array(1) { [0]=> object(stdClass)#12962 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

العدد 131

النظام العربي في مواجهة التحديات

الخميس، 07 حزيران/يونيو 2018

العمل العربي المشترك دون المأمول بالنسبة للشعوب العربية، وأقل من المطلوب في مواجهة التحديات الإقليمية والدولية القائمة بالنسبة للحكومات ومتخذي القرار في الدول العربية،حيث لم يكتمل مشروع العمل العربي الجماعي رغم أنه بدأ منذ ما يزيد عن 70 عامًا هي عمر تأسيس جامعة الدول العربية، فلم تكتمل مؤسسات المنظومة العربية الجماعية طيلة هذه المدة الزمنية الطويلة، كما أن مسيرته شهدت الكثير من المنعطفات والعثرات، ثم أتت أحداث ما يسمى بثورات الربيع العربي لتعطل ما كنا نأمل فيه، ولتقضي على ما كان يمكن أن يتحقق من إنجازات، حيث كان يظن البعض قبل تلك الأحداث التي بدأت مع نهاية 2010م، وبداية 2011م، أن حالة من النضج بدأت تلوح بالأفق في تجربة العمل العربي المشترك، خاصة بعد انتهاء الحرب الباردة وتلاشي إلى حد كبير موجات الاستقطاب وتأثير الايدولوجيات الدولية المتصارعة التي واكبت الحرب الباردة، والتي انعكست على المنطقة العربية منذ مطلع خمسينيات القرن العشرين وأوجدت نعرات سياسية وايدولوجية وفكرية متعارضة أو متباينة على أقل تقدير ما حاصر دور جامعة الدول العربية أو قلل من مجهودها ومن ثم أضعف العمل العربي المشترك ومع ذلك شهدت تلك المرحلة توفر الحد الأدنى من التنسيق والتشاور، خاصة في أوقات الأزمات أو عند الضرورة.

إلا أن أحداث ما يسمى ثورات الربيع العربي كانت أشدة وطأة على إضعاف النظام العربي وتشتته، بل تعطيل العمل العربي المشترك بصورة كبيرة أكثر إيلامًا من المعضلات التي سبقتها من خلافات عربية ـ عربية، فترتب على الأحداث الأخيرة خروج عدة دول هامة ومؤثرة من المنظومة العربية الجماعية، واستبدلت النعرات الايدلوجية بحروب أهلية وطائفية وغذت الصراعات المذهبية، والدينية والعرقية ذات الولاءات الخارجية، إضافة إلى تزايد موجات الإرهاب العابر للحدود، وانتشار الجماعات المسلحة غير الحكومة التي اختطفت دولًا بكاملها كما حدث مع الحوثين في اليمن، وجماعة الاخوان المسلمين في مصر وتونس، أو اختطاف القرار السياسي ودور الدولة كما هو حال حزب الله في لبنان. كما أن جماعات أخرى أثرت على إضعاف الدولة المركزية، واستقطاع أراض من تحت سيادتها كما هو الحال مع داعش وبقية التنظيمات الأخرى في العراق وسوريا.

أما الخطر الخارجي الداهم الذي ترتب على هذ الأحداث، فكان هو تدخل الدول الإقليمية في الشؤون الداخلية للدول العربية، ولعل الظاهرة الأبرز تتجسد في التدخل الإيراني السافر في أربع دول عربية بلغ حد التدخل المسلح كما هو الحال في سوريا، ومن قبل في العراق وحركت أذرع لها للاستيلاء على السلطة بقوة السلاح كما حدث في اليمن، وبقوة التنظيمات الإرهابية ذات الغطاءات السياسية المذهبية كما هو وضع حزب الله في لبنان، كما فتحت هذه الأحداث الباب لتدخل تركيا وإسرائيل وتمددهم في المنطقة حيث تواجدت تركيا بقوات مسلحة في المنطقة العربية لأول مرة منذ سقوط الدولة العثمانية، وكذلك تمارس إسرائيل درجات عنف وبطش ضد الفلسطينيين وانتهى ذلك بنقل السفارة الأمريكية إلى مدينة القس أي اعتراف واشنطن بالقدس عاصة لإسرائيل.

