array(1) { [0]=> object(stdClass)#13490 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

العدد 128

اختراق إسرائيل للنظام الإقليمي العربي وتأثيره على العلاقات العربية ودول الجوار

الإثنين، 12 آذار/مارس 2018

قال ديفيد بن غورين أول رئيس وزراء لإسرائيل " يمكن لإسرائيل أن تربح مئة معركة ولكنها سوف لن تحل مشاكلها، ولكن إذا ربح العرب معركة واحدة معنى ذلك نهاية إسرائيل""، ولذلك ردد بن غوريون أكثر من مرة إن إسرائيل ليس لها سياسية خارجية أو سياسة داخلية ولكن لها سياسة أمنية. وقال رئيس وزراء إسرائيل الأسبق إسحق شامير " طالما أن هناك قوة هناك سلام، فالقوة تعطي الفرصة لتحقيق السلام. والأمن في المفهوم الإسرائيلي ليس الحدود أو حماية الأرض والسياد، بل مسألة البقاء، فهي دولة قامت على اغتصاب الأرض العربية، ولذلك يبقى هاجسها الأمن وامتلال القوة من أجل البقاء والتوسع واستمرار الاستيطان.

       وتبنت إسرائيل الاستراتيجية التي تحقق لها القوة بعدة وسائل: بناء القوة العسكرية وامتلاك السلاح النووي حيث بدأت في بناء المفاعل النووي الإسرائيلي منذ بداية الخمسينيات من القرن العشرين، والاعتماد على دولة كبرى لحمايتها، فقام المشروع الصهيوني على بريطانيا بإعلان وعد بلفور 1917م، ثم انتداب بريطانيا على فلسطين لتنفيذ الوعد، وبعد الحرب العالمية الثانية أخذت في اعتمادها على الولايات المتحدة لإمدادها بالمال والسلاح والدعم السياسي في المحافل الدولية حتى الآن.

استراتيجية الأطراف الإسرائيلية ودعم الأقليات

كانت استراتيجية إسرائيل منذ إعلانها عام 1948م، بل قبل الإعلان في عهد الوكالة اليهودية، تقوم على استغلال الأقليات العرقية والدينية في الدول العربية من أجل أن يكون ميزان القوى لصالحها، كما أنها تبنت أستراتيجية الأطراف مع دول الجوار العربي لإثارة المشاكل للدول العربية مع جيرانها لأجل توازن القوى الإقليمي، فكانت استراتيجية الأطراف Peripheral Strategy التي أعلنها بن غوريون في إقامة علاقات مع إيران الشاه وتركيا الكمالية ومع إثيوبيا في القرن الإفريقي، ولا زالت هذه الاستراتيجية قائمة ولكنها تتبدل وتتغير مع الظروف الدولية والإقليمية، فتبنت استراتيجية الأطراف الجديدة بتوطيد العلاقات مع الهند وبعض الدول في آسيا الوسطى ودول البلقان ودول إفريقية، بعد أن فقدت استراتيجية الأطراف السابقة فعاليتها مع سقوط الشاه وتغير الظروف السياسية في تركيا.

   فقد أثارت إسرائيل التوتر بين إيران والعراق حول شط العرب ودعمت الأكراد بالتعاون بين الموساد الإسرائيلي والسفاك الإيراني، كما أثارت المشاكل بين تركيا وسوريا واتخذت من لواء الاسكندرون مكانًا للتجسس على سوريا، وحرضت إثيوبيا على مصر وشجعتها على بناء السدود على منابع النيل لتهديد الأمن القومي المصري من خلال الأمن المائي لمياه النيل لإضعاف مصر اقتصاديًا وشاركت الشركات الإسرائيلية في بناء هذه السدود.

