شهدت الفترة الماضية تصعيدًا خطيرًا نال الأمن والاستقرار في منطقة الخليج، فقد شن المتمردون الحوثيون اليمنيون هجمات بطائرات مُسَيَّرة على موقعين نفطيين في العمق السعودي. وقبل ذلك تم تخريب اثنتين من ناقلات النفط السعودية. كما أصيبت ناقلتان أخريان بأضرار، إحداهما كانت ترفع علم النرويج، بواسطة عبوات ناسفة صغيرة. وقعت حوادث تخريب الناقلات قبالة ساحل الإمارات العربية المتحدة في محطة بحرية لتخزين الوقود بالقرب من مضيق هرمز، الممر المائي الحيوي إلى الخليج العربي. تسبب كل هجوم في حفرة من 5 إلى 10 أقدام في بدن الناقلة بالقرب من الخط المائي أو عنده، مما يشير إلى أن المخربين علقوا الألغام على جوانب السفن. وقد وصفت دولة الإمارات ذلك بالأعمال التخريبية. وقال وزير النفط السعودي إن ما حدث لا يستهدف المملكة فحسب، بل يستهدف أيضًا سلامة إمدادات الطاقة في العالم والاقتصاد العالمي، وهدد الحوثيون بأن قواتهم جاهزة لتنفيذ المزيد من العمليات في العمق.
دروس الماضي وتوقعات المستقبل
تعد الحرب بين إيران والعراق أطول صراع عسكري بين الدول في الشرق الأوسط في هذا القرن. كما كانت الأكثر تكلفة من حيث الأرواح التي أُزْهِقَت والممتلكات التي دُمِّرت والأشخاص الذين شُرِّدوا. لا توجد إحصاءات دقيقة حول الآثار المدمرة للحرب، ولكن عدد القتلى يقدر بنحو 300 ألف إيراني وحوالي 100 ألف عراقي، وعدد مماثل من الجرحى. إن تدمير المنازل والمصانع والبنية التحتية الحيوية في جنوب شرق العراق وجنوب غرب إيران يتجاوز 400 مليار دولار. وقد فَرَّ ما لا يقل عن 1.5 مليون شخص من منازلهم منذ عام 1980م، معظمهم من الإيرانيين من مدن خوزستان. كما غادر الآلاف من العراقيين منطقة البصرة.
والآن، وفي الجو المتوتر في الخليج بعد أحداث تفجيرات منشآت وسفن النفط، لا أحد بمقدوره أن يتنبأ بما ستحمله الأيام القادمة، فالحرب الكلامية مستعرة، والكل يتسابق في إظهار قدراته الذاتية والسخرية بالآخر، الجميع ينذر ويتوعد، ولكن الحقائق على الأرض شيء آخر، والحسابات لها معايير ودوافع أخرى: منها السياسية ومنها الأمنية ومنها الاقتصادية. السباق على كرسي الرئاسة بين الجمهوريين والديمقراطيين – تنامي القوة العسكرية الإيرانية في مجال الصواريخ وسعيها لدخول النادي النووي - الرغبة في ابتزاز دول النفط – عرقلة مشروعات التنين الصيني العملاقة مثل الحزام والطريق وتوجهاته في الفضاء. على أن الدوافع الأساسية تبقى في يد عناصر معدودة تهيمن على القرار الأمريكي وهدفها الأكبر تجارة السلاح وتجريبه بغض النظر عن ضحايا الحروب من غير الأمريكيين ومن المتطوعين الأمريكيين البسطاء، ومن الدمار الذي يلحق بالبُنَى التحتية للدول ويجرها إلى الخلف عشرات السنين. هل تتوقف ترسانة الأسلحة؟ آلة صناعة السلاح لابد أن تدور. مخزون الأسلحة يتضخم ويتقادم ولابد من تصريفه. ثم متى وكيف تُجرَّب الأسلحة المطوّرة؟. الإجابة عن هذين السؤالين: لابد من اختلاق صراعات وحروب، ولا مشكلة في ابتكار المبررات واختلاق الأكاذيب. التاريخ شاهد على ذلك ومثاله حرب الأمريكان ضد العراق.
منشآت النفط السعودية
يمتد خط الأنابيب المتأثر من مناطق إنتاج النفط في الجزء الشرقي من البلاد إلى البحر الأحمر في الغرب، حيث يحتفظ السعوديون بمرافق التصدير. تساعد هذه المنشآت في ضمان استمرارها في تصدير النفط إذا واجهت صعوبات في الخليج العربي. وقد تم تصميم المنشآت في المملكة في وقت كانت هناك حروب مستمرة في الخليج وروعي في التصميم إتاحة أكبر قدر من الأمان.
