array(1) { [0]=> object(stdClass)#13490 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

العدد 150

اقتصادات دول الخليج العربية: التراجع أم النمو وماهي الخيارات المتاحة

الثلاثاء، 23 حزيران/يونيو 2020

تواجه اقتصادات دول الخليج العربي مع مطلع العشرية الثالثة من القرن الحادي والعشرين تحديات كبيرة نتيجة للانهيار التاريخي والكبير في أسعار النفط المورد الأساسي للاقتصادات الخليجية وجائحة فايروس كورونا المستجد (Covid-19) التي ألقت بظلالها السلبية على الاقتصادات العالمية نتيجة الإجراءات والإغلاقات التي اتخذتها أغلب دول العالم لمواجهة مخاطر انتشار فايروس كورونا، حيث تعطلت سلاسل التوريد من الصين مصدر الوباء، مما انعكس على حركة التجارة العالمية السلعية التي تستحوذ الصين على (12%) من إجماليها، حيث ساهمت الإجراءات التي اتخذتها في تعطيل حركة الإنتاج في (14) مدينة صينية تستحوذ على قرابة 78%من تجارة الصين الخارجية، الأمر الذي انعكس في خفض الطلب على النفط سواء لأغراض الاستهلاك الصناعي او للمواصلات مما شكل ضغطًا على الأسعار حتى وصل سعر برميل النفط  إلى أقل من 20 دولار لنفط برنت وبحدود 15 دولار للنفط الخفيف ومنه تباع أغلب نفوط الدول الخليجية، مما شكل ضغطًا على مواردها المالية المتوترة.

   وغني عن البيان فإن دول الخليج العربي تواجه اليوم أزمة مركبة لم تألفها عبر مسيرتها التنموية خلال العقود الخمسة المنصرمة، فهي أزمة اقتصادية ومالية واستثمارية واجتماعية مركبة تستدعي تبني إجراءات فاعلة لتصحيح الهيكل الاقتصادي لاقتصادات الخليج بما يضمن انتقالها إلى اقتصادات مرتكزة على التنوع الاقتصادي وليس الاعتماد على المورد الأحادي الجانب الذي جعل هذه الاقتصادات منكشفة على أي تطور سلبي يتعلق في أسعار الطاقة العالمية،

    سنتناول في هذا المقال دراسة تداعيات الأزمة الاقتصادية والمالية التي يشهدها الاقتصاد العالمي على مسارات النمو الاقتصادي والمالية العامة في دول الخليج العربي، وبيان الخيارات المتاحة أمامها لمواجهة هذا التحدي الكبير المتمثل بانكماش النمو في الناتج المحلي الإجمالي وتحقيق عجوزات في مالية الدولة وفي ميزانيها التجاري، وكذلك بيان ما ينبغي القيام به للتقليل من آثار الأزمة المركبة وبما يضمن تقليل الفترة الزمنية لتعافي الاقتصادات الخليجية ووضعها على المسار الذي يضمن نمو اقتصادي مستدام بعيد عن تأثير التداعيات التي يمكن أن تطال قطاع النفط.

أولاً- الاقتصادات الخليجية وتحديات الأزمة الاقتصادية العالمية

   دخل الاقتصاد العالمي عام 2020م، بتحد كبير يتمثل بانتشار فيروس كورونا وانخفاض حاد في أسواق الطاقة العالمية لم تشهد منذ عقدين من الزمن، حيث وصلت أسعار نفط برنت  إلى أدنى إلى ما دون العشرين دولارًا، ليبلغ أدنى مستوياته منذ 18 عامًا، وكما وصل النفط  الخفيف إلى أقل من 15دولارًا بالنسبة لشهري مارس وأبريل بسبب التخمة في المعروض النفطي التي تقدر بنحو (23) مليون برميل من النفط يوميًا، ومما زاد الأمر سوءًا هو انقطاع سلاسل التوريد من الصين التي تجهز نحو (80%) من الاحتياجات الصناعة العالمية من هذه السلاسل مما انعكس في انخفاض الطلب الصيني على النفط، حيث تستهلك الصين قرابة (15%) من استهلاك العالم للنفط الخام، ويشكل النفط القادم من دول الخليج العربية قرابة (%29) من الواردات النفطية للصين.وطبقًا لتوقعات وكالة الطاقة الدولية IEA فإن حوالي ربع الصادرات النفطية لدول الخليج العربي ستذهب للصين في عام 2040م.

