تلك ليست أمريكا التي نعرفها، أو الانتخابات التي اعتدنا عليها. فهناك الكثير من المتغيرات الجديدة، وقد تكون هذه الانتخابات مليئة بالأحداث غير المتوقعة، التي قد تشهدها الولايات المتحدة، فقد شهدت البلاد على مدار تاريخها ثمانية وخمسين عملية انتخابية رئاسية منذ فوز جورج واشنطن بالإجماع عام 1788-1789م، ولكن ثمة انتخابات قليلة كان لها تلك التبعات الواضحة كما في انتخابات هذا العام، وهو أمر واضح من الطريقة التي يتم بها الاستعداد الانتخابات.
إنها انتخابات كارثية وحاسمة؛ تلك هي المصطلحات التي يستخدمها الناس لوصف الانتخابات الأمريكية المقبلة، إذ يتوقع البعض أنها تسبب زعزعة للاستقرار، أو أن يتم تزويرها، أو قد تؤدي إلى إثارة العنف والصراع، فضلًا عن التخوف من التدخل الأجنبي، حيث تُرسم حاليًا خطوط المعركة، ولم تعد نتائج الانتخابات هي الأكثر إثارة للقلق بعد الآن، بل بالأحرى ما سوف يحدث بعد ليلة الانتخابات، هو ما قد يدعو للقلق. فهل سيقبل الخاسر بنتائج الانتخابات؟، وهل ستشهد أمريكا انتقالًا سلميًا للسلطة كما اعتدنا؟ فكل جانب يتهم الآخر بالتحضير لانقلاب من نوع ما. فالجمهوريون يحذرون من أن الديمقراطيين واليساريين سيختطفون أمريكا إذا فاز الرئيس ترامب بولاية ثانية. ونشر الموقع الإلكتروني لمجلة "ذا فيدراليست" مقالًا بعنوان "اليسار يمهد الطريق لانقلاب في حال فوز ترامب"، حيث أشاروا إلى مشاركة حركة "أنتيفا" اليسارية وحركة "حياة السود مهمة"، ويرون أنهم لن يقوموا فقط بما وصفوه بأعمال الشغب والعنف، بل يعتزمون كذلك النزول إلى الشوارع وإحداث فوضي.
ويمتلك اليسار نفس التوقعات، ولكن لنتيجة مختلفة في الانتخابات. فإنهم يرون أن البلاد تشهد انزلاقًا نحو السلطوية والاستبدادية، ويتهمون الرئيس بأن لديه مواقف مناصرة للفاشية، ويطلبون من المواطنين الاستعداد للدفاع عن الديمقراطية الأمريكية. وتناول المحرر السياسي سام ستين، الكاتب في موقع ديلي بيست، "تجمع قادة المنظمات الليبرالية" للتحضير "لما يتصورون أنه سيناريو نهاية العالم السياسية بعد يوم الانتخابات". ولذلك تعطي التقارير الخاصة بما يحدث في الولايات المتحدة انطباعًا بأننا نعيش على قمة كومة القش ولا يستدعى الأمر إلا مجرد عود ثقاب! قد يكون كل هذا مجرد "كلام انتخابات" وأساليب تخويف، ولكن حجم الخطاب وزيادة الجماعات اليمينية، والميليشيات، والتحريض من جانب، والآراء الحادة والغضب من جانب اليسار، يساهم في اشتعال الوضع.
فكيف تتكشف هذه الأحداث إذن؟ ببساطة عن طريق ادعاء طرف ما بتزوير الانتخابات، بينما يهرع الطرف الآخر نحو المواجهة.
إن أمريكا لم تنقسم من قبل بهذه الطريقة. فالجمهوريون يعتقدون أنهم يقاتلون من أجل روح أمريكا التي دمرها اليسار، أي الاشتراكيون والفوضويون، الذين يحاولون سرقة الانتخابات، كما يزعمون. ويرون أن البلاد تنزلق نحو العنف في خضم حملة ضد القانون والنظام، والامتناع عن تمويل الشرطة.
وعلى الجانب الآخر، يعتقد الديمقراطيون أنهم يحمون أمريكا من الانزلاق لتكون دولة معادية للديمقراطية، وداعمة للاستبداد، والفساد؛ إذ تُدمر العنصرية فكرة الدولة الأمريكية نفسها، وتحط المحسوبية والفساد من قيمها.
هذا الواقع قد جعل أمريكا مثل بقية العالم، حيث لم يعد انتقال السلطة أمرًا طبيعيًا مفروغًا منه. وقال روبرت مالي، رئيس مجموعة الأزمات الدولية، ومديرها التنفيذي، في حوار مع الكاتب توماس إدسال في صحيفة نيويورك تايمز، إنهم قرروا "لأول مرة منذ ربع قرن تغطية مخاطر العنف المرتبط بالانتخابات في الولايات المتحدة "، وذكر نقلاً عن تقرير أعده مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية أن "المتطرفون اليمينيون خططوا لثلثي الهجمات والمؤامرات في الولايات المتحدة في عام 2019 م، وأكثر من 90 % منها في الفترة ما بين 1 يناير و8 مايو 2020".
كيف ستظهر المشاكل في أعقاب الانتخابات؟ ستبدأ بردود الفعل التي سيتخذها أحد الجانبين تجاه نتائج الانتخابات. ومهد ترامب بالفعل الطريق لما يمكن أن يحدث، حيث صرح قال "إنني سأخسر هذه الانتخابات في حالة واحدة، وهي التزوير"، ما يكون لمؤيديه رد فعل قوي على نتائج الانتخابات.
