array(1) { [0]=> object(stdClass)#13490 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

العدد 156

السعودية الشرق الأوسط: دور فعال في حل الأزمات دون استثناء

الأحد، 29 تشرين2/نوفمبر 2020

تميزت السياسة السعودية بالنشاط الدبلوماسي على المستوى الدولي والإقليمي للمساعدة في تحقيق السلام والأمن الدوليين وحل الأزمات التي واجهت العالم  العربي والإسلامي، فقد كانت من الدول المشاركة في إنشاء الأمم المتحدة حيث  وقعت على ميثاق التأسيس للمنظمة في مدينة سان فرنسسكو عام 1945م، كما ساهمت في تأسيس الجامعة العربية في العام نفسه فهي دولة مؤسسة، كما أن السعودية عضو فعال في منظمة دول عدم الانحياز، وكانت المؤسس الرئيس  لمنظمة التعاون الإسلامي (منظمة المؤتمر الإسلامي سابقًا) عندما نادى الملك فيصل زعماء الدول الإسلامية لاجتماع قمة في 25 سبتمبر 1969م، إثر حريق المسجد الأقصى في 21 أغسطس عام 1969م، وكانت قمة الرباط التي أسست المنظمة والتي تضم اليوم في عضويتها 57 دولة ومركزها في مدينة جدة.

ودافعت السعودية عن القضايا الإسلامية والعربية في باكستان وأفغانستان وإفريقيا وواجهت التدخل الخارجي في الدول العربية وخاصة التدخل الإيراني في اليمن والبحرين والعراق وسوريا، وشارك الجيش والمتطوعون السعوديون في حرب فلسطين عام 1948م، ورابط الجيش السعودي في الأردن إثر حرب 1967م، وقدمت المساعدات المالية لدول المواجهة العربية ضد إسرائيل، واستعملت سلاح البترول في حرب 1973م، ضد بعض الدول الغربية التي أيدت العدوان الإسرائيلي ، وكان الدور السعودي فعالاً في دعم مصر في حرب أكتوبر/رمضان 1973م، لذا فالسياسة السعودية فعالة ودائمًا في مقدمة الدول التي أسهمت في حل الأزمات التي تتعرض لها الدول العربية.

الدور السعودي وتطوع الأمراء في أزمة السويس 1956

عندما حدث العدوان الثلاثي، التحالف البريطاني الفرنسي الإسرائيلي بالهجوم على قناة السويس 1956م، بعد تأميم الرئيس المصري جمال عبد الناصر للقناة، وكان التأميم وفقًا للقانون الدولي، ولكن بريطانيا وفرنسا اعتبرتا التأميم ضد مصالحهما، وكالعادة كانت إسرائيل أداة الدول الكبرى لتنفيذ أهدافها. ثارت الشعوب العربية والإسلامية ضد العدوان الثلاثي وقامت المظاهرات في المدن العربية، وكان الموقف السعودي سباقًا في تأييد مصر في الأزمة، فقد أرسل الملك سعود برقية إلى الرئيس المصري، بأن المملكة تضع كل الإمكانات إلى جانب مصر، وأعلنت المملكة التعبئة العامة لجيشها ومنحت الطائرات المصرية حق اللجوء إلى شمال غرب المملكة لإنقاذها من القصف، وأرسلت المملكة قوة عسكرية من المتطوعين للدفاع عن مصر أطلق عليها قوة" المجاهدين السعوديين للدفاع عن الوطن العربي"، وكان من بين المجاهدين في القوة السعودية، الملك سلمان بن عبد العزيز، والملك فهد الذي كان وزيرًا للمعارف آنذاك، والأمير سلطان بن عبد العزيز والأمير عبدالله الفيصل، كما طلب الملك سعود من الرئيس الأمريكي أيزنهاور التدخل لإيقاف العدوان، وعندما عقدت قمة لبنان لدعم مصر ضد العدوان  في 13 نوفمبر 1956م، قال الملك سعود في القمة: " إننا نمثل في هذا الاجتماع الرئيس عبد الناصر لأنه وضع ثقته فينا جميعًا، ونرجو من الله أن يوفقنا لنصرة العرب". ولعبت السعودية ومصر دورًا مهمًا في سقوط حلف بغداد الذي هندسته بريطانيا   بضم تركيا وإيران وباكستان وحاولت ضم العراق له.

