array(1) { [0]=> object(stdClass)#12962 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

العدد 155

مجموعة العشرين مطالبة باتفاق عالمي لتقاسم المكاسب وتدفق البيانات والتجارة الرقمية والاستثمار

الأحد، 01 تشرين2/نوفمبر 2020

شهد الاقتصاد العالمي برمته تطورًا اقتصاديًا غير مسبوق بعد الحرب الكونية الثانية، تجلى باندماج اقتصادي متزايد بين الاقتصادات الوطنية، كما يتبين من مشهد التجارة الدولية التي بلغ معدل نموها ضعف معدل النمو في الناتج المحلي الإجمالي. وعلاوة على التجارة الدولية، فإن الظاهرة الرئيسة الأخرى لتنامي الاقتصاد المعولم تمثلت بالزيادة الكبيرة في حجم التدفقات الرأسمالية الدولية، حيث ارتفع إجمالي الاستثمار الأجنبي المباشر الوارد عالمياً بمقدار يتجاوز سبعة أمثال ما بين عامي 1990و2019م. وارتفع إجمالي تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر إلى الدول المتقدمة بمقدار عشرة أمثال. أما بالنسبة للدول النامية، فقد كان النمو النسبي للتدفقات الرأسمالية ملفتًا للنظر، حيث زاد إجمالي تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر إلى الدول النامية بدءًا من مطلع التسعينات بمقدار ثمانية وعشرين مرةً مع نهاية 2019م.

    ونعيش اليوم مشهد اقتصاد عالمي تصوغه مجموعة العشرين ذات الاقتصادات المتنوعة يتجه صوب المزيد من العولمة الاقتصادية والاعتماد المتبادل، وفي ظل التحول صوب الاقتصاد الرقمي الذي أخذ يشكل جزءًا متزايد الأهمية في الاقتصاد المعولم، حيث أن الاقتصاد الرقمي يقوي القدرة التنافسية للقطاعات الاقتصادية، ويتيح فرصًا جديدة لأنشطة الأعمال وتنظيم المشاريع، ويفتح طرقًا جديدة للدخول إلى الأسواق الخارجية والمشاركة في سلاسل التوريد العالمي.

     سنتناول في مقالنا هذا دور مجموعة العشرين التي تشكل الركيزة الأساسية للتنويع الاقتصادي العالمي في تصحيح الاختلالات في التجارة العالمية، وجذب الاستثمارات الأجنبية للدول النامية، وكيفية تحقيق نظام تجاري واستثماري إيجابي وداعم ومفتوح، وضمان التدفق الحر للبيانات والتجارة الرقمية.

أولاً – نظرة عامة على مجموعة العشرين:

    أنشئت مجموعة العشرين عام 1999م، كرد فعل على الأزمات المالية التي حدثت في أواخر التسعينات، لاسيما الأزمة المالية في جنوب شرقي آسيا وأزمة المكسيك، والإدراك المتزايد بأن دول السوق البارزة الرئيسة لم يكن لها النصيب الكافي في المشاركة في قلب مناقشات وقيادة الاقتصاد العالمي.

   ويتوزع أعضاء مجموعة العشرين جغرافيًا، كالتالي: القارة الآسيوية ممثلة في الصين، والهند، وإندونيسيا، واليابان، وكوريا الجنوبية، والسعودية. أما إفريقيا فتمثيلها متواضع جنوب إفريقيا فقط، أما أمريكا الجنوبية فتمثلها الأرجنتين، والبرازيل. وأوروبا تمثلها ثلاث دول من الاتحاد الأوروبي، وتمثل نفسها، وهي وفرنسا، وإيطاليا، وألمانيا، إضافة إلى روسيا، وتركيا، والمملكة المتحدة. وأمريكا الشمالية تمثلها أمريكا، وكندا، والمكسيك، وأستراليا تمثلها أستراليا ويعكس هذا التوزيع الجغرافي لدول مجموعة العشرين إلى حد بعيد درجة التنوع في الاقتصاد العالمي، ففيها دول تهمين على أسواق النفط والغاز كالسعودية وروسيا وأستراليا وكندا والولايات المتحدة، ودول تتسم بكونها رائدة في مجال الصناعات الالكترونية والمعلومات كاليابان وكوريا والصين، ودول ذات ثقل زراعي كالأرجنتين وأستراليا والمكسيك، ودول ذات ثقل كبير في الصناعات الثقيلة كألمانيا والولايات المتحدة، ودول ذات أهمية سياحية كبيرة كفرنسا، وإيطاليا، وتركيا.

