كيف سيكون شكل منطقة الخليج وإيران والولايات المتحدة في عام 2025؟ وما هو التوازن الاستراتيجي وأدوات كل فاعل في المنطقة وشبكة تحالفاته؟
تحاول هذه الورقة تسليط الضوء على الطموح النووي الإيراني والقدرات النووية الموازية، وكذلك دور الولايات المتحدة، وشبكة التحالفات لكل طرف، ومستقبل هذه المنظومة في المستقبل المنظور.
تمضي إيران على قدم وساق في تطوير برنامجها النووي، ضمن الاتفاق النووي الذي أعطاها نوع من المرونة والمكاسب الاقتصادية، وقام بتأجيل امتلاكها للقدرات النووية حتى عام 2025م، وهو ما اشتهر باسم بند الغروب، والذي سيؤثر على التوازن الاستراتيجي في المنطقة، في وقت تسعى فيه المملكة العربية السعودية إلى التحول الاقتصادي بعدم الاعتماد على النفط وفرض الضرائب والعمل على بعض الإصلاحات الاقتصادية وبناء مدن حديثة، وجلب استثمارات خارجية، ولكن يبقى السؤال حول أسس التوازن الاستراتيجي، وميادينه، وأدوات ذلك التوازن في منطقة بدأت في تشكلات جديدة، وبزوغ لاعبين جدد وكيانات جديدة، وهو: هل السياق الآن متاح لكافة دول الخليج أم إيران فقط؟ وما هي المكاسب والمخاطر المتاحة للطرفين وبأي تكلفة؟ وما أدوات كلا الطرفين في تنافس يحتدم مع الوقت وينبئ بدخول لاعبين جدد في المنطقة بجانب الولايات المتحدة وهما كل من روسيا والصين؟
الطموح الإيراني والتوازن الاستراتيجي
تلعب عدة عوامل دورها بفاعلية على التوازن الاستراتيجي في المنطقة، وتعتبر إيران من أبرز الطامحين إلى امتلاك القنبلة النووية، ويتنافس في إيران ملالي القرون الوسطى، وجيل الشباب من الحرس الثوري، الذي يقوده المتزمتون على الإمساك بزمام السيطرة، وكانت الحرب الوقائية التي شنتها إدارة بوش على الرغم من أنها ساهمت في تفكيك المنطقة إلى أنها سرعت البرنامج النووي الإيراني، لمنع استهدافهما بضربة أمريكية مميتة وهكذا، فإن استخدام المناورات ذات الصلة بالقدرات النووية، أصبحت سمة لما يمكن تسميته العصر النووي الثاني، ولذا فإن الخيارات التي يمكن أن تتخذ ضد إيران، ستواجه بعوائق كبرى، ويمكن أن يفسر هذا السلوك الأمريكي المنقسم بين التصريحات التي يدلي بها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وبين وزير خارجيته، أو بقية إدارته، وكان الناتج أن أمريكا لم، وربما لن ، تستطيع الانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني.[1]
ماهي القدرات النووية الموازية التي يمكن أن ترجح كفة إيران بالمنطقة ولا تصل في نفس الوقت في دائرة القنبلة النووية؟
يشير التقرير الاستراتيجي الصادر من مركز الخليج العربي للدراسات الإيرانية أن إيران تسعى لأن تصبح قوة بحرية نووية حيث يشير التقرير أنه "بعد قرار الكونغرس الأمريكي في نوفمبر 2016م، القاضي بتمديد العقوبات الأمريكية المفروض على إيران لمدة 10 سنوات إضافية، أمر الرئيس الإيراني حسن روحاني بإعداد خطط لإنتاج سفن تعمل بمحركات الدفع النووية. وفي شهر سبتمبر 2017م، أعلن قائد القوات البحرية بالجيش الإيراني الجنرال حبيب الله سياري أن بلاده بصدد تنفيذ استراتيجية تجهيز السفن الحربية بالوقود النووي وأنها لا تزال تدرس بناء سفن نووية لتتمكن من الإبحار لمسافات بعيدة والبقاء لفترات أطول في أعالي البحار. وحول عدد الأساطيل الحربية التي أرسلتها إيران إلى خارج حدودها قال سياري أن بلاده أرسلت حتى الآن 49 أسطولاً إلى خليج عدن.[2]
تستفيد إيران من علاقة كهذه استراتيجية تدعم ثقلها في كفة التوازن في المنطقة مع تعاونها الاستراتيجي مع كوريا الشمالية، حيث قامت الأخيرة بدعم إيران ومساعدتها في بناء منظومة صاروخية متقدمة من خلال إرسال خبراء عسكريين ومعدات لإنتاج الصواريخ ونقل الخبرة العسكرية لإيران، على النحو التالي:[3]
- بناء مواقع تخزين تحت الأرض لمنظومة الصواريخ الحربية الموجهة أرض ـ جو
- تطوير قدرات المخازن الكبرى للصواريخ الباليستية والمضادة للصواريخ الباليستية.
