أكد معالي الدكتور رشاد بن عبد اللطيف الزياني الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية في حوار لمجلة (آراء حول الخليج ) على أن الهجمة الخارجية التي تتعرض لها المملكة العربية السعودية بخصوص جريمة مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي، يرحمه الله، هجمة ظالمة وغير منطقية دافعها الأساسي أهداف سياسية مكشوفة وواضحة لكل من يفهم أبعادها والجهات التي تقف وراءها، وقال معاليه في هذا الصدد أنا واثق أن هذه الحملة ستتلاشى وتفشل في تحقيق أهدافها في النيل من المملكة وقيادتها، لأن القيادة الحكيمة في المملكة اعتبرت مقتل جمال خاشقجي جريمة مستنكرة، ارتكبها مواطنون سعوديون بحق مواطن سعودي على أرض سعودية حسب القوانين الدولية، واتخذت المملكة الاجراءات القانونية اللازمة لتحقيق سيادة القانون وإرساء قواعد العدل ومحاسبة المتورطين في ارتكابها.
واعتبر قمة الرياض التي انعقدت في التاسع من شهر ديسمبر الماضي قمة مميزة، مشيرًا إلى أنها عقدت في دولة المقر بدعوة ورئاسة من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز ـ رعاه الله ـ وتولت سلطنة عمان مهام دولة الرئاسة للدورة التاسعة والثلاثين وذلك تنفيذا لقرار القادة في لقائهم التشاوري السابع عشر الذي عقد في الرياض في مايو 2017م. مشددًا على أن انعقادها يعبر عن حرص القادة على انتظام عقدها، لما لذلك من مردودات إيجابية على مسيرة المجلس، إضافة إلى أن انعقادها يأتي في وقت حساس وظروف معقدة إقليميًا ودوليًا، وتحديات سياسية وأمنية تتطلب تأكيد مجلس التعاون على تضامن دوله وتكاتفها، وعزمها على المضي قدمًا لمواصلة هذه المسيرة المباركة التي استطاعت على مدى 37 عامًا تحقيق إنجازات مهمة وبناءة برهنت على أهمية المجلس كمنظومة إقليمية فاعلة سواء على المستوى الوطني أو على المستوى الإقليمي والدولي.
وفيما يلي نص الحوار:
س: كيف تنظرون إلى ما صدر عن قمة دول مجلس التعاون الأخيرة التي استضافتها الرياض، من قرارات وتوصيات، وماذا أضافت هذه القمة إلى ما سبق من قمم خليجية؟
ج: في الواقع يمكن اعتبار قمة الرياض قمة مميزة، فقد عقدت في دولة المقر بدعوة ورئاسة من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز ـ رعاه الله ـ وتولت سلطنة عمان مهام دولة الرئاسة للدورة التاسعة والثلاثين وذلك تنفيذًا لقرار القادة في لقائهم التشاوري السابع عشر الذي عقد في الرياض في مايو 2017م. كما أن انعقادها يعبر عن حرص القادة على انتظام عقدها، لما لذلك من مردودات إيجابية على مسيرة المجلس، إضافة إلى أن انعقادها يأتي في وقت حساس وظروف معقدة إقليميًا ودوليًا، وتحديات سياسية وأمنية تتطلب تأكيد مجلس التعاون على تضامن دوله وتكاتفها، وعزمها على المضي قدمًا لمواصلة هذه المسيرة المباركة التي استطاعت على مدى 37 عامًا تحقيق إنجازات مهمة وبناءة برهنت على أهمية المجلس كمنظومة إقليمية فاعلة سواء على المستوى الوطني أو على المستوى الإقليمي والدولي.
لقد تأكد للجميع، للدول الصديقة والحليفة، أن هذا الكيان السياسي المبارك وجد ليبقى، وأنه من أهم وأبرز المنظومات الإقليمية، نظرًا للدور البارز والفعال الذي يقوم به في الحفاظ على أمن واستقرار وازدهار المنطقة. وما أصدره القادة من قرارات في قمة الرياض يمثل إضافة مهمة في مسيرة العمل الخليجي المشترك سواء في مجال التعاون الدفاعي أو التكامل الاقتصادي والتشريعي.
