array(1) { [0]=> object(stdClass)#12962 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

العدد 85

مستقبل العلاقات العراقية-الكويتية

السبت، 01 تشرين1/أكتوير 2011

أود أن أمر بعجالة على تاريخ العراق خلال مرحلة إنشاء الدولة الحديثة العراقية كدولة قائمة بعد اتفاقية العقير عام 1923 وحتى العام الحالي، والذي سيبين من السرد الذي سيأتي لاحقاً بأن العراق كدولة أقامتها بريطانيا من ثلاثة كيانات هي الموصل وبغداد والبصرة بعد سقوط الدولة العثمانية تتعرض حالياً إلى تفتيت مبرمج لعدم استقرار البنيان الأمني الإقليمي الذي رسخته بريطانيا عندما أنشأت دولة العراق الحديث، كما أدى سقوط نظام صدام حسين الاستبدادي بعد حرب تحرير العراق عام 2003 إلى تحول العراق إلى كيانات مشتته بعد اختلال التوازنات الداخلية مما أدى إلى ولادة مجموعات جديدة من القيادات السياسية التي تمارس السلطة بدعم من البندقية، وانقسم العراق إلى قواعد نفود إقليمية وتطورت السلطة السياسية والأمنية والاقتصادية إلى تجمعات طائفية وعرقية وعشائرية أدت إلى صعود شأن النظام الإيراني كقوة مسيطرة في الشأن العراقي وكلاعب رئيسي في تحديد الاستراتيجية العراقية من خلال سيطرته على صناعة القرار داخل الحكومة العراقية.

تقييم سير العلاقات التاريخية بين الكويت والعراق:

لقد مرت العلاقة بين الكويت والعراق بحقب مختلفة حيث استقرت فيها العلاقة أحياناً وتأزمت أحياناً أخرى ويمكن أن نقسم تلك المراحل الزمنية إلى التالي:

أ- الحقبة الأولى: التي استمرت بعد إنشاء دولة العراق الحديث بعد اتفاقية العقير حتى ما قبل الحرب العالمية الثانية في نهاية ثلاثينات القرن الماضي، عندما كانت العلاقة مستقرة نوعاً ما إلى متوترة في بعض الأحيان عندما كانت الإدارة العراقية تزيد فرض الرسوم على واردات المياه من شط العرب وشكوى السلطات العراقية من مشاكل التهريب على الحدود البرية والبحرية وإن كانت العلاقة توترت عندما طالب ملك العراق حينها الملك غازي بضم الكويت والتي أدت إلى قيام السلطات البريطانية في كلا البلدين برفض هذه المزاعم.

ب- الحقبة الثانيه: وهي حقبة الحرب العالمية الثانية التي بدأت عام 1939 وحتى سقوط الملكية في العراق بعد ثورة 14 تموز 1958 حيث مالت العلاقات إلى الهدوء رغم دعوة نوري السعيد في خمسينات القرن الماضي الكويت إلى الانضمام إلى حلف بغداد، وهو الأمر الذي رفضه أمير الكويت آنذاك المرحوم الشيخ عبدالله السالم، وخلال تلك الحقبة ونتيجة للتعنت والشروط المجحفة لطلب نقل المياه من شط العرب إلى الكويت قامت الكويت بمقاطعة ذلك المشروع والبدء في إقامة أضخم محطات تقطير المياه العذبة من البحر.

يوجد في العراق جهات مختلفة من بقايا النظام السابق لا تريد للعلاقات مع الكويت أن تتطور

جـ- الحقبة الثالثة: كانت بعد سقوط النظام الملكي في العراق عام 1958 إلى إعلان استقلال الكويت في فبراير 1961، بعد إنهاء الاتفاقية التي وقعت بين الكويت وبريطانيا عام 1899، حيث برز التهديد الثاني للكويت في دعوة الزعيم العراقي عبدالكريم قاسم في يونيو 1961 بضم الكويت إلى البصرة ومحاولة غزو الكويت التي انتهت بنزول القوات البريطانية في الكويت ومن ثم استبدالها بقوات الجامعة العربية حيث تأزمت العلاقة بين البلدين إلى درجة كبيرة وانقطعت العلاقات السياسية والاقتصادية وحدث جمود بين الطرفين خلال تلك المرحلة.

