تظل " قوة " الدولة -أي دولة -" الخشنة "، أو الصلبة، أو الأساسية (Hard Power ) متركزة أساسًا في " العناصر " التالية :- 1 – نوعية وكم السكان. 2 – الموقع الجغرافي والواقع الطوبوغرافي. 3 – الموارد الطبيعية. 4 – قدرات السكان التقنية والصناعية. 5 – الإمكانات العسكرية ..... إضافة إلى أهم هذه العناصر هي: نظام حكمها وإدارتها (النظام السياسي). وعند محاولة " قياس " مدى قوة أي دولة، على الساحة الدولية (ونسبة لأقرانها) تؤخذ هذه العناصر الستة في الحسبان الأول أساسًا وأصلاً .... باعتبارها تكون (مجتمعة) ما يسمى بـ " القوة الخشنة " للدولة، أو قوتها الصلبة أو المادية، الأساسية.
وبناء على مدى قوتها (في العناصر الستة، المشار إليها) تصنف الدول على" سلم القوة الدولية " تنازليا (حسب الأهمية) إلى سبع فئات، هي كالتالي: 1 – الدولة العظمى (القطب) 2 – الدولة الكبرى 3 -الدولة الكبيرة 4 – الدولة المتوسطة 5 -الدولة الصغيرة 6 – الدولة الصغرى 7 – الدويلة. وبحيث يمكن تحديد " مكانة " كل دولة في العالم، في أي وقت، على هذا الأساس.
ولا شك أن " نفوذ " الدولة – أي دولة – ومدى قدرتها على تحقيق أهداف سياساتها، يعتمد على: مدى قوتها، وموقعها على " سلم القوة الدولية ". فكلما علا هذا الموقع كانت القدرة أكبر، والعكس صحيح. ودائمًا ما يكون للدولة العظمى النفوذ الأقوى، والتأثير الأوسع في مجريات العلاقات الدولية في وقتها.
****
ومع ذلك، تظل هناك أيضًا " عناصر " متفرعة أخرى لـ " القوة " (مجمل إمكانات الدولة) .... وإن كانت أقل أهمية من عناصر القوة الصلبة المذكورة أعلاه. فبالإضافة إلى " القوة الخشنة "، هناك " قوى " أخرى، هي:
ا – " القوة الناعمة " ( Soft Power ) : وهى عبارة عن : إصطلاح سياسي يستعمل الآن للإشارة إلى: أن للدولة – أي دولة – قوة معنوية وروحية ... تتجسد في: ما تطرحه وتقدمه وتتمسك به من قيم وعقائد ومبادئ وأساليب إنسانية حضارية، وثقافة وأدب وفن، وما تقدمه من مساعدات اقتصادية وإنسانية واجتماعية .... تلقى – من قبل الآخرين – الرضا والاستحسان والتقدير، ومن ثم الدعم والتأييد، لمصادرها. ويمكن أن نضيف إلى ذلك ما يلي:
ب – التأييد الدولي: المستمد من صداقات وتحالفات دولية معينة، أو يمكن تعيينها.
جـ – الرضا الشعبي والتماسك (الانصهار) الوطني للدولة المعنية.
****
إن أهم ما يحدد وضع (ومكانة) أي دولة – في أي وقت – هو: أولاً: عناصر " القوة الصلبة "، ثم القوة الناعمة، ثم ما يليها من قوى -ذكرت آنفًا. ولكن لـ " القوة الناعمة " تأثيرًا كاسحًا.. يضاهي أحيانًا، وفى بعض الحالات الكثيرة، أثر وتأثير القوة الخشنة، وغيرها. ولا تكتمل قوة أي دولة، ويستتب وضعها، على الساحة الدولية (على أي حال) إلا بتوفر قدر (معقول) من " القوة "، بأنواعها وعناصرها المختلفة، وبشقيها المادي (الخشن) والمعنوي (الناعم).
