array(1) { [0]=> object(stdClass)#13490 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

العدد 116

خمسة أهداف لأمريكا في المنطقة ووسائل تحقيقها الترغيب والترهيب مؤشرات سياسات ترامب لن تكون على النحو المرجو والمأمول عربيًا وإسلامياً

الإثنين، 06 شباط/فبراير 2017

 بعد تأكد أهمية المنطقة العربية النفطية، أخذت بريطانيا التي كانت تسيطر على معظم هذه المنطقة سياسيًا، منذ سنة 1820م، ، تهتم بالخليج لذاته، بسبب الثروة النفطية التي تبين وجودها به. وقد كان إهتمام بريطانيا بهذه المنطقة في السابق نابعًا من كونها – أي منطقة الخليج – بوابة الهند والشرق. وبدأت معظم دول الغرب توجه أنظارها نحو الخليج والعالم العربي.

 وكان مجيء شركات النفط الأمريكية الكبرى مقدمة للاهتمام الأمريكي البالغ.  وأدى نجاح هذه الشركات في التنقيب عن النفط، وإنتاجه إلى تزايد اهتمام الحكومة الأمريكية بالمنطقة، وتجسد ذلك في تواجد عسكري، واتفاقيات دولية لحماية المصالح الاقتصادية والسياسية الأمريكية المتنامية. ورغم حصول بعض التنافس بين بريطانيا من جهة والمصالح الأمريكية في المنطقة من جهة أخرى، إلا أن واشنطن (ومعظم دول الغرب) كانت تؤيد الوجود البريطاني بالخليج، وتعتبره ضروريًا، لحماية المصالح الغربية، بصفة عامة. ثم تحول هذا التأييد لاحقًا لأمريكا.

  وبعد نهاية الحرب العالمية الثانية، سنة 1945م، وخروج بريطانيا منهكة، وتبوء كل من الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي زعامة العالم، واستمرت بريطانيا في الخليج، ولكن إمكاناتها العسكرية والاقتصادية لم تعد تسمح لها بمزيد من الاستمرار، فاضطرت، سنة 1968م، إلى إعلان رغبتها في الانسحاب (عسكريًا) من الخليج وشرق السويس بحلول 1971م، وبالفعل انسحبت بريطانيا نهائيًا، من المنطقة في 9/11/1971م. 

                         ****  

 وأثار انسحاب بريطانيا من الخليج ما عرف في الغرب (وخاصة أمريكا) بقضية " أمن الخليج ". حيث أن انسحاب بريطانيا الحامية للمصالح الغربية في المنطقة، كان يمكن أن ينتج عنه (في رأيهم) " فراغ قوة ". وأن ذلك الفراغ يمكن أن تحل فيه قوى أخرى معادية للغرب... مما يعرض المصالح الغربية لخطر جسيم في تقديرهم.

   ونتج عن تلك " المخاوف" الغربية تصاعد الاهتمام الأمريكي والغربي بالمنطقة لما أضحت تمثله من ثقل اقتصادي دولي هام.

  وقامت أمريكا بـ " ملء " ذلك الفراغ، ونفذت ترتيبات عسكرية وسياسية لـ "سد" هذه الثغرة، التي يمكن أن تنفذ منها القوى المعادية للغرب – وخاصة الاتحاد السوفيتي السابق – لقطع شريان الحضارة الغربية، أو تحطيمها، أو جعلها تحت رحمة القوى المناوئة للغرب. ومن ذلك: تدعيم الوجود العسكري الأمريكي بالقرب من المنطقة، وإنشاء قوات " التدخل السريع" عام 1980م. وإثر انسحاب بريطانيا أوكلت واشنطن لإيران الشاه لعب دور فعال في استراتيجيتها الخليجية في القرن الماضي.

                           ****

   ومنذ نهاية السبعينات، ازداد الاهتمام الأمريكي بالمنطقة، وكان ذلك ناتجًا من القلق الأمريكي المتصاعد حول الأحداث والتطورات المحيطة بمنطقة الخليج، ومنها ما حصل نتيجة سقوط الشاه (رجل أمريكا الأول في المنطقة) وقيام الثورة الإيرانية، سنة 1979م، وما أعقب ذلك من أحداث، أهمها:

(1) التدخل السوفيتي في أفغانستان، وخشية أمريكا من " إقتراب" السوفييت من حقول النفط.

(2) الحرب العراقية – الإيرانية، وما أفرزته من تهديدات إيرانية بإغلاق مضيق هرمز.

(3) تصاعد الشعور السلبي في المنطقة تجاه واشنطن، لتأييدها المطلق لإسرائيل.

... أدت هذه الأحداث، وغيرها، إلى تزايد قلق واشنطن، وقيامها بتكثيف تواجدها، ومحاولة إحكام قبضتها على المناطق القريبة من المنطقة بشكل غير مسبوق. واستمر ذلك الاهتمام حتى بعد زوال السوفييت، بل تصاعد قليلاً بعد أحداث الحادي عشر من ديسمبر 2001م.

