array(1) { [0]=> object(stdClass)#13490 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

العدد 139

خطوات ضرورية للارتقاء بالبحث العلمي في الجامعات العربية

الخميس، 11 تموز/يوليو 2019

يمر العالم اليوم بمرحلة فاصلة في تكوينه العلمي والتكنولوجي حيث تشهد الدول المتقدمة وإلى جانبها الدول الصاعدة نموًا ملحوظًا في الجامعات والبحث العلمي والتطور التكنولوجي يتسابق فيه الباحثون والأكاديميون في سبيل النشر العلمي العالمي، والابتكارات العلمية والاختراعات التطبيقية، وحصد الجوائز العلمية والثقافية، والمشاركة الفاعلة في المؤتمرات المتخصصة الدولية في الاختصاصات التطبيقية والطبية والاجتماعية والإنسانية، والمنافسة بين الجامعات العالمية بهدف التقدم في التصنيفات الرصينة اليوم مثل تصنيف شنغهاي والتايمز وكيوس.

وتدخل مراكز الأبحاث العلمية والجامعات في حالة التسابق في نشر الأوراق العلمية إذ يقاس الإنتاج العلمي وجودته وفقًا لمؤشرات تعتمد على بيانات هي:

1-الأوراق العلمية في المجالات العلمية الدولية المحكمة.

2-قياس عدد الاستشهادات المرجعية Citationsالتي حصلت عليها الأوراق العلمية ويمكن إحصاء ذلك في خلال المراجعة عن طريق شبكة ويب أوف ساينس web of Science، وثومسون رويترز Thomas Reutersإذ تعتمد على هاتين القاعدتين غالبية التصنيفات والاستشهادات المرجعية في العالم.

ويمكن مراجعة نتاجات المراكز البحثية والباحثين في الجامعات العربية من خلال موقع سيماغوSC imago أحد أبرز المواقع العالمية الشهيرة بقياس بيانات سكوبس والإحصاءات على قاعدة بيانات سكوبس بشكل خاص.

إن من أكبر الإشكاليات التي واجهت حركة البحث العلمي العربي ولازالت هي تلك الفجوة الكبيرة بين حجم الإنفاق على البحث العلمي بين الدول المتقدمة من جهة والدول العربية من جهة ثانية، والتي انعكست على تراجع في عدد الأوراق العلمية العربية على صعيد النشر في الدوريات العلمية المحكمة والرصينة بمقدار بلغ 1و1% عام 2008م، لاسيما أن إجراء البحوث العلمية وتطبيق التكنولوجيا يعتبر مصدرًا لرفاهية المجتمعات الإنسانية اليوم بحيث توصف بأنها مقياس للنمو الاقتصادي، وتعمل الدول المتقدمة مثل الولايات المتحدة، وبريطانيا، وفرنسا، وكندا، والصين، واليابان، وماليزيا، وسنغافوره على تطبيق مخرجات البحوث العلمية على أرض الواقع مما يجعلها في مراكز الصدارة على الصعيد الدولي في عدة مجالات علمية تطبيقية واجتماعية وإنسانية، وبقيت الفجوة كبيرة بين الغرب والشرق لاسيما الوطن العربي على صعيد جودة وتصنيف الجامعات ومراكز الأبحاث والبحث العلمي والنشر والتأليف والترجمة.

وقد أشارت الإحصاءات عام 2007م، قد بلغ عدد الأبحاث المنشورة عالميًا1148612 بحثًا، في حين الأبحاث المنشورة عربيًا بلغ 15000 بحث أي بنسبة 3و1% من حجم الإنتاج العالمي!!. والأوراق العلمية المقدمة من الجامعات أرتفع إلى 61658 عام 2014، وتواجه إشكالية أخرى هذه الأوراق العلمية أنها تخضع للتطبيق الميداني في الدولة أم لا؟

