array(1) { [0]=> object(stdClass)#12958 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

العدد 135

مؤتمر وارسو خطوة تمهيدية للضغوط على إيران للاستجابة لمطالب المجتمع الدولي

الإثنين، 04 آذار/مارس 2019

ربما كانت إيران أكثر دول منطقة الشرق الأوسط اهتمامًا بقراءة ما يمكن أن يسفر عنه مؤتمر وارسو من نتائج، وذلك لاعتبارات عديدة: يتمثل أولها، في أن هذا المؤتمر الذي عقد في العاصمة البولندية وارسو يومي 13 و14 فبراير 2019م، جاء تحت عنوان "تشجيع الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط"، وهو عنوان يلقي الضوء مباشرة على العواقب السلبية والخطيرة التي تفرضها سياسات إيران، سواء فيما يتعلق بتدخلاتها المستمرة في الشؤون الداخلية لدول المنطقة، أو ما يتصل بإصرارها على انتهاك الاتفاق النووي وقرار مجلس الأمن رقم 2231، أو ما يرتبط باستمرارها في إجراء تجارب خاصة بتطوير الصواريخ الباليستية بل وإمعانها في تهريب تلك الأسلحة إلى التنظيمات الإرهابية والمسلحة الموجودة في بعض دول الأزمات.

وينصرف ثانيها، إلى أن المؤتمر يأتي في وقت تتصاعد فيه حدة الاحتجاجات الداخلية، بسبب استنزاف النظام للخزينة الإيرانية في دعم حلفائه الإقليميين، لاسيما النظام السوري وحزب الله اللبناني وحركة الحوثيين اليمنية، إلى جانب الميليشيات الطائفية التي قام بتكوينها وتدريبها لدعم النظام السوري في مواجهة قوى المعارضة. ومن هنا، كان لافتًا أن قسمًا من كلمات المسؤولين الذين شاركوا في المؤتمر تركز حول الممارسات التي يقوم بها النظام الإيراني في الداخل، لاسيما ما يتعلق بانتهاكاته المستمرة لحقوق الإنسان.

ويتعلق ثالثها، بتزامن انعقاد المؤتمر مع تزايد تأثير العقوبات الأمريكية المفروضة على إيران، وهو التأثير الذي من المتوقع استمراره خلال المرحلة القادمة، خاصة في حالة ما إذا لم تمدد إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب المهلة التي منحتها للدول الثماني المستوردة للنفط الإيراني من أجل مواصلة شرائه بعد مايو 2019م.

وعلى ضوء ذلك، يبدو أن إيران سوف تحاول الرد على ما جاء في المؤتمر من خلال تبني سياسة تصعيدية، تتضمن مزيدًا من الخطوات الاستفزازية، على غرار إجراء تجارب جديدة على الصواريخ الباليستية، وربما توجيه ضربات صاروخية جديدة خارج حدودها ردًا على العملية الأخيرة التي وقعت، في 14 فبراير 2019م، بمحافظة سيستان بلوشستان وأسفرت عن مقتل 27 وإصابة 15 أخرين من عناصر الحرس الثوري.

مواقف مرتبكة:

حاولت إيران، ضمن مساعيها لتقليص أهمية وتأثير مؤتمر وارسو، الربط بين العملية الأخيرة التي استهدفت عناصر تابعة للحرس الثوري، وبين انعقاد المؤتمر، حيث أشار وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف إلى أنه "ليس من المصادفة أن يضرب الإرهاب إيران في اليوم نفسه الذي ينعقد فيه المؤتمر".

ومن دون شك، فإن طهران تحاول تحقيق أهداف ثلاثة رئيسية من خلال الربط بين انعقاد المؤتمر والعملية الأخيرة: الأول، صرف الأنظار عن الأسباب الحقيقية التي أدت إلى تفاقم حالة عدم الاستقرار الأمني داخل إيران، والتي تثبت أن تأكيدات المسؤولين الإيرانيين على أن إيران هى أكثر دول المنطقة استقرارًا ما هى إلا مزاعم لا تتوافق مع المعطيات الموجودة على الأرض، حيث سبق العملية الأخيرة هجمات نوعية، مثل الهجوم على العرض العسكري الذي نظمه الحرس الثوري في مدينة الأحواز العربية، في 22 سبتمبر 2018م.