                         ****

     وتجلى ذلك في صدور ما سمي بـ "مبدأ كارتر
 (Carter Doctrine) " الذي وضح وحدد أسس السياسة الأمريكية نحو الخليج. حيث نص هذا المبدأ، الذي أعلنه " كارتر"، في "رسالة الاتحاد"، في20 يناير 1980 م، على:

    " أن أية محاولة من جانب أية قوة أجنبية، للسيطرة على منطقة الخليج العربي، سوف تعتبر بمثابة عدوان على المصالح الحيوية للولايات المتحدة. وسوف يقابل مثل هذا العدوان بكافة الوسائل الضرورية، بما في ذلك القوة العسكرية"......

وهذا التصريح يترجم سلوك وسياسة واشنطن نحو هذه المنطقة، وخاصة منذ أوائل السبعينات وحتى الآن.  وستستمر هذه السياسة ... طالما استمرت الظروف التي أدت إليها. وقد تجلى هذا الاهتمام أثناء وبعد ما عرف بـ"حرب الخليج الثانية " ... الناتجة عن الغزو العراقي للكويت، في 2/8/1990م.  ولكن هذا الاهتمام بدأ يتناقص لأسباب، منها تغير بعض المصالح. فعندما تتغير " المصالح " والظروف " تتغير " المواقف والسياسات ...

                              ****

السياسة الأمريكية بالمنطقة: الأهداف والوسائل:

   يمكن القول أن:" أهداف" السياسة الأمريكية نحو المنطقة العربية ظلت شبه ثابتة منذ بدء تفعيل هذه السياسة عام 1945م. أما " الوسائل"، التي تتبعها أمريكا لتحقيق هذه الأهداف، فهي تتغير من فترة لأخرى. والأهداف الأمريكية الحالية – بمضمونها المتطرف – تتعارض مع كثير من الأهداف العليا للأمة العربية والإسلامية ...  ويمكن إدراك هذه الحقيقة فور القيام بتحليل موضوعي سليم لمضامين هذه الأهداف. أما "الوسائل" فأغلبها سلبي الأثر للعرب، خاصة منذ زوال الاتحاد السوفييتي عام 1991م.  ومعروف أن صداقة حقيقية، وتعاون إيجابي، بين الأمة العربية وأمريكا لن ينشأ، إلا إذا عدلت تلك الأهداف والوسائل ... بما يضمن تحقيقها للمصالح المشتركة للأمتين العربية والأمريكية معًا.

                            ****

 وهناك "مداخل" مبسطة، تساعد على فهم "السياسة" ... والسياسة الخارجية لأي دولة بصفة خاصة. ومن ضمن هذه المداخل إعتماد تعريف " السياسة الخارجية"(لأي دولة) بأنها: الأهداف التي تسعى تلك الدولة لتحقيقها خارج حدودها – أو تجاه جزء أجنبي معين من العالم – و" الوسائل" (الاستراتيجية) التي تتبعها... لتحقيق تلك الأهداف.

                            ****

     هناك أهداف رئيسة للسياسة الأمريكية، وقام كتاب أمريكيون وغيرهم بتصنيف وترتيب أهم هذه الأهداف، بحسب الأولوية والأهمية في نظر معظم الساسة الأمريكيين، لتصبح كما يلي:

-الهدف الأول: ضمان وصول النفط العربي إلى الولايات المتحدة بخاصة، وحلفائها الغربيين بصفة عامة، بأقل تكلفة ممكنة.

-      أهم وسائل تحقيقه: محاولة التقليل من أهمية النفط العربي، وتقليص دوره، بالنسبة للغرب. وذلك للحيلولة دون أن يصبح العالم العربي المورد الوحيد للطاقة، التي يحتاجها الغرب، لما في ذلك من "خطورة" على المصالح الغربية – كما يقولون. فالولايات المتحدة وحلفاؤها تسعى دائمًا نحو تنويع مصادر النفط، والبحث عن مصادر أخرى خاصة ما يعرف بالنفط الصخري، ورفع المخزون الاستراتيجي... الخ. إضافة إلى التلويح أحيانًا باستخدام القوة المسلحة، إذا تعرضت " المصالح" الأمريكية لـ " الخطر"، أو أوقفت إمدادات النفط.

                            ****

– الهدف الثاني: ضمان علاقة سلمية (تحالفية) وطيدة مع دول المنطقة لتحقيق المصالح الأمريكية المتنوعة.

– الهدف الثالث: إبعاد المناوئين للغرب عن المنطقة، ومحاولة تقليص أي نفوذ لهم إلى أدنى حد ممكن.

– الهدف الرابع: مكافحة الإرهاب وما يسمونه بـ " التطرف الإسلامي".

-       وتتبع أميركا الوسائل التالية: لتحقيق الأهداف الثاني والثالث والرابع:  

(1)      إبعاد كل القوى المتطرفة والمعارضة للغرب عن المنطقة، وعن السلطة فيها.

(2)     تأييد الدول الصديقة في مكافحتها للإرهاب والتطرف.

(3)    استخدام كل الوسائل الممكنة، بما فيها القوة في محاربة الجماعات المتطرفة.     

(4) اختلاق " أخطار " أحيانًا لضمان استمرار الاعتماد على القوة الأمريكية، وتسليط الضوء على الأخطار المتوقعة على المنطقة، إلى حد المبالغة أحيانًا.