- إنتاج منظومة صواريخ سكا دبي (شهاب 1 – 2) وتطوير صاروخي شهاب (3 – 4) يبلغ مداها 1500 كم.[4]
وتجاريا، هناك تقارب بين إيران وأوروبا من أجل زيادة إنتاج النفط وتصديره إلى أوروبا علاوة على دخول الأوروبيين في مشاريع استثمارية بإيران، كما نما التبادل التجاري بين إيران والصين بنسبة 27% متجاوزًا 20 مليار دولار.[5]
طبيعة السلاح النووي في منظومة التوازن
تدرك إيران ميزة الردع النووي، حيث يكسبها مزايا عديدة واستقلالية في صنع القرار الخارجي، وكأنه بطاقة الجلوس على طاولة الكبار، وبالتالي تصبح إيران لاعبًا لا يمكن تجاوزه على المستوى الإقليمي، ولا يمكن إنكاره على المستوى الدولي، ويوفر ضمان البقاء الأساسي جنبًا إلى جنب مع الخلايا المسلحة التي تدعمها إيران وتشكل فاعلين ما دون الدولة. وبالتالي فالقوة النووية وهنا لا يقصد فقط القنبلة بل المعرفة والتطبيقات بحد ذاتها، ستجعل الدول الأخرى تفكر مرارًا قبل مهاجمة دولة تمتلك أسلحة نووية، وقد يستند إلى أن تطلق الدولة برنامجًا نوويًا إلى عدة أسباب ضمنها:
- غياب ضمانات أمنية فعالة.
- الحاجة إلى تأكيد الهوية الوطنية.
- توفير خبرات ورؤوس أموال كبيرة.
- وجود تهديد أو إدراك وجود تهديد خطير.
- دور أكبر في المحيطين الإقليمي والدولي.[6]
وعلاوة على طبيعة الردع للسلاح النووي، فإن إيران تستخدم عددًا من التكتيكات الأخرى، والتي تساهم في دفع نفوذ إيران في المنطقة.
الوسائل اللانووية في منظومة التوازن لصالح إيران
ماهي المنظومات التي تساعد استراتيجيات إيران وترفع ثقلها في توازن المنطقة لصالحها؟
تقوم إيران باستخدام وسائل تعزز من مكانتها الإقليمية وتزيد من نفوذها ويمكن سردها كالتالي:
تكتيك التكلفة القليلة والتأثير العالي: ويظهر ذلك جليًا في الاستفادة من تطوير القوارب الصغيرة ذات الكلفة الزهيدة، وتقوم بضرب القوات البحرية لدول الخليج والذي يكلف الأخيرة مبالغ ضخمة في عمليات الإصلاح.
