array(1) { [0]=> object(stdClass)#12962 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

العدد 145

نحو "فهم" عربي جديد

الأربعاء، 01 كانون2/يناير 2020

(نحو فكر عربي جديد) كان ذلك عنوان المؤتمر السنوي الأخير لمؤسسة الفكر العربي الذي استضافه مركز الملك عبد العزيز العالمي في الظهران "إثراء" مطلع ديسمبر الماضي، وجاء ضمن سلسلة من مؤتمرات المؤسسة المعنية بالقضايا العربية المعاصرة، حيث دأبت المؤسسة منذ أن تأسست على أن يكون مؤتمرها السنوي محفلًا عربيًا راقيًا تتلاقى فيه الأفكار من أجل مستقبل عربي أفضل.

وركز المؤتمر الأخير على أهمية التوجه نحو المستقبل بفكر عربي جديد لمواكبة الثورة الصناعية الرابعة والاقتصاد الرقمي والتطورات المتلاحقة التي يشهدها العالم. لكن السؤال "ما مدى تهيئة الفكر العربي لذلك؟ وفي ظني ـ وبعد ما يسمى بثورات الربيع العربي ـ التي خلخلت الكثير من الدول العربية، من الضروري العودة إلى تعزيز "الفهم العربي" ثم يأتي الفكر، أي يجب أن "يفهم" الشباب العربي أساب تأخر أمته، وماهية حقيقة مشاكلها ومعوقاتها، وما هي المخاطر والتحديات التي تواجه الأمة، وما هي احتياجات الأمة في العصر الحالي والمستقبل، من أجل الانخراط في الحياة الحديثة دون غلو أو تطرف أو انغلاق، بل انفتاح على الآخر والحوار معه والأخذ منه ما ينفع وترك ما يضر.

 ثم تأتي بعد ذلك مرحلة "التفكير" التي تشكلها مجموعة عوامل مجتمعة منها: التنشئة السليمة، المدارس والجامعات، وسائل الإعلام، ومؤسسات الفكر والأبحاث، مع دور النخب الفكرية، والقدوة لتحديد القضايا الرئيسية  ذات الأولوية التي تواجه الأمة مع ترتيب المخاطر التي تواجه الأقاليم العربية وكيفية مواجهتها ومن ثم وضع الحلول لها طبقًا لخطورتها وحدتها، حيث لم تنجح الأمة حتى الآن في  وضع تعريف يحدد التحديات الجماعية، فمازالت تتفاوت في فهمها من دولة إلى أخرى ومن إقليم عربي إلى آخر، فالهواجس الأمنية التي تواجه دول المغرب العربي تختلف عن دول المشرق، وكذلك احتياجات جنوبه غير التي تواجه شماله، كما أن تحديات دول الأطراف تختلف عن التي تواجه دول المركز الجغرافي للأمة وهكذا، ومن المهم الاعتراف بهذا التباين أولًا، ثم ترتيب هذه التحديات الأكثر خطرًا على وجود الأمة نفسها، ثم حصر المعوقات التي تواجه كل إقليم عربي والبحث عن حلول لأكثرها عمومية، وذات المردود الأكثر إفادة لقطاع عريض من الدول العربية، ولعل ترتيب هذه القضايا يأتي  ضمن عدة محاور متوازية من حيث الأهمية تبدأ بالأمن والاستقرار الذي يقود إلى التنمية والرخاء، ولذلك تبدأ المخاطر بالإرهاب الذي يأتي كعنوان رئيسي جامع لقضايا الأمة العربية، والإرهاب يشمل الجماعات الجهادية والميلشيات والدول التي تمولها و تدعمها، أو التي تحفزها على الإرهاب من الدول الإقليمية الضالعة في صناعة الميلشيات بشكل مباشر أو غير مباشر لاستخدامها كأداة للتدخل في شؤون الدول العربية، أو لتعطيل هذه الدول وتشتيت جهودها وهذا ما تفعله إيران وتركيا وإسرائيل، ثم تأتي معضلة التنمية الاقتصادية ومستلزماتها المختلفة من تعليم ، وتدريب، وتأهيل بما يدفع بمخرجات مؤهلة قادرة على الانخراط في الثورة الصناعية الرابعة، ومن ثم الإنتاج والمنافسة، وهذا يتطلب مراجعة مناهج التعليم الحالية التي تعد واحدة من أهم المعضلات في الوطن العربي، وكذلك دور الإعلام وكل ما له علاقة بتنمية المهارات وإعداد المواطن العربي القادر على التفاعل مع العصر الحديث.

ولقد خصص مؤتمر "فكر17" محاور وجلسات حول متطلبات المرحلة المقبلة من فكر عربي جديد يواكب الثورة الصناعية الرابعة والاقتصاد الرقمي، ومتطلبات ذلك، لكن الأمر لا يتوقف عند الثورة الصناعية الرابعة التي انطلقت قبل عامين، بل أن الثورة الصناعية الخامسة على الأبواب حيث تتسارع الثورات الصناعية بشكل متلاحق، فبعد أن كان المدى الزمني بين كل ثورة وأخرى يستغرق 100 سنة، أصبح يستغرق حاليًا سنة أو سنتين، بمعنى أن العالم يتحرك نحو المستقبل بسرعة هائلة ولا ينتظر من يتأخر عن الركب.

وعليه يجب أن يتحرك الفهم العربي سريعًا نحو الفرز والتصنيف ثم الانطلاق تحت أي مظلة جادة، بعيدًا عن المنظمات التي ترهلت ولن تقدم شيئًا، ولعله من بين المؤسسات النشيطة تأتي مؤسسة الفكر العربي التي قدمت تقريرها السنوي منذ أعوام قليلة عن "التكامل العربي" وهو موسوعة تضم دراسات وتوصيات كوكبة من العلماء العرب الذين شرحوا الواقع العربي من جميع زواياه، وقدموا توصيات قابلة للتنفيذ لتحقيق التكامل المنشود، يجب الاستفادة منها وتحويلها إلى خريطة طريق عربية بدلًا من فوات الفرص أكثر من ذلك.

مقالات لنفس الكاتب