والثاني، محاولة الترويج للمزاعم التي يتبناها النظام، والتي تقوم على وجود مخطط دولي تدعمه جهات في الداخل وقوى المعارضة في الخارج بهدف تقويض دعائمه، وذلك بهدف تشويه الاحتجاجات الداخلية وتقليص أهميتها وتأثيرها عبر الإيحاء بارتباطها بأطراف خارجية.

والثالث، السعى إلى تبرير إقدام النظام على تقديم دعم للنظام السوري والانخراط في الصراع العسكري في سوريا بشكل استنزف قسمًا كبيرًا من الموارد الاقتصادية والبشرية الإيرانية، وذلك من خلال الادعاء بأن محاربة التنظيمات الإرهابية تتطلب العمل خارج حدود الدولة الإيرانية.

لكن يمكن القول إن النظام لم يتمكن من تحقيق هذه الأهداف، باعتبار أن الشارع الإيراني أصبح مدركًا، إلى حد كبير، بأن المشكلة الحقيقية التي تواجهها إيران تكمن في السياسات التي يتبناها النظام، والتي أدت إلى تفاقم الأزمات الاقتصادية على غرار ارتفاع معدلات التضخم والبطالة، والاجتماعية مثل تصاعد حدة التوتر والاحتقان بين النظام والقوميات المختلفة التي تتعرض للتهميش والإقصاء والتمييز، على نحو يمثل أحد الأسباب الرئيسية التي أدت إلى تفاقم حالة عدم الاستقرار الأمني في المناطق التي تقطنها تلك القوميات.

وبعبارة أخرى، لم ينجح النظام في تقليص أهمية وتأثير مؤتمر وارسو، خاصة أن انعقاد المؤتمر في هذا التوقيت والمداولات التي شهدها بين الدول المشاركة فيه، والتي وصلت إلى نحو 70 دولة، وجه رسائل عديدة لإيران والقوى المعنية بدعم الاستقرار في المنطقة، تتمثل في:

1-  اهتمام متزايد: كان الهدف الأساسي من انعقاد المؤتمر هو توجيه رسالة سياسية إلى إيران مفادها أن الاهتمام الدولي بالعواقب الوخيمة التي تفرضها سياستها على أمن واستقرار منطقة الشرق الأوسط لم يعد يقتصر فقط على الولايات المتحدة الأمريكية أو القوى الإقليمية الرئيسية في المنطقة، وإنما بات يمتد إلى دول مختلفة في العالم.

وهنا، كان لافتًا أن دولا عديدة من أوروبا وآسيا وأمريكا اللاتينية شاركت في المؤتمر، وذلك ليس فقط باعتبار أن لها مصالح في منطقة الشرق الأوسط، وإنما أيضًا لأن أدوار إيران التخريبية باتت تصل إلى حدودها، على نحو يبدو جليًا في المحاولات التي تبذلها إيران لاستهداف بعض عناصر قوى المعارضة في الدول الأوروبية، والأنشطة غير المشروعة التي تقوم بها، من خلال حزب الله، في أمريكا اللاتينية، على غرار غسيل الأموال والإتجار بالمخدرات.

2-  اختيار بولندا: لم يكن الاستقرار على عقد المؤتمر في بولندا مصادفة، بل كان متعمدًا من جانب الولايات المتحدة الأمريكية، التي يبدو أنها فضلت عدم عقده سواء داخل أراضيها أو في منطقة الشرق الأوسط، للتأكيد على أن هناك حشدًا دوليًا مناهضًا للسياسات التي تتبناها إيران، يضم إلى جانبها القوى الرئيسية في منطقة الشرق الأوسط وكثيرًا من دول العالم، التي ترى ضرورة التعامل بإجراءات أكثر حزمًا مع إيران لدفعها إلى تغيير سياستها التي أدت إلى تفاقم أزمات المنطقة وعرقلة الجهود التي تبذل للوصول إلى تسويات بشأنها.

