array(1) { [0]=> object(stdClass)#12962 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

العدد 153

بناء نمط للتعاون الصيني العربي في مجال الطاقة وشراكة نحو الاقتصادات المتكاملة

الثلاثاء، 01 أيلول/سبتمبر 2020

شهدت الأطراف الشرقية والغربية من قارة آسيا تاريخًا طويلاً من العلاقات الودية بين الصين ومنطقة الخليج. وفي الألفية الثالثة، تطورت العلاقات الصينية-الخليجية التي تقوم على الاحترام المتبادل والتعاون المربح للطرفين بسرعة مذهلة، حيث يتشارك الطرفان في التعاون في مجال الطاقة. وقد بذلا جهودًا مشتركة لتعزيز نموذج التعاون في مجالي النفط والغاز، وكذلك التعاون الثنائي بالتناوب في الغاز والنفط والطاقة الجديدة. ويعمل الطرفان على تعميق التعاون في سلسة الصناعة بأكملها من حيث اكتشاف النفط والغاز، والتعدين والتكرير والتخزين والنقل. وتواصل الصين زيادة استثماراتها في التكنولوجيا في دول الخليج. ويسعى الجانبان بشكل مشترك إلى بناء نمط للتعاون الصيني العربي في مجال الطاقة، والذي يتضمن استخراج النفط والغاز، ومتابعة أخر تطورات الطاقة النووية، والتعجيل باستخدام الطاقة النظيفة. وبناء على ذلك، كون الطرفان مجتمعًا للطاقة يتشاطران فيه نفس المستقبل، والمقدرة على الاستجابة لوباء كوفيد-19.

1-علاقات الطاقة بين الصين ودول الخليج

إن دول الخليج غنية بموارد النفط والغاز، فاحتياطاتها من النفط والغاز هي الأكبر في العالم. وتعد صناعة البترول وصناعة البتروكيماويات هي المنتجات الرئيسية لدول الخليج. وفي المقابل، فإن صناعاتهم الخفيفة والثقيلة لا تزال غير متطورة، فهم يستوردون الآلات الزراعية والمعدات الصناعية ومواد البناء من دول أخرى لتعزيز البناء الاقتصادي. ومع النمو الاقتصادي المطرد والتطور السريع للصناعة التحويلية في الصين، بات الطلب على الأسواق والموارد الخارجية أكثر إلحاحًا، حيث أصبحت الصين أكبر مستهلك للطاقة في العالم وأكبر مستورد للنفط، وهو ما يعني تقديم سوقًا تصديريًا ضخمًا لمنتجات النفط والبتروكيماويات القادمة من دول مجلس التعاون الخليجي. ولذلك، وقعت الصين اتفاقيات وعقود طويلة الأجل مع السعودية وسلطنة عمان واليمن وقطر والإمارات العربية المتحدة لشراء النفط الخام.

تتمتع الصين ودول الخليج باقتصاديات متكاملة للغاية، وهناك تاريخ طويل من التبادل الاقتصادي والتجاري بين البلدين، حيث حقق الطرفان نتائج مميزة في التعاون العملي، فدول مجلس التعاون الخليجي تصدر منتجات النفط والغاز الطبيعي إلى الصين. بينما تصدر الصين إلى دول الخليج المنتجات الميكانيكية والكهربائية ومنتجات المنسوجات. وتعد المملكة العربية السعودية هي أكبر شريك تجاري للصين في منطقة الخليج، وأحد أكبر موردي النفط الخام إلى بكين. وجاءت خمس دول خليجية: المملكة العربية السعودية والعراق وعمان والكويت والإمارات العربية المتحدة من بين أكبر عشرة مزودين للصين بالنفط الخام في عام 2017م، فقد بلغ إجمالي واردات الصين من النفط الخام من الدول الخمس ما يقرب من 148.4648 مليون طن، وهو ما يمثل حوالي 35.3٪ من إجمالي الواردات السنوية للصين من النفط الخام.

ومع تطور مبادرة الحزام والطريق، فقد حددت الصين بشكل كبير اتجاه التعاون الاقتصادي والتجاري في ظل خلفية مبادرة الحزام والطريق لتعزيز بناء نمط تعاون "1 + 2 + 3”، وهو نموذج للتعاون في مجال الطاقة باعتبارها المحور الرئيسي، ويركز على بناء البنية التحتية وتسهيل التجارة والاستثمار كجناحين، وتعتبر مجالات التكنولوجيا الفائقة الثلاثة للطاقة النووية والأقمار الصناعية والطاقة الجديدة بمثابة خطوات عملاقة على صعيد المعرفة أو التقنية.