السعودية ودعم الثورة الجزائرية ضد الاستعمار الفرنسي

قدمت السعودية دعمًا سياسيًا وماليًا للثورة الجزائرية في المحافل الدولية مما أزعج فرنسا، وعندما استقبل الملك سعود في 6 مارس 1959م، في الرياض وفد الحكومة الجزائرية المؤقتة فرحات عباس قال للوفد " أنتم لستم جزائريين أكثر مني ، وأن القضية الجزائرية قضية مقدسة، وكان موقف المملكة داعمًا للثورة الجزائرية منذ انطلاقها، فقد أعلن ممثل المملكة في الأمم المتحدة في الخامس من يناير 1955م، بعد شهرين من إعلان الثورة في نوفمبر 1954م، أن الحالة في الجزائر خطيرة جدًا، وأن الشعب الجزائري يعاني من السياسة الفرنسية وآثار حملة قوية ضد فرنسا في الأمم المتحدة، وفي دورة الأمم المتحدة لعام 1956م، تم تسجيل الوفد الجزائري ضمن قائمة الوفد السعودي لطرح القضية الجزائرية أمام الجمعية العامة مما أثار الوفد الفرنسي برئاسة وزير الخارجية بينو ، وقال ممثل الوفد السعودي في دورة عام 1961م، للجمعية العامة منتقدًا ومحذرًا فرنسا "  إن صبر الشعب الجزائري لن ينفذ، وسيظل يحمل السلاح حتى تتحقق له حريته واستقلاله "، وبقيت المملكة تدعم الجزائر ماديًا وسياسيًا حتى استقلالها عام 1962م، وعندما نشبت الخلافات بين المغرب والجزائر حول الصحراء الغربية وتأييد الجزائر لجبهة البوليساريو، قامت المملكة بالوساطة بين البلدين وجمعت قمة ثلاثية على الحدود بين البلدين، الملك فهد والملك الحسن الثاني والرئيس الجزائري الشاذلي بن جديد في 4 مايو 1987م، وتم تبادل الأسرى بين البلدين في 25 مايو 1987م، حيث تم إطلاق 252 أسيرًا بين البلدين، وكانت الوساطة السعودية قد فتحت المجال لخطوة إعلان اتحاد المغرب العربي في فبراير 1989م ، ولا زالت المملكة بين حين وآخر تحاول دفع العلاقات بين الحكومتين للتقارب ولحل الخلاف حول الصحراء الغربية.

