array(1) { [0]=> object(stdClass)#13440 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

العدد 123

القضية الفلسطينية .. الواقع الجديد

الأربعاء، 27 أيلول/سبتمبر 2017

بعد 70 عامًا هي عمر القضية الفلسطينية، وقيام دولة إسرائيل، وبعد متغيرات طرأت على هذه القضية، وتأثر السلوك والخطاب العربي والدولي بتطورات هذه القضية. شهدت الفترة الأخيرة عدة متغيرات، فبعد أن ظلت هذه القضية ساخنة طيلة سنوات النصف الثاني من القرن العشرين، وحتى اتفاقية أوسلو ومدريد في بداية التسعينيات الماضية، ظهرت تحولات دولية وإقليمية، جراء عوامل متشابكة منها طبيعة العلاقات العربية ـ العربية، والمواقف الفلسطينية الداخلية، والتدخل الإيراني في القضية الفلسطينية ، ثم تفجر ما يسمى بثورات الربيع العربي التي كان لها تأثير واضح على فتور الاهتمام بالقضية، ومن ثم إعادة ترتيب موقعها على قائمة الأوليات العربية والدولية.

 ففي غمرة التحولات الدولية، والاستقطاب الإقليمي، والانشغال العربي. انقسمت الفصائل الفلسطينية، وتجلى ذلك في انفصام العلاقة بين فتح وحماس ما أدى إلى انفصال الضفة الغربية وقطاع غزة، ومن ثم تشتت القرار الفلسطيني وتحول الأمر إلى صراع داخلي، وفتور إن لم يكن ابتعاد عربي عن القضية الفلسطينية، أو الصراع الفلسطيني ـ الإسرائيلي , في مسماه العربي الجديد.

في الشهور القليلة الماضية وحتى كتابة هذا المقال ظهرت حقائق على الأرض تعكس متغيرات جديدة، فقد جاءت محاولة إسرائيل تركيب كاميرات تفتيش الكترونية على أبواب المسجد الأقصى في إطار المحاولات الإسرائيلية التي لا تعرف اليأس لهدم الأقصى وإقامة الهيكل المزعوم، لتحرك المياه الراكدة، فبعد أن استفادت إسرائيل كثيرًا من الانشغال العربي، والتحولات الدولية، ووصول الرئيس ترامب إلى الحكم في الولايات المتحدة، والحرب الضروس ضد الإرهاب في منطقة الشرق الأوسط، ولا سيما ما يُعرف بالإرهاب الإسلامي، إضافة إلى الانقسام الفلسطيني الداخلي، كل ذلك ساعد على تجميد عملية السلام والاستمرار في الاستيطان. عاد الرأي العام ليستيقظ ويثور في وجه الاعتداءات الإسرائيلية على أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين.

عملية الأقصى أتت بما لا تشتهي إسرائيل، فقد أعادت القضية الفلسطينية، والقدس إلى الصدارة، بل حشدت الشعب الفلسطيني خلف سلطته الوطنية، وتعامل الرئيس الفلسطيني بذكاء مع المشاعر الشعبية ووقف في خندق الدفاع عن القدس، ما سبب إحراجًا لحركة حماس التي بدت وكأنها غير معنية بالأقصى في بداية الأزمة الأخيرة، بل أن بعض قادتها هاجموا , وتهكموا على المدافعين عن الأقصى.

وعليه تقدمت حماس بخطوات مهمة تأخرت كثيرًا تجاه المصالحة الفلسطينية بعد أن ترجمت ذلك بفصل قيادتها السياسية الموجودة في الخارج عن قيادة الداخل في غزة، كما حلت اللجنة الإدارية التي تقوم بدور الحكومة الموازية في القطاع، وأيضًا ذهب إسماعيل هنية إلى القاهرة ووافق على المبادرة المصرية.

