array(1) { [0]=> object(stdClass)#13490 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

العدد 153

تحسن العلاقات الاقتصادية الأمريكية ـ الصينية في صالح دول الخليج ويزيد حجم الشراكة

الثلاثاء، 01 أيلول/سبتمبر 2020

يشير مشهد العلاقات الاقتصادية الخليجية مع دول العالم، إلى أنها كانت تميل إلى الشراكة الاقتصادية مع الولايات المتحدة حتى نهاية القرن العشرين، وذلك بحكم دخول الشركات الأمريكية النفطية للاستثمار في قطاع النفط من خلال الاتفاقيات الموقعة التي استفاد منها الطرفان في استثمار موارد النفط التي تشكل عصب اقتصادات دول الخليج، غير أن هذا الحال تغير مع صعود الاقتصاد الصيني مع أواخر تسعينات القرن الماضي، حيث باتت الصين تعتمد على النفط والغاز القادم من دول الخليج في مختلف الأنشطة الصناعية والطاقة والنقل، علاوة على تزايد واردات الدول الخليجية من السلع الصينية الرخيصة التي بدأت تغزو العالم بما في ذلك الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي، الأمر أحدث تحولات كبيرة في بنية العلاقات الاقتصادية لدول الخليج مع قطبي الاقتصاد العالمي الولايات المتحدة والصين، وانعكس ذلك على مؤشرات التبادل التجاري، علاوة على تدفقات الاستثمارات الأجنبية المباشرة. في هذا المقال سنبحث الأطار المؤسسي للعلاقات الاقتصادية الخليجية الأمريكية ومسارها المستقبلي في ظل العلاقات التقليدية الخليجية الأمريكية.

أولاً-الإطار المؤسسي للعلاقات الاقتصادية الخليجية مع الولايات المتحدة والصين

    كان الإطار الذي ينظم العلاقات الاقتصادية بين دول مجلس التعاون الخليجي وكل من الولايات المتحدة والصين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن العشرين يتم وفق أطر ثنائية للتعاون الاقتصادي، حيث وقعت دول المجلس اتفاقيات للتعاون الاقتصادي والمالي مع كل من الصين والولايات المتحدة. أما الترتيبات الجماعية لتنظيم العلاقات الاقتصادية الخليجية ــ الأمريكية والصينية، فقد بدأ مع مطلع الألفية الجديدة. وذلك في إطار الأهداف الرئيسة لمجلس التعاون في تحقيق التنسيق والتكامل والترابط بين دوله في الميادين كافة، بما في ذلك تنسيق سياساتها وعلاقاتها التجارية تجاه الدول الأخرى والتجمعات الاقتصادية الإقليمية والدولية، لتقوية مواقفها التفاوضية وقدرتها التنافسية في الأسواق العالمية كما جاء في الاتفاقية الاقتصادية بين دول مجلس التعاون.

     وتجدر الإشارة إلى أن الاتفاقية الاقتصادية بين دول المجلس لكي تصل إلى هذا الهدف، حددت جملة من الوسائل من بينها عقد الاتفاقيات الجماعية في الحالات التي تحقق منافع مشتركة للدول الأعضاء والعمل على خلق قوة تفاوضية جماعية لدعم مركز دول المجلس التفاوضي مع الأطراف الأجنبية في مجال استيراد وتصدير منتجاتها الرئيسة، ولتحقيق ذلك:

 

  • أقر المجلس الوزاري في دورته الحادية عشر (يونيو 1984م) مبدأ الدخول في مفاوضات مباشرة بين دول المجلس كمجموعة وبين الدول والمجموعات الاقتصادية الدولية، ابتداء بالجماعة الأوروبية واليابان ثم الولايات المتحدة، كما قرر تشكيل فريق تفاوضي مع الدول الأعضاء، يترأسه المنسق العام للمفاوضات، بهدف مساعدة الأمانة العامة في اتصالاتها مع الدول والمجموعات الاقتصادية نيابة عن دول المجلس.
  • فوض المجلس الأعلى في دورته السابعة (نوفمبر 1986م)، المجلس الوزاري باعتماد أهداف وسياسات التعاون مع الدول والمجموعات الاقتصادية الدولية.