استراتيجية الأطراف الجديدة: الهند واليونان والبلقان

     ومن خلال استراتيجية الأطراف الجديدة، بعدما فقدت إيران الشاه ومع التحولات السياسية في تركيا وتولي حزب العدالة والتنمية الحكم 2002م، توجهت لتوطيد علاقتها مع الهند في مجال الصناعات العسكرية والاقتصادية وتكررت الزيارات المتبادلة بين المسؤولين الهنود والإسرائيلين كزيارة رئيس الوزراء مودي لإسرائيل في يوليو 2017م، وتحاول إسرائيل جر الهند لتعاون وتوازن ضد باكستان وإيران وعلى أمل استغلال الهند في التطبيع مع دول الخليج، ولكن الهند أكثر حذرًا في تعاونها مع إسرائيل ففي الموقف السياسي صوتت في الجمعية العامة ضد ضم إسرائيل للقدس وضد قرار الرئيس الأمريكي ترامب في نقل السفارة الأمريكية للقدس، فالهند تراعي وجود حوالي 200 مليون مسلم فيها والعمالة الهندية في دول مجلس التعاون الخليجي ولكنها تتعاون مع إسرائيل في مجال الصناعات العسكرية والتعاون الاستخباراتي تحت ذريعة مواجهة الإرهاب، وقام رئيس وزراء الهند مودي بزيارة لفلسطين والأردن في فبراير الحالي لإحداث توازن في علاقته بين العرب وإسرائيل.

وقامت إسرائيل بمحاولة لبناء علاقات اقتصادية وسياسية مع بعض دول آسيا الوسطى، فقد زار رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو كل من أذربيجان وكازاخستان، في ديسمبر 2016م، وتعتبر زيارته لأذربيجان الثانية بعد زيارة 1997م، ولها مدلولها الاستراتيجي بسبب حدود أذربيجان للجمهورية الإسلامية الإيرانية وحسب صحيفة معاريف الإسرائيلية فإن الأراضي الأذارية تستضيف قاعدة كبرى تتبع جهاز الاستخبارات والعمليات الخاصة(الموساد) ومنها تستطيع اختراق إيران خاصة أن جل سكان أذربيجان من الشيعة مما يقلق إيران خاصة مع عمليات الاغتيالات التي تمت لبعض علماء الذرة الإيرانيين. وكانت الزيارة لكازاخستان الأولى في محاولة لتوطيد العلاقات الاقتصادية ومحاولة اختراق للدول الإسلامية في آسيا الوسطى؟

وتسعى إسرائيل ضمن الاستراتيجية الجديدة توطيد العلاقة مع اليونان بسبب توتر علاقة إسرائيل مع تركيا، ولتعزيز علاقتها الاستراتيجية مع اليونان، زار وزير الدفاع الإسرائيلي أفيجدور ليبرمان أثينا نوفمبر 2017م، وعقد اتفاقًا مع وزيري الدفاع اليوناني والقبرصي للتعاون الاستراتيجي في شرق المتوسط تحت شعار محور الاستقرار ِAxis of Stability، وتأتي زيارة ليبرمان في ظل علاقات إسرائيل المتوترة مع تركيا وخلافات الأخيرة مع كل من اليونان وقبرص، فإسرائيل تلعب على جميع الخطوط الدبلوماسية والسياسية والاقتصادية والعسكرية لتعزز مكانتها الإقليمية والدولية، تقوم على القاعدة الاستراتيجية " إذا لم تستطع أن تكسب حليفًا فلا تكسب خصمًا " خاصة في ظل العزلة السياسية التي تواجهها بسبب احتلالها الأراضي العربية وجرائمها في فلسطين المحتلة.

اختراق النظام الإقليمي العربي

إن الاختراق للنظام الإقليمي العربي كان هدفًا استراتيجيًا لإسرائيل منذ قيامها، وكانت رؤية بن غوريون أن إسرائيل تعيش في محيط سني، ولذلك كانت ترى دعم الأقليات العرقية والدينية في العالم العربي، الأكراد في العراق ودعم المعارضة في جنوب السودان وتوطيد العلاقة مع الموارنة في لبنان، ففي مراسلات موشيه شاريت مع بن غوريون، كان التفكير في البحث عن ضابط مسيحي يسيطر على لبنان لأن تكون دولة مسيحية على غرار إسرائيل، وفي النهاية كانت مع غزو لبنان عام 1982م، راهنت إسرائيل على بشير الجميل لأن يكون رجلها في لبنان، حيث دعمت الكتائب في لبنان ضد الحركة الوطنية اللبنانية ومنظمة التحرير الفلسطينية، ولكن رهانها فشل باغتيال بشير الجميل، وجندت قبل ذلك أثناء الحرب الأهلية الجنرال سعد حداد في جنوب لبنان عميلاً لها تحت شعار جيش لبنان الجنوبي 1976م، وبعد وفاته ساعدت أنطوان لحد ليكون في مواجهة قوات منظمة التحرير الفلسطينية وقوات حركة أمل ولكنها فشلت أيضًا مع تحرير جنوب لبنان في عام 2000م.