ففي المدى الطويل، لا يمكن لأي دولة أن تستمر قوية، مرهوبة الجانب، محترمة التوجه، إلا إذا كان لها – إضافة إلى أنواع القوة الأخرى –قوة ناعمة ... بمضمون وقدر مناسبين. ولعل أهم عناصر القوة الناعمة، هي -من بين بقية المكونات -العقائد والقيم والمبادئ السامية، التي يقدرها ويحترمها غالبية البشر الأسوياء، في كل زمان ومكان، وفى مقدمتها مبادئ: الحرية والعدالة والمساواة، والديمقراطية، والتكافل الاجتماعي .... وغير ذلك. ولا تفوق أهمية هذه العناصر سوى الالتزام بتطبيق هذه المبادئ والقيم بحق، وبالفعل، ويمكن في الواقع اعتبار أن: تأييد (ورضا) الناس والرأي العام للدولة – أي دولة – فيما يتعلق بعناصر القوة الناعمة، يعطي الدولة قوة ونفوذًا .... بينما سخط (ومعارضة) الناس والرأي العام، لدولة ما معينة في هذا الشأن، ينقص من قدرها، ويهز مكانتها ويضعف موقفها ..... لهذا، فإن على الدولة التي تريد حقًا حماية وتنمية " مكانتها "، أن تحمى وتنمى قوتها الصلبة، والناعمة كذلك، وتحرص على كسب التأييد الشعبي، وتحاول جهدها الحصول على أكبر قدر ممكن من التأييد الدولي الإيجابي، وأن تتجنب العداوات، بأنواعها. والدولة التي تهمل القيام بذلك، وتسمح لقواها الناعمة بأن تتدهور، فإنما تفقد شيئًا من نفوذها، وتأثيرها، وربما مكانتها وسمعتها. ويسهل التفريط في هذه القوى، بينما يصعب استعادتها، واسترداد تأثيرها.
ولنتذكر دائمًا أن الدولة كالإنسان الطبيعي ... تحب، وتكره، وتقوى وتضعف، وترضى وتسخط، وتقبل وترفض، وتؤثر وتتأثر ... الخ. فالإنسان يتجسد، في الواقع، في هيأة: فرد أو جماعة أو تنظيم، أو دولة، أو منظمة. وسلوكه العام متشابه في أي صورة تجسد. نعم، يختلف هذا السلوك (قليلاً) من صورة لأخرى، ولكن تظل نسبة التشابه هي الأكبر.
****
"القــــــــــوة النـــــــــــاعمة" تكمن أصلاً في تطبيق المبادئ المبجلة:
ولا شك أن هناك تفاوت في مدى أهمية كل من عناصر القوة الناعمة
وقد ذكرنا أن لـلقوة الناعمة تأثيرًا كاسحًا ..... يضارع في بعض الحالات، أثر وتأثير القوة الخشنة. ولا تكتمل قوة أي دولة، ويستتب وضعها، على الساحة الدولية إلا بتوفر قدر (معقول) من " القوة "، بأنواعها وعناصرها المختلفة، وبشقيها المادي والمعنوي. ولعل أول أهم عناصر القوة الناعمة هي: التمسك الفعلي بالعقائد والقيم والمبادئ السامية، التي يقدرها ويحترمها غالبية البشر الأسوياء، في كل زمان ومكان، وفى مقدمتها مبادئ: الحرية والعدالة والمساواة، والديمقراطية (الشورى) والتكافل الاجتماعي .... أو ما يسمى بـ " المبادئ المبجلة " عالميًا وإنسانيًا. ويمكن اعتبار المراكز الثقافية للدول خارج حدودها ثانية في درجة الأهمية. وتعتبر المبادئ المبجلة من أهم حقوق الإنسان. ولا يفوق أهمية هذه العناصر– كما أشرنا -سوى الالتزام بتطبيقها بحق، وبالفعل. فالتلاعب بها، أو الادعاء بالتمسك بها، والتمويه بشأنها، له نتائج عكسية تمامًا، على الدولة المدعية، أو المتلاعبة.
أصبح على الدولة التي تريد حقًا حماية وتنمية " قوتها "، أن تحمي وتنمي قوتها الصلبة، والناعمة كذلك، وتحرص على تطبيق هذه المبادئ. فكلما تمسكت الدولة بجوهر هذه المبادئ، كلما كبر احترامها وتقديرها من قبل الآخرين. والعكس صحيح. وهناك بعض من دول العالم تفتقر إلى احترام وتقدير الآخرين، بسبب خرقها لهذه المبادئ، رغم امتلاكها لقدر كبير (نسبيًا) من القوة الخشنة، وعناصر القوة الناعمة، وهذا ما يقلل من نفوذها وتأثيرها، ويسئ لسمعتها.
****
لقد أصبح الأخذ بهذه المبادئ دليلاً على الاهتداء، والالتزام بأهم ما هو خير وصالح للبشر. وثبت أن الشعوب التي تقيم دساتيرها على هذه المبادئ وتلتزم بمضمونها بالفعل، هي شعوب مستنيرة، وناجحة، وتتمتع بدرجة مرتفعة – نسبيًا– من السعادة العامة. أما الشعوب التي تجهل هذه المبادئ، أو تسيء فهمها، ولا تسير على هداها، فإنها شعوب إما جاهلة، أو فاشلة، ولا تحظى – نتيجة ذلك – بقدر مقبول من السعادة العامة، واحترام الآخرين.