وقد حاولت إيران منذ الإعلان عن عقد المؤتمر في بولندا إثناء الأخيرة عن تنظيمه، حيث استدعت، في 13 يناير 2019م، القائم بالأعمال البولندي لديها لتقديم احتجاج على هذه الخطوة، معتبرة إياها عملاً عدائيًا ومهددة بأنها قد تقوم بخطوة مماثلة، ومشيرة في الوقت نفسه إلى أنها قامت باستضافة 100 ألف بولندي خلال الحرب العالمية الثانية.

إلا أن هذه المحاولات باءت بالفشل، حيث عقد المؤتمر في النهاية، وحرصت بولندا على تأكيد موقفها المناهض للأدوار التي تقوم بها طهران في المنطقة، حيث قال وزير الخارجية البولندي ياتسيك شابوتوفيتش: "إن المشكلات في المنطقة معقدة. ولإيران أثر سلبي ولن تستثنى من نقاشاتنا، ولم تدعى للمؤتمر".

واللافت في هذا السياق، أن بولندا نفسها تعتبر إحدى الدول الأوروبية التي أعلنت دعمها للاتفاق النووي مع إيران الذي توصلت إليه مع مجموعة "5+1" في 14 يوليو 2015م، قبل أن تنسحب منه الولايات المتحدة الأمريكية في 8 مايو 2018م، وهو ما يطرح دلالة مهمة تتمثل في أن بعض تلك الدول بات يعتبر أن المشكلة مع إيران لا تنحصر في مدى التزامها بالاتفاق النووي، رغم أهمية ذلك بالطبع، وإنما تمتد إلى القضايا الأخرى، على غرار تهديداتها المستمرة لأمن واستقرار بعض دول المنطقة وتدخلاتها في شؤونها الداخلية ودعمها لبعض التنظيمات الإرهابية، وتجاربها الصاروخية المتواصلة.

3-  تراجع دور الشركاء: تعمدت الدول الأوروبية الرئيسية، باستثناء بريطانيا، تخفيض مستوى تمثيلها في المؤتمر، بالتوازي مع عدم حضور منسقة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني التي بررت ذلك بارتباطها باجتماع لحلف الناتو، على نحو اعتبرته إيران خطوة إيجابية، لأنه يؤشر، في رؤيتها، إلى وجود انقسام بين الولايات المتحدة الأمريكية وشركائها الأوروبيين في التعامل معها. لكن رغم ذلك، فإن تراجع دور الشركاء الأوروبيين الرئيسيين في المؤتمر لم يقلص من أهميته، لاعتبارين: أولهما، أن الهدف الأهم من المؤتمر هو تأكيد أن هناك حشدًا دوليًا مناهضًا لإيران حتى لو حرصت دول مثل ألمانيا وفرنسا على تخفيض مستوى تمثيلها أو غابت دول مثل روسيا والصين.

وقد بدا هذا الهدف جليًا في تصريحات الممثل الخاص المكلف بالملف الإيراني في وزارة الخارجية الأمريكية برايان هوك، الذي قال، في 14 فبراير 2019م، أن "هناك خلافات بين الولايات المتحدة الأمريكية والدول الأوروبية حول التعامل مع إيران، لكن أيا من الدول التي شاركت في المؤتمر لم يدافع عن إيران"، مضيفًا": رأينا هنا في وارسو نحو 70 دولة من مختلف أصقاع الأرض، تجتمع لمناقشة التحديات الأمنية التي تواجه منطقة الشرق الأوسط ولا تستثنى منها إيران".

وثانيهما، أن أى تحرك أوروبي فعال تجاه إيران لن يكون له تأثير كبير على تعزيز موقع الأخيرة في مواجهة العقوبات والضغوط الأمريكية، باعتبار أن الاتحاد الأوروبي لا يستطيع بمفرده إدارة ملف الخلافات مع إيران نفسها، أو التعامل مع أية أزمة في منطقة الشرق الأوسط بمعزل عن الولايات المتحدة الأمريكية، وهو ما أكده وزير الخارجية البولندي ياتسيك شابوتوفيتش، الذي قال إن "الاتحاد الأوروبي لا يستطيع بمفرده حل المشكلات المعقدة في الشرق الأوسط".

