array(1) { [0]=> object(stdClass)#13490 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

العدد 113

الأمريكيون يختارون بين أميركتين مختلفتين لا بين مرشحين للرئاسة كلينتون "المرشح التالف" و" ليست الخيار الأفضل " وترامب بدون حزب أو إعلام أو نساء

الأربعاء، 02 تشرين2/نوفمبر 2016

في عدٍ تنازلي قبل الانتخابات الرئاسية الأمريكية المقرر عقدها في الثامن من نوفمبر القادم، جاءت المناظرة الثالثة والأخيرة بين مرشحي الرئاسة، لتشهد مرشح الحزب الجمهوري وهو يسدد سهامه إلى صميم الديمقراطية الأمريكية. إنها المرة الأولى في تاريخ أمريكا التي يتجرأ فيها أحد المرشحين إلى المنصب الأعلى في البلاد على المساس بتلك المنطقة المقدسة: فعندما سئل دونالد ترامب ما إذا كان سيقوم بقبول نتائج الانتخابات، أذهلت إجابته شعبًا كان يتوقع بالفعل أي شيء منه، إلا أنه لم يرد أن يصدق بأنه سوف يشطح بعيدًا إلى هذا الحد. فقد أجاب السيد ترامب قائلا" سأقول  في حينها، سأدعكم تترقبون"!

وقد كان ذلك مقلقًا للغاية بالنسبة للأميركيين، لأن التداول السلمي للسلطة هو حجر الأساس للديمقراطية الأمريكية، ولطالما كان واحدًا من أثمن القيم الأمريكية التي يحسدها عليها العالم.  لكن هذه هي انتخابات 2016م، الانتخابات الأكثر تفردا وغرابة في تاريخ أمريكا، حيث يأمل الناخبون الأمريكيون أن تكون معاناتهم قد قربت على الانتهاء قبل انعقاد انتخابات الثامن من نوفمبر. آملين أن يكونوا قادرين أخيرا على التقاط أنفاسهم بعد انتظارهم نهايتها بفارغ الصبر.

لقد حطمت تلك الانتخابات كافة المحرمات في السياسة الأمريكية وفي مسلك المرشحين. فلا يمكن أن يكون هناك مرشحين أكثر تباينًا: مرشحة الحزب الديمقراطي: سيدة ذات خبرة واسعة وزوجة رئيس سابق، كان محل إعجاب الكثيرين، كما كرهه آخرون واعتبروه غير جديرٍ بالثقة. وهي أول امرأة على الإطلاق يتم ترشيحها من قبل أحد الأحزاب الأمريكية الرئيسية لمنصب رئيس الجمهورية، واذا ما تم بالفعل انتخابها فستكون أول امرأة تتولى رئاسة الولايات المتحدة، في خطوة تاريخية للنساء ولهذا البلد.  وهي سيدة لديها حزبها وائتلاف من المؤيدين ممن يمثلون النسيج الأمريكي من مختلف الشرائح السياسية والاجتماعية والاقتصادية في المجتمع، بل ويشمل كذلك الجمهوريين الذين وجدوا صعوبة في دعم مرشح حزبهم في هذه الانتخابات.

ومع هذا، فهي وفقًا لاستطلاعات الرأي التي يقوم بها الخبير والمحلل السياسي "جون زغبي" : "مرشح تالف"، و " ليست الخيار الأفضل في اللحظة الراهنة ". فهي تعاني من فضيحة البريد الإلكتروني التي أرقت عليها حملتها منذ البداية، إذ تم اتهامها باستخدام بريدها الإلكتروني الخاص في المراسلات السرية مع الموظفين والمسؤولين إبان عملها في وزارة الخارجية. كما تطاردها كذلك أشباح بنغازي، حيث اتهمت بأنها لم تستجب بالسرعة الكافية وتهب لإنقاذ ملحق السفارة الأمريكية هناك. وتحمل على عاتقها أيضًا ممارسات مؤسسة كلينتون، محاولةً التصدي إلى الاتهامات التي وجهت إليها من محاباة للأشخاص الذين قاموا بالتبرع للمؤسسة، ولقبولها تبرعات من جهات أجنبية.