تكتيك منهجية المظلومية: حيث تقوم إيران والجماعات التابعة لها، بخلق منهجية للحشد عبر مفهوم المظلومية، وتضخيم الحدث، وإنشاء المحتوى وزيادة التأثير ثم تضخيم الأثر الانعكاسي داخل الوعي المجتمعي بالثأر، وهو ما يمكن تسميته تكتيك منهجية المظلومية.
منهجيات التغيير الديموغرافي: ويعبر عن ذلك المثال الموجود في سوريا والعراق، عبر القتل المباشر والتهديد بالقتل من أجل التهجير القسري وعمليات النزوح القسرية من قبل المليشيات التابعة لإيران. والمثل الآخر على الوجه الناعم، وذلك بدعم الزيادة العددية للأسر الشيعية في دول الخليج ويمكن ضرب مثال في البحرين وما حدث من تغير ديموغرافي ناتج عن الدعم والترويج للأسر والزيادة الطبيعية.
تكتيكات الاستدامة المالية: ويمكن الحديث عن الخمس وإدارته ضمن الخلايا والمجموعات خارج إطار الدولة، والتصرف في تلك الأموال بشكل مستمر يضمن نوع من الاستقلالية
الفاعلين من غير الحكومة: ويمكن ضرب مثال واضح عبر انخراط بعض الأحزاب التابعة لإيران مثل حزب الله في جزء من عمل سياسي وآخر مسلح، وآخر يتبع أو يمول الجرائم العابرة للحدود.
تكتيك الذهاب لأقصى مدى: وذلك عن طريق التوجه للدول البعيدة مثل دول أمريكا اللاتينية، اليابان، كوريا الشمالية والجنوبية.
تكتيك هياكل الظل: وظل عن طريق خلق مجموعات غير حكومية وتدريبهم سياسيًا وإعلاميًا وخطابيًا، وخلق صفوف ثانية في ذات الدولة متخطية وكاسرة بذلك السيادة الوطنية والاستقلالية.
الموقف الأمريكي وأثره على التوازن الإقليمي
لا شك أن موقف أمريكا مهم جدًا، حيث أشار الباحث مارك دوبويتز في مقاله الذي نُشر في موقع “فورين بوليسي” عن الإدارة الأمريكية السابقة، ويشير إلى الأحداث الغريبة المتعلقة بمسألة الأموال التي نُقلت إلى إيران ذلك الوقت حيث بتساؤل الباحث:
هل تحويل البيت الأبيض عشرات مليارات الدولارات إلى قوات الحرس الثوري الإيرانيّ وحزب الله في لبنان، لتمويل الإرهاب في الشرق الأوسط؟
فقد قام الرئيس أوباما ووزير خارجيته جون كيري بتمويل مشهد الرعب السوري بشكل مباشر وكذلك الإرهابيين على قوائم المراقبة الأمريكيَّة ومنذ التوصُّل إلى اتفاق مع إيران، وخلال المفاوضات النووية رفضت الإدارة الأمريكية بشدة مخاوف الكونغرس بأن تخفيف العقوبات سيمول انتهاكات إيران في المنطقة.[7] أما في عهد الرئيس ترامب فإن الوضع اختلف لا سيما بعد التوافق بين الرياض وترامب تحديدًا لذا يجب التفرقة في النظر للولايات المتحدة حاليًا بين مؤسساتها وتصريحات الرئيس الأمريكي، وبين كل ما يسمى السياسة الخارجية والسلوك السياسي. فقد اعتبرت الإدارة الأمريكية الحالية أن الإيرانيين ينتهكون "روح" الاتفاق الموقع عام 2015م، لأن الاتفاق كان هدفه تشجيع الاستقرار والأمن في المنطقة. والانتقاد الأول يستهدف البرنامج البالستي الإيراني غير المحظور بموجب اتفاق فيينا رغم أن القرار 2231 الصادر عن مجلس الأمن الدولي الذي صادق بموجبه على الاتفاق، يطالب طهران بعدم تطوير صواريخ أعدت لتحمل رؤوسًا نووية.[8]
ما تأثير العقوبات الأمريكية على الطموحات النووية الإيرانية؟[9]
إن العقوبات التي فرضتها وزارتا الخارجية والخزانة الأمريكية في 25 أكتوبر، موجهة إلى قوات الحرس الثوري الإيراني والمؤسسات المالية التابعة لها وفرضت ضغطًاً على أنشطة الحرس الثوري المتعلقة بالقذائف الباليستية، غير أن تركيز العقوبات المتعلقة بتلك الصواريخ، يمكن أن يكون له تأثير على تقييد قدرة الحرس الثوري الإيراني على تمويل أجزاء أخرى من عملياته التي تمتد إلى معظم مجالات المشتريات العسكرية الإيرانية، بما في ذلك برنامجها للتطوير النووي. وهذا بدوره قد يجعل من الصعب على إيران شراء المواد والتكنولوجيا اللازمة من الخارج لاستكمال خططها لتشغيل منشأة لتخصيب اليورانيوم على نطاق صناعي.