الحكومة الكويتية كانت ولا تزال تساند العراق الجديد بكافة الطرق وتدعم جميع إجراءات بناء الثقة بين البلدين

د- الحقبة الرابعة: وهي التي كانت بعد انقلاب عبدالسلام عارف على عبدالكريم قاسم عام 1963 وإعدامه حيث بدأ النظام الجديد بإنشاء علاقة جديدة مع الكويت تقوم على الاعتراف بسيادة الكويت وتبادل التمثيل الدبلوماسي وتنشيط التبادل الاقتصادي فكانت هذه الفترة إحدى الفترات القليلة التي اتزنت فيها الأمور بين الطرفين وتطورت العلاقات الثنائية إلى مستوى جيد من الثقة وحسن الجوار فتم تبادل التمثيل الدبلوماسي وفتحت الحدود البرية والبحرية بين البلدين وقد استمرت تلك العلاقة المزدهرة حتى بعد موت الرئيس العراقي عبدالسلام عارف واستلام أخيه عبدالرحمن عارف رئاسة الجمهورية.

هـ- الحقبة الخامسة: وهي الممتدة من عام 1968 وحتى عام 1990 والتي رافقها ارتفاع نفوذ حزب البعث وصعود نجم صدام حسين حيث مال ذلك النظام في البداية إلى خلق الانطباع بنواياه الطيبة نحو الكويت والعمل على الاستفادة من حجم الكويت الدبلوماسي في ذلك الوقت، إلا أن الأمور عادت إلى التصادم لفترة قصيرة بعد حادثة الصامتة وهي الهجوم العراقي على مركز الشرطة الحدودي في موقع الصامتة الكويتي في مارس 1973، والذى أدى إلى التأزم بين الطرفين لحين تدخل الجامعة العربية التي أقنعت الطرفين باللجوء إلى طاولة المفاوضات، فانتهت الأزمة إلى واقع متأزم صامت دون الوصول إلى مخرجات مقبولة من أي جانب، وأعقب ذلك اصطفاف الكويت بجانب العراق في نزاعه الذي دام ثماني سنوات مع إيران بين الأعوام 1980-1988 حيث تعرضت الكويت إلى العديد من المخاطر التي أثرت بشكل مباشر على أمنها من قبل إيران، وقد كان الجميع يعتقدون بأن نهاية الحرب بين العراق وإيران ستجلب الاستقرار والامتنان من الجانب العراقي للكويت، إلا أن النظام العراقي برئاسة صدام حسين كان لديه أجندة أخرى عندما قام بخيانة علاقات حسن الجوار والثقة بغزوه المفاجئ للكويت في أغسطس 1990 منهياً بذلك حقبة من تاريخ العلاقات العراقية الكويتة التي كانت في أوج تحسنها بسبب جنون العظمة وحب التوسع الإقليمي وعدم مراعاة القوانين الدولية من قبل الرئيس العراقي صدام حسين، والتي أدت إلى الإطاحة بنظامه بعد ذلك.

و- الحقبة السادسة: وهي حقبة الغزو العراقي للكويت عام 1990 ومن ثم حرب تحرير الكويت عام 1991 ومرحلة اللاحرب واللاسلم بين القوات الدولية التي يمثلها التحالف الدولي وبين نظام صدام حسين في فترة ما بعد انتهاء حرب تحرير الكويت عام 1991 ومروراً بمحاولة إعادة غزو الكويت مرة أخرى في أكتوبر 1994 وما نتج عنه من فرض مناطق حظر الطيران على العراق ومرحلة مهاجمة القوات العراقية من قبل قوات التحالف عام 1994 و1998 والتي كانت الكويت فيها تعيش حالة عدم استقرار بسبب استمرار التهديدات العراقية إلى قيام التحالف الدولي ممثلاً بالولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا بحرب تحرير العراق في مارس 2003 وإسقاط النظام العراقي حيث كان الجميع يعتقد بأن ذلك سيكون نهاية للتهديدات العراقية والبدء في مرحلة بناء الثقة بين الطرفين رغم أن الكويت وحتى بعد تحريرها لم تستطع أن تعيش مرحلة استقرار أمني بسبب استمرار وجود نظام صدام حسين.