ومن ناحية أخرى، المرشح الجمهوري الذي لم يتول منصبًا عاماً من قبل: رجل الأعمال الناجح، الذي يميل إلى المبالغة في ثرائه وفي إغداق الأموال كيفما شاء، ويتخبط في العشرات من اتهامات التحرش الجنسي والسلوك غير اللائق. وتنتهج حملته أسلوبا هو أشبه بتلفزيون الواقع وليس حملة سياسية حقيقية، حيث اعتاد توجيه الشتائم إلى معارضيه. وهو أول مرشح جمهوري لمنصب الرئاسة يقوم جميع زعماء حزبه إما بمقاطعته أو بالإعلان عن اعتزامهم عدم التصويت أو الحشد له. وردًا عليهم، قام ترامب بشن حرب شعواء ضد حزبه "المكتسب" وقياداته، زارعًا الانقسام بين جنباته. وربما يكون ترامب قد أكال للحزب الجمهوري صفعة قاسمة، قد لا يتمكن الحزب من التعافي من أثرها للأبد.  ويرى الخبراء السياسيون، وكما جاء مؤخرًا على لسان مستطلع الرأي الشهير جون زغبي " أن الحزب الجمهوري كما نعرفه، قد لقى حتفه وانتهى بغض النظر عن نتائج الانتخابات".

وقد هاجم ترامب باستمرار وسائل الإعلام ووصفها بتقديم " إعلام غير شريف". غير أن الأهم من ذلك هو قيامه باستعداء كافة الطوائف العرقية وشرائح المجتمع في هذا البلد، إذ أهان اللاتينيين والمسلمين وذوي الاحتياجات الخاصة والنساء والسود. فعل كل هذا في الوقت الذي أشاد فيه "بالرجال الأقوياء" مثل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، كما رفض التسليم بأن روسيا هي من تقبع وراء قرصنة  رسائل البريد الإلكتروني للسياسيين الأمريكيين، ومحاولتها التأثير على الانتخابات،  حتى أنه قام بمديح الرئيس السوري بشار الأسد، قائلاً أنه أكثر ذكاء من هيلاري كلينتون والرئيس أوباما.

هذان هما الشخصان اللذان سيذهب الشعب الأمريكي للاقتراع بشأنهم في الثامن من نوفمبر المقبل، ولتقرير من منهما سيكون  قائد أمريكا على مدار الأربع سنوات القادمة، أو وربما أكثر. إلا أن الناخبون في واقع الأمر، لن يذهبوا للاختيار بين مرشحين للرئاسة، بل سيذهبون للاختيار بين أميركتين مختلفتين تمام الاختلاف.

وقد تم عرض هاتين الأميركتين الشهر الماضي، من خلال حدثين هامين غيرا من مسار الحملة ومن الرأي العام  كذلك.

مقطع الفيديو

كانت حملة ترامب قد تخلفت بالفعل عن كلينتون بواقع نقطتين إلى أربع نقاط، وأضحت أكثر اهتزازا كل يوم، وذلك لأسباب مختلفة: أداء ترامب الضعيف خلال المناظرة الأولى، والتقارير الواردة بشأن خسارته مليار دولار في سنة واحدة، واحتمالية عدم قيامه بسداد ما عليه من مستحقات للضرائب لفترة تصل إلى ثمانية عشر عامًا. بالإضافة إلى استخدامه تويتر ليشن هجومًا في الثالثة فجرًا على ملكة جمال العالم ، مستعينًا بلغة بذيئة في وصفه إياها.