      وتجدر الإشارة إلى واردات النفط الخام الصينية من المملكة العربية السعودية وهي أكبر مورد للصين ارتفعت نحو 47% في 2019م، مع استقرار الشحنات من المملكة في ديسمبر مقارنة مع نفس الفترة قبل عام. وتأتي الزيادة السنوية الكبيرة في الواردات من السعودية بعد استراتيجية تسويقية جديدة تبنتها شركة أرامكو التي تديرها الدولة، والتي وقعت اتفاقي توريد جديدين على الأقل مع شركات تكرير خاصة في الصين دخلت السوق اعتبارًا من أواخر 2018م. وفي السابق، كانت أرامكو السعودية تتعامل فقط مع شركات التكرير الحكومية في الصين في العقود الطويلة الأجل. وأفادت بيانات من الإدارة العامة للجمارك أن واردات الصين في 2019م، من السعودية وهي أكبر مُصدر للنفط في العالم بلغت إجمالاً مستوًا قياسيًا (1.67) مليون برميل يوميًا، لكن مع تداعيات فايروس كورونا الذي شل حركة النشاط الاقتصادي في الصين، فقد تراجع طلب الصين على النفط بقرابة 20% يوميًا، من استهلاك يومي، يناهز (14) مليون برميل، تعادل احتياجات دول: (اليابان، وكوريا الجنوبية، وبريطانيا، وإسبانيا، وإيطاليا، وألمانيا، وفرنسا)، وهذا أدى إلى انخفاض وارداتها من النفط بنحو (3.5) مليون برميل الأشهر الثلاثة الأخيرة، الجزء الأكبر من هذا التخفيض وقع على صادرات دول الخليج العربي الثلاثة (السعودية، عمان، الكويت) من النفط الخام للصين والتي تتخطى (3) مليون برميل يوميًا.

      وغني عن البيان، فإن فيروس كورونا يؤثر بالسلب على حركة التجارة والسفر بين دول الخليج العربي والصين، لا سيما مع إيقاف الكثير من رحلات الطيران إلى عدد من المدن الصينية، وتوقف طلبات السلع الصينية، تخوفًا من انتشار الفيروس، كما أن العلاقات التجارية الواسعة الانتشار لمدينة ووهان الصينية، معقل الفيروس، ساهمت في نشره بأغلب مدن الصين، وبالتالي انتشاره عالميًا، وهو ما تسبب في رحيل موظفي الشركات العالمية، وبالتالي تأثر الإنتاج والتصدير لدول العالم، ومنها دول الخليج العربي..

 

ثانيًا - آثار الأزمة على اقتصادات دول الخليج العربي:

 

      ألقت الأزمة الاقتصادية العالمية المتعددة الأوجه التي جاءت بسبب تفشي فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19) والانهيار الكبير في أسعار النفط بظلالها السلبية على الاقتصاد العالمي الذي تضرر بنحو (9) تريليون دولار بسبب الانكماش الاقتصادي الذي حصل بسبب إجراءات الاغلاقات والحجر المنزلي التي حصلت في أغلب دول العالم والتي أثرت بدورها على تدفقات السلع ورؤوس الأموال ونشاط قطاعي النقل والسياحة والفندقة. كما كان لهذه الأزمة تأثير كبير على اقتصادات دول الخليج التي تعتمد بشكل كبير على عوائد النفط التي تدنت بشكل كبير، مما شكل تداعيات خطيرة على خططها وبرامجها الاقتصادية والإنمائية، التي تم وضعها بناءً على رؤاها المستقبلية. وفيما يلي شرح مختصر لهذه التداعيات:

1) العجز في الموازنات العامة:

     نتيجة الاعتماد الكبير على إيرادات النفط في تمويل الموازنة العامة لدول الخليج العربية، والمبالغة في تقدير سعر التعادل لبرميل النفط الذي يحقق التوازن في الموازنة العامة، حيث تراوح ما بين (95) دولارًا للبرميل في البحرين كحد أعلى و(55) دولارًا في قطر كحد أدنى، وكان (86.8) دولارًا في سلطنة عمان و(76) دولارًا في السعودية و69 دولارًا في الإمارات ونحو (61) دولارًا في الكويت.