ويلاحظ أن الأديان قاطبة تحض – منذ فجر التاريخ-على التمسك بمضمون هذه المبادئ، رغم اختلاف " تفاصيل " هذا التمسك الملزم، والمطلوب، دينًا، وعرفًا أيضًا. والإسلام هو أكثر الأديان تأكيدًا على هذه القيم. اذ يقدم أفضل مضمون لكل مبدأ من هذه. وجاء الفكر السياسي البشري العالمي ليؤكد نبل وعظمة هذه القيم، وضرورة الالتزام بها في الحياة العامة للمجتمعات الإنسانية، وإقامة الحياة العامة على أساسها، لتخفيف كبد ومعاناة الإنسان في هذه الدنيا، وجعل عيشه فيها أيسر وأكرم.
****
وهناك اتفاق – شبه تام – على " جوهر " كل من هذه المبادئ، ولكن الاختلاف ينصب على مضامين وتفاصيل كل مبدأ، من طرف لآخر ... ولكن هذا الاختلاف بدأ يضيق. كل الأديان والأعراف البشرية – تقريبًا -تتفق على هذا الجوهر، وكذلك أسوياء البشر. فهي -في رأى المفكرين -" مبادئ " صالحة ومطلوبة وضرورية ومفيدة – من حيث المضمون الأساسي – لكل الناس، وفى كل زمان ومكان، وإن اختلفت التفاصيل والملابسات من زمن لآخر، ومن مكان لآخر.
يسعد المجتمع الذي يلتزم بتطبيق جوهرها، ويضع الآليات العملية التي تكفل تحققها في أرض الواقع – بالفعل، لا بالأقوال وحسب. وتشقى المجتمعات التي لا تلتزم بتطبيقها، أو لا تطبقها بشكل صحيح وسليم. وتسوء سمعة البلاد التي تنتهك فيها هذه المبادئ (الحقوق) مهما توفر لها من عناصر القوة، الأساسية والناعمة. إن لكل مجتمع " خصوصية " معينة، بل إن لكل فرد – في أي مكان وزمان – خصوصية معينة خاصة به وحده. ومع ذلك، فإن هناك " عموميات "، وقيم ... تجمع فيما بين كل البشر الأسوياء (Universal). ويقال إن هذه القيم هي من أنبل ما يجمع بين بني البشر، وتطبيقها يعتبر – في ذات الوقت – حاجة أساسية وملحة، لحياة عامة غير شقية، ولا سيئة.
****
المراكز الثقافية للدول:
كما تبين مؤخرا أن " المراكز الثقافية للدول " خارج حدودها تعتبر من أكثر عناصر التأثير الإيجابي في الآخرين، وهي الآن في مقدمة عناصر القوة الناعمة لأي دولة، وتدرج كأصل لما يعرف بالدبلوماسية الشعبية، التي تحسب، بدورها، كعنصر من أهم عناصر القوة الناعمة للدول. ونظرًا لما تحققه الدبلوماسية الشعبية من تأثير ووقع إيجابي لدى الشعوب الأخرى، أصبحت توصف بأنها مكسب يفيد طرفي العلاقات الدولية المعنية، ويحقق مبدأ " الفوز المشترك " Win – Win Situation )
ويعرف " المركز الثقافي الدولي " بأنه:جهاز ثقافي مبتعث، يهدف لتمكين شعوب الدول المضيفةله من فهم وتفهم الفكر السائد في دولته، وثقافتها وقيمها وأنظمتها وقوانينها، ومؤسساتها المختلفة، بغية إقامة علاقات وثيقة بين دولته، وشعوب البلاد المستضيفة، في كل المجالات، وكسب ودها وتعاطفها، ودعمها لقضايا دولة المركز، وتثمين حضارتها، والإعجاب بإنجازاتها. وهو يمثل الجانب الثقافي الرئيس لسفارة بلده ويعتبر محور الدبلوماسية الثقافية المعبرة عن روح أمته، والساعية لكسب ود الشعوب المضيفة .. تمهيدًا للتأثير فيها، بما يخدم المصالح المشتركة، ويوثق العلاقات بين بلده والبلد المضيف، ويضمن مودة ودعم الدولة المضيفة.
