array(1) { [0]=> object(stdClass)#12962 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

العدد 150

المادة 36 من ميثاق الأمم المتحدة لا تلزم مجلس الأمن إحالة النزاع للمحكمة

الثلاثاء، 23 حزيران/يونيو 2020

أكثر من 40 عامًا، ومنذ قيام الثورة الخمينية في عام 1979م، انتهجت الولايات المتحدة عددًا من الخطط والاستراتيجيات للتعامل مع سلوك إيران المزعزع للاستقرار في المنطقة، وتنوعت هذه الاستراتيجيات بين الاحتواء والضغط والمواجهة غير المباشرة ، لكن ما ارتكبته إيران وميليشياتها في المنطقة في الآونة الأخيرة من تدخلات في الشؤون الداخلية لدول الجوار ، وتهديد الملاحة العالمية ، ناهيك عن تآكل شعبية النظام الإيراني داخليًا وإقليميًا واحتمالية قيامه بعمليات متهورة خلق نوعًا من الاتفاق في واشنطن على ضرورة أن تكون هناك " استراتيجية جديدة " لمواجهة إيران على المدى الطويل في المنطقة العربية والشرق الأوسط ترتكز على محورين، الأول يقلل الخسائر المحتملة لدى الولايات المتحدة وحلفائها في المنطقة، والثاني حرمان إيران من أي " مساحة للمناورة " سواء عسكريًا أو سياسيًا، ولتحقيق هذين الهدفين يتم النقاش بين البنتاجون ومجموعات " تقدير الموقف" و مراكز الأبحاث وصناع القرار حول " رؤية جديدة " للتعامل مع أخطار الميليشيات الإيرانية في المنطقة انطلاقًا من التقديرات الأمريكية التي تشير لارتفاع منسوب مخاطر الميليشيات الإيرانية في الفترة القادمة ، فما هي أسس هذه " الاستراتيجية الجديدة " ؟ ، وهل تملك الولايات المتحدة " الموارد الكافية " لتطبيق الرؤية الجديدة ؟ وكيف ستعمل هذه الخطط المستقبلية على تقليل مساحات " المناطق الرمادية " التي استغلتها طهران للإفلات من عواقب سلوكها العدواني بحق شعبها وشعوب المنطقة ؟

حافة الهاوية

منذ قيام الثورة الخومينية عام 1979م، انتهجت الإدارة الأمريكية سياسة " حافة الهاوية " مع نظام الملالي، والتي كانت تقوم على التصعيد الإعلامي والسياسي دون الدخول في صدام مباشر ، ونجحت هذه السياسية في تحجيم النفوذ الإيراني حتى احتلال العراق 2003م، الذي سمح لإيران بالتغلغل في مفاصل الدولة العراقية، كما أن أحداث ما يسمى " بالربيع العربي " دفعت بالنفوذ الإيراني في سوريا واليمن، بالإضافة لميليشياتها" حزب الله " في لبنان ، وعندما وصل الرئيس دونالد ترامب للبيت الأبيض في 20 يناير 2017م، مزج بين سياسة "حافة الهاوية" ، ومسار جديد يقوم على تشديد العقوبات وحرمان النظام الإيراني من مصادر القوة خاصة القوة الاقتصادية، وتجلى ذلك في الانسحاب من الاتفاق النووي " 5+1 " في 8 مايو 2018م، وتطبيق الحزمة الأشد من العقوبات الأمريكية على طهران في 2 نوفمبر من نفس العام ، لكن أحداث 2019 خاصة الهجوم الإيراني على السفن التجارية في الخليج وبحر عمان ، والاعتداء على معملي أرامكو في سبتمبر من العام نفسه، وقتل قاسم سليماني في 3 يناير الماضي، والرد الإيراني على قاعدة عين الأسد في العراق، كل هذه الأحداث دفعت الولايات المتحدة للبحث عن " استراتيجية جديدة" للتعامل مع إيران وميليشياتها في المنطقة، وكان السؤال، هل الأفضل مثلاً أن تعترف الولايات المتحدة بمقتل قاسم سليماني، ويخرج الرئيس ترامب علانية ويفتخر بقتل الجنرال الإيراني، أم أن " الغموض " الذي يستخدم في قتل شبكة عناصر و عملاء إيران وحزب الله في سوريا دون الإعلان أو الاعتراف هو الخيار الأفضل ؟