بيد أن تركيز العقوبات على أنشطة الصواريخ الباليستية يثير مسألة خطيرة حيث أن الغرض من هذه العقوبات هو إقناع المسؤولين الرئيسيين داخل الحرس الثوري الإيراني بالتذمر من البرنامج النووي، ودعم التوجهات داخل الحكومة الإيرانية التي يمكن أن تقود إيران إلى التخلي عن الأجزاء الأكثر حساسية من طموحاتها النووية (أي التخصيب وإعادة المعالجةومع ذلك، فمن المرجح أن تستمر برامج الصواريخ الإيرانية حتى لو وافقت على تعليق أو إنهاء أنشطتها النووية وبدأت برامج الصواريخ الإيرانية، التي خلافًا لأنشطتها النووية، لا تنتهك القانون الدولي أو مراسيم مجلس الأمن الدولي، بعد القصف الصاروخي على طهران خلال الحرب بين إيران والعراق، وهي تتكامل بشكل وثيق مع الخدمات العسكرية النشطة في إيران. وهذا يشير إلى أن برامج القذائف والجزاءات المتعلقة بالقذائف ستبقى قائمة حتى لو امتثلت إيران للقضية النووية، مما قوض أي تأثير إيجابي على المسألة النووية قد تكون الجزاءات قد صممت.[10]
بما أن إيران تسعى لتوسيع قوتها في منطقة الخليج والشرق الأوسط، هل ستشدد العقوبات الأمريكية على إيران أو تعزلها مع جيرانها في المنطقة؟ ماذا تعني العقوبات بالنسبة لمصداقية الولايات المتحدة في المنطقة؟
من المشكوك فيه أن يكون للعقوبات في حد ذاتها، تأثير كبير على سلوك إيران أو علاقتها مع دول الجوار في المنطقة حيث تتدخل إيران بالمنطقة وتشعر دول الخليج بالقلق إزاء نوايا إيران الساعية للهيمنة، وفي نفس الوقت القلق المصاحب إزاء التزام الولايات المتحدة على المدى الطويل بالمنطقة، ومستقبل 2025م، ما بعد ترامب.وسيكون الناتج مما يحصل في العراق محور أساسي وتأثير كبير على الطريقة التي ينظر بها إلى الولايات المتحدة في المنطقة وكيف يمكن أن تتدخل مستقبلا.[11]
هل ستؤثر العقوبات الأمريكية على حلفائنا في أوروبا وآسيا لفرض عقوبات مماثلة؟ على وجه التحديد، وهل ستواصل روسيا والصين معارضة العقوبات المفروضة على إيران؟
فرضت إدارة بوش جزاءات من جانب واحد، ويرجع ذلك جزئيًا إلى تزايد الإحباط من بطء وتيرة الجهود الدولية للضغط على إيران لتغيير اتجاه برنامجها النووي.ومن الممكن أن تحاول واشنطن استخدام ما لديها من نفوذ لتظهر للقوى الأوروبية وغيرها من القوى أن الولايات المتحدة قد تضطر إلى الاعتماد بشكل متزايد على التدابير القسرية الانفرادية ما لم يمكن الحفاظ على توافق دولي في الآراء بشأن إيران،ومن المرجح أن تفرض العقوبات المفروضة على المؤسسات المصرفية الإيرانية مزيدا من البلدان في أوروبا وآسيا لإعادة النظر في علاقاتها المالية مع الكيانات والبنوك الإيرانية المستهدفة،ومن المحتمل أيضًا أن تحاول الولايات المتحدة إقناع روسيا والصين بأن تكونا أكثر دعمًا لبعض العقوبات المفروضة على إيران. ومع ذلك، من المرجح أن تستجيب الدولتان بقلق من أن المزيد من العقوبات يمكن أن يؤدي إلى أزمة أكثر حدة ويخاطرون بالصراع العسكري المفتوح مع إيران، وهو أمر من المحتمل أن تعارضه الدولتان.[12] وهذا ما يجعلنا نتساءل عن أثر ذلك على التحالفات الدولية وإعادة هيكلتها.
