يُعد الاقتصاد السعودي أحد أهم الاقتصادات في منطقة الشرق الأوسط، والسعودية أحد أعضاء مجموعة العشرين، وقد وفر انضمامها لهذا التجمع العالمي توفير قنوات اتصال دورية بكبار صناع السياسات الاقتصادية والمالية العالمية، مما يعزز التعاون الثنائي معها. وتعتبر السعودية إحدى الدول التي تملك اقتصادًا قويًا، كما أن لها دورها الكبير والمؤثر في المنطقة، علاوة على دورها المحوري المؤثر على استقرار أسواق الطاقة العالمية.
وقامت السعودية خلال الأعوام المنصرمة بالتوقيع على اتفاقيات دولية مع دول عظمى كالولايات المتحدة، والصين، وروسيا، وفرنسا للقيام بأنشطة اقتصادية مختلفة، علاوة على السماح للشركات الأجنبية بالعمل في المملكة بملكية (100٪) وكل هذه المسائل انعكست على التجارة بشكل إيجابي. كما عملت المملكة مع دول عديدة على تنظيم الجمارك والضرائب لدعم التجارة الدولية بما يتناسب مع توجه دول G20 في هذا المجال. وهذه الجهود ساهمت في نمو التجارة العالمية ما جعل السعودية تكتسب أهمية أكبر على الصعيدين الإقليمي والدولي.
وتهدف رؤية المملكة 2030 إلى بناء اقتصاد مزدهر يمثل أحد الركائز الرئيسية لها من خلال توفير بيئة تطلق إمكانات الأعمال وتوسّع القاعدة الاقتصادية وتوفر فرص عمل لجميع السعوديين. والسعي لتحقيق ذلك بالاستفادة من الموقع الفريد للمملكة وإمكاناتها، وجذب المزيد من الاستثمارات العالمية.
وسوف نتناول في هذا المقال تحليل مستقبل الوضع الاقتصادي للمملكة العربية السعودية في ضوء رؤية المملكة 2030 وأهدافها وما تطمح إليه، ودور النفط في تركيبة الاقتصاد السعودي وقدرات المملكة في تنويع مصادر الدخل وتوسيع القاعدة الاقتصادية، وما هي الفرص المتاحة أو الممكنة ومدى تطويرها وتفعيلها، وما هي التحديات الاقتصادية وكيف يمكن تجاوزها وما هو المطلوب لتحقيق ذلك.
أولاً-بيئة الأعمال في المملكة العربية السعودية في ظل رؤية 2030:
أكدت رؤية المملكة 2030 على بناء اقتصاد تنافسي من خلال تحسين بيئة الأعمال بقصد خلق بيئة جاذبة للاستثمار للمستثمرين، وللوقوف على حجم التقدم المحرز في بيئة الأعمال وتنافسية الاقتصاد السعودي نرجع إلى المؤشرات التالية:
- مؤشر التنافسية العالمي:
صنف تقرير التنافسية العالمية الاقتصاد السعودي ضمن مجموعة الاقتصادات التي حققت أداءًا جيدًا، حيث جاء بالمرتبة (36) عالميًا من بين (141) اقتصادًا شملها تقرير 2019م، وجاء بالمركز الأول في معيار استقرارية الاقتصاد الكلي وبرصيد نقاط (100). وحقق مراتب متقدمة في معيار سوق المنتجات (19) وحجم السوق المرتبة (17) والمهارات (25)، وتبقى نقاط الضعف في معيار سوق العمل، حيث جاءت المملكة بالمرتبة (89).
