تحميل ملف الدراسة
في تعبير شهير، وصفت ملكة بريطانيا عام 1992م، بأنه كان عامًا بشعًا بسبب توالى الكوارث على أسرتها. ولعل صاحبة الجلالة لم تتوقع بأن العالم بعد ذلك بفترة غير طويلة في حساب الزمن – سيمر بعام سيئ، آخر، تتابع فيه جائحة عالمية، مع أزمة اقتصادية، مع صعود تيارات عنصرية وشوفنية، وعودة ملامح للحرب الباردة. بل وصل الأمر إلى أن وصفت مجلة "تايم" الأمريكية سنة 2020م، بأنها "الأسوأ في التاريخ"، أما جريدة "الجارديان" فقد أسمته بالعام "الضائع".
على المسرح الأمريكي، ومع نهاية ولاية "دونالد ترامب"، يبدو الأمر وكأنه نهاية حقبة تميزت بخصائص محددة، تختلف عما سبقها بما اجراه الرئيس الأمريكي السابق من تحولات على مسارات عديدة ترتبط بالداخل كما تتعلق بالدور الدولي لبلاده. وفى الوقت نفسه، ومع ظهور بوادر لفترة حكم "جوزيف بايدن" يمكن توقع انعطافات عديدة قادمة بما يشير للانتقال لحقبة جديدة لها معالمها المميزة عن تركة "ترامب".
أمام هذا التحول في الشأن الأمريكي، لنا أن نتساءل عن وضع العلاقات العربية – الأمريكية في حقبة "ترامب"، خاصة العام الماضي، مع محاولة استشراف مسار هذه العلاقات، في المستقبل القريب، أي في حقبة "بايدن" التي توشك على البدء.
قبل استعراض ملامح مقاربة "ترامب" للعلاقات العربية – الأمريكية، قد يكون من المفيد أن نراجع الإطار الأوسع لسياسة "ترامب" الخارجية لتحديد السياق الذي حدد منظور إدارته وسياساته تجاه الدول العربية. كما أنه يجب التعرض لعدة جوانب من العلاقات الوظيفية العربية الأمريكية التي تشكل – في مجملها – شبكة تعبر عن وجود مصالح مترابطة ومستمرة، بصرف النظر عن تغير القيادات. ويمكن هنا أن نتوقف عند ثلاث منظومات من العلاقات أولها العلاقات الاقتصادية، وثانيها العلاقات الاستراتيجية، وثالثها العلاقات الثقافية ويمكن رصد تحولاً في نظرة النخبة الأمريكية للمنطقة العربية، بدوافع تاريخية وبتأثير تحولات عميقة غيرت التصورات السائدة للمصالح الأمريكية في المنطقة.
أولأً: ثورة "ترامب" الشعبوية
والواقع أن السياسات الأمريكية التي صاغتها حكومة "ترامب" اتسمت بطابع راديكالي يعكس مواقف اليمين الشعبوي الأمريكي الذي أيد شعار "أمريكا أولاً" وتداعياته، بما في ذلك تصعيد حالة العداء مع الصين، وانتقاد حلفاء واشنطن في (الناتو)، والانسحاب من منظمات دولية (الصحة العالمية، مجلس حقوق الإنسان، منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة) والخروج من اتفاقيات والتزامات دولية (اتفاقية باريس للمناخ، وبرنامج العمل الشامل المشترك مع إيران، وإيقاف الدعم لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين). وصحب ذلك توجه نحو الإعلان عن تقليص التواجد العسكري الأمريكي في عدد من مسارح العمليات، سواء في أوروبا، أو أفغانستان، أو الشرق الأوسط، مع تصعيد الحصار على إيران عبر سياسة "اقصى ضغط"، والانحياز لموقف اليمين الإسرائيلي من حيث الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، ونقل السفارة الأمريكية إليها، الكف عن اعتبار المستوطنات غير شرعية، وتأييد ضم إسرائيل لمناطق واسعة من الضفة الغربية، والموافقة على ضم الجولان، والتضييق على السلطة الفلسطينية.