وقد تبدأ المشاكل أيضًا في حال كانت نتائج الانتخابات متقاربة. ويتوقع بعض منظمي استطلاعات الرأي أن تكون أصوات المجمع الانتخابي متقاربة للغاية مع تصويت المواطنين. حيث ستُحسم نتيجة هذه الانتخابات عن طريق عدد قليل من الأصوات في ولايات قليلة". وهذا قد يؤدي أيضًا إلى تحد وصراع بين الجانبين، في حالة زعم كل طرف حصوله على أكبر عدد من الأصوات، وقد يحدث ذلك أيضًا، في حال تأخر وصول بطاقات الاقتراع البريدي وظل الوضع مُعلقًا في البلاد لأيام وأسابيع بدون ظهور نتائج الانتخابات، وهذا من شأنه أن يؤدى إلى زيادة التوتر، وقد ينجم عنه ارتكاب أعمال عنف.
وبدأت المشاكل الرئيسية لهذه الحملة بانتشار فيروس كورونا وتدهور الاقتصاد. فالديمقراطيون يرغبون في إجراء استفتاء حول كيفية تعامل الرئيس ترامب مع أزمة فيروس كورونا، لكن الجمهوريون يريدون جعل الأمر برمته يتمحور حول السيطرة على من يزعمون أنهم اشتراكيون وفوضويون، إنهم يريدون للانتخابات أن تدور حول تدعيم القانون والنظام.
وسيكون الاقتصاد من المحاور الهامة في هذه الانتخابات. فقبل ظهور أزمة فيروس كورونا، نجح ترامب لفترة في بناء اقتصاد مزدهر، ورفع أسهم وول ستريت. ولكن ظهر الفيروس، وانهار معه كل شيء محطمًا آمال ترامب في إعادة انتخابه، حيث فقد الملايين وظائفهم، واُغلقت الأعمال التجارية، وأصبحت البلاد على حافة الركود، وليس هناك بصيص أمل في نهاية هذا النفق المظلم. فلا يعرف أحد متى سيتم السيطرة على الفيروس، وقد أسفر هذا عن حدوث تحول في الاستراتيجية. وعندما نزل الأمريكيون اليساريون إلى الشوارع للاحتجاج على وحشية قوات الشرطة والعنصرية الراسخة في البلاد، استغل الجمهوريون العنف الذي حدث في بعض المدن للتحذير من انهيار القانون والنظام. وقد بذل ترامب جهودًا في هذا الأمر، وطارد الديمقراطيين قائلًا إنهم فشلوا في مجال تطبيق القانون وفرض النظام.
وفيما يلي القضايا الرئيسية الهامة لهذه الحملة الانتخابية:
تعامل أمريكا مع أزمة فيروس كورونا بقيادة ترامب، وعدم المساواة العرقية، والهجرة، وتغير المناخ، وملف السياسة الخارجية، والسياسة الاقتصادية، وشخصية أمريكا. وبوجود جميع هذه الملفات، أصحبت الفجوة كبيرة بين موقف المرشحين، حيث عُرضت هذه الملفات كاملةً خلال المؤتمرين الأخيرين للحزبين الديمقراطي والجمهوري.
المؤتمرات:
كانت المؤتمرات أشبه برواية "قصة مدينتين"، وانقسمت أمريكا إلى قسمين: الأول أبيض، حيث يبتسم الجميع، ولا يوجد في العالم ما يدعو الناس للقلق. وكان أغلب المتحدثين سعداء، ولم تُذكر الجائحة في أي مكان إلا في إشارات قليلة من البعض، باستثناء السيدة الأولى.
ربط مؤتمر الجمهوريين حزبهم بالرئيس لينكون، وتحدث نائب الرئيس مايكل بنس أمام البيت الذي شهد طفولة لينكون رافعًا شعار "في أمريكا يمكنك أن تفعل أي شيء". وقد انتقدوا بسبب استخدامهم للأموال المخصصة لمواجهة فيروس كورونا باعتبارها هبة للحزب الجمهوري. وكان قادة الأمريكيين الأصليين أيضًا حاضرين في مؤتمر الحزب الجمهوري، وشكروا الإدارة على المساعدات المقدمة في مواجهة فيروس كورونا.
وفي المقابل، احتفل مؤتمر الحزب الديمقراطي بالاحتجاجات ضد العنصرية ووحشية قوات الشرطة في جميع أنحاء البلاد، وتضمن المؤتمر خطابًا ألقاه "بايدن"، طالب فيه بوضع حد "للعنصرية الممنهجة". وعبر بعض الديمقراطيين عن قلقهم من أن الحزب لم يول اهتمامًا كافيًا للعنف والإضرار بالممتلكات، التي تزامنت مع الاحتجاجات. وكان يبدو على الديمقراطيين أنهم يميلون كثيرًا إلى اليسار خلال مؤتمرهم لإرضاء أنصار بيرني ساندرز، وأصبحت مواقفهم أكثر ليبرالية لجذب مناهضي ترامب من الجمهوريين، والمترددين الذين لم يحسموا تصويتهم. وقد بدا الديمقراطيون أنهم متحررين لتحقيق مصلحتهم. وبالنظر إلى الاحتجاجات، فقد أصابت مشاهد العنف واحتجاجات حركة "حياة السود مهمة" العديد من الأمريكيين بالخوف، حيث كان المواطنون يخشون استمرار تصاعد الفوضى في أمريكا، في الوقت الذي سيتساهل فيه الديموقراطيون للغاية في فرض النظام.
