array(1) { [0]=> object(stdClass)#13490 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

العدد 113

التواجد العسكري الكوري بالخليج: القوة البحرية الكورية الأهم كوريا الجنوبية شريك للخليج بدون أطماع والترامبية قاسم مشترك

الأربعاء، 02 تشرين2/نوفمبر 2016

تمثل كوريا الجنوبية والشرق الأوسط بشكل عام طرفي جدلية الثابت والمتحرك في النزاعات،فالحرب تخيم على أجواء الطرفين، إلا أنها قد ثبتت على حالها في كوريا بعد وقف إطلاق النار في 27 يوليو 1953م، للحرب التي اندلعت في 25 حزيران / يونيو 1950م، وقسمت شبه الجزيرة الكورية إلى شمالية شيوعية وجنوبية رأسمالية. والحرب الكورية كانت المواجهة الأولىبين المعسكرين في الحرب الباردة،وقد وضعت المعايير والحدود للصراع،وثبتت نظرية الحرب المحدودة، حتى لا تصل موسكو وواشنطن إلى استخدام الأسلحة النووية.

 وعلى عكس ذلك نجد أن النزاعات متحركة في الشرق الأوسط بعكس الوضع في كوريا.وقد انتقل الخليج من طرف الشرق الأوسط إلى مركز أحداثه منذ حرب الخليج الأولى 1980.كما تعاظمت القوة العسكرية الخليجية من خلال اعتمادها على القوة الشرائية لها حيث ارتبطت عسكريًا بقوى عالمية غربية لعدم امتلاكها تكنولوجيا الصناعات العسكرية. ومع ازدياد التعقيد والتشابك في الظروف الإقليمية والدولية الذي رافقه استدارات استراتيجية حادة، تجد دول الخليج نفسها مجبرة على فتح وثائق الحوارات الاستراتيجية التي أجرتها مع دول العالم. حيث يظهر واقع العلاقات بين دول مجلس التعاون الخليجي وجمهورية كوريا الجنوبية آفاق اقتصادية مشرقة، فدول المجلس تعتبر الشريك التجاري الثاني لكوريا الجنوبية بعد الصين، والهياكل الاقتصادية في كوريا الجنوبية ودول مجلس التعاون الخليجي تكمل كل منها الأخرى. وبما أن مجلس التعاون يجري العديد من الحوارات الاستراتيجية مع دول ومنظمات إقليمية بهدف تعزيز العلاقات معها، وفتح آفاق جديدة لتوسيع مصالح دول المجلس في جميع الأصعدة، على المستوى الجماعي.  فيمكن دفع الأمور إلى ظروف بين جمهورية كوريا ودول مجلس التعاون عبر الحوارات الاستراتيجية والتي تم منها اثنان حتى الآن. فهل لكوريا الجنوبية دور في ترتيبات أمن الخليج وما فرص نجاح هذا الدور وتعقيداته، وما هو الدور الأمني المناسب لكوريا الجنوبية في الخليج العربي عبر التعاون مع دول الخليج؟

 

- فرص نجاح الدور العسكري لكوريا الجنوبية بمنطقة الخليج

  

*توثيق العلاقات الاستراتيجية

في تقديرنا أن كوريا الجنوبية دولة ذات دورة دموية صناعية تمر على عقل استراتيجي، هذا العقل أوصلهم لقناعة أن صناعة طائرة من طراز "تي 50" مسألة تتطلب استعمال 300 ألف قطعة مختلفة، وهو أمر يزيد بواقع عشرة أضعاف على صناعة سيارة. الجهد الذي يبذل في صناعة 16 طائرة فوق صوتية يماثل الجهد المبذول في صناعة عشرين ألف سيارة. صناعة الطيران العسكري صناعة مكلفة وصعبة ودقيقة وتتطلب معرفة ومهارة، لكنها تحقق ربحية ممتازة. وعليه قادت الحكومة حملات دبلوماسية دعائية وترويجية واسعة لتعريف العالم بقدرات كوريا في مجال الصناعات والتقنيات العسكرية المتطورة، فعندما حان موعد تصدير أول طائرة عسكرية كورية جنوبية من طراز "تي 50" إلى إندونيسيا. عبر صفقة تضم 16طائرة من هذا النوع، أصرت سيئول أن يكون التسليم على دفعاتٍ بواقع طائرتين في كل مرة. لكن ليس عن طريق الشحن بالسفن كما هي العادة، بل من خلال طيرانها المباشر إلى إندونيسيا، ليؤكد أن كوريا واثقة تماما من سلامة وفعالية الطائرات المتعاقد عليها[1].وتعتبر كوريا الآن الدولة العاشرة عالميًا من حيث القدرات الصناعية العسكرية. مما يعني أن أسواقًا عديدة قد تصبح مفتوحة أمام الصناعات العسكرية الكورية . ومنها أسواق دول الخليج العربي.