 (5) التواجد السياسي والعسكري الأمريكي المكثف في المنطقة، وحولها. إضافة للحشد العسكري الأمريكي بالمنطقة، من حين لآخر.

 (6) محاولة تكوين تحالفات محلية موجهة ضد مناوئ الغرب، في إطار ما عرف سابقًا بـ " الإجماع الاستراتيجي"، وغيره.

                          ****

– الهدف الخامس: ضمان بقاء ورفاه وهيمنة" إسرائيل " وعدم المساس بها.

-      الوسائل: لتحقيق الهدف الخامس: تقوم الولايات المتحدة بدعم إسرائيل ماديًا ومعنويًا، دعمًا كاملاً. وتقدم مصلحة إسرائيل على ما عداها (حتى على المصالح الأمريكية أحيانًا)، ولو استلزم ذلك استخدام القوة الأمريكية ضد المناوئين لإسرائيل. بل أن أمريكا كثيرًا ما تشن حروبًا ساخنة وباردة نيابة عن إسرائيل.

    ويلاحظ اتصاف هذه الأهداف والوسائل بخاصيتي الترغيب والترهيب، وتمحورها حول " النفط – الإسلام – إسرائيل ". وهناك أهداف أخرى، دينية وثقافية واجتماعية ...الخ.  ولكنها أقل أهمية من الأهداف الأهم المذكورة. وهذه الأهداف تعكس (ضمن ما تعكس) التناقض التقليدي المعروف في السياسة الأمريكية نحو المنطقة.  من ذلك: أن واشنطن تلتزم بضمان بقاء وازدهار وسيطرة إسرائيل، وفي الوقت نفسه تسعى للاحتفاظ بعلاقات طيبة مع الشعوب العربية...؟!

    ونترك للقارئ الكريم تحديد "مدى" نجاح هذه السياسة الأمريكية ... أخذًا في الاعتبار مدى " تحقق " كل هدف في أرض الواقع، والـ " تكلفة " المادية والمعنوية لما تحقق .... علمًا بأن تكلفة تحقق الهدف السلبي (من وجهة النظر العربية) قد تكون (بالنسبة لأمريكا) باهظة في المدى الطويل.

                             **** 

القوة المسلحة في السياسة الأمريكية بالمنطقة:  

  إن مدى " نجاح" أي سياسة يتحدد بمدى تحقيق تلك السياسة لأهدافها... وبأقل تكلفة (من الوسائل) ممكنة.  ومن الطبيعي، أن تكون أمريكا، الآن، باعتبارها القطب العالمي الوحيد، أقدر على تحقيق كامل أهداف سياستها نحو المنطقة العربية، وغيرها – وبتكلفة أقل من السابق.  فلا توجد في الوقت الراهن قوى محلية، أو إقليمية، أو عالمية، قادرة على التصدي للأمريكيين، أو تحديهم – تحد يذكر. والأمة العربية بالذات، وهي أكثر طرف مهدد ومستهدف، في أضعف حالاتها. هذا، إذا استثنينا المقاومة العربية المحدودة للعدوان والهيمنة.

    ولا حاجة لبذل جهد كبير لإثبات "نجاح" السياسة الأمريكية تجاه المنطقة، بدرجة كبيرة ... وتزايد نجاح هذه السياسة، بشكل لم يسبق له مثيل، منذ أن انفردت أمريكا بالتربع على قمة العالم السياسية – الاقتصادية. 

 وهنا أيضًا، نترك للقارئ تحديد أهم " الأسباب " التي مكنت أمريكا من تحقيق هذا القدر من النجاح، في سياساتها تجاه المنطقة، وتحديد ما ينبغي أن يعمله العرب، تجاه هذه السياسات.  فبعيدًا عن التفكير المؤدلج، واختلاف المقاربات العربية تجاه ما يهدد الأمة من مخاطر محدقة، فإن التفكير العقلاني يحتم ضرورة اتخاذ ردود أفعال سليمة وفعالة ... تتجسد في: مواقف عربية رادعة مشتركة، لمواجهة أخطار مشتركة مؤكدة وداهمة .... ولكن، هل ما زال لدى الأمة العربية الإرادة والقدرة المناسبة لمواجهة التحديات الكبرى، ومنها هذا التحدي ؟!

                          ****

    ومع كل ذلك، يمكننا القول أن الولايات المتحدة، والغرب بصفة عامة، لم تحقق نجاحًا كبيرًا حتى الآن بشأن عدم الاعتماد على النفط العربي. وذلك لاستمرار كون منطقة الخليج العربي، بصفة خاصة، تحتوي على أكبر مخزون نفطي في العالم، وكون استخراج هذا النفط أسهل، وذا جدوى اقتصادية أعلى نسبيًا. وقد عملت أميركا كل ما يمكنها عمله للحصول على نفط المنطقة بأقل تكلفة ممكنة، ومن ذلك: التلويح باستخدام القوة المسلحة إذا توقف انسياب النفط لأمريكا والغرب. 

