو السودان وجنوب السودان ودارفور، فضلًا عن دورها في القوات الأممية بليبيريا وساحل العاج والصحراء المغربية وبوروندي والموزامبيق وناميبيا وسيراليون وإثيوبيا وإريتريا[37].
وخلال عام 2013م، حصل تحول نوعي في مشاركة الصين ضمن بعثات الأمم المتحدة، إذ لأول مرة ترسل قوات قتالية في إطار عمليات الأمم المتحدة في مالي[38]. وتتوسع الأدوار الأمنية الصينية في إفريقيا بشكل تدريجي، ففي قمة "المنتدى الإفريقي الصيني للتعاون" عام 2012م، طرحت الصين "مبادرة التعاون الصيني الإفريقي المشترك من أجل السلام والأمن"، حددت ضمن أهدافها تمويل بعثات حفظ السلام التابعة للاتحاد الإفريقي وتدريب قواتها[39]. ويتوقع أن تلعب الصين دورًا أكبر خلال السنوات القادمة في القضايا الأمنية بإفريقيا، عبر "أجندة الأمم المتحدة لعام 2030م" باعتبارها أحد الداعمين والمشاركين في صياغة تلك الأجندة[40]، التي تطرقت إلى التحديات الأمنية في شمال إفريقيا ومنطقة الساحل وكينيا[41].
ــ العلاقات العسكرية الثنائية الصينية الإفريقية
تحرص الصين على تطوير علاقاتها العسكرية مع الدول الإفريقية على الصعيد الثنائي، سواء عن طريق فتح ملحقيات عسكرية في سفاراتها بإفريقيا، أو تبادل الزيارات بين البعثات العسكرية، أو عبر برامج بيع الأسلحة الصينية[42]. وتمتلك الصين 16 ملحقية عسكرية تغطي 30 بلدًا إفريقيًا، في مقابل 28 ملحقية عسكرية للدول الإفريقية في بكين[43]. وحسب تقرير 2016م، لـ"المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية"، فإن 68% من الدول الإفريقية أصبحت تستورد الأسلحة الصينية، وما بين 2005أضيفت10 دول مستهلكة للسلاح الصيني، هي الجزائر وأنغولا والرأس الأخضر ونيجيريا والتشاد وجيبوتي وغينيا الاستوائية والغابون وأوغاندا وغانا (أنظر الخريطة)[44].
واستراتيجية الصين تنظر إلى شرق إفريقيا كأولية استراتيجية. وعندما قام الأسطول الصيني بأول رحلة حول العالم عام 2000م، كانت تنزانيا أول محطة ينزل فيها هذا الأسطول. ومنذ عام 2008 م، بدأت تستدعي الصين البحرية المصرية والجنوب الإفريقية كملاحظين في المناورات البحرية التي تجريها في مياهها الإقليمية[45]، وخلال نفس السنة شاركت الصين في العمليات البحرية الدولية بالخليج لتأمين الملاحة ضد القرصنة قبالة السواحل الصومالية.
وبعد أن أنشأت بكين قاعدة عسكرية لها في جيبوتي عام 2015م، يرتقب أن تنشط العلاقات العسكرية مع دول شرق إفريقيا بصورة أكبر، دلت عليها مثلا زيارة وفد عسكري كيني في دجنبر 2015م، للقوات الصينية المشاركة في بعثة السلام الأممية بجنوب السودان[46]. وأثناء زيارة رئيس موزامبيق "فيليب جاكينتو" إلى الصين في 15 مايو 2016م، تم التوقيع على اتفاقية الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، تتضمن تعزيز قدرات القوات الدفاعية الموزامبيقية[47]. ولتقوية حضورها البحري في شرق إفريقيا، بدأت البحرية الصينية أيضا في مايو 2016م، بزيارة لمصر وجنوب إفريقيا[48].