 

وتريد كوريا الجنوبية تعزيز صادرات الأسلحة، فقد أعلنت بأنها ستزيد من صادرات الأسلحة التي تنتجها إلى مستوى 4 مليارات دولار وتضاعف عدد العاملين في قطاع الصناعات العسكرية بمقدار 50 ألف عامل بحلول عام 2020م. وتسعى حكومة سيئول إلى تجديد قطاع الصناعات العسكرية وتطويره حيث كان يركز كثيرًا على الطلب المحلي، وتستغل التطور التكنولوجي المدني في تحويل هذه الصناعات إلى تصديرية. وأشار تقرير اللجنة الحكومية بأن 91 شركة صناعات عسكرية محلية تنافست بحدة على سوق محلية[2].وستقود المجمع الصناعي العسكري الكوري كوريا للصناعات الجوية هي شركة وطنية كورية جنوبية، وهي شركة صناعات جوية وفضائية تأسست عام 1999 بدعم من سامسونج للصناعات الجوية، ودايو للصناعات الثقيلة، وهيونداي للطائرات والفضاء.

 

*خطر كوريا الشمالية وتشابه الظروف الاستراتيجية.

 

تتشابه إيران في تهديدها لدول الخليج نوويًا مع كوريا الشمالية التي تعهدت في وقت سابق بتعزيز قدراتها وردعها النووية، مهددة كوريا الجنوبية رغم العقوبات المفروضة عليها والتنديد من قبل الأمم المتحدة. وعليه كوريا الجنوبية تشبه الخليج كبلد مزدهر بجانب بلد كبير بائس يلوح بالقوة والاستحواذ. وكما انتهت الحرب العراقية الإيرانية 1980ثم حرب تحرير الكويت 1991وحرب تحرير العراق 2003م، إلا أن استقرار الخليج لازال يمر ببعض المعكرات. نجد أن القتال قد انتهى في شبه الجزيرة الكورية بموجب اتفاقية الهدنة عام 1953، ولكن الصراع لم ينته بشكل رسمي حتى الآن. فالحرب مع كوريا الشمالية واستعداد كوريا الجنوبية الدائم جعل هناك تشابه في الظروف الاستراتيجية . كما تتعاون إيران وكوريا الشمالية في مجال الصواريخ ففي 25 من يناير 2011م، نشرت "مؤسسة الدراسات الاستراتيجية" بلندن تقريرًا تحت عنوان "كوريا الشمالية. القضايا الأمنية"، خصصت قسمًا منه لتطور القدرات الصاروخية والذرية لبيونغ يانغ وتعاونها مع طهران في مجال صنع صواريخ بعيدة المدى قادرة على حمل رؤوس نووية[3].

