array(1) { [0]=> object(stdClass)#13382 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

العدد 138

عاملان لتعزيز الاستدامة المالية: ترسيخ الضريبة وخفض هيكل الأجور في الإنفاق الحكومي

الخميس، 13 حزيران/يونيو 2019

ما تزال اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي معتمدة على نحوٍ كبيرٍ على قطاع الهيدروكربون من حيث تكوين الناتج المحلي الإجمالي وبصفته مصدر لإيرادات الحكومة وقاعدة للتصدير. وتعتبر دول مجلس التعاون الخليجي الأكثر مرونة حاليًا وأكثرها قدرةً على مجاراة البيئة التي تشهد انخفاض أسعار النفط، وهي تلك الدول التي تمتلك احتياطي كبير من الغاز والنفط بالنسبة لأعداد السكان فيها (دول غنية بالهيدروكربون بالنسبة لنصيب الفرد). وترتكز هذه الدول على أسس مالية قوية تتمثل في قلة الديون وارتفاع احتياطي النقد الأجنبي، وهذه الأسس تدعم استدامتها الاقتصادية بالرغم من أنها تتعامل بدرجة كبيرة مع قطاع الهيدروكربون. ولا يعني ذلك أن هذه الدول لا ينبغي أن تسعى لتنويع اقتصاداتها، ولكنه يوضح أن القوة المالية لهذه الدول تؤدي إلى ضغط أقل على الاقتصاد أثناء فترات انخفاض الأسعار وفترات الإصلاح. ومن ثمَّ، لا ترتبط الاستدامة المالية على الأغلب بدرجة التنويع الاقتصادي في هذه المرحلة. فالتنويع المالي كان وما زال ضعيفًا إلى حدٍ كبيرٍ في جميع أنحاء المنطقة، حيث ما زالت إيرادات الهيدروكربون هي المصدر الرئيسي للدخل. وامتلاك بعض الدول لكميات كبيرة نسبيًا من الإيرادات غير النفطية في الإيراد الإجمالي قد يكون مجرد انعكاس لضعف مخزون الهيدروكربون لديها، أكثر من كونه تنوع في قاعدة الإيرادات (خاصةً الضرائب) وضعف مستويات الدعم. فنحن نوضح أن التنويع المالي هو مجرد جانب واحد فقط من التنوع الاقتصادي الشامل.

إن توسيع نطاق القاعدة الاقتصادية سيدعم أيضًا زيادة الإيرادات غير النفطية (إلى جانب فرض الضرائب والرسوم الحكومية)، على الرغم من أن فترات التقشف المالي قد تشكِّل عائقًا أمام أهداف الحكومة لتطوير القطاعات غير النفطية. ولهذا يُعد وجود الاستدامة المالية لاقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي أمرًا بالغ الأهمية في وقتٍ شهدت فيه المنطقة نجاحًا محدودًا نسبيًا في توسيع قاعدتها الاقتصادية (تكوين الناتج المحلي الإجمالي) على نحوٍ أكبر بما يتجاوز مستويات ما قبل 2014.

2. التنوع في مخزونات الهيدروكربون في دول مجلس التعاون الخليجي

يُعد حجم احتياطيات الهيدروكربون للفرد عاملاً هامًا للاستدامة المالية حاليًا أكثر من مجرد حجم احتياطيات الهيدروكربون نفسه أو إيرادات الهيدروكربون كنسبة من الإيراد الإجمالي. واعتمادًا على مخزونات الهيدروكربون للفرد، يمكن تقسيم دول مجلس التعاون الخليجي بشكلٍ عام لقسمين:

  • دول أكثر ثراءً بالهيدروكربون بالنسبة للفرد: تمتلك هذه الدول احتياطيات كبيرة من النفط والغاز بالنسبة لأعداد سكانها. وهي تتضمن الكويت وقطر والإمارات (تتصدرها أبو ظبي).
  •  دول أقل ثراءً بالهيدروكربون بالنسبة للفرد: تمتلك هذه الدول احتياطيات أقل نسبيًا من النفط والغاز بالنسبة لأعداد سكانها. وهي تتضمن البحرين وعمان والسعودية. ومن ضمن هذه المجموعة، تقع عمان والبحرين عند مستويات أضعف نسبيًا.