السعودية واتفاقية الطائف 1989 واستقرار لبنان

شهدت لبنان حربًا أهلية عام  1975م، استمرت خمسة عشر عامًا، أدت إلى تدمير البنية التحتية، يتمثل في لبنان نظام سياسي متعدد الطوائف والخلافات كثيرة بينها، وبعد الاستقلال تركت فرنسا فيه نظامًا طائفيًا عرفيًا: رئيس الجمهورية من الطائفة المسيحية ورئيس الوزراء من المسلمين السنة ورئيس مجلس النواب من الطائفة الشيعية وتتمثل الطوائف الأخرى بمناصب وزارية، وأدى الصراع في لبنان إلى اختراق إسرائيل بعض الطوائف في لبنان واستغلت وجود منظمة التحرير الفلسطينية في جنوب لبنان وتقدم الجيش الإسرائيلي في لبنان يونيو 1982م، لتدمير وإخراج قوات منظمة التحرير الفلسطينية من جنوب لبنان بضوء أخضر من إدارة الرئيس ريغان، وكان الاتفاق لمسافة أربعين كيلومتر في الجنوب ولكن إسرائيل رغم المقاومة اللبنانية والجيش وقوات منظمة التحرير الفلسطينية وصلت إلى بيروت، وقد ضغطت السعودية على الرئيس ريغان لإيقاف الغزو وخروج  إسرائيل من لبنان، وكان لاتصال الملك فهد بالرئيس ريغان دورًا رئيسيًا في وقف الغارات الإسرائيلية على بيروت، ثم فيما بعد انسحبت إسرائيل من بيروت، ورغم تنصيب بشير الجميل رئيسًا للجمهورية إلا أنه تم اغتياله في 14 سبتمبر 1982م، وتم انتخاب أمين الجميل رئيسًا لجمهورية لبنان خلفًا لأخيه، ولإنهاء الحرب الأهلية والصراع السياسي دعت السعودية زعماء الطوائف اللبنانية إلى مدينة الطائف، وتم توقيع اتفاقية الطائف برعاية الملك فهد في 30 سبتمبر 1989م، وتم إقرار الاتفاق بقانون في 22 أكتوبر 1989م، وتمت مصادقة البرلمان اللبناني على الاتفاق في 5 نوفمبر 1989م، وكانت نصوص الاتفاقية متقدمة لتحقيق مطالب الشعب اللبناني لإلغاء الطائفية حيث جاء في نصوص الاتفاقية تحت بند إلغاء الطائفية السياسية أ" إلغاء قاعدة التمثيل الطائفي واعتماد الكفاءة والاختصاص في الوظائف العامة والقضاء والمؤسسات العسكرية والأمنية والمؤسسات العامة والمختلطة والمصالح المستقلة وفقًا لمقتضيات الوفاق الوطني ، باستثناء وظائف الفئة الأولى فيها وفي ما يعادل الفئة الأولى فيها وتكون هذه الوظائف مناصفة بين المسسيحيين والمسلمين دون تخصيص أية وظيفة لأية طائفة "، وهي خطوة يطالب الشعب اللبناني بتطبيقها لإنهاء الطائفية اليوم ، وتقوم السعودية دائمًا بدور فعال باستقرار لبنان والتوفيق بين الأطراف السياسية وتقديم المساعدات المالية، وتعتبر الوساطة التي قامت بها في الطائف من أنجح الوساطات في استقرار لبنان السياسي وتتوافق مع طموحات الشعب اللبناني في إلغاء النظام الطائفي .

اتفاقية جدة للسلام بين إثيوبيا وإرتيريا

وإذا كانت السعودية قد ساهمت بشكل رئيسي في حل الخلافات في المشرق العربي وكذلك المغرب العربي، فالقرن الإفريقي جزء مهم من الأمن القومي العربي، وخاصة أمن البحر الأحمر والمحيط الهندي، وتستغل الدول الكبرى والإقليمية  الخلافات بين دول القرن الإفريقي لتعزيز وجودها بإقامة القواعد العسكرية في هذه الدول، جيبوتي، الصومال، أرتيريا والحبشة، ولذلك دعت المملكة أطراف النزاع إلى قمة في جدة، وحضر الاتفاق بالإضافة لهذه الدول الأربعة السودان وتم الاتفاق على حل الخلافات لتحقيق الأمن والاستقرار في القرن الإفريقي، وعقدت الاتفاقية في سبتمبر 2018م، بين إرتيريا وإثيوبيا، حيث كانت خلافات تاريخية بين البلدين أدت إلى حروب بينهما، ووقع على الاتفاقية أسياس أفورقي رئيس إرتيريا وأبي أحمد رئيس وزراء إثيوبيا، وحضر توقيع الاتفاقية الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، كما أيدت كل من بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة هذه الاتفاقية وأشادت بالدور السعودي في تحقيقها، وقد علق وزير خارجية جيبوتي محمود علي يوسف على عقد الاتفاقية بقوله " إن للمملكة العربية السعودية دورًا محوريًا في إحلال السلام  بين إثيوبيا وإرتيريا، كما أن جهودها المستمرة لمساعدة دول القرن الإفريقي على تجاوز خلافاتهما ينصب في إطار الشراكة الأمنية بين دول الخليج ودول القرن الإفريقي، حماية للمصالح المشتركة"؟ ولتعزيز العلاقة مع دول القرن الإفريقي قدمت المملكة المساعدات الاقتصادية لهذه الدول الاستثمارات في المشاريع الاقتصادية، وبذلك استطاعت احتواء التدخل الخارجي والمحاولة الإيرانية لاختراق منطقة القرن الإفريقي، والجدير بالذكر أن أول زيارة قام بها أسياسي أفورقي بعد استقلال إرتيريا عام 1993م، كانت لإسرائيل وبذلك تم احتواء هرولة أفورقي إلى إسرائيل وربط أمن البحر الأحمر بالأمن القومي العربي بين دول القرن الإفريقي ومصر والسودان ودول الخليج العربي.

