شهد العالم مؤخرًا تفجر موجات عنصرية جديدة بسبب فيروس كورونا ( كوفيد 19)، حيث أدى الخوف من الإصابة بالوباء إلى انتشار التمييز ضد الصين التي ظهر فيها الوباء، والمتهمة بتأخرها في الإعلان عنه، كما اتسعت دائرة التمييز لتشمل كل ما هو آسيوي ثم كل ما هو أجنبي، حتى أبناء الدولة الواحدة مارسوا التمييز والتنمر تجاه المرضى وذويهم.
ومع أن العنصرية قديمة حيث، شهد العالم حالات من التمييز والعنصرية تجاه الجنس أو اللون أو العرق أو الديانة، وقد وضع المجتمع الدولي كثيرًا من المواثيق والعهود والاتفاقيات الدولية لمواجهة هذه العنصرية، لكن فيروس كورونا استحدث أشكالاً جديدة من العنصرية وعمق من العنصرية التقليدية.. الأمر الذى يجعل كل مواثيق المواجهة حبرًا على ورق ، ما استدعى التفكير خارج الصندوق لاستحداث آليات جديدة لمواجهة عنصرية كورونا وآثارها.
أولاً- العنصرية القديمة
العنصرية بداية هي الأفكار والمُعتقدات والقناعات والتَّصرفات التي ترفع من قيمة مجموعة أو فئة معينة على الفئات الأخرى، بناءً على أمور مورّثة مرتبطة بقدرات الناس أو طباعهم أو عاداتهم، وتعتمد في بعض الأحيان على لون البشرة، أو الثقافة، أو مكان السّكن، أو العادات، أو اللغة، أو المعتقدات، أما التمييز العنصريّ فهُو معاملة الناس بتفرقة وبشكل غير متكافئ، وتصنيفهم اعتمادًا على انتماءاتهم إلى عرق، أو قوميّة، وإيجاد جو عدائي، ومُهين، ومُذل بناءً على هذه الأسس العنصرية.
والعنصرية متجذرة في التاريخ حيث شهدت الإنسانية ظاهرة العبودية والرق، وهى مرتبطة بقضيتي المساواة والعدالة وهما قضيتان مرتبطتان بالوجود الإنساني ذاته، لكن في العصر الحديث مارست كثير من المجتمعات العبودية والإبادة الجماعية والفصل العنصري، فعلى سبيل المثال مارست الولايات المتحدة العنصرية الجماعية ضد السكان الأصليين من الهنود الحمر، ولاحقًا تجاه السود واللاتينيين والصينيين واليابانيين والمسلمين.
كما مارست دولة جنوب أفريقيا لعقود طويلة سياسة الفصل العنصري من قبل البيض تجاه السود، وحاليًا يقوم السود بالتمييز المنهجي ضد البيض بشكل غير رسمي،كما تعد إسرائيل، من أكثر الدول عنصرية بتاريخها من الاحتلال والاضطهاد والإبادة الجماعية للفلسطينيين، كما يمارس التمييز العنصري داخليًا بين اليهود الغربيين وبين اليهود الشرقيين، كما شهدت أوروبا مؤخرًا تنامي اليمين المتشدد المعادي للمهاجرين خاصة المسلمين، وتكريس الخوف من الإسلام والمسلمين.
ويعد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي أصدرته الجمعية العامة للأمم المتحدة في 10 ديسمبر 1948م، المرجع الرئيسي لمكافحة العنصرية والتمييز العنصري؛ حيث نصّ على أن كل الناس يولدون أحرارًا متساويين في الكرامة والحقوق كما وضع المبادئ الرئيسية للحقوق المهنية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية والحريات الفردية، ثم تلته عهود دولية أخرى خاصة بالحقوق السياسية والاجتماعية والاقتصادية للشعوب.
واعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري في 21 ديسمبر 1965م، بموجب القرار رقم 2106، بهدف اتخاذ جميع التدابير اللازمة للقضاء السريع على التمييز العنصري بكافة أشكاله ومظاهره.