ويهدف المركز الثقافي إلى: إبراز قيم ومبادئ وثقافة دولته، بشكل إيجابي، إذ يتمحور عمله حول إقامة: الدورات والبرامج الثقافية وورش العمل، الترجمة والتأليف والنشر، التعاون العلمي الدولي، المعارض الثقافية والفنية، تعليم ونشر لغة بلاده، والتدريب.
****
ولعل أهم الدول الرائدة في إقامة هذه المراكز، والاستفادة منها، كل من:
- فرنسا التي أسست معهد " اليانس فرانسيز " عام 1883م: له الآن 850 فرعًا في 136 دولة.
- روسيا: وقد أسست المراكز الثقافية الروسية عام 1917م، ولها الآن 44 فرعًا حول العالم.
- بريطانيا: وأسست " المجلس الثقافي البريطاني " عام 1934م، وله الآن 129 فرعًا في 110 دولة.
هذا، إضافة إلى كل من: ألمانيا، أمريكا، إيران، إسبانيا، الصين، التي أقامت مراكز مشابهة.
****
إن الدول، مهما بلغت قوتها الصلبة، تحتاج للقوة الناعمة، التي لا يمكن تحقيق الكثير من الأهداف الاستراتيجية لها إلا عبرها، وباستخدامها وممارستها، وخاصة من خلال المراكز الثقافية ذات التأثير الواسع. ومعظم الدول كثيرًا ما تعاني انحسارًا في مدى نفوذها هنا أو هناك. ويتم تدارك هذا الانحسار عبر: تكثيف استخدام قوتها الناعمة، ورفع مستوى مضمونها، ومن ثم تأثيرها.
ومن الأمثلة على ما نقول هنا: ما عانت منه أقوى دول العالم، في عهد رئيسها السابق بوش الابن بخاصة، وهى الولايات المتحدة، من " ضعف " ملحوظ في قوتها الناعمة ..... فهذه الدولة، التي تمتلك الآن أقوى " قوة خشنة " في العالم، افتقرت، بسبب بعض سياساتها السلبية – لتأييد (ورضا) معظم الراي العام العالمي، وبخاصة في العالمين العربي والإسلامي، لعدم التزامها الحقيقي بالمبادئ السامية ... حتى تلك التي تدعي حمايتها.
خرجت أميركا من الحرب العالمية الثانية بزخم كبير من القوة الناعمة .... سرعان ما بدأت تفقد معظمه، عندما شرعت في تحقيق أهداف غير مقبولة ... كما هو معروف عن السياسات الأمريكية.... الناجمة عن: هيمنة الحركة الصهيونية (وبعض أصحاب المصالح الخاصة) على صناعة القرار السياسي الأمريكي. والنتيجة كانت – وما تزال – رفض ومعارضة اغلب مثقفي ومفكري العالم لهذه السياسة، واستياء من الدولة التي تمارسها.
ولا شك أن هذه الحقيقة أكدت وجود تدهور في القوة الناعمة الأمريكية .... وأضعفت (بالتالي) الموقف العالمي العام لأمريكا .... رغم صلابة قوتها الخشنة. وهذا ما قاله – صراحة وضمنًا – المفكر الأمريكي " فرانسيس فوكوياما "،في كتاب أصدره في مارس 2006م -بعنوان " أمريكا في مفترق طرق "، عن مطبعة " جامعة ييل "، وغير فوكوياما من المفكرين الأمريكيين. وتحاول أميركا الآن استعادة قدر كبير من القوة الناعمة التي افتقدتها، على المستويين الإقليمي والعالمي. ويبدو أن هذا لن يتم إلا بتبني تعديل نوعي في السياسات الخارجية الأمريكية بخاصة.
****
مركز الملك فهد الثقافي في سراييفو:
من أهم المراكز الثقافية العربية المعاصرة هو مركز الملك فهد الثقافي الذي أنشأته المملكة العربية السعودية عام 1995م، في مدينة سراييفو، عاصمة جمهورية البوسنة والهرسك. وقد صدر عن هذا المركز عام 1436هـ (2015م)، كتابًا قيمًا، يضم بين دفتيه بحثًا علميًا جيدًا، لمؤلفيه السعوديين: أ. د. خالد بن عبد العزيز الدامغ، ود. جمعان بن سعيد القحطاني، اللذان عملا في مهمات تعليمية وثقافية تطوعية خارج بلادهما، فاكتسبا خبرة علمية وعملية كبيرة، أهلتهما لعمل هذا البحث، وإصداره في هذا الكتاب بعنوان: القوة الناعمة (قوة كسب التقدير ... فالتأثير). ويقع في 305 صفحات، ويحتوي على ثمانية فصول.
