array(1) { [0]=> object(stdClass)#12962 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

العدد 145

500 مليار دولار تكلفة "نيوم" لبناء المدن الذكية ويشمل (9) قطاعات متخصصة

الخميس، 02 كانون2/يناير 2020

منذ  أن بدأت أسعار النفط هبوطها سعت دول الخليج العربي خلال العشرية الأولى والثانية من القرن الحادي والعشرين إلى إطلاق رؤى وخطط اقتصادية تواجه من خلالها تحديات هبوط الأسعار وارتفاع العجوزات المالية، والتحول من الاقتصادات الريعية إلى الاقتصادات المركزة على التنوع  الذي سيؤمن  بناء اقتصادات تنافسية تستطيع أن تواجه التحولات والمتغيرات الاقتصادية العالمية، وتتجه صوب مسار الاقتصاد الرقمي المرتكز على إنتاج السلع المعرفية التي باتت تشكل اليوم أحد أهم التحولات الهيكلية الكبيرة في القطاع الصناعي العالمي، وتشكل العنصر الرئيسي لخلق القيمة المضافة في الاقتصادات المعاصرة.

     ومن نافلة القول، فإن الاقتصاد الخليجي يدخل العشرية الثالثة من القرن الحالي في ظل جملة من المتغيرات الاقتصادية في مقدمتها حالة التباطؤ في النمو الاقتصادي العالمي الذي يلقي بظلاله السلبية على الاقتصادات المتقدمة والنامية على حد سواء، وتزايد المنافسة في السوق العالمية للنفط والغاز في ظل التقدم المطرد في تكنولوجيا استخراج النفط والغاز الصخريين، بالإضافة إلى استمرار التوترات التجارية وتجدد المخاطر الجيوسياسية، بما فيها تطورات الأوضاع في إيران والهجمات الأخيرة على منشآت أرامكو النفطية السعودية.

   سنتناول في مقالنا هذا مسارات النمو الاقتصادي المتوقعة لدول الخليج العربية خلال العشرية الثالثة وبيان توجهاتها للتحول نحو الاقتصاد الرقمي الذي يشكل الركيزة الأساسية في تعزيز تنافسية الاقتصادات الوطنية.

أولاً- مسارات النمو الاقتصاديفي دول مجلس التعاون الخليجي:

     يشير تقرير أفاق الاقتصاد الإقليمي للشرق الأوسط وآسيا الوسطى أنه من المتوقعأنيصلالنموفيدولمجلسالتعاونالخليجي في عام 2019 إلى (0.7%) مسجلاً هبوطاً ملحوظاً عن معدل (2%) في عام 2018م. ويعكس هذا التراجع أساسًا تخفيضات إنتاج النفط المتماشية مع اتفاقات تحالف +" أوبك ". غير أنه من المتوقع تعافي النمو في عام 2020 م، ليصل إلى (2.5%) مدفوعًا بانتعاش في نمو إجمالي الناتج المحلي النفطي الحقيقي بنسبة (1.9%) مقارنة بنسبة (1.4%) في عام 2019م، و (2.5%) في عام 2018م.

    أما نمو إجمالي الناتج المحلي غير النفطي المتوقع ارتفاعه إلى (2.8%) عام 2019م، قياسًا بحوالي (2.4%) عام 2018م. فسوف يكون مدعومًا بالإنفاق على مشروعات البنية التحتية (حيث يشهد قطاع السياحة دفعة في كل من الكويت والإمارات نتيجة تنظيم معرض "إكسبو 2020)، وفي قطر في ظل استعداداتها الجارية لاستضافة بطولة كأس العالم 2022م.

    إزاء هذه الخلفية، من المتوقع أن يظل النشاط الاقتصادي مكبوحًا خلال الأمد المتوسط، فمن المنتظر أن يبلغ متوسط نمو إجمالي الناتج المحلي الحقيقي حوالي (2.4%) في مجلس التعاون الخليجي خلال الفترة من (2021-2024).

