طالما كان هاجس أمن واستقلال الدول في ظل اختلال توازن القوى من أبرز الدوافع الدولية المحركة لامتلاك السلاح النوويلما يحققه لها من المكانة السياسية والهيمنة الإقليمية والدولية رغم تناقضه مع مبدأ السلام العالمي والأمن الجماعي، وتشكل معاهدة حظر الأسلحة النووية التي تبنتها أغلبية كبرى في الأمم المتحدة يوم 7 - يوليو - 2017 م، مرتكزًا أساسيًا للحد من التسلح النووي إذ تُلزم المعاهدة الدول غير النووية عسكريًا بـعدم استقبال الأسلحة النووية أو السيطرة على هذه الأسلحة بشكل مباشر أو غير مباشر، كما تحظر المعاهدة الجديدة مجموعة كاملة من الأنشطة المتصلة بالأسلحة النووية مثل التعهد بتطوير واختبار وإنتاج وصنع وحيازة ونقل وتخزين الأسلحة النووية أو غيرها من الأجهزة المتفجرة النووية، فضلاً عن استخدام أو التهديد باستخدام مثل هذه الأسلحة.
بالرغم من أهمية المعاهدة في الحد من سباق التسلح النووي، واتسامها بالكثير من المرونة باعتبارها مُلزمة قانونيًا للدول المنضمة إليها، ولا تمنعها من أن تدخل في تحالفات عسكرية مع دول تمتلك الأسلحة النووية. كما يحق لأي دولة الانسحاب من المعاهدة في حال تعارض الأحداث الاستثنائية المرتبطة بالمعاهدة مع مصالحها العليا إلا أنها لم تحظ بقبول الولايات المتحدة و " الناتو "الذين اتخذوا موقفًا معارضًا منها وإن أبديا التزامًا بمعاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية الموقعة عام 1968م، مع التأكيد أن الهدف الرئيسي للحفاظ على أسلحتهم النووية لأجل الحفاظ على السلام الدولي وردع عدوان القوى النووية، كما عارضت قوى نووية أخرى كالصين والهند وباكستان وكوريا الشمالية وإسرائيل وأكرانيا واليابان معاهدة حظر الأسلحة النووية كون الحظر لن يكون له تأثير على خفض مخزون العالم النووي ولن تتمكن من الضغط على الدول النووية لأخذ مسألة نزع السلاح النووي على محمل الجد.
وفيما تتجه التطورات للمزيد من سبق التسلح النووي مع تباين السياسات الأمريكية للإخلال بتوازن القوة في آسيا ومنطقة الشرق الأوسط ، وتبرز الحاجة إلى إلقاء الضوء على موقف الولايات المتحدة من انتشار الأسلحة النووية وسياساتها التميزية الانتقائية في قبول أو رفض حق بعض الدول في امتلاك سلاحها النووي وحقيقة تصريحات وتحركات الإدارة الأمريكيةبمضاعفة أسلحتها لتحقيق الريادة النووية عبر دروعها الصاروخية المنتشرة في أوروبا ضد روسيا، وفي كوريا الجنوبية ضد الصين [1] التي جاءت مغايرة لتوقعات الحكومات والخبراء والمتابعين لخطورة انعكاساتها على موازين القوى في آسيا والشرق الأوسط وغيرها من السياسات التي سنتناولها بالتحليل في المحورين التاليين:
أولاً: الولايات المتحدة واختلال موازين القوى في الشرق الأوسط
طالما كان المبدأ الأمريكي بشأن امتلاك السلاح النووي لعقود سابقة يخضع لتفسيراتها الخاصة وزوايا مصالحها الإستراتيجية وفي إطار حسابات سياسية معقدة، إضافة إلى ازدواجية المعايير التي سيطرت على معالجتها للقضايا النووية والتي تظهر أكثر ما يكون في الشرق الأوسط ، حيث تتجاهل امتلاك إسرائيل لأكثر من ( 200 ) رأس نووي حربي، وامتناعها عن التوقيع على معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية في حين تتشدد تجاه إيران وحتى العراق وليبيا وسوريا لمجرد الشك وتعتبرها - دولاً مارقة -خارجة عن القانون لتخفيف الحرج عن موقفها السياسي والأخلاقي المتناقض لمعاييرها المزدوجة والكيل بمكيالين، وتذهب الإدارة الأمريكية في موقفها المتناقض إلى ضرورة التفريق بين الدول التي تسعى للسيطرة على السلاح النووي لتزويد الإرهابين به مما يشكل مصدر تهديد للأمن الأمريكي ومصالحه الاستراتيجية أو حتى حلفائه وبين تلك الدول التي تسعى لامتلاك ذلك السلاح كقوة ردع للدفاع عن نفسها وليس للاعتداء على الآخرين كإسرائيل , الأمر الذي يعكس تباين السياسة الأمريكية ومحدداتها في التعامل مع القضايا النووية حيث لا توجد سياسات واضحة ومعلنة إنما سياسات خاصة بكل قضية نووية عن الأخرى سواء في الشرق الأوسط أو حتى مناطق آسيا وإن كانت المعالجات النووية مختلفة واستنادًا إلى قياس ميزان القوة بحسب المنظور الأمريكي لكل منطقة حيث تؤشر التقديرات الأمريكية الرسمية مؤخرًا على رفع درجة خطر النوايا النووية الإيرانية بينما لا زالت إسرائيل خارج القدرات النووية الخطيرة بالمعايير الأمريكية، بل تعتبر إسرائيل الاستثناء النووي في الشرق الأوسط وإن بُرر القبول الأمريكي لترسانة إسرائيل النووية لحاجتها في دعم أمنها القومي على اعتبار أنها دولة نووية مسؤولة، الأمر الذي يتناقض تمامًا مع سياسة التشدد التي انتهجتها واشنطن منذ 2001م، إذ لم تفوت الفرصة في إحكام الخناق حول عدد من دول المنطقة للانصياع لمطالبها بلا قيد أو شرط وبدأ ذلك جليًا للغاية مع تصاعد الأزمة العراقية وتطوراتها التي دارت أيضًا حول أسلحة الدمار الشامل .