ثم جاء المؤتمر العالمي لمحاربة العنصرية في جنوب أفريقيا 2001م، ليدشن إعلان وبرنامج عمل "ديربان" كوثيقة شاملة عملية اقترحت تدابير ملموسة لمناهضة العنصرية والتمييز العنصري والخوف من الأجانب والتعصب المتصل بذلك على المستوى الوطني والإقليمي والعالمي.
ثانيًا- عنصرية كورونا عبر العالم
فجر فيروس وباء كورونا العنصرية عبر العالم، من خلال الممارسات التي شملت أشكالاً جديدة من العنصرية فجائحة كورونا استحدثت عنصرية الخوف من الفيروس وشملت كل بقاع العالم، بل شملت أبناء الوطن الواحد، كما أنها أظهرت أنانية مفرطة من قبل بعض الدول لا مبرر لها، وعمق العنصرية التقليدية تجاه الأجناس والعرقيات والديانات.
و تمثلت الأشكال المستحدثة من عنصرية كورونا في الممارسات العنصرية ضد كل ما هو صيني، فقد امتنعت أمريكا عن تقديم خدماتها للصينيين، وتعرضت متاجر صينية للتخريب في إيطاليا،كما أقرت السفارة الصينية في برلين بزيادة القضايا العدوانية ضد مواطنيها منذ الإعلان عن الوباء.
ولم تشمل عنصرية كورونا الصين فقط، بل اتسعت لتشمل كل ما هو آسيوي، فقد قام مجموعة فـي لنـدن بالاعتداء على شاب سنغافوري، وعنفوه قائلين "لا نريــد فيــروس كورونــا فـي بلادنا".
وفي 26 يناير 2020م، نشرت صحيفة Le Courrier Picard الفرنسية على صفحتها الأولى صورة لامرأة آسيوية ترتدي قناعًا تحت عنوان "الإنذار الأصفر"، كما نشرت مقالًا افتتاحيًا بعنوان "خطر أصفر جديد"، و أطلق النشطاء الآسيويون في أوروبا وسم JeNeSuisPasUnVirus# والتي تعني "أنا لست فيروسًا"، عبروا فيه عن غضبهم تجاه ما يلاقونه من ممارسات عنصرية وتنمر.
كما مارس الآسيويون التمييز ضد أنفسهم، فنجد أن اليابان أصدرت "الهاشتاغ #ChineseDon›tComeToJapan#" أيها الصينيون لا تقدموا إلى اليابان"، كما كتب على أبواب أغلب المحلات والمطاعم «غير مسموح للصينيين»، وفي ماليزيا تم التوقيع على عريضة من قبل 125000 سنغافوري تدعو إلى حظر دخول الصينيين البلاد، كما تزايدت حوادث التمييز ضد اليابانيين في أندونيسيا بسبب وباء كورونا، وذلك في الفنادق والمتاجر والمطاعم وخدمات سيارات الأجرة وحُظر العديد من اليابانيين من الاجتماعات والمؤتمرات.
واتسعت العنصرية لتشمل أبناء الوطن تجاه مرضى كورونا وعائلاتهم وهو ما عرف بظاهرة التنمر، وكانت الحادثة الشهيرة في مصر حيث رفض مجموعة من أبناء قرية في محافظة الدقهلية دفن طبيبة توفيت متأثرة بفيروس كورونا مما أدى لتدخل الشرطة واستكمال مراسم الدفن بالقوة، كما استغلت حكومة الوفاق الليبية أزمة كورونا لممارسة سياسة العقاب الجماعي تجاه البلديات الموالية للجيش الوطني الليبي، حيث منعت عنها الأموال المخصصة من الميزانية الليبية لمكافحة وباء "كورونا".