وجاءت المملكة العربية السعودية في المركز الأول في عام 2005م، كان لديها نتاج في العلوم التطبيقية على صعيد الدول العربية حققت 846 بحثًا عالميًا، وبعدها جاءت الجزائر في 608 أبحاث، ويعتمد عامل التصنيف على عدد الأوراق العلمية بأن عامل الاستشهادات بأوراق الباحثين في الدول العربية يعتبر فقير جدًا مع حالة التباين في عدد الأوراق البحثية وعدد الاستشهادات المرجعية، إذ احتلت المملكة العربية السعودية للفترة بين 1996-2014 م، المركز الأول عربيًا، في حين كانت موريتانيا في المركز الأخير. وحققت المملكة العربية السعودية في جدول H-INDEX للدول العربية للفترة بين 1996-2014 م، المركز 164 عالميًا، وبلغ عدد الأوراق العلمية 91460، وعدد الاستشهادات 547167، والمتوسط للورقة الواحدة 98و5.

التصنيف العالمي للجامعات:

لابد من توافر معايير علمية عالمية لتصنيف الجامعات تترتب عليها المكانة العلمية للجامعة في منظومة التصنيف السنوي للجامعات، وأبرز التصنيفات اليوم هي:

1-تصنيف كيوأس QS

2-تصنيف ويب ومتريكس Web Ometrics

3-تصنيف التايمز The Times World University Ranking

4-تصنيف شنغهاي للجامعات Shanghai World University

(عثمان عمران خليفة وآخرون، قراءة في الأوراق العلمية للباحثين في الوطن العربي إحصاءات 2004وم2014، المستقبل العربي، العدد 457، آذار/مارس2017م).

ويعتمد العالم اليوم على تصنيف شنغهاي الرصين في التعليم العالي والجامعات العالمية والبحث العلمي والذي يتم اختيار 9000 جامعة حول العالم لاختبارات التصنيف، ويعتبر الأكثر علميةً ومعياريةً وأكاديميةً ويهدف إلى قياس جودة الأداء العالمي بين الجامعات الصينية والجامعات العالمية المرموقة التي تهتم بالبحث العلمي، وهو معتمد في الولايات المتحدة وبريطانيا ويقوم على عدة أسس ومعايير هي:

1-جودة الخريجين في الجامعة.

2-جودة أعضاء هيأة التدريس.

3-الأبحاث المعترف بها في الجامعة.

4-المخرجات البحثية.

5-حجم الجامعة.

6-ولكل واحدة من الجامعات نسب محددة.

علمًا أن التصنيفات العالمية تختار تصنيف التايمز لأفضل 300 جامعة عالمية، وشنغهاي لأفضل 500 جامعة عالمية في نهاية المطاف. أما تصنيف كيوأس الذي عادةً تصنف به الجامعات العربية بشكل أكبر فهو يعتمد على معايير علمية هي:

1-السمعة الأكاديمية.

2-السمعة التوظيفية للخريجين.

3-أعضاء هيأة التدريس.

4-تأثير الموقع الالكتروني للجامعة.

5-أعضاء هيأة التدريس من حملة شهادة الدكتوراه.

6-الاستشهادات بأبحاث أعضاء هيأة التدريس والباحثين في الجامعات.

7-عدد الأوراق العلمية.

8-أعضاء هيأة التدريس الأجانب.

9-الطلبة الأجانب الدارسين في الجامعة.

وقد حصلت عشرة جامعات عربية في عام 2015م، على مراكز في هذا التصنيف، ولكن قائمة أفضل 200 جامعة في العالم كانت تخلو من أي جامعة عربية!، علمًا أن جامعات المملكة العربية السعودية قد حصلت على الصدارة على الصعيد العربي في عام 2014/2015 في تصنيف كيوأس وهذه الجامعات هي:

1-جامعة الملك فهد للبترول والمعادن وتصنيفها 225 عالميًا، الأولى عربيًا.

2-جامعة الملك سعود 249 عالميًا، والثالثة عربيًا.