2-التطورات الجديدة في التعاون بين دول الخليج والصين

ووفقًا لتوصيات المخطط "1+2+3"، تسعى الصين والدول العربية سعيًا حثيثًا إلى إرساء استراتيجيات التنمية لكلا الجانبين، وإفساح المجال بالكامل للاستفادة من مميزات وإمكانيات كل جانب. وقد نجحت الصين والدول العربية في تحقيق تقدم إيجابي في التعاون الاقتصادي والتجاري، والذي يتضمن بشكل أساسي مشروعات إنشاء البنية التحتية مثل بناء العقارات وتطوير الطاقة والنقل بالسكك الحديدية والاتصالات والموانئ وإنشاء محطات الطاقة، بالإضافة إلى مجالات الاستثمار المختلفة مثل التصنيع الصناعي والتمويل والطاقة الجديدة والتكنولوجيا الإلكترونية وما إلى ذلك.

ويعتبر عدد مشروعات البنية التحتية التي تنفذها شركات صينية في دول الخليج كبير للغاية، وتتضمن مجالات متعددة مثل النقل والمحافظة على المياه، والكهرباء. وينفذ هذه المشروعات في الأساس شركات صينية مملوكة للدولة، وخاصة في دول مثل المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والكويت. ومن أمثلة هذه المشروعات مشروع محطة ينبع لتحلية المياه المالحة وتوليد الطاقة الكهربائية المرحلة الثالثة، والشبكة الذكية في المملكة العربية السعودية؛ ومشروع إنشاء 32 جسر إركاب في المطارات الدولية في الإمارات العربية المتحدة، ومشروع إنشاء محطة حصيان للطاقة النظيفة، والتي تعمل بالفحم بقدرة 1200 ميجاوات؛ ومشروع طريق بلدية الكويت السريع، ومشروعات إعادة بناء الطريق الدائري، ومشروع الطريق والجسر RA / 259، ومشروع جنوب مطرة العقاري، ومشروع إنشاء 25 جسر إركاب بمطار البحرين الجديد، ومشروع إبيل وسوح  في سلطنة عمان، ومشروع إنشاء المحطة التجارية لميناء الدقم، ومشروعات إنشاء السكك الحديدية.

وقد وصلت الصين ودول الخليج إلى مراحل متقدمة للتعاون في مجال التكنولوجيا الفائقة، وحققت تقدمًا في مجال الطاقة النووية، والأقمار الصناعية الفضائية، والطاقة الجديدة. وعلاوة على ذلك، تتمتع الصين والدول العربية بآفاق واسعة للتعاون في الاستخدام السلمي للطاقة النووية. فمن ناحية، قدمت الدول العربية الأعضاء في جامعة الدول العربية خططًا لتطوير الطاقة النووية. ومن ناحية أخرى، تستطيع الصين تقديم دعم مالي وتقني قوي لتطوير الطاقة النووية في الدول العربية. وفي الوقت الحاضر، هناك تعاون بين الجانبين يُنفذ بشكل تدريجي بدءًا من مستوى الاتصال السياسي وصولاً إلى تنفيذ مشروعات محددة على نطاق واسع. وقد وقعت الصين على مذكرة تعاون مع المملكة العربية السعودية ودول أخرى، وأجرت بحوثًا وتدريبًا لصناع القرار في وكالات الطاقة النووية لدول جامعة الدول العربية.

ومع تكنولوجيا الفضاء المتقدمة، ونظام البحث العلمي المتكامل، والمرافق الصناعية المجهزة بالكامل، تسعى الصين إلى إقامة أشكال مختلفة من التعاون في مجال الفضاء مع جامعة الدول العربية. ففي مايو 2017م، عُقدت الدورة الأولى لمنتدى التعاون العربي الصيني لنظام "بيدو" في شنغهاي، وتم توقيع البيان النهائي للمنتدى. وهذا البيان وثيقة مهمة للتعاون الصيني العربي في مجال الملاحة عبر الأقمار الصناعية، ستعزز من التعاون في مجال الملاحة عبر الأقمار الصناعية بين الصين والدول العربية، وتدفع بنظام بيدو للدخول إلى دول الجامعة العربية، وتعزيز دور نظام بيدو في خدمة التنمية الاقتصادية والاجتماعية لتلك الدول.

وبالإضافة إلى ذلك، تتمتع الصين والدول الأعضاء في جامعة الدول العربية بإمكانات كبيرة للتعاون في مجال الطاقة الجديدة. ففي السنوات الأخيرة، عُقدت سلسلة من الاجتماعات رفيعة المستوى بين كبار المسؤولين في الصين والدول العربية لبحث التعاون في مجال الطاقة المتجددة، وعلى إثرها وقعت الصين مذكرات تعاون مع المملكة العربية السعودية والكويت.