- الصعود الصيني في إفريقيا والتشبيك المتوازن للخليج العربي
- شرق إفريقيا بين "الحزام البحري الصيني" و"الحزام الخليجي الآمن"
إن النمو الاقتصادي الذي شهدته الصين وحاجتها إلى التدفق الآمن للطاقة، جعلها تركز على تطوير علاقاتها مع دول غرب المحيط الهندي، خاصة وأن نسبة كبيرة من احتياجاتها تتدفق عبر مضيق هرمز بالخليج العربي، فضلًا عن أهمية التجارة الصينية عبر مضيق باب المندب وقناة السويس نحو أوروبا. ونتيجة تزايد مكانة الملاحة البحرية في التجارة الدولية بمنطقة آسيا وارتباطها بالخليج وإفريقيا، أعلنت الصين عام 2013 م، عن مشروع "طريق الحرير البحري".
ولكن قبل إعلانها عن "طريق الحرير البحري" أنشأت الصين شبكة من البنية التحتية في الدول المطلة على المحيط الهندي، بما فيها الموانئ وطرق المواصلات البرية المؤدية إليها، مثل "ميناء كوادير" الاستراتيجي في باكستان القريب من مضيق هرمز. وأقامت الصين أيضًا عددًا من البنى في ميناء مومباسا بكينيا وربطت شبكة المواصلات الداخلية به، فضلا عن بنى أخرى أنشأتها في تنزانيا. وقد أصبحت منطقة الخليج العربي ذات أهمية أكبر في مشروع "طريق الحرير البحري"، نظرًا لتزايد ترابط المصالح الصينية بشرق إفريقيا والبحر المتوسطي، لاسيما بعد شراء شركة "كوسكو" الصينية لـ 67% من "ميناء بيراووس" في أبريل 2016[49]، وإنشائها لمنطقة اقتصادية خاصة جديدة في أديس ابابا في ماي2015م، لتكون إحدى المراكز الصناعية الكبيرة للصين في شرق إفريقيا[50].
ــ الحاجة إلى "حزام بحري خليجي آمن"
يوضح "طريق الحزام البحري الصيني" ومساره والمناطق الجغرافية التي تشملها، بما فيها شرق إفريقيا، أن منطقة الخليج العربي ستحتفظ بمركزيتها على الصعيد الاستراتيجي المستقبلي. وبالرغم من التراخي الأمريكي في الاهتمام بهذه المنطقة، إلا أن السياسة الصينية التي أصبحت تربط بين شرق آسيا وشرق إفريقيا والبحر المتوسطي، يجعل الخليج العربي في قلب التنافس الأمريكي الصيني في العالم. وهذا يعني أن الدول الخليجية تمتلك فرصة لتجديد مكانتها الاستراتيجية في العلاقات الدولية، حتى مع افتراض تراجع أهمية الطاقة في السياسة الأمريكية نحو الخليج العربي.
إن الجغرافية السياسية للخليج العربي في ظل التطورات المتسارعة في محيطه، يقتضي التفكير في إنشاء "حزام خليجي آمن" مكون من مثلث "شرق المتوسط – شرق إفريقيا – شرق آسيا"، وهو حزام بقدر ما يسعى إلى الاستفادة من التناقضات الموجودة في محيطه الاستراتيجي، فإنه في نفس الوقت يضع أسسًا وبنيات تجعل من الصعب تجاوز دور الخليج في التفاعلات الإقليمية والدولية المستقبلية. ويدخل في هذا الإطار السعي إلى الاستفادة القصوى والذكية للديناميات التي خلقتها الصين في محيط الخليج، على الأصعدة الاقتصادية والاستراتيجية والأمنية. ويشكل إعلان السعودية عن "رؤية 2030" فرصة للاندماج الاقتصادي مع دول شرق إفريقيا، خاصة إثيوبيا وكينيا التي أصبحت توصف "بالنمور الاقتصادية لإفريقيا". فالبنيات التحتية التي أنشأتها الصين في هذه البلاد تخلق دينامية اقتصادية في غرب المحيط الهندي، يمكن الاستفادة منها في عدة مجالات، مثل مشاريع توسيع الموانئ، ومشاريع النقل البحري والجوي، والاستثمار في قطاع البيتروكيماويات وغيرها.