جدول (1) معدل النمو في الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي (2024-2017) %

الدولة

2017

2018

2019

2020

2024

الإمارات

0.5

1.7

1.6

2.5

2.5

البحرين

3.8

1.8

2.0

2.1

3.0

السعودية

-0.7

2.4

0.2

2.2

2.5

عمان

0.3

1.8

0.0

3.7

1.6

الكويت

-3.5

1.2

0.6

3.7

2.9

قطر

1.6

1.5

2.0

2.8

2.8

Source: International Monetary, World Economic Outlook, October 2019, P152

     وتجني دول مجلس التعاون الخليجي ثمار الأوضاع المالية العالمية المواتية، فقد أدت تخفيضات أسعار الفائدة التي اعتمدتها المصارف المركزية الكبرى، علاوة على إدراج دول مجلس التعاون الخليجي في مؤشرات الأسهم والسندات العالمية إلى تعزيز تدفقات الاستثمار في سندات الدين وأسهم الملكية الوافدة إلى العديد من بلدان المنطقة في عام ٢٠١٩م، متخطية بذلك على غيرها من اقتصادات الأسواق الصاعدة.

      وشهدت دول مجلس التعاون الخليجي تعافيًا متواضعًا في نمو الائتمان إلى القطاع الخاص، مدعومًا إلى حد ما بانخفاض أسعار الفائدة المحلية استجابة لسياسة التيسير النقدي التي اعتمدها الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي. ومع ذلك، لا تزال الضغوط مستمرة في الأسواق العقارية، مما يؤثر على الأوضاع المالية والنقدية

       ويتكيف القطاع المصرفي في دول مجلس التعاون الخليجي في الوقت الحاضر للانخفاض في أسعار العقارات عن طريق خفض المخصصات الائتمانية المتاحة لقطاعي البناء والعقارات كما هو الحال في قطر بينما تتزايد قروض الرهن العقاري في السعودية من أساس منخفض في الأصل. ورغم أن القطاع المصرفي لا يزال يتسم بسلامة أوضاعه، غير أن حماية استقرار النظام المالي ستتطلب مواصلة المتابعة الفعالة للاتجاهات العامة الناشئة في القطاع العقاري والبحث في إمكانية مواصلة استخدام التدابير الاحترازية الكلية لاحتواء المخاطر عند اللزوم.

ثانيًا- التوجه نحو الاقتصاد المعرفي أساس التنويع الاقتصادي:

    تؤكد أغلب الرؤى المستقبلية لدول مجلس التعاون الخليجي أن أساس بناء اقتصاد متنوع يتناقص اعتماده على قطاع النفط والغاز يتطلب التحول نحو الاقتصاد المعرفي الذي يتسم بكثافة الاعتماد على البحث العلمي والتطوير التكنولوجي. وبالرغم من قيام كافة دول مجلس التعاون بوضع التشريعات وبناء المؤسسات التي تعنى بالتحول نحو الاقتصاد المعرفي، غير أن حجم التقدم المحرز في هذا المجال لا يتناسب وحجم الإمكانات المتاحة، وهو ما يعكسه ترتيب الدول الخليجية في مؤشر الاقتصاد المرتكز على المعرفة.

جدول (2) ترتيب دول مجلس التعاون الخليجي في مؤشر الاقتصاد المبني على المعرفة

 

الدولة

الترتيب عالميًا

قيمة المؤشر

1

الإمارات

42

6.94

2

البحرين

43

6.90

3

عُمان

47

6.14

4

السعودية

50

5.96

5

قطر

54

5.84

6

الكويت

64

5.33

Source, World Bank, Measuring the Knowledge in the World Economy, Knowledge Assessment and Knowledge Economy Index

    يلاحظ من الجدول أعلاه بأن كل من الإمارات والبحرين وعُمان قد صنفت بمستوى جيد وفق مؤشر الاقتصاد المعرفي والذي تتراوح فيه قيمة الدليل ما بين (6-7) وتتميز دول هذه المرتبة بمستوى مقبول في ميدان اقتصاد المعرفة مع البدء في التحول من مجتمع المعلومات نحو مجتمع المعرفة. بينما جاءت السعودية وقطر والكويت ضمن الدول ذات المستوى المتوسط والذي تتراوح فيه قيمة الدليل ما بين (5-6) وتشمل الدول التي نجحت في توسيع اقتصاد المعلومات، وبدأت في ارساء اللبنات الأساسية لاقتصاد المعرفة مع توفر مقومات مجتمع المعرفة.