كما ينظر البعض بريبة لهؤلاء الذين اضطرتهم الظروف للخضوع للحجر الصحي مثل العالقين العائدين إلى بلادهم من دول أخرى، فضلاً عن الخوف من مرضى كورونا حتى بعد تمام شفائهم، فعلى سبيل المثال فرضتالهند حجرًا صحيًا على عشرات الآلاف من السكان في منازلهم، لكنها وضعت بعض اللافتات المنشورة خارج منازلهم، الأمر الذى أدى إلى حدوث تداعيات غير محمودة العواقب، فقد فرضت إحدى العائلات في دلهي، حجرًا صحيًا في منزلها من تلقاء ذاتها، بعد عودة أحد أفراد الأسرة من الولايات المتحدة في مارس الماضي، ولم تظهر أعراض إصابة لأحد من أفراد الأسرة، لكن السطات الهندية وضعت ملصقًا خارج منزلهم كتب عليه "لا تقم بزيارة هذا المنزل، إنه تحت الحجر الصحي"، الأمر الذى عرض هذه العائلة للمضايقات وأكد رب هذه العائلة "لقد أصبح منزلنا مثل حديقة الحيوانات، يتوقف المارة من أجل التقاط الصور بجانبه، وإذا خرجنا إلى شرفة المنزل لدقيقة، يصرخ جيراننا ويطلبون منا البقاء بالداخل".
ممارسات العنصرية طالت دولاً أعضاء في الاتحاد الأوروبي، فقد أغلقت دول الجوار حدودها مع إيطاليا وامتنع البعض عن تزويدها بالكمامات والمعدات، وإن كانت فرنسا وألمانيا قد قامتا بتزويدها بالمساعدات في وقت لاحق، الأمر الذى جعل أفكار التجمع والمصير الواحد عرضة للتشكيك والمراجعة وهو ما قد يؤثر بالسلب على مستقبل الاتحاد الأوروبي.
كما تعرض الأوروبيون العاملون في أفريقيا لممارسات عنصرية، حيث اتهمت فرنسا بجلب الوباء للسنغال، بالنظر إلى أن أول إصابتين بوباء كورونا تم اكتشافهما هناك فرنسيي الجنسية، بينما تعرض أوروبيون للإهانة في كوت ديفوار وغانا، وأثيوبيا والكونغو الديمقراطية.
كما مارس البعض العنصرية تجاه معسكرات اللاجئين المقيمين على أراضيها، فقد دعا سمير جعجع رئيس حزب القوات اللبنانية إلى فرض الحصار على معسكرات الفلسطينيين والسوريين، وهو ما قوبل بانتقادات واسعة من قبل كثير من اللبنانيين أنفسهم.
وواصلت إسرائيل، سياسة القمع والتمييز العنصري ضد الشعب الفلسطيني، حيث تشهد الأراضي الفلسطينية أعمالاً للتمييز العنصري تتمثل في تجاهل إسرائيل توفير الإمكانيات، والفحوصات، والرعاية الصحية للفلسطينيين، بالإضافة إلى قمع المسؤولين والعاملين الفلسطينيين في المجتمع المدني، لمنعهم من أداء دورهم في مقاومة وباء كورونا.
كما تتعرض حياة خمسة آلاف وخمسمائة أسير وأسيرة في سجون إسرائيل، بما في ذلك الأطفال والنساء والمرضى، وبدلاً من الإفراج عنهم تقوم سلطات الاحتلال بزيادة أعدادهم ومفاقمة الاكتظاظ في السجون.
كما أن عنصرية كورونا مورست على كافة المستويات الرسمية وغيرها، فقد مارس كثير من رؤساء الدول الكبرى عنصرية كورونا، فقد وصف الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" وباء كورونا بأنه "الفيروس الصيني"، كما أطلق عليه وزير الخارجية الأمريكي "مايك بومبيو" "فيروس ووهان"، بينما دعا رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، إلى تطبيق سياسة "مناعة القطيع"، وتكمن خطورة مثل هذه التصريحات أنها تجد آذانًا صاغية لدى اليمين المتطرف في أوروبا والولايات المتحدة لترسيخ أفكارهم العنصرية شعبيًا، ولم تتوقف هذه التصريحات العنصرية على السياسيين فقط لكنها امتدت إلى القطاع الطبي، حيث اقترح اثنان من كبار الأطباء الفرنسيين ضرورة أن تصبح إفريقيا مختبرًا ضخمًا للقاح فيروس كورونا، معللين ذلك بأن القارة الإفريقية تفتقر إلى الموارد الضرورية للتصدي للفيروس، وقد انتقد رئيس منظمة الصحة العالمية، هذه المواقف ووصف أصحابها بـ"العنصريين"، مؤكدًا أنه "لا يمكن لإفريقيا أن تكون ساحة لاختبار اللقاح"، مضيفًا أن الاقتراح كان تعبيرًا صارخًا عن "العقلية الاستعمارية".