ويلاحظ على هذه المجموعة من السياسات:
- إذا كانت في مجملها تشكل انقطاعًا عن توجهات إدارة "أوباما"، إلا أنها – في أجزاء منها – تفصح عن استمرارية في السياسة الأمريكية الخارجية من حيث التعبير المتكرر عن تراجع مصالح واشنطن في عدد من مناطق العالم، والرغبة في سحب القوات الأمريكية من مناطق النزاعات والحروب طويلة المدى، مع التحول إلى آسيا وعدم المبالغة في خطر روسيا كخصم استراتيجي.
- سياسة "ترامب" الخارجية غاب عنها استخدام مفاهيم استراتيجية حاكمة بما تحمله من عقيدة وفكر، مقارنة بتراث ممتد من الإعلانات (مبدأ مونرو، مبدأ ايزنهاور، مبدأ كارتر الخ)، وهكذا لم تشمل المقاربات الترمباوية معايير واضحة لتحقيق المصالح القومية الأمريكية، ومعها أسس متابعة وتقييم للسياسات.
- تحركات "ترامب" على المسرح الدولي تم التعبير عنها بأساليب غير تقليدية، مثل "تويتات" الرئيس، أو تصريحاته الصادمة أو تسريبات إعلامية، مع جو من الغموض بل والفوضى في إدارة شؤون البيت الأبيض مما انعكس في توالى تغيير كبار الموظفين، والوزراء، ومستشاري الأمن القومي، مع تهميش دور منظومة صنع السياسة الخارجية الأمريكية التي تشمل – تقليديًا – وزارتي الخارجية والدفاع، وأجهزة المخابرات، والكونجرس، ومراكز الأبحاث، والإعلام.
ثانيًا: الاستمرار الوظيفي للعلاقات العربية – الأمريكية: الأبعاد الاقتصادية
يمكن القول بأن العلاقات الاقتصادية بين أمريكا والدول العربية هي من معالم الاستمرارية لأحد المكونات الأساسية في مفهوم "المصالح المشتركة" بين الجانبين. هذا وتشهد مؤشرات التبادل التجاري بين واشنطن والدول العربية في الفترة 2000 إلى 2009م، اتجاه تصاعدي في أرقام الواردات والصادرات. فالصادرات الأمريكية زادت خلال هذه الفترة من أكثر من 16 مليار دولار في سنة 2000م، إلى ما يقارب 40 مليار دولار في 2009م، بينما زادت الواردات من حوالي 30 مليار دولار إلى ما يقارب 50 مليار دولار عام 2009م، (وصلت إلى 116 مليار دولار في 2008) ثم 62.6 مليار في عام 2019م. وخلال الفترة (2000-2009م) كان مجموع الصادرات الأمريكية حوالي 273 مليار دولار مقابل واردات بلغت 545 مليار دولار. ويلاحظ أن معظم الصادرات الأمريكية هي من الآلات، والمركبات والطائرات، والأجهزة مقابل واردات تتمثل أساسًا في البترول.
ويلاحظ هنا أن ذروة الواردات البترولية الأمريكية من دول الخليج كانت في عام 2001م، (2.8 مليون برميل يوميًا أي 23% من مجموع الواردات الأمريكية من البترول). وفى 2008م، كان مجموع الواردات البترولية للولايات المتحدة قد ارتفع إلى حوالي 13 مليون برميل يوميًا (مقارنة بحوالي 12 مليون برميل يوميًا في 2001م)، ولكن انخفض نصيب دول الخليج من هذه الواردات إلى 18.6%. وعندما ظهر تأثير البترول الصخري، تراجعت الواردات الأمريكية من البترول في 2018م، إلى أقل من 10 مليون برميل يوميًا، بينما استمر تراجع نصيب دول الخليج من هذه الواردات إلى أقل من 16% (1.6 مليون برميل يوميًا)، حيث كانت مصادر هذه الواردات هي السعودية 57%، العراق 33%، بينما قفزت كندا إلى صدارة مصدري البترول إلى الولايات المتحدة (4.3 مليون برميل يوميًا تمثل 43% من الواردات في عام 2018). كذلك نلاحظ أن الولايات المتحدة تصدر عددًا من المنتجات البترولية، حيث تحول صافي ميزان الصادرات والواردات من البترول في 2019م، لصالحها لأول مرة منذ 70 عامًا.