ثم جاء شريط الفيديو حيث تم الاستماع الى ترامب الذي كان يستقل إحدى الحافلات بصحبة منتج برنامج "الوصول إلى هوليوود"[1]، وقد كان يتفاخر بإقدامه على التحرش الجنسي بالنساء، وكيف أنهن كن يسمحن له بفعل ذلك لمكانته وشهرته. وانتشر الفيديو كالنار في الهشيم. واستغله الديمقراطيون واصفين ترامب "بالمفترس الجنسي" وبأن هذا الفيديو يعد دليلا على ارتكابه جريمة" الاعتداء الجنسي " على النساء. بينما أصر ترامب وحملته بأن هذا الحديث لا يتعدى كونه "حديثًا معتادًا في حجرة تغيير الملابس "  فدائما ما يتحدث الرجال بتلك الطريقة مع رفقائهم، لا أكثر ولا أقل. وقد استشاطت قيادة الحزب الجمهوري غضبًا، ونُقل عن أليكس سميث، رئيس اللجنة الوطنية للحزب الجمهوري قوله " إن حزب لنكولن ليس بحجرة تغيير ملابس".

وقد جلب الفيديو سيلا من الهجمات على ترامب، وتراوح موقف قيادة الحزب ما بين مطالبة ترامب بالتنحي، وبين التخلي عنه، مثلما فعل الرئيس الجمهوري لمجلس النواب، بول رايان، بإلغائه الظهور معه في أحد التجمعات، مصرحاً بتوقفه عن المشاركة في حملة دعمه، غير أنه لم يصل الى حد مطالبته بالتنحي. كما ندد زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ، ميتش ماكونيل، بتعليقات ترامب. وقام السناتور جون ماكين بسحب تأييده لترامب ، مثلما فعل أكثر من اثني عشر عضوًا في مجلس الشيوخ والكونجرس. وكما وصفت الموقف إحدى الصحف " لقد فر الجمهوريون المنخرطون في انتخابات التجديد النصفي للكونجرس في تدافع تاريخي بعيدًا عنه" ففضيحة ترامب الجديدة لا تهدد فقط حملته الانتخابية، لكنها تعد أيضًا تهديدًا للحزب الجمهوري بفقدان قبضته على مجلسي الشيوخ والنواب. فكثيرًا من أعضاء الحزب يشعرون بأنهم قد خسروا البيت الأبيض بالفعل، وأنه يجب عليهم التركيز على الفوز بانتخابات الكونجرس في مجلسي النواب والشيوخ كليهما. ويقال أن بول رايات يعمل جاهدًا على تلك الاستراتيجية ، لأنه لا يريد للجمهوريين أن يخسروا البيت الأبيض والكونجرس معا بسبب ترامب.

هذا وقد قيل للجمهوريين المقبلين على الترشح لانتخابات المجلس " أنتم وحدكم، وعليكم الكفاح للوصول إلى مقاعدكم في المجلس بمنأى عن ترامب. وعلق الخبير والمحلل السياسي زغبي على ذلك بأن: " هذا ليس بحزب سياسي، ذلك الذى يقول فيه أهم مسؤوليه " أنتم وحدكم"

وقد اتحد نواب المورمون[2] ضد ترامب وانضموا إلى المرشح الرئاسي السابق، رومني، والذي كان معارضًا لترامب منذ البداية، وشن حملة لمنعه من الحصول على الترشح. ورأت الصحف الأمريكية في ما جد من معارضة المورمون الواسعة لترامب دليلا على ان" الناخبين المحافظين اجتماعيًا قد طفح بهم الكيل منه " . لكن رد الفعل الذى كان له بالغ التأثير على الحزب وعلى البلاد، جاء من وزيرة الخارجية السابقة، كوندليسا رايس، عندما قالت: "كفى!" وأعربت عن أملها بوصفها من الجمهوريين أن يتم تقديم الدعم إلى من لديه من الكرامة والقامة ما يجعله جديراً بشغل أعلى المناصب في أعظم الديمقراطيات على وجه الأرض."

لقد أعادت فضيحة الفيديو إلى الواجهة قضية الزعامة،  وعما إذا كان السيد ترامب يصلح لأن يكون رئيسًا.  وهو الخط الهام الذى استخدمته كلينتون للهجوم عليه.  وبعد انتشار مقطع الفيديو، ركزت حملة كلينتون  على أهمية وجود رئيس متزن، فيده ستكون قابضة على الزر النووي.