كما كشفت الأزمة عن أنانية عالمية مفرطة تمثلت في حالات النهب العالمي، والاستيلاء بدون وجه حق على شحنات طبية متجهة إلى بلدان أخرى، وذلك على نحو يخالف القوانين الدولية والقواعد المنظمة للتجارة الدولية، ويكشف عن تجرد كامل لكل المعاني الإنسانية، والأمثلة على ذلك متعددة، حيث قامت جمهورية التشيك بالاستيلاء على شحنات طبية كانت موجهة من الصين إلى إيطاليا، كما حاول الرئيس الأمريكي ترامب في منتصف مارس 2020م، شراء شركة أدوية ألمانية بهدف تأمين إنتاج لقاح لـبلاده فقط.
كما أستولى إيطاليون في عرض المتوسط في مارس 2020م، على باخرة محملة بالكحول كانت متجهة من الصين إلى تونس، كما قامت الولايات المتحدة في أوائل أبريل، بتحويل مسار شحنة من الأقنعة موجهة من الصين للشرطة الألمانية.
و قامت السلطات التركية بالاستيلاء على طائرة محملة بأجهزة تنفس كانت في طريقها من الصين إلى إسبانيا في 4 أبريل2020م، وهى دولة حليفة لتركيا في حلف شمال الأطلسي (الناتو)، ثم اضطرت تركيا لاحقًا للإفراج عن الشحنة بفعل الضغوط الدبلوماسية وإصرار إسبانيا على التقدم بشكوى دبلوماسية ضد هذه الجريمة.
وقد ساهمت أزمة كورونا في تعميق الممارسات التقليدية للعنصرية المتعارف عليها سابقًا، ففي مجال التمييز ضد أصحاب الديانات، استغلت الحكومة الهندية أزمة كورونا لزيادة حملات القمع والتمييز العنصري ضد المسلمين الهنود، والمعروف أن حكومة الهند الحالية بقيادة "نارندرا مودي" تمارس حربًا على الهوية الإسلامية في الهند، وقد ذهبت هذه الحكومة أبعد من ذلك ووجهت اتهامات للمسلمين بنشر هذا الفيروس الخطير في العديد من المدن الهندية، كما تعرض كثير من الشباب المسلمين للاعتداء العنيف في الشوارع، كما هوجموا في المساجد، وطُردوا من بعض الأحياء، وفي رد على ذلك حذر رئيس المركز الإسلامي في الهند "خالد رشيد"، قائلاً: "قد يموت فيروس كورونا، لكن من الصعب القضاء على فيروس التنافر الجماعي عندما ينتهي هذا الأمر".
و ساهمت الأزمة في تجدد بعض مظاهر عنصرية الأمريكيين البيض تجاه الأمريكيين السود من أصل أفريقي، حيث رفضت كثير من المستشفيات الأمريكية استقبال مواطنين سود وطالبتهم بالعودة لتلقي العلاج في المنزل، كما دعت شخصيات صحية بارزة وقيادات من حزب "العمال" البريطاني، حكومة المملكة المتحدة إلى التحقيق في سبب كون أكثر من ثلث من يموتون بالفيروس في وحدات العناية المركزة، هم من أصول أفريقية وآسيوية وأقليات عرقية أخرى، في إشارة الى عدم المساواة في بريطانيا.