وللمقارنة، يمكن الإشارة إلى حجم التجارة الأمريكية مع الاتحاد الأوروبي التي بلغت 337 مليار دولار من الصادرات في عام 2019م، مقابل أكثر من 515 مليار دولار من الواردات، بعجز حوالي 180 مليار دولار. أي أن حجم التجارة بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي يبلغ 10 أضعاف حجم تجارتها مع الدول العربية. ومع ذلك فإن عنصر العلاقات الاقتصادية الأمريكية العربية يظل حاضرًا بقوة في منظومة التفاعل بين الطرفين، وإن كان من الواضح حدوث تغير هام في أهمية بترول الشرق الأوسط للولايات المتحدة بسبب صعود حجم إنتاج البترول الصخري، وتغير نمط الواردات الأمريكية.
ثالثًا: الأبعاد الجيواستراتيجية للعلاقات العربية / الأمريكية
مع صعود الدور الدولي لأمريكا على مدى أكثر من قرن من الزمن، ومع ظهور تفاعلات ذلك في منطقة الشرق الأوسط، سواء بسبب التنافس الدولي على الإقليم أو بسبب تبلور مصالح أمريكية واضحة (البترول، أمن إسرائيل، الممرات المائية، الخ) أو تصورات ونظريات استراتيجية تحكم وتوجه كيفية التعبير عن هذا الدور، أصبحت هناك معالم جيواستراتيجية محددة للعلاقات العربية الأمريكية:
- التواجد العسكري الأمريكي في المنطقة: يلاحظ وجود اتجاه لثبات عدد العسكريين الأمريكيين المتواجدين في الشرق الأوسط، بل تقليصهم، إلى 50 ألف في دول الخليج والأردن والعراق وسوريا، وإن كانت هذه الأرقام تتأثر بالنقص والزيادة تبعًا لتواجد القطع البحرية الأمريكية، بالإضافة إلى الحضور الأمريكي في مناطق قريبة مثل تركيا وجزيرة "ديجو جارسيا" في المحيط الهندي وأفغانستان (حيث يتوقع أن ينخفض عدد الجنود الأمريكيين فيها إلى حوالي 5 آلاف فرد، مقارنة بحوالي 13 ألفًا في بداية 2020م). ويلاحظ أن هذا التواجد العسكري يستند إلى شبكة من القواعد الممتدة من اليونان وتركيا شمالاً إلى العراق شرقاً ثم جنوبًا على ساحل الخليج وبحر العرب، مما يعكس مجموعة من التحالفات والاتفاقيات التي تقنن هذا التواجد العسكري الممتد إلى تفاهمات ومشاورات ومناورات مشتركة وتنسيق مع الدول المعنية.
- المظلة الأمنية الأمريكية: عبرت أمريكا، على مدار 75 عامًا، عن التزامها بالدفاع عن مناطق من العالم العربي، بسلسلة من الإعلانات السياسية، مثل "مبدأ ايزنهاور" أو "مبدأ كارتر"، كما وجدت إعلانات أو تصريحات تعبر عن التزام واشنطن "بردع العدوان"، و"مواجهة" القوى المعادية، مع ترجمة ذلك لمناورات مشتركة، وتكوين قوات خاصة، وتواجد عسكري أمريكي، وتوفير مساعدات عسكرية أمريكية لبعض الدول، والاتفاق على مبيعات سلاح مع دول أخرى. وهنا نلاحظ غياب التزام تعاقدي بين أمريكا وأي من الدول العربية بما يوفر ضمان أمني لأي من حلفاء واشنطن في المنطقة، وإن كانت هناك التزامات "غير رسمية" من جانب واشنطن لصالح عدد من دول المنطقة، مع إشارات لوجود تحالفات أو "شراكة" استراتيجية، أو "تعاون استراتيجي"، وهو ما يختلف عن الاتفاقيات الرسمية التي تحكم التحالفات الأمريكية من عدد من دول أوروبا وآسيا.
وفى هذا السياق، نلاحظ أن أمريكا أصدرت إعلانًا منفردًا إثر مؤتمر القمة مع دول الخليج في "كامب ديفيد" في 2015م، بخلاف البيان المشترك، حيث حدد نواحي تعزيز العلاقات العسكرية عبر إمدادات السلاح، وتقوية التعاون في مجالات الأمن البحري، ومحاربة الإرهاب، ومناورات عسكرية مشتركة، والالتزام بمفهوم بناء منظومة خليجية للدفاع ضد الصواريخ، مع التأكيد على مقاومة نشاط إيران الهدام، والعمل على هزيمة "داعش" والتطرف العنيف بصفة عامة.