 فمعروف، أن أمريكا أعلنت عدة مرات، وعلى لسان بعض كبار مسؤوليها، أنها ستتدخل عسكريًا في الخليج، وخاصة إذا تهدد وصول إمدادات النفط إلى الغرب. وجاءت أغلب هذه التصريحات عقب حرب أكتوبر سنة 1973م (رمضان 1403هـ) والحظر النفطي العربي المحدود الذي اتخذ ضد الولايات المتحدة، وبعض الدول الغربية الأخرى، لمواقفها المنحازة لإسرائيل، في الصراع العربي – الإسرائيلي. ولعل من أهم من صدرت عنهم هذه التصريحات كل من: " جيمس شيلسنجر " وزير الدفاع الأمريكي الأسبق، وهنري كيسنجر، وزير الخارجية الأمريكي الأسبق. واستخدمت الولايات المتحدة قواتها العسكرية، فعلاً، " لتحرير الكويت" من الإحتلال العراقي، ووقف التهديد العراقي للمصالح الدولية والأمريكية بالمنطقة. واستخدمتها لاحتلال العراق، والسيطرة غير المباشرة على موارده النفطية.

                            ****  

   وبالنسبة لقدرة الولايات المتحدة على التدخل العسكري فهي كبيرة، كونها الدولة العظمى الأولى الآن، ولها من الإمكانات العسكرية والتقنية ما يفوق الوصف. ومعروف، أنها لم تكتف بذلك، ولم تركن إلى قوتها العادية فقط، للدفاع عن "مصالحها"، في المنطقة،  بل كونت قوة خاصة، للمهمات السريعة، يشار إليها بـ " قوات التدخل السريع" ، أو الانتشار السريع
 (Rapid Deployment Force, R.D.F.   ) منذ سنة 1980م، عقب صدور "مبدأ كارتر"، المعبر عن القلق الأمريكي المتصاعد على المصالح الغربية بالمنطقة، بعد التطورات التي حصلت في نهاية السبعينات، وأهمها قيام الثورة الإيرانية، وحادث احتجاز موظفي السفارة الأمريكية في طهران، والتدخل العسكري السوفيتي في أفغانستان – كما سبق أن أشرنا. وتعود فكرة إنشاء جيش أمريكي لمواجهة أي تهديد " خطير" للمصالح الأمريكية، في منطقة الخليج العربي بخاصة، إلى الفترة التي أعقبت مباشرة الحظر النفطي العربي المحدود ضد أميركا وبعض الدول الغربية الأخرى عام 1973م.

وكونت " قوات التدخل السريع " الأمريكية الجزء الأكبر من القوات الأمريكية التي شاركت في عملية "عاصفة الصحراء" ... التي بدأت 17/1/1991م ... ضد العراق، لاحتلاله الكويت. وقبل غزو واحتلال العراق وبعده تزايدت أعداد القواعد العسكرية الأمريكية الدائمة بالمنطقة، ودعمت هذه القواعد كمًا، وكيفًا..  بل كان من أهم أهداف غزو واحتلال العراق هو: إقامة قواعد عسكرية أمريكية دائمة بالعراق. 

                          ****

  ولكن، لا يبدو الآن أن أمريكا في حاجة لاستخدام القوة المسلحة، أو حتى التلويح باستخدامها، لتحقيق أهداف سياستها تجاه المنطقة، وخاصة لضمان الحصول على النفط العربي. اذ لا يوجد حاليًا أي تهديد يذكر ضد المصالح الأمريكية بالمنطقة، بما في ذلك مشاغبات " داعش " وما شابهها. وهناك ما يشبه التنسيق الأمريكي الفعال جدًا لخدمة المصالح المشتركة، مع القوى العالمية والإقليمية المعنية.  إضافة إلى وجود مصادر أخرى لإمدادات النفط، وأيضًا بدائل محتملة وممكنة لهذا النفط ...  

                        ****

سياسات أمريكا: إدارة الرئيس أوباما:

اتسمت سياسة الديموقراطيين، بزعامة باراك أوباما ونائبه جوزيف بايدن، والتي حكمت أمريكا على مدار ثماني سنوات (2009 -2017م) تولت خلالها السلطة التنفيذية بسمات إيجابية وسلبية، بالنسبة لأمريكا والعالم.  فهذه الإدارة تسلمت حكم أمريكا وهي في أوج ضعفها المعاصر وتدهورها الاقتصادي النسبي، ورحلت وأمريكا تتمتع بدرجة مقبولة من الاستقرار والازدهار النسبي، مقارنة بأعوام إدارة جورج بوش الابن الثمان العجاف، والذي يعتبره كثيرون أسوأ رئيس مر على أميركا حتى الآن.  

عملت إدارة أوباما على وقف التمدد الامبريالي ... مع المحافظة على استمرار الصدارة الأمريكية.  وأفلحت في تحقيق ذلك إلى حد كبير، بسبب ما اتبعته من سياسات، اتسمت بالامتناع عن استخدام القوة المسلحة قدر الإمكان، وبعض الاحترام للقوانين والأعراف الدولية والإنسانية (المقدرة على الساحة الدولية) وعدم ارتكاب الأخطاء الاستراتيجية الفادحة.