ويحمل رفض أمريكا التوقيع على معاهدة الأمم المتحدة لحظر الأسلحة النووية والتهديد بالانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني مؤشرات ومضامين ذات دلالة على عدم رغبة الإدارة الأمريكية القبول بأي قوة دولية مُلزِمة قانونيًا باتجاه حظر الأسلحة النووية بقصد التفرد الأمريكي بتلك القوة كورقة دولية ضاغطة واحتكارها لحق الرفض والقبول بأي قوة نووية جديدة فمن الواضح أن سياسات أمريكا في الحد من التسلح النووي في الشرق الأوسط على طرفي نقيض، كما تتداخل مواقفها بشكل معقد مما يضع المنطقة والعالم أجمع في حالة من التوتر وعدم الاستقرار الدائم لا سيما مع التراخي الأمريكي في اتخاذ التدابير البرجماتية لخفض المخاطر النووية الإقليمية والدولية والتخلي عن التزامها بتحسين البيئة الأمنية للشرق الأوسط كمنطقة منزوعة السلاح .
1-1) الموقف الأمريكي من البرنامج النووي الإسرائيلي
شكل البرنامج النووي العسكري الإسرائيلي أحد عناصر الثقل الإستراتيجي الخاص في معادلة موازنات القوى في منطقة الشرق الأوسط وأداة ردع في مواجهة المخاطر والتهديدات التي تمس أمنها القومي وكيانها الصهيوني، وكان الدور الأمريكي واضحًا منذ عقود في الدفع باتجاه تشكيل مفاوضات متعددة الأطراف حول ضبط التسلح والأمن الإقليمي في ظل عملية التسوية السلمية للصراع العربي / الإسرائيلي مما مكن إسرائيل من تملك وتطوير ترسانتها النووية وطالما انتهجت إسرائيل سياسة الغموض النووي، أو الردع بالشك، إذ لا يخضع برنامجها لرقابة الوكالة الدولية للطاقة الذرية، كما رفضت التوقيع على معاهدتي " حظر انتشار الأسلحة النووية – حظر التجارب النووية " مما مكنها من الحصول على السلاح النووي. كما حققت إسرائيل بدعم ومباركة أمريكية / غربية مبدأ " الإحتكار النووي بالمنطقة "وتبنت الكثير من السياسات الإقليمية والدولية المحذرة لدول الجوار من مغبة القيام بتطوير قوة نووية منافسة لها والتهديد بتدميرها كما فعلت مع المفاعل النووي العراقي فضلاً عن موقفها المتشدد من البرنامج النووي الإيراني. كما لن تتوانى عن ممارسة كافة المساعي السلمية وغير السلمية لإفشال أي جهود عربية من محاولة نقل أو تملك أو تطوير التكنولوجيا النووية، سواء بالتدمير أو الضغط على القوى الدولية الكبرى لوقف الإمداد بأي تكنولوجيا أو معدات نووية لضمان تفردها النووي، وعدم إحداث أي تغيير في موازين القوة بالمنطقة لغير صالح إسرائيل، لاسيما من قبل تلك الدول التي تحظى بثقل سياسي واقتصادي وبشري في المنطقة.