وقد كانت الدول الأوروبية حريصة على استباق المؤتمر بالإعلان، في أول فبراير 2019م، عن تفعيل ما يسمى بـ "آلية الأغراض الخاصة"، التي يمكن من خلالها مواصلة التعاملات التجارية مع إيران في ظل العقوبات الأمريكية. إلا أن هذه الخطوة قد لا تساعد على دعم احتمالات استمرار العمل بالاتفاق النووي على عكس ما تسعى تلك الدول إلى تحقيقه.

إذ أن إصرار أوروبا على تبني تلك الآلية، بشكل دفع نائب الرئيس الأمريكي مايك بنس إلى توجيه انتقادات قوية لها خلال المؤتمر، بقوله إن "الدول الأوروبية تلتف على العقوبات الأمريكية من خلال إنشاء آلية للتعاملات التجارية مع إيران"، معتبرًا أن "هذا القرار غير محمود ومن شأنه التأثير على العلاقات بين الطرفين"، يمكن أن يوجه ما يمكن تسميته بـ"الرسالة الخاطئة" لإيران، على أساس أنه سيدفعها إلى التمسك بمواصلة سياستها المتشددة وأدوارها التخريبية في المنطقة.

كما يمكن القول إن احتمال عدم استمرار آلية الأغراض الخاصة أو على الأقل ترجع تأثيرها على العلاقات الاقتصادية بين إيران والدول الأوروبية، ما زال قائما بقوة، رغم كل الجهود التي تبذل لتجنبه.

إذ أن إيران لم تتوان عن مواصلة محاولاتها استهداف بعض قوى المعارضة داخل الأراضي الأوروبية، على نحو دفع دول أوروبية عديدة فضلاً عن الاتحاد الأوروبي إلى فرض عقوبات عليها. كما أنها ردت على الدعوات المستمرة من جانب فرنسا بالتوقف عن الأنشطة الخاصة ببرنامج الصواريخ الباليستية بتوجيه انتقادات قوية لباريس، والإصرار على أن لها الحق كاملاً في مواصلة هذه الأنشطة، رغم أنها تثبت انتهاكها للاتفاق النووي وقرار مجلس الأمن رقم 2231.

بل إن المرشد الأعلى للجمهورية علي خامنئي تعمد شن حملة قوية ضد الدول الأوروبية، حتى بعد إعلانها تفعيل آلية الأغراض الخاصة وعزوفها عن الحضور بشكل أكثر تأثيرًا في المؤتمر، حيث قال في كلمته بمناسبة حلول الذكرى الأربعين للثورة الإيرانية في 11 فبراير 2019م، إن "على إيران أن تحرص على الحد من أى تعاملات مع دول أوروبية غير جديرة بالثقة".

ولذا، لا يبدو أن عودة الدول الأوروبية إلى البحث عن خيارات أخرى غير الاتفاق النووي مع إيران سوف يبقى احتمالاً مستبعدًا، بعد أن أثبتت إيران أن هذا الاتفاق لم يساهم في تغيير سياستها باتجاه الانخراط في جهود جدية لتعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة، حيث أنها استغلته للإمعان في مواصلة أدوارها الخارجية التي أدت إلى دعم أنشطة التنظيمات الإرهابية وتفاقم الأزمات الإقليمية المختلفة، التي وصلت ارتداداتها إلى الدول الأوروبية، في ضوء استمرار موجات اللاجئين والمهاجرين من المنطقة ووقوع عمليات إرهابية كبيرة داخل بعض عواصمها ومدنها الرئيسية.

وقد حاولت الدول الأوروبية بالفعل ممارسة ضغوط على طهران من أجل إجراء مفاوضات جديدة للوصول إلى اتفاق أكثر شمولا من الاتفاق الحالي، بحيث يستوعب الخلافات العالقة بين الطرفين، لاسيما حول برنامج الصواريخ الباليستية والدور الإقليمي، إلا أن إيران رفضت تلك الضغوط وأصرت على مواصلة العمل بالاتفاق الحالي.