إن "الشراكة الصينية ـ السعودية" المعلن عنها في يناير 2016م "ورؤية 2030 السعودية" تستطيع أن تكون أيضًا أرضية لمشاريع صينية ـ خليجية مشتركة في شرق إفريقيا، مثل المشاريع الزراعية مع ربطها بأبعاد الأمن الغذائي الخليجي، فضلًا عن الاستفادة من المناطق الاقتصادية الحرة التي أنشأتها الصين بين إثيوبيا وموزامبيق. ويوفر الاندماج الخليجي في اقتصاديات شرق إفريقيا ميزة التعاون مع الدول الآسيوية الأخرى التي أصبحت تهتم أكثر بإفريقيا، خاصة اليابان، أي أن الخليج العربي ينبغي أن يستفيد من ميزة القرب الجغرافي ليتحول إلى محطة أو حلقة في العلاقات اليابانية الإفريقية، خاصة بعدما أنشأت طوكيو قاعدة عسكرية في جيبوتي. ويستطيع الخليج العربي أيضًا أن يكون حلقة وصل بين مجموعة الآسيان وشرق إفريقيا عبر قطاع اللوجستيك والنقل والاستثمار المشترك. ولكن يجب الإشارة أن استفادة الخليج العربي من الميزات الاقتصادية والاستراتيجية لشرق إفريقيا لا تكتمل إلا بوضع موريتيوس وسيشيل وجزر القمر ومدغشقر في دائرة الاهتمام، فحولها تتقاطع مجموعة من الاستراتيجيات في المحيط الهندي، بما فيها الدول الغربية والصين والهند وإيران.
- غرب إفريقيا الجار البعيد للخليج العربي
ــ نحو التداخل مع النخب الاقتصادية
إن البعد الجغرافي لمنطقة غرب إفريقيا عن المشرق العربي لا يعني أنها ليست لها أهمية بالنسبة للخليج العربي، فهذه المنطقة تستقطب العديد من الاستثمارات الأجنبية، بما فيها الاستثمارات الآسيوية. وقد استطاعت الصين أن تنشئ شبكة من المشاريع في البنيات التحتية والفلاحية والطاقة والتعليم يمكن أن تفتح آفاقا للخليج العربي. ويشكل العنصر البشري المتداخل مع المصالح الصينية مفتاحًا مهما لذلك، فقبيلة اليوروبا في نيجيريا والموريديين في السنيغال يلعبون دورًا كبيرًا في العلاقات الاقتصادية مع الصين، بسبب شبكة العلاقات الاجتماعية التي يمتد تأثيرها نحو أوروبا وأمريكا، كما يعدون الفئة التجارية الأساسية الوافدة على منطقة "ييو" في شرق الصين التي تعتبر إحدى المراكز الدولية الكبرى للتجارة في الصين[51].