وقدمت مراكز الفكر الإسرائيلي استراتيجيات عدة لتحقيق الريادة النووية في المنطقة -بتقنيات فائقة ومتقدمة – مع مضاعفة القوة التدميرية للصواريخ البالستية الإسرائيلية الحالية وقدراتها الحربية للدفاع عن نفسها. كما عمدت إسرائيل وبمساعدة أمريكية على توجيه المواقف الدولية للتوافق مع التوجهات النووية الإسرائيلية وتحديثها مع الاستمرار في عدم السماح بفتح منشآتها النووية للتفتيش الدولي فضلاً عن مضاعفة قدرتها الاستخباراتية في إيران وغيرها من دول المنطقة لمراقبة التطورات النووية وانعكاساتها على الأمن الإسرائيلي لا سيما أن إسرائيل ليست ملتزمة بالاتفاق النووي مع إيران، وتحتفظ بحقها في الدفاع الذاتي بشكل مستقل في حال امتلاك إيران قنبلة نووية مما يعزز من فرض إرادتها على المنطقة. كما جندت إسرائيل قوى وائتلافات إقليمية تحقق لها التفرد النووي عبر الضغوط الدولية على إيران وإن تطلب الوضع إسقاط النظام الإيراني من خلال دعم القوي الديمقراطية للمطالبة بتغيرات في سياسة طهران الإقليمية المعادية لإسرائيل والداعمة للإرهاب في المنطقة. كما قام اللوبي الصهيوني في أمريكا بتنظيم حملات دعائية للتأثير في الكونجرس للضغط على الإدارة الأمريكية وقد كونت منظمة " إيباك " جماعة ضغط جديدة تحمل اسم -مواطنون من أجل إيران خالية من السلاح النووي -للتأثير في الإدارة الأمريكية لتغير وجهتها نحو إيران إبان الإدارة الأمريكية السابقة.
1-2) الموقف الأمريكي من الاتفاق النووي الإيراني
طالما كانت دوافع النظام الفارسي في امتلاك السلاح النووي لتعزيز دوره إقليميًا ودوليًا وتحقيق الهيمنة وبسط النفوذ والتأثير في منطقة مصالحه الحيوية سواء في منطقة الخليج، أو الشرق الأوسط أو بحر قزوين أو آسيا الوسطى أو جنوب غرب آسيا وجميعها تعتبر مناطق نفوذ ومصالح أمريكية ولا شك أن تقاطع المصالح بين إيران وأمريكا شدد من موقف واشنطن الرافض لدخول منافس نووي غير حليف فيها. كما أن التفوق الإستراتيجي لإيران إذا ما قررت دخول منطقة -الحصانة النووية -سيشكل تهديد لإسرائيل. كما ضاعف التعاون السري بين إيران وكوريا الشمالية سواء ما يتعلق بالمفاعلات النووية أو الصواريخ البالستية وتكنولوجيا إنتاج الرؤوس النووية من الموقف الأمريكي والإسرائيلي الرافض للبرنامج النووي الإيراني على اعتبار أن كلتا الدولتين تم ادراجهما ضمن - محور الشر – طبقًا لتصنيف " بوش "وإن كانت روسيا الركيزة الأهم في تطوير برنامج إيران النووي، في المقابل أبدت إيران تشددًا كبيرًا إزاء مطالب أمريكا والاتحاد الأوروبي وإسرائيل بإيقاف برنامجها النووي، فإيران تدرك جيدًا أن واشنطن لن تستطيع المقامرة بعملية عسكرية في نفس المنطقة الجغرافية التي منيت فيها بحروب استنزاف طويلة " أفغانستان - العراق "دون تحقيق انتصارات. كما أن سقوط نظام صدام أعطى إيران ميزة إضافية باتجاه صعود الشيعة الموالين لها في العراق، وسيطرة النظام الإيراني على العملية السياسية مما أمن إمتدادًا إقليميًا لها، إضافة إلى نفوذها في آسيا الوسطى.
وفي سياق آخر، من المتوقع أن يحدث قرار الرئيس الأمريكي - دونالد ترامب -بسحب الثقة من الاتفاق النووي الإيراني بعض التحول في مناخ الأمن والاستقرار الإقليمي والعالمي، والحد من سباق التسلح النووي وإن أثار قرار الانسحاب الكثير من الجدل حول شرعيته من عدمه سيما أن الاتفاق النووي مع إيران ليس مرتبطًا بدولة أو دولتين وإنما اتفاق دولي مرتبط بالعالم أجمع واشتركت الدول السداسية " روسيا وبريطانيا والصين والولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا " في تحديد بنوده مما يعني شرعية الحفاظ على الاتفاق النووي بين إيران ومجموعة ( 5+1 ) كما أن الانسحاب الأمريكي غير مبرر ولا يتأتى من منطلق إخلال إيران بالتزاماتها ببنود الاتفاق، فضلاً عن تعاونها الجيد مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية والوفاء بتعهداتها النووية في إطار " خطة العمل المشترك الشاملة "وإنما يأتي لكونه لا يفي بالمصالح الوطنية الأميركية الأمر الذي سيتعين عليه مواجهة الرفض الروسي والصيني والأوروبي. كما يفرض على الإدارة الأمريكية عند رغبتها بإجراء أي تعديل على الاتفاقية وأخذ موافقة كافة الأطراف الموقعة عليها عند إجراء أي تعديل مع تصاعد القلق المشترك من النشاط الإيراني في المنطقة، والتطور المتسارع في برنامج الصواريخ الباليستية الإيرانية.