ورغم غضب الجماهير أيضًا، إلا أن استطلاعات الرأي جاءت متباينة. إذ أظهر استطلاع ABC نيوز أن 43٪ من الأميركيين يرون أنه يجب على ترامب أن ينسحب من السباق، في حين قال 57٪ أنه يجب أن يبقى في السباق، وفي الوقت نفسه قال 53٪ أنه من المستبعد أن يقوموا بالتصويت لصالحه، في حين قال 56٪ أن ما حدث لا يشكل فارق لديهم.

وكان نوع الجنس عاملًا هامًا في تحديد شعور الناس تجاه ترامب بعد الاستماع الى مقطع الفيديو، فبينما قال 62٪ من النساء أنه من غير المحتمل أن يصوتوا لصالح ترامب، قال 55٪ من الرجال أن الفيديو لن يحدث أي فارق على تصويتهم.

ولكن في استطلاع آخر قال 60٪ من الأميركيين انهم "قلقون للغاية بشأن  مستقبل  البلاد اذا فاز ترامب بالرئاسة". وقال 75٪  أن " مشاعرهم تتراوح ما بين بعض القلق إلى القلق البالغ"  بشأن البلاد إذا ما أصبح ترامب الرئيس.

وأظهرت هذه الاستطلاعات أنه على الرغم من تمسك قاعدة ترامب به وعدم اكتراثهم بالفيديو، إلا أن الفضيحة قد أضرت بصورته  إلى حد كبير وسط عموم الجمهور، وألقت بالشكوك على أهليته لأن يكون الرئيس القادم لأمريكا.  هذا وقال رئيس مجلس أبحاث الأسرة، توني بيركنز، للصحافة أن دعمه لترامب "لم يكن أبدًا على أساس القيم المشتركة بل بُني في الأساس على الاهتمامات المشتركة".

كما أظهرت الفضيحة كذلك أنه في حين ضاعف الرجال الإنجيليين البيض من دعمهم لترامب على الرغم مما حدث من انكشاف لتصريحاته ضد المرأة، انقسمت النساء المسيحيات بشأنه. وحتى بين الإنجيليين كان هناك انقسامًا بين الحرس القديم، و الكنيسة الرسمية والإنجيليين الشباب حول ترامب وسلوكه. وقد بقيت بعض النساء على دعمها لترامبفي حين انشقت أخريات وهاجمن موقفه من المرأة. و راود بعضهن القلق  حول نوعية  القضاة  الذين سيقوم بتعيينهم في المحكمة العليا إذا ما انتخب رئيسًا؟ (وهي قضية تحمل أهمية كبيرة في هذه الانتخابات ، خصوصًا  للمحافظين.)

لقد عززت فضيحة الفيديو في عقول الناس أن ترامب لديه مشكلة فيما يتعلق بقضايا المرأة، ومن سوء حظه أن النساء تشكل الغالبية وسط  مجموع الناخبين، وعليه فقد تكون المرأة عاملًا أساسيًا في تحديد مصيره في الانتخابات.

وبعد فترة من الصمت، خرج ترامب متحديًا، ملتحفًا باستطلاعات الرأي التي أظهرت عدم تخلي القاعدة العريضة من مؤيديه عنه، وأعلن أنه لن ينسحب من السباق الرئاسي. واندفع مهاجمًا كلينتون، منتهجًا ما أطلقت عليه وسائل الإعلام "استراتيجية الأرض المحروقة"، واحضر معه الى المناظرة الثانية النساء اللاتي يتهمن الرئيس السابق بيل كلينتون بالتحرش الجنسي . غير أن تلك الأساليب قد منيت بالفشل، إذ تقدمت عليه كلينتون في الاستطلاعات . وبدا وكأن حملته دخلت في مرحلة من السقوط الحر.