                       السعودية والأزمة بين الهند وباكستان

ويتأثر الأمن الخليجي بما يحدث في جنوب آسيا وخاصة الصراع بين باكستان والهند، وتحظى باكستان بعلاقات تاريخية متميزة مع السعودية كما أن الهند شريك تجاري وعمالة هندية في دول مجلس التعاون الخليجي ومستورد للطاقة، وكلا البلدين الهند وباكستان دولة نووية، ولذلك يعتبر حل الخلافات بينهما من مصلحة منطقة الخليج والعالم العربي وللعالم الإسلامي فهناك 200 مليون مسلم في الهند وباكستان دولة مسلمة عدد سكانها بلغ 222 مليون نسمة (2020)، وفي ظل المحاور الاستراتيجية في جنوب آسيا، فالعلاقات الهندية والصينية متوترة بسبب الخلافات الحدودية، والعلاقات الصينية الباكستانية تتمتع بعمق تاريخي بسبب المصالح المشتركة بينهما، كما أن الهند عززت علاقات التقنية والتعاون العلمي مع إسرائيل، وكلها يمكن أن تنعكس على أمن الخليج خاصة والأمن العربي عامة، ومن منطلق المسؤولية كدولة لها مكانتها في حل الخلافات بين الدول الإسلامية، تحركت السعودية للوساطة في الأزمة التي حدثت في فبراير 2019م، عندما فجر انتحاري نفسه مما أدى لمقتل 40 جنديًا هنديًا ؛ وكرد فعل شنت  الطائرات الهندية هجومًا على مركز تدريبي في شمال باكستان، وبعدها بيوم أعلنت الحكومة الباكستانية إسقاط طائرتين هنديتين اخترقتا المجال الجوي لإقليم كشمير المتنازع عليه بين البلدين، وتوترت العلاقات وحدث تبادل النيران بالمدفعية وإغلاق بعض المطارات، مما أدى إلى تصعيد خطير، تحركت السعودية لحل الأزمة بينهما، وقد أشاد وزير الإعلام الباكستاني فؤاد شودري بالدور السعودي بقوله " إن المملكة العربية السعودية أدت دورًا مهمًا في تخفيف التوتر العسكري بين الهند وباكستان"، وأضاف شودري في تصريح لقناة جيو نيوز الباكستانية إن " السعودية حركت باقي الدول كالإمارات والولايات المتحدة لأداء دور في منع الهند من الاستمرار  في تصعيد التوتر مع باكستان".

القضية الفلسطينية: الدعم السعودي المتواصل على مختلف الأصعدة

تعتبر القضية الفلسطينية قضية مركزية في المملكة العربية السعودية سواء على المستوى الرسمي أو المستوى الشعبي، فقد شارك الجيش السعودي في حرب 1948م، في منطقة غزة إلى جانب الجيش المصري في  طرد اليهود من مستعمرة بيرون اسحاق،  وكتب  شكيب الأموي المراسل الحربي لصحيفة " أم القرى" الذي رافق الجيش السعودي في تقرير نشرته الصحيفة في 25 يونيو 1948م " المعركة الأولى  للجيش السعودي كانت في بيت حانون على بعد 9كلم عن غزة شمالاً ، وتواجه المعسكر السعودي مستعمرة بيرون اسحاق التي تؤمن 3 قرى أخرى بالماء، وكان السجال بين القوات المصرية واليهود على هذا الموقع، وتقرر طرد اليهود من الموقع فتقدمت القوات المصرية ومعها السعودية بقيادة القائم مقام سعيد الكردي ودامت المعركة ست ساعات استعملت فيها مختلف الأسلحة وتم هزيمة الميليشيات اليهودية "، ولم تقتصر المشاركة على الجيش السعودي فقد شارك المتطوعون السعوديون إلى جانب المتطوعين من مصر وسوريا والعراق والأردن وحتى من المغرب وليبيا وغيرها في القتال في فلسطين، واستشهد عدد من الجنود والمتطوعين السعوديين على أرض فلسطين مع غيرهم من الجنود والمتطوعين العرب والمسلمين وحسب ما يذكره الباحث الفلسطيني غسان دويكات فقد أستشهد على ثرى فلسطين ودفن فيها 155 من الجنود والمتطوعين السعوديين عام 1948م.

