array(1) { [0]=> object(stdClass)#13382 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

العدد 154

ربط إيران بالمتوسط مشروع سياسي وأوراق ضغط على حساب الدول العربية

الإثنين، 28 أيلول/سبتمبر 2020

 لا يخفى أن منطقة الشرق الأوسط من أكثر مناطق العالم التي تشهد تنافسًا وصراعًا إقليميًا ودوليًا، وفيها من القوى الإقليمية ذات المشاريع والأدوار التوسعية والتنافسية والصراعية مع القوى الأخرى المؤثرة سواء الإقليمية أو الدولية، ولعل أكثر القوى الإقليمية في الشرق الأوسط التي لها سياسات ومشاريع توسعية على حساب دول وشعوب المنطقة هي إيران على مر تاريخها كانت سياساتها موجهة صوب التوسع على حساب مصالح الدول العربية. وازداد الإمر تعقيدًا عندما صار مبدأ "تصدير الثورة" أحد أركان سياسة إيران الخارجية بعد عام 1979م، وما يحتاجه من مشاريع وأدوات بهدف تجسيده على أرض الواقع وبخاصة أنها كانت موجهة للدول العربية أكثر من غيرها، وما يترتب عليه من محاولات للتغلغل والسيطرة مختلفة الأبعاد والمجالات على من تستطيع أن تؤثر أو تسيطر من الدول.

     وتُعد إيران من أكثر الدول الإقليمية التي استطاعت أن توظف أزمات ومشاكل الدول العربية من أجل مد نفوذها وسيطرتها فيها، فأزمات لبنان مكنت إيران من الولوج إلى ساحتها وتأسيس حليف لها، واستغلت إيران ظروف الحرب والاحتلال الأمريكي على العراق عام 2003م، لتصبح المؤثر الخارجي الأكبر في التطورات العراقية، واستغلت الأزمة السورية لتصبح المتحكم بالنظام السوري والمدافع عنه. وكل ذلك ساعدها على مد نفوذها في هذه الدول الأمر الذي كان دافعًا مهمًا يحدوها على العمل من أجل ربط هذه الدول بخطوط وشبكات النقل بما يزيد من تأثيرها ونفوذها فيها، وقد لا يكون آخر هذه المشاريع هو مشروع الربط السككي مع العراق وسوريا الذي تسعى إليه إيران ليصلها بالبحر الأبيض المتوسط.

تعدد المشاريع

   تبنت إيران عده مشاريع تربطها مع الدول التي لها علاقات نافذة وفاعلة معها وبشكل خاص كل من العراق وسوريا ولبنان، هذه الدول التي لها أهمية كبيرة في المدرك الاستراتيجي الإيراني لاسيما أن اثنان منها "سوريا ولبنان" ترى فيهما إيران طرفين مهمين فيما يسمى بــــ "محور المقاومة" الذي تتزعمه في المنطقة، والجانب الآخر من الأهمية يتجلى بالوصول إلى الساحل السوري الذي يمثل جزءًا مهمًا من الساحل الشرقي للبحر المتوسط ما يمنح إيران نفوذًا وتأثيرًا في هذه المنطقة التي تشهد صراعًا إقليميًا ودوليًا محتدمًا.

   ولعل من المشاريع التي أولتها إيران أهمية كبيرة هو مشروع الربط البري عبر طريق مرور سريع يربط إيران بلبنان عبر كل من العراق وسوريا، وينطلق هذا الطريق من مدينة قصر شيرين الإيرانية ثم إلى محافظة ديإلى ومنطقة البعاج في العراق ليصل إلى منطقة دير الزور السورية وإلى الطريق السوري البري مع شرقي لبنان لناحية منطقة الهرمل - القاع عبر معبر جوسية، وتم تدشين هذا الطريق عام 2017م، بشكل غير رسمي وصار هذا الممر البري ممتدًا من إيران إلى لبنان ضمن سياسة إيرانية لربط مناطق النفوذ بشكل مباشر مع بعضها وهو جزء من استراتيجية إيران لبناء المحاور، وممر للنفوذ، وأحد ممرات الاتجار بالأسلحة وتهريبها لحلفاء إيران ووكلائها، وجزء من طريق تجاري ومنفذ اقتصادي مهم لإيران وممر يوصلها بالميناء البحري السوري في اللاذقية، الذي يمثل موطئ قدم إيران على شواطئ البحر الأبيض المتوسط.