    وفي ظل المسار العالمي نحو إقامة التكتلات الاقتصادية، وتصاعد قوة العولمة وما تضمنته من تحرير للتجارة الدولية والاستثمار، بات مطلوبًا من دول مجلس التعاون أن تتبنى استراتيجية موحدة لعلاقاتها مع الدول والمجموعات والمنظمات الاقتصادية الدولية والإقليمية، مرتكزة في التعامل مع تلك المستجدات بصورة جماعية. لذا وافق المجلس الأعلى في دورته الحادية والعشرين (ديسمبر 2000م) على الاستراتيجية طويلة المدى لعلاقات ومفاوضات دول المجلس مع الدول والتكتلات الإقليمية والمنظمات الدولية.

   واستنادًا لهذه المنطلقات بدأت دول المجلس التفاوض مع كل من الولايات المتحدة و الصين بهدف إيجاد الوسائل لتطوير العلاقات الاقتصادية والتجارية معها. وفيما يلي استعراض لما تم إنجازه في إطار العمل الجماعي التفاوضي بين الطرفين خلال الفترة (2000-2015م) وفق الآتي:

  • العلاقات الاقتصادية مع الولايات المتحدة

السنة

الإجراء

2000

وافق المجلس الأعلى لمجلس التعاون في دورته (21) على الاستراتيجية طويلة المدى لعلاقات ومفاوضات دول مجلس التعاون مع الدول والتكتلات الإقليمية والمنظمات الدولية.

2012

تأسيس منتدى التعاون الاستراتيجي بين مجلس التعاون والولايات المتحدة.

2012

التوقيع على الاتفاقية الإطارية للتعاون التجاري والاقتصادي والاستثماري والفني بين مجلس التعاون والولايات المتحدة.

2013

عقد منتدى الحوار الخليجي الأمريكي للتجارة والاستثمار بالرياض الذي نوقش فيه مواضيع تعزيز التبادل التجاري والتعاون الخليجي الأمريكي في إطار منظمة التجارة العالمية.

2014

عقد منتدى الحوار الخليجي الأمريكي للتجارة والاستثمار الثاني بواشنطن

2015

عقد منتدى الحوار الخليجي الأمريكي الثالث بالدوحة.

المصدر: الأمانة العامة لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، المسيرة والإنجاز، الطبعة الحادية عشر 2017م.

2) العلاقات الاقتصادية مع الصين

في إطار تعزيز العلاقات الاقتصادية بين دول مجلس التعاون الخليجي والصين شهد العقدان المنصرمان جملة من اللقاءات والاجتماعات بين الطرفين لتحقيق هذا الهدف تمثلت بالآتي:

السنة

الإجراء

2001

عقد اجتماع بين وفد دول مجلس التعاون مع وفد من الصين بنيويورك في 14 نوفمبر 2001م، على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة تم فيه استعراض عدد من المواضيع ذات الاهتمام المشترك، والتأكيد على عمق العلاقات بين الجانبين، وضرورة تطوير هذه العلاقات وزيادة التبادل التجاري والاستثماري بين الجانبين.

2003

وافق المجلس الوزاري لمجلس التعاون في دورته التاسعة والثمانين (ديسمبر 2003م) على الدخول في مفاوضات لإقامة منطقة تجارة حرة بين دول المجلس والصين.

2004

وقع الطرفان على الاتفاقية الإطارية للتعاون الاقتصادي والتجاري تضمنت اتفاقهما على الدخول في مفاوضات لإقامة منطقة تجارة حرة بينهما

2005

عقدت الجولة الأولى من المفاوضات بين الطرفين لإقامة منطقة تجارة حرة بينهما يومي 23-24 أبريل 2005م.

2006

وقع الطرفان اتفاقية للتجارة الحرة، ولكن هذه الاتفاقية اقتصرت على تحرير عدد من السلع المتبادلة بين الطرفين.

2009

سعت الصين إلى حماية بعض السلع التي تتميز بها دول مجلس التعاون، مثل صناعة البتروكيماويات.

2007-2016

عقد عدد من جولات المفاوضات والاجتماعات الفنية، كان آخرها الجولة السابعة من المفاوضات في 8-10 مايو 2016م.