- إمدادات السلاح: تشير الإحصاءات إلى أن وجود اتجاه لزيادة مبيعات السلاح لدول الشرق الأوسط، استثناء من الاتجاه العالمي، مع ملاحظة أن واردات الدول العربية من السلاح تضاعفت تقريبًا خلال خمس سنوات (2014-2018م). وتبوأت أمريكا الصدارة بين الدول المصدرة للسلاح للمنطقة (تقريبًا نصف مجموع صادرات السلاح لدول المنطقة)، وكانت أبرز الدول المستوردة (باستثناء إسرائيل) هي: المملكة العربية السعودية، ومصر، وقطر، والعراق. وفى 2019م، بلغ مجموع صفقات السلاح الأمريكية مع 9 دول شرق أوسطية 25.5 مليار دولار (مقارنة بأقل من 12 بليون دولار في عام 2018م)، وبما يوازى ثلث الصادرات الأمريكية من السلاح لدول العالم. وتصدرت القائمة المملكة المغربية بصفقة قيمتها 10.3 مليار دولار، بينما تعاقدت دول مجلس التعاون على صفقات بقيمة 14.2 مليار دولار. ويلاحظ أن نسبة عالية من الصادرات العسكرية لعدد من دول حلف الاطلنطي (الناتو) في الفترة 2015 إلى 2019م، تذهب إلى دول الشرق الأوسط (المملكة المتحدة 57.3%، فرنسا 54% ألمانيا 32.7%)، بما يعزز من فرص التكامل الاستراتيجي بين هذه الدول والولايات المتحدة.
رابعًا: التفاعل الثقافي العربي – الأمريكي: تتعدد أوجه التفاعل الثقافي بين الدول العربية وأمريكا. فيوجد 100 ألف طالب وطالبة من الدول العربية يدرسون في الجامعات الأمريكية وتتعدد المؤسسات التعليمية الأمريكية في العواصم العربية حيث تستقبل أبناء وبنات النخبة في مراحل التعليم المختلفة، ولوسائل الاتصال والترفيه الأمريكية تأثير ضخم يعكس القوة الناعمة لواشنطن من خلال إنتاج هوليود، والمغنيين، والإنتاج التلفزيوني، وأدوات الاتصال الاجتماعي. ولا تخلو هذه العلاقة من جوانب سلبية تحتاج لعلاج من بينها تقديم العرب بصورة نمطية سلبية في الإعلام الأمريكي، ووجود اتجاهات شعبوية معادية للعرب والمسلمين تنعكس في حوادث وحالات تمييز ضدهم، ناهيك عما تؤكده مسوحات الرأي العام من وجود تصورات وتوجهات سلبية لدى كل طرف بخصوص الطرف الآخر.
خامسًا: الشرق الأوسط الجديد:
إذا كنا قد تناولنا ملامح العلاقات الوظيفية بين الدول العربية والولايات المتحدة، فإن تحليل هذه العلاقات لابد وأن يأخذ في الاعتبار تولد نظرة أمريكية جديدة لدول المنطقة وطبيعة المصالح بها. ففي السنوات الأخيرة، توالت الدراسات الأمريكية التي تركز على سلبيات منطقة الشرق الأوسط، وخاصة الدول العربية، باعتبارها منطقة موبوءة بالحروب والنزاعات التاريخية المعقدة، مع تعدد ظاهرة الدول الفاشلة في الإقليم، وارتفاع الكلفة الإنسانية التي يدفعها المواطن العربي (57% من لاجئي العالم هم من الدول العربية). وترصد هذه الدراسات توالى التأثيرات السلبية لهبوط أسعار البترول، وتوالى الأزمات الاقتصادية، وحقوق الإنسان، ناهيك عن تداعيات جائحة كوفيد-19.
وتذهب هذه المدرسة إلى تقديم أسباب تراجع أهمية المنطقة العربية بالنسبة لواشنطن. فالبترول العربي أصبح يذهب أغلبه شرقًا إلى الصين والهند ودول آسيا الصاعدة، بينما تحولت الولايات المتحدة لدولة مصدرة للطاقة. وفى نفس الوقت، فإن خطر الإرهاب قد تراجع، وأصبحت إسرائيل تشعر بالاطمئنان لتفوقها العسكري وتقدمها العلمي والاقتصادي الذي يضاهى وضع الدول الأوروبية، ولم تعد المنطقة موضع تنافس أو صراع مع قوة أخرى معادية، مثلما كان الوضع قبل انتهاء الحرب الباردة.