     مشروع إيران الآخر للوصول إلى شرق المتوسط وربط العراق وسوريا يتجلى بسعي إيران لإعادة إحياء مشروع تصدير نفطها من خلال أنابيب لنقل النفط تمر عبر الأراضي العراقية إلى "ميناء بانياس" السوري المطل على البحر المتوسط، ودخلت إيران في مفاوضات مع العراق بخصوص الاستفادة من خط أنابيب "كركوك – بانياس"، وتهدف إيران من خلال هذا المشروع تعزيز تأثيرها في كل من العراق وسوريا عبر توثيق العلاقات الاقتصادية وتجنب العقوبات الأمريكية المفروضة عليها، وإيجاد منفذ بديل لتصدير النفط الإيراني بدلاً عن منفذ مضيق هرمز الذي قد يتعرض للإغلاق في حال حصول أي توترات في منطقه الخليج العربي.

مشروع الربط السككي الثلاثي

    تعود جذور الربط السككي بين إيران والعراق وسوريا إلى عدة سنوات مضت وابتدأت محاولات للربط الثنائي بين إيران والعراق عام 2012م، بمشروع يتضمن إنشاء خطي سكك حديد بين الدولتين: الأول يربط بين منفذ الشلامجة والبصرة، والثاني يأتي من الأراضي الإيرانية إلى منفذ المنذرية العراقي إلى محافظة ديالى، والهدف المعلن من هذا المشروع هو لنقل المسافرين والزوار بين الدولتين.

   وفي عام 2014م، طرحت إيران مشروع الربط السككي بين "ميناء الإمام الخميني" جنوب إيران على ساحل الخليج العربي وبين مدينة البصرة العراقية، وتضمن المشروع حينها ربط ميناء الخميني بمنفذ الشلامجة ثم البصرة وصولاً إلى ميناء اللاذقية السوري، وتم طرح هذا المشروع والاتفاق عليه خلال لقاءات رسمية بين إيران والعراق من أجل تنفيذه على أرض الواقع، واستمرت إيران في سعيها من أجل تحقيق هذا المشروع الذي يربطها بالعراق ويوصلها بموانئ البحر المتوسط، الأمر الذي أعلنه يحيى رحيم صفوي مستشار المرشد الأعلى في إيران بتصريح نقلت "وكالة فارس" للأنباء بتأكيده على: "ضرورة تنفيذ مشروع إنشاء سكك حديد تربط إيران بالعراق وسوريا ولبنان"، وأضاف بأن: "الخط الحديدي يجب أن يصل إلى ميناء اللاذقية أيضًا وهذا الميناء سيساهم في تحقيق التقدم الاقتصادي بين البلدان الإسلامية.

     وفي 14 أغسطس 2018م، أعلنت كل من إيران وسوريا عن عزمهما على مد سكة حديد بين الدولتين بالمشاركة مع العراق الذي ستمر هذه السكة عبر أراضيه وتكون انطلاقتها من مدينة الشلامجة جنوب إيران إلى ميناء البصرة العراقي ثم عبر الأراضي السورية وصولاً إلى الموانئ السورية في شرق البحر المتوسط، وأعلنت إيران استعدادها بالاتفاق مع كل من العراق وسوريا لمد هذه السكة التي تربط الدول الثلاث عام 2018م، وبالفعل وقعت إيران مع الحكومة العراقية في 22 مارس 2019م، على 22 اتفاقية ومذكرة تفاهم كان من أبرزها اتفاقية الربط السككي بين الدولتين التي تدخل ضمن مشروع الربط السككي الثلاثي بين إيران والعراق وسوريا، وعقدت الدول الثلاث اجتماعات عدة لتقييم المشروع وتحديد ما يمكن أن يواجه من صعوبات والبحث في إمكانية تنفيذ المشروع وتجسيده واقعيًا، وفعليًا أنجزت إيران خط سكة حديد كرمنشاه - بيستون - حميل بطول 1041 كم داخل الأراضي الإيرانية كجزء يسبق المرحلة الأولى لعملية الربط بين كرمنشاه وميناء الخميني الواقع أقصى جنوب محافظة خوزستان على ساحل الخليج العربي والذي سيتم ربطه بمنفذ الشلامجة الذي يربط بسكة حديد مع ميناء البصرة ثم عبر الحدود العراقية السورية لتصل سكة الحديد إلى ميناء اللاذقية السوري، وأحالت الحكومة الإيرانية تنفيذ السكك الحديدية على أراضيها إلى شركة "بنياد المستضعفين" الإيرانية التابعة للحرس الثوري الإيراني.