وبفرض انسحاب أمريكا من الاتفاقية النووية وثبات الموقف الأوروبي والروسي والصيني، فإن الاتفاق النووي لن يكون ملغيًا وإن كانت تؤشر تصريحات – الرئيس ترمب - إلى مسار آخر تريد الولايات المتحدة به التضيق على إيران والدفع به لخرق الاتفاق مما يمكنها من حشد تحالف دولي لمحاصرة إيران والقيام بهجمات استباقية الأمر الذي قد يفضي إلى احتمالية التصعيد العسكري باتجاه قيام حرب جديدة في منطقة الشرق الأوسط ، خصوصًا أن فرض أي عقوبات جديدة على إيران سيعتبره النظام الإيراني عملاً عدائيًا تجاهها وهو الملتزم ببنود الاتفاق، وقد يكون ذلك بداية التصعيد الذي يدفع باتجاه تبني الخيار العسكري سيما أن أمريكا لم يعد لديها الكثير من أوراق الضغط على إيران خاصة مع عدم وجود حلفاءٍ لها في هذا الاتجاه إذ ليس من مصلحة أوروبا وكذلك الصين وروسيا المشاركة في طرح الخيار العسكري وخوض حرب مكلفة ضد إيران سيما مع التزام إيران بتعهداتها تجاه هذا الاتفاق .
أما من حيث تداعيات الانسحاب الأمريكي من الاتفاق الإيراني على استقرار المنطقة من المؤكد أن تراجع الوزن النسبي لأمريكا في الشرق الأوسط سيسمح لكثير من الأطراف الدولية الفاعلة التدخل وبقوة في المنطقة على غرار التدخل الروسي في الملف السوري الأمر الذي قد يبلور حالة من الصراع السياسي في سياق تجاذب وصراع عميق للإرادة الدولية والإقليمية التي قد تجعل من المنطقة ساحة لنفوذها السياسي والعسكري فضلاً عن التداعيات الأمنية الأخرى، نوجز منها:
- انسحاب أمريكا ومحاولة فرض عقوبات أحادية وإن كانت غير مؤثرة على إيران، ستدفع بطهران بالانسحاب من الاتفاق كما أعلنت مؤخرًا ما يعني فتح المجال أمامها لاستكمال تطوير قدراتها الخاصة بشكل سري، وحيازة السلاح النووي باعتباره الضامن لأمنها القومي حتى مع مواصلة باقي مجموعة الدول " الخمس + 1 "من الوسطاء الدوليين في إطار " خطة العمل الشاملة المشتركة " الأمر الذي سيفتح بالتأكيد بابًا لسباق التسلح النووي مع احتمال سعي دول إقليمية ودولية أخرى على إنشاء بنية تحتيّة نووية شبيهة بالإيرانية بما فيها الدول المارقة.
- حيازة إيران للسلاح النووي، ودخولها منطقة الحصانة النووية من شأنه إضفاء الكثير من الثقل السياسي والعسكري للنظام الإيراني، والقدرة على إحداث تغيير في التوازنات الإقليمية بما يخدم مصالحها التوسعية، وقدرتها التفاوضية في حق تقرير شؤون معظم الأقطار العربية من التسويات التي قد تنتج بفعل الانتفاضات العربية القائمة.
- مواصلة نشر ميليشياتها المسلحة، المغذية للإرهاب، ولإيران سجلّ حافل في العمليات الإرهابية بواسطة تلك الميليشيات، مع إضفاء الصبغة الشرعية عليها بتصنيفها حركات مقاومة مشروعة، للتوسع في حروبها التي تديرها بالوكالة في المنطقة عبر أذرعها العسكرية والجهادية والجماعات والمنظمات الإرهابية.
وعلى ضوء إشكاليات الدور الأمريكي في الشرق الأوسط، من الواضح أن موقفها الداعم حيال انتشار برامج التسلح النووي [2]، وسياساتها الانتقائية في التعامل مع ملفاته في إيران وإسرائيل، بات المنظور الإستراتيجي لدول المنطقة محكومًا إلى حد كبير بالتطورات الراهنة والمستقبلية لتوازن القوة، والتفكير جديًا في امتلاك قوة ردع مناسبة سيما أنها أضحت محصورة بين قوة نووية حقيقية في إسرائيل، وأخرى مجهولة الهدف في إيران ، وكلاهما تناصبان العداء للمنطقة الأمر الذي يعطي مبررًا لدول المنطقة في امتلاك برامجها النووية في ظل فقد مصداقية وجدية اتفاقية حظر انتشار الأسلحة النووية التي أعطت الدول النووية كامل حقوق الدفاع والردع وحرمت الدول غير النووية من أبسط حقوق الدفاع عن أمنها القومي .