وفى هذا السياق، تحذر بعض الدراسات من أن تتصور واشنطن أنها قادرة على علاج مشاكل الدول العربية، أو أن توجهها في اتجاه معين، أو أن تتدخل لتغيير النظم والزعامات، حيث تشير التجارب السابقة إلى فشل كل هذه التصورات، وتعاظم تكلفتها، وضرورة التراجع عنها عبر تقليص الأهداف الأمريكية المطلوب تحقيقها، وتغيير أساليب العمل عبر عدم التورط عسكريًا على الأرض، وتنشيط التحركات الدبلوماسية، والاعتماد على القوة الناعمة.
ويلاحظ هنا، أن النقاش الأمريكي حول دور الولايات المتحدة في الشرق الأوسط يقع في سياق خلاف أوسع حول الدور الدولي لأمريكا بصفة عامة، حيث تتبارى عدة مدارس أهمها المدرسة الليبرالية التي تدعو لدور حركي مساند للديموقراطية وحقوق الإنسان وداعم للسلام مقابل مدرسة واقعية ترى أهمية التركيز على علاج المشاكل الداخلية الأمريكية وعدم التورط في نزاعات عسكرية خارجية لا طائل منها.
سادسًا: ملامح العلاقات العربية /الأمريكية في ظل إدارة ترامب
فإنه يمكننا الآن الانتقال لتحديد أهم ملامح مقاربة "ترامب" للعلاقات مع الدول العربية.
أول ملاحظة، هي ضرورة تحليل سياسة "ترامب" تجاه المنطقة العربية في إطار توجهاته العريضة، التي تتضمن التركيز على المصالح الأمريكية الضيقة، والتشكك في تأثيرات العولمة، بل محاربتها، والتعامل مع دول العالم عبر أسلوب عقد الصفات، ونبذ الدبلوماسية متعددة الأطراف وعدم الحماس لدور المنظمات الدولية. وصاحب ذلك مطالب وقرارات شعبوية، مثل مطالبة الدول أعضاء الناتو بزيادة ميزانياتهم الدفاعية، ومطالبة الدول التي تتمتع بحماية عسكرية أمريكية برفع مساهمتهم في تكاليف القواعد والقوات التابعة للولايات المتحدة، وحظر منح مواطني 13 دولة تأشيرات دخول لأمريكا بسب بالرغبة في منع المسلمين من الهجرة إليها، مما يعكس موقف "ترامب" وأعوانه العنصري والمعادي للمسلمين.
ويمكن إجمال أهم عناصر سياسة إدارة "ترامب" تجاه المنطقة العربية/ الشرق أوسطية فيما يلي:
- التركيز على النظام الإيراني بوصفه المشكلة المركزية في المنطقة، ومصدر التهديد الرئيسي لمصالح أمريكا والدول الصديقة لها، ومواجهة هذا الخطر عبر العمليات السرية (بالتعاون مع إسرائيل)، وفرض العقوبات، والضغوط الاقتصادية، وإبطاء حركة التطبيع بين إيران. وتمثل التعبير الدرامي عن هذه السياسة في عملية اغتيال قاسم سليماني، واستمرت هذه العمليات حتى اغتيال عالم الذرة محسن فخر زاده يوم 27 نوفمبر الماضي. ورغم تبنى "ترامب" لسياسة "أقصى ضغط" تجاه النظام الإيراني، بل استراتيجية "لتغيير النظام" في طهران، إلا أنه كان يدرك ضرورة العودة إلى طريق الدبلوماسية والتفاوض حول اتفاق برنامج العمل المشترك (5+1) الذي كان "ترامب" قد انسحب منه عام 2018م، وهكذا وعد الرئيس الأمريكي السابق (في أغسطس 2020م) بأنه – في حالة إعادة انتخابه – سيصل إلى اتفاق جديد مع إيران خلال أربعة أسابيع.