جدول (1) مؤشر تنافسية الاقتصاد السعودي من واقع مؤشر التنافسية العالمية لعام 2019
المؤشر |
الترتيب من (141) دولة |
النقاط من (1-100) |
مؤشر التنافسية العالمي |
36 |
70 |
البيئة التمكينية |
||
العمود الأول: المؤسسات |
37 |
63 |
العمود الثاني: البنية التحتية |
34 |
78 |
العمود الثالث: الاستعداد التكنولوجي |
38 |
69 |
العمود الرابع: استقرارية الاقتصاد الكلي |
1 |
100 |
رأس المال الاجتماعي |
||
العمود الخامس: الصحة |
58 |
82 |
العمود السادس: المهارات |
25 |
75 |
الأسواق |
||
العمود السابع: سوق المنتجات |
19 |
65 |
العمود الثامن: سوق العمل |
89 |
57 |
العمود التاسع: النظام المالي |
38 |
71 |
العمود العاشر: حجم السوق |
17 |
76 |
ابتكار النظام البيئي |
||
العمود الحادي عشر: ديناميكية الأعمال |
53 |
109 |
العمود الثاني عشر: القدرة على الابتكار |
36 |
51 |
Source: World Economic Forum, the Global Competitiveness Report, Geneva, 2019, P.490
ومن المتوقع أن يرتفع ترتيب الاقتصاد السعودي في مؤشر تنافسية الاقتصاد العالمي في ظل التحسن ببيئة الأعمال والاستثمار، وفي سوق العمل وديناميكية الأعمال، وتحسين القدرات الابتكارية لاسيما في القطاع الصناعي.
- مؤشر سهولة أداء الأعمال
شهدت المملكة طفرة جديدة في مجال الأعمال، بعد انطلاق رؤيتها 2030 ترجمت بالتقدم المحرز في تقرير مؤشر سهولة أداء الأعمال 2020م، حيث انتقلت من (82) عالميًا وبرصيد (63.2) نقطة عام 2016م، إلى المرتبة (62) عالميًا وبرصيد (71.6) نقطة عام 2020م، وكان الاقتصاد السعودي في مقدمة الاقتصادات العالمية من حيث حجم الإصلاحات في بيئة الأعمال لعام 2020م، حيث أنشئت السلطات منفذًا موحدًا لتأسيس الشركات، وألغت شرط تقديم المرأة المتزوجة وثائق إضافية عند التقدم بطلب للحصول على بطاقة هوية وطنية. وبسطت أيضًا إجراءات ما قبل وما بعد التسجيل ودمجتها. كما قامت الحكومة السعودية بتبسيط الحصول على ترخيص البناء وزادت من سهولة الحصول على وصلة كهربائية، وسهلت إجراءات تسجيل الملكية.
جدول (2) المؤشرات الفرعية لمؤشر سهولة أداء الأعمال في المملكة العربية السعودية لعامي 2016 و2020
المؤشر |
2016 |
2020 |
التغير في قيمة المؤشر |
||
الترتيب |
الرصيد |
الترتيب |
الرصيد |
||
مؤشر بدء النشاط التجاري |
130 |
78.6 |
38 |
93.1 |
14.5 |
استخراج تصاريح البناء |
17 |
80.7 |
28 |
78.3 |
2.4 |
توصيل الكهرباء |
24 |
84.8 |
18 |
91.8 |
7.0 |
تسجيل الملكية |
31 |
78.2 |
19 |
84.5 |
6.3 |
الحصول على الائتمان |
79 |
50.0 |
80 |
60.0 |
10.0 |
حماية المساهمين أصحاب حصص الأقلية |
99 |
51.7 |
3 |
86.0 |
34.3 |
دفع الضرائب |
3 |
99.3 |
57 |
80.5 |
-18.8 |
التجارة عبر الحدود |
86 |
58.8 |
86 |
76.0 |
17.2 |
إنفاذ العقود |
150 |
49.6 |
51 |
65.3 |
15.7 |
تسوية حالات الإعسار |
189 |
0.0 |
168 |
0.0 |
0.0 |
المؤشر العام |
82 |
63.2 |
62 |
71.6 |
8.4 |
Source: World Bank Group, Doing business 2016& 2020
ووفقًا لتقرير مؤشر سهولة أداء الأعمال لعام 2020م، حققت المملكة قفزة هائلة بلغت (72) مركزًا في مؤشر التجارة العابرة للحدود مقارنة بعام 2018م، والذي يحسب تكلفة، وزمن استيراد، وتصدير البضائع، ومقارنة تلك النسب بين الدول. إن الإصلاحات التشريعية التي استحدثت بالمنصة اللوجستية السعودية ساهمت بشكل ملحوظ في تسهيل وتسريع سير الأعمال بالمملكة. ويمكن تفسير هذا التقدم الملفت للنظر في هذا المؤشر، إلى عدة عوامل منها خفض معدل التفتيش اليدوي بالجمارك من (89%) إلى (48%)، وإنجاز إجراءات التخليص الجمركي لتتم في (24) ساعة فقط بعد أن كانت تستغرق من (7 إلى 10) أيام، إضافةً إلى خفض عدد الوثائق المطلوبة لكل من الاستيراد والتصدير، فأصبح الأول يحتاج لوثيقتين فقط بدلًا من (12)، بينما الثاني وثيقتين بدلًا من (8). وأنفقت المملكة ما يزيد على (100) مليار دولار على البنية اللوجستية والنقل في الـ 10 سنوات الأخيرة.