الغموض الاستراتيجي

بعد سلسلة من المشاورات والأبحاث بين وزارة الدفاع الأمريكية " البنتاجون " وقاعدة واسعة من المتخصصين في الشأن الإيراني والمنطقة تأكد للولايات المتحدة أن مواجهة إيران وميليشياتها بالشكل الكلاسيكي الحالي الذي حدث في قتل سليماني وقبلها في المواجهات بالخليج العربي ليس هو الخيار الأفضل، وهذه هي الخلاصة توصل لها مركز واشنطن لأمن أمريكا الجديد "CNAS" الذي أوصى الإدارة الأمريكية بانتهاج مسار يمكن وصفة " بالسيناريو الرمادي " القائم على مجموعة من الأسس أبرزها عدم الاعتراف الرسمي بأي عمل ضد ميليشيات إيران في المنطقة خاصة عندما يتعلق الأمر بقتل نشطاء وعملاء حزب الله وإيران في سوريا ولبنان والعراق، ثانيًا القيام بما أسماه مركز واشنطن لأمن أمريكا الجديد بـ " حرب بين الحروب " بمعنى عدم القيام بعمل كبير يعطي شرعية للرد الإيراني، لكن في نفس الوقت ضرب إيران في كل مكان لا تستطيع الرد فيه، وهذه الرؤية ستمكن واشنطن من سحب جزء كبير من القوات الأمريكية في العراق، و استهداف الميليشيات الإيرانية من الوجود الأمريكي شرق سوريا، وهذا قد يفسر إعادة الانتشار الحالي للقوات الأمريكية والتحالف الدولي في العراق، كما ستعمل الاستراتيجية الأمريكية الجديدة في " المساحات بين الحرب والسلام أي "المساحات الرمادية " وستزيد من " عدم اليقين " لدى حكام طهران عن النشاط الأمريكي ضد ميلشيات الملالي في المنطقة

المساحات الرمادية

تفترض الرؤية الجديدة أن عمل الولايات المتحدة ضد إيران في المساحات المكشوفة مثل فرض العقوبات، ومنع تدفق الأموال على إيران وعملائها من أمريكا اللاتينية وإفريقيا ليس كافيًا، ويجب العمل في " المساحات الرمادية" التي وفرت لإيران ساحة للمناورة والخداع حيث عملت إيران طوال السنوات الماضية وفق ثلاثية " التهريب والمقايضة والعمل خارج نطاق النظام المصرفي بالأموال السائلة"، فعندما طلبت إيران أموال من صندوق النقد الدولي لمواجهة كورونا قال وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو إن لدى إيران مليارات الدولارات، وكان يشير إلى التعاملات المالية المباشرة خارج النظام المصرفي " السويفت " والتي لا تتأثر بالعقوبات الأمريكية مثل الصفقات التي تعقدها إيران في دول مثل تركيا والعراق وأفغانستان وباكستان وقطر، وحصلت إيران في أسوأ التقديرات على 11 مليار دولار خلال عام 2019م، من هذه الصفقات، كما أن العقوبات الأمريكية على " الكيانات الموازية " التي تعمل لحساب إيران ما زالت ضعيفة، وهي سلسلة طويلة من الشركات والشخصيات التي تتعامل تجاريًا لصالح الحكومة الإيرانية، وبعد شراء الوكلاء لطهران بعض احتياجات البرنامج الصاروخي والنووي في دول مثل تركيا والعراق وبعض دول شرق أوروبا يعاد شحن البضائع من جديد لإيران دون المرور بالنظام المصرفي الإيراني ،كما تعد الحدود الإيرانية الأفغانية مجال واسع لتهريب النفط وعمليات المقايضة التي تقوم بها الحكومة الإيرانية ووكلائها في غرب أفغانستان، وتشير الأرقام إلى أن إيران استطاعت الالتفاف على العقوبات الدولية بسبب تلك الشبكة الواسعة من التجارة والوسطاء الذين يشترون ويبيعون لإيران كل شىء بعيداً عن نظام العقوبات ، وسجل عام 2019م، أعلى درجات الاستغلال الإيراني لسياسة الغموض ، فرغم اليقين الذي يملأ الجميع بأن إيران هي التي هاجمت معملي أرمكو في سبتمبر 2019م، إلا أن طهران حتى اليوم لم تعترف بالوقوف وراء الهجوم، كما أن عدد كبير من العمليات الإرهابية التي قامت بها إيران ضد مصالح غربية أو عربية سواء في الشرق الأوسط أو حتى في أوروبا وأمريكا وأمريكا اللاتينية قام بها وكلاء عن إيران وحزب الله، وتنصلت طهران من هذه العمليات، وهو ما جعل بناء إجماع دولي في مجلس الأمن ضد إيران يواجه بالتشكيك الروسي والصيني، لكن على الجانب الأخر كان العكس تماماً، فالرئيس ترامب يعلن عن الخطوات التي سيقوم بها ربما قبل تنفيذها، وهو ما سمح لإيران بإستغلال العمل الأمريكي في مساحات " اليقين" السياسي والأمني للقيام بعمليات انتقامية مثل الهجوم الذي نفذه الحرس الثوري على قاعدة عين الأسد العراقية يوم 8 يناير الماضي، وهو ما دفع الكثير من واضعي السياسات الدفاعية الأمريكية لطرح السؤال : لماذا لا تواجه الولايات المتحدة طهران في المناطق التي تصل بين الحرب والسلام ؟