ز- الحقبة السابعة: وهي المرحلة التي أعقبت سقوط النظام العراقي عام 2003 وحتى الآن، حين دعمت الكويت قوات التحالف لإسقاط النظام الصدامي وبدء حرب تحرير العراق، وهو الأمر الذي ترك الأثر الكبير في الاعتقاد بأن ذلك سيساهم في استقرار العلاقات العراقية الكويتية وسيخلق نظاماً جديداً بين الطرفين لاعتقاد الكويت بأن استقرار العراق يصب في مصلحتها كون استمرار التوتر لا يخدم أمن الكويت الوطني.

الأبعاد السياسية والاقتصادية والاجتماعية في العلاقات الكويتية-العراقية وأثر الغزو الصدامي على مسيرة العلاقات العراقية-الكويتية :

كما بينت سابقاً فالعلاقات بين الطرفين كانت تتحسن وتتدهور حسب حالة التوتر بين البلدين ولعل البعد السياسي لتلك العلاقة كان له الأثر الرئيسي في تعثر بناء وتوسع العلاقات الاقتصادية بين الطرفين رغم وجود روابط العلاقات الاجتماعية بين الشعبين العراقي والكويتي اللذين يرتبطان بالعديد من حالات النسب، إضافة إلى اعتماد اقتصاد البصرة على مساهمات كبيرة من أصحاب المصالح الاقتصادية الكويتية لتطوير الاقتصاد في جنوب العراق والاعتماد على الخبرات الكويتية الاقتصادية في المساهمة في تحسين مسيرة الاقتصاد العراقي، ومن جانب آخر كانت الكويت ترى أن أي انهيار للبيئة الأمنية أو الاقتصادية أو الاجتماعية في جنوب العراق على الأخص سيؤثر سلباً على الكويت لقرب مدينة البصرة من الحدود الكويتية، وقدأدى الغزو الصدامي للكويت إلى نتائج كارثية على مسيرة العلاقات الكويتية-العراقية ولا تزال بعض من آثارها باقية رغم مرور أكثر من 21 عاماً على تلك الكارثة ففي الجانب السياسي ظلت العلاقة بين البلدين متوترة للغاية خلال مرحلة حكم صدام حسين، وظلت الكويت في حالة قلق مستمر من استمرار النظام الصدامي رغم الهزيمة القاسية بعد حرب تحرير الكويت خوفاً من إعادة تجربة غزو الكويت مرة أخرى خاصة بعد محاولة الغزو الثانية في أكتوبر 1994 والتي انتهت بكارثة أخرى لنظام صدام حسين وفي الجانب الاقتصادي ظلت العلاقة الاقتصادية جامدة ومتوقفة بعد أن كانت موانئ الكويت النافذة المثلى للاقتصاد العراقي بينما تأثرت العلاقات الاجتماعية على المستوى الإنساني بسبب وقف التنقل بين البلدين واعتبار أي علاقة بين مواطني البلدين مؤشراً على خيانة مع الجانب الآخر، رغم وجود العديد من الأسر التي تصاهرت من الطرفين ووجود الأبناء والأحفاد الذين انقطعت بهم السبل خلال الفترة الممتدة من الغزو العراقي للكويت لحين سقوط النظام البعثي في بغداد، وكذلك تأثرت ممتلكات المواطنين الكويتيين في أرجاء مختلفة من جنوب العراق عامة والبصرة والفاو والزبير خاصة التي صادرها النظام السابق من دون وجه حق.

ساهمت أجهزة الإعلام المختلفة في العراق والكويت في تأزم الأمور بين البلدين من دون وجه حق

واقع العلاقات العراقية-الكويتية بعد سقوط النظام البعثي في بغداد :

برزت بعد سقوط النظام العراقي في إبريل 2003 عدة جوانب للعراق الجديد الذي يحاول الرجوع بقوة لأخذ مكانه في العالم كدولة ذات أبعاد اقليمية مؤثرة بإمكانيات كبيرة لا محدودة يدعمها تاريخ وإرث حضاري لا حدود له يمتد إلى آلاف السنين، وتكمن التحديات للعراق الجديد في الفترة الانتقالية التي يحتاج إليها للعبور إلى المستقبل بعد ماضٍ مثقل بالجراح نتيجة الحكومات الدكتاتورية والحروب المتكررة وانهيار البنية التحتية وتشتت الموارد الطبيعية والبشرية وفقدان الدور الإقليمي، حيث فرضت الأوضاع ذات الإيقاع السريع نفسها على الدول المجاورة للعراق، بالرغم من الانتصار العسكري الأمريكي السهل الذي أسقط نظام صدام حسين بخطة عسكرية مبهرة أدهشت العالم، لم تواكبها خطة محكمة كقوة احتلال تؤدي التزاماتها ومسؤولياتها تجاه الشعب العراقي، واتسم أداء قوات التحالف بعد سقوط بغداد بقدر كبير من التخبط والارتباك بقرارات متسرعة وغير مدروسة أغرقت العراق في حالة من الفوضى والفراغ الأمني والمؤسسي رغم النصائح التي قدمتها العديد من الدول ومؤسسات الدراسات الاستراتيجية للولايات المتحدة الأمريكية قبل بداية الحرب.