اهتمت بعض الدول الخليجة بالاستثمار في غرب إفريقيا في عدد من القطاعات، من بينها الاستثمارات القطرية والإماراتية في قطاع البنوك، وهو ما يفتح المجال للعب دور الوسيط المالي بين النخب الاقتصادية في هذه المنطقة والصين، خاصة بعد أن أعلنت نيجيريا في عام 2015م، عن نيتها إنشاء مدينة جديدة باسم "إيكوأتلانتيك "لتصبح المركز المالي في نيجيريا وغرب إفريقيا. ونظرًا لضعف الوجود الخليجي في غرب إفريقيا، فإنها في حاجة إلى التعاون والشراكة مع دول أخرى لها خبرة في التعامل مع غرب إفريقيا، وبحكم الشراكة الاستراتيجية المغربية ــ الخليجية فإن بإمكان المغرب أن يكون إحدى البوابات لتوسيع المصالح الخليجية الاقتصادية في هذه المنطقة، خاصة وأن المغرب يعد من أهم المستثمرين فيها. وبعد أن وقع المغرب اتفاقية الشراكة الاستراتيجية مع الصين خلال مايو2016م، فإنه يمكن أيضًا الحديث عن تعاون اقتصادي ثلاثي "مغربي صيني خليجي" في غرب إفريقيا في عدد من القطاعات، أهمها الاستثمار فيما يصطلح عليه بـ"الاقتصاد الأزرق"، أي استغلال الإمكانات الاقتصادية للبحار، مثل الاستثمار في مجال تربية الأسماك بالأحواض البحرية في بعض دول غرب إفريقيا، كالسنغال، خاصة أن لدى المغرب خبرة في هذا المجال عبر آليات تطبيق اتفاقية الصيد البحري مع الاتحاد الأوروبي.
ـ التدرج من التنسيق إلى التعاون الاستراتيجي
الحضور الخليجي في إفريقيا جنوب الصحراء لا يمكن أن يتحقق إلا بوضع أسس للتعاون الأمني والعسكري مع غرب إفريقيا. وبما أن السعودية أنشأت "التحالف الإسلامي ضد الإرهاب"، فإن مجال اهتمامه يجب أن يشمل أيضا دعم البنيات التي تعمل على محاصرة ظاهرة الإرهاب في إفريقيا، خاصة بعد تدويل الأعمال الإجرامية لـ"حركة بوكو حرام" والحديث عن علاقاتها بـ"حركة الشباب الصومالية" في شرق إفريقيا. وستكتسب دول الخليج شرعية دولية إذا تمكنت من الإسهام في محاصرة الإرهاب في هذه المنطقة، خاصة لدى القوى الآسيوية التي تتعاظم مصالحها في غرب إفريقيا.
ولكن الإسهام الخليجي في محاربة ظاهرة الإرهاب بإفريقيا، يحتاج إلى رؤية شمولية يتداخل فيها الأمني بالاقتصادي والتنموي، فـ"حركة بوكو حرام" مثلا بدأ نشاطها في "بورنو" بأقصى الشمال الشرقي التي تعد من بين أكثر المناطق فقرًا في نيجيريا. ويقتضي هذا الواقع وضع مشاريع تنموية للرقي بالمناطق الشمالية، خاصة في التعليم من المستويات الأولية إلى الجامعة ومراكز التكوين المهني، كما تفعل الصين ودول أخرى. ولكن هذه المشاريع تحتاج إلى جهود إقليمية مشتركة، كالتعاون مع الجامعة العربية والمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة، وكذلك مع دول عربية إفريقية كمصر والمغرب.
تعاني دول غرب إفريقيا أيضا من إشكالية النزاعات العرقية، ما جعلها تحتضن عددًا من بعثات الأمم المتحدة للسلام، كليبيريا والكوديفوار وغيرها. والملاحظ أنه بالتوازي مع تزايد المصالح الاقتصادية لبعض البلدان الآسيوية في إفريقيا، كالصين واليابان وإندونيسيا، فإنها أصبحت تشارك بصورة أكبر في بعثات الأمم المتحدة هناك. ويقتضي ذلك أن يكون للخليج أيضًا اهتمامًا أوسع بعمليات حفظ السلام، وقد يكون من الأجدى إنشاء مؤسسة خاصة لتدريب القوات الإفريقية المعنية بعمليات السلام ودعمها لوجيستيا. ولكن هذا الدور يحتم أولًا توسيع الاتفاقيات الأمنية والعسكرية الخليجية مع الدول الإفريقية، ولعل مشاركة بعضها في "مناورات رعد الشمال" في فبراير 2016م، مقدمة لمأسسة الحضور الخليجي بشكل أوسع على الصعيدين الأمني والعسكري بإفريقيا.