- تبنى "ترامب" موقف اليمين الإسرائيلي، حيث لم يكتف بمواصلة السياسة الأمريكية الملتزمة بضمان التفوق العسكري النوعي لإسرائيل ولكنه أيضًا خطى خطوات أخرى عبر الانحياز لسياسة الضم الإسرائيلية، بل عكس ذلك في مشروع أمريكي لتسوية القضية الفلسطينية أعلن عنه يوم 28 يناير 2020م، تحت عنوان "من السلام إلى الرخاء". ولم يبال "ترامب" بتقويض الأسس الثابتة للموقف الأمريكي من قضايا النزاع العربي – الإسرائيلي، حيث اعترف بالقدس عاصمة لإسرائيل، ونقل السفارة الأمريكية إليها، ووافق على ضم إسرائيل لأجزاء من الضفة الغربية، وتراجع عن إدانة بناء المستوطنات، ووافق على ضم إسرائيل للجولان، ومارس تضيقًا وضغطًا على السلطة الفلسطينية، وأوقف دعم وكالة غوث اللاجئين الفلسطينية، وأغلق مكتب السلطة الفلسطينية في واشنطن، ومارس دورًا نشطًا في التوصل لاتفاقيات تطبيع بين إسرائيل وعدد من الدول العربية والإسلامية. وفى هذا السياق ظلت إدارة "ترامب" ملتزمة بدور واشنطن في الحفاظ على اتفاقيتي السلام بين إسرائيل وكل من مصر والأردن عبر عدة إجراءات بما في ذلك المشاركة في القوات متعددة الجنسيات، والمتابعة الدبلوماسية، وتقديم مساعدات للأطراف المعنية.
- ظل "ترامب" ملتزمًا بالخط الاستراتيجي التاريخي لبلاده من حيث التأكيد على دور واشنطن في حماية أمن الخليج، مع الاستمرار في سياسة عدم الإعلان عن تحالف رسمي مع أي من دول مجلس التعاون، أو صياغة اتفاق دفاعي صريح معها، واتباع سياسة حريصة لتفادى التورط في مواجهة عسكرية مع إيران (هاجمت طهران منشآت بترولية سعودية في سبتمبر 2019م، وذلك بعد أن ضربت أربع سفن في مياه إمارة الفجيرة في مايو من نفس العام). وركز "ترامب" على فكرة تكفل دول الخليج بتكاليف الدفاع عن أمنها، عبر صفقات ضخمة من السلاح، أو عبر تغطية تكاليف القوات الأمريكية المرسلة للمنطقة، كما حث دول مجلس التعاون على تجاوز خلافاتها والالتفات للخطر الإيراني، مع دعمه لفكرة تكوين تحالف استراتيجي إقليمي يضم دول مجلس التعاون مع عدد من الدول العربية الصديقة ("ناتو" عربي). كما عبر "ترامب" عن دعمه لدول الخليج في أكثر من موقف منها اختياره للرياض لتكون أول مقصد لرحلاته الخارجية بعد توليه الرئاسة في 2017م، حيث شارك في ثلاثة اجتماعات مع كل من القيادة السعودية ودول مجلس التعاون والدول الإسلامية، كما أنه دافع عن السعودية في إطار حادث اغتيال خاشقجي، كما دافع عن صفقة طائرات ف-35 للإمارات في نهاية 2020م، في وجه معارضة أعضاء الكونجرس من الحزب الديموقراطي.
- مقارنة بإدارة أوباما، تمكن "ترامب" من صياغة علاقات جيدة مع عدد من الزعامات والدول العربية سواء في منطقة الخليج أو مصر والأردن والمغرب وغيرها، وهو ما انعكس في المواقف الأمريكية تجاه هذه الدول وأولوياتها (مثلاً قضية سد النهضة، وموضوع الصحراء ناهيك عن الموقف من إيران). ويمكن القول بأن هذا الرصيد سوف ينتقل للرئيس الجديد في شكل وجود نوايا حسنة تجاه الولايات المتحدة وإن كان هناك توجس من "بايدن" من حيث كونه خدم في إدارة "أوباما" وبالتالي فقد يعود لتوجهاتها سيئة السمعة.
- استمر "ترامب" في تطبيق مقاربة "أوباما" المتمثلة في التقليل من أهمية الشرق الأوسط في إطار المصالح الأمريكية المباشرة، والرغبة في الانسحاب منها عسكريًا، وتفادى التورط في نزاعات برية قد تأخذ طابعًا طويل المدى، مع دعوة دول الناتو للعب دور أكثر إقدامًا في المنطقة.