انتخابات مزورة

كلما تخبطت حملة ترامب في عثرات أكبر، كلما ازدادت شراسة هجومها، فنجد ترامب يقول لكلينتون بأنه في حالة انتخابه رئيسًا " ستكونين في السجن". ويذهب إلى إثارة نظريات المؤامرة بالتحدث عن مصارف عالمية ومؤسسات إعلامية ومسؤولي انتخابات " يحشدون قواهم لسرقة الانتخابات". بل لقد ذهب إلى القول بأنه " يتم تزوير الانتخابات، بل ويتم تزويرها لدرجة لم ترونها من قبل إنهم يزورون النظام".

وكانت كلينتون في هذه المرحلة تتقدم على المستوى القومي بواقع 12 نقطة، وفي وقت لاحق من 7 إلى 8 نقاط.  وقد أضحت رسالة ترامب حول تزوير الانتخابات بمثابة صرخة نداء لحشد أنصاره.، حيث اندفعت إحدى السيدات  في واحدة من مؤتمراته الانتخابية إلى القول بأنها مستعدة لإشعال ثورة إذا ما فازت كلينتون . وعم التوتر في  الأجواء، ونقلت بوليتيكو عن أحد كتاب السيرة الذاتية لترامب قوله :"أعتقد انه سيكون رجلًا خطيرًا للغاية في الثلاثة أو الأربعة أسابيع القادمة". وهكذا كان المشهد عشية المناظرة الثالثة، والتي جاءت اليها كلينتون وهي تتصدر استطلاعات الرأي . كما أحضر ترامب   الى المناظرة شقيق  الرئيس أوباما، الذي لا يعد قريبًا منه، وكذلك والدة أحد ضحايا  بنغازي.

وقد سئل خلال المناظرة ما إذا كان سيقبل بنتائج الانتخابات، وجاء جوابه ليؤكد مخاوف الجميع بشأن ما قد يحدث اذا خسر الانتخابات. فقد أجاب ترامب "سأقول لكم في حينها. سأدعكم تترقبون". وعلى الرغم من فوز  كلينتون في المناظرة بنسبة تتراوح من  53٪ إلى 39٪ وفقًا لشبكة CNN، إلا أن أمورًا مثل رفض ترامب القول بأنه سوف يقبل بنتيجة الانتخابات اذا ما خسر، وتحقيره لكلينتون بقوله " هذه المرأة الخبيثة"، هي ما تصدر عناوين الأخبار.

إن الإذعان إلى نتائج الانتخابات والتداول السلمي للسلطة لهو أهم ركن من أركان الديمقراطية الأمريكية واستقرار النظام الأمريكي. وهو ما يميز أمريكا عن بقية العالم. إنها المرة الأولى في تاريخ الولايات المتحدة التي يأبى فيها أي مرشح القول بانه سيلتزم بذلك المبدأ المقدس للديمقراطية الأمريكية. وأعربت جريدة واشنطن بوست عن المخاوف  المتنامية من مثل هذا التهديد. وجاء في افتتاحيتها أنه "يجب أن يكون الالتزام الأول الماثل أمام الناخب هو الحفاظ على الجمهورية، التي كانت، لأمد بعيد، موضع حسد من العالم أجمع".

وقال ترامب لاحقًا بأنه سيقبل بنتائج الانتخابات " في حالة فوزه".

حتى عندما ذهب ترامب إلى جيتيسبيرج، المكان الذي يحمل مكانة خاصة في قلوب وذكريات الأمريكيين، بسبب الخطاب الشهير الذي ألقاه الرئيس لينكولن في عام 1863 إبان الحرب الأهلية، وتحدث فيه عن ميلادٍ جديد للحرية و"لحكومة  الشعب، من الشعب، وإلى الشعب ". وقام السيد ترامب بعرض خطته الاقتصادية في كلمة ألقاها هناك، لكنه أثبت أنه ليس بلينكولن. فقد تعهد بمقاضاة النساء الذين اتهموه بانحراف السلوك الجنسي، جالبًا على نفسه وابلًا جديدًا من الانتقادات والتشكيك في أهليته للحكم  على الأمور. وأصيب الكثيرين بالذهول من تصرفاته التي رأوا فيها دليلًا على أن توقع أي التزام منه بمبادئ الجمهورية أمرًا ميؤوسًا منه.

