array(1) { [0]=> object(stdClass)#12962 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

العدد 139

البحث العلمي مفتاح التنمية

الإثنين، 08 تموز/يوليو 2019

يظل تحقيق التطور مرهونًا بالقدرة على توظيف البحث العلمي في التنمية المستدامة والشاملة، واستثمار مخرجات التعليم والبحث العلمي في خدمة المجتمع وفقًا لرؤى وخطط واضحة، ومن ثم توطين اقتصادات المعرفة التي تعتبر العمود الفقري للاقتصادات الحديثة، وهذا هو الثابت في كل التجارب التنموية العالمية التي مرت بها الدول المتقدمة، لذلك دقت مؤسسات كبرى، وشخصيات مرموقة مؤخرًا ناقوس الخطر لتجاهل الدول العربية البحث العلمي كأحد أهم أدوات تحقيق التنمية، وحذرت من إهمال مراكز الأبحاث، ونبهت إلى  خطورة عدم تطبيق مخرجات البحث العلمي في مختلف مناحي الحياة، رغم أن  المنطقة العربية فقيرة أصلًا كمًا وكيفًا بالمراكز البحثية، وإن وجدت فهي تكون خارج الاهتمام مع ضعف إنتاجها من الأساس، فمن حيث الكم يوجد في الدول العربية مجتمعة 580 مركزًا تمثل ما نسبته 7.49% من إجمالي المراكز في العالم التي يبلغ عددها 8162 مركزًا، بل خلت قائمة الدول الخمسة والعشرين التي لديها أكبر عدد من المراكز من الدول العربية في حين حلت إسرائيل في المرتبة الـ 19 على هذه القائمة، ومن حيث المخصصات المالية للبحث العلمي، جاءت المخصصات العربية متواضعة للغاية، حيث بلغت في مجملها 1.7 مليار دولار أي ما نسبته 0.3% من الناتج المحلي الإجمالي، فيما تنفق إسرائيل على البحث العلمي ما نسبته 4.7% من ناتجها الإجمالي، وتنفق السويد ما نسبته 3.3% وتنفق سويسرا واليابان ما نسبته 2.7% من الناتج المحلي الإجمالي.

أما من حيث المخرجات البحثية، فقد تم تقسيم الدول العربية إلى خمس فئات طبقًا للإنتاج البحثي، وجاءت السعودية ومصر في مقدمة هذه الفئات بإنتاج عشرة آلاف وثيقة بحثية سنويًا منذ عام 2010م، وحتى الآن. وجاءت أقلها موريتانيا وجزر القمر وجيبوتي والصومال بإنتاج أقل من 50 وثيقة بحثية سنويًا.

وبناءً على هذه الصورة القاتمة، جاءت دعوات ملحة من جهات مختلفة تحذر من خطورة إهمال البحث العلمي في الدول العربية، و من بين هذه  الجهات، مؤسسة الفكر العربي التي خصصت التقرير العربي العاشر للتنمية الثقافية والذي صدر في نهاية مؤتمرها  الأخير في أبريل من العام الماضي بدبي، والذي جاء محذرًا من خطورة إهمال البحث العلمي في العالم العربي لدرجة أن التقرير الضخم الذي ساهم في إعداده نخبة منتقاة من مختلف الدول العربية جاء تحت عنوان " الابتكار أو الاندثار ــ البحث العلمي العربي: واقعه وتحدياته وآفاقه"، وعقدت المؤسسة عدة ورش عمل في دول مختلفة لعرض ومناقشة ما تضمنه هذا التقرير لتبيان خطورة إهمال البحث العلمي، وفي واحدة من هذه الورش بالقاهرة مؤخرًا اعترف وزير التعليم العالي المصري الدكتور خالد عبد الغفار بضعف الاستفادة من البحث العلمي في الدول العربية، ونبه إلى أن الأمر يحتاج إلى العديد من التوجهات والخطط والتطلع إلى المستقبل، واعتبر أن الابتكار يعني حياة جديدة للأمة واللحاق بركب الحضارة، والتخلي عن البحث العلمي يعني الاندثار والتخلف.

في حين ربط الدكتور محمود صقر رئيس أكاديمية البحث العلمي المصرية البحث العلمي بالاقتصاد، مشيرًا إلى أن التكتلات الاقتصادية والسياسية تسيطر على أكثر من 80% من القدرات العلمية والتكنولوجية العالمية.

إذًا البحث العلمي ليس رفاهية أو يدور في فضاء منعزل، بل هو قاطرة تقدم المجتمعات، وهو إنتاج مشترك بين الحكومات والقطاع الخاص، وبين مراكز الأبحاث والجامعات من جهة، والشركات والمصانع من جهة أخرى، وهذا ما أكده العالم المعروف الدكتور فاروق الباز في حوار مع كاتب هذه السطور، ولذلك يجب الاهتمام بداية بالبحث العلمي التطبيقي، ثم توظيف مخرجاته لخدمة التنمية في المعامل والمصانع والمزارع والشركات للنهوض بالزراعة، والصناعة، والمياه، والتربة، وصحة الإنسان ورفاهيته، وتحسين الخدمات، وزيادة معدلات  الإنتاج  بصفة عامة، على أن يكون ذلك في إطار اهتمام عربي جماعي، وتحت سقف منظومات عربية ووطنية تولي البحث العلمي اهتمامًا يتناسب مع دوره وتأثيره، على أن تسعى الجامعات والمراكز البحثية للشراكة مع القطاع الخاص ، ومع الجهات المعنية بالإنتاج لتسويق المنتج البحثي باعتباره سلعة واستثمار ممتد المفعول، وليس لوضع مخرجاته على أرفف مكتبات الجامعات والمراكز البحثية ولا يتم الرجوع إليها إلا عند حاجة طلاب الدراسات العليا إليها. 

مقالات لنفس الكاتب