    ويمكن القول بأنه من المتوقع أن يرتفع ترتيب دول مجلس التعاون خلال العشرية الجديدة، حيث تبنت الدول خطط وبرامج طموحة لبناء اقتصاد المعرفة، وفيما يلي بيان ذلك:

1)    دولة الإمارات:

   أطلقت الحكومة الإماراتية عام 2017م، استراتيجية الإمارات للثورة الصناعية الرابعة الهادفةإلى تعزيز مكانة دولة الإمارات كمركز عالمي للثورة الصناعية الرابعة، والمساهمة في تحقيق اقتصاد وطني تنافسي قائم على المعرفة والابتكار والتطبيقات التكنولوجية المستقبلية. وتركز هذه الاستراتيجية على محاور رئيسة تتمثل بالآتي:

  • "إنسان المستقبل" من خلال تحسين مخرجات قطاع التعليم الذي يرتكز على التقنية والعلوم المتقدمة، ومنها الهندسة الحيوية، وتقنية النانو، والذكاء الصناعي.
  • تبني الخطط والاستراتيجيات في مجال الطب الجينومي، والسياحة الطبية الجينومية عبر تحسين مستويات الرعاية الصحية، وتطوير حلول طبية وأدوية جينومية شخصية حسب حاجة المرضى.
  • التركيز على الرعاية الصحية باستخدام الإنسان الآلي، والاستفادة من الروبوتات وتقنية النانو، لتعزيز إمكانات تقديم خدمات الرعاية الصحية والجراحية عن بعد، وتقديم حلول طبية ذكية على مدار الساعة عن طريق التقنية القابلة للارتداء، والزرع في الجسم البشري.
  • "أمن المستقبل" من خلال تحقيق الأمن المائي والغذائي عبر منظومة متكاملة ومستدامة للأمن المائي والغذائي، تقوم على توظيف علوم الهندسة الحيوية والتقنية المتقدمة للطاقة المتجددة.
  • تعزيز الأمن الاقتصادي عبر تبني الاقتصاد الرقمي، وتقنية التعاملات الرقمية.
  • "ريادة المستقبل" من خلال الاستثمار في أبحاث الفضاء والعمل على تعزيز مكانة الدولة كمنصة عالمية للجهات الطموحة في مجال الدراسة والأبحاث ومشاريع الفضاء.
  • تشجيع الأبحاث والتطبيقات الوطنية في الجامعات والمراكز المتخصصة في مجال علوم الدماغ والأعصاب، والتعزيز البشري والإدراكي بالشراكة مع الجهات العالمية المتخصصة.

     وتشتمل هذه الاستراتيجية على (120) مبادرة لتطوير ثلاثين قطاعًا حتى عام 2071م، وتستهدف بناء مدينة علمية على كوكب المريخ، وإنشاء (25%) من المباني باستخدام تقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد بحلول العام 2025م، وأن تبلغ نسبة الرحلات التي تتم بمركبات ذاتية القيادة (25%).

2)    السعودية:

      تشير رؤية السعودية 2030 بصورة جلية إلى مسار التوجه صوب الاقتصاد المرتكز على المعرفة من خلال المشاريع التي تضمنتها منها مشروع "نيوم" لبناء مدن ذكية تعتمد الطاقة النظيفة وتوفر استثمارات لربط القارات.

     وسيشمل المشروع الذي من المتوقع أن تتخطى كلفته 500 مليار دولار (9) قطاعات استثمارية متخصصة في "مستقبل الطاقة، والمياه، والتنقل، والتقنيات الحيوية، والغذاء، والعلوم التقنية والرقمية، وتصنيع المحتوى المتطور والإعلام والإنتاج الإعلامي والترفيه وسبل المعيشة بما يشكل الدعامة الرئيسة لباقي القطاعات. حيث سيعمل على تطوير من حلول التنقل الذكية بدءًا القيادة الذاتية وحتى الطائرات ذاتية القيادة، والأساليب الحديثة للزراعة وإنتاج الغذاء، والرعاية الصحية التي تركز على الإنسان وتحيط به من أجل رفاهيته، والشبكات المجانية للإنترنت الفائق السرعة أو ما يُسمى بـ "الهواء الرقمي"، والتعليم المجاني المستمر على الإنترنت بأعلى المعايير العالمية، والخدمات الحكومية الرقمية المتكاملة.