مستقبل البرنامج النووي كأداة لإعادة هيكلة التحالفات
هل البرنامج النووي الإيراني هو بداية لإعادة تشكيل تحالفات دولية في المنطقة؟
يمكن للمحللين اعتبار أن ما يحدث في إيران والدعم الذي تلقاه خصوصًا من روسيا، ماهي إلا عارض من عوارض كبرى وهي إعادة تشكيل التحالفات في المنطقة، و دخول روسيا تحديدًا وبريطانيا، كلاعبين، لا يمكن الحديث عن أدوات واضحة لبريطانيا، لكن بالتأكيد أن التواجد الروسي يزداد يوما بعد يوم في المنطقة، وما البرنامج النووي إلا أداة تهدف لإعادة خلخلة التحالفات، وتضعيف للوجود الأمريكي، وإعادة دخول روسيا و بريطانيا كمنظمين، قديمين جديدين للمنطقة، عبر تمكين إيران من بعض التقنيات المحددة من قبل بعض العلماء الروس في المجال النووي والتعاون العسكري والعلمي، ثم تحجيمه في الوقت المناسب، عبر ما تملك تلك الدول من أدوات ضغط أو معرفة تعامل بالداخل الإيراني، وإيران بحد ذاتها لا تمانع ذلك طالما أن في ذلك تمكين لها، على المستوى الإقليمي.
الحالة الخليجية.. هل ما تزال المنظومة قائمة لإعادة التوازن الاستراتيجي؟
نطرح عددًا من التساؤلات حول منطقة الخليج: هل ما تزال هنالك منظومة خليجية مشتركة؟ لا سيما مع الخلاف البيني بين كل من المملكة والإمارات مع قطر، وبالتالي هل نتحدث عن انهيار أو ضعف لمنظومة موحدة للخليج من ناحية توازن القوى، وماهي الدول الأكثر تأثرًا في كل هذا، ونتحدث هنا خصوصًا عن دولتين رئيسيتين هما الكويت والبحرين.
يتجه الخطر في كل من البحرين والكويت في كفة التوازنات إلى خطر وجودي، حيث تشارك الكويت الحدود مع إيران، ويطغى التواجد الشيعي في البحرين من الناحية الديموغرافية، ولذا تهديد إيران يكمن في إذا ما استخدمت نفوذها والحدود الجغرافية من جهة، وكذلك استخدام التشيع كحصان طروادة في البحرين، على تهديد تلك الكيانات ومن هنا يختلف التوازن الخليجي، في حالة عدم وجود منظومة أو صياغة تحاور تجمع هذه الدول مع بعضها البعض تجاه إيران.