وها هي كلينتون قبل أسبوعين من الانتخابات، لا تأتي في الصدارة فقط، بل لديها من الثقة ما يكفي لأن يؤهلها للتحرك باتجاه الولايات المتأرجحة[3] في محاولة لتحقيق فوز كبير. فهي المتقدمة حتى في ولاية فلوريدا،  وكذلك لديها القدرة على المنافسة في الولايات التي يهيمن عليها الجمهوريون، مثل ولاية كارولينا الشمالية. وحتى الجمهوريين المحافظين مثل كارل روف، الذي كان على رأس حملة الرئيس جورج بوش للفوز بالبيت الأبيض، صرح لفوكس نيوز "أنه لم يعد يعتقد بأن أمام السيد ترامب طريقًا حقيقيًا للفوز على السيدة كلينتون" كما نقلت صحيفة نيويورك تايمز عن روف  قوله "أنا لا أرى ذلك قادمًا".

وحتى مديرة حملة ترامب قد اعترفت في برنامج "لقاء الصحافة" على قناه  NBC ، بتراجع مرشحها في استطلاعات الرأي.

فهل يمكن للسيد ترامب أن يفاجئ الجميع ويفوز على الرغم من كل شيء؟ كل شيء ممكن إذا حدث أمران مهمان: عدم خروج الديمقراطيون بأعداد كبيرة للتصويت، وإذا ما قام المستقلون والناخبون المترددون باختياره عوضًا عن كلينتون. فحتى الآن كان ترامب يخاطب قاعدته الانتخابية فقط، وقد فشل في توسيع تلك القاعدة عبر اتخاذ مواقف الجمهوريين السائدة أو التصرف كأي مرشح طبيعي، وعوضًا عن ذلك أصر على مواقفه المارقة، مما دفع بالمستقلين بعيدًا عنه.

ويعمل الديمقراطيون جاهدين على تجميع الأصوات، إذ يعد معدل المشاركة الانتخابية مفتاحًا أساسيًا لفوز كلينتون، بينما في المقابل يتم حشد مؤيدي ترامب للذهاب الى التصويت بأعداد كبيرة .

غير أن الانتخابات في حد ذاتها ليست هي الباعث الأول على القلق، فالخوف الحقيقي يأتي من اليوم التالي على فوز كلينتون، إذا ما فازت، حينما يرفض ترامب الإذعان الى نتيجة الانتخابات متهما إياها وحزبها بتزوير الانتخابات. وكثيرُ من الناس هنا قلقون من احتمال تولد العنف بسبب الخطابات الانقسامية والجو المسموم الذي سيطر على حملة 2016، فلم تشهد أمريكا في تاريخها انتخابات تحمل من المخاطر  ما تحمله انتخابات هذا العام. إنها أبعد ما تكون عن الديمقراطية الأمريكية، التي طالما كانت نموذجًا يتطلع إليه بقية العالم.

 

 

[1]الوصول إلى هوليوود هو برنامج إخباري ترفيهي تلفزيوني يعرض في أيام الأسبوع ويغطي أحداث وشخصيات بارزة في صناعة الترفيه

[2] المورمون هي مجموعة دينية وثقافية تعتبر نفسها جزءًا من الديانة المسيحية.

[3] هي الولايات الأمريكية التي لا تحتوي على أغلبية سياسية جمهورية كانت أو ديموقراطية، الأمر الذي يجعل مواقفها متغيرة من دورة انتخابية إلى أخرى. لذلك تتجه أنظار الحملات الانتخابية إلى تلك الولايات لمحاولة استمالتها والفوز بها في الانتخابات.

مجلة آراء حول الخليج