3)    دولة قطر:

   نظرًا لأهمية دور دعم ريادة الأعمال وقدرات الإبداع في تسهيل عملية الانتقال إلى الاقتصاد المرتكز على المعرفة والذي بدوره يعزز جهود التنويع الاقتصادي، فقد تم في استراتيجية التنمية الوطنية (2018-2022) تحديد الهدفين التاليين:

  • تشجيع ريادة الأعمال في القطاعات ذات الأولوية وتمكين قطاع الشركات المتوسطة والصغيرة من النمو والمنافسة خلال الفترة (2018-2022).
  • رعاية وتنمية قدرات الابتكار، وتبنيها، وترسيخها في القطاعات ذات الأولوية خلال الفترة (2018-2022م).

    كما أسست قطر حاضنـة للمشـاريع القائمـة علـى المعرفة في واحـة قطـر للعلـوم والتكنولوجيا، حيث أصبحـت الواحة حاضنـة رئيسـية لتطويـر التقانـة ودعـم جهـود البحـث والتطويـر في دولـة قطـر. وفي إطار تأسـيس إطـار للشـراكة بـن القطاعين العـام والخاص لدعـم بنـاء قطـاع أعمـال قائـم علـى المعرفة"، فقـد تمتشريع قانـون الشـراكة بـين القطاعين العـام والخاص والـذي يحكـم العلاقة بين هذين القطاعين.

4)    الكويت:

      تم إدراج برنامج الاقتصاد المعرفي ضمن ركيزة الاقتصاد المتنوع المستدام ليكون احدى الركائز التي تعتمد عليها الدولة ضمن خطة التنمية لتنوع مصادر الدخل، وتم وضع آلية كيفية إمكانية النظر إلى الاقتصاد المعرفي بأنه أحد الموارد الحقيقية ومصدر رئيسي من مصادر دخل الدول والصناعات كما هو معمول به عالميا، وتقوم الأمانة العامة للتخطيط والتنمية بالتعاون مع الجهات المعنية في كيفية تحويل البرنامج إلى برنامج حقيقي مرتبط بزمن معين للاستفادة منه على مستوى المنظور القريب والمتوسط ضمن خطة التنمية.

     وقد تم عقد المنتدى الأول للاقتصاد المعرفي عام 2016م، تحت عنوان وظائف الدولة في معاصرة الاقتصاد المعرفي، وركز آنذاك على الدور والوظائف المتوقعة من الحكومات أن تقوم فيها. بينما ركز المنتدى الثاني عام 2018م، على الجوانب التطبيقية للاقتصاد المعرفي وكان عنوانه " الحكومات المعرفية أفضل ممارسة والدروس المستفادة".

5)    عمان:

   بدأت عُمان منذ العام 2016 م، تنفيذ استراتيجية اقتصادية جديدة بقصد خفض اعتمادها على النفط من (44%) في العام 2016 لتصل إلى (22%) في العام 2020م، وتؤكد هذه الاستراتيجية على الاستثمار في قطاعات الصناعات والتعدين وفي قطاع السياحة، وكذلك الاستثمار في الاقتصاد المعرفي من أجل إحداث تحول نوعي في العائد الاقتصادي بما يؤمن التخلص من الاعتماد الكلي على النفط، والبحث عن خيارات أخرى أكثر استدامة واستقراراًا

6)    البحرين:

      ركزت رؤية البحرين 2030 على تحفيز القطاع الخاص وجعله يتولى الدور الرئيسي في ارتقاء الاقتصاد والتوسع في القطاعات القائمة على المعرفة، وزيادة الإنتاج من السلع والخدمات ذات القيمة المضافة العالية 

وتمتلك البحرين مستوى متقدمًا من الحوافز الاقتصادية، حيث تقوم مؤسسة تمكين بتوفير الدعم للمؤسسات والأفراد بهدف الارتقاء بالمستوى المعرفي من خلال توفير البرامج التدريبية المدعومة. وتقوم بدعم المؤسسات بشكل مباشر، ولا يقتصر دورها على تقديم حلول التمويل لمؤسسات القطاع الخاص بل إنها أيضًا تشجع على التوسع في القطاعات القائمة على المعرفة والتطور التكنولوجي، فتقدم تمكين أيضًا منحة الدعم الفني، وهي منح للشركات لشراء الآلات والتكنولوجيات الجديدة.