3-جامعة الملك عبد العزيز 334 عالميًا، والخامسة عربيًا.

أما تصنيف شنغهاي لأفضل الجامعات في العالم عام 2007م، فقد اختار 5000 جامعة حول العالم لتصنيفها، وكانت 16 جامعة عربية احتلت المراكز 600-637، وجاءت المملكة العربية السعودية في المركز الأول عربيًا من خلال جامعة الملك فهد للبترول والمعادن في الظهران،300-350 عالميًا، بينما جامعة القاضي عياض في المغرب على سبيل المثال الأولى مغربيًا،396 عالميًا، وجاءت جامعة القاهرة من جمهورية مصر بالمركز الأول مصريًا، 403 عالميًا في هذا التصنيف.

أما تصنيف الجامعات العربية في تصنيف القياس الافتراضي لعام 2000 م، العالمي، فكانت المملكة العربية السعودية في المركز الأول على الصعيد العربي، وحققت جامعة الملك سعود المركز 1عربيًا،289 عالميًا، وجامعة الملك عبدالعزيز3 عربيًا،607 عالميًا، وجامعة الملك فهد للبترول والمعادن 4عربيًا، 821 عالميًا، وجامعة الملك عبد الله للعلوم 6عربيًا،964 عالميًا، بينما جاءت جامعة القاهرة في المركز 2عربيًا، 592عالميًا.

وكان تصنيف كيوأس الذي تصدره المؤسسة البريطانية (كواكاريلي سيموندز) الشهيرة وتعتبر أكبر المؤسسات لتصنيف الجامعات في العالم،جاء تصنيفها عام 2018م، للجامعات العربية إذ احتلت فيه الجامعة الأمريكية في بيروت التي تعتبر من أقدم الجامعات العربية، وتأسست عام 1866م، لتكون بالمركز الأول عربيًا، وجاءت جامعة الملك فهد للبترول والمعادن بالمركز2 عربيًا، وتصنف فيها كلية الهندسة والتكنولوجيا بين أفضل 200 جامعة عالميًا، وفي مجال هندسة التعدين تعتبر من أفضل 50 جامعة عالميًا.أما جامعة الملك سعود في الرياض فجاءت بالمركز الأول في التأثير الالكتروني على الصعيد الإقليمي والعالمي،وجامعة الملك عبدالعزيز في جدة بالمركز 4 عربيًا والمركز 267 عالميًا، وفي تخصص هندسة الكيمياويات والرياضيات كانت في المركز 12عالميًا، وحصلت جامعة الإمارات العربية المتحدة على المركز5 عربيًا، والمركز 390 عالميًا في الاعتماد على أكبر الموارد الألكترونية في الوطن العربي.

الاستنتاجات العلمية:

لابد من التأكيد على أنه بالرغم من الثروات المالية الهائلة للدول العربية إلا أن حجم الإنفاق على التعليم العالي والبحث العلمي والجامعات العربية لازال متواضعًا مقارنةً مع دول إقليمية وآسيوية مثل تركيا والهند وماليزيا وكوريا الجنوبية وسنغافورة. ثم أن الإنتاج على الصعيد العربي العلمي العربي في مجال البحوث والعلوم والتكنولوجيا لازال ضعيفًا مقارنةً بالإنتاج المعرفي الإقليمي والعلمي، ثم عدم ترصين وتحكيم الجامعات والكليات الأهلية على غرار الجامعات الحكومية والتحول في أغلب الأهلية من الطابع الربحي إلى العلمي على الصعيد العالمي، وعدم ترصين الفجوة بين الجامعات ومراكز الأبحاث فيها من جهة، وصانع القرار العربي من جهة أخرى لغرض تطبيق المخرجات العلمية والبحثية في خطط البناء والتنمية مع حالة الإحباط في الوسط الأكاديمي العربي الذي دفعت بعض الباحثين لتفضيل الإنجاز الذاتي بدلاً من التعويل على الإنجاز المؤسساتي في ظل غياب الدعم الحكومي للباحث العربي، ثم أن تصنيف الأوراق العلمية أو الجامعات العالمية باللغة الانجليزية حصرًا، أعطى قوة للدول الناطقة بها في حين أضعف واقع الدول الناطقة باللغات الأخرى ومنها الجامعات العربية مع ضعف مكانة اللغة العربية على الصعيد العالمي مما أثّر على تصنيف الأوراق العلمية العربية ومكانتها.