 المصدر: تقديرات بنك أبو ظبي التجاري

المصدر: صندوق النقد الدولي، وكالات إحصائية إقليمية، تقديرات بنك أبو ظبي التجاري

إن معدل الهيدروكربون للفرد مهم خاصة في دول مجلس التعاون نظرًا للعلاقة بين الدولة والمواطنين، أي العقد الاجتماعي. وببسيط العبارة، يرجع عائد الهيدروكربون (وإدارة الدولة) في الأطر الاقتصادية لدول مجلس التعاون إلى الحكومة، ثم يُوزَّع ويُستخدم من أجل رفاهية السكان والبلد ككل، مما يعني أيضًا أن هناك إطار لدعم المواطن منذ ولادته حتى وفاته بطرق عديدة، بما في ذلك التعليم المجاني والرعاية الصحية، والمرافق ذات الأسعار المدعمة بقدر كبير، والأراضي، والتمويل الرخيص لبناء الأماكن السكنية. فضلاً عن ذلك، كان القطاع العام وما زال من أهم مصادر توظيف المواطنين، كما أن قاعدة الضرائب محدودة. ولذلك، عند حساب مخزون الهيدروكربون، نستخدم مواطني دول مجلس التعاون الخليجي؛ لأن هؤلاء هم السكان الذين تدعمهم الحكومة بموجب العقد الاجتماعي. أما السكان الأجانب فيميلون إلى التأقلم مع الدورات والمتطلبات الاقتصادية. وثمة بوادر لحدوث تغير في هذا العقد الاجتماعي، خاصةً مع انخفاض سعر النفط وارتفاع أعداد السكان المحليين. وقد شهدت المنطقة بالتأكيد انخفاضًا في الدعم، وفرض الرسوم وبعض الضرائب منذ 2015م، وفي الوقت نفسه، يعني النمو السكاني الكبير أن الجيل الأصغر سنًا من مواطني دول مجلس التعاون الخليجي قد لا يكون قادرًا تمامًا على الاعتماد على الدولة في توفير الوظائف. ولكن يبقى العقد الاجتماعي قائمًا إلى حد كبير بالرغم من هذه التغيرات التدريجية.

لقد نتج عن طبيعة اقتصاد تلك الدول وأثر العقد الاجتماعي أن الدول التي تمتلك ثروة أكبر من النفط والغاز يقل إنفاقها بشكل عام من دخل الهيدروكربون الخاص بها لدعم سكانها. ويعني ذلك أيضًا أن هذه الدول أصبحت تمتلك فوائض مالية كبيرة وتراكمات في احتياطي النقد الأجنبي طوال فترات ارتفاع أسعار النفط. كما أنها شهدت إلى حدٍ كبير عجز أقل واحتاجت لتعديلات مالية أقل لإحداث توازن في ميزانيتها.

أ-مخزون الهيدروكربون من خلال مؤشرات مالية واقتصادية مختلفة

ينعكس مخزون الهيدروكربون لدى دول مجلس التعاون الخليجي في عدد من المؤشرات المالية والاقتصادية، بما في ذلك ما يلي:

شكل 3 – مجلس التعاون الخليجي: أسعار النفط المعادلة للموازنة المالية Fiscal budget breakeven oil price

 

2008

2009

2010

2011

2012

2013

2014

2015

2016

2017

البحرين

76

81

99

112

116

119

116

118

107

103

عمان

65

66

71

81

83

96

103

96

89

84

السعودية

57

65

67

78

79

92

106

95

96

78

الإمارات

44

66

70

74

77

76

83

65

60

65

قطر

29

27

33

38

43

50

54

50

53

57

الكويت

34

29

45

43

49

52

56

49

47

51

المصدر: معهد المالية الدولية (IIF)

  • سعر النفط المعادل للموازنة Budget breakeven (BBE) oil price: وهو سعر النفط المطلوب لكي تتوازن أي موازنة مالية، ولقد هبطت أسعار النفط المعادلة للموازنة لمجلس التعاون الخليجي منذ الذروة بين عامي 2014-2017م؛ نظرًا لتقليل حكومات مجلس التعاون الخليجي من الإنفاق وإدخالهم للإصلاحات المالية. ولدى الدول الأكثر ثراءً بالهيدروكربون بالنسبة لنصيب الفرد أسعار نفط معادلة للموازنة أقل، إلى جانب سعر نفط معادل خارجي منخفض. ويوضح ذلك مرة أخرى بأن الكثير من الموارد الهيدروكربونية يتم إنفاقها على مواطني البلد.
  • الدين المستحق إلى إجمالي الناتج المحلي: لدى الدول الأقل ثراء بالهيدروكربون بالنسبة لنصيب الفرد مستويات دين حكومية أعلى بشكل عام بالتناسب مع إجمالي الناتج المحلي، ولقد تسببت كل من حالات العجز المالي في كل من البحرين وعمان، في متطلبات تمويل أكبر، ودين حكومي أكثر تسارعًا. ويتسبب هذا الصعود في رصيد الدين في المزيد من الإنفاق الحكومي الذي يتم تخصيصه لمدفوعات الفائدة وخدمة الدين، ولقد تنبأت كابيتال إيكونومكس، وهي هيأة استشارية بحثية اقتصادية، مؤخرًا بإمكانية وصول مدفوعات الفائدة للبحرين إلى ما يعادل 15-20% من إجمالي الإنفاق بحلول 2020م، ومع ذلك، لا تزال مدفوعات الفائدة تمثل نسبة ضئيلة من الإنفاق الكلي بالنسبة لمعظم دول مجلس التعاون الخليجي.