خطوط النفط تمتد لمسافات طويلة وتعبر مناطق منعزلة فهي بطبيعتها مُعرَّضة لأي هجمات، وكذلك السفن التجارية التي تحمل النفط تبحر في مسارات طويلة ولأزمنة طويلة، أما محطات الضخ فمواقعها محددة ويمكن تحصينها وحمايتها. إن حماية هذه الأصول تكون في الأساس بالردع ثم بالمراقبة والدفاع. من يفكر أو يشرع في القيام بهجمات من هذا القبيل فلابد أن يتوقع ردًا عنيفًا فيرتدع ويتراجع عن تنفيذ نواياه.
العالم كله يستفيد استفادة مباشرة من نفط الخليج وأى استهداف لأنابيب النفط أو السفن التجارية الحاملة لنفط المملكة ودول الخليج إلى العالم إنما هو استهداف للاقتصاد العالمى ومحاولة إصابته فى مقتل من خلال تلك العمليات الإجرامية التى يراد منها التأثير على سلامة التجارة الدولية وتعطيل الاقتصاد العالمي. ما حدث يبعث برسالة خطيرة للعالم بأهمية مواجهة الإرهاب من الدول الداعمة له واجتثاثه من جذوره. إن مصالح الدول سوف تتأثر عندما يتوقف إمدادها بتلك الثروة الاستراتيجية المُحَرِّكة لاقتصادها، ومصالحها سوف تتأثر قطعًا إذا توقفت تلك الإمدادات، فأى انقطاع جزئي أو كلي لنفط المملكة ودول الخليج سوف يؤدي إلى ارتفاع أسعاره والتأثير سلبًا على أسواق النفط العالمية. يقتضي استقرار الأسواق النفطية بالضرورة مكافحة الإرهاب من داخل الدول المارقة وعملائها في المنطقة. إن الوقت قد حان لتحرك دولي سريع وفاعل للحفاظ على اقتصاديات العالم وإبعاده عن عبث تلك الفئات الإرهابية الضالة.
لماذا هرمز مُهِمٌّ جدًا؟
مضيق هرمز هو واحد من الممرات الأكثر أهمية في العالم. ما يقرب من ثلث جميع النفط الخام المنقول بحرًا (أكثر من 18 مليون برميل يوميًا) خلال فتحة يبلغ عرضها 21 ميلًا بين عُمان وإيران، بالإضافة إلى حوالي 30% من إجمالي الغاز الطبيعي الذي يتم شحنه على متن ناقلات. المضيق أضيق مما يبدو، لأن قناة الشحن في المياه العميقة التي تستخدمها ناقلات النفط لا يزيد عرضها عن ميلين. إن إيران، بوجودها العسكري في عدد من الجزر القريبة من المضيق وعلى طول الساحل الشمالي، تسيطر على تلك المنطقة المهمة.
من الناحية النظرية، فإن ذلك يعطي القوات العسكرية الإيرانية - كقواتها العسكرية النظامية والحرس الثوري الإسلامي - فرصة لخنق أحد الشرايين الاقتصادية الحيوية في العالم، مما قد يؤدي إلى خسائر اقتصادية مؤلمة لمنافسيها الإقليميين مثل المملكة العربية السعودية، وحتى الولايات المتحدة. في حين أن لدى المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة بعض خطوط الأنابيب البرية التي يمكن أن تشحن النفط باتجاه البحر الأحمر، وبالتالي تجاوز هرمز وأي تهديد إيراني، ولكن خطوط الأنابيب هذه لا تحمل سوى جزء يسير مما يُحمَل حاليًا عن طريق السفن.
لهذا السبب في كل مرة تقريبًا تشعر إيران بأنها محاصرة بالضغط من الولايات المتحدة أو حلفائها الإقليميين، فإنها تثير شبح إغلاق المضيق. في أواخر الشهر الماضي، وقبل قرار الولايات المتحدة بحظر جميع مبيعات النفط الإيراني، قال أميرال في الحرس الثوري الإيراني قاصدًا مضيق هرمز: "إذا مُنعنا من استخدامه، فسوف نغلقه".