التوصيات المستقبلية:

1-إن غياب وضع سياسات عربية حكومية فاعلة سوف يزيد من فجوة المعرفة والتلاقي بين الجامعة وخطط التنمية والتحديث وبقاء التبعية العلمية العربية إلى الآخر الغربي أو الشرقي.

2-افتقار أغلب الدول العربية إلى وضع خطط للبحث العلمي ومنها لمراكز الأبحاث العربية في توفير الأمانات المادية والبشرية لها لكي تواكب النهوض العالمي اليوم.

3-تشجيع العلم والعلماء والباحثين العرب البارزين والاختراعات والابتكارات العلمية والبحوث المتميزة ودعم الكفاءات الجامعية والبحثية ورعايتهم ماديًا ومعنويًا ووظيفيًا.

4-توفير الدعم المادي للبحوث العلمية والباحثين الذين ينشرون نتاجاتهم العلمية في الخارج في مستوعبات عالمية مثل سكوبس ومعامل التأثير كلارفيت، وذاساينس، وغيرها، وتوفير وسائل البحث العلمي والدوريات العالمية الرصينة، والسفر والايفادات الجامعية للتلاقح مع نظرائهم على الصعيد الدولي.

5-تشجيع البحث والنشر أمام أعضاء هيأة التدريس والترجمة والتأليف ونقل خبراتهم للدول والاستفادة من التجارب العالمية وتسهيل كل الوسائل من قبل إدارة الوزارات والجامعات العربية.

6-عدم ربط النشر العلمي من قبل أعضاء هيئة التدريس بالترقيات العلمية في الجامعات، بل لابد من جعل النشر العربي على الصعيد العالمي هو الهدف الأسمى أمام الباحثين العرب من أجل ضمان الرقي في تصنيف الأوراق العلمية، ومراكز الأبحاث العلمية والجامعات العربية ورفعها على الصعيد العالمي.

7-إقامة دورات تدريبية وورش عمل ومحاضرات تعريفية من قبل الجامعات لصالح أعضاء هيأة التدريس للتعرف على تصنيف ساكوبس ومعامل التاثير كلارفيت ، وآليات وكيفية النشر العلمي في مجلات حاصلة على هذه التصنيفات.

8-عدم إعطاء حصة كبيرة من تقييم واجبات أعضاء هيأة التدريس على حالة التدريس وإلقاء المحاضرات فحسب، وضرورة إعطاء قدر مناسب للبحث العلمي والتأليف والنشر الذي يخلق حالة التطور والتقدم للدارس في اختصاصه ومواكبة نظرائه على الصعيد الوطني والعربي والعالمي.

إن أزمة أغلب الجامعات العربية وحركة البحث العلمي باتت ملحة وضرورية في الألفية الثالثة قرن المعرفة العالمية المتقدمة والتكنولوجيا الرقمية والالكترونية، فضلاً عن حالة التطور والنمو في هذه المجالات في الدول المتقدمة مما تحتاج إلى دراسات نقدية موضوعية تشخص الخلل وتضع المعالجات والحلول، وإقامة منظومة علمية وبحثية وتكنولوجية في بيئة معرفية عربية تسهم في نهضة الجامعات العربية وبالتالي المجتمعات والدول العربية، كون الجامعات أحد أهم ركائز ومقومات التنمية في العالم.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

       *أستاذ بمركز الدراسات الدوليةـ جامعة بغداد

 

 

مجلة آراء حول الخليج