وغني عن البيان، فقد ساهم التقدم الملحوظ في أداء بيئة العمل بالمملكة في مختلف الجوانب في زيادة تدفقات الاستثمارات الأجنبية المباشرة الواردة لها بعد تطبيق برنامج رؤية المملكة 2030، حيث ارتفع حجم تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشرة في السعودية من (1421) مليون دولار عام 2017م، إلى (4562) دولار عام 2019م، كما ارتفع الرصيد التراكمي لهذه الاستثمارات من (227.6) مليار دولار عام 2017 إلى (235.2) مليار دولار عام 2019م، وهذا يرجع إلى التقدم المحرز في مؤشر ضمان لجاذبية الاستثمار، حيث احتلت السعودية المرتبة (41) عالميًا وبرصيد (51) نقطة متخطية المتوسط العالمي والمتوسط العربي البالغ (47) و(41) على التوالي.
ثانيًا-دور النفط في تركيبة الاقتصاد السعودي وقدرات المملكة في تنويع مصادر الدخل
أعلنت المملكة ومنذ أواسط سبعينات القرن الماضي أن الاعتماد على الموارد النفطية كمصدر رئيس وحيد للدخل مهمة حرجة وخطرة في الأجل الطويل، وأكد خبراء الاقتصاد الأخذ بنهج استراتيجية التنويع الاقتصادي لتحصين الاقتصاد الوطني من آثار التقلبات الاقتصادية والمالية الخارجية، التي يشهدها العالم باستمرار وقدرة الاقتصاد الوطني على مواصلة مسيرة النمو خلال السنوات المقبلة وقدرته على استيعاب التحولات المطردة في البيئة الاقتصادية العالمية.
ومن هذا المنطلق تركزت الحاجة إلى ضرورة توسيع القاعدة الاقتصادية بمساهمة القطاعات الاقتصادية غير النفطية في تكوين هذا الدخل، وتنويع القاعدة الإنتاجية لتأمين ديمومة تدفق الدخل ولضمان رفع كفاءة وفاعلية إنجاز خطط التنمية وتبنت الخطط التنموية الخمسية منذ أول خطة (1970-1974م) استراتيجية تنويع القاعدة الاقتصادية وعدم جعل الاقتصاد أحادي الجانب. وفي هذ السياق أصدرت المملكة العديد من السياسات والآليات والإجراءات الكفيلة لضمان استمرار تنوع هيكل الموارد الاقتصادية.
وكان لخطط التنمية الخمسية بالمملكة ومنذ خمسين عامًا مضت سياسات التنويع الاقتصادي وبناء تنويع للقاعدة الإنتاجية بمساهمة العديد من العوامل الإيجابية الدافعة إلى تنشيط القطاعات الاقتصادية، ولدراسة وتقييم واقع الاقتصاد السعودي الحالي، نستند إلى تطور بعض المؤشرات الخاصة بأدائه من بداية انتهاج التخطيط عام 1970م، وكما موضح من الجدول التالي:
جدول (3) واقع بعض المؤشرات الخاصة بالتنويع في الاقتصاد السعودي للسنتين (1970-2019م) مليون ريال
المؤشرات |
1970 |
2019 |
نسبة التغير |
||
القيمة |
النسبة |
القيمة |
النسبة |
||
صادرات النفط/ إجمالي الصادرات |
6089/6208 |
98.08 |
754961/981012 |
76.95 |
(21.13) |
الإيرادات النفطية/إجمالي الإيرادات |
7122/7671 |
92.84 |
602000/917000 |
65.64 |
(27.2) |
الناتج المحلي النفطي/الناتج المحلي الإجمالي |
95362/145037 |
65.75 |
926338/2973626 |
31.15 |
(34.6) |
الناتج المحلي غير النفطي/الناتج المحلي الإجمالي |
49711/145037 |
34.25 |
2026064/2973626 |
68.13 |
33.88 |
ناتج القطاع الخاص غير النفطي /الناتج المحلي الإجمالي |
18753/145037 |
12.93 |
1354322/2973626 |
45.54 |
32.61 |
المصدر: تم احتساب النسب بالاعتماد على:
https://www.stats.gov.sa/sites/default/files/Press_release_GDP_Q2_2020_kpAR.pdf
يلاحظ من الجدول أعلاه أهمية القطاع النفطي خلال الخمسين سنة المنصرمة وفق الآتي:
- الحفاظ على موقعه كمصدر رئيسي للإيرادات العامة والتي بلغت (65.64%) في عام 2019م، ومصدر رئيس للصادرات السلعية إذ بلغت (76.95%) من إجمالي الصادرات السلعية لعام 2019م.