      وتهدف مجموعة العشرين إلى تطوير الاقتصاد العالمي من خلال إصلاح المؤسسات المالية الدولية وتحسين النظام المالي، كما تركز على دعم النمو الاقتصادي العالمي، وتفعيل مبادرات التجارة المنفتحة والمرتكزة على قواعد منظمة التجارة العالمية. كما تهدف إلى الجمع بين الأنظمة الاقتصادية للدول النامية والدول الصناعية التي تتسم بالأهمية والتنظيم لمناقشة القضايا الرئيسة المرتبطة بأنظمة الاستثمار والتجارة الدولية.

      وتدعم المناقشات البناءة والمفتوحة بين دول مجموعة العشرين في رفع معدلات النمو الاقتصادي في أنحاء العالم والمساهمة في تحقيق الاستقرار للاقتصاد العالمي وتقوية هيكله المالي، وإتاحة فرص الحوار حول السياسات الداخلية للبلاد والتعاون الدولي فيما بينها وحول المؤسسات المالية الدولية.

ثانياً-الأهمية النسبية لمجموعة العشرين في الاقتصاد العالمي:

  • السكان والناتج المحلي الإجمالي:

    يشكل سكان مجموعة العشرين البالغ قرابة (4.6) مليار نسمة حوالي نحو (%58.8) من إجمالي سكان العالم لعام 2019م، أي أن سكان هذه المجموعة يشكلون الثقل الأكبر من حيث الطلب الاستهلاكي العالمي ويشكل سكان الصين والهند نسبة (61%) من سكان مجموعة العشرين. كما يبلغ الناتج المحلي لـــ (G20) بقرابة (67) تريليون دولار أي ما يشكل حوالي (77%) من الناتج المحلي الإجمالي العالمي لعام 2019م، مما يعكس الأهمية الاقتصادية العظمى لاقتصادات دول المجموعة في إطار الاقتصاد العالمي. وتستحوذ الولايات المتحدة والصين على أكثر من نصف الناتج المحلي الإجمالي لمجموعة العشرين.

 

جدول (1) السكان والناتج المحلي الإجمالي لدول مجموعة العشرين لعام 2019

الدولة

السكان

الناتج المحلي الإجمالي مليون دولار

العدد

النسبة من G20

حجم الناتج

النسبة من G20

الأرجنتين

44,560,000

o.97

519,487

o.77

استراليا

25,169,000

o.55

1,420,045

2.12

البرازيل

209,469,333

4.59

1,867,818

2.78

كندا

36,994,000

0.81

1,712,479

2.55

الصين

1,395,380.000

30.61

13,368,073

19.96

فرنسا

67,098,824

1.47

2.715,580

4.05

ألمانيا

83,166,711

1.82

3,845,718

5.74

الهند

1,352,617,328

29.67

2,718,732

4.06

إندونيسيا

264,162.000

5.79

1,022,454

1.52

إيطاليا

60,244,639

1.32

2,001,290

2.98

اليابان

126,529,100

2.77

4,971,767

7.42

المكسيك

124,738.000

2.73

1,222,053

1.82

روسيا

146,800.000

3.22

1,657,290

2.47

السعودية

33,699,947

0.73

792,967

1.18

جنوب إفريقيا

57,939.000

1.27

366,135

0.54

كوريا الجنوبية

51.635.000

1.13

1,720,489

2.57

تركيا

83,154,997

1.82

771,274

1.51

المملكة المتحدة

67,025,542

1.47

2,824,850

3.77

الولايات المتحدة

327,352.000

7.18

21,433,200

32.01

مجموعة العشرين

4,557,735,421

100%

66,953,700

100%

 

المصدر: تم احتساب النسبة من الباحث بالاعتماد على:https://countryeconomy.com/countries/groups/g20

  • التجارة الدولية من السلع والخدمات

       بلغت القيمة الإجمالية لتجارة السلع والخدمات لدول G20 لعام 2019م، نحو (30) تريليون دولار، وهو ما يمثل (60.2%) من الإجمالي العالمي البالغ (49.9) تريليون دولار. وجاءت الولايات المتحدة بالمرتبة الأولى من حيث الوزن النسبي في التجارة الدولية، حيث شكلت ما نسبته (11.3%)، تليها الصين بنسبة (10.7%)، فألمانيا بنسبة (6.9%) والمملكة المتحدة بنسبة (3.7)، وتستحوذ الدول الأربعة على قرابة ثلث تجارة العالم من السلع والخدمات. 