ورغم أن المشروع النووي الكوري الشمالي يعتمد على البلوتونيوم، والمشروع الإيراني على اليورانيوم المخصب، إلا أن هناك تعاون بينهما في مجال التسلح، ربما تعاون في التكنولوجيا النووية بناء على معلومات سرّبتها شبكة عبد القدير خان، الأب للمشروع النووي الباكستاني. وتشير معلومات كشفتها الولايات المتحدة إلى تعاون نووي كوري مع سوريا. ويعود التعاون بين الدولتين إلى عام 1997م، تاريخ تسريب كوريا الشمالية تكنولوجيا بناء مفاعل إنتاج البلوتونيوم إلى سورية، وإرسالها مستشارين ذريين وخبراء إلى سورية، وتزويدها بأجهزة ومواد[4].وعليه فكوريا الشمالية تقف في العسكر المناوي لدول الخليج ليس في مجالات التسلح الإيراني أو السوري بل ومسرح العمليات السوري ففي عام 2013م، قال مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان أن ضباط كوريين شماليين يشاركون جنبًا إلى جنب مع القوات النظامية في القتال في حلب، فهناك بالتأكيد ما بين 11 و15 ضابطًا من كوريا الشمالية والغالبية منهم يتكلمون اللغة العربية، وهم ينتشرون في عدة جبهات مثل معامل الدفاع إلى الجنوب الشرقي من حلب وفي قواعد القوات النظامية[5]. بل أن العامل الدفاعي المشترك لدول الخليج وكوريا الجنوبية وهي الولايات المتحدة الأمريكية، تستخدم نفس العقيدة الدفاعية لكلا الطرفين، فكما تسوق للدرع الصاروخي الخليجي المصنع أمريكيًا، تعتزم واشنطن نشر صواريخ «ثاد» بكوريا الجنوبية فمنظومة الدفاع الجوي الصاروخية «ثاد» ستعزز القدرات الدفاعية لكوريا الجنوبية في ظل تهديدات متزايدة من جارتها الشمالية[6].

*التحولات الأميركية

 

تشترك دول الخليج وكوريا الجنوبية في أجندات البيت الأبيض إذا وصل لسدة الحكم المرشح الجمهوري دونالد ترامب. ويمكن للتشابه أن يكون في جانبين الأول هو ما يسميه "عدم مجانية الركوب"NO  Free Ride فقد قال ترامب : «ندافع عن اليابان، وندافع عن ألمانيا، وندافع عن كوريا الجنوبية، وندافع عن السعودية، ندافع عن عدد من الدول. ولا يدفعون لنا (مقابل ذلك) شيئًا، لكن ينبغي عليهم أن يدفعوا لنا، لأننا نوفر لهم خدمة هائلة ونخسر ثروات. كل ما قلته هو أنه من المرجح للغاية أنهم إن لم يدفعوا حصتهم العادلة. قد يضطروا إلى الدفاع عن أنفسهم أو عليهم مساعدتنا، فنحن دولة لديها ديون تبلغ 20 ترليون دولار، عليهم مساعدتنا».

المصير المشترك في تهديدات ترامب يدل إلى أن على الخليج وكورياالجنوبية دفع ما يلزم من الأموال لتقديم الحماية[7].أما الجانب الثاني فهو تهديداته بزوال المظلة النووية عن نفس الأطراف مما يعني دولها في سباق تسلح نووي، ولعل كوريا الجنوبية خير عون لدول الخليج في ذلك.

 

-* كوريا شريك ثقة على المدى البعيد

 

عانت دول الخليج من تعقيدات التعامل مع دول الغرب في مجال التسلح. فقد كانت عمليات الابتزاز الغربية الواسعة تتم تحت مظلات حقوق الإنسان والديمقراطية والسلام وعدم الاعتداء. فقد شعر صُنّاع القرار في أبو ظبي بأن الولايات المتحدة وبعض الدول الغربية الأخرى التي تسعى إلى الحصول على العقد النووي الإماراتي ربما ستحاول استخدام عقد المشروع النووي كوسيلة لممارسة الضغط والابتزاز السياسي على حكومة الدولة عندما تستدعي الحاجة إلى ذلك. وقد تعزّز هذا الشعور الإماراتي نتيجة للصعوبات التي مرت بها عملية إقرار اتفاقية التعاون النووي الإماراتي مع الولايات المتحدة خلال مناقشة الكونغرس الأمريكي للمشروع. فكان اختيار التحالف الكوري الجنوبي كمتعهِّد لتنفيذ المشروع النووي الإماراتي يتضمن هدف تقليل مخاطر التدخلات السياسية[8].فعملية تقييم الثقة بالطرَف الشريك على المدى البعيد ستكون منذ الآن عاملًا مهمًا في العلاقات التسليحية الخليجية.

 

*قوة كوريا الجنوبية العسكرية

 

منذ الحرب العالمية الثانية، تحتفظ جمهورية كوريا الجنوبية بقواعد عسكرية أمريكية فوق أراضيها، وبعد الحرب الكورية (1950 – 1953م) وقعت معاهدة الدفاع المشترك والتحالف مع الولايات المتحدة وتنص على قيادة أمريكية للقوى المسلحة المتحالفة في أي نزاع ضد كوريا الجنوبية. وقد شاركت القوات المسلحة الكورية كحليف في الكثير من الحروب التي قامت بها الولايات المتحدة من فيتنام إلى أفغانستان والعراق. ويقدر عدد الجنود الأميركيين في هذه القواعد بما بين 25 إلى 30 ألف جندي.