     وأوضح مساعد وزير الطرق والتنمية الحضرية الإيراني خير الله خادمي في يوليو 2019م، أن الحكومة الإيرانية تتفاوض مع الحكومة العراقية من أجل استلام الأراضي اللازمة للبدء بتنفيذ خط السكة الحديد من الشلامجة إلى ميناء البصرة، وأن إيران ستتحمل تكلفة هذه السكة وهي تقوم بتنفيذها، مثلما أعلنت أنها ستنفذ القسم الآخر الذي سيمتد من البصرة إلى الحدود السورية وتدفع تكاليفه على أن تستردها من العراق في وقت لاحق، وفي يوليو 2020م، دعت لجنة الإعمار في البرلمان الإيراني إلى ضرورة "التنفيذ السريع" لمشروع الربط السككي الذي يصل جنوب غرب إيران بأقصى غرب سوريا مرورًا بالأراضي العراقية، إذ أكد عضو اللجنة مجتبى يوسفي في 26 يوليو 2020م، على أهمية تنفيذ مشروع سكة حديد شلامجة (إيران) - البصرة (العراق) - اللاذقية (سوريا) وذلك عبر "طرح سندات مالية للاستثمار بالمشروع بمشاركة الناس، وهذا الأمر أكده الرئيس الإيراني حسن روحاني خلال اتصاله برئيس مجلس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي في مطلع أغسطس 2020م، عندما أشار روحاني إلى ضرورة تنفيذ الربط السككي بين إيران والعراق، وأوضح أن هذه الخطوة تمثل انطلاقة جديدة على صعيد التحركات الجادة والهادفة لتوسيع العلاقات بين الطرفين.

الأهداف الإيرانية

    تسعى إيران عبر ما تطرحه من المشاريع ومنها مشروع الربط السككي مع العراق وسوريا إلى تحقيق عدد من الأهداف والمكاسب المختلفة في ظل ما تعانيه من تداعيات العقوبات الدولية المفروضة عليها بسبب برنامجها النووي وسلوكها الإقليمي، ولعل أهم هذه الأهداف يتجلى بما يلي:

ــ تعمل إيران على بلورة التحالف الإقليمي يضم إلى جانبها كل من العراق وسوريا ولبنان، تعده "تحالفًا استراتيجيًا" لمواجهة ما تراه إيران "تهديدات أجنبية" و"إرساء الأمن المستدام في المنطقة" على حد تعبير مستشار المرشد الأعلى يحيى رحيم صفوي، والذي وصف هذا المحور أيضًا بأنه: "محور اقتصادي وسياسي وأمني ودفاعي في مواجهة الكيان الصهيوني وأمريكا"، ويُعد مشروع الربط السكك الحديدية مع العراق وسوريا وصولاً البحر المتوسط أحد أهداف وأدوات محور إيران الإقليمي وأنه على حد توصيف يحيى رحيم صفوي يبلور مفهومًا جيواقتصاديًا يمنح مليارات الدولارات من عوائد الترانزيت لإيران.