    وكنتيجة للانهيار الكبير في سعر النفط، فمن المتوقع أن تحقق جميع الدول الخليجية باستثناء قطر (5.2%) عجزًا في موازناتها العامة يتخطى (11-%) من الناتج المحلي الإجمالي في جميع الدول بواقع (17-%) في عمان و(15.7-%) في البحرين و(12.6-%) في السعودية و(11.3-%) في الكويت، و(11-%) في الامارات، والشكل التالي يبين ذلك.

 

Source: International Monetary Fund, World Economic Outlook, April 2020

2) العجز في الميزان التجاري:

   بعد أن حققت جميع دول الخليج فائضًا في موازينها التجارية خلال العام 2019م، من المتوقع تحقق عجزًا بسبب انخفاض أسعار النفط باستثناء الإمارات العربية المتحدة ستحقق فائضًا قدره (1.5%) من الناتج المحلي الإجمالي بسبب تنوع صادراتها السلعية. وتراوح قيمة العجز ما بين (14.2-%) في قطر كحد أعلى و(-3.1%) في السعودية كحد أدنى والشكل التالي يبين ذلك.

Source: International Monetary Fund, World Economic Outlook, April 2020

     وتجدر الإشارة إلى أن انخفاض أسعار النفط يكلف دول مجلس التعاون الخليجي الست (السعودية، الكويت، الإمارات، قطر، عُمان، البحرين) نحو (72) مليار دولار من فاقد عائدات الصادرات النفطية بصفة عامة لكل انخفاض قدره 10 دولارات للبرميل.

3) انكماش الناتج المحلي الإجمالي:

استطاعت دول الخليج العربي أن تحقق معدلات نمو موجبة في الناتج المحلي الإجمالي للعام 2019م، وأن كانت متدنية جدًا أي أقل من (1%) في عمان والكويت وقطر والسعودية ونحو (1.8%) في البحرين و (1.3%) في الإمارات، غير أنه مع انخفاض الطلب على النفط وانخفاض أسعاره، وتدني مستوى النشاط الاقتصادي بسبب تداعيات انتشار فيروس كورونا، فمن المتوقع أن تحقق جميع الدول معدل نمو سالب في الناتج المحلي الإجمالي والشكل التالي يوضح ذلك.

Source: International Monetary Fund, World Economic Outlook, April 2020

   ويلاحظ من الشكل أعلاه بأن أعلى نسبة للانكماش في الناتج المحلي الإجمالي لعام 2020م، ستكون من نصيب الاقتصاد القطري بنحو (4.2%) وأدنى نسبة للانكماش ستكون في الاقتصاد الكويتي، قدرت بنحو (1.1%)، وتخطت النسبة (3.4%) في كل من الاقتصاد البحريني والإماراتي، في حين ستصل نسبة انكماش الاقتصاد العماني والسعودي إلى (-%2.8) و(-2.3%) على التوالي.

4) معدل التضخم:

من المتوقع أن يرتفع المستوى العام للأسعار في الكويت إلى 5.1% و2.6% في البحرين وسيكون 1% في عمان، و(0.9%) في السعودية. أما في الإمارات العربية المتحدة سينخفض المستوى العام للأسعار محققًا انكماشًا بمعدل التضخم بنسبة (-1%) وفي قطر بنسبة (-1.2%).

Source: International Monetary Fund, World Economic Outlook, April 2020

ثالثًا-الخيارات أمام دول الخليج العربي لمواجهة التحديات الاقتصادية:

   تسعى دول الخليج العربي لوضع خطط لإنقاذ الاقتصادات من التداعيات السلبية لتفشي فايروس كوفيد (19) وانخفاض أسعار النفط التي ألقت بظلالها على أسواق العمل وعلى تدفقات الاستثمارات الخارجة والداخلة، وعلى حركة التبادل التجاري، وعلى مجمل النشاط الاقتصادي لاسيما الشركات الصغيرة والمتوسطة وقطاع السياحة والسفر.