استراتيجية جديدة... لماذا ؟

التفكير فى الرؤية الجديدة جاء بعد تقديرات متطابقة من المخابرات الأمريكية ومخابرات صديقة بأن الضغوط الاقتصادية التي يعاني منها النظام الإيراني في الداخل، وتأكل شعبيته داخليًا و إقليميًا واستغلال الملالي لوباء كورونا سيجعل من طهران وميليشياتها خطيرة خلال الفترة القادمة، وأن الشعور بالضعف قد يؤدي بالنظام الإيراني للهروب للأمام والقيام بعمليات غير محسوبة، وأشار أكثر من تقرير أمريكي إلى أنه عندما اندلعت المظاهرات ضد النظام الإيراني في 15 نوفمبر الماضي وبعدها خرج المحتجون على سياسات إيران في لبنان والعراق كانت إيران تعمل على استهداف المدنيين والجنود والسفارات الأمريكية في المنطقة لخطف الأضواء بعيدًا عن المظاهرات المناوئه للنظام، كما أن الولايات المتحدة بدأت تحسب ألف حساب لشهر أكتوبر القادم عندما ينتهي الحظر على واردات السلاح الإيرانية من الخارج، كما تتحسب واشنطن لعام 2023م، عندما تتوقف الرقابة الدولية على البرنامج الصاروخي ، وعام 2025م، عندما تنهي متابعة الوكالة الدولية للطاقة النووية على البرنامج النووي وفق الإتفاق النووي الذي وقعه الرئيس السابق باراك أوباما مع إيران في النصف الأول من شهر يوليو 2015 م، وهناك يقين لدى الولايات المتحدة أن إيران لا تريد إعادة إنتخاب الرئيس ترامب مرة أخيرة، ولهذا سوف تعمل كل ما في وسعها بما فيها إمكانية القيام بعمل ضد المصالح الأمريكية في المنطقة لإفشال الرئيس ترامب في العام الانتخابي، ناهيك عن النظرية التي تقول أن " الردع يجب حمايته "، وأن الولايات المتحدة الأمريكية التي إستعادت " قوة الردع " بعد مقتل سليماني عليها أن تحافظ عليه لأن إيران ستحاول على الأقل قبل الإنتخابات الأمريكية إختبار " قوة الردع " الأمريكية، وتجلى ذلك في تصريحات بعض القادة الإيرانيين الذين قالوا أن انتقامهم لمقتل سليماني لم ينته، كما أن استهداف الميلشيات الإيرانية في العراق لمحيط السفارة الأمريكية في بغداد والقواعد الأمريكية في العراق لم ينته.