واحتفى مؤتمر الحزب الجمهوري بقوات الشرطة وتضمن خطابًا ألقاه ترامب، هاجم فيه "المشاغبين والمجرمين الذين ينشرون الفوضى في المدن التي يديرها الديمقراطيون". وقد أعرب بعض الجمهوريين عن قلقهم من " انهيار النظام المدني في عهد الرئيس الحالي" وأن إلقاء اللوم على الديمقراطيين لن يكون مجديًا. وقد تزامن عقد المؤتمرين مع إطلاق النار على جاكوب بليك، وقد أسفر ذلك عن إشعال موجة جديدة من الاحتجاجات في كينوشا بولاية ويسكونسن. ونشرت مجلة بوليتيكو رؤية كل حزب، حيث قال ريان ليزا، محرر مجلة بوليتيكو إن "الأمر لا يتعلق فقط بالعنصرية والجريمة في أمريكا، ولكن بطبيعة القيادة الرئاسية في وقت الأزمات".
ويقود ترامب حملته وكأنه ليس الرئيس حاليًا. و وكان يلتقط صوره أمام المباني المحترقة ويخبر الأمريكيين الذين صدمتهم مشاهد العنف والأضرار التي لحقت بالممتلكات في المدن التي شهدت احتجاجات وأعمال عنف: هذه هي أمريكا التي سيمنحكم إياها جو بايدن. لكن الديمقراطيين يقولون "هذه هي أمريكا التي تقودها أنت . فكل هذا يحدث تحت إدارتك". والحل الذي قدمه ترامب لاحتواء العنف والاحتجاجات هو تزويد هذه المدن بمزيد من العملاء الفيدراليين، وقوات الشرطة. وهذا الحل هو حل أمني لأزمة سياسية واجتماعية واقتصادية، فهي أزمة تستدعي الثقل المعنوي للمكتب الرئاسي، حيث تحتاج البلاد الى تنظيف جراحها وتضميدها، من أجل توحيدها.
واعتبرت وسائل الإعلام أن زيارة المرشحين إلى كينوشا، حدثًا مهمًا "وعلامة فارقة للسباق الانتخابي لهذا العام 2020". وقد حاول المرشح الديموقراطي بايدن، أن يدحض الاتهامات التي يوجهها الرئيس ترامب إليه، حيث زعم أن بايدن يريد إيقاف تمويل الشرطة، وهو ما لم يُصرح به بايدن مطلقًا. فقد قال بايدن أن "الشغب ليس احتجاجًا، والنهب ليس احتجاجًا، وإشعال الحرائق ليس احتجاجًا. إن كل هذا ليس احتجاجًا، إن الأمر واضح وبسيط، إنه خروج على القانون، ويجب محاكمة أولئك الذين يفعلون ذلك. العنف ". إن الديموقراطيين يُدركون أنه إذا نجح ترامب في تصويرهم على أنهم الحزب الذي يتستر على العنف، ويرحب بالاشتراكيين والفوضويين، فلن يفوزوا أبدًا في الانتخابات، ولذلك فهم يتصدون لهذه الاتهامات، ومع ذلك ليس من الصعب أن تلتصق بهم بعضُ من هذه الاتهامات إذا استمرت الاحتجاجات في الشوارع. لكن بايدن كان واثقًا من أن الشعب الأمريكي "لا يعتقد" أن ترامب هو الرئيس الذي يطبق القانون ويفرض النظام. وكان بايدن في صدارة استطلاعات الرأي الخاصة بتطبيق القانون وفرض النظام. وبالفعل، ساعدت المؤتمرات الانتخابية بايدن أكثر من ترامب، حيث كشفت استطلاعات الرأي التي صدرت في أعقاب المؤتمرين أن بايدن يتقدم على ترامب بنسبة سبع نقاط مئوية.
برنامج حملة ترامب:
كان هناك بدايات عديدة لمؤتمر الحزب الجمهوري، فقد كان أول مؤتمر افتراضي على غرار مؤتمر الحزب الديمقراطي، بسبب جائحة كورونا، ولكن المؤتمر لم يكن له برنامج حزبي، فقد كان ترامب هو المرشح والبرنامج، والرسالة في نفس الوقت.
ومع ذلك، وبعد بضعة أسابيع، أطلقت حملة ترامب "أجندة الفترة الرئاسية الثانية"، والتي أثارت الكثير من الجدل، واعتبرها البعض "مزعجة للغاية"، وأشار النقاد إلى أن "النقاط الواردة في هذه الأجندة تحتوي بشكل غير مفاجئ خطاب يميني بنوايا قومية عالية".
فما هي أجندة الفترة الرئاسية الثانية للرئيس ترامب؟
تحمل الأجندة عنوان "القتال من أجلكم"، وتشير الحملة إلى أن أولويات السياسة الأمريكية تعكس "تفاؤل ترامب غير المحدود ويقينه في عظمة أمريكا"، و"تناقض بشكل كبير الصورة القاتمة لأمريكا التي يتوقعها جو بايدن والديمقراطيون".
تتكون الأجندة من قائمة تحتوي على 50 نقطة:
الوظائف: يتعهد ترامب بخلق 10 ملايين وظيفة جديدة في عشرة أشهر، وإنشاء مليون شركة صغيرة، وخفض الضرائب (لم يحدد تخفيضها على أي فئة، ويقول الديمقراطيون إنه سيخفضها فقط للأثرياء)، وتقديم " ائتمانات ضريبية أمريكية".