استعدادات أمريكية
تزامنت هذه التطورات مع حشد الولايات المتحدة لترسانة أسلحة فى المنطقة بهدف التصدي للتهديدات الإيرانية. من المتوقع أن تصطف واشنطن وحلفاؤها فى الخليج في مواجهة إيران، ويبدو أن الولايات المتحدة انتقت نوعية أسلحتها لهذه المواجهة، فحاملة الطائرات "يو إس إس أبراهام لنكولن" التي تعمل بالطاقة النووية تعد بمثابة قاعدة عسكرية عائمة، تحمل على متنها عشرات المقاتلات الحربية، والمروحيات. وترافق الحاملة قوة ضاربة تتكون من سفن حربية ومدمرات وغواصات، وطرادات، وسفن أخرى صغيرة، فضلاً عن سفينة هجومية برمائية وبطاريات صواريخ "باتريوت" إضافة إلى قاذفات من طراز "بي-52". تجري دراسة خيارات لنشر ما يصل إلى 120 ألف جندي جديد في المنطقة، وأصدر البيت الأبيض بيانات قوية تَوَعَّد فيها برد عسكري كبير إذا أقدمت إيران على أي حماقة. كل هذا يأتي في الوقت الذي تضغط فيه الولايات المتحدة على الاقتصاد الإيراني من خلال فرض عقوبات قاسية، والتي لها تأثير كبير. إن إرسال هذه القوات إلى الشرق الأوسط ورفع طهران درجات الاستعداد لشن عمليات هجومية ضد القوات والمصالح الأمريكية، بالإضافة إلى مضيق هرمز، الذى تهدد طهران دومًا بإغلاقه، وتهديداتها باستهداف السفن فى الملاحة، فحال أقدمت إيران على ذلك سيرفع من احتمالية نشوب اشتباك عسكري.
الأجواء فى المنطقة تنذر بمواجهة خاصة مع إيران، فهى الفاعل الأول ويجب إيقافها عند حدها إما بالمفاوضات الجادة وإما بضربة عسكرية ولو محدودة تعيد الأمور إلى نصابها حتى لا يستمر النظام الإيراني فى تهديد أمن واستقرار منطقة من أهم مناطق العالم، بل ويهدد الملاحة الدولية بأسرها.
ويتجه التصعيد الأمريكى وإرسال حاملة الطائرات "أبراهام لينكولن" بصحبة مجموعة بحرية قتالية إلى الخليج إلى مستويات خطيرة تشعر بها إيران، لكن لا تعترف بها وتحاول التهوين منها وعبّر عن ذلك الرئيس الإيراني حسن روحاني بقوله: "إن إيران أعظم من أن يرهبها أحد ، بعون الله... سنجتاز هذه المرحلة بنجاح ورفعة وشموخ ونهزم العدو".
التسليح الإيراني
حال نشوب الحرب فى الخليج بين الولايات المتحدة وإيران، يمكن أن نتخيل الأسلحة التى ستستخدمها إيران، حيث تستعد لحماية سواحلها وفرض وجودها فى مياه الخليج بقوة بحرية تضم زوارق سريعة وغواصات خفيفة، يمكنها العمل في المياه الضحلة، وتنفيذ هجمات سريعة، مقارنة بقدرة محدودة لحاملة الطائرات الأمريكية في تلك المياه، كما تنشر صواريخ باليستية بحسب تقارير أمريكية.
تمتلك إيران 398 قطعة بحرية بينها 33 غواصة و5 فرقاطات و3 كورفت و230 زورق دورية و10 كاسحات ألغام، ويعد أسطولها الرابع عالميًا وفقًا لموقع "جلوبال فَيَرْ بَوَرْ" العسكرى. تأتى فى مقدمة الغواصات، الغواصتان "غدير" و"فاتح"، وهما مزودتان بطوربيدات مضادة للسفن، وصواريخ "كروز"، وتعد الغواصة "فاتح" من أحدث الغواصات التى انضمت للأسطول الإيرانى، ويبلغ وزنها أكثر من 500 طن وهى من فئة الغواصات المتوسطة وبها منظومة إطلاق وتوجيه صواريخ كروز البحرية، كما يمكن تجهيزها بـ4 طوربيدات و8 ألغام بحرية وطوربيدين احتياطيين، وتبلغ سرعتها تحت الماء 26 كم فى الساعة، فيما تبلغ سرعتها فوق سطح الماء 20 كم فى الساعة. أما الغواصة "غدير"، فيمكنها العمل فى المياه الضحلة، ويبلغ وزنها حوالى 120 طنًا.