ثانيًا: الدور الأمريكي ومعادلة توازن القوى في آسيا
نشأ مفهوم توازان القوى في العالم منذ بدء الصراعات الدولية على قوة الهيمنة حتى لا تستأثر قوة بذاتها على عناصر السطوة والنفوذ، وذلك ما يحدث فعلا في قارة آسيا الأكثر خطورة في التسلح النووي، اذ تضم حتى الآن ست دول نووية ناهيك عن إيران. وطالما كان الهاجس الأمني، والتطلع للهيمنة وتحقيق المكانة الإقليمية والدولية من أبرز الدوافع المحركة للدول الآسيوية في امتلاك سلاحها النووي والوصول إلى حالة من توزان القوى، لا سيما مع تعدد حضاراتها، وعدم تجانس طوائفها العرقية، وصراعاتها السياسية والعقائدية، وما خلفته من عوامل عدم استقرار سياسي، فالمشكلات الحدودية وصراع المصالح والنفوذ في شبه القارة الهندية بين الهند والصين من جانب، والهند وباكستان من جانب آخر ما زال قائمًا، والتنافس المحموم في تطوير القدرة النووية ومضاعفتها بين الصين وروسيا لمواجهة وردع الولايات المتحدة بلغ مداه مع الاستدارة الأمريكية لوسط آسيا وحرب الاستنزاف بين شطري الكوريتين في تصاعد مستمر ، وأخيرًا النزاع بين - واشنطن وبيونغ يانغ - وما صاحبة من تصاعد التهديدات بينهما التي قد تتحول إلى حرب، مما يبعث على القلق، إذ لم تنذر بكوارث نووية دولية.
2-1) الدور الأمريكي وسباق التسلح النووي في آسيا
في خضم التحولات الأمنية والسياسية والاستراتيجية الآسيوية، والصراع على النفوذ والأدوار،أظهر سباق التسلح النووي في قارة آسيا حجم الدور المحوري لأمريكا، وتحركاتها الكبرى في منع أو وقف أو تعطيل امتلاك أطراف إقليمية للأسلحة النووية كانت أو على وشك حيازة السلاح النووي سرًا، حيث لم تتوان واشنطن عن خوض الحروب لمنع تفرد قوى نووية بعينها في آسيا، كما عمدت بناء تحالفات مع الدول النووية وغير النووية، لخفض التفوق النووي للدول العظمى، والحيلولة دون سيطرة أي دولة على المنطقة بما يتعارض مع الطموحات الأمريكية، وتطلعاتها الإستراتيجية والاقتصادية بما فيها مواجهة مخططات القوى الكبرى - الصين والهند وروسيا - المؤثرة في موازين القوى العالمية والمهددة للمصالح الأمريكية في آسيا سيما مع رفض تلك الدول الإنضمام إلى اتفاقية حظر انتشار الأسلحة النووية في ظل عدم تحقيق تقدم في نزع السلاح النووي من جانب الدول النووية، واستمرار سياسة التمييز النووي ضد الدول غير النووية .
والحقيقة أن الموقف الأمريكي من التطورات النووية في آسيا، كان ولا زال متذبذبًا ومتناقضًا، ويتسم بالبرجماتية والانتقائية في التعامل بحسب مصالحها المرتبطة به فتارة أتى مساندًا لباكستان باعتبارها حليفًا لأمريكا ضد الاتحاد السوفيتي السابق، وتارة ضد باكستان ومؤيدًا للموقف الهندي كما ساعدت بريطانيا في الحصول على عضوية النادي النووي العالمي، وغضت الطرف عن المحاولات الابتدائية لفرنسا والصين إسرائيل في الحصول على الأسلحة النووية وسمحت في ذات الوقت بوجود مراكز نووية امتلكت أو تسعى لامتلاك الأسلحة النووية كما في جنوب إفريقيا قبل تدمير قدراتها النووية ومن قبلها الأرجنتين، مما أدى إلى اتساع عضوية النادي النووي العالمي ، سيما مع فشل الولايات المتحدة الاتفاق مع القوى النووية الكبرى على سياسة موحدة للحد من سباق التسلح النووي، بل أسهمت سياساتها الانتقائية في إذكاء ذلك السباق على الرغم من ادعائها بأن سياساتها للحد من الانتشار، وإن كانت في الواقع تدعم سياسة الانتشار التمييزي أو الانتقائي، إذ لم يكن من الصعب استغلال واشنطن مناخ ما بعد هجمات 11 سبتمبر لتسويق فكرة أن تكون بيونج يانج أحد مصادر إمداد الإرهابين بالأسلحة غير التقليدية لشن هجمات ضد المصالح الأمريكية والدول الحليفة لها.