وخلال الحرب الباردة العربية التي شهدتها الدول العربية خلال فترة الستينيات من القرن العشرين، عملت إسرائيل على اختراق النظام الإقليمي العربي من خلال الخلافات العربية ـ العربية، فكانت هناك علاقات سرية لإسرائيل مع المغرب وكما نشرت صحيفة" يديعوت أحرونوت" فقد اعترف رافي إيتان أحد رجال الموساد الإسرائيلي في شهر فبراير الماضي (2018م) بأنها شاركت في اغتيال المعارض المغربي المهدي بن بركة في باريس أكتوبر 1965م، ولكن الاختراق الإسرائيلي الخطير كان بزيارة الرئيس المصري لإسرائيل نوفمبر 1977م، وكان الهدف الإسرائيلي من السلام مع مصر كما قال مناحيم بيغن إخراج مصر من المواجهة العسكرية مع إسرائيل بتقييدها بمعاهدة كما حدث بمعاهدة كامب ديفيد التي وقعت 1979م، واستغلت إسرائيل خلافات الزعيم الليبي معمر القذافي مع الرئيس المصري، وسربت معلومات أن القذافي يخطط لاغتيال الرئيس السادات (Heikal, Autumn of Fury1983, pp.94-95 )، مما دفع الرئيس السادات بإرسال مدير المخابرات المصرية للقاء رئيس الموساد سرًا في المغرب، مما دفع السادات بتوجيه ضربات جوية للحدود الليبية، وكانت إسرائيل – ولا زالت- تعتبر الخطر الرئيس من الجيش المصري أكبر جيش عربي وخاضت معه أربعة حروب 1948 ، 1956، 1967 و1973م، واعتبرت أنه لا حرب عربية بدون مصر ، رغم أنها تعرف أنه سلامًا باردًا لأن الشعب المصري ورغم أربعة عقود على معاهدة كامب ديفيد يرفض التطبيع .  

وإثر تفاقم الخلافات العربية بعد احتلال العراق دولة الكويت في أغسطس 1990 م، وما ترتب على ذلك التدخل العسكري الأمريكي " عاصفة الصحراء " أضعفت الموقف العربي، ومع عدم الثقة بين الدول العربية، أصبح الأمن الوطني لبعض الدول العربية تراه من منطلق التعاون مع الدول الكبرى، ولذلك أقيمت القواعد العسكرية في المنطقة العربية وخاصة في دول مجلس التعاون، ودفع بالدول العربية وإسرائيل لحضور مؤتمر مدريد أكتوبر 1991م، تحت المظلة الأمريكية السوفيتية.

استغلت إيران خلل التوازن الاستراتيجي في المنطقة والفراغ الاستراتيجي الذي تركه احتلال الولايات المتحدة للعراق وأفغانستان 2001م، بالتمدد الإيراني، في كل من العراق وسوريا ولبنان وأصبحت بعض الدول العربية تجد أن الخطر على أمنها الوطني قادم من إيران ومحاولتها امتلاك السلاح النووي الذي اعتبرته دول الإقليم يهدد أمنها مستقبلاً ، وطرح العاهل الأردني خطر الهلال الشيعي من طهران إلى بغداد ودمشق وبيروت، ولذلك استغلت إسرائيل هذا القلق لاختراق منظومة الدول العربية، في محاولة لإقامة علاقات دبلوماسية أو تجارية معها ؟