المصدر: الأمانة العامة لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، المسيرة والإنجاز، الطبعة العاشرة، 2016م، ص 345

    وتأسيسًا على ما سبق نستطيع القول بأن دول مجلس التعاون قد تبنت سياسة الانفتاح على الجميع في تعزيز علاقاتها الاقتصادية، فلم تعطي الأولوية أو الأفضلية للولايات المتحدة على الصين، سواء في إقامة منطقة للتجارة الحرة بينهما أو فيما يتعلق بحجم الاستثمارات المتبادلة، وهذه تُعد سياسة في غاية الحكمة في عدم ربط اقتصادات مجلس التعاون مع اقتصاد وحيد يكرس من التبعية الاقتصادية التي لها تداعيات سلبية على مستقبل الاقتصادات الخليجية.

ثانيًا-ديناميكية العلاقات التجارية لدول مجلس التعاون الخليجي مع الولايات المتحدة والصين

     يشير المشهد أنّ التجارة الخارجية لدول مجلس التعاون الخليجي مع الولايات المتحدة والصين خلال العقود الثلاثة المنصرمة إلى حصول تطورات دراماتيكية في مسار معدلات التبادل التجاري، فخلال عقد التسعينات كانت معدّلات التبادلات التجارية الأمريكية الخليجية تفوق بشكل كبير التبادل التجاري الخليجي الصيني، حيث بلغ حجم التبادل التجاري الأمريكي الخليجي نحو (19.1) مليار دولار عام 1990م، بينما كان التبادل التجاري الخليجي الصيني بحدود (1.3) مليار دولار. ومع دخول الصين القوي لعملية التصنيع والتطوير والمشاركة في التجارة العالمية مع مطلع الألفية الجديدة، بدأ التفوق الأمريكي في تبادله التجاري مع دول الخليج ينخفض بصورة تدريجية، لينتهي مع الأزمة المالية العالمية عام 2008م، وبعد ذلك تفوقت الصين على الولايات المتحدة الأمريكية في تبادلها التجاري مع دول مجلس التعاون، حيث بلغ قرابة (91) مليار دولار عام 2010م، مقارنة بنحو (72) مليار دولار للولايات المتحدة، كما زاد معدّل تجارة الصين مع دول الخليج كثيرًا على تجارة الولايات المتحدة مع هذه الدول خلال العقد الأخير حتى وصل إلى قرابة (208) مليار دولار متخطيًا التبادل التجاري الخليجي الأمريكي بنحو( 117.7) مليار دولار أمريكي.

شكل (1) التبادل التجاري السلعي لدول مجلس التعاون الخليج مع الولايات المتحدة والصين (1990-2018م) مليار دولار

المصدر: من إعداد الباحث بالاعتماد على منظمة الخليج للاستشارات الصناعية، ملف الخليج الإحصائي

   يُستنتج من الشكل أعلاه أن حجم التبادل التجاري السلعي بين دول مجلس التعاون الخليجي والصين كبير جدًا، بسبب انخراط الأخيرة نحو التصنيع بسرعة بناءً على ترتيبات تجارية حرّة. وأن مستقبل العلاقات الخليجية الصينية الاقتصادية يتطور بمرور الوقت. أما بالنسبة لتدني حجم التجارة الأمريكية الخليجية خلال الفترة الأخيرة يعود لانخفاض صادرات نفط الخليج للولايات المتحدة نتيجة لزيادة إنتاج النفط في الأخيرة التي باتت اليوم تُعد أكبر منتج للنفط بالعالم، وتحولت من دولة مستوردة له إلى دولة مصدرة.

    وغني عن البيان، فإن التبادل التجاري الخليجي ــ الصيني لا يشكل الكتلة الأكبر في تجارة الصين الخارجية. فحجم التبادل التجاري الصيني مع الولايات المتحدة وحدها البالغ (660) مليار دولار يفوق نظيره مع دول مجلس التعاون مجتمعة (208) مليار دولار بأكثر من ثلاثة أضعاف. وفي عام 2018م، استقبلت الولايات المتحدة (19.2%) من إجمالي الصادرات الصينية، بقيمة 539.7 مليار دولار، بينما كانت واردات دول مجلس التعاون من السلع الصينية بنحو (75.2) مليار دولار.

    أما الشركاء التجاريون لإجمالي الصادرات السلعية الخليجية، فقد جاءت الصين بالمرتبة الأولى من بين أهم الشركاء التجاريين لمجلس التعاون من حيث إجمالي الصادرات السلعية، حيث شكلت ما نسبته (15.9%) من إجمالي الصادرات السلعية لمجلس التعاون إلى الأسواق العالمية في عام ،2018، بعد أن كانت تمثل أقل من (1%) في عام 1990م. كما جاءت الصين بالمرتبة الأولى بين أهم الشركاء التجاريين لدول مجلس التعاون في إجمالي الواردات السلعية لعام 2018م، حيث شكلت ما نسبته (17.6%) من قيمة إجمالي الواردات السلعية لدول المجلس من الأسواق العالمية لعام 2018، مقارنة مع (2.4%) عام 1990م.