  • يمثل مشروع الربط السككي بين إيران والعراق وسوريا جزءًا من مشروع الممر البري الاستراتيجي لإيران الذي يربطها بسهولة مع دول المنطقة وصولاً إلى شرق المتوسط ويكشف هدفًا سياسيًا لإيران يتمثل بمواجهة العقوبات الدولية عليها ويساعد على توسيع نفوذها الاقتصادي في المنطقة كهدفٍ آخر.
  • تسعى إيران من خلال الخطوط الحديدية إيصال نفطها إلى سوريا وموانئها على البحر المتوسط بسهولة بعيدًا عن المجازفة ومخاطر الخليج العربي، وبكلفة نقل أقل من وسائل النقل الأخرى، وكذلك سهولة إيصال السلع والبضائع الإيرانية إلى المياه الدافئة في المتوسط ومن ثم إلى الأسواق الأوروبية، كما تعطي الخطوط الحديدية ميزة للمنتجات الإيرانية في عملية إعادة الإعمار في سوريا مثل الأسمنت والحديد وغيرها لأنها ستكون بأسعار أقل مقارنة مع منتجات الدول المنافسة الأخرى، مثلما تشكل مصدر استثماري مهم لإيران التي تعاني عجزًا اقتصاديًا بسبب العقوبات الأمريكية.
  • تهدف إيران عبر تنفيذ مشروع الربط السككي مع العراق وسوريا إلى تعزيز وجودها في الموانئ السورية وسيطرتها عليها بما يوفر لها منفذ بحري على سواحل شرق المتوسط بديلاً عن موانئها على الخليج العربي، وبذلك تتوفر لها بوابة للخروج نحو الدول المطلة على البحر المتوسط على المجال الأوروبي شمال المتوسط ومجال شمال إفريقيا على جنوبه، فيوفر لإيران أوراق ضغط ضد المصالح الأمريكية في هذين المجالين المؤثرين في أوروبا وإفريقيا، ويوفر لها موطئ قدم بالقرب من إسرائيل وفي ساحة جوارها لتشكل ورقة ضغط أمنية عليها من الممكن أن تستخدمها إيران في ملفها النووي أو للتخفيف من الضغوطات الدولية عليها.
  • يحقق الربط السككي لإيران ممرًا آمنًا لدعم قواتها ووكلائها في كل من العراق وسوريا ولبنان ويسهل عملية نقل قوات أخرى وحركتها بين هذه الدول بشكل أقل خطرًا من الطرق الأخرى، كما يسهل عملية التواصل معهم وتسليحهم وتزويدهم بما يحتاجون من دعم لوجستي، ما يشير إلى أن مشروع الربط هذا له أهداف أمنية تضاف إلى أهداف إيران الأخرى، لتكون سكة الحديد العابرة من إيران إلى شرق المتوسط الممر البري الآمن ووسيلة النقل البرية السهلة التي تتيح لإيران تعزيز نفوذها الأمني ودعم حلفائها بشكل يتجاوز مخاطر التواصل معهم عبر الطرق الأخرى غير المباشرة.
  • اهتمت إيران كثيرًا مشروع الربط السككي مع العراق وسوريا كونه يندرج كجزء من خطة إيرانية طويلة الأمد تسعى عبرها إيران لتحقيق دور فاعل في مبادرة الحزام والطريق الصينية التي تمثل محور عبور بين الشرق والغرب فيما لو تمكنت إيران من ربط المشروع السككي مع هذه المبادرة.
  • تسعى إيران لترسيخ وجودها في منطقة شرق المتوسط في ظل ما تشهده هذه المنطقة من تنافس وصراع إقليمي ودولي على مصادر الطاقة من غاز طبيعي واكتشافات نفطية بين كل من تركيا وقبرص واليونان وإسرائيل من جهة، وصراع تمدد النفوذ في عموم المتوسط من جهة أخرى. وإيران لا تريد أن تكون خارج مضمار السعي نحو تحقيق الوجود والنفوذ في هذه المنطقة متزايدة الأهمية اقتصاديًا وأمنيًا وسياسيًا.

 التداعيات على العراق وسوريا

     تعمل إيران على تنفيذ ما يحقق مصالحها وأهدافها من مشاريع إقليمية في ظل سياق دورها الإقليمي وتعزيز مكانتها بغض النظر عما تحقق هذه المشاريع من مكاسب أو تلحق من أضرار بالدول الأخرى، فما يهمها مصالحها فحسب وهذا الأمر ينطبق على مشروع الربط السككي مع العراق الذي يترتب عليه العديد من التداعيات وبخاصة على العراق، لعل أهمها:

  • يؤثر مشروع الربط السككي سلبًا على نشاط الموانئ العراقية التي تُعد محدودة الأعماق ولا تتجاوز 12 متر كحد أقصى بالمقارنة مع الموانئ العميقة لإيران والكويت، وسيؤدي تنفيذ المشروع السككي إلى انتقال الحركة التجارية إلى الموانئ الإيرانية القريبة من البصرة ومن ثم نقلها عبر القطارات إلى حرمان وإقصاء الموانئ العراقية من المنافسة، مثلما سيحرم الموانئ العراقية من أجور وعوائد السفن والوكالات والخدمات البحرية، ولاسيما أن ميناء الفاو الكبير قيد الإنجاز ومن المؤمل أن يكون مع ميناء أم قصر محطة رئيسية للتجارة العالمية وطريقًا مهمًا من آسيا إلى تركيا ثم أوروبا بعد أن يتم إنجاز مشروع "القناة الجافة"، ولكن مشروع الربط السككي سيضر بمشروع ميناء الفاو وسيحرمه من وصول السفن التجارية الآسيوية، وسيجهض الأهداف المتوخاة من عمل ونشاط هذا المشروع الذي من المتوقع أن يوفر فرص عمل لأكثر من 70% من مهندسي وعمال البصرة.
  • إن توقيع اتفاقيات من قبل العراق مع إيران بخصوص مشاريع كبيرة مثل مشروع الربط السككي يؤثر على مستقبل العراق وعلاقته بالولايات المتحدة الأمريكية، إذ يؤثر سلبًا على العلاقات الأمريكية ــ العراقية، ويعرض العراق لعقوبات اقتصادية هو في غنى عنها، لأنه يتعامل مع إيران التي تتعرض لعقوبات أمريكية بسبب برنامجها النووي، فيكون العراق أمام خيارين: إما أن يكون مع إيران ويخسر علاقته مع الولايات المتحدة الأمريكية والمجتمع الدولي ويتحمل العقوبات الدولية، أو يكون إلى جانب المجتمع الدولي وتتجنب البلاد أي عقوبات أو عزلة دولية.
  • يؤدي الربط السككي إلى إغلاق الأسواق العراقية والسورية بالبضائع والسلع الإيرانية ذات الأسعار المنخفضة، التي تمنحها ميزة منافسة على حساب المنتجات المحلية ما يؤدي إلى الإضرار في الأسواق المحلية العراقية والسورية، فضلاً عن استنزاف العملات الأجنبية من الأسواق العراقية لصالح إيران التي تعاني تدهورًا اقتصاديًا وانخفاضًا كبيرًا بقيمة عملتها المحلية.
  • إن موافقة العراق على مشروع إيران الربط السككي من دون تحقيق أي مكاسب في ملفات الحدود والمياه وإعادة حق العراق في شط العرب الذي أهدرته اتفاقية الجزائر عام 1975م، سيفقد العراق ورقة تفاوضية مهمة مع إيران من الممكن أن تحقق هذه المكاسب قبل البدء بأي مشروع للربط تكون مكاسبه لإيران على حساب العراق.
  • يتسبب مشروع إيران للربط السككي مع العراق وسوريا بمزيد من سيطرة وتأثير إيران على الساحتين العراقية والسورية، ودعم الكيانات الموازية وامتلاكها لأوراق ضغط إضافة لزعزعة الأوضاع في البلدين حينما تحتاج إلى ذلك في سياق صراعها الإقليمي والدولي والضغوطات الدولية التي تتعرض جراء سلوكها التدخلي في الشؤون الإقليمية والدولية، وسيعطي المشروع ورقة ضغط إضافية لإيران تشكل خطرًا على التجارة الدولية بحصول إيران على منطقة انطلاق في الساحل الشرقي للبحر المتوسط.

ختامًا، يمكن القول أن لإيران مساع عديدة لاستخدام ما تستطيع من أدوات وتنفيذ مشاريع من شأنها أن تساهم في تقوية وترسيخ دورها الإقليمي وتوسعة في المنطقة، وجاء مشروع الربط السككي مع العراق وسوريا كجزء من آليات تعزيز هذا الدور. ويحقق هذا المشروع عدة مكاسب لإيران على حساب كل من العراق وسوريا ويمنحها فرصة الوجود والتأثير في منطقة شرق المتوسط التي تشهد تنافسًا على مصادر الطاقة وصراعًا سياسيًا وأمنيًا بين القوى الإقليمية والدولية.

   ولكن ليس من السهل على إيران أن تنفذ مشروع الربط السككي وتحصد مكاسبه في ظل وجود العديد من التحديات والمعوقات من العقوبات الأمريكية التي تستنزف الاقتصاد الإيراني وبالتالي صعوبة تغطية تكلفة التنفيذ، ورفض الولايات المتحدة الأمريكية لتمدد إيران في العراق التي لها وجود عسكري مؤثر فيه وبالإمكان استخدامه لضرب المشاريع الإيرانية، فضلاً عن تأثير إسرائيل وقدرتها على استهداف أي مشروع لإيران ترى فيه تهديدًا لها، ناهيك عن رفض عراقي سياسيًا وشعبيًا للمشروع الإيراني الذي سيكون على حساب الموانئ والاقتصاد العراقيين.

مقالات لنفس الكاتب