- الانخفاض النسبي الكبير لمساهمة قطاع النفط في الناتج المحلي الإجمالي (65.75%) إلى (42.47%) خلال المدة (1970-2019م)، ويعد تغيرًا اقتصاديًا إيجابيًا في المملكة.
ويستنتج من تحليل المؤشرات أعلاه حصول بعض التغيرات الهيكلية بالاقتصاد السعودي خلال العقود الخمسة المنصرمة لتحقيق أهداف خطط التنمية بشأن تنويع القاعدة الإنتاجية، غير أن هذه المؤشرات تعطي فكرة توجهات عامة للمملكة بتقدم نسبة التنويع الاقتصادي فيها من خلال الدخل والإنتاج.
ثالثًا-التحديات التي تواجه الاقتصاد السعودي:
1) تحدي الانكماش الاقتصادي
يواجه الاقتصاد السعودي تحدياتٍ كبيرةٍ في ظل الانكماش المتوقع في الناتج المحلي خلال عام 2020م، في ظل التزام السعودية بالتخفيضات المقررة في كميات الإنتاج في إطار اتفاق "أوبك+"، وتأثر مستويات الناتج والصادرات النفطية، كذلك بالانخفاض المتوقع للأسعار العالمية للنفط بنسبة 38% في عام 2020م.
من ناحية أخرى، ونظرًا لاستمرار كون القطاع النفطي يشكل دافعًا رئيسًا للنمو في عدد من القطاعات غير النفطية التي تأثر بعضها بالإغلاق الكلي والجزئي الناتج عن جائحة كورونا، فإن تلك القطاعات ستشهد ركودًا خلال العام الجاري.
من المتوقع أن يكون لأزمة كوفيد-19 تأثيراتٍ متعددةٍ على الاقتصاد السعودي. فعلى صعيد القطاع النفطي، تلتزم المملكة وفق اتفاق "أوبك+" الذي تم توقيعه في شهر أبريل الماضي بخفض كميات الإنتاج النفطي بواقع (5.2) مليون برميل يوميًا، وبخفض أقل في خلال شهري مايو ويونيو والفترات اللاحقة حتى انتهاء العمل بالاتفاق في شهر أبريل من عام 2022م. ومن غير المتوقع خلال تلك الفترة أن تسهم الزيادات المتوقعة للأسعار العالمية للنفط في تخفيف الأثر المتوقع لانخفاض كميات الإنتاج على ناتج القطاع النفطي لا سيما في ظل التوقعات باستمرار تباطؤ مستويات الطلب العالمي على النفط بسبب التداعيات الناتجة عن انتشار كوفيد-19.
أما القطاع غير النفطي، فقد تأثر بحالات الإغلاق التي شهدتها المملكة بالربع الثاني من العام، وبالتوقف الجزئي لأنشطة الحج والعمرة الذي انعكس على عدد من الأنشطة خاصة في قطاعات النقل والفنادق والمطاعم، وتجارة الجملة والتجزئة، حيث يساهم قطاع السياحة بنحو (10%) من الناتج المحلي الإجمالي في المملكة. كما تأثرت بعض القطاعات الاقتصادية الأخرى كالتشييد والبناء باتجاه الحكومة إلى تأجيل تنفيذ بعض المشروعات التي كان من المقرر تنفيذها عام 2020م، وانعكست هذه التطورات في مجملها على مستويات الطلب المحلي.
من المتوقع انكماش الاقتصاد السعودي بنسبة (6.4%) في عام 2020م، على أن يعود لتحقيق معدل نمو إيجابي بحدود (3.3%) عام 2021م، مستفيدًا من التحسن النسبي المتوقع للإنتاج النفطي وغير النفطي خلال العام القادم.