خامسًا: توجهات "بايدن" نحو الشرق الأوسط
رغم أن السياسة الخارجية لم تلق اهتمامًا كبيرًا في الحوار الداخلي الأمريكي الذي يميز الحملات الانتخابية للفرقاء، إلا أن بعض ملامح توجهات "بايدن" للسياسة الخارجية كانت موضع تحليل وتعليق. ويكفي أن حملة "بادين" اختارت 2,000 خبيرًا موزعين على 20 مجموعة عمل يتناول كل منها أحد القضايا الدولية (مثلاً: نزاع السلاح، المناخ، المناطق الجغرافية المختلفة). وذلك في سياق الإعداد للحملة الانتخابية وأيضًا لعملية تولى الحكم.
وبصفة عامة إشارات تصريحات "بايدن" ومعاونيه، إلى توجهه نحو إعادة بناء المكانة الدولية لأمريكا باعتبار أن إدارة "ترامب" أساءت التصرف في ملف السياسة الخارجية. وهكذا توجد إشارات إلى "بادين" سيعمل على إعادة بلاده لاتفاقية باريس للمناخ، وإلى المنظمات الدولية التي انسحب منها "ترامب"، مع إعادة المياه إلى مجاريها فيما يخص حلفاء واشنطن في الناتو. فماذا عن المتوقع من "بادين" تجاه الدول العربية ومنطقة الشرق الأوسط؟
- يتوقع أن تقوم إدارة "بايدن" بمبادرة نحو طهران، لا فقط بالعودة إلى اتفاق برنامج العمل المشترك، ولكن أيضًا بفتح باب الحوار لمراجعة سياسة "أقصى ضغط"، بل استراتيجية تغيير النظام، مقابل إجراء بعض التعديلات على الاتفاق بهدف تحجيم برنامج الصواريخ الإيرانية وتقليص التدخلات الإيرانية في منطقة الشرق الأوسط. يدرك "بايدن" أن هذا التوجه – الذي ستعارضه إسرائيل وأطراف خليجية – سيولد عودة إلى مقاربة "أوباما" بإيجاد توازن بين السعودية وإيران على أساس أن التفاهم بين الدولتين الخليجيتين مطلوب إقليميًا ودوليًا. إلا أن هذه المقاربة تتطلب معالجة تحديات أخرى مثل كيفية مواجهة الامتدادات الإيرانية في العراق وسورية ولبنان واليمن، وأسلوب مواجهة الهجمات الإيرانية على مرافق النفط في الخليج، ناهيك عن معالجة الآثار السلبية للانسحابات الأمريكية المتتالية من الشرق الأوسط، والتي تعود إلى زمن "أوباما"، والتي تركت مساحات كبيرة لنفوذ قوى أخرى، وهزت ثقة أصدقاء واشنطن في المنطقة.
وهنا تركز التقديرات على دور معاوني "بايدن" أمثال "توني بلينكن" المرشح وزيرًا للخارجية و"جيك سليفان" المرشح كمستشار للأمن القومي وغيرهما ممن يشرحون توجهات "بايدن" بعيدًا عن التبسيط الذي استدعته الحملة الانتخابية، حيث يدركون أهمية التشاور مع دول مجلس التعاون، وعدم التعجل في رفع العقوبات عن طهران، وصعوبة التفاوض مع إيران على العديد من القضايا الحساسة بما في ذلك ترتيبات ما بعد انتهاء مدة اتفاق برنامج العمل المشترك (عام 2025م) أو ما يطلق عليه sunset clause.