ويتألف الجيش في كوريا الجنوبية من جميع صنوف الأسلحة والقوات البرية المعروفة في العالم. أما سلاح الجو فيضم نحو 65 ألف جندي، وأكثر من 800 طائرة، وكوريا الجنوبية من بين الدول العشر الأولى صاحبة أقوى أسلحة الجو في العالم. بأنواع مختلفة من الطائرات الأميركية والفرنسية والروسية الحديثة. كما أنتجت الصناعة الحربية الكورية منذ عقد من الزمن الطائرة المقاتلة الخفيفة «ت. أ 50» أو «النسر الذهبي». كما تعمل على إنتاج طائرة شبحية وقمر اصطناعي وتسعى لزيادة قدراتها الصاروخية البالستية والدفاع الجوي الصاروخي. والقوة البحرية هي التي نعول على التعاون الوثيق معها في الخليج العربي حيث تمتلك كوريا الجنوبية ميزانية عسكرية بلغت 29 مليار دولار تقريبًا، و190 قطعة بحرية، هي 12 مدمرة و14 غواصة و114 زورقًا حربيًا وللخفر و10 كاسحات ألغام و13 سفينة وزورقًا للإنزال البري[9]. وتعد البحرية الكورية الجنوبية من بحريات المياه الزرقاء حيث يُطلق لقب "المياه الزرقاء" على القوات البحرية التي تملك قدرة على إبراز قوتها على المناطق الساحلية من العالم، والمشاركة والاستجابة السريعة للأزمات الإقليمية.

 

-التحديات

 

*المظلة الأمريكية وفقدان روح الإبداع

حتى عام 2015م، كانت لكوريا الجنوبية شراكة عسكرية مع الولايات المتحدة تحددها اتفاقية الدفاع المشترك الموقعة في 1951م. وبموجبها يتولى قائد الأسطول السابع الأمريكي قيادة مشتركة للقوات البحرية، للدفاع عن شبه الجزيرة الكورية؛ في حالة الأعمال العدائية، كما تقع كل القوات البحرية في مسرح العمليات تحت إمرة قائد الأسطول السابع الأمريكي[10]. هذه الإجراءات ولسنوات طويلة وطنت المنهجية العسكرية الأمريكية في العمل، كما خلقت قصور لدى القادة الكوريين الذين لم يعملوا منذ 50 عامًا إلا تحت وصاية وتوجيهات أمريكية فقتلت روح الإبداع والاستقلالية.

* قدرة كوريا الجنوبية على فتح القوات على مسافات بعيدة

يعد الحشد من أهم مبادي الحرب وليس لكوريا الجنوبية قواعد أو تسهيلات في منطقة الخليج العربي وعليها فهل تستطيع القيادة العسكرية الكورية تنظيم حشد جسر جوي وبحري، لنقل آلاف الجنود، والدبابات والعربات المدرعة والمدافع، وأطنان من مواد الإعاشة والذخائر والمعدات، من طرف القارة الآسيوية لطرفها الآخر، والوصول لمسرح عمليات محدود، من دون أي اختناق أو حوادث أو مصاعب، في توقيتات قياسية. ثم فتح قواتها" Power Projection"على هذه المسافة البعيدة. حتى ولو بحشد متدرج، لتأمين العمليات الدفاعية، ثم التحول إلى العمليات الهجومية. وهل قواتها البحرية قادرة على الاسهام في عملية نقْل بحري استراتيجي كبيرة للقوات في زمن ومسرح محدودَين.