س: جاء في وثيقة (إعلان قمة الرياض) وضع خارطة طريق تشمل تفعيل الإجراءات اللازمة لتحقيق رؤية القادة بتحقيق التكامل بين دول المجلس، ووضع أسس لتأطير علاقات الدول الأعضاء في المجتمع الدولي.. ما هي ملامح هذه الخارطة وما هي الخطوات التي ستتبعها دول المجلس لتحقيق ذلك ومتى، وهل تم تكليف من يضع خطوط هذه الخارطة؟
ج: في الواقع إن التكامل الخليجي وتعزيز علاقات الدول الأعضاء في المجتمع الدولي مساران مهمان في التعاون الخليجي المشترك، وقد قطع مجلس التعاون خطوات مهمة في هذين المجالين، ففي مجال التكامل أسست دول المجلس هيآت ومؤسسات خليجية متنوعة الأغراض والأهداف، وتبنت منظومة متناسقة من القوانين الملزمة والاسترشادية، واتخذت العديد من القرارات والإجراءات التي أضافت رصيدًا مهمًا في مكتسبات المواطنة الخليجية، وعززت عرى الترابط والتواصل بين مواطني دول المجلس. كما أن مجلس التعاون أسس علاقات شراكة استراتيجية فاعلة مع العديد من الدول والتكتلات الاقتصادية الدولية انعكست على نمو وتوثيق العلاقات بين دول المجلس وتلك الدول. وما تضمنه إعلان قمة الرياض في هذا الخصوص يؤكد على اهتمام قادة دول المجلس وحرصهم على تعميق التكامل بين الدول الأعضاء، وتعزيز علاقات المجلس مع دول العالم، واستكمال تنفيذ البنود التي تضمنتها رؤية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز لتعزيز العمل الخليجي المشترك، وتحقيق الوحدة الاقتصادية بين دول المجلس، وتعزيز المواطنة الاقتصادية وزيادة مكتسباتها.
س: أكد زعماء دول مجلس التعاون الخليجي على الأهمية القصوى لبلورة سياسة خارجية موحدة وفاعلة لمجلس التعاون.. كيف يتم تحقيق ذلك؟ وهل توجد خطوات باتجاه تفعيل هذه التوصية لزعماء دول المجلس؟
ج: قادة دول المجلس، رعاهم الله، حريصون على تعزيز التعاون بين دول المجلس في المجال السياسي، في إطار سياسة خارجية مؤثرة تعكس المبادئ والأهداف التي قام عليها مجلس التعاون، وتأخذ في الاعتبار المصالح العليا لدول المجلس، والروابط والوشائج التي تجمع بين مواطنيها، وتعكس المكانة البارزة التي يحتلها مجلس التعاون إقليميًا ودوليًا. ويتم تحقيق هذا التوجيه السامي من خلال العمل الدبلوماسي الخليجي المشترك، والتنسيق السياسي المتواصل، وعبر آليات العمل التي اعتمدها مجلس التعاون بما فيها مذكرات التفاهم وخطط العمل المشتركة مع الدول والتكتلات العالمية.
س: وجه القادة بتعزيز الشراكات الاستراتيجية وعلاقات التعاون الاقتصادي والثقافي والتنسيق السياسي بين مجلس التعاون والدول الصديقة والمنظومات الإقليمية الأخرى، ما هي ملامح هذه الاستراتيجية، ومتى وكيف يمكن تفعيلها، وما هي الأولويات المطروحة في هذا الصدد؟
ج: إن أحد الأهداف الاستراتيجية الرئيسية لمجلس التعاون هو تعزيز مكانة المجلس إقليميًا ودوليًا بما يحقق المصالح العليا لدول المجلس، والحوارات الاستراتيجية بين مجلس التعاون وبين الدول والتكتلات الاقتصادية الدولية قائمة ونشطة منذ تأسيس مجلس التعاون في عام 1981م، وكان لها مردود كبير على تعزيز علاقات دول المجلس مع تلك الدول والتكتلات في مختلف المجالات السياسية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية، إلى أن بلغت مرحلة شراكة استراتيجية وثيقة مع عدد من الدول بما فيها المملكة الأردنية الهاشمية والمملكة المغربية والولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي وروسيا والصين وفرنسا. وقادة دول المجلس، يحفظهم الله، يهدفون إلى تعزيز تلك العلاقات وتطويرها بما يخدم المصالح العليا لمجلس التعاون، ويعزز من مكانة مجلس التعاون إقليميًا ودوليًا. والاستراتيجية المستهدفة تقوم على تنويع العلاقات وتوسيع آفاقها، بما في ذلك مع دول القارة الإفريقية ودول آسيا الوسطى وغيرها من الدول الصديقة في القارة الآسيوية، وقد أكد البيان الصادر عن القمة على أن تتولى الأمانة العامة استكمال تنفيذ خطط التحرك الخليجية وخطط العمل المشترك وبرامج العمل اللازمة لتحقيق تلك الأهداف السامية.