موضوع الكتاب يتمحور حول كون المراكز الثقافية الناجحة للدول المختلفة تأتى في مقدمة " وسائل " القوة الناعمة لأي دولة. عرفًا (في الفصل الأول) الدبلوماسية الثقافية، كما تتجسد في المراكز الثقافية للدول، موضحين أهميتها، ومقترحين نموذجًا نشطًا لهذا المركز. ثم ذكرا الأهداف الاستراتيجية للدبلوماسية الثقافية كقوة ناعمة (ممثلة في المراكز الثقافية للدول، ص 19) كما يلي:
1 – زيادة الألفة: جعل الآخرين يتعاطفون مع بلدك، وتحسن فكرتهم عنه.
2 – زيادة التقدير: أي بناء تصورات إيجابية عن بلدك، وجعل الآخرين يرون القضايا التي تهمك من وجهة نظرك أنت، وليس من وجهة نظر المعادين لك.
3 – انجذاب الآخرين: أي تشجيعهم على رؤية بلدك كوجهة جذابة، للتعامل مع منتجاتها، وعاداتها، والإقدام على السياحة، والدراسة فيها.
4 – التأثير في سلوك الناس: جذب الشركات للاستثمار، وتشجيع الدعم الشعبي لمواقف بلدك، كحليف ... نتيجة تفهمهم لثقافتك، وتكوين الفهم الصحيح عنك.
ثم قدما " أساسيات عمل النموذج المقترح " ... التي تشمل: الرؤية، الرسالة، الأهداف (ص 25 – 38). وتضمنت الأساسيات ما أسمياه بـ " القنوات السبع للقوة الناعمة ". حيث ذكرا أن هناك سبعة اتجاهات متنوعة للنشاطات الثقافية، تمثل في مجملها مسارات تخدم أساس إنشاء المراكز الثقافية، كقوة ناعمة. وهذه القنوات السبع هي: 1 – البرامج الثقافية الدورية، 2 – الترجمة والتأليف والنشر، 3 – التعاون العلمي الدولي، 4 – المعارض الثقافية والفنية، 5 – الندوات وورش العمل، 6 – اللغة، 7 – التعليم والتدريب.
****
وفى الفصل الثاني، لخصا أهم المراكز الثقافية الدولية المنتشرة حول العالم. ولخص التخطيط الاستراتيجي للمراكز الثقافية في الفصل الثالث. وفى الفصل الرابع، أوردا موجزًا لبيئة العمل، وهو هنا دولة البوسنة والهرسك (بافتراض أنها متشابهة مع البيئات الدولية المختلفة). وفى الفصل الخامس أوردا منهجية دراسة مركز الملك فهد الثقافي في سراييفو. وأوردا تحليلاً علميًا موسعًا ومكثفًا للاستفتاء العلمي الذي قاما به لهذه الدراسة الضافية لهذا المركز. وفى الفصل السابع ناقشا " موجهات " نموذج العمل. أما في الفصل الثامن والأخير، فقد قدما ملخصًا نهائيًا لدراستهما لأداء مركز الملك فهد الثقافي، ونشاطه المستقبلي، مقترحين الاجراءات التي تدعمه، وتضمن وجود تأثير واسع له ... يجير لصالح المملكة. وقد تكون لنا وقفة أخرى لاحقة مع هذا الكتاب.
والشاهد، أن إقامة وتفعيل مركز ثقافي يمكن أن يخدم المصالح المشتركة المتبادلة بين دولة المركز والدولة المستضيفة. وهو " آلية " ... لتحقيق هذه المصالح، خاصة إذا تم عمله وفق استراتيجية تدفعه لأداء دوره على الصورة الأمثل المنشودة. وأرى أن تشرع المملكة وبقية دول الخليج العربية، في إعطاء هذه الوسيلة الاهتمام المناسب الذي تستحقه، فتتضافر جهود الجهات الحكومية وغير الحكومية المختصة، خاصة وزارتي الثقافة والإعلام والخارجية السعودية، في إنشاء مركز باسم مركز الملك عبد العزيز الثقافي، وفروع له في الدول التي تحتفظ المملكة بتمثيل دبلوماسي معها. وبحيث تقام هذه الفروع لتصحيح الصورة غير الايجابية عن المملكة والخليج والعالم العربي. ولعلنا نتمنى، مقدمًا، على المعنيين، تصحيح الصورة عندنا ولدينا، قبل عرضها على علاتها، على الآخرين.