لقد كان للقرار الاستراتيجي الذي اتخذته الكويت في إسناد قوات التحالف وفتح أراضيها أمام حرب تحرير العراق والمساهمة بصفة رئيسية في إسقاط نظام صدام حسين أبعاد تاريخية ساهمت في بيان أهمية الكويت كشريك في النظام العالمي الجديد، وعلى الرغم من استمرار بعض دول الجوار للعراق في دعم العنف لأسباب مختلفة إلا أننا في الكويت متفقون على أن الفوضى الشاملة هناك ليست من مصلحتنا، واستمرار التوتر الأمني خاصة في الأجزاء الجنوبية من العراق القريبة من حدودنا لا يخدم أمننا الوطني ككل.

ونحن معنيون بشكل أو بآخر بمستقبل العراق، واستقرار العراق يصب في مصلحتنا الوطنية، وسيساهم بتحسين البلدين، والحكومة الكويتية كانت ولا تزال تساند العراق الجديد بكافة الطرق وتدعم جميع إجراءات بناء الثقة بين البلدين القائمة على حسن الجوار والاحترام المتبادل والتعاون المشترك، وتبادل المصالح وتحقيق الصالح الوطني للبلدين خاصة بعد انحسار التهديد العراقي وإمكانية الاستقرار السياسي في العراق.

لقد قامت الكويت منذ بداية النظام الجديد في العراق بالدعوة إلى إغلاق الملفات العالقة بين الطرفين ودعمت استقرار العراق بعيداً عن تدخل بعض الأطراف الإقليمية وطلبت من بعض الدول المجاورة للعراق وقف العبث بالأمن العراقي ورفض تقسيم العراق والبدء مباشرة بالعودة إلى الأوضاع الطبيعية، وكبادرة حسن نية بعد سقوط النظام البعثي مباشرة فتحت أنبوب المياه العذبة والإمدادات الإنسانية إلى المواطنين العراقيين في ميناء أم قصر وبعض الأجزاء الجنوبية من مدينة البصرة وفتحت معبر العبدلي الحدودي وبدأت في إصدار التأشيرات للمواطنين العراقين الذين يرغبون في زيارة الكويت أو استخدام الكويت كمنطقة عبور إلى الخارج ووافقت على البدء في تنقل الطائرات من وإلى مطار البصرة وبغداد، كما استضافت عدة مؤتمرات لبحث العلاقة بين الطرفين، وطالبت النظام الجديد في العراق بإبداء النية الحسنه من جانبه في تحديد مصير أكثر من 650 مواطن كويتي مدني من الأبرياء الذين اختفت آثارهم نتيجة اختطافهم من قبل النظام الصدامي أثناء الغزو العراقي للكويت وحرب تحرير الكويت وكذلك المطالبة بإعادة أرشيف الدولة الرسمي وصيانة العلامات الحدودية بين البلدين والبدء في مناقشة العلاقات الاقتصادية لأجل تطوير البنية التحتية الاقتصادية العراقية وإمكانية استفادة الكويت من استيراد الغاز العراقي ومناقشة وحسم ملف التعويضات لحسم البند السابع من قرارات الأمم المتحدة لتسهيل وإعادة تأهيل العراق للمجتمع الدولي، وعلى الرغم من ذلك فقد بقيت بعض الملفات ترواح في محلها نتيجة اختلاف وجهات النظر بين الحكومتين الكويتية والعراقية، فمن جانب كانت الكويت تصر على إغلاق الملف الإنساني الخاص بالمفقودين بشكل نهائي بينما كان الجانب العراقي يتحجج إما بالأوضاع الأمنية تارة أو لعدم وجود معلومات مفصلة أو لاختلاط الأشلاء مع المفقودين العراقين في المقابر الجماعية، أما فيما يخص صيانة العلامات الحدودية فلقد كان الجانب العراقي يتلكأ من دون إعطاء الأسباب في صيانة تلك العلامات الحدودية التي قامت الأمم المتحدة بتحديدها بموافقة الطرفين، وبالنسبة لملف التعويضات فقد كان هذا الملف أحد أسباب التوتر بين الحين والآخر بين الطرفين، لإصرار العراق إما على إلغائه أو تخفيضه، وإصرار الكويت على إكماله لتعويض المواطنين والدولة عن الخسائر الباهظة التي تحملوها بسبب الغزو العراقي، وقد ساهمت أجهزة الإعلام المختلفة سواء المرئية أو المقروءة أو المسموعة في البلدين في إشعال معارك إعلامية مختلفة بين الطرفين نتيجة بث المعلومات غير الدقيقة والبحث في القضايا الشائكة وإشعال معارك كلامية بين الشعبين مما أدى في أحيان كثيرة إلى تأزم الأمور بين البلدين من دون وجه حق، ولكن من الواضح وجود جهات مختلفة في العراق من بقايا النظام السابق لا تريد للعلاقات مع الكويت أن تتطور إما بافتعال معارك وأزمات لأجل تنفيذ أجندات دولة مجاورة أو لتصدير مشاكل داخلية للإلهاء، ونحن في الكويت كما بينت الجهات الرسمية في عدة مناسبات بأننا مهتمون للغاية باستقرار العراق وخاصة مدينة البصرة لكونها أقرب تجمع سكاني لنا وهي المدينة الرئيسية الثانية في العراق وهناك علاقات متينة سابقة تربط الكويت والبصرة على مدى العقود الماضية، أما فيما يخص المجالس التشريعية في البلدين فمن المؤسف أن بعض أعضاء تلك المجالس يقومون أحياناً بدور سلبي في مسألة تطوير العلاقات الثنائية إما بالتصريحات النارية غير المسؤولة أو بافتعال معارك وهمية بين الجانبين والتي تقوم كذلك بعض وسائل الإعلام خاصة القنوات الفضائية المحسوبة على بعض الجهات الإقليمية في شحن الموقف ضد الأطراف المختلفة في البلدين.