2-2) الموقف الأمريكي من القوة النووية لكوريا الشمالية
بالنظر إلى توازن معادلة القوى في آسيا كان لابد لأمريكا من مواجهة نفوذ هذه الدول لإيجاد دور محوري لها في المنطقة وبسط نفوذها، ولما كانت نظرة واشنطن لكوريا الشمالية عدائية في مجملها باعتبارها - محور شر - في سياق الحرب الباردة بين الشيوعية والرأسمالية والأعمال العدائية بين الروس والأمريكيين وجدت الإدارة الأمريكية في البرنامج النووي لشمال كوريا فرصة مواتية لشرعنة تواجد قواتها في منطقة آسيا سيما أن الجزء الشمالي من كوريا كان تحت اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفياتية بحكم القيم الشيوعية المشتركة وحصلت على الدعم السوفيتي والصيني في تطوير برنامجها النووي ولم تعترف الولايات المتحدة بدبلوماسية كوريا الديمقراطية بيد أنها أصدرت عقوبات اقتصادية ضدها استمرت حتى عام 2008م، وفي المقابل ما زال الكوريون الشماليون، يرون ارتباط الولايات المتحدة بالثقافة الرأسمالية والإمبريالية لليابان.
وعلى الرغم من أن الإدارة الأمريكية الجديدة ليست مسؤولة عن القوة النووية لكوريا الشمالية، وتطوير رؤوس حربية نووية قابلة للحمل على صواريخ باليستيّة عابرة للقارات من شأنها وضع أمريكا وحلفائها في خطر، إلا أن تشدد موقف واشنطن وحلفائها اليابان وكوريا الجنوبية، دفع كوريا الشمالية إلى تسريع وتيرة تطوير برنامجها الصاروخي وتجاربها النووية مما أحدث خللاً في توازن القوى في شمال شرق آسيا، كان لأمريكا اليد الطولي فيه جراء تناقضات السياسة الأمريكية وتعثر المباحثات السداسية بسبب عدم وفاء واشنطن بالتزاماتها وتراجعها عن تقديم الحوافز والضمانات للنظام الشمالي كما اتفق عليه للتخلي عن سلاحه النووي كما أن تصاعد التوتر بين " كيم جونغ - أون "و " دونالد ترامب "ولد كثيرًا من المخاوف الدولية سيما أن التهديد الحقيقي الذي تتعرض له أمريكا وحلفاؤها لا ينبع من امتلاك كوريا الشمالية لترسانة نووية، بل من تطوير ونشر صواريخ باليستية عابرة للقارات قادرة على حمل رؤوس نووية مصغرة يمكن أن تصل ليس إلى حلفاء أمريكا فحسب، ولكن إلى الأراضي الأمريكية نفسها والوضع قابل للتفاقم خصوصًا أن الخطة الأمريكية في التعامل مع كوريا الشمالية لا تخرج عن تصورها التقليدي لتسوية الأزمة عبر التفكيك الكامل والنهائي لبرنامجها النووي قبل حصول الأخيرة على أي امتيازات وضمانات حقيقية في إطار مبدأ التوازن والتزامن في تبادل التنازلات اللذين تصر عليهما - بيونج يانج -ورغم اتساع الفجوة بين الموقفين الأمريكي والكوري فقد فسر الكوريون الشماليون التهديدات الأمريكية الأخيرة كإعلان حرب وإن كانت واشنطن لن تذهب إلى الحرب بسبب برنامجها النووي لتداعياتها الوخيمة. كما أن الاستمرار في تهديدات ترامب لم ولن تثني كوريا الشمالية عن استكمال قوتها النووية مما يتعين على أمريكا وغيرها من القوى النووية القبول بحقيقة القوة النووية لكوريا الشمالية لا سيما مع صعوبة الضغط عليها للتخلي عن ترسانتها النووية. كما عكس ذلك تاريخ الصراع القائم بينهما .
2-3) الولايات المتحدة ونشر أسلحة نووية في كوريا الجنوبية
أحدث التواجد الأمريكي في كوريا الجنوبية، تحولاً كبيرًا في قارة آسيا وطبقًا لما نشرته الصحيفة الأمريكية " The Washington Post " في إطار التحالف بين الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية [3] ستعمل أمريكا على إعادة نشر بعض من أسلحتها النووية الاستراتيجية بدعوىخطورة الوضع الأمني في شبه الجزيرة الكورية على الرغم من معارضة رئيس كوريا الجنوبية امتلاك أسلحة نووية أو أي وجوداً نووياً في شبه الجزيرة الكورية حتى مع استمرار تهديدات الشمال، إلا أن الولايات المتحدة ما زالت مستمرة فيمناوراتها الحربيّة مع كوريا الجنوبية على اعتبار أنها ضرورة استراتيجية لمواجهة العدوان من جانب بيونغ يانغ .