بكلمة، إن تحول القارة الإفريقية إلى ساحة للتنافس الدولي وبروز القوى الآسيوية كفاعل مهم في القارة، يفتح الآفاق لتنسيق علاقات دول الخليج العربي بهذه القوى على الصعيد الإفريقي. وتشكل الأدوات الثقافية والتعليمية والاقتصادية والأمنية والعسكرية التي تعتمدها الصين فرصة للاستفادة من تجاربها واعتماد مثلها من قبل الدول الخليجية، مع التعاون مع حلفائها الاستراتيجيين لتحقيق أكبر المكاسب الممكنة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*أستاذ بمؤسسة البحوث الاستراتيجية الدولية (أوسك) ـ أنقرة ـ تركيا
[1]John P. Tuman and Majid Shirali, “The Political Economy of Chinese Foreign Direct Investment in Developing Areas”, Foreign Policy Analysis, 2015, p:4.
[2]Ivar Kolstad & Arne Wiig,"Better the Devil You Know? Chinese Foreign DirectInvestment in Africa", Journal of African Business, Vol.12,N.1, 2011, pp:35-37.
[3]Ross Anthony, “Infrastructure and influence: China's presence on the coast of East Africa”, Journal of the Indian Ocean Region, Vol. 9 , N.2, 2013, p:135.
[4] Ana Cristina Alves, “China's ‘win-win’ cooperation: Unpacking the impact of infrastructure-for-resources deals in Africa”, South African Journal of International Affairs, Vol.20, N.2, 2013, P:214.
5JuanZhang, William X., “Strategic Entry and Determinants of Chinese Private Enterprises Into Africa”, Journal of African Business , Vol. 14, N. 2, 2013, p:100.
[6] Richard Schiere and Alex Rugamba, “Chinese Infrastructure Investments and African Integration”, African Development Bank, Working Papers, No 127- May 2011, pp: 12-18.
[7] If Africa builds nests, will the birds come? Comparative Study on Special Economic Zones in Africa and China, International Poverty Reduction Center in China and United Nations Development Programme China, Working Paper series, N: 06.2015, Beijing, May 2016, P:13.
[8]Deborah Brautigam, Chinese Aid and African Development: Exporting Green Revolution, Palgrave Macmillan, New York, 2010, pp: 139-174.
[9] Franklyn Lisk, “‘Land grabbing’ or harnessing of development potential in agriculture? East Asia's land-based investments in Africa”, The Pacific Review, Vol.26, N.5, 2013, pp:568 -575
[10] Deborah Bräutigam & Haisen Zhang, “Green Dreams: Myth and Reality in China’s Agricultural Investment in Africa”, Third World Quarterly, Vol. 34, N. 9, 2013,P:1686.
[11]Efem N. Ubi, “ForeignAidandDevelopmentinSino-AfricanRelations ”, Journal of Developing Societies, Vol: 30, N: 3, 2014, P:253.
[12]Deborah Bräutigam & Haisen Zhang, “Green Dreams: Myth and Reality in China’s Agricultural Investment in Africa”, Third World Quarterly, Vol. 34, N. 9, 2013,P:1682.
[13]Lucy Corkin, “Redefining Foreign Policy Impulses toward Africa: The Roles of the MFA, The
MOFCOM and China Exim Bank”, Journal of Current Chinese Affairs, Vol:40, N: 4, 2011, P:68.
[14] Karl P. Sauvant & Victor Zitian Chen, “China’s regulatory framework for outward foreign direct investment”, China Economic Journal, Vol.7, N.1, 2014, P: 154.
[15] Merriden Varrall, “Domestic Actors and Agendas in Chinese aid Policy”, The Pacific Review, Vol.29, N.1, pp:35-36.
[16] Paul Tiyambe Zeleza, “The Africa-China relationship: challenges and opportunities”, Canadian Journal of African Studies, Vol.48, N.1, 2014, P:150.