حرب بين الحروب

تعتمد الاستراتيجية الجديدة على مجموعة من المحاور لحرمان إيران من كل عناصر الخداع التي مارستها في عام 2019م، وبداية العام الحالي ، وأبرز هذه المحاور هي :

1-            عدم القيام بحرب كبيرة لكن القيام بعمليات صغيرة وكثيرة تحقق في النهاية هدف العمليات الاستراتيجية، وهذه الرؤية التي تقوم على استهداف المصالح والعملاء الإيرانيون في المنطقة دون الإعلان أو التصريح تحقق فوائد إستراتيجية أكبر - فمثلاً استهداف القواعد الإيرانية في سوريا والعراق، وحرمان طهران من بناء مصانع للصواريخ دقيقة التصويب حول دمشق وفي منطقة البوكمال على حدود سوريا والعراق، واستهداف الميلشيات العراقية الموالية لإيران في المنطقة - سيوفر خيار ات أكبر للولايات المتحدة واستنزاف دائم لإيران، وإصابة الحكومة الإيرانية " باليأس الإستراتيجي " ، كما لن تسمح الرؤية الجديدة لإيران بالرد بنفس الطريقة التي ردت بها على مقتل سليماني، فالكثير من قادة حزب الله وغيرهم من القادة الإيرانيين قتلوا في ظروف غامضة في سوريا والعراق، وسعت طهران وميليشياتها للتغطية أو السكوت على هذه العمليات لأنها لا تملك خيارات كمثل الذي كان في الهجوم على قاعدة عين الأسد يوم 8 يناير الماضي.

2-            تقلل هذه الاستراتيجية التكاليف البشرية والسياسية المحتملة سواء على الولايات المتحدة الأمريكية أو حلفائها في المنطقة، وكانت الهجمات الإيرانية على سفن النفط في الخليج العربي وبحر عمان في شهور مايو ويونيو وأغسطس عام 2019م، وحتى الهجوم على أرامكو في سبتمبر من نفس العام، خير دليل على التكلفة العالية للإستراتيجية الأمريكية الحالية، فإما عدم الرد وتتضاءل صورة الولايات المتحدة في المنطقة أو الدخول في حرب واسعة في كل منطقة الشرق الأوسط، كلاهما خياران لا تريدهما الولايات المتحدة، لذلك هناك من يصف الرؤية الجديدة للتعامل مع إيران " بالخيار الثالث ".

3-            تقدم هذه الاستراتيجية العمل الاستخباراتي والمعلوماتي على العمل العسكري المباشر ، فتفجير مصنع إيراني في العراق أو سوريا يحتاج إحداثيات ومعلومات دقيقة ، وبعد ذلك تستطيع طائرات مسيرة مجهولة أن تقوم بالعملية دون أي تكلفة سياسية أو عسكرية.

4-            تحرم هذه الاستراتيجية إيران من سياسة " تحريك جبهة وتجميد أخرى " حيث تستطيع الولايات المتحدة بأقل قدر من الموارد أن تكبح إيران في أكثر من جبهة بالتوازي، فالمعروف أن إيران راهنت خلال عام 2019م، على تحريك جبهة " الحوثي " من خلال إستهداف الأماكن المدنية في المملكة العربية السعودية بالطائرات المسيرة والصواريخ البالستية، وحاولت طهران بكل ما تملك تجميد جبهات حزب الله وميلشياتها في سوريا والعراق، ولذلك غالبية الهجمات المدعومة من إيران خلال العام الماضي نفذها عملاؤها الحوثيون، وذلك لأن التصعيد على الجبهة الإسرائيلية مثلاً من خلال الحدود اللبنانية أو السورية أكثر تكلفة على إيران وكان يمكن أن يؤدي لحرب واسعة ومباشرة بين طهران وتل أبيب ، حيث قامت إسرائيل في 2019م، بـ220 هجوم مميت على عناصر تابعة لإيران في سوريا والعراق، ولهذا تقوم استراتيجية " الحرب بين الحروب " على شن عمليات صغير وعديدة في أي جبهة بها ميليشيات إيران سواء في سوريا أو العراق أو لبنان أو اليمن بطريقة "متوازية ومنسقة " دون إعطاء إيران خيار تفعيل مسار وتجميد آخر، وهو ما يسمح للولايات المتحدة بإستهداف شبكة عملاء ومصالح طهران المسلحين في الشرق الأوسط دون تصعيد مع إيران.