     ويمكن القول بأن دول الخليج العربي تمتلك بعض المصدات المالية التي يمكن أن تقلل من صدمة الانخفاض الكبير في الإيرادات المالية التي أثرت على المالية العامة للدولة وعلى ميزانها التجاري. وتتمثل هذه المصدات بالأصول المالية لصناديقها السيادية واحتياطاتها الرسمية، وإمكانات الاقتراض الداخلي والخارجي، ويمكن توضيح ذلك بالآتي:

1)  الاستعانة بالاحتياطيات الرسمية:

     تمتلك دول الخليج العربية قرابة (635) مليار دولار أمريكي كاحتياطات رسمية (العملات الأجنبية والذهب وحقوق السحب الخاصة) وفق بيانات مارس 2020م، يُمكن الركون إليها لكن بحذر إذا استمرت أوضاع مالية الحكومة تتسم بالعجز، وتمتلك المملكة العربية السعودية ثلثي هذه الاحتياطات (67.3%) والشكل التالي يبين ذلك.

شكل (5) الاحتياطات الرسمية لدول الخليج العربي لعام 2020م، مليار دولار أمريكي

المصدر: من إعداد الباحث بالاعتماد على النشرة النقدية للمصارف المركزية بدول الخليج العربي

2)  أصول الصناديق السيادية:

    ويمثل حائط الصد الثاني الذي تمتلكه دول الخليج العربي أصول صناديقها السيادية التي يمكن استخدامها في الأزمات أو نفاد النفط أو انخفاض إيراداته عند مستويات قياسية التي تصل قيمتها وفق إحصاءات أبريل 2020م، إلى أكثر من (2.4) ترليون دولار أمريكي بواقع 1200 مليار في للإمارات، 522 للكويت، و328 لقطرو320 للسعودية و30 مليار لعمان و30 مليار دولار للبحرين.

https://www.swfinstitute.org/fund-rankings/sovereign-wealth-fund

     وتجدر الإشارة إلى أنه في حالة استمرار الانكماش في الاقتصاد العالمي خلال العام الحالي سوف تخسر صناديق الثروة السيادية الخليجية أكثر من 300 مليار دولار خلال العام 2020 بسبب انخفاض أسعار النفط، وفق دراسة لمعهد التمويل الدولي.

   ويمكن لدول الخليج العربي أن تقوم بتسييل بعض أصول صناديقها السيادية كخيار إذا استمرت حالة العجز في موازنتها العامة بسبب تدني إيراداتها من بيع النفط والغاز، وذلك من خلال توفير الأموال اللازمة لتحفيز النشاط الاقتصادي الذي أصيب بالشلل بسبب أزمتي كورونا وانخفاض أسعار النفط.

3)  طرح سندات والاستدانة:

      تمتلك بعض دول الخليج العربي أصولاً حكومية جذابة يمكن بيعها لمستثمرين، أفراد أو شركات، كما تمتلك دول الخليج تصنيفات استثمارية عالية تُمكنها من جمع مبلغ كبير من الديون الدولية بأسعار جذابة للغاية، كما أنها لديها قدرة على الاقتراض من الأسواق العالمية في ظل الجودة الائتمانية لدول الخليج العربي وقدرة اقتصاداتها على النفاذ إلى الأسواق العالمية وطرح سندات دولية من حين لآخر، إذ يرتفع الاقتراض المتوقع لدول الخليج العربي بنهاية عام 2020م، نحو (58.7 مليار دولار).

     وغني عن البيان، فإن المملكة العربية السعودية قد جمعت خلال العام 2019م، حوالي (29.4) مليار دولار أمريكي من بيع أقل من (2%) من شركة أرامكو التي تُعد أكبر شركة منتجة للنفط على الصعيد العالمي، كما جمعت الحكومات الخليجية حوالي (47) مليار دولار من مبيعات سندات هذا العام، وفقًا لتقرير بلومبرج. وتقدر شركة فرانكلين تمبلتون أن الحكومات والشركات الخليجية قد تجمع (105) مليارات دولار من مبيعات سندات في العام 2020 لتتخطى المستوى الذي تم تسجيله السنة المنصرمة عند (101) مليار دولار وهو أعلى مستوى تم تسجيله منذ الأزمة المالية عام 2008م.