الكويت ترى أن استقرار العراق يصب في مصلحتها وبأن استمرار التوتر فيه لا يخدم أمنها الوطني

قضية ميناء مبارك وميناء الفاو:

الإعداد لبناء ميناء مبارك كان مخططاً له منذ عدة سنوات ضمن مشروع مدينة الحرير الضخم ليكون معبراً لكافة أنواع التجارة البينية بين الكويت وبلدان الخليج والعراق وتركيا وفكرة بناء الميناء أساساً كانت لخدمة العراق والكويت لكن بعض الجهات في العراق صموا الآذان ورفضوا استيعاب مثل هذه الحقيقة، علماً بأنه باعتراف وزير الخارجية العراقي السيد زيباري بتصريحة الرسمي في بغداد بتاريخ 5 سبتمبر 2011 بأن التقرير الفني بخصوص ميناء مبارك الكبير قد بدد مخاوف العراق ويرى أن الموافقة سياسية ولسيت أمنية، حيث كان من ضمن مراحل بناء ميناء مبارك الكبير إعداده وربطه بالجنوب العراقي بخطوط سكك حديدية، علماً بأن الميناء يقع داخل حدود الكويت الدولية ولا يؤثر على سير الملاحة في خور عبدالله (الممر المائي الذي يفصل بين البلدين والذي وافقت الكويت على مرور كافة السفن والبواخر المتجهه من وإلى العراق من خلاله داخل المياه الإقليمية الكويتية، كما ألغت المرحلة الرابعة من الميناء وهي التي تتطلب بناء 60 مرسى، بناء على طلب العراق) أما فيما يخص تفكير العراق لبناء ميناء الفاو لدعم ميناء أم قصر فأنا أعتقد بعدم تضارب ذلك الميناء مع ميناء مبارك إلا أن حالة الفساد المستشرية داخل العراق والتي بينت ولا تزال تبين للمراقبين عدم إمكانية بناء أي مشروع منذ سقوط النظام السابق بسبب اختفاء مئات الملايين من الدولارات المخصصة للمشاريع المختلفة وإعادة بناء البنية التحيتة توحي لنا باستحالة بناء هذا الميناء في ظل حالات الفساد والصراع السياسي وعدم الاستقرار الأمني والنفوذ الذي تمارسة إحدى الدول غير العربية المجاورة للعراق لاستمرار الفوضى وعدم الوصول إلى استراتيجية هادفة لبناء العراق الجديد بعد سقوط النظام السابق، وحتى لو فرضنا جدلاً بإمكانية العراق بناء ميناء الفاو فإن ذلك قد يستغرق وقتاً قد يمتد إلى عقدين وهي الفترة التي يمكن للعراق الاستفادة فيها من التسهيلات المقدمة من الكويت عبر استخدام ميناء مبارك.