سيناريو الحرب (1)
تطورت القوات الجوية الإيرانية لشن هجمات على الشحن البحري ومعارضة القوات البحرية والهجمات الدقيقة على الموانئ والمنشآت البحرية ومنشآت التصدير الرئيسية والبنية التحتية الحيوية. أما قدرة إيران على استخدام الصواريخ الموجهة جو-أرض أو الموجهة إلى السفن محدودة بسبب العمر. امتلاك إيران لقوة صاروخية أرض/جو تجعلها عرضة للهجوم الجوي الخارجي وتحد من قدرتها على القتال جوًا.
يمكن لإيران أن تنفذ سلسلة من الضربات المفاجئة ضد أهداف جنوب الخليج، ولكنها لا تتحمل أي هجوم جوي طويل إذ تفتقر إلى القوة الجوية للدفاع عن البلد بأسره. وستواجه إيران قيودًا خطيرة في الحرب الإلكترونية ومكافحة التشويش وعمليات الاستخبارات الإلكترونية وستكون عناصر التحذير والتحكم الجوي المحدودة في إيران عرضة للتشويش والخداع.
فأنظمة المخابرات والمراقبة والاستطلاع البرية والجوية في إيران ذات قدرات محدودة وهشة، ولن تكون إيران قادرة على اختراق شبكة دفاع جوي أمريكية تدعمها طائرات أواكس. ستكون إيران عرضة لأنظمة التسلل مثل B-2 و F-22 ، وكذلك F-35 عند نشرها. سيكون لديها قدرة محدودة للغاية للدفاع الجوي ضد صواريخ كروز، و B-1 ، والمقاتلات الأمريكية والخليجية الحديثة - مع استثناء محتمل من دفاعات صواريخ أرض/جو الروسية قصيرة المدى TOR.
ستواجه إيران مشاكل في استخدام صواريخها المضادة للسفن وأية صواريخ كروز أخرى في مواجهة قدرات الحرب الإلكترونية لدى القوات الأمريكية. وستواجه إيران مشاكل خطيرة في معالجة أي أضرار تلحق بأهدافها الحساسة التي لا تتمثل في منشآتها النووية فحسب، بل في منشآتها الصاروخية، ومرافق الإنتاج الرئيسية، والمصافي ونظم تخزين وتوزيع الوقود، والشبكة الكهربائية، ومرافق تنقية المياه، والأهداف الرئيسية الأخرى. ويمكن أن تؤدي موجات القصف الاستراتيجي الدقيق إلى شل الاقتصاد الإيراني وقدرة الإنتاج العسكري في غضون أيام.
يمكن أن تشن إيران غارات جوية محدودة على الخليج، ولكن الأرجح أن تفقد قدرتها على الحفاظ على سلاحها الجوي بأعداد كبيرة لاستخدامه في طلعات جوية للدفاع عن موانئها أو السفن الكبيرة أو القواعد الجنوبية. ولم تتمكن إيران حتى الآن من صنع ذخائر دقيقة، مما أضعف قدرة قواتها الجوية على استهداف قوات مجلس التعاون الخليجي أو البنية التحتية بشكل فعال.
سيناريو الحرب (2)
تنتشر حاملات الطائرات الأمريكية الضخمة (وتوابعها) وعليها طائرات إف 15 و 16 و35 وحوالي 5 آلاف طائرة مسيَّرة من الجيل الخامس، طائرات ب 52 تنتظر في قطر، ما يزيد عن 30 قاعدة أمريكية حول إيران في حالة الاستعداد. هذه الترسانة الحربية لا تمثل نزهة بحرية، أو مغامرة، ولكنها في مهمة مدروسة ومخططة. كان كلام الرئيس ترامب أنه لن يرسل قواته لتحارب خارج أمريكا، هو يمارس الضغط على القيادات الإيرانية للحوار، ولكن في أمريكا من يرون ضرورة التخلص تمامًا من النظام الإرهابي في إيران.
بلغ العجز المالي في أمريكا ترليون دولار في سنة واحدة، والحرب وسيلة لتغطية هذا العجز. فماذا لو أصبحت إيران تحت الاحتلال الأمريكي وتوقف مشروع طريق الحرير الذي سيمر في إيران. عندها ستجبر الصين على التفاوض مع أمريكا لإكمال المشروع. إن سقوط القيادات الإسلامية المتشددة يزيح الخطر الذي يهدد السعودية والإمارات والبحرين والكويت.