وجاءت المتغيرات في توجهات حماس ضرورة ذاتية للحركة لمواكبة المتغيرات، فلم يعد الدعم الإيراني، والتركي، والقطري واقعًا لحماس، وجاء مصدر الدعم من المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة، وهذا الدعم للشعب الفلسطيني وليس للحركات أو التنظيمات المتصارعة، كما أن مصر تدعم الشعب الفلسطيني وتقدم العون والمساعدة للشعب الفلسطيني عبر فتح المنافذ البرية لقطاع غزة، كما أن القاهرة أعادت التنسيق مع حماس وذهب إلى القاهرة إسماعيل هنية وقبل بالمبادرة المصرية.

أما على المستوى الأمريكي والإسرائيلي، فقد أكدت اجتماعات الأمم المتحدة خلال الشهر الحالي في نيويورك انعدام الاهتمام الأمريكي بحل الدولتين، أو التعامل مع المبادرة العربية، فلم يتطرق الرئيس الأمريكي ترامب أو رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى حل القضية الفلسطينية بكلمة واحدة أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، ما يعني فتور الاهتمام الأمريكي بالقضية الفلسطينية في عهد ترامب، وتناسى مبادرة حل الدولتين، بل حتى لم يأت على أحداث المسجد الأقصى الأخيرة بكلمة واحدة، وعليه فقد استغل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الفرصة ليتغنى بإسرائيل وما حققته من إنجازات داخلية واحتضان دولي متزايد للدولة العبرية خلال العام  في مقر المنظمة الدولية. 

وعلى ضوء ذلك يتضح أن مفاتيح الحل المتاحة بدأت تتجه إلى الواقعية، وأنها تأتي من داخل فلسطين نفسها ومن دول الاعتدال العربي التي تسعى إلى تحقيق السلام العادل والشامل بدون فرض ايدولوجيات، أو تنفيذ أجندات، بل دعم الشعب الفلسطيني وتحقيق حلم إقامة دولته على حدود 4 يونيو 1976م، وعاصمتها القدس الشرقية.

هنا، على الفصائل الفلسطينية اقتناص الفرصة بترسخ وتفعيل المصالحة بحلول عملية على الأرض، وترجمتها في خطوات عملية للمصالحة بين فتح وحماس، وإجراء الانتخابات الفلسطينية، وتحقيق التواصل بين قطاع غزة والضفة الغربية، والعمل على إعادة الإعمار بما يحقق الفائدة للشعب الفلسطيني دون النظر إلى تحقيق مكاسب فئوية أو فصائلية، بل مكاسب وطنية.

وعلى الدول العربية، والدول المؤيدة للسلام الاستفادة من هذه المعطيات وتشجيع خطوات المصالحة الفلسطينية، والضغط على إسرائيل لقبول حل الدولتين وإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية جنبًا إلى جنب دولة إسرائيل، وهو ما تضمنته وارتكزت إليه المبادرة العربية، وإذا تحقق ذلك سوف تنتهي مشكلة القضية الفلسطينية وتعيش إسرائيل بسلام في محيطها الإقليمي وفقًا لعلاقات طبيعية معلنة مع جيرانها العرب، وتقل أو تختفي مشكلة الإرهاب، وتتفرغ دول المنطقة للتنمية والبناء في ظل السلام العادل الذي طال انتظاره، وعلى إسرائيل أن تعي جيدًا ضرورة العيش بسلام، وأن تدرك أن إقامة الدولة الفلسطينية حق وليس منة منها , أو تفضلا على الفلسطينيين والمنطقة، وأن ذلك هو المفتاح الحقيقي والوحيد للسلام الدائم والعادل في منطقة الشرق الأوسط.

وبدون ذلك ستراوح المنطقة في الظروف التي سادت منذ منتصف أربعينيات القرن العشرين، وتظل إسرائيل جسدًا غريبًا في المنطقة العربية، ولن تنجح أي محاولات للتطبيع مع الدول العربية التي تنشد السلام والاستقرار وإنهاء حالة العنصرية التي تمارسها إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني. 

مقالات لنفس الكاتب