Source: International Monetary Fund (IMF), World Economic Outlook, October 2020, P.58
Fund (IMF), World Economic Outlook, Source:
2) تحديات سوق العمل:
يعاني سوق العمل بالسعودية من تحديات عديدة من أبرزها زيادة معدلات البطالة بين السعوديين، التي وصلت إلى (11.8%)، في الربع الأول من عام 2020م، مقارنة بنحو (12.8%) عام 2017م، وفق مسح القوى العاملة الصادر عن هيئة الإحصاء، حيث بلغ معدل البطالة بين الذكور (5.6%) وبين الإناث (%28.2). وبلغ عدد الذكور من إجمالي المشتغلين بنهاية الربع الأول نحو (11.16) مليون فرد، بنسبة (82%) من إجمالي المشتغلين، بينما بلغ عدد الإناث منهم (2.48) مليون بنسبة (18%).
كما يعاني سوق العمل من خلل في التركيبة بحسب الجنسية، فقد بلغ عدد الأجانب المشتغلين (10.43) مليون عامل، يمثلون (76.5%) من إجمالي المشتغلين بالسعودية، فيما بلغ عدد المشتغلين السعوديين (3.2) مليون فرد، وهو ما يمثل (23.5%) من الإجمالي.
وتشير تقارير وزارة العمل والشؤون الاجتماعية بأن مخرجات التعليم التي لا تتلاءم مع احتياجات سوق العمل هي إحدى التحديات القوية التي تواجه سوق العمل السعودي، وإضافة لذلك انخفاض نسبة مشاركة المرأة السعودية في العمل في أغلب القطاعات المختلفة. وحصل قطاع التعليم على أعلى نسبة مشاركة للمرأة السعودية في سوق العمل بمعدل (35%)، ثم الصحة بالمرتبة الثانية بنسبة (18%)، بينما جاءت نسبة الخليجيات بنفس القطاع بين (49 و59%.). وتصل نسبة المشاركة للمرأة السعودية في تجارة الجملة والتجزئة بواقع (8%)، وقطاع التصنيع بنحو (6%)، والبناء بمعدل (3%)، والنقل بـــ (3%)، والأعمال بنسبة (9%)، والزراعة (4%)، والتعليم بـــ (35%)، وقطاع الطاقة (2%)، وبنسبة (5%) تشارك السعوديات في القطاعات الأخرى.
وتسعى المملكة إلى توفير فرص توظيفية لمواطنيها، حيث يستهدف برنامج “التحول الوطني 2020” إتاحة (1.02) مليون فرصة عمل للذكور والإناث، ونحو (140) ألف فرصة وظيفية عن بُعد.
رابعًا-الخيارات أمام الاقتصاد السعودي:
- التحول نحو الاقتصاد الرقمي:
لما كانت التجارة الإلكترونية هي تجارة المستقبل، فقد عمدت وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات إلى ثلاثة محاور لتمهيد البيئة للتجارة الإلكترونية فحققت العديد من الانجازات الحالية التي تشهد بها التقارير الدولية، حيث عملت على تمتين بنية الاقتصاد الرقمي، وزيادة جاهزية المجتمع، وبناء القدرات الرقمية، كما عدد المنازل المرتبطة بشبكة الألياف البصرية إلى نحو الــــــ (3) مليون منزل، وتأتي المملكة الآن ضمن الدول العشر الأكثر سرعة في تقديم خدمة الإنترنت.
وفيما يتعلق بالمدفوعات غير النقدية، فقد ارتفعت نسبتها إلى (36%) في عام 2020م، مقارنة بعام 2019م، وأن هناك نحو تسع محافظ للمدفوعات الإلكترونية يشترك فيها نحو أربعة ملايين مشترك.
إن القفزات التي حققتها المملكة في المؤشر جاءت نتيجة تضافر جهود العديد من الجهات الحكومية، وتبني أساليب رقمية حديثة من خلال إطلاق العديد من المبادرات والمنتجات التي تصب في مسيرة التحول الرقمي الحكومي بالمملكة، لتحقيق مستهدفات رؤيتها 2030. إن هذا الإنجاز يأتي ثمرة لمخرجات برنامج التحول الوطني والتقدم الذي وصلت إليه المملكة في رحلتها التحولية في بناء حاضر مترابط لمستقبل مبتكر.