     أما النظام المؤسسي في البحرين فهو أيضًا متطور حيث تقدم البحرين بيئة تنظيمية جاذبة للاستثمار ولديها معايير حوكمة توفر الاستقرار للمؤسسات، كما تمتلك البحرين اليوم بنية تحتية عالية الجودة لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات. 

ثالثًا- إعادة هندسة المالية العامة:

   إن استئناف إجراءات الضبط المالي من شأنها أن تساعد في إعادة بناء الهوامش الوقائية في السياسات ودعم الجهود الهادفة إلى تحقيق النمو بقيادة القطاع الخاص. ومن المفترض تحديد حجم التصحيح ووتيرة تنفيذه طبقاً للفائض المالي في كل دولة وأوضاعها الاقتصادية واحتياجاته التمويلية. غير أنه عند وقوع صدمات معاكسة أو إذا ما تطلبت الأوضاع الدورية يمُكن للدول التي تتمتع بفائض مالي كبير (الكويت، قطر، الإمارات) أن تعتمد وتيرة أبطأ في تنفيذ الضبط المالي. وبصفة عامة ستعتمد فعالية إجراءات الضبط المالي على عوامل عديدة مهمة تتمثل بالآتي:

1)    تعزيز تحصيل الإيرادات غير النفطية:

     بالرغم من أن دول مجلس التعاون الخليجي قد قطعت شوطًا طويلاً في مجال تحسين تعبئة الإيرادات بيد أن الحيز يتسع لتعزيز الإيرادات الضريبية غير النفطيةمن خلال الإصلاحات الضريبية الشاملة. وقد تتمثل الاستراتيجية في تحديد أولويات الإجراءات اللازمة لتوسيع القاعدة الضريبية من خلال الحد من الإعفاءات بصورة تدريجية، والقضاء على الثغرات في التشريعات الضريبية، وتقوية الإدارة الضريبية.

    وستنتفع بعض الدول الخليجية كالكويت، عمان، قطر من استحداث العمل بنظام ضريبة القيمة المضافة من أجل تكثيف تعبئة الإيرادات المحلية. وعلاوة على ذلك يُمكن النظر في استحداث إجراءات أخرى، بما فيها ضريبة الدخل والضريبة العقارية.

2)    احتواء فواتير الأجور وإعانات دعم الطاقة وتحسين جودة الإنفاق ورفع كفاءته:

    من المفترض أن تسهم جهود احتواء وترشيد كل من فواتير الأجور وإعانات دعم الطاقة، إلى جانب تعزيز الحماية الاجتماعية في زيادة فعالية وكفاءة توزيع الموارد، وهو أمر بالغ الأهمية لتحسين الإنتاجية. ورغم تباين مستويات جودة البنية التحتية في بلدان مجلس التعاون فإن هذه المستويات من الجودة تحققت بمستويات مرتفعة من النفقات الرأسمالية مقاسة كنسب من الناتج المحلي الإجمالي مما يشير إلى اتساع المجال لتحسين كفاءة الاستثمارات العامة. وتشمل أهم المجالات التي يمكن تحسينها التوريدات، والشفافية، وآليات التقييم والاختيار.

3)    تقوية أطر المالية العامة:

   تؤكد أجواء عدم اليقين المحيطة بأسعار النفط ضرورة فصل نمو الإنفاق العام عن التقلبات في العوائد النفطية. ويمكن الاستفادة في هذا السياق من استخدام أطر المالية العامة متوسطة الأجل. فمن شأن تعزيز مؤسسات المالية العامة، بما في ذلك تحسين مستوى الشفافية واعتماد أطر متوسطة الأجل ذات مصداقية للمالية العامة، أن يساهم في تحسين أداء الاقتصاد الكلي لدول مجلس التعاون الخليجي.