4-ملفات مترابطة: حاولت الدول المشاركة في المؤتمر، لاسيما الولايات المتحدة الأمريكية، التركيز على أن كل القضايا التي شملتها المباحثات التي أجريت بينها مترابطة، بما فيها ملف عملية السلام في الشرق الأوسط، في إطار رؤية تقوم على أن المدخل إلى تعزيز الاستقرار في المنطقة يكمن في ضرورة الوصول إلى تسوية نهائية مع تأسيس تحالف ضد الإرهاب والأطراف التي تهدد هذا الاستقرار. وهنا، يبدو من تلك الرؤية أن الولايات المتحدة الأمريكية، وقوى دولية وإقليمية أخرى، تعتبر إيران مصدر تهديد مشترك وطرف تؤثر سياسته سلبيًا على مجمل تلك القضايا.

لكن هذا الترابط تحاول إيران التصدي له، عبر مواصلة شن حملة ضد ما يسمى بـ"الأفكار الأمريكية" الخاصة بعملية السلام في الشرق الأوسط، التي يطلق عليها "صفقة القرن"، وذلك من أجل تقليص أهمية المؤتمر، وما يمكن أن يوجهه من رسائل خاصة بأدوارها التخريبية في المنطقة.

وهنا، كان لافتًا الخطوة الإيجابية التي اتخذتها المملكة العربية السعودية، بالتوازي مع انعقاد المؤتمر، وتتمثل في اللقاء الذي عقد بين خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود والرئيس الفلسطيني محمود عباس، في 12 فبراير 2019م، والذي جدد فيه الملك سلمان التأكيد على "وقوف المملكة إلى جانب فلسطين وحقوق الشعب الفلسطيني الشقيق في قيام دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية".

فهذه الخطوة تحديدًا حرمت إيران من فرصة استغلال المحاولات التي بذلها جاريد كوشنر كبير مساعدي الرئيس ترامب من أجل الترويج لبعض الأفكار الأمريكية الخاصة بتلك القضية خلال المؤتمر، بعد أن أكدت الرياض أن هناك ظهيرًا عربيًا قويًا يدعم موقف الفلسطينيين ورؤيتهم لمستقبل ومسارات عملية السلام مع إسرائيل.

5-  تفاهمات موازية: حاولت إيران استغلال انعقاد الاجتماع الرابع لرؤساء الدول الضامنة لتفاهمات الآستانة في سوتشي في 14 فبراير 2019م، من أجل الإيحاء بأنها لا تتعرض لعزلة دولية، على أساس أن روسيا عزفت عن حضور مؤتمر وارسو فيما قررت تركيا المشاركة بمستوى منخفض.

لكن هذه الادعاءات الإيرانية لا تتوافق مع المعطيات الموجودة على الأرض، التي تشير إلى أن علاقاتها على الساحة الدولية بدأت تتأثر بشكل كبير بالعواقب التي تفرضها سياساتها، على نحو يظهر بشكل أكثر وضوحًا خلال الفترة القادمة، عندما يتزايد عدد الدول التي تتوقف عن شراء النفط الإيراني أو مواصلة إجراء أية تعاملات تجارية معها.

وعلى ضوء ذلك، يمكن القول في النهاية أن انعقاد مؤتمر وارسو يمثل خطوة أولى تمهيدية سوف تتبعها، على الأرجح، خطوات أخرى لممارسة ضغوط أقوى على إيران من أجل الاستجابة لمطالب المجتمع الدولي وتغيير سياساتها التي تهدد أمن واستقرار المنطقة.

ويبدو أن الولايات المتحدة الأمريكية سوف تعمل خلال المرحلة القادمة على استثمار الخلافات التي بدأت تظهر بين إيران والدول الأوروبية من أجل إقناع الأخيرة بضرورة انتهاج سياسة أكثر حزمًا في التعامل معها، كما أن أدوار إيران التخريبية التي وصلت إلى مناطق ودول مختلفة من العالم، سوف تدفع أطرافًا أخرى للانضمام للجهود التي تبذلها الولايات المتحدة الأمريكية في هذا الصدد.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

  • خبير بمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام ورئيس تحرير مجلة "مختارات إيرانية" الصادرة عن المركز.

 

مجلة آراء حول الخليج