جدول (1) الصادرات والواردات السلعية لدول المجلس من الولايات المتحدة والصين (1990-2018م) مليار دولار

السنة

الصادرات السلعية

الواردات السلعية

الولايات المتحدة

الصين

الولايات المتحدة

الصين

 

القيمة

النسبة

القيمة

النسبة

القيمة

النسبة

القيمة

النسبة

1990

12.4

14.1%

0.2

0.2%

6.2

12.9%

1.1

2.4%

1995

10.4

10.3%

1.3

1.2%

10.4

14.1%

2.1

2.9%

2000

17.4

10.6%

5.9

3.6%

9.8

12.4%

3.8

4.9%

2005

33.1

9.9%

18.7

5.6%

22.4

10.4%

15.6

7.3%

2010

37.4

7.1%

51.3

9.8%

34.7

9.9%

39.7

11.4%

2012

69.3

7.4%

96.9

13.4%

54.8

11.3%

65.1

13.4%

2014

40.0

3.4

110.0

12.8%

36.5

11.7

70.0

14.9%

2016

30.1

6.5%

54.4

12.5%

55.7

12.3%

74.7

12.1%

2018

38.0

5.8%

150.7

15.1%

52.0

11.7%

56.9

17.6%

المصدر: منظمة الخليج للاستشارات الصناعية، ملف الخليج الإحصائي، سنوات مختلفة

    أما فيما يتعلق بحجم الشراكة الصينية والأمريكية مع دول مجلس التعاون بشكل قطري، فيلاحظ بأن السعودية هي أكبر شريك تجاري مع الولايات المتحدة، حيث مثلت شراكتها ما نسبته (48.3%) من إجمالي حجم التبادل التجاري الخليجي الأمريكي. وجاءت الإمارات بالمرتبة الثانية (31.9%)، تليها قطر (8.1%)، فالكويت (5.7%)، ثم عمان (2.8%)، فالبحرين (2.2%). واحتلت الإمارات المرتبة الأولى كأكبر شريك تجاري للصين (40.7%)، تليها السعودية (31%)، ثم عمان (10.2%)، فالكويت (9.2%) ثم قطر (7.1%)، والبحرين (1.8%).

   أما بالنسبة للشراكة التجارية بالنسبة للصادرات السلعية فاستحوذت السعودية على (67.2%) من إجمالي الصادرات الخليجية مع الولايات المتحدة، تليها الإمارات (20.7%)، فالكويت (5.3%)، ثم قطر (2.9%)، تليها البحرين (2.2%). بينما كانت الإمارات أكبر مستورد من الصين بنسبة (40.0%)، ثم السعودية (36.2%)، تليها قطر (11.8%)، فالكويت (6.0%)، ثم عمان (3.7%)، فالبحرين (2.3%).

جدول (2) التوزيع النسبي للشراكة التجارية لدول مجلس التعاون مع الولايات المتحدة والصين لعام 2018م.

الدولة

الشراكة التجارية لدول مجلس التعاون مع أمريكا

الشراكة التجارية لدول مجلس التعاون مع الصين

التبادل التجاري

الصادرات

الواردات

التبادل التجاري

الصادرات

الواردات

السعودية

49.3%

67.2%

36.2%

31.0%

38.6%

24.8%

الإمارات

31.9%

20.7%

40.0%

40.7%

19.2%

58.3%

قطر

8.1%

2.9%

11.8%

7.1%

10.8%

4.1%

الكويت

5.7%

5.3%

6.0%

9.2%

12.3%

6.6%

عمان

2.8%

1.7%

3.7%

10.2%

17.6%

4.2%

البحرين

2.2%

2.2%

2.3%

1.8%

1.6%

2.0%

المصدر: المركز الإحصائي لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، التبادل التجاري السلعي بين دول مجلس التعاون الخليج العربية وجمهورية الصين والولايات المتحدة. ديسمبر، 2019

ثالثًا-العلاقات الاقتصادية الخليجية مع الولايات المتحدة والصين في ظل الحرب التجارية الأمريكية ـــ الصينية:

   بالرغم من طلب الولايات المتحدة من الصين إجراء تغيرات في نظامها الاقتصادي وسياستها التصنيعية، كأن تقوم الصين برفع الدعم على الصادرات، ورفع قيمة عملتها، وتزويد الشركات الأجنبية العاملة فيها بالتكنولوجيا الصينية، غير أن الصين لم تستجب للطلب الأمريكي، مما حدا بالولايات المتحدة إلى فرض رسوم على السلع المستوردة من الصين التي قابلتها بالمثل بفرض رسوم على المنتجات الأمريكية. ويقينًا فإن الحرب التجارية الأمريكية قد ساهمت في انخفاض حجم النمو في التجارة العالمية الذي أثر بدوره على النمو في الاقتصاد العالمي الذي بدأ نموه في التراجع، وقاد ذلك على انخفاض الطلب على النفط الذي يشكل ركيزة أساسية في التعامل الاقتصادي الخليجي ــ الصيني، حيث تزود دول الخليج الصين بقرابة (30%) من احتياجاتها من النفط الخام. ووفقًا لتقرير أفاق الاقتصاد العربي، فإن تأثير الحرب التجارية على الاقتصادات الخليجية يعتبر محدودًا، خاصة مع اتفاق دول "الأوبك" والمنتجين الأساسيين خارج المنظمة على تمديد اتفاق خفض الإنتاج بنحو (1.2) مليون برميل مع بداية ٢٠١٩م، الذي جنب دول مجلس التعاون خسائر كبيرة كانت مرتقبة لو حدث انخفاض حاد في أسعار النفط بسبب انخفاض الطلب في وجود عرض كبير.

    وتجدر الإشارة إلى أنه لا يوجد تغير جوهري في مسار العلاقات التعاونية الخليجية ـ الأمريكية/ الصينية، حيث تستمر علاقة دول الخليج بذات الوتيرة وبشكل محايد متجاوزين الاصطفاف مع أحد الجانبين، رغم التأثير المحدود للحرب التجارية على الاقتصاد الخليجي. غير أن مقارنة سريعة من خلال بعض المؤشرات الاقتصادية تعطينا تصورًا  بأن على دول الخليج أن تعطي التعاون الاقتصادي مع الصين الأولوية، لكن ذلك غير صحيح، فالعلاقات الاقتصادية الخليجية الأمريكية لها أهميتها بالنسبة لدول الخليج أيضًا لاسيما في ظل تصاعد حجم الاستثمارات الخليجية في الولايات المتحدة التي تقدر بمئات المليارات، علاوة على الاستثمارات الأمريكية في دول الخليج، كما أن طبيعة العلاقات الدولية الحالية لا تتيح لأي جهة من المفاضلة بين أحد طرفي الحرب التجارية، لأن الخسائر تشمل الجميع، حيث أن النظام الاقتصادي العالمي الحالي تحكمه آلية الاعتماد المتبادل فلا يمكن دعم قوة دولية بصورة كاملة ضد أخرى.

    وبالرغم من أن تأثير الحرب التجارية الصينية ــ الأمريكية محدودًا بالنسبة لدول الخليج العربي خلال عامي 2018و2019م، بسبب الانخفاض الموازي لأسعار السلع الصينية مع انخفاض سعر صرف "اليوان الصيني"، بيد أن تفشي فايروس كورونا ستكون له تداعيات سلبية أكبر خلال عامي 2020و2021م، على العلاقات الاقتصادية الخليجية الصينية بسبب انخفاض واردات الصين من نفط الخليج، وتدهور أسعاره التي ستخفض من العوائد المالية للمنطقة بنحو (270) مليار دولار، الأمر الذي سيقلل من وتيرة التبادل التجاري الخليجي الصيني.