القضاء على فيروس كورونا: يتعهد ترامب بتوفير لقاح ضد فيروس كورونا قبل نهاية عام 2020م، وذلك بعدما أعلن في منتصف سبتمبر قائلاً إن "تطوير اللقاح هو أولويتنا القصوى، ونحن نتقدم سريعًا وبنجاح كبير" وترامب يعد بالعودة للحياة الطبيعية بحلول عام 2021م،
"إنهاء الاعتماد على الصين": يدعو ترامب إلى إعادة الصناعة، ووعد بأن إدارته ستحظّر العقود الاتحادية مع الشركات المتعهدة لشركات صينية، وأنه سيحمل الصين "المسؤولية الكاملة عن انتشار فيروس كورونا في العالم".
الرعاية الصحية: تدعو حملة ترامب إلى تخفيض أسعار الأدوية التي تستلزم وصفة طبية وخفض أقساط التأمين، وتغطية جميع الحالات الموجودة مسبقًا. إن الرعاية الصحية قضية مهمة للغاية بالنسبة للناخبين من الطبقة الفقيرة والمتوسطة ويأمل الرئيس في ضمهم إلى معسكره خلال هذا المقترح.
التعليم: إن البرنامج التعليمي للرئيس غامض، وعناوينه تثير قلق الخبراء الذين يرون فيه نزعات قومية وانعزالية. فشعاره الأول "تدريس الحالة الاستثنائية الأمريكية"، والثاني "تجفيف المستنقع"، والثالث "تجفيف مستنقع العولمة من خلال فرض ضرائب على المنظمات الدولية التي تضر بالمواطنين الأمريكيين". والعنوان الأخير كافيًا لإثارة قلق الأمم المتحدة والمنظمات الشقيقة.
الدفاع عن الشرطة: يصدر ترامب نفسه باعتباره رئيس تطبيق القانون وفرض النظام، ولذلك يعتبر الدفاع عن الشرطة النقطة الرئيسية للفوز بالأمريكيين ممن لديهم قلق بشأن الاضطرابات والفوضى المتزايدة في الشوارع. ويتعهد بــ "تمويل كامل" للشرطة، على عكس الدعوات المنتشرة في الدوائر الليبرالية من أجل "إيقاف تمويل الشرطة". وتدعو الأولويات إلى زيادة العقوبات على جرائم الاعتداء على ضباط إنفاذ القانون و"تقديم الجماعات المتطرفة العنيفة مثل حركة "أنتيفا" إلى العدالة".
الهجرة: يدعو برنامج ترامب إلى إنهاء "الهجرة غير الشرعية" من أجل "حماية العمال الأمريكيين"، وإنهاء مدن الملاذ الآمن التي تحمي المهاجرين غير الشرعيين من الاحتجاز والترحيل.
ويريد ترامب أن يكون الرئيس الأمريكي الذي يحقق انجاز هبوط الإنسان على سطح المريخ، إذ يتحدث عن إرسال أول مهمة مأهولة بالبشر إلى المريخ، وإنشاء وجود دائم للإنسان على سطح القمر. كما يدعو ترامب إلى إطلاق قوة فضائية وتعزيز الابتكار من أجل المستقبل والفوز بسباق الجيل الخامس (5G)، وإنشاء شبكة إنترنت وطنية لاسلكية عالية السرعة.
أما البيئة فلم يخصص لها إلا جملة واحدة في برنامج ترامب: "الشراكة مع الدول الأخرى لتنظيف المحيطات على كوكبنا"، وبالنسبة للسياسة الخارجية، تبدأ أولويات ترامب بعبارة "أوقفوا الحروب التي لا نهاية لها، وأعيدوا قواتنا إلى الوطن".
وتستند أولويات برنامج ترامب إلى سجله في جعل الحلفاء يدفعون نصيبهم من المشاركة الأمريكية، كما يتعهد "بالحفاظ على القوة العسكرية الأمريكية التي لا مثيل لها وتوسيعها". ويؤكد البرنامج على "القضاء على الإرهابيين، وبناء نظام دفاع كبير للأمن السيبراني". ويدعو إلى الدفاع عن ممارسة "التعديل الثاني"، أي حق الاحتفاظ بالأسلحة وحملها، وهو حق مقدس لغالبية أنصاره.
برنامج الحزب الديموقراطي:
برنامج الحزب الديموقراطي عبارة عن سرد تفصيلي لمواقف الديموقراطيين التاريخية حيث يرتكز في البداية على حماية الأمريكيين والتعافي من جائحة كوفيد -19، وصولاً إلى "بناء اقتصاد أقوى وأكثر عدلاً"، من خلال "حماية العمال والأسر وخلق ملايين الوظائف"، و"بناء نظام عادل للتجارة الدولية"، و"نظام رعاية صحية شاملة جيدة وبأسعار معقولة "، فضلاً عن إصلاح نظام العدالة الجنائية، ويتناول "حماية روح أمريكا"، والتي بموجبها يتعهد الديموقراطيون بحماية الحقوق المدنية، وحقوق المرأة، ودعم حرية الصحافة، كما يتعهد الديمقراطيون بمعالجة أزمة تغير المناخ و "متابعة قضية العدالة البيئية"، وإنشاء نظام هجرة يتناسب مع القرن الحادي والعشرين، وتوفير نظام تعليمي على مستوى عالمي في جميع أنحاء أمريكا.
وتحت عنوان "تجديد القيادة الأمريكية"، يتحدث الديموقراطيون عن تنشيط الدبلوماسية الأمريكية، وإعادة بناء الولايات المتحدة كملاذ أول، وإحياء التحالفات والمؤسسات الدولية، وإنهاء الحروب الأزلية، وتأمين ميزة تنافسية للولايات المتحدة ومعالجة الصحة العالمية والأوبئة.