 ولعل أبرز أمثلة السياسات الإمبريالية الحمقاء والكريهة التي اتبعتها إدارة بوش الابن هي: غزو واحتلال وتدمير العراق، رغم المعارضة الحكومية والشعبية لغالبية دول العالم، لفقت تلك الإدارة عددًا من الأكاذيب الصارخة المعروفة... واتخذتها كـ " ذرائع " لغزو واحتلال وتدمير دولة عضو مؤسس بمنظمة الأمم المتحدة. وسرعان ما انكشفت تلك الخدع، وتأكد للعالم الأسباب العدوانية الحقيقية لقيام بوش الابن وإدارته بغزو واحتلال العراق. وقد نجم عن هذا العدوان الكثير من الخسائر المادية والمعنوية التي لحقت بأمريكا. كما تمخضت عنه عدة كوارث بالمنطقة، وسبق لأوباما أن عارض الحرب على العراق، ووعد بسحب القوات الأمريكية منه.  وهذا ما فعله بعد توليه الرئاسة. وقد أسهمت سياسات بوش تلك في فقدان الحزب الجمهوري رئاسة أميركا، وتمهيد الطريق لفوز أول " ملون " بهذا المنصب.  

                            ****

  تفاءل العرب كثيرًا بمقدم الرئيس " باراك حسين أوباما "، ورجوا أن يسهم أخيرًا في حل معضلات منطقتهم، بحلول مناسبة وعادلة. وأبدى الرجل، في بداية ولايته، اهتمامًا ملحوظًا بالمنطقة العربية، ورغبة في حلحلة أخطر اشكالاتها.  ولكنه فشل فشلاً ذريعًا في تحقيق أي تطلع عربي إيجابي تجاه المرحلة الأوبامية، لأسباب قد نتحدث عنها لاحقًا، بل أنه فاجأ العرب بإدارة أدارت ظهرها لهم. فشهدت المنطقة في عهده تدهورًا غير مسبوق في أمنها واستقرارها، كرس وضعها كأكثر مناطق العالم اضطرابًا. إذ في عهد أوباما: تزايدت عربدة إسرائيل بالمنطقة، وتواصلت السياسات التوسعية العدوانية الإيرانية، وقويت شوكة إيران، وقامت " داعش " وعدة تنظيمات إرهابية بشعة.  إضافة إلى تفاقم الأوضاع السياسية واضطرابها في كل من: العراق وسوريا واليمن وليبيا، وغيرها. ولعل أكبر حسناته للمنطقة هي امتناع أميركا في أخر عهده عن استخدام حق النقض (الفيتو) ضد القرار العالمي الرائع بإدانة الاستيطان الإجرامي الإسرائيلي بفلسطين. 

                            ****

وعلى المستوى الداخلي، خاصة الاقتصادي، كانت أغلب الأفعال والسياسات التي قامت بها إدارة بوش الابن، أو إدارة المحافظين الجدد المؤدلجة، تؤدى إلى: تدهور المكانة العالمية لأمريكا، وبدء تداعي نظام القطبية الأحادية العالمي (الذهبي، بالنسبة لأميركا) ... والذي قد يتحول قريبًا إلى نظام الأقطاب المتعددة، ومثلت تلك السياسات تركة ثقيلة...  ظلت إدارة "باراك أوباما " تنوء بحملها. وتمكنت هذه الإدارة خلال فترتها الأولى من التخفيف من وقعها، وتجاوز أكثر آثارها المدمرة. حيث أصلحت كثيرًا مما أفسده المحافظون الجدد. انخفض الدين العام، وانخفضت نسبة البطالة، ونجت عدة شركات كبرى من إفلاس وشيك. كما أجرى أوباما إصلاحات في مجال العقارات والرعاية الصحية والاجتماعية.

 بالغت إدارة أوباما قليلاً في التأكيد على ضرورة التدخل الحكومي (المنظم) في الاقتصاد، وتطرفت في رفض التمسك بـ " الريجانية"، التي تمعن في ترك الاقتصاد حرًا مطلقًا، وتحظر أي "ضوابط " حكومية موسعة ...  تنظم حركته وتضبط ايقاعه. فأسهمت بسياساتها الاقتصادية هذه في تجاوز أميركا لأكبر أزمة اقتصادية مرت بها منذ فترة " الكساد الكبير " الذي بدأ في العام 1929م. وسبق أن أوقفت إدارة بوش الابن أغلب برامج إعانة المحتاجين من الشعب الأمريكي، وخفضت الضرائب على الأغنياء، ومنعت التدخل الحكومي المناسب في النشاط الاقتصادي الهادف لتنظيم سير العملية الاقتصادية، وفق ضوابط ضرورية، للحيلولة دون قيام رأسمالية مطلقة، قد تؤدي إلى فوضى مطلقة، وإلى انفراد قلة من الشعب بالمال والنفوذ، ورضوخ الغالبية للفقر والعوز المضاعف، كما كاد يحصل بالفعل.

 ومرة أخرى، أثبتت الرأسمالية المطلقة فشلها، ومآلها إلى الفوضى الكارثية الاقتصادية... وهذا ما حدث بأمريكا إبان حكم بوش الابن، وتأثرت به غالبية بقاع العالم. وتسارع الاقتصاديون خلال حكم أوباما لوضع الحلول للنظام الموشك على الانهيار... ومرة أخرى، تمحورت كل الحلول حول إقامة رأسمالية ذات ضوابط ... وبحيث تضع الحكومة الضوابط وتشرف على إنفاذها بدقة وصرامة، عبر "إجراء اشتراكي"، يتمثل في: التدخل الحكومي المدروس والرشيد والنزيه، والمكافحة الجادة للفساد والاحتكار.