 

  • موقف احتياطي التداول الأجنبي: تمكنت الدول الأقل ثراء بالهيدروكربون بالنسبة للفرد من إنشاء احتياطي تداول أجنبي ملحوظ، مما يعكس الفوائض المالية الهائلة لديهم خلال أوقات أسعار النفط المرتفعة. وعلاوة على ذلك، فلقد كان هناك ضغط أقل لسحب هذه الاحتياطيات من أجل تغطية أوجه العجز المالي. ويوفر الدخل من تلك الاحتياطيات، والذي تستثمره في الأغلب صناديق الثروات السيادية، مصدر دخل إضافي (استثمار)، فهو بطريقة أخرى يشكل صورة من صور التنوع، كما يمكن الاستعانة به في دعم مقاومة التقلبات الاقتصادية خلال أوقات انخفاض أسعار النفط. وتماشيًا مع نسبة الهيدروكربونات، فإن نصيب الفرد من احتياطات التداول الأجنبي يرتفع في الدول الأكثر ثراء بالهيدروكربون بالنسبة للفرد، عن نظيره في الدول الأقل ثراء بالهيدروكربون بالنسبة للفرد.
  • التصنيفات السيادية: تنعكس كذلك كل من أوضاع احتياطي التداول الأجنبي ومستويات الدين الحكومي في التصنيفات السيادية لدول مجلس التعاون الخليجي، إذ لدى الدول الأكثر ثراء بالهيدروكربون بالنسبة لنصيب الفرد تصنيفات أعلى بشكل كبير، مدعومةً باحتياطيات التداول الأجنبي الهائلة ومستويات الدين المنخفضة. ومن الجدير بالذكر أنه على الرغم من التعديل الحاد في سعر النفط، فلم تشهد كل من أبو ظبي والكويت أي تخفيض في درجات التصنيف عبر أيٍ من أبرز هيآت التصنيف الثلاث منذ 2014، وعلاوة على ذلك، تظل تصنيفاتهما من بين التصنيفات الأقوى دوليًا، وتتجسد التصنيفات في تكلفة الاقتراض وعلاوة المخاطرة، مع كون الدول الأقل ثراء بالهيدروكربون بالنسبة لنصيب الفرد، أكثر عرضة للتغيرات في الاتجاهات، بما يشملالصعيد العالمي والاعتماد على تدفقات رؤوس الأموال.
  • نصيب الفرد من إجمالي الناتج المحلي والبطالة: تجسيدًا لحقيقة أن الموارد القليلة نسبيًا يتعين الاستفادة منها في دعم المواطنين، تتجه الدول الأقل ثراء بالهيدروكربون بالنسبة لنصيب الفرد للحصول على نصيب أعلى للفرد من إجمالي الناتج المحلي، بالإضافة إلى قوة الإنفاق. كما أنه من المرجح أن تتراجع مستويات البطالة للمواطنين، على الرغم من كون البيانات الإقليمية ضعيفة في هذا الصدد. كما تتجه الدول الأكثر ثراء بالهيدروكربون بالنسبة لنصيب الفرد لأن يكون لديها نسبة أكبر من الوافدين لمراعاة عدد سكانها القليل نسبيًا بالنسبة لحجم الاقتصاد.