اتفاق أوسلو والاختراق الإسرائيلي

أدت اتفاقية أوسلو سبتمبر 1993م، بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل والتي وقعت في واشنطن، مبررًا لبعض الدول العربية وغير العربية لإعادة النظر في علاقاتها السياسية مع إسرائيل على اعتبار أن الطرف الرئيس في الصراع العربي الإسرائيلي وهي منظمة التحرير الفلسطينية عقدت اتفاقية سلام، ثم عقدت اتفاقية سلام بين الأردن وإسرائيل، أتفاقية وادي عربة 1994م، وفتحت مكاتب ارتباط لإسرائيل في كل من قطر وسلطنة عمان والإمارات العربية المتحدة، فحققت إسرائيل من إتفاقية أوسلو مزايا استراتيجية واقتصادية وسياسية، وبقيت تسيطر على الضفة الغربية، وتشكلت السلطة الوطنية الفلسطينية ولم تنفذ إسرائيل من اتفاق أوسلو ما يؤدي لاقامة دولة فلسطينية بل زادت في بناء المستوطنات واحكمت سيطرتها الأمنية في فلسطين، مستغلة الانقسام والضعف العربي والخلافات بين بعض الدول العربية والدول الإقليمية ؟

إسرائيل واللعبة السياسية: الشيعة والسنة

رغم أن الولايات المتحدة جاءت بالأحزاب الشيعية إلى السلطة في العراق، وحجمت السنة فيه وحلت الجيش العراقي، لأن حل الجيش يأتي في مصلحة إسرائيل، علما بأن مؤيدي إسرائيل هم الذين كانوا وراء دفع إدارة بوش الابن لاحتلال العراق، واخترق الموساد الإسرائيلي العراق وبالذات كردستان العراق. أخذت إسرائيل تلعب على ورقة التهديد الإيراني على المنطقة، وكانت الدولة الوحيدة التي تدعو الولايات المتحدة لتدمير المفاعل النووي الإيراني، وأخذت تروج أن عدم الاستقرار في الشرق الأوسط والتهديد قادم من إيران وليس احتلالها فلسطين، وأخذت تؤكد أن الخطر الإيراني يهدد الدول السنية وخاصة في دول الخليج، وبالتالي أصبح الإعلام الإسرائيلي ومراكز الأبحاث الإسرائيلية وتصريحات السياسيين تدعو للتعاون بين إسرائيل والدول السنية، واعتبرت ذلك وسيلة لاختراق الأسواق الخليجية والتعاون الأمني بينها. ولكن تبقى القضية الفلسطينية هي القضية الرئيسة التي لن تدفع لتطبيع أو علاقات دبلوماسية مع إسرائيل، وكما يقول كريستيان أولريئسن، الخبير في شؤون الخليج بمعهد جيمس بيكر للسياسات العامة، التابع لجامعة رايس " إن إقامة علاقات دبلوماسية أو رسمية بين إسرائيل ودول الخليج لن تحصل في غياب اختراق كبير بالموضوع الفلسطيني"، لكنه يتوقع أن تصبح الروابط الاقتصادية والأمنية أكثر انفتاحًا خلال السنوات المقبلة.

ولقد أصبحت دول الخليج في حالة غير مرضية سياسيًا مع وصول ترامب إلى الرئاسة الأمريكية الذي أخذ يهدد منذ حملته الانتخابية بدفعها تكاليف ما يعتبره الحماية الأمريكية والتهديد بقانون جاستا، مما دفع بعض النخب السياسية بمحاولة احتواء ترامب، خاصة أن كل المسؤولين عن ملف الشرق الأوسط وخاصة الملف الفلسطيني هم من اليهود الأمريكيين المقربين له، فأصبح القريب من ترامب اللوبي اليهودي ما يطلق عليه أستاذ العلاقات الدولية الراحل ستيف والتز Bandwagoning، أي التحالف مع القوي اتقاء لشره، لأن ترامب متقلب الأدوار ، والتأثير اليهودي قوي عليه، مثل جاريد كوشنر زوج ابنته، الذي أصبح مسؤولاً عن ملف الصراع العربي الإسرائيلي ومستشارًا، والسفير الأمريكي في إسرائيل ديفيد فريدمان من اليهود المؤيدين للاستيطان.