    في ظني أن الرئيس أوباما يحصل – بصفة عامة -على تقدير " مقبول " كرئيس لأميركا خلال الثمان سنوات الماضية. لم يكن الأسوأ.  فما زال الرئيس بوش الابن يحتفظ بمركزه، كـ " أسوأ " رئيس مر على أميركا حتى الآن.  ويتطلع العالم الآن إلى الرئيس الجديد " دونالد ترامب " ... راجيًا ألا ينافس بوش الابن على ذلك المركز، ويتراجع عن بعض وعوده " الانتخابية " المفزعة.  

                                  ****

   السياسة الأمريكية القادمة بالمنطقة:

تجاوزت أميركا الأزمة المالية والاقتصادية الخانقة التي بدأت تعاني منها نتيجة لسياسات المحافظين الجدد الاقتصادية الرعناء، منذ بداية العام 2002م، والتي تفاقمت في سنة 2008م، وكادت تؤدي إلى ركود اقتصادي قاتل... يتسبب في تدهور مكانة أميركا وتحويلها إلى قوة من الدرجة الثانية. وذلك في بداية عهد الرئيس باراك أوباما. ولنا أن نتخيل " تبعات" تلك الأزمة المالية، وما ينجم عن هذه التبعات من معاناة اقتصادية ... تضعف الولايات المتحدة، نسبة لغيرها من الدول الكبرى.

إن مدى " قوة " أي دولة يقاس بالنسبة لغيرها من الدول النظيرة. وما حصل قبل مجيئ أوباما هو: تدهور (نسبى) في مدى قوة أمريكا، قابله تصاعد (نسبى) في مدى قوة دول أخرى منافسة، وبالتحديد: الصين، وروسيا، والاتحاد الأوروبي. وهذه الحقيقة هي التي، لو تفاقمت في عهد الرئيس ترامب، ستسبب لاحقًا تحول النظام العالمي، من نظام القطب الواحد إلى نظام الأقطاب المتعددة.

لابد من تذكر هذه الخلفية عند محاولة التعرف على الخطوط العامة لسياسات الإدارة الأمريكية الجديدة المختلفة، إدارة دونالد ترامب الجمهوري، على الساحتين الداخلية والخارجية. ولا شك أن سياسات أمريكا، سواء الداخلية أو الخارجية ستظل تهم كل العالم تقريبًا، لما لها من تأثيرات واسعة ... تتجاوز الحدود الدولية، لعدة أسباب، أهمها: كون الاقتصاد الأمريكي يمثل حوالي ربع اقتصاد كل العالم، وكون أمريكا أقوى دولة عسكريًا، وتقنيًا.

                              ****

  ماذا نتوقع، إذًا، من تغييرات محتملة في سياسات أميركا بدءًا من 20 يناير 2017 م ؟!  ما هي أهم ملامح السياسة الأمريكية، الداخلية والخارجية، لحكومة دونالد ترامب؟!  في الواقع، وبعد أيام فقط على تولي هذه الإدارة السلطة، يمكن الجزم بأن الهم الداخلي لحكومة ترامب ستكون له الأولوية الأولى على كل ما عداه.  فترتيب البيت من المنطقي أن يأتي أولاً، في كل الأحوال.  لذا، فإن إدارة ترامب ستظل تركز جهدها الأكبر على الداخل. وهذه الإدارة قد ورثت إرثًا كبيرًا من المشاكل والأزمات. ولا شك، أن التعامل مع تبعات الأزمة الاقتصادية التي اجتاحت أمريكا والعالم، والتي سببتها إدارة بوش الابن، ولم تتمكن إدارة أوباما من تجاوزها كليًا، ستكون لدى إدارة ترامب أولوية الأولويات.  وهو اهتمام في محله. فإن لم تحل هذه الأزمة تمامًا، فستنتج عنها غالبًا عدة أزمات وكوارث ومشاكل، منها: الكساد، إفلاس الشركات الكبرى، البطالة، تفاقم الفقر، الضعف على الساحة الدولية... الخ. لهذا، فان إدارة ترامب ستولي هذه الملفات جل اهتمامها.

                           ****

 أما على المستوى الخارجي، فإن أجندة هذه الإدارة مليئة أيضًا بمواضيع خطرة وقضايا كبرى ساخنة. ومن تحليل الأحداث المعنية وتوجهات واهتمامات هذه الإدارة (حتى الآن – فبراير 2017م) يمكن القول بأن: أهم القضايا، بالنسبة لهذه الإدارة، على المستوى الخارجي بعامة، والمنطقة العربية بخاصة، هي القضايا التالية، مرتبة ترتيبًا تنازليًا (حسب الأهمية) الأكثر أهمية، فالأهم، فالمهم. ولنبدأ بالمنطقة العربية أولاً، ثم نذكر بقية الملفات المهمة بعدها.

 - الوضع في المنطقة العربية بعامة: أي وضع المنطقة وسياسة أميركا نحوه، وتعاملها المتوقع مع قضايا المنطقة بأبعادها الرئيسة التالية:

 1 -السعي لمحاربة ما تسميه أمريكا بـ " الإرهاب"، بزخم أكبر ... وباعتبار أن مسألة " الحرب على الإرهاب" ستظل شغل إدارة ترامب الخارجي الشاغل، في السنوات الأولى (على الأقل) من توليه السلطة.