اللجنة الشعبية لمساعدة الشعب الفلسطيني

قدمت السعودية إضافة للدعم السياسي والعسكري الدعم المالي للشعب الفلسطيني منذ 1948م، وجمعت التبرعات الشعبية من مختلف مناطق المملكة، وبعد حرب يونيو 1967م، تم تشكيل اللجنة الشعبية لمساعدة الشعب  الفلسطيني  بأمر من الملك فيصل لجمع التبرعات الشعبية وكلف الملك سلمان بالإشراف عليها وكان أميرًا للرياض، وتم مأسسة اللجنة بتشكيل مجلس إدارة لها ومركزها الرياض وتم فتح فروع لها بثلاثة عشر مدينة في المملكة لتلقي التبرعات من المواطنين والمقيمين وعلى رأسهم الأمراء والمسؤولين، ويذكر عبد الرحيم جاموس عضو المجلس الوطني الفلسطيني والذي تم تعينه المدير العام للإشراف على اللجنة الشعبية لمساعدة الشعب الفلسطيني تحت رعاية الملك سلمان (الأمير آنذاك)، قول الملك سلمان : "إن القدس جزء من العقيدة، والعقيدة لا تقبل المساومة"، وهذا يؤكده ما تقوم به المملكة من دعم للشعب الفلسطيني. وبالإضافة إلى التبرعات الشعبية سعت اللجنة إلى إيجاد مصادر دعم مستمر، فأقرت اللجنة الشعبية "مشروع ريال فلســطين" في 26 يونيو 1968م، تحت شعار "ادفع ريالاً تنقذ عربيًا"، وهو رد على حملات المنظمات الصهيونية شعار التبرعات التي تقول" ادفع دولارًا تقتل عربيًا"، وامتدت التبرعات بجمع ريال فلسطين إلى المدارس في المملكة من خلال كوبونات وإقبال الطلاب والطالبات عليها. وطرحت اللجنة أيضًا مشروع سجل الشرف الذي يلتزم من خلاله الأفراد والتجار والشركات والمؤسسات بتقديم تبرعات شهرية أو سنوية للجنة، وتم بناء على رغبة الشخصيات الفلسطينية في المملكة بمشروع التزام الفلسطينيين 5% من رواتبهم للتبرع وفتح أيضًا باب الاكتتاب بمشروع 1% من الموظفين السعوديين للتبرع لأسر شهداء ومجاهدي فلسطين والتي لقيت إقبالاً من الموظفين السعوديين، كما صدرت الفتوى بجواز دفع الزكاة لأسر شهداء ومجاهدين فلسطين، وهذا يؤكد مدى ارتباط الحكومة والشعب السعودي بالقضية الفلسطينية؟

السعودية وطرح المبادرات السياسية لحل القضية الفلسطينية

قامت الدبلوماسية السعودية بدور فعال في الدفاع عن الحقوق الفلسطينية في المحافل الدولية، فقد رفضت السعودية رغم الضغط السياسي الأمريكي بعد 11 سبتمبر تبني المواقف الأمريكية في المساواة بين العمليات الفدائية الفلسطينية  والإرهاب الإسرائيلي، ففي مقابلة مع  إحدى القنوات الأمريكية رفض الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية مثل هذه المقارنة، كما كتب الأمير بندر بن سلطان السفير السعودي في واشنطن آنذاك مقالاً في مجلة نيوزويك الأمريكية يدين فيها مجازر شارون ربيع 2002م، ومدافعًا عن الفلسطينيين الذين يقاومون الاحتلال العسكري والتمييز ضدهم، كما فعل قبلهم نيلسون مانديلا وغيره . كما أصدر عدد من المثقفين السعوديين في 9 مايو 2002م، ردًا على " بيان المثقفين الأمريكيين " بيانًا سعوديًا تحت عنوان" الخيارات محدود. كيف نتعايش" وأكد بيان المثقفين السعوديين على ضرورة الحوار القائم على الوضوح والصراحة تحت مظلة العدل والأخلاق واحترام حقوق الإنسان، وأن السلوك الأمريكي الفعلي يدل على عدم احترام واشنطن للمنظمات الدولية وللمبادئ الأخلاقية التي تقوم عليها الديمقراطية، ويبرز ذلك بشكل واضح فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية.