وكان لانسحاب إدارة الرئيس أوباما من الشرق الأوسط التوجه شرقًا للمحور الآسيوي، إحدى أسباب قلق دول مجلس التعاون، فمبدأ أوباما يعني أن الولايات المتحدة لن تتدخل عسكريًا في الأزمة السورية وحتى الشرق الأوسط عامة، كما أن أوباما عمل تحقيق الاتفاق النووي الإيراني 2015م، ( اتفاق 5+1)، مما أقلق بعض دول المنطقة واستغلت إسرائيل سياسة أوباما وأحذت تروج لمبدأ عدو عدوي صديقي، على اعتبار أنها تقف ضد الخطر الإيراني وهي مقولة مضللة لأن إسرائيل وعلى لسان المسؤولين الإسرائيليين أنفسهم إن ضربة عسكرية لإيران تعتبر عملية انتحارية، ولكنها تريد أن تتدخل الولايات المتحدة عسكريًا، والأخيرة لن تتدخل عسكريًا ضد إيران، لأن التدخل العسكري يعني دخول المنطقة في الفوضى وعدم الاستقرار واضطراب خطوط النفط .

الولايات المتحدة وإيران والخليج

إن الولايات المتحدة دولة برجماتية وعلاقاتها مع إيران تتميز بالتعقيد بين السر والعلانية، كانت إيران جيت عام 1985م، عندما اتصلت لأدارة ريغان لعقد صفقة بشأن الرهائن في لبنان، ثم أدارة بوش الابن وتعاونت مع إيران في العراق وأفغانستان، ونسقت أمنيًا مع إيران في العراق، وجاءت إدارة أوباما وأقامت اتصالات سرية مباشرة مع طهران وكانت بعض هذه اللقاءات في سلطنة عمان من أجل التمهيد للتوصل لاتفاق مع إيران حول المفاعل النووي كما حدث لاحقًا، ورغم أن إدارة ترامب انتقدت الاتفاقية وهدد أنه سيلغي الاتفاق حال انتخابة للرئاسة إلا أنه ما زال يسير على خطى إدارة أوباما ورفض الدول الخمس المشاركة للاتفاق إلغاءه أو حتى مناقشة تعديله، ولذلك فالولايات المتحدة ليست مستعدة لمواجهة عسكرية مع إيران.

أما إسرائيل فكما يقول تريتا بارسي فإن اختلاق التهديد الإيراني جاء لأبعاد داخلية إسرائيلية للصراعات الحزبية حول اتفاقية السلام مع الفلسطينيين، وأن إسرائيل ليست مستعدة لمغامرة عسكرية مع إيران، ويقول بارسي في (كتابه خسارة عدو 2017م، إن إيران كانت مستعدة للموافقة على اتفاق إسرائيلي ــ فلسطيني في عام 1993م، إذا كانت الولايات المتحدة على استعداد لقبول دور إيراني في المنطقة؟ ولكن الولايات المتحدة عندما تحتاج إيران تفتح معها القنوات السرية فبدلا من وصفها ضمن محور الشر عام يناير 2002م، إلا أن إدارة بوش الابن نسقت معها في ربيع 2002م، لدور إيراني في إسقاط النظام العراقي. ولذلك فإن الولايات المتحدة ترى أنه من خلال الخلافات السياسية بين دول المجلس وإيران، قد يدفع للتقريب بين الدول العربية وإسرائيل تحت شعار التحالف ضد العدو المشترك إيران.