 

*العلاقات الخليجية مع كوريا الشمالية

*العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية

قد تعيق العلاقات الخليجية الكورية الشمالية تطور العلاقات مع سيئول، فعندما كانت هناك منافسة دبلوماسية بين كوريا الشمالية وكوريا الجنوبية لمعرفة أي دولة لديها سفارات أكثر في جميع أنحاء العالم، ظلت كوريا الشمالية بمعزل عن غيرها من البلدان في جميع أنحاء الخليج العربي. وبعد انهيار الاتحاد السوفياتي وفتور العلاقات مع الصين، بحثت كوريا الشمالية عن أصدقاء جدد، فبدأت إقامة علاقات رسمية مع دول مجلس التعاون الخليجي، في البداية مع سلطنة عمان في عام 1992م، ومن ثمّ قطر في عام 1993م، ثمّ الكويت والبحرين في عام 2001م، ودولة الإمارات العربية المتحدة في عام 2007م.  ثم بدأت كوريا الشمالية التفاعل الاقتصادي مع دول الخليج على نحو جاد من خلال سفارتها في الكويت في المقام الأول. حيث انتشر العمّال الكوريون الشماليون في دول مجلس التعاون الخليجي في صناعات البناء والتشييد. فهناك أكثر من 3000 عامل في الكويت، و1300 في دولة الإمارات العربية المتحدة، و300 في عمان. وما يصل إلى 3000 في قطر حيث انضموا إلى العمّال من جنوب آسيا وغيرهم في ظلّ استعداد البلاد لاستضافة لنهائيات كأس العالم 2022م.

*العلاقات العسكرية

كما تشتهر كوريا الشمالية بعلاقاتها العسكرية، خاصة في مبيعات الأسلحة لمختلف دول العالم. لقد كان الشرق الأوسط مقصدًا رئيسيًا للصادرات . وشمل ذلك دول الخليج لكنَّ العقوبات الدولية أدت إلى تراجع كبير في هذه الشبكة من العلاقات العسكرية. وفي مقال نشره موقع "ناشيونال إنترست"، أشار زاكاري كيك إلى أنَّ المملكة العربية السعودية، ردًا على برنامج إيران النووي، قد تحصل على قنبلة نووية من كوريا الشمالية. حُجته تتلخص في التالي: كوريا الشمالية بحاجة إلى راعٍ ثري ليحل محل الصين المتناقضة على نحو متزايد، والمملكة العربية السعودية لديها الكثير من المال، وبالتالي قد يتوصل البلدان إلى تسوية مؤقتة[11].لكن ذلك يبقى تحليلا لأنَّ كوريا الشمالية والسعودية ليس بينهما أي توافق. كإيران أو سوريا، والمملكة حليف وثيق للولايات المتحدة. إنَّ مستقبل العلاقات بين كوريا الشمالية ودول مجلس التعاون الخليجي من المرجح أن يسير في سياق مماثل، في شكل علاقات رسمية وثيقة، مع تعاون عسكري محدود، وشراكة اقتصادية قائمة إلى حد كبير على توفير كوريا الشمالية للعمّالة الماهرة ذات الأجور المنخفضة[12]، لكنهتعاون يبقى في خانة المتحدي للعلاقات مع سيئول.

- إمكانية التواجد العسكري الكوري الجنوبي في الخليج

 

ستبقى إمكانية التواجد العسكري الكوري الجنوبي في منطقة الخليج مستقبلًا على ضوء تغير التحالفات التقليدية الدولية والإقليمية وتخفيف التواجد الأمريكي في المنطقة محصورة في مجالات محدودة منها:

 

* عمليات مكافحة الإرهاب

 

وافقت كوريا الجنوبية على الإطار الاستراتيجي المشترك لمكافحة آفة الإرهاب، أي: استراتيجية الأمم المتحدة العالمية لمكافحة الإرهاب. لتعزيز جهود المجتمع الدولي وفق دعائم أربع تضم معالجة الأوضاع التي تساعد على انتشار الإرهاب؛ ومنع الإرهاب ومكافحته؛ وبناء قدرات الدول الأعضاء على منع الإرهاب ومكافحته وتعزيز دور منظومة الأمم المتحدة في هذا الصدد؛ وضمان احترام حقوق الإنسان للجميع وسيادة القانون باعتبارهما الركن الأساسي لمكافحة الإرهاب . فقد وصل الإرهاب إلى كوريا فقد حذرت مخابرات كوريا الجنوبية من خطر داعش على قواعد أمريكية بالبلاد وأضافت المخابرات أن القوات الخاصة لمكافحة الإرهاب سترسل على الفور للتصدي لأي عمليات إرهابية[13]. ويرجع مكمن الخطورة الى أن مطارات مدنية تتشارك في مدارج الطائرات مع مطارات عسكرية أميركية، ومن هنا يمكن أن تستفيد دول الخليج من الجهود الكورية لمكافحة إرهاب المطارات خصوصًا أن الحزب الحاكم في كوريا الجنوبية قد أعلن زيادة ميزانية مكافحة الإرهاب في هذا المجال.