وفي سياق آخر، أعلن مستشار الأمن القومي الجنوبي، أن الولايات المتحدة سترسل أصولا عسكرية استراتيجية إلى كوريا الجنوبية بشكل أكثر انتظاما لردع كوريا الشمالية بشكل أفضل [4]، ويأتي هذا القرار مع تصاعد التوتر بين أمريكا وكوريا الشمالية، مع قلق الكثير من المراقبين من أن الخطابات الحارقة والتقلبات الجوية الأكثر تواترًا من قبل القاذفات الأمريكية، يمكن أن تؤدي إلى سوء تقدير كارثي سيما مع محاولة واشنطنالزج بأطراف عدة في حربها المعلنة على كوريا الشمالية للإخلال بميزان القوة في جنوب آسيا حيث أكد وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون أهمية الدور الصيني في نزع السلاح النووي عن شبه الجزيرة الكورية من أجل تعزيز الاستقرار، ولتجنب الصراع بتلك المنطقة الحساسة على حدودها وعلى الرغم من الضغوط الأميركية ، كانت الصين ولا تزال غير راغبة في إجبار كوريا الشمالية على التخلي عن برنامجها النووي سيما أنها يمكنها التعايش مع كوريا شمالية نووية مقابل إنهاء الوجود العسكري الأميركي في محيطها .
وبتقييم تجربة الإدارات الأمريكية المتعاقبة السابقة مع كوريا الشمالية التي حاولت كل نهج يمكن تصوره لإنهاء برنامجها النووي، بما في ذلك العقوبات والمفاوضات والتهديدات العسكرية والعزلة، لم ينجح أي منها، كما أن بيونغ يانغ عازمة على عدم تسليم أسلحتها النووية حتى لا تكون عرضة لتغيير النظام وإن اختارت الولايات المتحدة مؤخرًا عدم نشر قوات بحرية وجوية إضافية تابعة للقوات الحالية المتمركزة ويبدو أنها ستعهد بمهمة القضاء على الترسانة النووية لشمال كوريا إلى اليابان مع تقديم الدعم النووي والعسكري لخوض حرب بالإنابة عنها سيما أن العقوبات الأممية المفروضة على كوريا الشمالية لن تثنيها عن تطوير ترسانتها النووية وهي التي تمكنت من العيش في ظلها لعقود طويلة .
3) الدور الأمريكي ومستقبل توازن القوى النووية العالمية
وفقًا للمعطيات والإشكاليات السابقة بخصوص الاستراتيجية الأمريكية تجاه انتشار التسلح النووي في الشرق الأوسط وقارة آسيا نستنتج أن السياسة الأمريكية تتسم بالكثير من البرجماتية والمعايير المزدوجة ففي الوقت الذي تسمح به لبعض القوى الصديقة أو الحليفة بحيازة السلاح النووي نجدها ترفض السماح بذلك لبعض القوى المعادية أو تلك التي تتقاطع مصالحها مع المصالح الأمريكية. كما يفتقر الموقف الأمريكي من انتشار الأسلحة النووية لسياسة عامة واضحة، حيث أتى تعاملها مع كل دولة ليس بأسلوب مختلف عن الدول الأخرى فحسب، بل إن الأسلوب قد يختلف من وقت لآخر تجاه الدولة نفسها ويعبر هذا الموقف من الصراع الهندي الباكستاني عن تلك السياسات البرجماتية من حيث القبول ثم الرفض. كما تتجسد سياسة المعايير المزدوجة أكثر ما يكون في القبول الأمريكي للبرنامج النووي الإسرائيلي وموقفها الرافض والمتشدد من برنامج إيران وكوريا الشمالية مع خلق البيئة الدولية الضاغطة لمنع امتلاكهما للسلاح النووي.
أما حيث مستقبل السباق النووي في مناطق آسيا والشرق الأوسط لا يلوح في الأفق ما يؤشر لسلام عالمي وأمن جماعي بحسب حقيقة الانتشار النووي فسياسات الأمم المتحدة غير مُلزمة ولا تساعد في حظر انتشار الأسلحة النووية أو حتى الرقابة عليها ولا تزال السياسات الأمريكية التمييزية والانتقائية مثيرة لسلسلة من ردود الأفعال الدافعة باتجاه ولادة الكثير من البرامج النووية لاسيما مع تعدد الصراعات السياسية والعرقية والعقائدية والحضارية في قارة آسيا التي باتت مطمعًا للقوى الدولية من أجل السيطرة على ثرواتها ونفطها ولما كان من الصعب الوصول لتقدير واقعي لمعادلة توازن القوى في آسيا والشرق الأوسط في ظل عجز المنظومة الدولية وسياسات واشنطن العقيمة فإن التهديدات الناجمة عن السباق النووي ستكون مفتوحة أمام المزيد من تعقيد المناخ الأمني ومضاعفة عوامل عدم الاستقرار والوضع قابل للتفاقم لا سيما مع إخفاق معظم الدول النووية أو تلك التي تسعى لامتلاك السلاح النووي في وضع الترتيبات اللازمة لبناء حالة من الثقة وتطبيع العلاقات مع دول الجوار خصوصًا مع محدودية الموارد الاقتصادية والتنافس المحموم على مصادر الطاقة .