        وقامت الإمارات بإصدار سندات سيادية بقيمة سبعة مليارات دولار توزعت على ثلاث شرائح هي "شريحة بقيمة (2) مليار دولار لمدة خمس سنوات، وشريحة بقيمة (2) مليار دولار لمدة عشر سنوات، وشريحة بقيمة (3) مليارات دولار لمدة ثلاثين عامًا". وجمعت المملكة العربية السعودية سبعة مليارات دولار في عملية إصدار سندات، بينما قامت قطر بإصدار سندات بقيمة عشرة مليارات دولار. ومن المتوقع أن تبلغ احتياجات التمويل لدول مجلس التعاون الخليجي نحو (208) مليارات دولار هذا العام بافتراض متوسط سعر برنت عند (43) دولارًا أمريكيًا للبرميل.

رابعًا- الإجراءات المتخذة لتحفيز النشاط الاقتصادي بدول الخليج العربي:

 اتسمت إجراءات السياسة الاقتصادية الكلية التي اتخذتها الدول الخليجية حتى الآن بكونها استباقية بدلاً من سياسة رد الفعل، حيث تم اتخاذ تدابير هامة أعلنت عنها مختلف الأجهزة الحكومية بدول الخليج العربي بما في ذلك المصارف المركزية ووزارات المالية، وفيما يلي نوجز أهم تلك الإجراءات وفي بلد خليجي على حدة:

1- المملكة العربية السعودية:

     بلغت قيمة حزم دعم الاقتصاد المعتمدة حتى الآن في المملكة العربية السعودية نحو (47.9) مليار دولار أمريكي، وهي تشكل (8%) من الناتج المحلي غير النفطي. ومن هذه الحزم قدمت مؤسسة النقد العربي السعودي حزمة بقيمة 13 مليار دولار تهدف للسماح للشركات الصغيرة والمتوسطة بتأجيل دفع مستحقات البنوك وشركات التمويل لمدة ستة أشهر والحصول على التمويل بشروط ميسرة مع إعفاءات من تكاليف برنامج دعم ضمانات التمويل.

     كما اتخذت الحكومة السعودية تدابير مالية احترازية للحد من تأثير انخفاض سعر النفط، وتداعيات وباء كورونا. حيث أقرت خفضًا جزئيًا في موازنتها العامة لعام 2020م، بحوالي (13.3) مليار دولار أمريكي، وأن الخفض الجزئي في الإنفاق العام للمجالات الأقل تأثيرًا من النواحي الاجتماعية والاقتصادية، وتتوفر المرونة لدى السلطات السعودية لاتخاذ التدابير والإجراءات في مواجهة الصدمات الطارئة.

2- الإمارات العربية المتحدة

      أعلنت دولة الإمارات العربية المتحدة عن خطة دعم شاملة بنحو (27 مليار دولار) لاحتواء تداعيات الأزمة الاقتصادية والمالية، بجانب تأسيس صندوق صانع سوق لتوفير السيولة المالية، بقيمة (270) مليون دولار، لإيجاد توازن مستمر بين العرض والطلب على الأسهم. كما خصصت حكومة أبو ظبي (1.36) مليار دولار لدعم الكهرباء والمياه للمواطنين والقطاعات التجارية والصناعية، إضافة إلى دعم رسوم توصيل الكهرباء للشركات الناشئة حتى نهاية العام، وإعفاء جميع الأنشطة التجارية والصناعية من رسوم التسجيل العقاري لهذا العام.

3- دولة قطر:

     خصصت قطر حزمة محفزات مالية واقتصادية بمبلغ (20.5) مليار دولار للقطاع الخاص ودعم سوق قطر للأوراق المالية، فيما وضع مصرف قطر المركزي الآلية المناسبة لتشجيع البنوك على تأجيل أقساط القروض والتزامات القطاع الخاص، مع فترة سماح لمدة 6 أشهر. كما وجه بنك قطر للتنمية بتأجيل الأقساط لجميع المقترضين لمدة 6 أشهر وإعفاء السلع الغذائية والطبية من الرسوم الجمركية لمدة 6 أشهر، وإعفاء قطاع الضيافة والسياحة وقطاع التجزئة وقطاع الصناعات الصغيرة والمتوسطة والمجمعات من رسوم الكهرباء والماء.