من ناحية أخرى، هنالك ثنائية دولة الإمارات التي من جهة تعاني من احتلال لجزرها، وكذلك تحارب الحوثي في اليمن وهي داعمة لانفصال الجنوب، وبالمقابل تبادل تجاري متميز وعلاقات اقتصادية قوية مع إيران، فهل يشكل هذا التواجه المستقبلي.
وماهي مآلات كل ذلك المستقبلية، أي عندما نتحدث عن 2025م، وبداية انقضاء وأفول القيود على إيران، كيف سيكون شكل دول الخليج عام 2025م، من ناحية سياسية واقتصادية ونفوذ إقليمي لدولها، وكيف سيكون شكل إيران كذلك عام 2025 م، من الناحية السياسية.
لا تبدو منطقة الخليج والنفوذ الخليجي في حالة قوة الآن مالم يتم ترتيب البيت الخليجي من ناحية، أو الاتفاق على صيغ لا سيما وأن المنطقة تتجه إلى تكوينات جديدة وبروز الفاعلين من غير الدولة، على الساحة الإقليمية، تشهد اختلالا في العناصر الفاعلة في البيئة الاستراتيجية، أي إحلال الحروب اللاتماثلية محل سباقات التسلح، وهنا ما تسبق إيران به، أي وجود ميليشياتها مثل حزب الله، والحشد الشعبي، والمليشيات الصغرى مثل عصائب أهل الحق وفيلق القدس وأكثر من خمسين ميليشيا أخرى، استغلت عامل ضعف الدولة في سوريا والعراق، واستنساخ ولاءات جديدة لزعزعة أمن دول المنطقة كلها، وربطهم عبر منظومة إدارية هيكلية مالية وفكرية من أجل توسيع النفوذ الإيراني في المنطقة.
تعيش المنطقة العربية حالة من التشرذم والتفكك والتقسيم علاوة على كثير من الانقسامات الداخلية، والأحداث التي تشكك في مستقبل الحدود العربية في ظل بروز حركات انفصالية لإقليم كردستان مثلا، وزيادة ضعف البنى الإقليمية مثل الخلاف الخليجي، الذي يعطي لإيران فرصة للتوغل أكثر في المنطقة.
وقد قامت إيران فعلا باستغلال هذا الخلاف لصالحها وقامت بفتح الأجواء وزيادة النقل البحري بينها وبين قطر، وهذا ينبئ بسيناريوهات مستقبلية عديدة، ضمنها التدخلات العسكرية والمواجهات غير المباشرة مع إيران كما هو الحال في اليمن، لتوسيع الجبهات على دول الخليج، وبعد ذلك مع التسريع الذي تتجه إليه إيران حاليًا والمدفوع بحالة الخوف لا سيما وأن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يحاول التضييق وشد الخناق أكثر، ونشأ عنه ردة فعل داخلية إيرانية بتوسيع علاقاتها مع دول أوروبية حليفة للولايات المتحدة، علاوة على تأثير اللوبي الإيراني داخل الولايات المتحدة، فإن حيازة ايران لاستخدامات ونماذج نووية في تطبيقات عسكرية، يفضي بالمنطقة لمزيد من التسلح والتصعيد، وهذا قد يدفع المملكة لاستدعاء المساعدة من حلفائها النوويين وعلى رأسهم باكستان في حالة حصل هنالك تصعيد من ايران في المنطقة.
تتبوأ المملكة العربية السعودية، كقائدة للخليج والعالم العربي والإسلامي، قوتها وشرعيتها في تلك القيادة من خلال وجود الحرمين الشريفين، القوة الاقتصادية، القيادة الحكيمة، والتأكيد على القضايا العربية مثل قضية فلسطين، ومع المتغيرات والخطط الطموحة التي تقودها المملكة ممثلة في الأمير محمد بن سلمان والذي يخطو خطوات متميزة لصالح المملكة تجدر الإشارة إلى عدد من المسائل الهامة: أولا: أن تحركات المملكة الأخيرة أصبحت ذات إيقاع سريع في محاولة للتناغم مع سرعة التغييرات الإقليمية.