 

جدول (2) التجارة الدولية من السلع والخدمات لمجموعة العشرين لعام 2019 مليار دولار

 

 

الدولة 

التجارة الدولية للسلع والخدمات 

النسبة من التجارة العالمية %

1

الولايات المتحدة 

5631

11.3

2

جمهورية الصين الشعبية

5355

10.7

3

ألمانيا

3421

6.9

4

المملكة المتحدة

1852

3.7

5

اليابان 

1830

3.6

6

فرنسا 

1771

3.5

7

كوريا الجنوبية

1271

2.6

8

إيطاليا

1251

2.5

9

الهند

1200

2.4

10

كندا

1124

2.3

11

المكسيك

994

2.0

12

روسيا

832

1.7

13

استراليا

633

1.3

14

البرازيل 

507

1.0

15

المملكة العربية السعودية

496

1.0

16

تركيا

482

0.9

17

إندونيسيا

408

0.8

18

جنوب إفريقيا

207

0.4

19

الأرجنتين

147

0.3

20

مجموعة العشرين

30045

62.2

 

باقي دول العالم 

19879

37.8

 

العالم 

49924

100%

المصدر: تم احتساب النسبة من الباحث بالاعتماد على:

World Trade Organization (WTO), World Trade Statistical Review 2020

 

  • الاستثمارات الأجنبية المباشرة

   تهُيمن دول مجموعة العشرين على حركات الاستثمارات على الصعيد العالمي بمختلف أشكالها، حيث بلغ رصيد الاستثمارات الأجنبية المباشرة الصادرة من دول المجموعة نحو (18) تريليون دولار وهو ما يمثل نحو (52%) من الرصيد التراكمي العالمي لهذه الاستثمارات والبالغ نحو (34.6) تريليون دولار لعام 2019.

 

جدول (3) الاستثمارات الأجنبية المباشرة الصادرة والواردة لدول مجموعة العشرين (2000-2019) مليون دولار

 

 

رصيد الاستثمارات الأجنبية المباشرة الصادرة 

رصيد الاستثمارات الأجنبية المباشرة الواردة

2000

2019

2000

2019

الأرجنتين

67601

69170

21141

43527

استراليا

121686

714249

92508

579257

البرازيل

-

640731

-

223947

كندا

325020

1037092

442623

1652480

الصين 

193348

1769486

27768

2099400

فرنسا

184215

868691

365871

1532826

ألمانيا

470938

953306

483946

1719389

الهند

16339

426928

1733

178694

إندونيسيا

25060

232614

6940

78817

إيطاليا

122533

445741

169957

558400

اليابان

50323

222527

278445

1818139

كوريا 

43738

238553

21497

440147

المكسيك

121691

628460

8273

230362

السعودية

17577

236166

5285

123050

جنوب إفريقيا 

43451

150951

27328

207947

تركيا 

18812

164906

3668

47754

روسيا 

29738

463860

19211

386622

المملكة المتحدة

439458

2075271

940197

1949442

الولايات المتحدة

2783235

9465835

2694014

7721713

مجموعة العشرين

5074763

17945448

5610405

21591913

Source: United Nations Conference Trade and Development (UNCTAD), World Investment Report, Various Issues                  

 

ثالثًا – دور مجموعة العشرين في تصحيح نظم التجارة والاستثمار على الصعيد العالمي:

    ساهمت دول مجموعة العشرين بالتعاون مع دول العالم في تحقيق الغاية (8-أ) من الأهداف الإنمائية للألفية المتمثلة في "إقامة نظام تجاري ومالي يتسم بالانفتاح والتقيد بالقواعد والقابلية للتنبؤ به وعدم التمييز" حيث باتت الواردات القادمة من الدول النامية لاسيما الدول الأقل نموًا تحظى بمعاملة تفضيلية من طرف الدول المتقدمة النمو، فقد شهدت الفترة (2000-2014م) زيادة كبيرة في نسبة واردات الدول المتقدمة النمو (باستثناء النفط والسلاح) القادمة من الدول النامية، والتي يسمح بدخولها دون رسوم جمركية. وبالرغم من انخفاض طفيف في عامي 2013 و2014م، سُمح في عام 2014م، بدخول (84%) و(79%) من الواردات القادمة من الدول الأقل نموًا والدول النامية على التوالي دون رسوم جمركية. وبلغ نصيب صادرات الدول الأقل نموًا التي حظيت بمعاملة تفضيلية (بما يتخطى حالة الدولة الأكثر تفضيلاً) حوالي (60%9 في عام 2014م، مسجلة زيادة على عام 2011م، حينما كانت هذه النسبة (53%).

   وفي إطار كل فئة، انخفض متوسط الرسوم الجمركية التي فرضتها الدول المتقدمة على الواردات القادمة من الدول النامية بسرعة بين عامي 1996و2005م، بيد أن هذا الانخفاض كان بطيئاً بعد عام 2005م، بل إن الاتجاه انعكس بالنسبة لبضعة من الفئات، غير أن الرسوم الجمركية الزراعية المفروضة على أقل الدول نموًا استمرت في تراجعها الحاد حتى عام 2010م، في معظم الدول المتقدمة.

       وغني عن البيان، هناك تبيان بين المنتجات والمناطق في متوسط الهامش التفضيلي الذي تمنحه الدول المتقدمة لوارداتها من الدول النامية. وفي المتوسط تستفيد الدول الأقل نموًا من هامش تفضيلي أوسع. من ذلك مثلاً أن الصادرات الزراعية القادمة إلى الدول المتقدمة من الدول النامية في منطقتي أوقيانوسيا وإفريقيا – جنوب الصحراء الكبرى، أي حيث يوجد معظم الدول الأقل نموًا، تتلقى أعلى معاملة تفضيلية قياسًا بالمناطق الأخرى. غير أن التفضيلات الجمركية لا ترتبط دائمًا بالوضع التنموي للدول المُصدرة، فبعضها ينتج عن الاتفاقات التجارية الإقليمية، كما هو حال أمريكا اللاتينية وشمال إفريقيا. وعلى الشاكلة نفسها، ومع أن صادرات دول إفريقيا – جنوب الصحراء الكبرى تتلقى معاملة تفضيلية عالية في الدول المتقدمة النمو. فإن أكبر الدول الأقل نموًا المصدرة للألبسة تقع في آسيا ولا تستفيد من إمكانية الدخول للسوق الأمريكية دون رسوم جمركية.

      وبلغ الهامش التفضيلي للصادرات الزراعية القادمة من الدول الأقل في عام 2014م، نموًا قياسًا بتلك الصادرات القادمة من الدول النامية عمومًا، (7%). وبالمقابل فإن الهامش التفضيلي للمنسوجات والألبسة كان بالكاد أكبر من نقطة مئوية واحدة. وهذا يعكس بدرجة كبيرة استبعاد الولايات المتحدة لبعض المُصدرين الآسيويين من المعاملة الجمركية التفضيلية.

      كما يأتي الدور الذي تقوم به مجموعة العشرين في تصحيح الاختلالات في هيكل التجارة والاستثمار الدوليين منسجمًا مع الغايات التي وضعت في أهداف التنمية المستدامة 2030م، وتحديدًا في الهدف (17) " تعزيز وسائل تنفيذ الشراكة العالمية وتنشيطها من أجل التنمية المستدامة "وتتمثل هذه الغايات بالآتي:

  • الغاية (17.3) حشد موارد مالية إضافية من مصادر متعددة من أجل الدول النامية. وتتمثل هذه الموارد بالاستثمارات الأجنبية المباشرة والمساعدة الإنمائية الرسمية.
  • الغاية (17.4) اعتماد نظم لتشجيع الاستثمار لأقل الدول نموًا وتنفيذها.
  • الغاية (17.10) تعزيز نظام تجاري متعددة الأطراف عالمي وقائم على القواعد ومفتوح وغير تمييزي ومنصف في إطار منظمة التجارة العالمية، بوسائل منها اختتام المفاوضات الجارية في إطار جولة الدوحة التي وضعتها المنظمة.
  • الغاية (17.11) زيادة صادرات الدول النامية زيادة كبيرة. ولاسيما بغرض مضاعفة حصة أقل الدول نموًا من الصادرات العالمية بحلول عام 2020م.
  • الغاية (17.12) العمل في الوقت المناسب على كفالة دوام وصول منتجات جميع الدول الأقل نموًا إلى الأسواق بدون رسوم جمركية أو حصص مفروضة، تماشيًا مع قرارات منظمة التجارة العالمية، بوسائل منها كفالة جعل قواعد المنشأ التفضيلية المنطبقة على واردات الدول الأقل نموًا شفافة وبسيطة. وكفالة مساهمة تلك القواعد في تيسير الوصول إلى الأسواق.

     ويشير تقرير الأمم المتحدة حول أهداف التنمية المستدامة لعام 2020م، إلى أنه المتوقع أن تنخفض التجارة العالمية للسلع بنسبة (13 إلى 32 %) في عام 2020م، نتيجة لجائحة كوفيد-19. وقد انخفضت الرسوم الجمركية المرجحة بالتجارة من (2.2%) في عام 2017م، إلى ما متوسطه (1.2%) في جميع أنحاء العالم في عام 2018م، وبلغت الرسوم الجمركية التفضيلية التي قدمها أعضاء منظمة التجارة العالمية والتي وفرت امتيازات الأفضليات من جانب واحد مستوًا متوسطه (1.1%)، سواء للدول النامية أو الدول الأقل نموَا. ويمكن أن تؤدي صعوبات الامتثال لشروط المعاملة لتفضيلية -وتزايد عدد الاتفاقات التجارية بين الدول المتقدمة النمو -إلى تضييق نافذة ّ الفرص التي تتيحها هذه المعدلات لمصدري البلدان النامية.

    وكانت حصة صادرات أقل البلدان نموًا في التجارة العالمية البضائع أعلى بالكاد من (1%) عام 2018م، أي بزيادة طفيفة عن 2017م، ويعني ذلك أنها بقيت على نفس ًالمستوى تقريبًا منذ عشر سنوات، وهو مستوى يبقى بعيدًا عن الغاية المحددة بالمضاعفة بحلول عام 2020م. أما حصة الصادرات العالمية في خدمات أقل البلدان نموًا، فقد بلغت (0.8%) تقريبا عام 2018م. على أن المشاركة لا تزال مركزة في عدد قليل من الاقتصادات، لاسيما في البلدان الآسيوية، حيث تكافح معظم الدول الأخرى الأقل نموًا لتصدير الخدمات دوليًا.

     أما فيما يتعلق بحشد الموارد لدعم مصادر تمويل التنمية في الدول النامية ساهمت دول مجموعة العشرين من خلال دورها الديناميكي في تدفقات الاستثمار الأجنبي على الصعيد العالمي في دفع عملية التنمية في الدول النامية من خلال زيادة حجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة الوافدة للدول النامية والتي شهدت ارتفاعًا ملحوظًا خلال العقدين المنصرمين، إذ ارتفعت من (265) مليار دولار عام 2000م، إلى (684,7) مليار دولار عام 2019م، أي ارتفع بأكثر من ضعفين ونصف والشكل التالي يُبين ذلك.

شكل (1) تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر الوارد للدول النامية (2000-2019) مليار دولار

المصدر: من إعداد الباحث بالاعتماد على تقرير الاستثمار العالمي، سنوات مختلفة

         وبالرغم من هذا الارتفاع الكبير الذي حصل خلال العشرين سنة المنصرمة في تدفقات الاستثمارات الأجنبية المباشرة إلى الدول النامية،  حيث ارتفعت حصة الدول النامية من إجمالي هذه التدفقات من نحو (18.7%) عام 2000م، إلى (44.7%) عام 2029م، غير أن هذا التقدم الملحوظ سيتعرض إلى هزة كبيرة بسبب فايروس كورونا" كوفيد –" 19 الذي اجتاح العالم خلال العام 2020م، والذي سيكون له تداعيات في غاية السلبية على هذه التدفقات، حيث تشير توقعات منظمة الأمم المتحدة للتجارة والتنمية " الأونكتاد")  إلى أن الاستثمار الأجنبي سينخفض على الصعيد العالمي بنسبة تصل إلى (40%) في عام 2020م، نتيجة لتأخر في الاستثمار الناجم عن الصدمة التي أصابت الطلب العالمي على السلع والخدمات، ثم بنسبة بين (5-10%) في عام 2021م، والشكل (2) يوضح ذلك.