وفي الشرق الأوسط، يُعطي الديموقراطيون الأولوية "لإنهاء عقدين من الانتشار العسكري واسع النطاق والحروب المفتوحة" في المنطقة، ولكنهم يحذرون من أن هذا "لا يعني أن الولايات المتحدة ستتخلى عن المنطقة، حيث لا يزال فيها مصالح دائمة لنا ولشركائنا."
ووفقًا لبرنامجهم، سيعمل الديموقراطيون على "الغاء سباق إدارة ترامب للدخول في حرب مع إيران، وسيعطون أولوية للدبلوماسية النووية وخفض التصعيد وتشجيع الحوار الإقليمي". ويشدد الديموقراطيون على أنهم ليسوا مع تغيير الأنظمة في الدول الأخرى"، ويرفضون ذلك كهدف من أهداف السياسة الأمريكية تجاه إيران". ويعتقد الديموقراطيون أن "خطة العمل الشاملة المشتركة (JCPOA) تظل أفضل السبل لقطع جميع الطرق بشكل مؤكد على إيران للوصول إلى السلاح النووي"، ويقولون إنه "كان من المفترض أن يكون الاتفاق النووي بداية وليس نهاية للدبلوماسية الأمريكية مع إيران ".
وبالنسبة للعلاقات مع الخليج، ذكر البرنامج أن "الديمقراطيين بحاجة إلى إعادة ضبط العلاقات مع الشركاء في الخليج من أجل تعزيز المصالح الأمريكية، وقيمها بشكل أفضل". و "إن الولايات المتحدة لها مصلحة في مساعدة شركائنا على التعامل مع التهديدات الأمنية المشروعة، حيث سندعم التطوير السياسي والاقتصادي في الخليج ونشجع الجهود المبذولة للحد من التوترات الإقليمية. لكن ليس لدينا مصلحة في استمرار حقبة إصدار الصكوك على بياض مثل إدارة ترامب، أو الجهود المبذولة لدحر الانفتاح السياسي في جميع أنحاء المنطقة ". وبالنسبة لسوريا، يدعم الديموقراطيون إيجاد "حل سياسي لهذه الحرب المروعة". كما يتعهدون بالمساعدة في إنهاء الصراع الإسرائيلي الفلسطيني ودعم "حل الدولتين المتفاوض عليه، والذي يضمن مستقبل إسرائيل كدولة يهودية وديمقراطية بحدود معترف بها، ويدعم حق الفلسطينيين في العيش بحرية وأمان في دولتهم الخاصة النابضة بالحياة."
سياسة ترامب الخارجية في مقابل سياسة بايدن الخارجية:
بالنسبة للسياسة الخارجية الأمريكية، يُقدم ترامب وبايدن رؤى ومقاربات مختلفة، وقد وصفت صحيفة لوس أنجلوس تايمز هذا التناقض بأفضل وصف "أمريكا أولاً ضد الدور العالمي لأمريكا". فبينما يتصف أسلوب ترامب بالصبغة التجارية لعقد الصفقات، وهو ما يضع حلفاء أمريكا وخصومهم على المحك كل يوم، تُعتبر سياسة بايدن مغايرة تمامًا. فبايدن يتمتع بخبرة في السياسة الخارجية، حيث شغل منصب نائب الرئيس الأمريكي، ومن قبل سيناتور في مجلس الشيوخ، ورئيس لجنة العلاقات الخارجية، ولذلك فهو يتملك ثروة من الخبرة في هذا المجال، ومرونة أكبر من ترامب فيما يتعلق بالسياسة الخارجية، حيث سيعطي بايدن الأولوية للدبلوماسية وستكون القوة العسكرية هي الملاذ الأخير في سياسته الخارجية. وعلى عكس شعار ترامب "أمريكا أولاً"، تعهد بايدن في خطاباته "باستعادة أمريكا لدورها القيادي عالميًا الذي يدعم العلاقات مع الحلفاء، ويقف في وجه الخصوم". وبالإضافة إلى ذلك، فإن استعادة الدور الأمريكي سيكون هدفًا رئيسيًا محليًا، لأنه كما أوضح أحد المساعدين السابقين لبايدن لفوكس نيوز أن "سياسة بايدن الخارجية تتعلق، في المقام الأول، بالإصلاح الداخلي، بإصلاحنا هنا. فلا يمكن أن تكون منارة الأمل للعالم، بينما مدينتك يزوى بريقها". كما سيُعيد بايدن بناء التحالفات ويعمل على طمأنة الأصدقاء، حيث صرح بايدن في خطاب ألقاه في يوليو أن "أجندته للسياسة الخارجية ستعيد أمريكا إلى القمة مرة أخرى".
وفي مقال رأي كتبه لشبكة سي إن إن، وصف بايدن سياسة ترامب تجاه إيران بأنها تعبر عن "فشل خطير"، مضيفًا أننا "بحاجة ماسة إلى تغيير المسار". وقال إنه "ليس لديه شك بشأن التحديات التي يشكلها النظام الإيراني على المصالح الأمنية الأمريكية، وعلى أصدقائنا وشركائنا وعلى شعبه"، لكنه يعتقد بأن "هناك طريقة ذكية لتكون صارمًا مع إيران، وهناك طريقة ترامب. واعتبر سياسة "الضغط الأقصى" بمثابة هدية للنظام في إيران وانهيارًا لمصالح الولايات المتحدة." وقال "إن أمريكا تقف الآن وحدها"، وأشار إلى أن إيران في عهد ترامب قتلت الأمريكيين و"دمرت منشآت النفط السعودية وعطلت السفن التجارية العابرة في الخليج". واختتم مقالته بأنه بدلاً من إنهاء "الحروب الأزلية"، دفع ترامب أمريكا مرارًا وتكرارًا إلى حافة حرب جديدة".