أدى الغزو الصدامي للكويت إلى نتائج كارثية على مسيرة العلاقات الكويتية-العراقية

كيف يمكن تطوير العلاقات الكويتية العراقية؟

بعيداً عن المعارك الإعلامية ولغة التهديد وتضارب المصالح أعتقد بأن العلاقة الكويتية العراقية يمكن أن تتحسن بسهولة ويسر إذا توفر للطرفين إمكانية الحوار العقلاني والابتعاد عن التصريحات، وتفضيل إرساء أسس المصلحة العامة، ويمكن أن نقترح خريطة طريق لتحسين وتطوير العلاقات الكويتية-العراقية كالتالي:

1- إنهاء ملف المفقودين الكويتيين بصفة نهائية عبر توفير كافة المعلومات لغلق هذا الملف الإنساني نظراً لحساسيته للكثير من العائلات الكويتية.

2- الانتهاء من صيانة العلامات الحدودية البرية من قبل العراق.

3- البدء في تطبيق منظور المنطقة الاقتصادية المشتركة بين الكويت والعراق، حيث ستشكل المشاريع المنبثقة من هذا المشروع فورة اقتصادية كبيرة ستنعكس إيجاباً على الطرفين.

4- إنهاء قضايا الأمن البيئي سواء في خور عبدالله عبر مساهمة الكويت في تنظيف الممر المائي المشترك من بقايا حطام السفن، أو في قيام العراق بتنظيف شط العرب لتفادي استمرار تلويث شمال الخليج.

5- ستشكل السياحة الدينية والسياحة العادية في أماكن مختلفة من العراق خاصة في المدن مثل البصرة والنجف وكربلاء وكردستان العراق باباً جديداً لتدفق رؤوس الأموال الكويتية عبر الاستثمار الحكومي أو الخاص، كما ستشكل فرصة للعراق لتطوير منشآته السياحة والعادية.

6- يمكن للجانبين دراسة استخدام الحقول النفطية الحدودية المشتركة بطريقة مفيدة للطرفين.

7- سيخلق التحالف المحتمل في قطاع البتروكيماويات فرصة للعراق للاستفادة من الخبرات الكويتية الطويلة في هذا المجال وسيساهم في خلق فرص عمل للجانبين، كما سيؤدي إلى شراكة استراتيجية على المدى الطويل.

8- دراسة استيراد الغاز الطبيعي من العراق إلى الكويت وخصم التكاليف من الأصول المتبقية من التعويضات المستحقة على العراق.

9- قيام الجانب العراقي بإرجاع كافة الممتلكات الكويتية التي سلبها النظام البعثي السابق.

10- دراسة الجانب الكويتي تخفيض جزء من التعويضات المتبقية ومساعدة العراق إذا أتم كافة متطلبات قرارات الأمم المتحدة المتبقية للخروج من البند السابع، وذلك بهدف تأهيل العراق.

11- وقف الحملات الإعلامية بين الطرفين والعمل على قيام المشرعين في المجالس المنتخبة في البلدين على احتواء وحل المشاكل المعلقة بين البلدين، بدلاً من زيادة الاحتقان بالتصريحات غير المسؤولة، والأصوات النشاز وترك قضايا النقاش للسلطات التنفيذية في البلدين لتفادي التصعيد الحالي الذي لا يصب في مصلحة البلدين.

12- بناء الثقة بين الطرفين عبر إجراء ورش عمل تشارك فيها كافة الأطياف في البلدين للوصول إلى استراتيجية دائمة لوقف الصدام والتأزم المستمر بين البلدين.

13- إعطاء ضمانات من العراق إلى الكويت بإمكانية استثمار رؤوس الأموال الكويتية في العراق لتطوير البنية التحتية كجزء من الخصم أو التخفيض المتوقع من التعويضات العراقية المقررة للكويت.

مقالات لنفس الكاتب