رابعًا-مستقبل العلاقات الاقتصادية الخليجية الأمريكية / الصينية

    يرتبط مستقبل العلاقات الاقتصادية لدول مجلس التعاون مع كل من الولايات المتحدة والصين إلى حد كبير بوجود مصالح استراتيجية وقواسم مشتركة تحدد مسارات التعاون الاقتصادي في مجالي التجارة والاستثمار، حيث يتمحور مستقبل للعلاقات الاقتصادية الخليجية الصينية حول مسألتين أساسيتين هما:

 1) الطاقة:

  تُعد دول الخليج، بالنسبة للصين مصدرًا رئيسيًا من مصادر الحصول على الطاقة، وهناك تعاون كبير في هذا المجال بينهما، حيث تعد الصين ثاني أكبر مستهلك للطاقة في العالم، وتستورد أكثر من ثلث استيراداتها النفطية من منطقة الخليج، ودول الخليج العربية حاليًا هي أكبر مصدر للنفط إلى الصين. ومن المتوقع أن تكون الصين بحلول سنة 2030م، أكبر سوق للصادرات النفطية الخليجية، متجاوزة الولايات المتحدة التي ازدادت قدراتها على تحقيق الاكتفاء الذاتي من حاجتها لإمدادات الطاقة. كما أن دول الخليج العربي باتت تنظر إلى الصين كسوق ضخمة ليس فقط لصادراتها من النفط الخام، وإنما أيضًا للمنتجات البتروكيماوية والصناعات المعدنية، وهما القطاعان اللذان تتوسع دول المجلس فيهما بشكل كبير؛ في ظل استراتيجية طويلة المدى لتنويع مواردها.

2) مبادرة الحزام والطريق:

   مبادرة الحزام والطريق، هي استراتيجية تنمية عالمية تتبناها الحكومة الصينية وتتضمن تطوير البنية التحتية والاستثمارات في 152 دولة ومنظمة دولية في جميع أنحاء العالم، وبحجم استثمارات يتخطى تريليون دولار. وتعد هذه المبادرة إضافة مهمة لخطط التنويع الاقتصادي الخليجية، وأيضًا فرصة لتعدد شركاء الخليج الاقتصاديين الهادف إلى التخلص من التقيد بشركاء محددين لتجنب إضعاف الاقتصاد الخليجي إذا ما حصل اختلاف مع أحد الشركاء. ويتوافق مشروع "الحزام والطريق" مع الرؤى المستقبلية لدول الخليج، ولذلك شاركت أربعة دول خليجية في تأسيس "البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية هي الإمارات، السعودية، قطر، وعمان، كما وقعت الصين وثائق للتعاون في إطار المبادرة مع كل من السعودية والكويت وقطر وعمان، حيث سيشكل الممر الاقتصادي الذي يربط بين الصين وباكستان ممرًا رئيسيًا لدول مجلس التعاون، لأن ميناء غوادر يمكن أن يسرع من تجارة النفط والغاز مع الصين. وقد ارتفعت صادرات عُمان بعد انضمامها للمبادرة بنسبة (7%). ويتوقع أن تشهد الصين والسعودية زيادة في القيمة المضافة لصادراتهما لاسيما وأن حجم التبادل التجاري بينهما كبير.

     أما بالنسبة للعلاقات الاقتصادية لدول الخليج العربي مع الولايات المتحدة، فقد تأثرت بشكل كبير، بالتغيير في مسار الاستراتيجية التجارية الأمريكية والتي تقضي بزيادة الصادرات الأمريكية وتقليص الواردات لاسيما من الطاقة وتحقيق الاكتفاء الذاتي، فمنذ إعلان الولايات المتحدة عن تعزيز قدراتها الإنتاجية من النفط والاعتماد على النفط الصخري والتوجه لتصدير النفط تراجعت واردات أمريكا النفطية من دول الخليج بشكل كبير منذ 2008م، في المقابل عززت صادراتها إلى الأسواق الخليجية مستفيدة من اتفاقيات تفاضلية وتوسع السوق الاستهلاكية الخليجية، علاوة على إبرام صفات تسلح ضخمة.

     وفي الختام نقول بأن التعاون والشراكة الاقتصادية لا تعني التبعية والولاء، فإذا كانت هناك مشكلات اقتصادية بين الولايات المتحدة والصين، فإن الدول الخليجية ليست لديها مصالح في تبني قضايا أحد الطرفين، وتسعى لتحقيق مصالحها في جو يتسم بالتعاون الاستراتيجي، حيث أن التحسن في العلاقات الاقتصادية الأمريكية ـ الصينية سينعكس بشكل إيجابي على دول الخليج بإخراج النظام الاقتصادي العالمي من حالة الانكماش التي يعيشه في ظل تفشي فايروس كورونا، الأمر الذي سيزيد من حجم الشراكة الاقتصادية الخليجية الأمريكية/ الصينية.

مقالات لنفس الكاتب