وتعكس الإنجازات في مراتب المؤشرات الدولية التي حققتها وتحققها المملكة في قطاع الاتصالات وتقنية المعلومات التزامًا كاملاً بما تضمنته "رؤية 2030" في بناء ما تصفه بــــ “مجتمع حيوي واقتصاد مزهر" وتأسيس بيئة رقمية جاذبة تجعل من حياة المواطن والمقيم أكثر سهولة ويسرًا.
وعمليًا، تتبنى المملكة العديد من المبادرات الرقمية المهمة؛ جعلها تتعامل بديناميكية عالية ومرونة كبيرة مع جميع متطلبات القطاع الحكومي وقطاع الأعمال والقطاعين الصحي والتعليمي خلال جائحة "كوفيد -19" المستجد مما خفف آثار وتداعيات الجائحة بشكل كبير اجتماعيًا واقتصاديًا.
2) تعزيز الشراكات الاقتصادية مع الدول الفاعلة في الاقتصاد العالمي:
تكمل الصين والسعودية اقتصاديهما ببعض، وآفاق التعاون بينهما رحبة، توجت في المنتدى السعودي -الصيني للاستثمار (2019م) بالتوقيع على (35) اتفاقية تعاون اقتصادي ثنائي مشترك بين المملكة والصين، تقدر بأكثر من (28) مليار دولار أمريكي، وتسليم (4) تراخيص لشركات صينية متخصصة في عدد من المجالات.
كما شهدت التجارة الإلكترونية عبر الحدود والذكاء الاصطناعي، وغيرها من الصناعات الناشئة، تطورات كبيرة في السعودية، وتتمتع بالإمكانات التنموية الضخمة، حيث أخذت العديد من الشركات الصينية تتعاون مع الشركات المحلية للتخطيط في التنمية بالسوق السعودية. ومع نضوج تطبيقات التكنولوجيا ونماذج الأعمال، فإنه من المتوقع أن تصبح هذه المجالات مسارات جديدة للنمو في التعاون الصيني -السعودي.
ويُعد تعزيز خيار الشراكة الاقتصادية مع الولايات المتحدة من أهم خيارات المملكة لتطوير علاقاتها الاقتصادية الخارجية، فالعلاقات الثنائية التي تربط البلدين بشتى المجالات، ومنها بناء نظام الطاقة العالمي، وفي هذا الإطار قررت شركة أرامكو إنفاق مليارات الدولارات للحصول على أصول الغاز الطبيعي الأمريكي والظفر بعقد صفقة اتفاق مع مشروع بورت آرثر للغاز الطبيعي المسال والذي سيدفع شركة أرمكوا لتعزيز أفاق الحصول على مشروع تصدير الغاز من تكساس تجاريًا. وتصف شركة أرامكو اتفاقها مع "سيمبرا" للغاز الطبيعي المسال بالانتصار والنقلة الأقوى في استراتيجيتها طويلة الأجل لتصبح لاعبًا عالمًا للغاز الطبيعي المسال والصفقة مدتها (20) عامًا وبطاقة خمسة ملايين طن سنويًا من الغاز. كما أن هناك مجالات واسعة للتعاون في مجال تعزيز البنية الرقمية التي تشكل الدعامة الرئيسية لدخول عصر الثورة الصناعية الرابعة.
وفي الختام نقول بأن الاقتصاد السعودي سوف يتخطى العقبات التي تواجه تعزيز القدرة التنافسية للمجالات الواعدة التي يمكن أن تساهم في إحلال الواردات وتنويع الصادرات (الصناعة، القطاع الرقمي، الخدمات اللوجستية، وغيرها). كما أن دخول المملكة عصر الاقتصاد الرقمي يتطلب دعم التوسع في الخدمات الحكومية، وزيادة الوصول إلى آفاق أوسع تخدم مسيرة التحول الرقمي، علاوة على دعم رواد الأعمال الطامحين للنجاح من خلال تشريع أنظمة تسهل ممارسة الأعمال، وتوفير تمويل ميسر وشراكات دولية أكثر، والعمل على مساعدة المنشآت الصغيرة والمتوسطة لاستغلال منافع التقنية الرقمية وشبكات التواصل الاجتماعي، وتمكين التمويل المصغر والمساعدة في تطوير قدرات القطاع غير الربحي.