وفيما يتصل بمنطقة الشرق الأوسط والقوة النووية لإسرائيل من المستبعد أن تتخلى إسرائيل عن أسلحتها النووية في ظل ضعف ومحدودية الضغوط الدولية عليها لنزع سلاحها النووي والحد من ترسانة صواريخها الباليستية كما يبدو أن الغرب بقيادة أمريكا سيواصل استثناء إسرائيل تمامًا من أي توجهات دولية للتخلي عن أسلحتها النووية باعتبارها الضامن لأمنها خاصة في ظل تنامي الإمكانيات النووية الإيرانية ومن المؤكد أن اختلال موازين القوة في منطقة الشرق الأوسط سيدفع ببعض دول المنطقة إلى التفكير جديًا في عمل وقائي لتعزيز أمنها القومي وتطوير برامجها النووية في محاولة منها لمعادلة توازن القوى المفقود لعقود سابقة مع قوة الردع الاستراتيجية لإسرائيل، وكذلك لضمان دورًا مركزيًا في أي ترتيبات إقليمية تتم في المستقبل، وإن كان الوضع سيزيد من تعقيد محيطها الأمني مع حالة عدم التجانس الإقليمي وغموض أهداف البرامج النووية لبعض الدول فضلاً عن غياب خبرة توازن القوة وسياسات التوازن في ظل تفشي عوامل الانقسام الطائفي والعقائدي والصراعات السياسية والعرقية والمذهبية المسلحة ناهيك عن محدودية دور الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وأداة المجتمع الدولي للرقابة على الأسلحة النووية الذي لا يشمل إشراف الوكالة على الدول النووية غير الموقعة على اتفاقية الحظر .
ومن حيث الانسحاب الانفرادي الأمريكي من الاتفاق النووي من المؤكد أنه لن يؤدي إلى عزل إيران، إذ لازالت تمتلك الكثير من الخيارات إذا ما قررت واشنطن الانسحاب، أو خرق الاتفاق بذريعة عدم تحقق مصالح أمريكية لاسيما مع قوة وعمق واتساع العلاقة الإيرانية مع داعمها الأكبر روسيا في المجال النووي والعسكري ونظامها الصاروخي المتطور. كما أن باقي الأطراف ليس من المتوقع أن تشارك في أي عقوبات على طهران، وإن كانت تؤشر المعطيات المتوافرة وبحسب عقلية ترامب الاستثمارية التي تسيطر على السياسة الخارجية الأمريكية أن انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي الإيراني لا يخرج عن كونه ورقة ضغط على كل من:
- حكومات المنطقة وتحديدًا دول الخليج العربي المعنية بالتهديدات الإيرانية للمزايدة على رفع كلفة الحماية الأمريكية المقدمة لها مقابل حمايتها من السلوك الإيران الذي قد يصل للحصانة النووية وهي الدولة العدائية والمزعزعة لأمن واستقرار المنطقة وحاجة دول الخليج لتلك الحماية.
- الضغط على النظام الإيراني للحيلولة دون استعادَته لأرصدته المجمَّدة في أمريكا ومصادرة بعض منها حيث سبق و أصدرت المحكمة الأمريكية العليا حكمًا يقضي بتوزيع أصول إيرانية مجمدة بقيمة ملياري دولار تقريبًا كتعويضات لأسر أمريكيين قتلوا في هجمات اتهمت إيران بالضلوع فيها وتجد الإدارة الأمريكية في قانون العدالة لضحايا الإرهاب الإيراني وسيلة لعرقلة الاتفاق النووي أو على الأقل الحصول على جزء كبير من الأموال التي ستتم إعادتها إلى إيران على خلفية الالتزامات المترتبة على الاتفاق النووي تجاه إيران .
المراجع:
[1] A UN treaty to ban nuclear weapons ; Friday, 1438/10/13 H - corresponding to 7/7/2017
[2]American politician: The big mistake of the Obama administration insinuated Saudi Arabia in a nuclear race ; Monday, 25 Jumada I 1436 - 16 March 2015
[3]Trump’s new North Korea strategy might actually https://www.washingtonpost.com/news/theworldpost/wp/2017/11/09/trump-korea/?utm_term=.e4333380c5b6
[4]Anna Fifield and Dan Lamothe ; As North Korea threatens, U.S. to send ‘strategic assets’ to Seoul – Washington post ; September 28