كيف سيتعامل بايدن مع إيران؟ ... يتعهد بايدن بأنه إذا أصبح رئيسًا "سيمنع إيران من امتلاك سلاح نووي"، وستنضم أمريكا مجددًا للاتفاق النووي مع إيران، في حال عادت طهران للالتزام بتعهداتها، وسيعمل بايدن مع الحلفاء "على مساعدة شركاء أمريكا في تقليل التوترات، والمساعدة في إنهاء الصراع الإقليمي، بما في ذلك الحرب في اليمن". وقال أيضًا أنه سيتأكد من أن العقوبات على إيران "لا تعرقلها عن مجابهة جائحة كوفيد -19"، كما سيلغي "حظر السفر المُشين الذي يستهدف عددًا من الدول ذات الأغلبية المسلمة".
وفي حال انتخابه رئيسًا، سيواصل بايدن "ردع أنشطة إيران المزعزعة للاستقرار، والتي تهدد أصدقاءنا وشركاءنا في المنطقة"، وسيواصل "استخدام العقوبات المستهدفة ضد انتهاكات إيران لحقوق الإنسان، ودعمها للإرهاب وبرنامج الصواريخ الباليستية".
ومع ذلك، يقول منتقدو بايدن، إنه لم يكن "ناجحًا على الإطلاق على المسرح العالمي"، وأنه "يقترب أكثر مما ينبغي الى الأنظمة الاستبدادية"، مضيفين أنه سيكون متراخيًا في أسلوب التعامل مع إيران، بل وتمكين النظام في طهران كما فعل سلفه الديموقراطي الرئيس الأسبق أوباما.
وفيما يتعلق بالقضايا الأخرى، فإن بايدن سيعمل على إعادة التزام أمريكا باتفاقية باريس للمناخ، والانضمام مجددًا إلى منظمة الصحة العالمية، وتقديم استراتيجية قوية لمجابهة فيروس كوفيد-19، بالتنسيق مع باقي دول العالم والمنظمات الدولية الأخرى التي انسحب منها ترامب.
وهكذا ستبدو ولاية ترامب الثانية مثل ولايته الأولى، تعتمد على "المنشطات" إذا جاز التعبير. إنه غير قلق بشأن إعادة انتخابه. ونحن نعلم سياسته الخارجية حاليًا. ففي الشرق الأوسط، تتبلور سياسته حول حدثين مهمين، اتفاقيات إبراهام التي أعادت العلاقات بين الإمارات / البحرين وإسرائيل، والتي تعتبر أهم إنجازاته في السياسة الخارجية حتى الآن، فضلاً عن سياسة الضغط القصوى التي ينتهجها ضد إيران، واغتيال قاسم سليماني، باعتبارها السمة المميزة لسياسته الخارجية في التعامل مع خصوم أمريكا.
وبالرغم من ذلك، فإن خصومه، حتى من داخل حزبه، يقولون بأن سياسته الخارجية في فترة ولايته الأولى بشأن كوريا الشمالية والصين وإيران كانت فاشلة. وقد أرسل سبعون مسؤولاً أمنيًا من الحزب الجمهوري، من بينهم رئيس وكالة المخابرات المركزية ورئيس مكتب التحقيقات الفيدرالي، خطاب تأييد لبايدن، قائلين إنهم كان لديهم أمل في أن "يحكم دونالد ترامب البلاد بحكمة. ولكنه خيب آمال ملايين الناخبين الذين وضعوا ثقتهم به، وأظهر أنه غير لائق بشكل خطير لقضاء فترة رئاسية أخرى. وكان هذا هو الاستنتاج الذي توصل إليه بوب وودوارد في كتابه الجديد "الغضب"، حين وصف ترامب بأنه الشخص الخطأ في وظيفة الرئيس.
وعلاوة على ذلك، فإن ترامب لا يساعد نفسه في القضايا الأكثر أهمية بالنسبة للأمريكيين. وبينما كان وودوارد منشغلا في كتابه، اُحيط علمًا بتصريحات الرئيس ترامب، حيث "قلل من خطورة الفيروس"، مع أنه كان على علم بأنه أكثر فتكًا من الأنفلونزا. وصرح ترامب بأنه لا يريد إثارة الذعر بين المواطنين. ولقد توفي 200 ألف أمريكي جراء الإصابة بفيروس كورونا، الأمر الذي جعل تصريحاته أكثر إثارة لغضب الأمريكيين.
كما أثار ترامب غضب الجيش والمحاربين العسكريين عندما زعم مقال في مجلة أتلانتيك أن الرئيس ترامب وصف الأمريكيين الذين ماتوا في الحروب بـ "الفاشلين" و "المغفلين".