بطبيعة الحال هناك أوجه تباين داخل مجلس التعاون الخليجي استنادًا إلى السياسات الحكومية والفعالية، فخلال أوقات ارتفاع أسعار النفط، شهدت الكويت فوائض مالية كبيرة بشكل ملحوظ باعتبارها نسبة من إجمالي الناتج المحلي (2005-2008)، نظرًا لإحراز الحكومة تقدمًا محدودًا نسبيًا بخططها الاستثمارية؛ ويعزى ذلك جزئيًا إلى العلاقة الصعبة بين الحكومة والبرلمان. وفي الوقت نفسه نجد أن الدين الحكومي قد ارتفع في قطر بنهاية 1990م، ليصل إلى 74.4% من إجمالي الناتج المحلي عام 1999م، نظرًا للاقتراض بهدف تطوير صناعة الغاز. ومع ذلك، تسبب الارتفاع في عائدات الغاز في تراجع حاد في الدين الحكومي بنسبة 8.9% من إجمالي الناتج المحلي عام 2007م، إلى جانب ارتفاع احتياطيات التداول الأجنبي. وبشكل عام، استخدمت دول مجلس التعاون الخليجي العائدات القوية من النفط بين عامي 2002-2014م، من أجل تقليل مستويات الدين وإنشاء احتياطيات تداول أجنبية؛ ولهذا، فلقد دخلوا دورة سعر النفط المنخفض بمركز مالي أفضل مما كان في السنوات السابقة.

3. زخم الإصلاح المالي

منذ نهاية 2014م، اكتسبت وتيرة الإصلاح المالي في مجلس التعاون الخليجي زخمًا ملحوظًا، ويتسم ذلك بأهمية خاصة نظرًا للآتي: 1) عدد السكان الشباب الهائل ومعدلات نمو السكان من المواطنين السريعة، و2) التحديات الهيكلية متوسطة إلى طويلة الأجل التي تواجه سعر النفط، والتي تشمل التكنولوجيا الحديثة (الطَفْل ومصادر الطاقة المتجددة).

باتت الإصلاحات المالية أكثر اتساعًا من تلك التي شوهدت في حالات هبوط سعر النفط السابقة، مما يفيد بأن تلك المناطق التي كانت تعتبر حساسة في السابق تعد الآن منفتحة على التغير والإصلاح. فعلى سبيل المثال: تم تقليل الإعانات المالية، وهو ما لم يحدث بين عامي 1980 و1990م، عندما كان الضبط المالي الرئيسي يتم عبر تقليص الإنفاق، ومثل إدخال ضريبة القيمة المضافة في كل من السعودية والإمارات في الأول من يناير لعام 2018م، وهو ما يعد تطورًا ملحوظًا بالنسبة لمجلس التعاون الخليجي، حيث شكل ذلك خطوة مبدئية حيوية في تطوير الإيرادات الضريبية في المنطقة التي كان لديها قاعدة ضريبية هشة.  ومع ذلك، فلقد استقرت الوتيرة الكلية للإصلاح المالي بطريقة ملحوظة منذ 2017م، وهو ما يبرز جزئيًا الإصلاح الهش وصعوبة استدامة برنامج إصلاح متعدد السنوات. كما تسبب الضعف في الزخم الاقتصادي نتيجة التعديلات المالية في تقييد قدرة الاقتصاد على استيعاب تدابير جديدة، ومن الجدير بالذكر أن الارتفاع في سعر النفط كان أحد العوامل الحاسمة التي دعمت الوتيرة الأكثر تدرجًا للضبط المالي في 2017م، وعلى وجه الخصوص في النصف الثاني من 2017م.

أ. التعديل الهائل الذي تقوده الدولة

لقد كان هناك درجات متفاوتة من التباين في وتيرة الإصلاح عبر دول مجلس التعاون الخليجي منذ 2014م، حيث كانت كل من الإمارات، ثم السعودية، هما الأكثر نشاطًا في إدخال الإصلاحات المالية ويعكس ذلك أهمية العوامل الاقتصادية والاجتماعية والسياسية الأخرى في تحديد قدرة الحكومات الإقليمية على المضي قدمًا مع الإصلاحات المالية. ومع ذلك، نؤمن بأن نسبة الهيدروكربون تلعب دورًا قويًا، بما في ذلك أوجه التباين في متوسط نصيب الفرد من إجمالي الناتج المحلي بين السكان من المواطنين عبر المنطقة، وكذلك مقدرتهم على استيعاب التعديلات المالية، ولا سيما على أساس تراكمي.

ولقد ركزت الإمارات في البداية على الكثير من التعديلات المالية والتقليص في الإنفاق، فلقد جاءت وتيرة إصلاح الإعانات المالية في أبو ظبي وتوسيع وزيادة الرسوم الحكومية، بشكل ثابت وتدريجي منذ أوائل عام 2015م. ولقد كان هناك مرحلتين أساسيتين من إصلاحات الإعانات المالية: 1(في نهاية 2015 ويناير 2016، و2) في يناير 2018م، وكان لحركة زيادة الأسعار بعدد من المجالات في آن واحد أثرًا قويًا على السكان في فترات معينة، وذلك مقارنةً بنهج أكثر تدرجًا، ومع ذلك، فلقد تضاءل أثر الجولة الثانية من إصلاحات الإعانات المالية على المواطنين السعوديين وإدخال ضريبة القيمة المضافة، بعد ذلك بفترة وجيزة، مع إدخال مجموعة من البدلات لموظفي القطاع العام، فضلاً عن ان التراجع في المزايا التي يقدمها القطاع العام في السعودية كان فقط لفترة قصيرة ثم سرعان ما تم التراجع عنه.