وفي ظل التطورات الإقليمية والدولية، قدم ولي العهد السعودي الأمير عبد الله  (الملك فيما بعد)  في القمة العربية قي  بيروت 2002م، مبادرة للسلام في الشرق الأوسط عرفت "بالمبادرة العربية"، وحظيت المبادرة بإجماع الدول العربية بقبولها، والتي تقوم على قرارات مجلس الأمن الدولي والعودة إلى حدود الرابع من يونيو/ حزيران 1967م، وإقامة الدولة الفلسطينية والقدس عاصمة الدولة الفلسطينية، وربطت الأرض مقابل السلام، وتميزت المبادرة بالشمول كمشروع تسوية للصراع العربي الإسرائيلي، ولكن إسرائيل رفضتها كعادتها برفض جميع القرارات الدولية، وجاءت المبادرة بعد صدور قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1397، الذي يدعو لإقامة دولة فلسطينية، وتحول في الرأي العام الدولي اتجاه إسرائيل، واستحالة الحل العسكري، فإسرائيل فشلت في القضاء على المقاومة في لبنان وفلسطين  وقامت السعودية بالوساطة بين حركتي فتح وحماس برعاية الملك عبد الله في مكة المكرمة في فبراير 2007م، لتعزيز الصمود الفلسطيني لإنهاء الانقسام  لمصلحة القضية الفلسطينية.

ورغم صعود التيار اليميني المتطرف في إسرائيل وقيادة رئيس الوزراء نتنياهو الذي أخذ يمثل اليمين المتطرف، فالمجتمع الإسرائيلي منقسم على نفسه وصعوبة تشكيل حكومة إسرائيلية مستقرة أجريت ثلاثة انتخابات نيابية للكنيست الإسرائيلي ، فشلت كلها في تحقيق أغلبية لحكومة نتنياهو ولا زال الانقسام واردًا والمظاهرات الشعبية ضد نتنياهو واتهامه بالفساد والتحقيق معه والمطالبة بعدم تشكيله للحكومة، ولكن في ظل إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وهيمنة اليمين المتطرف والتيار المسيحي المتطرف المؤيد لإسرائيل فقد فشلت إدارة ترامب في تحقيق السلام في الشرق الأوسط. ورغم الضغوط الأمريكية من قبل إدارة ترامب فإن المملكة متمسكة بالمبادرة العربية التي أجمعت عليها الدول العربية، وأنه لا سلام في الشرق الأوسط بدون الحقوق الفلسطينية، فالمبادرة العربية هي الخط الأحمر للتسوية في المنطقة في السياسة السعودية، وهي الدولة المحورية في العالم العربي التي كانت مع القضية الفلسطينية بالمال والرجال والمدافع في المحافل الدولية، وحققت سياسة المملكة خلال العقود الماضية الاستقرار والأمن في المنطقة وضد التدخلات الأجنبية، وكان محور الرياض القاهرة ودمشق ( في عهد حافظ الأسد) يمثل الاستقرار السياسي والقوة الرئيسية في المنطقة، وكما كان الملك سلمان أثناء العقود الماضية يقود الدعم المالي للشعب الفلسطيني بإشرافه على اللجان الشعبية لدعم الشعب الفلسطيني فهو اليوم الداعم الرئيس للحقوق الفلسطينية بالإصرار على تنفيذ المبادرة العربية لتحقيق السلام في الشرق الأوسط رافضًا لكل الضغوط الخارجية. وقد يكون لفوز الرئيس جوزف بايدن بالرئاسة الأمريكية عودة للمبادرة العربية وفي ظل تصريح نائبة الرئيس كاميلا هاريس مؤشرًا على ذلك في تأكيدها على حل الدولتين ووقف التوسع والمستعمرات وإعادة فتح القنصلية الأمريكية في القدس ومكتب منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن وتقديم المساعدات للسلطة الفلسطينية، ولكنها تبقى وعود تثبت الأيام والأشهر القادمة مدى صدقيتها؟

مقالات لنفس الكاتب