     2 -القضايا الساخنة، وأهمها: التعامل مع الوضع السياسي المضطرب والملتهب في كل من: أفغانستان، العراق، سوريا، اليمن، وليبيا، وغيرها. ويحتاج تحليل سياسة أمريكا تجاه كل من هذه البلاد إلى مقال موسع خاص. ولكن، يمكن توقع شيئًا من الحزم (والحسم) الأمريكي تجاه ما يجري في هذه الدول.  

        3 -الملف النووي الإيراني: ستواصل إدارة دونالد ترامب الضغط على إيران ... للحيلولة دون امتلاكها لسلاح نووي. ولا يتوقع إلغاء ترامب الاتفاق النووي مع إيران، ولكنه سيطالب بضمانات إيرانية أكبر.  ويبدو أن إدارته لا تستبعد الخيار العسكري تجاه إيران، على الأقل في المدى الطويل. فهذه الإدارة قد تؤيد قيام إسرائيل بشن هجوم عسكري على المنشآت النووية الإيرانية ... موفرة غطاءً سياسيًا لهذا الهجوم. وستقف القوات الأمريكية في المنطقة على أهبة الاستعداد... للرد على أي "رد فعل" إيراني عسكري ضدها. وفي هذه الحالة ستدخل أمريكا الحرب بادعاء أنها أجبرت على دخولها ... دفاعًا عن النفس؟! وربما تتبنى إدارة ترامب هذا الخيار لاحقًا، إن فشلت محاولات التفاهم الدبلوماسي مع طهران.

                              ****

4       -  قضية الصراع العربي – الإسرائيلي: وهذا الاهتمام يأتي في المرتبة الرابعة على سلم أولويات سياسة ترامب، رغم أن تسوية الصراع العربي – الإسرائيلي يجب أن تكون على رأس أولويات أي رئيس أمريكي، لما يسببه استمرار هذا الصراع من توتر إقليمي ودولي بالغ الخطورة. ولكن الشواهد تشير إلى أن هذه القضية ستحتل مرتبة متأخرة في قائمة الأولويات بالمنطقة العربية، رغم الجرائم التي ترتكبها إسرائيل يوميًا بحق الشعب الفلسطيني. وذلك ربما يعني المزيد من المعاناة للفلسطينيين، والمنطقة. وقد استعد الصهاينة لمقاومة أي ضغوط من إدارة ترامب في اتجاه حل الدولتين...؟! وذلك رغم أن ترامب من أشد مؤيدي الصهيونية، ولا يتوقع أن يمارس أي ضغوط تذكر على الكيان الصهيوني. ومن الأمثلة على هذا التأييد كانت مطالبته باستخدام حق الفيتو ضد قرار مجلس الأمن بإدانة الاستيطان الإسرائيلي، وتوعده بتغيير هذا التوجه لصالح إسرائيل.

                                 ****                

أهم ملفات السياسة الأمريكية العالمية القادمة:

   تمتلئ أجندة سياسة إدارة ترامب، على المستوى الخارجي أيضًا، بمواضيع خطرة وقضايا كبرى ساخنة. ومن تحليل الأحداث المعنية وتوجهات واهتمامات هذه الإدارة (حتى الآن – فبراير 2017م) يمكن القول بأن: أهم القضايا، بالنسبة لهذه الإدارة، على المستوى الخارجي، تهدف لتكريس هيمنة أمريكا على النظام العالمي، عبر تقوية الذات الأمريكية اقتصاديًا وسياسيًا، وإضعاف المنافسين. وسيتجلى ذلك في القضايا التالية، المرتبة ترتيبًا تنازليًا (حسب الأهمية) الأكثر أهمية، فالأهم، فالمهم. ونوجز أدناه أبرز هذه الملفات والقضايا.

أولا -الوضع في شرق أوروبا: محاولة حل إشكالية " الدرع الصاروخي" الأمريكي المقام في شرق أوروبا، وفتح ملف العلاقات الروسية – الأمريكية من جديد، ومحاولة لجم الدب الروسي... ومعروف أن إدارة أوباما تسببت في توتير العلاقات الغربية مع روسيا... بإصرارها على إقامة ما يعرف بالدرع الدفاعي الصاروخي على مشارف الحدود الغربية الروسية...  بحجة حماية أوروبا وأمريكا من هجمات صاروخية قد تشن من إيران، أو كوريا الشمالية ...؟! ولكن الهدف الحقيقي لذلك المشروع، كان – وما زال – محاصرة روسيا عسكريًا وصاروخيًا... وهو الأمر الذي ترفضه روسيا، وتعمل جاهدة على إفشاله، ومواجهته. إضافة إلى رفض روسيا العقوبات الغربية ضدها، بسبب قضيتي أوكرانيا وشبه جزيرة القرم. وكذلك خلافات الطرفين حول الوضع السوري.