كما استغل اليمين الأوروبي المتطرف أزمة وباء كورونا لتأكيد العنصرية تجاه المسلمين المقيمين في أوروبا بصفتهم مهاجرين ولاجئين يمكن أن يكونوا سببًا في انتشار الوباء، و جدد أنصار اليمين الـتأكيد بأن الحل في الدولة القومية وإغلاق الحدود في وجه الآخرين حتى لو كانوا أوروبيين، والمطالبة بالترحيل الجماعي للمقيمين والأجانب من بلدانهم
الكورونافوبيا ... رؤية للمستقبل ثالثًا-
ومثلما كشفت أزمة وباء كورونا عن تزايد مظاهر العنصرية والتمييز، فقد أظهرت أيضًا العديد من الممارسات المناهضة للتمييز،فقد طالبت وزارة الخارجية النمساوية، جميع حكومات دول العالم بالتعامل مع أزمة وباء كورونا من خلال حماية كرامة وحقوق الإنسان للجميع دون تمييز من أي نوع، كما وجه الملك سلمان بن عبد العزيز الحكومة السعودية بسرعة علاج ومداواة كل الناس؛ سواء كانوا مواطنين أو مقيمين، أو حتى مخالفين لقوانين الإقامة مجانًا ، وتقديم كل الاحتياجات الإنسانية دون تمييز ..... وهذه
السلوكيات تشير إلى ضرورة التمسك بالمبادئ العالمية والقيم الإنسانية والتوحد في مواجهة الأزمات وخاصة أزمة وباء كورونا.
كما أن الصين التي عانت من ممارسات عنصرية كورونا عندما بدأت في التعافي قامت بتقديم مساعدات طبية وقروض ذات الفوائد البسيطة لمساعدة دول العالم بما فيها دولاً مارست التمييز والعنصرية تجاه الصينيين، حيث قدمت مساعدات إلى 83 دولة ومنظمة دولية منها منظمة الصحة العالمية والاتحاد الأفريقي، لتسهيل التعاون الدولي في مكافحة أزمة كورونا، وهو الأمر الذى يعزز ثقافة التسامح العالمي وعدم الإساءة للآخرين.
كما كشفت أزمة كورونا عن تجاهل كامل لكل المبادئ والأعراف والمواثيق والمعاهدات الدولية التي دعت إلى نبذ التمييز ومناهضة العنصرية، ففي اثناء الأزمة لم يكن لهذه المواثيق أي تطبيق على أرض الواقع، في ظل مجتمع دولي تسوده الأنانية وكراهية الآخرين، وهو الأمر الذي يدعو إلى مراجعة حتمية لهذه الاتفاقيات والمواثيق على نحو يجعلها أكثر قدرة على مواجهة التحديات المتغيرة، وكذلك وضع الاستراتيجيات الواقعية لتفعيلها أو استحداث آليات جديدة تجرم الممارسات العنصرية أو تحد منها.
كما بات ضروريًا على كافة الحكومات عدم التسامح مع الاستهداف العنصري للأشخاص من أصل صيني وآسيوي، أو تجاه المرضى وذويهم أو حتى من يقضي فترة الحجر الصحي، فلا يصح أن يكون الوباء سببًا لنشر العنصرية، ولكن يجب أن يكون سببًا لمزيد من التضامن والتكاتف الإنساني، فقدهدد فيروس كورونا العالم كله، وبالتالي فإن الحكمة تقتضي مواجهته جماعيًا، بتعزيز أواصر التعاون الدولي، والتأكيد على المصير العالمي الواحد، والعمل على حشد كل الطاقات المحلية والإقليمية الرسمية والشعبية لتعزيز القدرة الدولية على مواجهة الوباء الذي يعصف بالبشرية دونما تمييز.
وقد ظهرت بعض الأفكار غير التقليدية لمواجهة عنصرية كورونا منها ما قام به الكثير من النشطاء عبر وسائل التواصل الاجتماعي من تكوين منصات لمناهضة التمييز العنصري بسبب كورونا منها منصة "أصوات الشباب حول العالم"، حيث ساهم الشباب في نشر رسومات، وإبداعات أدبية ومقتطفات ملهمة بهدف مواجهة التمييز العنصري ووصم العار والمساهمة في نشر المودّة والدعم فيما بينهم، فقد ذكر أحدهم على الجميع ان يدركوا أن فيروس كورونا يمكن أن يُصيب كلّ البشر، إلّا أنه يبدو سامًّا أكثر في بعض العقول التي تتعامل بالعنصريّة والتنميط.