ولقد شهدت دول مجلس التعاون الأربع الأخرى حركة إصلاح اقتصادي مستقرة، حيث لم يكن هناك أية إصلاحات رئيسية في قطر منذ 2017م، وفي أعقاب النزاع الإقليمي، انصب تركيز الحكومة على تحقيق الاستقرار ودعم الاقتصاد. وفي الكويت، كانت هناك معارضة شعبية كبيرة للإصلاح المالي بقيادة مجلس الأمة، والذي يعتبر أكثر سلطة تشريعية مستقلة في الكويت، كما تشكل عائقًا أمام الحكومة في إحراز تقدم فيما يخص إصلاحاتها المالية. وفي البحرين، ما يزال دعم مجلس التعاون الخليجي الواسع، حيويًا لبرنامج الاستثمار؛ نتيجة الإصلاحات المالية المحدودة.

وتحتل الإمارات، من وجهة نظرنا، بما تمتلك من نصيب الفرد من حصة الهيدروكربون المرتفعة، إلى جانب حركة الإصلاح المالي الكبيرة، المركز المالي الأقوى بين دول مجلس التعاون الخليجي. وعلاوة على ذلك، فإنها تستفيد من طبيعة اقتصاد دبي الأكثر تنوعًا، والذي على الرغم من ذلك لم يكن بمنأى عن الهبوط في سعر النفط، نظرًا للتراجع في الطلب الإقليمي.

كما اتخذت كذلك عوامل أخرى أهمية في حركة الإصلاح المالي وقدرة الحكومات على إنفاذ الإصلاحات، ومع ذلك، فما زالت هناك بعض المؤشرات التي تفيد بكون حصص الهيدروكربون لا تزال أحد تلك العوامل، ولا سيما في القدرة على خفض الإنفاق الحكومي، إضافة إلى تمكن كل من الإمارات، وقطر، والكويت، من قطع الإنفاق الحكومي بنسبة أكبر من السعودية، وعمان، والبحرين. وتتجه الدول الأقل ثراء بالهيدروكربونات للفرد إلى المزيد من الإنفاق على الأجور والرواتب باعتبارهما نسبة كلية من الإنفاق، على الرغم من تكاليف خدمة الدين الآخذة في الارتفاع كذلك مع مستويات الدين المرتفعة. إضافة إلى ذلك، ونظرًا إلى نصيب الفرد المرتفع من إجمالي الناتج المحلي في الدول الأكثر ثراء بالهيدروكربونات بالنسبة لنصيب الفرد، فمن الممكن لسكانهم أن يستوعبوا الإصلاحات المالية بسهولة أكبر على الرغم من كونها بالطبع مهمة للقطاعات الأخرى، والتي تشمل تغييرًا في العقد الاجتماعي. كما يوفر السكان المغتربون الأوسع نطاقًا بالنسبة إلى السكان المحليين في الدول الأكثر ثراء بالهيدروكربونات بالنسبة للفرد، إصلاحات مالية أكبر. وعلى الجانب الآخر، يعد مواطنو الدول الأقل ثراء بالهيدروكربون بالنسبة لنصيب الفرد، هم الأكثر تضررًا من جراء إصلاحات الإعانات المالية، مما سيؤدي في بعض الحالات إلى انتكاسات كبيرة، فضلاً عن اتجاه الحاجة إلى الإصلاح إلى أن تكون أكبر بهذه الدول.

وبالنظر إلى المستقبل، فمن وجهة نظرنا ثمة عاملين أساسيين في تعزيز الاستدامة المالية: 1(ترسيخ القاعدة الضريبية، و2) خفض هيكل الأجور في الإنفاق الحكومي. فإصلاحات الإعانة المالية تعد أمرًا ضروريًا في بعض الدول، وستكتسب عدد من العوامل أهمية في تطوير القاعدة الضريبية، وتشمل هذه العوامل: الحد من دور القطاع العام، وتحسين مناخ الأعمال التجارية، وإطار لدعم نمو القطاع الخاص. فضلاً عن أهمية تطوير القطاع الخاص خلق فرص العمل للشباب.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

*بنك أبو ظبي التجاري

 

مقالات لنفس الكاتب