 

  * قوة الواجب البحري في الخليج CTF150

 

لقد كانت قوة العمل 150 من تشكيل أمريكي صرف ثم تحول إلى جهد متعدد الجنسيات تحت اسم قوة العمل المشتركة 150، وكلفت بمهمة جديدة وهي إعادة التركيز على الأمن البحري ومكافحة الإرهاب في الخليج العربي وبحر العرب والبحر الأحمر. وبعد نجاح القراصنة الصوماليين في اختطاف سفن صيد كورية جنوبية، سارعت كوريا بإرسال مدمراتها البحرية الخمس المزودة بالصواريخ والطائرات العمودية إلى مناطق القراصنة قبالة السواحل الصومالية[14]، وترأست جمهورية كوريا مجموعة العمل رقم 3، التي تعمل بدرجة وثيقة مع صناعة النقل البحري لتعزيز الوعي وبناء القدرات لدى البحارة العابرين للمنطقة، ودعم دول المنطقة في مجال تطوير قدراتها الأمنية البحرية المستدامة. كما كانت جزء من المناورات البحرية الضخمة التي قادتها في فترات مختلفة بحريات دول مجلس التعاون.

 

* عمليات الأمم المتحدة

 

تساهم كوريا الجنوبية في عمليات حفظ السلام في مناطق كثيرة من العالم، وتقدم خدماتها المتنوعة بكفاءة في بقعة انتشارها، ولعل مرد ذلك أن كوريا لم يحفظ استقلالها إلا قوات حفظ السلام التي نزلت هناك منذ مطلع الخمسينيات، فكوريا من المؤمنين بالعمل الأممي، فالأمين العام للأمم المتحدة الحالي بان كي مون هو كوري جنوبي وكان وزيرًا لخارجية بلاده قبل تعيينه في هــذا المنصــب الأممــي الرفيــع. ويمكن أن يتم التعاون بين دول الخليج وكوريا الجنوبية من خلال وحدات القبعات الزرقاء التي كانت جزء من قوات نزلت قرب حدود الكويت بعد تحريرها، كما يمكن أن تتعاون مع القبعات الزرق الاماراتية التي هي أنشط دول الخليج في مضمار القضايا التي تفرض نفسها على الضمير الإنساني.

 

* التعاون في مجال الطاقة النووية.

 

يمكن استثمار التعاون الكوري الجنوبي الخليجي في مجال الطاقة النووية فهناك مذكرة تفاهم بشأن التعاون في مجال الطاقة النووية مع الرياض تتضمن بناء مفاعلين نوويين على أراضي المملكة من طراز سمارت (SMART) بقيمة ملياري دولار، بعد الدراسات التي أجرتها مدينة الملك عبد الله للطاقة الذرية والمتجددة خلصت إلى إمكان إنشاء المفاعل النووي للأغراض السلمية شرق المملكة أو غربها[15].  وانتهي إلى اتفاق إطار" حول التعاون الفني وتطوير وتبادل الخبرات في مجال الطاقة النووية السلمية. وكان الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز قد أسس مدينة الطاقة الذرية في 2010 م، من أجل تطوير الطاقات البديلة لا سيما الطاقة الذرية[16]. وفي الدوحة وفي إطار استعدادات لما بعد عصر النفط، ظهرت نوايا لبناء مفاعلات نووية مع كوريا التي أكدت أنها لا تطور طاقة نووية لأغراض عسكرية وأنها تركز على الاستخدامات السلمية[17].بل إن التعاون الأوسع في مجال التعاون النووي هو ما تم حتى الآن بين كوريا الجنوبية ودولة الإمارات العربية المتحدة.