[17] “The China-Africa Development Fund Opens First Representative Office in Africa”, http://www.cadfund.com/en/NewsInfo.aspx?NId=402
[18] Dr Sven Grimm and Elizabeth Schickerling, The China-African Development Fund (CADFund) as a sovereign wealth fund for Africa’s development?, Centre for Chinese Studies , Policy Briefing, July 2013, P: 4.
https://www.die-gdi.de/uploads/media/CCS_PB_CADFund_July_2013.pdf
[19] Matthias Busse, Ceren Erdogan and Henning Mühlen, “China’s Impact on Africa – The Role of Trade, FDI and Aid”, KYKLOS: İnternational Review for Social Sciences, Vol. 69, N. 2, May 2016, p: 234.
[20] Liu Haifang, “China’s development cooperation with Africa: historical and cultural perspectives”, Book Chapter in: Fantu Cheru and Cyril Obi (Editors), The rise of China and India in Africa Challenges, opportunities and critical interventions edited by, Zed Books, London - New York, 2010, pp: 56 – 57.
[21] Bjørn H. Nordtveit, “An emerging donor in education and development: A case study of China in Cameroon” , International Journal of Educational Development, Vol. 31,2011, P:101.
[22] الإحصائيات مأخوذة من الموقع الإلكتروني لمعهد كونفوشيوس. للتفصيل أنظر:
http://english.hanban.org/node_10971.htm
[23]HouLiqiang,“China-Africa Project Hope finishes 23 schools”,http://www.chinadaily.com.cn/world/2015-09/30/content_22016056.htm
[24] Kenneth King, China's Aid and Soft Power in Africa: The Case of Education and Training, JamesCurrey, Grand Britain, FirstPublished2013, pp:29-54.
[25] : Iginio Gagliardone, “China as a persuader: CCTV Africa's first steps in the African mediasphere”, Ecquid Novi: African Journalism Studies, Vol.34, N.3, 2013, P:26.
[26] Iginio Gagliardone and Sam Geall, China in Africa’s media and telecommunications: cooperation, connectivity and control, Norwegian Peacebuilding Resource Centre, Expert Analysis, April 2014, pp: 2-3.
[27] Yu - Shan Wu, The Rise of China’s State-Led Media Dynasty in Africa, South African Institute of International Affairs, Occasional Paper N: 117, June 2012, pp:13 – 15.
[28] XuJing, LiuPeilong, andGuoYan, “Health Diplomacy in China”, Global Health Governance, Vol. 4, N. 2 , Spring 2011, p:7.
[29]Huang Yanzhong, “DomesticPoliticsandChina’sHealthaidtoAfrica”, China: An International Journal, Vol.12, N.3, December, 2014, P:182.
[30] Gordon C. Shen and Victori Y. Fan, “China’s provincial diplomacy to Africa: applications to health cooperation”, Contemporary Politics, Vol. 20, No. 2, 2014, p:190.
[31]Karen A Grépin, Victoria Y Fan, Gordon C Shen and Lucy Chen, China’s role as a global health donor in Africa: what can we learn from studying under reported resource flows? , Globalization and Health, Vol :10, N.84, 2014, p:6.
[32] Isabel Jane DoCampo, A Rival to the West? Comparing the Effects of Chinese and World Bank Health Aid on Health Outcomes in Sub-Saharan Africa, A Thesis presented to the Undergraduate Faculty of the College of William and Mary in Candidacy for the Degree of Bachelor of Arts, The College of William and Mary May Westfield, New Jersey, 2015, P:61.
http://publish.wm.edu/cgi/viewcontent.cgi?article=1154&context=honorstheses
[33] ZHANG BiKe and GAO George Fu, “A new chapter for China’s public health security —aids offered to Africa to combat Ebola”, Science China, Life Sciences, Vol.58 N.1:, January 2015, p:115.
[34] Gordon C. Shen and Victori Y. Fan, “China’s provincial diplomacy to Africa: applications to health cooperation”, Contemporary Politics, Vol. 20, No. 2, 2014, pp: 193 – 197.