س: أكد المجلس الأعلى دعمه وتأييده للمملكة العربية السعودية فيما اتخذته من إجراءات تجاه التعامل مع ملف قضية مقتل المواطن السعودي.. كيف تنظرون إلى الهجمة الخارجية على المملكة، ومن وجهة نظركم كيف يمكن إنهاء هذه الهجمة، وما هي الأدوات التي يجب استخدامها؟
ج: الهجمة الخارجية التي تتعرض لها المملكة العربية السعودية بخصوص جريمة مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي، يرحمه الله، هجمة ظالمة وغير منطقية دافعها الأساسي أهداف سياسية مكشوفة وواضحة لكل من يفهم أبعادها والجهات التي تقف وراءها. وأنا واثق أنها ستتلاشى وتفشل في تحقيق أهدافها في النيل من المملكة وقيادتها، لأن القيادة الحكيمة في المملكة اعتبرت مقتل جمال خاشقجي جريمة مستنكرة، ارتكبها مواطنون سعوديون بحق مواطن سعودي على أرض سعودية حسب القوانين الدولية، واتخذت المملكة الإجراءات القانونية اللازمة لتحقيق سيادة القانون وإرساء قواعد العدل ومحاسبة المتورطين في ارتكابها. والمجلس الأعلى لمجلس التعاون أكد في بيان قمة الرياض رفضه القاطع لاستغلال هذه القضية للمساس بسيادة قرار المملكة وأمنها واستقرارها، الذي يعتبر جزءًا لا يتجزأ من أمن واستقرار مجلس التعاون. ولابد هنا من الاشادة بالبيان الصادر عن وزارة الخارجية بالمملكة العربية السعودية بشأن موقف مجلس الشيوخ الأمريكي بهذا الخصوص، والذي عبر عن رفضه لهذا الموقف واعتبره تدخلاً في الشأن الداخلي للمملكة، وأكد على حرص المملكة على الحفاظ على علاقاتها الاستراتيجية مع الولايات المتحدة الأمريكية، والدور القيادي للمملكة في محيطها الإقليمي وفي العالمين العربي والإسلامي وعلى الصعيد الدولي ودورها المهم في استقرار الاقتصاد العالمي ومكافحة الإرهاب.
س: وجه المجلس الأعلى بسرعة استكمال تعديل أوضاع المنظمات الخليجية المتخصصة بوضعها تحت مظلة الأمانة العامة لمجلس التعاون وتحت إشراف اللجان الوزارية المختصة والمجلس الوزاري .. ما هي هذه المنظمات المختصة وما هي المهام المنوطة بها ودورها في تفعيل العمل الخليجي المشترك؟
ج: المنظمات الخليجية المختصة قائمة منذ تأسيس مجلس التعاون، وحتى قبل تأسيس المجلس، وهي تنشط في مختلف المجالات الاقتصادية والتنموية والاستثمارية والاجتماعية والأمنية، وتعتبر رافدًا مهمًا في تعزيز العمل الخليجي المشترك، بلغ عددها حتى الآن 30 منظمة وهيأة، من بينها مؤسسة الخليج للاستثمار، ومؤسسة الخليج للاستشارات الصناعية، ومكتب براءات الاختراع، وهيأة المواصفات والمقاييس، وهيأة الربط الكهربائي، واتحاد غرف التجارة، ومركز التحكيم التجاري، والمركز الإحصائي، وجهاز الشرطة الخليجية، وجهاز إذاعة وتلفزيون الخليج، ومؤسسة الإنتاج البرامجي المشترك، وغيرها من الهيآت والمؤسسات.
وقد سبق لقادة دول مجلس التعاون أن أقروا في قمة الرياض عام 2015م رؤية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز لتعزيز مسيرة العمل الخليجي المشترك التي تضمنت في بنودها بندًا ينص على وضع كافة المؤسسات والمنظمات والمكاتب تحت مظلة الأمانة العامة، وتحت إشراف المجلس الوزاري واللجان الوزارية المختصة، بهدف ترشيد الإنفاق وتفادي الازدواجية ولضمان اتساق عمل المنظمات الخليجية والتنسيق فيما بينها، واندماجها في العمل الخليجي المشترك، وبما يتوافق مع الإجراءات التي حددها النظام الأساسي للمجلس. وهذا ما تم فعلا، حيث باشرت الأمانة العامة في اتخاذ الإجراءات اللازمة لذلك، وسنعمل في الأمانة العامة على استكمال تنفيذ التوجيهات السامية للمجلس الأعلى بهذا الخصوص، وتحت الإشراف المباشر للمجلس الوزاري الموقر.