ولكن في حال فوز الرئيس ترامب بولاية ثانية، فماذا يعني ذلك بالنسبة للسياسة الخارجية بشكل عام وتجاه الصين وغيرها من القضايا الأمريكية المهمة؟
يستغل الرؤساء الأمريكيون عادة الفترة الرئاسية الثانية لتقديم تغييرات كبيرة للنظام الدولي من أجل وضع بصمة في نهاية حكمهم. ويشير ترامب إلى الصين دومًا على رأس أولوياته في سياسته خلال ولايته الثانية. فمنذ أن ضربت جائحة فيروس كورونا أمريكا، أطلق عليه ترامب اسم فيروس الصين، وأكد مرارًا أنه الفيروس الصيني. وشدد على أنه يعتزم الضغط بقوة أكبر على الصين، وقد بدأ بالفعل حظر الشركات الصينية، بسبب سياسات الصين التجارية. كما يحاول حاليًا فصل بلاده اقتصاديًا عن الصين. قال مؤخرُا "لا توجد دولة سرقتنا مثل الصين". وكلما اقتربت الانتخابات، يُصبح ترامب أكثر صرامة مع الصين. إنه يتحدث عن الصين أكثر من مجرد كونها تهديد للأمن القومي. ولذلك، لا يستطيع أحد تخمين كيفية تعامل ترامب مع الصين خلال فترة ولايته الثانية: هل هو التاجر الودود الذي يبرم الصفقات التجارية أم السياسي الصارم الذي يلغي الاتفاقات. وبناءً على ذلك، من الصعب معرفة الطريقة التي سيتعامل بها ترامب مع الصين.
ويعتقد الجمهوريون التقليديون أنه في حالة هزيمة ترامب، فإن الأمور ستعود إلى طبيعتها وستعود السياسة الخارجية للجمهوريين التقليديين إلى حيث توقفت عند فوزه في انتخابات عام 2016م، ولقد دعم هذا الاعتقاد خبراء السياسة الخارجية، الذين أعربوا عن تأييدهم لبايدن على أمل أنه في حال هزيمة ترامب، فسوف يستأنف حزبهم السياسة الخارجية الطبيعية الأمريكية. ومع ذلك، ذكر توماس رايت، باحث في معهد بروكينغز أنه من غير المرجح أن تعود السياسة الخارجية للجمهوريين إلى ما كانت عليه قبل انتخاب ترامب. وكما أوضح مؤتمر الحزب الجمهوري فإن الحزب الجمهوري تحول إلى حزب ترامب، ومن المرجح أن تتصف السياسة الخارجية للجمهوريين بالسياسية "الترامبية" لسنوات قادمة ".
وقال رايت إن "ترامب قام بتغيير جذري لمبادئ السياسة الخارجية للجمهوريين التي امتدت عبر عقود. فالرئيسين ريجان وجورج بوش وضعا الحرية والديمقراطية في قلب رؤيتهما للعالم. ودعموا تحالفات أمريكا وتبنوا مبدأ التجارة الحرة. ولكن ترامب، على الجانب الآخر، يرى حلفاء أمريكا بمثابة متسابقين يستغلون واشنطن بالمجان. ولذلك، يعتنق ترامب مبدأ نظام الحماية الجمركية، ويميل إلى رجال مستبدين أقوياء، وينظر إلى السياسة الخارجية لواشنطن على أنها صفقات تجارية بحتة، وليس لها غرض أكبر لخلق عالم أفضل. وبالتالي، يزعم رايت أن ترامب نسف مبادئ الحزب الجمهوري.
استطلاعات الرأي:
قبل أربع سنوات، كنا نعتقد أن هيلاري كلينتون ستفوز، حيث كانت متقدمة في استطلاعات الرأي. ونفس الأمر يتكرر اليوم، حيث يأتي الرئيس ترامب خلف نائب الرئيس السابق جو بايدن في استطلاعات الرأي، والديمقراطيين، بدأوا الاستعداد مبكرًا لدخول البيت الأبيض. ولكن ترامب أثبت في الانتخابات الأخيرة أن استطلاعات الرأي كانت خاطئة وتحدى جميع التوقعات، وتمكن في النهاية بالفوز في الانتخابات. وحذر موقع أكسيوس الاخباري من أن "الجمهور يجب ألا يكون لديه ثقة كبيرة في أن بيانات الرأي العام قد تشير بدقة إلى الفائز". وذكر الموقع أن هذه الانتخابات قد تُعيد ذكريات الانتخابات الأخيرة، بل بصورة أسوأ، حيث قد تضع استطلاعات الرأي توقعات خاطئة وسط نظام تصويت معقد بسبب الجائحة، ورئيس حالي يحذر من عملية "تزوير" لن يقبل بنتائجها."
وقد حددت المديرة التنفيذية لموقع أكسيوس، سارة كيهولاني جوو، ومدير التحرير ديفيد ناثر "ثلاثة أسباب رئيسية للقلق من استطلاعات الرأي هذا العام":
- لا تزال مشاكل استطلاعات الرأي قائمة منذ عام 2016م، نظرًا لأن جميع الاستطلاعات لا تمثل فئة كبيرة من المواطنين لتكون كافية لتمثيل التركيبة السكانية للناخبين الذين يميلون إلى التصويت لصالح ترامب، مثل الأشخاص الذين لم يحصلوا على تعليم جامعي على سبيل المثال. ونقل الموقع عن مديرة مركز بيو للأبحاث كورتني كينيدي، قولها إن العديد من استطلاعات الرأي هذا العام "في الولايات المتأرجحة مثل فلوريدا وميشيغان وويسكونسن مقلقة ولم تتحسن."
- ستجعل جائحة كورونا التصويت الفعلي أكثر تقلبًا. ويكمن القلق هنا بشأن بطاقات الاقتراع عبر البريد و"نقص الخبرة لدى العاملين بالبريد لتسليمها في الوقت المحدد"، فضلاً عن "قدرة الولايات على تسيير العملية، والوصول إلى التصويت الشخصي يوم الانتخابات".