 

4- الكويت:

 وافق مجلس الوزراء الكويتي على ضخ (1.6 مليار دولار) في موازنات الوزارات والإدارات الحكومية، علاوة على إنشاء صندوق مؤقت لتلقي المساهمات النقدية من المؤسسات والشركات والأفراد لدعم جهود الحكومة في تداعيات الأزمة. كما أطلق بنك الكويت المركزي حزمة التحفيزات تمثل دفعة إيجابية للسوق وتقدم مساحة إقراضية إضافية تُقدر (16.2) مليار دولار ستُوجه إلى إقراض الجهات المتضررة.

5- سلطنة عمان:

      اتخذت سلطة عمان إجراءات تقشف إضافية في نفقات موازنتها للعام الجاري للتقليل من عجز الموازنة العامة، لمواجهة التبعات الاقتصادية السلبية لتفشي جائحة كورونا، وهبوط أسعار النفط الخام. حيث أصدرت وزارة المالية العمانية في منتصف شهر أبريل الماضي (13) منشورًا ماليًا تستهدف خفض الإنفاق العام بنسبة (5%) أي بقيمة (1.301 مليار دولار) بموازنة السلطنة خلال عام 2020.كما صدر منشور آخر في 12 مايو 2020 يتضمن إجراء تخفيض إضافي بنسبة 5 بالمئة على الموازنة المعتمدة لجميع الوحدات المدنية والعسكرية والأمنية لعام 2020، ليصبح إجمالي التخفيض بالنفقات العامة بنسبة 10 بالمئة، كذلك، يشمل المنشور التفاوض مع أصحاب العقارات المستأجرة من قبل الوحدات الحكومية، لتخفيض إيجاراتها بنسبة لا تقل عن 10 بالمئة؛ ووقف كافة الحفلات والفعاليات غير الضرورية كالاحتفالات السنوية وحفلات التدشين.

    كما أن سلطنة عمان ستتبنى جملة إجراءات تحفيزيةٍ قيمتها 20.8 مليار دولار أمريكي، لمساعدة الاقتصاد لاسيما في التغلب على تأثيرات جائحة فيروس كورونا المستجد وانخفاض أسعار النفط.

 

6- البحرين:

    تسعى السلطات البحرينية إلى تخفيف التداعيات الاقتصادية الناجمة عن انخفاض أسعار النفط وتفشي فيروس كوفيد 19 من خلال تبني بعض الإجراءات تتمثل بخفض إنفاق الوزارات والهيآت الحكومية بنسبة (30%). وإعادة جدولة بعض مشاريع الإنشاءات والاستشارات لكيلا يخرج الإنفاق عن الحد المقرر في ميزانية 2020م، ولإفساح المجال لتمويل متطلبات أخرى يفرضها انتشار الفيروس.

    وحصل البحرين على القرض في شهر مارس من مجموعة من البنوك المحلية والدولية تم استخدامه لسداد (1.25) مليار دولار من السندات التي كانت مستحقة في 31 مارس 2020م، كما أوقفت الدولة خططها لإصدار سندات دولية وسط تقلبات السوق الناجمة عن جائحة فيروس كورونا المستجد وانخفاض أسعار النفط.

   

      وفي الختام نقول بأن مواجهة تحديات الأزمة الاقتصادية الحالية تستدعي من دول الخليج العربي استمرار عملية الإصلاح الاقتصادي من خلال تطوير بدائل اقتصادية وتنويع مصادر الدخل، بقصد الوصول إلى تغيرات جوهرية في طبيعة نظمها الاقتصادية. كما يتطلب دعم قطاع السياحة والنقل الذي تضرر كثيرًا، والعمل على دعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة التي تدعم خطط التنويع الاقتصادي، ورفع معدلات الائتمان للقطاعات التي تحقق زيادة في الإنتاجية، وزيادة حجم الشراكات بين القطاعين العام والخاص. وكذلك ضبط الإنفاق الاستثماري في الموازنة العامة في حدود المشاريع ذات الأولويات الملحة، وتبني السبل الكفيلة بحوكمة الإنفاق العام وترشيده ورفع كفاءته.

مقالات لنفس الكاتب