 

رابعًا- نحو بناء اقتصاد خليجي تنافسي:

     أن مواجهة التحديات التي تواجه عملية التنويع الاقتصادي الذي يُعد المرتكز الأساسي في عملية التحول نحو اقتصاد أكثر استقراراً ومناعة ضد تقلبات الاقتصاد العالمي، وبناء اقتصاد خليجي تنافسي تستدعي بالدرجة الأساس إجراء الإصلاحات الهيكلية من أجل دعم نمو القطاعات غير النفطية بقيادة القطاع الخاص ورفع مستويات الإنتاجية. وفي هذا السياق يمكن التركيز على أربعة أهداف رئيسة تتمثل بالآتي:

الهدف الأول: زيادة تحسين البيئة التي تسمح بازدهار القطاع الخاص:

   تساعد المبادرات المستمرة في دول مجلس التعاون الخليجي بقصد تحسين بيئة الأعمال على تحفيز الاستثمار المحلي والأجنبي المباشر. فالاستثمار الأجنبي المباشر قادر على رفع مستوى الإنتاجية من خلال نشر التكنولوجيا وخلق المعرفة.ومن الممكن أن يؤدي سد فجوة الاستثمار الأجنبي المباشر في دول مجلس التعاون الخليجي إلى زيادة نصيب الفرد من نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي غير النفطي بنسبة تصل إلى نقطة مئوية كاملة.

الهدف الثاني: تحسين التنافسية والانضباط:

يمكن دعم التنافسية من خلال زيادة تركيز القطاع العام على القيام بدوره وذلك عن طريق تنفيذ عمليات الخصخصة والشراكات الفعالة بين القطاعين العام والخاص، وإصدار القوانين والتشريعات الخاصة بالتنافسية التي تتصف باتساع نطاقها وكفاءة إنفاذها في دول مجلس التعاون الخليجي.

    وقد اعتمدت دول مجلس التعاون الخليجي رؤى وطنية تضمنت عناصر مهمة من السياسات الصناعية. ورغم أن مثل هذه السياسات يمكن أن تُشجع على استحداث قطاعات جديدة، فمن الضروري التعامل معها بحذر ومراعاة توجيه الدعم إلى قطاعات معينة وليس إلى شركات منفردة، وأن يكون الدعم محدد المدة ومصحوبًا بمعايير أداء معينة.

الهدف الثالث: تحفيز التوظيف في القطاع الخاص وتحسين التنافسية:

   تبدو الأجور أعلى مما توحي به مستويات الإنتاجية في بعض دول مجلس التعاون. ونظرًا لأن ارتفاع الأجور والتوظيف في القطاع العام يُسهمان في الفجوة بين الأجور والإنتاجية، فسوف يتعين احتواء فجوة الأجور بين القطاعين العام والخاص في كل من الكويت، عمان، السعودية، الإمارات، وذلك من خلال ربط التعويضات بالأداء على نحو أوثق وزيادة السيطرة على صرف العلاوات والبدلات والإفصاح عن توقعات تقييد نمو فرص العمل في القطاع العام في كل من الكويت، عمان، والسعودية. ويُمثل تحسين التعليم والتدريب ركيزة أساسية لتحسين رأس المال البشري ورفع مستويات الإنتاجية في جميع دول مجلس التعاون الخليجي.

الهدف الرابع: تحسين الحوكمة:

   ينبغي تقوية الأطر القانونية لحماية حقوق المتعاقدين والدائنين وحقوق الملكية. وسيتطلب تعزيز سيادة القانون زيادة الشفافية بشأن المالك المستفيد في قطاع الشركات. وستجني الكثير من الدول فوائد من تعزيز نظم التصريح بالأصول بصورة علنية لكبار المسؤولين، وتجريم أعمال الرشوة والاختلاس، وتقليص فرص مزاولة أنشطة الفساد والكسب الريعي.

    وفي الختام نقول بأن السير قدمًا نحو التنويع الاقتصادي في الدول الخليجية خلال العقد القادم للتغلب على التقلبات التي تحصل في السوق العالمية للنفط والغاز تتطلب حشد الطاقات نحو بناء الاقتصاد المعرفي والرقمي ورفع مستويات الإنتاجية وتعزيز المنافسة وتحسين بيئة الأعمال وتشجيع القطاع الخاص المحلي وجذب الاستثمار الأجنبي إلى القطاعات ذات الأولوية، ولتحقيق ما تقدم، ينبغي القيام بجملة من الإصلاحات السياساتية والتنظيمية والتشريعية والإجرائية والاستغلال الأمثل للأصول المتاحة في الاقتصادات الخليجية وتأطيرها لدفع جهود التنويع الاقتصادي نحو الأمام.

مجلة آراء حول الخليج