 


شكل (2) تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر على الصعيد العالمي (2015-2019) والتوقعات 2020-2022 تريليون دولار

Source: UNCTAD, World Investment Report 2020, P.2                  

      ويمكن لهذه الجائحة أن تسرع الاتجاهات الحالية التي تُظهر تفكك سلاسل القيمة العالمية وإعادة العمليات التجارية من الخارج إلى بلدانها الأصلية مدفوعة برغبة الشركات المتعددة الجنسيات في جعل سلاسل التوريد أكثر مرونة.

     وللاقتصاد الرقمي انعكاسات هامة على الاستثمار، ويتسم الاستثمار بدوره بأهمية بالغة بالنسبة للتنمية الرقمية، فأولا، يتيح الاقتصاد الرقمي إمكانيات تحويل العمليات الدولية للشركات المتعددة الجنسيات وأثر فروعها الأجنبية على الدول المضيفة، وبالتالي فهو يؤثر في سياسات الاستثمار، وثانيًا، تتطلب التنمية الرقمية في جميع الدول، ولاسيما مشاركة الدول النامية في الاقتصاد الرقمي العالمي، انتهاج سياسات استثمار محددة الأهداف لإنشاء البنية التحتية اللازمة لتوفير القدرة على الاتصال الإلكتروني، وتشجيع الشركات الرقمية.

     ويمكن القول بأن احتياجات الاستثمار لتأمين قدرة كافية على الاتصال الإلكتروني في معظم الدول النامية قد لا تكون بذات الحجم الكبير المفترض في غالب الأحيان: فالاستثمارات في البنية التحتية اللازمة لتعميم شمولية خدمات النطاق العريض يمكن أن تتحقق في ظل وجود إطار مؤات للاستثمار الخاص وسياسات تهدف إلى توليد قدر كاف من الطلب. ولمساعدة صانعي السياسات على غلق فجوة في استراتيجية التنمية الرقمية، تقدر منظمة الأونكتاد إجمالي تكاليف الاستثمار المرتبطة بالتغطية الشاملة للجميع في الدول النامية بما يقل عن (100) مليار دولار. وبلا شك فإن توفير الموارد لغلق هذه الفجوة سوف يسهم في تعزيز حضور الدول النامية في التجارة الرقمية، وضمان انسيابية الوصول للمعلومات.

     وسيلزم توفر دعم حكومي وأنماط من الشراكات بين القطاعين العام والخاص لتعميم القدرة على الاتصال الإلكتروني، بما في ذلك في المناطق ذات الكثافة السكانية الضئيلة والمناطق المنخفضة الدخل. وبالرغم من أن شركات الاتصالات تبني معظم الشبكات ونقاط التبادل على الإنترنت، فإن اجتذاب الشركات الرقمية المتعددة الجنسيات يمكن أن يساعد في استكمال البنية التحتية للإنترنت (مثل شبكات توزيع المحتوى ومراكز البيانات). ومن شأن التعاون الإقليمي في مجال الاستثمار في البنية التحتية للإنترنت أن يزيد قدرة مشاريع البنية التحتية على اجتذاب المستثمرين الدوليين.

    وأخيرًا نقول بأن عام 2020م، يُعد عامًا مفصليًا في مسيرة الاقتصاد المعولم، ففيه سيحقق الاقتصاد العالمي وجميع دول العشرين باستثناء الصين انكماشًا اقتصاديًا غير مسبوق، الأمر الذي يتطلب من قادة مجموعة العشرين صوغ رؤية شجاعة لانتشال الاقتصاد العالمي، تشمل اقتراح اتفاق عالمي بخصوص نظم التجارة والاستثمار التي تعد الركيزة الأساسية لتحقيق عولمة اقتصادية يتقاسم فيها الجميع المكاسب دون استثناء أحد، وتضمن التدفق الحر للبيانات والتجارة الرقمية.

مقالات لنفس الكاتب