من المؤكد، ورغم الجهود التي تبذلها الدول العربية الفاعلة، أن النظام العربي بصورته الحالية يواجه أصعب الاختبارات منذ نكبة فلسطين عام 1948م، ونكسة عام 1967م، الأمر الذي يستدعي إعادة التفكير بروية لاتخاذ قرارات جريئة من الدول التي نجت أو تعافت من أحداث الربيع العربي لصياغة رؤية واضحة وناجعة لمستقبل النظام العربي وانتشاله من مستنقع التشرذم والخلافات والرؤى الضيقة والخروج به إلى آفاق جديدة على أسس واضحة ومرتكزات دقيقة، وتوجهات واضحة، تعتمد نظام الأغلبية في التصويت على القرارات، مع إحياء مؤسسات العمل العربي المشترك المنبثقة عن جامعة الدول العربية ليكون للجامعة أذرع تستطيع ترجمة قرارات القمم العربية في إطار آلية ثابتة تخضع لها كافة الدول الأعضاء، وعليه يجب أن تظهر السوق العربية المشتركة، ومحكمة العدل العربية، والقوة العربية المشتركة، وغير ذلك من المؤسسات التي صدرت بشأنها قرارات عربية منذ أكثر من نصف قرن وللأسف لم تر النور بعد.

ومن الضروري أن تقوم الدول العربية في إطار جهد جماعي بإعادة ترتيب المخاطر والتحديات، وتضع أولويات المواجهة بما يحافظ على سيادة واستقلال الأمة وحماية شعوبها، وصيانة مصالحها ومكتسباتها. كما يجب البناء على نقاط الالتقاء، والتغاضي عن نقاط الاختلاف بين مجموعة الدول الفاعلة، على أن يتم وضع رؤية عربية لفرز وتصنيف القضايا المحيطة بالمنطقة والأكثر تأثيرًا على الدول العربية وأمنها ومن ثم تحديد طرق التعامل مع الدول الإقليمية التي لها أجندات وتخطط لإشاعة عدم الاستقرار في إقليم الشرق الأوسط، خاصة دول مثل إيران، وإسرائيل، وتركيا، واثيوبيا، أي قراءة مهددات الأمن القومي العربي مع الأخذ في الاعتبار منطقة القرن الإفريقي، والتمسك بحل القضية الفلسطينية على أسس المبادرة العربية للسلام القرارات الصادرة من الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي ذات الصلة.

ومن الضروري أن تكون قضايا مكافحة الإرهاب، وملء الفراغ الاستراتيجي والتوازن العسكري لها أهمية قصوى في النظام العربي، حيث لا تنمية أو تقدم بدون حماية المكتسبات وفرض الأمن ودرء المهددات والمخاطر وتحصين المجتمعات ووجود توازن في موازين القوى الإقليمية.

كما يجب أن يكون التكامل الاقتصادي أحد أهداف النظام العربي الجديد، أي تكون الاقتصادات العربية قائمة على التكامل لا التنافس، وفقًا لأسس المزايا النسبية لكل دولة أو إقليم عربي على أن يكون توطين اقتصادات المعرفة من الأولويات مع إيجاد تكتل عربي اقتصادي قوي يستطيع المنافسة في ظل وجود التكتلات الاقتصادية القوية في آسيا وإفريقيا وأمريكا اللاتينية.

ومن الأهمية بمكان أن يكون للثقافة التنويرية والتسامح والحوار مع الأخر وقبوله مكان مهم في العمل العربي المشترك حتى نستطيع التعامل مع محيطنا الدولي في إطار من التعاون الفعال، وأن تكون الدول العربية منتجة ومشاركة في تقدم العالم وليست مستهلكة فقط، وبدون ذلك سوف يستمر التشرذم الحالي مخيم على المنطقة العربية لسنوات.

مقالات لنفس الكاتب