[35] Elisabeth Hsu, “Medicine as business: Chinese medicine in Tanzania, Book Chapter in Chris Alden”, Daniel Large, Ricardo Soares de Oliveira (Editors), China Returns to Africa: A Rising Power and a Continent Embrace, HurstPub publishers Ltd, London, 2008, pp: 232- 233.
[36] Lloyd Thrall, China’s Expanding African Relations: Implications for U.S. National Security, Published by the RAND Corporation, Santa Monica, Calif, 2005, P:54.
[37]MalteBrosig, CooperativePeacekeepinginAfrica: ExploringRegimeComplexity, London & New York: Routledge, 2015, p:174.
[38]Lyle Morris and Larry Hanauer, “Dragon Watching its Tail: China’s Evolving Engagement Strategy in Africa”, book chapter in: China's Great Leap Outward Hard and Soft Dimensions of A Rising Power, Andrew Scobell And Marylena Mantas, Editors, TheAcademyofPoliticalScience, New York,June2, 2014, P:112.
[39] Yun Sun, Africa in China’s Foreign Policy, Brookings Institution, 2014,P:24.
[40] Anna Moller-Loswick, Thomas Wheeler, ShowersMawowaandRichardSmith, “China-Africa FOCAC Summit: how China can help African countries advance peace in the 2030 Agenda”, http://www.saferworld.org.uk/news-and-views/comment/194-china-africa-focac-summit-how-china-can-help-african-countries-advance-peace-in-the-2030-agenda
[41] Hany Besada, Jiajun Xu, Annalise Mathers & Richard Carey, “Advancing African Agency in The New 2030 transformative development agenda”, African Geographical Review, 2016, p:7.
[42] Serge Michel, Michel Beuret, China Safari: On the Trail of Beijing's Expansion in Africa, Translated By Raymond Vally, Nation Books, New York, 2009, pp:131-144
[43] Lloyd Thrall, China’s Expanding African Relations: Implications for U.S. National Security, Published by the RAND Corporation, Santa Monica, Calif, 2005, P: 55.
[44]Ashley Cowburn, “Two-thirds of African countries now using Chinese military equipment, report reveals”, http://www.independent.co.uk/news/world/africa/two-thirds-of-african-countries-now-using-chinese-military-equipment-a6905286.html
[45]Fouad Farhaoui, The Great Power Struggle for Africa: The Crisis in Mali, International Strategic Research Organization (USAK) Report N: 13-03, April 2013, pp: 48-49.
[46]Yao Jianing, “Kenyan military leader visits Chinese peacekeepers in South Sudan ”, http://english.chinamil.com.cn/news-channels/china-military-news/2015-12/16/content_6819220.htm
[47]Huaxia, “China, Mozambique establish comprehensive strategic cooperative partnership ”,http://news.xinhuanet.com/english/2016-05/18/c_135369704_2.htm
[48]Ouyang, “PLA navy commander starts visit to Egypt, South Africa and Pakistan”, http://english.chinamil.com.cn/news-channels/china-military-news/2016-05/10/content_7046503.htm
[49] Nektarıa Stamouli, “Greece Signs Deal to Sell Stake in Port of Piraeus to China’s Cosco”, http://www.wsj.com/articles/greece-signs-deal-to-sell-stake-in-port-of-piraeus-to-chinas-cosco-1460130394
[50]SébastienLe Belzic, “ L’Ethiopie, la bonne élève de la Chinafrique”, http://www.lemonde.fr/afrique/article/2015/05/18/l-ethiopie-la-bonne-eleve-de-la-chinafrique_4635502_3212.html
[51] Daouda Cissé,”African Traders in Yiwu: Their TradeNetworks and Their Role in theDistribution of ‘Made in China’Products in Africa”, The Journal of Pan African Studies, vol.7, N.10, May 2015, pp: 45- 50.