ثانياً: أن هنالك مكاسب تكتيكية تحققت لصالح المملكة، لكن في حساب المصالح والخسائر من المهم دائما النظر إلى أن المشاريع الاستثمارية للمملكة تحتاج لها من أجل نجاحها أن يكون هنالك بيئة استقرار إقليمي ويتم السيطرة على التوترات. وبالمقابل، ينبغي الحذر من القضايا التي تحاول إيران نزع شرعيتها من المملكة في الصراع القائم، ولذا، يطرح سؤال ختامي: هل تصل المملكة لصيغة تحييد تهديد إيران و إيجاد صيغة التعادل الاستراتيجي ومستوى رابح ـ رابح، أو ما يسمى بالأعداء الأصدقاء "الاعدقاء" وكيف سيشكل ذلك شكل المنطقة في حال الوصول إلى بعض التفاهمات في ظل إرادة سياسية من البلدين معتبرة القدرات النووية الإيرانية مجرد أداة يمكن الرد عليها بامتلاك أدوات مشابهة أو أدوات أخرى ليست أقل أهمية، وبالتالي تجد إيران نفسها أمام واقع جديد تسعى فيه أيضًا إلى إيجاد صيغ رابح ـ رابح معه.
[1]مايكل كريبون، الأمن أولاً قبل الندم، مفارقات التعايش مع القنبلة، مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، أبو ظبي، 2012، ص 177
[2]https://arabiangcis.org/%d8%a7%d9%84%d8%a7%d8%ae%d8%a8%d8%a7%d8%b1/%d8%b9%d9%86-%d8%aa%d9%82%d8%b1%d9%8a%d8%b1-%d8%a7%d9%84%d8%ad%d8%a7%d9%84%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%a5%d9%8a%d8%b1%d8%a7%d9%86%d9%8a%d8%a9-%d8%b3%d8%a8%d8%aa%d9%85%d8%a8%d8%b1-2017/
[3] Peter Brookes, Could North Korea Secretly Build an Iranian Bomb? the National Institute, May 10, 2016, available on:https://goo.gl/i2YOSk
[4]شهاب-3 هو صاروخ بالستي متوسط المدى طورته إيران، يصل مداه برأس حربي يبلغ وزنه 1200 كلغ الى 1300 كم وبرأس حربي من 1000 كلغ إلى 1500 كم ومع رأس حربي من 800 كلغ إلى 1700 كم
[5]المرجع السابق
[6]السيد صدقي عابدين، النظام السياسي الكوري الشمالي، عبدالعزيز شادي ومحمد ايوب، التحولات السياسية في كوريا، القاهرة، مركز الدراسات الآسيوية، 2002، ص24
[7]https://arabiangcis.org/%d9%85%d9%82%d8%a7%d9%84%d8%a7%d8%aa/%d8%a7%d9%84%d8%a7%d8%aa%d9%81%d8%a7%d9%82-%d8%a7%d9%84%d9%86%d9%88%d9%88%d9%8a-%d9%8a%d9%85%d9%88%d9%84-%d9%81%d9%88%d8%b6%d9%89-%d8%a5%d9%8a%d8%b1%d8%a7%d9%86-%d9%81%d9%8a-%d8%a7%d9%84%d8%b4%d8%b1/
[8] http://www.france24.com/ar/20171013-%D9%85%D8%A2%D8%AE%D8%B0-%D8%A3%D9%85%D8%B1%D9%8A%D9%83%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%AA%D9%81%D8%A7%D9%82-%D8%A7%D9%84%D9%86%D9%88%D9%88%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D9%8A%D8%B1%D8%A7%D9%86%D9%8A-%D8%AA%D8%B1%D8%A7%D9%85%D8%A8
[9] https://www.csis.org/analysis/iran
[10]المرجع السابق
[11]مركز الدراسات الدولية و الاستراتيجية، واشنطن.2017
[12]المرجع السابق.