5-            تعتمد هذه النظرية على تقليل الخسائر البشرية المحتملة في استهداف الأهداف الإيرانية، والهدف من ذلك توصيل رسالة للداخل الإيراني بأن الهدف ليس هو الشعب الإيراني لكن نظام الملالي، لذلك الرهان في هذه الاستراتيجية على طبقات الشعب الإيراني غير المسيس والمعارضين، وحرمان النظام الإيراني من إستغلال بعض العمليات الأمريكية لتحقيق مكاسب داخلية، فهناك في الولايات المتحدة من يعتقد أن تعامل الولايات المتحدة مع مقتل سليماني ربما استفاد منه نظام الملالي من خلال استغلال طهران للاعتراف الصريح للرئيس ترامب بقتل الإرهابي سليماني، وتصوير الولايات المتحدة بمظهر من يستهدف الرموز الإيرانية.

6-            تتفق هذه الرؤية مع الاستراتيجية الأمريكية بأنها لا تتدخل لإسقاط الأنظمة كما حدث في 2003م، مع صدام حسين، لكن الهدف هو فقط تعديل سلوك النظام الإيراني، وأن يتوقف عن سياسة تصدير الثورة المزعومة .

7-            تسمح هذه الاستراتيجية للولايات المتحدة الأمريكية بإبقاء إيران تحت الضغط الدائم، فمثلاً منذ مقتل سليماني في 3 يناير الماضي وحتى شهر مايو لم تسجل للولايات المتحدة أى عملية إنتقامية من نشاط إيران التخريبي في المنطقة، لكن الاستراتيجية الجديدة تسمح لوشنطن بالقيام بعمليات غامضة ورمادية عديدة، وفي أوقات متقاربة دون أن تتعرض هي أو حلفائها في المنطقة لانتقادات أو خسائر.

8-            تؤكد هذه الاستراتيجية أن التزام الولايات المتحدة بأمن دول الخليج لم يتغير على الإطلاق، وأن واشنطن تقف مع شركائها وحلفائها في المنطقة، وتقوم بكل ما في وسعها لحماية حلفائها في الخليج، كما تؤكد نجاح واشنطن وقدرتها على تنويع خيارتها في مواجهة التدخلات الإيرانية، وأن التزام الولايات المتحدة بأمن المنطقة ثابت لا يتزعزع ، وأن الاستراتيجية الأمريكية التي تقوم منذ 4 عقود على مواجهة النفوذ والمخالب الإيرانية ثابتة حتى لو تغيرت التكتيكات بسحب بطارية باتريوت من هنا أو هناك .