تشير الظروف المحيطة أن الحرب – على الأرجح ــ قادمة. فأسباب الحرب موجودة وأولها تفجيرات الفجيرة، ومواقع ضخ النفط والصواريخ التي كانت وجهتها مكة المكرمة. وقد تضطر إيران للمغامرة بإغلاق مضيق هرمز، ومن هناك، ستبدأ الحرب بضرب قواعد الحرس الثوري ومواقع الصواريخ ومصانع السلاح والمحطات النووية من شمال إيران إلى جنوبها ومن شرقها إلى غربها. وربما تتجه الأمور في النهاية إلى انقلاب الجيش الإيراني على السلطة والتحرر من نظام القيادات الإسلامية المتشددة.
رؤية أخرى
بالنظر إلى الانتخابات المقبلة في الولايات المتحدة، يبدو من غير المرجح أن يرغب الرئيس ترامب في تصعيد الأمور إلى مواجهة عسكرية شاملة. لقد نجح في فكرة سحب الولايات المتحدة من المنطقة، وبالتالي فإن احتمالات موافقته على القيام بعمل عسكري كبير، وخاصة الغزو البري، تبدو منخفضة.
القلق الذي يجب أن يركز عليه العالم ليس هجومًا إيرانيًا متعمدًا وصريحًا، بل هو خطأ في التقدير يتحول إلى حرب. والأجدى إجراء تحقيق شامل لفهم ما حدث ولماذا حدث، ثم التوصل إلى ردود معقولة دون الحرب. فليس في مصلحة إيران، وليس في مصلحة الولايات المتحدة، وليس في مصلحة السعودية أن يكون هناك صراع.
في حال شن ضربات ضد السفن الإيرانية يمكن لإيران أن تنتقم وتهدد بإغلاق مضيق هرمز الذي يتدفق عَبْرَه 30% من نفط العالم. من المرجح أن يؤدي هذا إلى أن تقوم الولايات المتحدة وحلفاؤها بإعادة فتح المضيق بالقوة، وهي عملية تتطلب بكل تأكيد تقريبًا ضربات جوية وصواريخ جوية ضد القوات البحرية الإيرانية بأكملها، مما يستلزم عمليات ما قبل الضربة الجوية ضد القوات الجوية الإيرانية. وبصورة لا لبس فيها، فإن قوى التصعيد ستدفع الجانبين إلى استخدام مستويات أعلى من العمل العسكري.
أفضل طريقة للولايات المتحدة الآن هي العودة إلى التركيز بشكل أكبر على الحلفاء والشركاء والأصدقاء. هذا يعني الاستمرار في بناء تحالف ضد إيران لا يشمل إسرائيل ودول الخليج فحسب، بل يشمل أيضًا الشركاء الأوروبيين وحلف شمال الأطلسي. دور الأوروبيين هو المساعدة في إجبار إيران على العودة إلى طاولة المفاوضات من خلال فرض عقوبات اقتصادية. من المؤسف أن البعض منهم لا يبدو أنهم يأخذون التهديد الإيراني المتزايد على محمل الجد، حتى البريطانيين الموثوق بهم عادةً.
يجب على الولايات المتحدة مواصلة تكثيف جهودها الاستخباراتية في المنطقة، وخاصة في العمليات الإلكترونية الهجومية. إيران هي خصم إلكتروني قوي، وسوف تستخدم بالتأكيد هذه القدرة ضد الخليجيين إقليميًا والولايات المتحدة على نطاق أوسع. كما يجب نشر قدرات إضافية للدفاع الصاروخي في المنطقة.
وتوالى المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة عملياتها ضد الحوثيين في اليمن لاستعادة الحكومة الشرعية التي أزاحها الحوثيون من العاصمة صنعاء في أواخر عام 2014م، ويُنظر إلى الحرب في اليمن كجبهة أخرى في الصراع الإقليمي بين المملكة العربية السعودية وإيران التي تدعم الحوثيين.
ملاحظات ختامية
- يجب الانتباه إلى التحديات والتوجهات التي تشكل التوازن العسكري في الخليج. فقدرة إيران على إغلاق الخليج عامل مهم يجب وزنه وقياسه، ومناقشة أساليبه وتبعاته، وإمكانية مواجهته. كما أن التغيرات السريعة في المنطقة تمتد آثارها إلى ما وراء الخليج وتخلق مجموعة من التساؤلات حول الاحتواء والردع ومخاطر الحرب.
