الظروف غير المواتية والسلبية، التي تمر بها المنطقة بسبب التدخلات الإيرانية السافرة في شأن الدول العربية، والتمادي في هذا التدخل الذي بلغ مداه في سوريا، والعراق، واليمن، ولبنان. الأمر الذي أدى إلى تعقد الأوضاع في المنطقة وأجل حلول قضاياها وفرض واقعًا غير قانوني في العلاقات الإقليمية، حيث تريد إيران شرعنة تدخلها في الشأن العربي، بل أصبحت تتباهى بدورها في صناعة القرار في 4 عواصمعربية، وتجاوزت أكثر عندما استخدمت أراضي الدول العربية منصات لإطلاق صواريخ ضد دول عربية أخرى، حيث اتخذت من اليمن قاعدة لإطلاق صواريخ ضد المملكة العربية السعودية، بل والمقدسات الإسلامية في أطهر بقاع الأرض، عبر أدواتها المتمثلة في ميليشيات حزب الله اللبناني، والحوثيين في اليمن، وتريد إيران ومن خلال هذه الميليشيات أن تستولي على القرار اللبناني برمته كما فعلت في سوريا واليمن.
إيران أخذتها العزة بالإثم، وشعرت بحالة من الانتفاخ تجاه جيرانها العرب، لذلك تستعرض قوتها دون وازع قيمي أو أخلاقي، ودون الاكتراث بمبادئ القانون الدولي، بل وفقًا لشريعة الغاب، مستغلة ما تعتبره حالة الفراغ التي خلفتها ما يسمى بثورات الربيع العربي في بعض الدول التي تمارس فيها حلمها القديم بفرض هيمنتها على دول المنطقة.
إيران يبدو أنها تتناسى حركة التاريخ، ولا تريد أن تتذكر فشل محاولاتها السابقة في الخروج من حدودها والهيمنة على المنطقة منذ قبل الإسلام، وعدم نجاحها في بسط نفوذ الإمبراطورية الفارسية على دول الجوار، وهي الآن ألبست هذا الحلم عباءة مذهبية طائفية شيعية وتريد أن تقنع به شعوب الدول العربية والإفريقية لتسويق بضاعتها الفاسدة.
منطقة الخليج بقيادة المملكة العربية السعودية تدرك تمامًا المطامع الإيرانية، بل قادرة على وضع الدور الإيراني في إطاره الحقيقي، بعد أن حاولت المملكة مرات عديدة تنبيه إيران إلى ضرورة اتباع سياسة حُسن الجوار والتعايش السلمي، لكن غرور القوة جعل طهران تغرقفي غيها.
لقد نجحت المملكة ومعها الدول العربية، وتحالف الدول الإسلامية لمواجهة الإرهاب في حشد الجهود الإقليمية للتعامل مع الإرهاب الإيراني الذي يغذي الميليشيات ويتعامل معها ويدعمها ويتجاوز الدول والحكومات الشرعية في أوضح الصور لإرهاب الدولة على مرأى ومسمع من العالم دون خجل، أو تحسبًا للعواقب الوخيمة للسلوكيات الرعناء لطهران التي تسعى لنشر الفوضى في هذه المنطقة الحساسة من العالم دون وازع قيمي أو أخلاقي، أو إسلامي كما تدعي، بل تصنف نفسها دولة إسلامية.
ووجهت المملكة العربية السعودية عدة رسائل لإيران لتدرك الأخيرة خطورة ما تفعله وتتوقف عن ممارسته، وعليه حملت المملكة إيران مسؤولية إطلاق جماعة الحوثي ـ حزب الله، صاروخًا باليستيا إيراني الصنع من اليمن على مطار الملك خالد بالرياض، واحتفظت المملكة بحقها بالرد على هذا التصرف الإيراني الذي هو بمثابة إعلان حرب على المملكة.