9-            تتكامل الرؤية الجديدة مع حملة الرئيس ترامب للضغط القصوى على إيران، فعناصر الاستراتيجية الجديدة تتناغم بشكل كامل مع الخطوات التي اتخذتها واشنطن في السنوات الثلاث من حكم الرئيس ترامب والتي بدأت بالانسحاب من الاتفاق المعيب " 5+1 " في 8 مايو 2018م، واعتبار الحرس الثوري الإيراني منظمة إرهابية في أبريل من نفس العام ، وتجفيف التحويلات المالية التي تأتي لإيران وحزب الله من أمريكا اللاتينية وأفريقيا وآسيا الوسطى، وكشف الخلايا الإرهابية الإيرانية في كثير من دول العالم، وتصنيف عدد من الميلشيات الإيرانية كمنظمات إرهابية وإجرامية على غرار اعتبار الخارجية الأمريكية حزب الله منظمة إجرامية وإرهابية لأن يتاجر في المخدرات في أمريكا الجنوبية، وحث الدول الأوربية خاصة ألمانيا والمملكة المتحدة على تصنيف حزب الله وبعض الميلشيات العراقية كجماعات إرهابية، وهو ما تحقق بالفعل، كما تتكامل هذه الاستراتيجية الجديدة مع هدف خطة الضغط القصوى التي اتبعها الرئيس ترامب وتهدف في النهاية لجلوس إيران على مائدة المفاوضات وإصلاح عيوب الإتفاق النووي خاصة المحاور التي تتعلق ببرنامج إيران الصاروخي ، وعدم وضع سقف زمنى لمراقبة البرنامج النووي والتي تنتهي بعد 10 سنوات من التوقيع على اتفاق ( 5 +1 )، ووقف السلوك الإيراني المزعزع لاستقرار المنطقة، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية لدول الجوار .

10-        تستطيع الرؤية الجديدة التعامل مع التحديات الناشئة بمطالب الأحزاب والميلشيات الموالية لإيران بسحب القوات الأمريكية من العراق، فوفق هذه الرؤية سيتحرر القرار الأمريكي من ضغوط بقائه في العراق، ويستطيع تنفيذ أى هجوم من خلال القواعد المجاورة، ويؤكد إستهداف سليماني والمهندس بطائرة مسيرة انطلقت من دولة مجاورة للعراق وأطلقها جندي من قاعدة أمريكية في ولاية فيرجينا الأمريكية أن أهداف الولايات المتحدة ضد إيران يمكن أن تتحقق ضد طهران حتى لو سحبت واشنطن قواتها أو قلصتها في العراق

 

موارد هائلة .

حاول البعض أن يشكك في التزام الولايات المتحدة تجاه أمن المنطقة والخليج والوقوف في وجه السلوك الإيراني المزعزع لاستقرار المنطقة منذ أن نشرت وزير الخارجية الأمريكية السابقة هيلاري كلينتون مقالاً في عدد مايو من مجلة " فورين بولسي " عام 2010م، تحت عنوان" الاستدارة شرقًا " ، لكن رغم مرور 10 سنوات على هذا الأمر فما زالت الولايات المتحدة تملك موارد ضخمة جدًا لكبح المخالب الإيرانية، فالولايات المتحدة التي لها 200 ألف جندي خارج أراضيها تنشر 90 ألف جندي في الشرق الأوسط في المساحة من ساحل شرق البحر المتوسط غربًا حتى حدود أفغانستان شرقًا ، ولها في منطقة الخليج وحدها ما يقرب من 31 ألف جندي منهم 28.5 ألف جندي ثابتون ويعملون في قواعد دائمة، وزاد عليهم حوالي 3000 جندي بعد الإعتداء على أرامكو ، بالإضافة إلى ما يوجد من قواعد وقوات أطلنطية تابعة لحلف الناتو ، كما تملك الولايات المتحدة شراكات استخباراتية هي الأوسع في المنطقة بما يعطي الولايات المتحدة ورقة هامة تساعدها في هذا النمط من الحروب، فالولايات المتحدة أكثر دول العالم اتفاقًا على العمل الاستخباري ، ولديها 17 جهاز للمخابرات.

 

حروب الظل

تتفق الاستراتيجية الأمريكية الجديدة التي يمكن وصفها " بحروب الظل " مع نظرية " تعلم الدروس " التي تقول أن الأخطاء لا يجب أن تتكرر ، وهي النظرية التي وضعتها واشنطن بعدما تأخر تحرير رهائنها في السفارة الأمريكية بطهران لمدة 444 يومًا في عام 1979م، إبان عهد الرئيس الأسبق جيمي كارتر ، وهو ما سيحقق للولايات المتحدة ما تريده، وفي نفس الوقت سيحد من وقوع حرب شاملة في المنطقة .

 

مجلة آراء حول الخليج