 

  *التعاون الأمني القائم مع كوريا الجنوبية

 

أشكال التعاون على مستوى القوات المسلحة بين كوريا الجنوبية ودول الخليج متواصل من خلال الزيارات والقيام بالمناورات العسكرية والإنتاج المشترك للعتاد العسكري وإبرام اتفاقيات ومعاهدات من أجل تحديث معدات الجيوش وتزويدها بالأسلحة أو توحيد الجهود من أجل تطوير التكنولوجيا العسكرية. فمع الرياض تعود زيارات المجموعة البحرية الكورية الجنوبية وتعاونهما منذ عام 1954م[18]. وكانت آخرها رسو مجموعة تدريب طوافة تابعة للبحرية الكورية في ميناء جدة الإسلامي مكون من المدمرة "كانج جام تشان"، التي تزن 4400 طن، وسفينة الإمداد للقتال السريع "تشن جي"، التي تزن 4200 طن، اللتين تحملان على متنهما طاقمًا مكونًا من 620 عضوًا، منهم 129 ضابطًا بحريًا، وتم بين الطرفين تمارين بحرية مشتركة ضمن مناورات تكتيكية لتعزيز القدرات العملياتية المشتركة بين البلدين. كما أن هناك مناقشات مع الجانب الكويتي بشأن التعاون العسكري مع كوريا الجنوبية لتحديث الآليات والمدرعات العسكرية الكويتية، فضلًا عن مشاورات لصيانة المدرعات بالكامل، إلى جانب مفاوضات لشراء أسلحة كورية حديثة[19]. ومع الإمارات تقيم كوريا الجنوبية تعاون في مجال الأسلحة الخفيفة وأنظمة الرؤية البصرية، كما أن هناك مذكرة تفاهم بين شركات القطاع الخاص في البلدين لبناء شراكة استراتيجية لتعزيز التعاون وتبادل الخبرات والمعلومات . كما تدعم دول مجلس التعاون سيئول بإدانة التفجيرات النووية التي تقوم بها كوريا الشمالية وقيامها بإطلاق صواريخ باليستية في تحد للمجتمع الدولي، وانتهاك خطير لقرارات مجلس الأمن الدولي وتتعارض مع جهود المجتمع الدولي لمنع انتشار الأسلحة النووية وأسلحة الدمار الشامل[20].

 

*الخاتمة

 

إن من مشجعات انخراط كوريا الجنوبية سعيها الحثيث لتوثيق العلاقات الاستراتيجية مع دول عدة، كما يجمع دول الخليج معها خطر كوريا الشمالية عليها والذي خلق لها ظروفًا مشابهة لما تعانيه دول الخليج من إيران. كما أن من تشابه الظروف الاستراتيجية التحولات الأمريكية واحتمال وصول الترامبية الجشعة للبيت الأبيض، كما أن كوريا الجنوبية يمكن أن تكون شريك لا أطماع له بل له ثقة على المدى البعيد، بالإضافة إلى تمتع كوريا الجنوبية بقوة عسكرية وصناعة عسكرية متقدمة.

أما التحديات فتتمثل في بقاء المظلة الأمريكية وفقدان روح الإبداع لدى صانع القرار العسكري، بالإضافة إلى صعوبة فتح القوات الكورية على مسافات بعيدة، كما أن دول الخليج تتمتع ببعض العلاقات المفيدة مع كوريا الشمالية. أما إمكانية التواجد العسكري الكوري الجنوبي المعقول في الخليج فيمكن أن يتم عبر عمليات مكافحة الإرهاب، أو من خلال مشاركة بحرية سيئول في قوة الواجب البحري في الخليج CTF150. كما أنها قوة مشاركة باستمرار في عمليات الأمم المتحدة التي قد تشمل الخليج أو قواته. بالإضافة إلى التعاون في مجال الطاقة النووية، ثم التعاون الأمني القائم فعليًا مع كوريا الجنوبية ولو كان محدودًا. نقول ذلك رغم قناعتنا بأن عقيدة كوريا الجنوبية العسكرية لا تتعدى كونها دفاعية ومصممة لإعاقة أي احتلال في حال وجود أعمال عدائية من كوريا الشمالية، ولازالت قواتها في حاجة إلى قفزات وعملية تحديث مؤلمة حتى تحل محل القوى الغربية في الخليج.