ونتيجة لهذه السياسية التدميرية الإيرانية، سبق وأعلن رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري استقالته من منصبه احتجاجًا على تدخل إيران في شأن بلاده، وتوريط لبنان عبر تدخل ميليشيات حزب الله في شؤون الدول العربية الأخرى كسوريا واليمن، ما جعل الحريري يرفع شعار سياسة (النأي بالنفس) عن الأوضاع الإقليمية خارج لبنان.
ولقد جاء الموقف العربي متضامنًا ومساندًا بقوة للسعودية خلال الاجتماع الوزاري الذي عُقد بمقر الجامعة بالقاهرة في التاسع عشر من نوفمبر، وأدان بشدة إطلاق الصاروخ الإيراني الصنع على المملكة من الأراضي اليمنية، وأكد على حق المملكة المشروع في الرد، وأدان دعم إيران للإرهاب والتدخل في شؤون مملكة البحرين، وكذلك أدان تدخل إيران في الشؤون العربية وتغذية النزاعات الطائفية والمذهبية، وحمًل ميليشيا حزب الله مسؤولية الإرهاب في الدول العربية.
وعلى طريق تثبيت الدور العربي في سوريا وقطع الطرق على إيران في تسيير أعمال سوريا، استضافت الرياض الاجتماع الثاني للمعارضة السورية، وحقق هذا الاجتماع نجاحًا مهمًا حيث تم الاتفاق على أسماء أعضاء الهيأة العليا للمعارضة السورية، المرجع الرسمي لوفد التفاوض، والاتفاق على خوض المفاوضات المباشرة دون شروط مسبقة، واعتبار مرجعية التفاوض هي قرارات مؤتمر الرياض 2، ورفض التدخلات الإيرانية والدولية في الشأن السوري.
ثم استضافت الرياض بعد ذلك بأيام قليلة الاجتماع الأول لمجلس وزراء دفاع التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب والذي خرج بقرارات مهمة لمحاربة الإرهاب في كافة المجالات الفكرية، الإعلامية، التمويلية، والعسكرية، وأشاد الوزراء بجهود المملكة العربية السعودية في مكافحة الإرهاب، واختاروا الرياض مقرًا لمركز التحالف الإسلامي العسكري، وتأمين احتياجات هذا المركز، وأن يتولى سمو رئيس مجلس وزراء دفاع التحالف الأمير محمد بن سلمان، تعيين الأمين العام للتحالف، والقائد العسكري للتحالف.
كل ذلك يؤكد إصرار المملكة ومعها الدول العربية والإسلامية على مواجهة الإرهاب الذي تستخدمه إيران كعباءة تستر بها مزاعم وأكاذيب باطلة، وتقدم قرائن على أن إيران دولة ترعى وتدعم وتنشر الإرهاب مهما حاولت تزييف الحقائق.
السياسة الخليجية التي تقودها السعودية تجاه إيران في المرحلة الحالية تسمي الأشياء بأسمائها، وتضع الأمور في نصابها دون مواربة، من أجل استقرار المنطقة، وإيقاف الاعتداءات وشن الحروب بالوكالة عبر ميليشيات مسلحة لزعزعة الأمن والاستقرار الإقليميين، دون الاكتراث بالقانون الدولي، ومبادئ العلاقات الدولية.
وعلى المجتمع الدولي اليوم أن يتفهم رؤية وموقف المملكة العربية السعودية، وأن يدعم ويؤيد هذه المواقف التي وجدت صدىً واسعًا، وتفهمًا ودعمًا من الدول العربية والإسلامية المعتدلة والمحبة للسلام التي ترفض نشر الإرهاب وشريعة الغاب، وفي حال عدم تفهم ذلك من بعض الدول الأوروبية أو الغربية بصفة عامة فيكون ذلك معناه إذكاء الصراعات في منطقة الشرق الأوسط، وإشعال نار الإرهاب التي سوف يصل شررها إلى الجميع ودون استثناء، وقد تفهم إيران أن الغرب يغض الطرف عن سياستها الإرهابية ومن ثم تزيد من سلوكها السيء في المنطقة.