- لا ينبغي المبالغة في مخاطر الصراع وأشكاله. يبدو النظام الإيراني الحالي حذر حتى الآن في استخدام القوة العسكرية، وسيُمنَى بخسائر هائلة في أي صراع صاروخي بحري في الخليج والمياه القريبة، ويجب أن ندرك أن التوازن العسكري العام ليس في صالح إيران. وفي ذات الوقت، لا ينبغي التقليل إلى أدنى حد من المخاطر التي قد تؤدي إليها قدرات إيران المتزايدة، فالبعد الصاروخي والبعد النووي لهما تأثير مباشر على التهديد البحري الإيراني.
- يعتمد أمن الخليج والولايات المتحدة على حماية حركة النقل البحري جزئيًا على توافق مصر مع الولايات المتحدة، واستعدادها للسماح للولايات المتحدة بعبور الجو واستخدام قناة السويس، ودورها كصوت رئيسي في تشكيل الرأي العام في أنحاء العالم العربي.
- لابد من تأمين سلامة المرور في البحر الأحمر، بإقامة علاقات قوية مع الدول الجنوبية أو الإفريقية ذات الصلة، والسعي إلى تسوية في اليمن.
- هناك عملاء في داخل دول الخليج يعملون لحساب إيران والحوثيين، يمدونهم بالمعلومات وربما يساعدونهم في تنفيذ الهجمات. ولابد من ترصدهم والقضاء عليهم.
- قد تلجأ إسرائيل لضربات وقائية ضد إيران. وستشعر إيران أنه ليس لديها خيار سوى استخدام تهديد منع حركة الملاحة البحرية. كما أن حزب الله سيتنفر ضد إسرائيل. وقد يكون رد فعل القيادة الإيرانية أكثر عنفًا إذا افترضت أن الولايات المتحدة قد منحت إسرائيل إذنًا ضمنيًا أو "ضوءًا أخضر".
- يصعب تقدير ما الذي ستفعله إيران إذا نفذت الولايات المتحدة ضربة وقائية، أو إذا تصاعد الصراع غير المتكافئ في الخليج إلى ضربات صاروخية جوية على إيران. قد تهاجم إيران أو حزب الله أهدافًا داخل إسرائيل. قد تُصَعِّد إيران حرب الصواريخ عبر الخليج للتأثير على الموانئ ومنشآت تصدير النفط والمنشآت البحرية وغيرها من جوانب حركة الملاحة البحرية رغم أن صواريخها الباليستية المسلحة التقليدية تفتقر إلى الدقة والفتك لإلحاق أضرار جسيمة. بيد أن إيران بدأت الآن في نشر صواريخ بتوجيه من نظام تحديد المواقع الكوني (GPS) وقد تكون قادرة على شن المزيد من الهجمات الفتاكة ضد الأهداف الرئيسية التي تؤثر على تدفق الشحن البحري مثل الموانئ ومحطات تحلية المياه والبنية التحتية للطاقة.
- إن العالم الإسلامي لا ينبغي أن يعادي بعضه بعضًا، ولابد من التعويل على أسباب التكامل والتصالح والتوافق، والبحث عن مخرج لكل خلاف أو تباين في وجهات النظر. والعبرة التي تتخذ من الحروب التي اشتعلت في المنطقة أنها استنزفت مواردها ودمرت أصولها وشردت أهلها بل وطمست تاريخها. الحرب خيار أخير، والمستفيد منها قوى خارجية تريد إضعافها وإخضاعها، ولا تبغي لها الأمن أو السلامة أو الاستقرار.
- تأتي دعوة العاهل السعودي، الملك سلمان بن عبد العزيز، إلى قادة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية وقادة الدول العربية، لأجل عقد قمتين طارئتين، خليجية وعربية، في مكة المكرمة في 30 مايو 2019م، لبحث تداعيات اعتداءات مليشيات الحوثي الإرهابية المدعومة من إيران على المنطقة، وأثرها على السلم والأمن الإقليمي والدولي وعلى إمدادات واستقرار أسواق النفط العالمية. ويؤكد ذلك الحرص على التشاور والتنسيق في كل ما من شأنه تعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة.
حاملة الطائرات الأمريكية أبراهام لنكولن
يمكن لنظام الصواريخ أرض-جو TOR التعامل مع كافة الأهداف الجوية والذخائر دقيقة التوجيه
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