                                ****

ثانيا: العلاقات الأمريكية – الصينية: تعتبر الصين ثاني أكير اقتصاد عالمي بعد أمريكا. ولعلها الآن المنافس الأول لأمريكا. وهي أكبر مصدر للسلع للولايات المتحدة، وأكبر دائن. والعلاقات الثنائية بين البلدين كثيرًا ما يسود فيها الصراع على التعاون. ومعروف، أن من أهم عوامل الصراع بين أمريكا والصين هي: المسألة التايوانية، ورعاية الصين لكوريا الشمالية، والتواجد العسكري الأمريكي المكثف في بحر الصين الجنوبي. إضافة إلى التنافس الاقتصادي والتجاري الحاد، وسباق التسلح الصامت بينهما.

     وقد اتسمت تصريحات الرئيس الأمريكي الجديد ترامب الأخيرة عن العلاقات الأمريكية مع بكين بالعدائية. فمنذ عام 1979م، بدأت أمريكا ما يسمى بـ " سياسة الصين الواحدة " ... معتبرة بكين الحكومة الشرعية لكل الصين (بما فيها جزيرة تايوان). ولكن ترامب تحادث مع رئيسة تايوان السيدة " تساى انغ ون "، التي قد تأتي لواشنطن وتلتقي (رسميًا) مع ترامب، إن حصل هذا، فإنه سيحسب تخليًا أمريكيًا عن التزام شهير بـ " صين واحدة ".  وكل ذلك يزيد في توتر العلاقات بين هذين القطبين. إذ أثار استياء الصين وانتقادها.  فصدر عنها تهديد بالانتقام ... إن مضى ترامب في تحديه هذا.

                                 ****

 ثالثا -تحسين وتطوير العلاقات الأمريكية مع أمريكا اللاتينية (البوابة الخلفية لأمريكا) ... تلك العلاقات التي تهم أمريكا كثيرًا، والتي تأثرت هي الأخرى، بالسلب من مواقف ترامب أثناء حملته الانتخابية، وما صرح به تجاه بعض القضايا الحيوية التي تهم تلك القارة بعامة، والمكسيك الجارة على وجه الخصوص. ولا يتوقع شروع أمريكا في بناء سور على حدودها لوقف هجرة المكسيكيين، كما طالب ترامب في حملته الانتخابية. ولكن سيتم التشدد ضد هذه الهجرة. 

رابعا -محاولة التوسع في نشر النفوذ الأمريكي في إفريقيا... وتقليص النفوذ الصيني المتزايد في هذه القارة، التي تخضع الآن لمطامع دولية مختلفة، ومحاولات بسط نفوذ واسعة ....

خامسا -دعم "حلف الناتو " وتقوية علاقات أمريكا بحلفائها الأوروبيين، وخاصة بريطانيا. ويشمل هذا البند تطوير وتحديث ترسانة أسلحة الدمار الشامل بالولايات المتحدة.

                              ****      

وهناك، لا شك، قضايا أخرى هامة. ولعل ما ذكر هو أهم القضايا الخارجية بالنسبة للإدارة الأمريكية الجديدة. وجدير بالذكر هنا أن بعض المراقبين يرون: أن ترامب لم يوفق في اختيار بعض وزراءه، وفى مقدمتهم وزير خارجيته " ريكس تيليرسون".  فمن شروط نجاح أي وزير خارجية أن يكون خبيرًا بالشؤون الدولية.  وهذا غير متوفر في السيد " تيليرسون " . فالأخير رجل أعمال لم يمارس العمل السياسي بشكل مكثف ... تمامًا كرئيسه. وبالتالي، يتوقع المراقبون أن يغلب توجه إدارة الشركات على السياسات الأمريكية الداخلية والخارجية القادمة. وذلك سيؤدي إلى نشوء الكثير من الاشكاليات والعثرات.  فالدولة – أي دولة – لا يمكن أن تدار، إدارة سليمة وناجحة، كشركة ... لأن " الدولة " شيء، والشركة شيء أخر ...  

                                   ****

      ويلاحظ أن القضايا العربية والإسلامية، بأبعادها الأربعة التي تطرقنا لأهم ملامحها، هي التي تمس مباشرة – بالطبع -العالمين العربي والإسلامي.  وأي تطور سلبي في قضاياها المتفرعة غالبًا ما سيلحق ضررًا بشعوب العالمين العربي والإسلامي.  وذلك قد يفاقم من العلاقات المتوترة أصلا بين الشعوب العربية والحكومة الأمريكية. لقد نتج عن السياسات الأمريكية السلبية تزايد الامتعاض الشعبي العربي والإسلامي تجاه الولايات المتحدة. وهذا أعاق أكثر تحسن وتطور العلاقات العربية – الأمريكية للأفضل. 

    وقد يقدم الرئيس الأمريكي " دونالد ترامب" على اتخاذ مزيد من السياسات السلبية تجاه العرب والمسلمين، بدل محاولة مد جسور تفاهم حقيقي معهم، ومحاولة " إزالة أسباب سوء الفهم، والكراهية، بين الجانبين "، وتأكيد رغبة أمريكا في علاقات حسنة ومفيدة مع العرب والمسلمين. ولكن أغلب المؤشرات حتى الآن تشير إلى أن سياسات ترامب القادمة لن تكون، مع الأسف، على النحو المرجو والمأمول، عربيًا وإسلاميًا. 

مجلة آراء حول الخليج