 

[1].الوضع الراهن للصناعات العسكرية والدفاعية في كوريا .كي بي اس وورلد راديو.23 سبتمبر 2013م

http://world.kbs.co.kr/arabic/program/program_economyplus_detail.htm?No=4029

[2].كورية الجنوبية تسعى لتعزيز صادرات الأسلحة.بان أورينت نيوز

http://www.panorientnews.com/news.php?k=508

[3].التعاون الصاروخي بين طهران وبيونغ يانغ.موقع قناة العربية.13 مارس 2014م

http://tinyurl.com/hcx4wo2

 

[4]."محور" كوريا الشمالية وإيران وسورية وخصائصه العسكرية والسياسية.جريدة الحياة.عن يورام عفرون،"عدخين استراتيجي"الإسرائيلية، 6/ 2008

http://tinyurl.com/jqqj8xp

[5]. هل تقاتل كوريا الشمالية إلى جانب الأسد في سورية؟The Diplomat  - ترجمة بلدي نيوز في 25 مارس 2016م

http://tinyurl.com/jx6u8za

[6]. وكالة الأنباء الكويتية. 28سبتمبر 2016

http://www.kuna.net.kw/ArticleDetails.aspx?id=2535630&Language=ar

[7].ترامب: على السعودية واليابان وكوريا الجنوبية دفع الأموال نظير حمايتهم  27 سبتمبر 2016م

 http://tinyurl.com/hhcppsv

[8]. د. مصطفى العاني .ماذا وراء أول عقد نووي عربي؟ الإمارات والعقد النووي الكوري .مجلة آراء حول الخليج.28 اغسطس 2016م

http://araa.sa/index.php?view=article&id=865:2014-06-28-08-26-28&Itemid=172&option=com_content

 

[9] .http://www.globalfirepower.com/countries-comparison-detail.asp?form=form&country1=south-korea&country2=north-korea&Submit=COMPARE

[10].https://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A8%D8%AD%D8%B1%D9%8A%D8%A9_%D8%AC%D9%85%D9%87%D9%88%D8%B1%D9%8A%D8%A9_%D9%83%D9%88%D8%B1%D9%8A%D8%A7#.D8.A7.D9.84.D9.85.D9.87.D8.A7.D9.85_.D8.A7.D9.84.D8.AF.D9.88.D9.84.D9.8A.D8.A9

 

[11]العلاقات بين كوريا الشمالية ودول مجلس التعاون الخليج أوراسيا ريفيو – إيوان24  .25 مايو 2016  

http://tinyurl.com/hvex6ym

 

[12]العلاقات بين كوريا الشمالية ودول مجلس التعاون الخليج  أوراسيا ريفيو – إيوان24  .25 مايو 2016  

http://tinyurl.com/hvex6ym

 

[13]. مخابرات كوريا الجنوبية تحذر من خطر داعش . سكاي نيوز.20يونيو2016م

http://arabic.cnn.com/world/2016/06/20/south-korea-isis-threats-1

 

[14]. http://iipdigital.usembassy.gov/st/arabic/texttrans/2013/12/20131226289508.html#ixzz4M6NxQHBJ

 

[15].القوة العسكرية السعودية: أحدث تسليح.. أقوى تدريب .وتطوير لا يتوقف . سبق الالكترونية.01 إبريل 2015https://sabq.org/9muGHe

[16]. السعودية وكوريا الجنوبية توقعان اتفاقًا نوويًا .دي برس الخليج  3مايو 2015م

 http://www.dp-news.com/dpgulf/detail.aspx?id=4603#ixzz4M6dBPQLp

[17]. قطر وكوريا تستعدان معًا لما بعد عصور النفط . صحيفة الراية 12 ديسمبر 2015مhttp://www.raya.com/home/print/f6451603-4dff-4ca1-9c10-122741d17432/3f819bbe-d01e-4ff7-8517-0c6b4722ad69

[18]. مناورة تكتيكية بين البحريتين الكورية والسعودية . الوطن أون لاين.17اكتوبر 2011م

http://tinyurl.com/zl86xv7

[19]مقابلة مع سفير كوريا الجنوبية في الكويت .جريدة الانباء.26 اكتوبر  2016م

http://tinyurl.com/zrxq4d3

[20]. موقع الأمانة العامة لمجلس التعاون.10سبتمبر2016م

 http://www.gcc-sg.org/ar-sa/MediaCenter/NewsCooperation/News/Pages/News4511.aspx

 

مجلة آراء حول الخليج