وتواصل الصين توسيع استثماراتها في مجال التكنولوجيا في دول الخليج، حيث تم إنشاء عددًا من مراكز البحث والتطوير التكنولوجي. ففي يناير 2015م، اشتركت مقاطعة نينغشيا ووزارة العلوم والتكنولوجيا في إنشاء المركز الصيني العربي لنقل العلوم والتكنولوجيا (CASTTC)، والذي تتضمن مهامه بشكل رئيسي جمع المعلومات، حول الاحتياجات التكنولوجية لدول الجامعة العربية، وفرز تلك المعلومات ونشرها، وفتح محادثات حول الاحتياجات التكنولوجية للدول العربية، ومطابقة المعلومات بين الجانبين، وتنظيم التدفقات الحرة لقطاع التكنولوجيا في المعارض المشتركة، وتنظيم دورات تدريبية حول نقل التكنولوجيا بين الصين والدول العربية، فضلاً عن تعزيز التعاون التكنولوجي والاقتصادي والتجاري ذو الصلة، وإجراء البحوث المتعلقة بالتكنولوجيا، إلخ. وسيعمل المركز على تعزيز التعاون الصيني العربي في مجالات التكنولوجيا الفائقة، وتعزيز نقل وتصدير التكنولوجيا والمعدات في مجالات مثل السكك الحديدية الصينية عالية السرعة، والاتصال الفضائي، والطاقة النووية، والطاقة الجديدة، والزراعة بالطرق الحديثة. وعلى هذا الأساس، سيتم تنفيذ "برنامج الشراكة الصينية العربية للعلوم والتكنولوجيا" لتسهيل التواصل وتوجيه الصين والدول الأعضاء في الجامعة العربية إلى التعاون التكنولوجي ونقل التكنولوجيا، وتسهيل إنشاء مراكز فرعية ثنائية لنقل التكنولوجيا بين الصين والدول العربية، وفي أبريل 2015م، أنشأت شركة أرامكو السعودية مركزًا للبحث والتطوير في بكين؛ وهذا المركز مخصص للبحث والتطوير في التقنيات المتقدمة والبرمجيات المتعلقة بصناعة النفط والغاز، بما في ذلك المجالات البحثية الرئيسية الثلاثة: الجيوفيزياء والجيولوجيا وهندسة البترول. وفي يناير 2016م، وضع مركز الشرق الأوسط للبحث والتطوير التابع لشركة سينوبك حجر الأساس في وادي الظهران للتكنولوجيا بالمملكة العربية السعودية، حيث تم تخصيص المركز للتنقيب عن المعادن وتطوير تكنولوجيا التعدين، ومن المقرر أن يُقدم أبحاثًا في مجال التكرير والتكنولوجيا الكيميائية على المدى المتوسط ​​والطويل.

3-آفاق التعاون في المستقبل بين الصين ودول الخليج

في المستقبل، ستعمل دول الخليج والصين على زيادة تعاونهم الاقتصادي والتجاري ليشمل مجالات متعددة الأبعاد. وأول هذه المجالات هو التعاون في مجال الطاقة التقليدية والطاقة الجديدة، مثل النفط والغاز الطبيعي والطاقة النووية والطاقة الشمسية والطاقة الخضراء والطاقة منخفضة الكربون، إلخ، مع التركيز على "الطاقة بلس +". ويشمل المجال الثاني التعاون في مجال البنية التحتية مثل الطرق والموانئ والمدن الذكية والمجمعات الصناعية ومدن العلوم والتكنولوجيا. وتتمتع الصين ودول الخليج بتاريخ كبير من التعاون في مجال البنية التحتية، ومن الأمثلة على ذلك: مشروع محطة صحار المستقل لإنتاج الطاقة بسلطنة عُمان، ومدينة الدقم الصناعية، والمرحلة الثانية من ميناء خليفة في الإمارات العربية المتحدة، ومنطقة جازان للصناعات الأساسية والتحويلية​ في المملكة العربية السعودية، والتي شاركت الصين في بنائها. 

والمجال الثالث للتعاون بين الجانبين هو التعاون في مجالات التكنولوجيا الفائقة، مثل الفضاء، والمستحضرات الصيدلانية الحيوية، والمواد الجديدة، و"الإنترنت +"، والذكاء الاصطناعي، والبيانات الضخمة، والتجارة الإلكترونية، والمختبرات المشتركة، وما إلى ذلك. وعلى سبيل المثال، تعكس خطة التعاون المشتركة بين الصين والمملكة العربية السعودية في استكشاف القمر واستكشاف الزئبق استمرار وتوسيع "طريق الحرير الجوي" الصيني العربي. والمجال الرابع هو التعاون في القطاع المالي، بما في ذلك تدويل الرنمينبي (العملة الصينية)، مثل إنشاء الصين لمراكز مقاصة خارجية للرنمينبي في الإمارات وقطر. كما تُشجع الصين التعاون بين البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية و "صندوق طريق الحرير" وصناديق الثروة السيادية لدول الخليج. وعلاوة على ذلك، أنشأت البنوك الصينية الحكومية مزيد من الفروع في الدول العربية. وبالتطلع إلى المستقبل، في سياق مبادرة "الحزام والطريق"، سيكون التعاون الصيني العربي على نطاق أوسع، وستظهر نتائجه بشكل متنوع.

مقالات لنفس الكاتب