وحتى أن التهديد الأمريكي والإسرائيلي يمتد إلى تركيا العضو في حلف الناتو، فالعلاقات التاريخية بين الأكراد والموساد الإسرائيلي والاستخبارات الأمريكية منذ الستينات في القرن العشرين، حيث كانت إسرائيل تدعمهم للانفصال عن العراق وكيف تشكلت حكومة كردستان في شمال العراق مع الاحتلال الأمريكي له. ونجد أنه مع الأزمة السورية فإن إدارة أوباما دعمت بالسلاح قوات سوريا الديمقراطية التي تقودها وحدات حماية الشعب الكردية، تحت شعار محاربة تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، وجاءت إدارة ترامب وأعلنت تشكيل قوة عسكرية من 30 ألف كردي في شمال سوريا، وذلك يعني تشكيل كيان كردي في شمال سوريا مما يهدد الأمن التركي ويقسم سوريا ويهدد إيران أيضًا، فكل من إسرائيل والولايات المتحدة ضالعة في دعم وحدات حماية الشعب الكردية، وهذه القوات تتعاون وتنسق مع حزب العمال الكردستاني وهي منظمة إرهابية ضد الحكومة التركية، مما دفع الحكومة التركية للتدخل عسكريًا في شمال سوريا ضد قوات سوريا الديمقراطية بالتنسيق مع روسيا الاتحادية وإيران وحتى النظام السوري، فبلقنة العالم العربي ودول الجوار الجغرافي الإسلامية خطة استراتيجية إسرائيلية، لذا فالخطر الذي يهدد المنطقة سواء في الخليج أو دول الجوار الجغرافي العربي يأتي من إسرائيل والولايات المتحدة ويتغذى هذا التخطيط على الخلافات التي تثيرها إسرائيل والولايات المتحدة بين الدول العربية نفسها، وبين هذه الدول وجيرانها من الدول المجاورة الإسلامية.

إن التهديد الرئيس لدول المجلس التعاون وتركيا وإيران وباكستان يأتي من إسرائيل ، ولن تكون الولايات المتحدة أو إسرائيل طرفًا في الصراع بين الدول العربية وحتى بين العربية ودول الجوار مثل إيران، ولن تتدخل عسكريًا ـ وهذا يذكرنا بما قاله شمعون بيرس الذي تولى عدة مناصب في إسرائيل آخرها رئيس الدولة، فبعد اتفاقية أوسلو 1993م، صرح " أنه عرضت علينا تحالفات إقليمية من بعض الدول العربية، ولكننا لن نتدخل في الصراعات البينية العربية "، ولذلك فإن إسرائيل لا يمكن أن تتدخل عسكريًا ضد إيران، ولكنها تثير الخلافات وترفع شعارات الحرب الوهمية؟

                     التعاون العربي والإسلامي وأمن منطقة الخليج

إن التوازن الاستراتجي مع إيران، يكون بالتنسيق الاستراتيجي بين الدول العربية السنية في المنطقة، مصر والأردن ودول مجلس التعاون الخليجي، والانفتاح العربي على الدولة العربية العراق، وقد عبر المحلل السياسي الإسرائيلي روبين باركو بقوله " في ضوء الإفلاس الأمريكي في الشرق الأوسط، فإن الدعم الوحيد الذي يمكن توقعه في حالة أي عدوان إيراني متوقع على شبه الجزيرة العربية هي القوة العسكرية المصرية، إن الجيش المصري وحده القادر على التدخل لأمن الخليج العربي" (اليوم السابع 31/10/2016م).

إن إيجاد تعاون بين الدول العربية والإسلامية تحت مظلة منظمة التعاون الإسلامي، يمكن أن تشكل ردعًا قويًا ضد محاولات تقسيم المنطقة، فالتهديد بالتقسيم يمتد من باكستان مرورًا بإيران وتركيا والمنطقة العربية، ولن تكون إسرائيل إطلاقًا شريكًا استراتيجبًا بل من مصلحة إسرائيل وهدفها منذ عهد ديفيد بن عوريون إختراق النظام الإقليمي العربي والدول الإسلامية المجاورة بل قال " على إسرائيل أن تكون طرفًا في المعادلة السياسية الداخلية في الدول العربية " لإثارة فئة ضد أخرى داخل الدولة، ولذلك فإن حل الخلافات البينية العربية وخاصة بين دول مجلس التعاون الخليجي وبناء قنوات اتصال مع الدول الإسلامية مثل باكستان وتركيا يشكل سياجًا ضد مشاريع التقسيم الأمريكية والإسرائيلية، لأن هذه الخلافات التي تغذيها القوى الأجنبية ما هي إلا إستنزافًا لخيرات الأمة ومواردها، ويمكن أن تشكل الدول العربية والإسلامية في تعاونها قوة إقليمية وعالمية مؤثرة، ولكنها بحاجة إلى استراتيجية الثقة فيما بينها؟؟

مجلة آراء حول الخليج