- "ما زلنا في بدايات الانتخابات، حيث اختتمت للتو المؤتمرات الانتخابية، ومع انتشار الوباء في جميع أنحاء البلاد، يبدو أن الحملات ستستمر لفترة أطول. لكن أكسيوس يذكرنا بأن "هناك طريق طويل لنقطعه". هناك شهرين حتى الوصول إلى الانتخابات. ولا يزال من الممكن حدوث أشياء كثيرة خلال الأسابيع القادمة.
وقد يؤدي هذا إلى نتائج انتخابات غير متوقعة تمامًا، أو كما صرحت آن سيلزر، إحدى مستطلعات الرأي في ولاية آيوا، لموقع أكسيوس "إذا كان هناك عام قد تحدث فيه أشياء غير متوقعة، فهو بالتأكيد عام 2020"ـ لذلك علينا أن نشد أحزمة المقاعد للمشاهدة.
إن هناك ثماني ولايات متأرجحة ستقرر مصير انتخابات 2020م، وهذه الولايات، وفقًا لمجلة بوليتيكو، هي أريزونا وفلوريدا وجورجيا وميشيغان ومينيسوتا ونورث كارولينا وبنسلفانيا وويسكونسن. وتتحدد نتيجة الانتخابات عن طريق المجمع الانتخابي الذي يضم (538 ناخبًا)، ويبلغ عدد الأصوات الموجودة في هذه الولايات الثماني 127 صوتاً انتخابياً. وللفوز بالانتخابات، يُطلب من المرشح الحصول على أغلبية مطلقة لا تقل عن 270 صوتًا.
وتكشف استطلاعات الرأي حتى منتصف سبتمبر أن بايدن يتقدم في ولاية أريزونا. وفي جورجيا، التي صوتت للحزب الجمهوري في آخر ثماني انتخابات رئاسية، يبدو أن بايدن وترامب متقاربان تقريبًا، حيث حصل بايدن على 47٪ وترامب على 46٪ خلال أول 10 أيام منذ شهر سبتمبر. وفي ولاية كارولينا الشمالية، فالمرشحان متقاربان جدًا، حيث حصل ترامب على 44٪ وبايدن على 45٪. أما ولاية بنسلفانيا، وهي من الولايات المتأرجحة بشكل كبير، يقود بايدن السباق بنسبة 59٪، مقارنة ب 45٪ لترامب.
وفي ولاية ميشيغان، يتقدم بايدن بشكل كبير، حيث حصل على نسبة 53٪، وترامب 42٪. وفي مينيسوتا، يتقدم بايدن بعشر نقاط على الأقل على ترامب في استطلاعات الرأي الكبرى، حيث حصل على 57% مقابل 41% لترامب.
وفي ولاية ويسكونسن، وهي الولاية التي تسببت في خسارة هيلاري كلينتون لانتخابات عام 2016م، مع بنسلفانيا وميشيغان، يتقدم بايدن استطلاعات الرأي حاليًا بست نقاط على ترامب، حيث حصل بايدن على 52% مقابل 46% لترامب.
وبالنسبة لفلوريدا، وهي الجائزة الأكبر على الإطلاق خلال انتخابات هذا العام، فترامب الذي انتقل من نيويورك إلى فلوريدا بعد أن أصبح رئيسًا، فاز بفارق 1٪ في فلوريدا في الانتخابات الأخيرة، وهو الآن يضغط بشدة للفوز بأصوات الولاية. لكن استطلاعات الرأي تظهر أنه وبايدن متعادلين تقريبًا في فلوريدا، حيث يتقدم ترامب بفارق ضئيل بين الناخبين اللاتينيين، ويتقدم بايدن بفارق ضئيل بين كبار السن، وكلاهما حصل على نسبة 48٪.
هل ستكون استطلاعات الرأي صحيحة هذه المرة أم أنها ستحكي رواية كاذبة، كما حدث في انتخابات عام 2016؟ هذا هو أكبر مصدر للشك وعدم اليقين بشأن هذه الانتخابات.
من سيفوز إذن في الانتخابات الرئاسية لعام 2020؟ إذا كنت تأخذ جميع المؤشرات السياسية للانتخابات في الاعتبار، فستقول إن ترامب سيخسر هذه الانتخابات بالتأكيد. لكن ترامب لا يسير حسب المؤشرات. ففي الانتخابات الأخيرة خالف كل التوقعات وتمكن من الفوز. وقد يتكرر ذلك مرة أخرى.
إن خبراء الانتخابات في حيرة من أمرهم وهم يحاولون توقع نتائج هذه الانتخابات. فهم يقولون إن ترامب لا يمكنه الفوز مع كل تلك المشاكل التي يعاني منها، لكنه قد يفوز في النهاية كما فعل من قبل. وقال البروفيسور آلان ليختمان، الذي توقع نتائج الانتخابات الأمريكية بشكل صحيح منذ عام 1984م، لصحيفة ذا ناشونال، أنه يتوقع أن يخسر دونالد ترامب أمام جو بايدن. ومع ذلك، فقد حذر أيضًا من أن "حساباته قد تتأثر بالتدخل الأجنبي وقمع الناخبين".
والخلاصة أنه لا يوجد شخص يعرف حقًا ما سيحدث، فقد تحدى ترامب كل الصعاب من قبل وفاز في النهاية، حتى أولئك الذين يستبعدون فرص نجاحه الآن يفعلون ذلك على مسؤوليتهم الخاصة.
ومع ذلك، قد نكتشف أن نتائج الانتخابات نفسها ليست هي الأهم، وان الحكاية الأمريكية التي سيكشف عنها الغطاء بعد نتيجة انتخابات 2020 هي بيت القصيد.