- العودة لحل الدولتين: الأرجح أن "بايدن " يميل إلى المواقف الكلاسيكية للولايات المتحدة – ما قبل "ترامب" – تجاه الوضع الفلسطيني، بما في ذلك حل الدولتين، وإبقاء القدس موضع تفاوض، ورفض سياسة الضم وبناء المستعمرات ودعم منظمة غوث اللاجئين، وهي تمثل المواقف المعلنة لإدارة "أوباما". ويعزز من هذا التوجه صعود تيار يساري داخل الحزب الديموقراطي، وبين أعضاء الحزب في الكونجرس، يعارض سياسات "نتنياهو" التوسعية التي ساندها "ترامب"، ويتحدث صراحة عن الحقوق الفلسطينية، وأبرز أصوات هذا التوجه هما "بيرنى ساندرز" واليزابيث وارن" والحركة اليهودية "جي ستريت" Jstreet.ي (راجع الخطاب الذي وقعه 191 من أعضاء الكونجرس الأمريكي من الحزب الديموقراطي والموجه لرئيس وزراء إسرائيل بتاريخ 25/6/2020م، الذي يؤيد حل الدولتين ويحذر من قرار أحادي للضم، وكذلك الخطاب الموجه لوزير الخارجية الأمريكي والذي يطالب بربط المساعدات لإسرائيل بشروط تضمن التخلي عن الضم، مع ملاحظة محركي هذا التوجه من أعضاء الكونجرس: "الكسندرا اوكاسيو – كورتز" – المعروفة بـ AOC -و"رشيدة طليب" و"بيتى ماكولم").
ومع ذلك، تبقى هناك صلات خاصة بين الحزب الديموقراطي واللوبي المؤيد لإسرائيل، حيث ظهر ذلك في نجاح هذه المجموعة في حذف الإشارة إلى إسرائيل كقوة احتلال من مشروع برنامج الحزب الانتخابي، كما يلاحظ وجود رأى بأن "بايدن" قد لا يتمكن من إلغاء جميع الخطوات التي قام بها "ترامب"، مثل إعادة السفارة الأمريكية لتل أبيب، وإن كان يستطيع أن يوازن هذه الإجراءات باتخاذ خطوات مثل إعادة تأكيد الموقف الأمريكي التقليدي من القدس باعتبارها موضع تفاوض، و إعادة فتح القنصلية الأمريكية في القدس الشرقية، وإعادة مكتب السلطة في واشنطن، وإعادة المساعدات لوكالة الغوث الخ.
- دول الخليج العربية: إن كانت مواقف "ترامب" العدائية تجاه إيران قد صادفت توافق لدى بعض دول الخليج، إلا أن تردده وتخبطه إزاء الرد على الهجمات الإيرانية على مرافق النفط، وفى التعامل مع تركيا، والملفات السورية واللبنانية والليبية أثارت القلق. والتوقع السائد هو أن يهتم "بايدن" بإنهاء حرب اليمن، والتهدئة في العراق، وربما تسوية الأوضاع في ليبيا، وإن كانت تفاصيل هذه الخطوات غير واضحة الآن. ويلاحظ أن "بايدن" كان (في عام 2006م) قد اقترح معالجة الوضع في العراق عن طريق تطبيق نظام فيدرالي يمنح حكمًا ذاتيًا لأقاليم شيعية وسنية وكردية، كما أنه كان من مؤيدي غزو العراق، مما جعل البعض يتوقع أنه لن يستعجل سحب القوات الأمريكية من هناك.
- العلاقات مع مصر: تبلورت علاقة القاهرة بواشنطن على مدار أكثر من أربعين سنة، منذ توقيع اتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل، حول عدة محاور تتضمن الحفاظ على حالة السلام، وتدفق أكثر من 80 مليار دولار من المساعدات الأمريكية لمصر، معظمها في المجال العسكري، مع وجود استثمارات أمريكية في مصر في حدود 20 مليار دولار، ومعدل تبادل تجاري سنوي في حدود 8.7 مليار دولار عام 2019م. ونجح الطرفان في إدارة هذه المكونات لصالح أهداف كل منهما، رغم وجود اختلافات في المواقف والآراء انعكست في توتر العلاقة حول ملفات الديموقراطية وحقوق الإنسان والإصلاح والنزاع العربي – الإسرائيلي والأوضاع في الخليج وعلاقات مصر بأطراف ثالثة. وتم التعبير عن هذا التوتر في تجميد قسم من المساعدات الأمريكية، أو إيقاف عمليات صيانة عسكرية، أو تأجيل المناورات المشتركة، أو عدم انتظام الزيارات الرئاسية إلى واشنطن، وايقاف آلية الدفع الآجل.
وبصفة عامة، تميزت العلاقات المصرية – الأمريكية بالروح الإيجابية في ظل الرئيسين السيسي وترامب، حيث عبر الأخير أكثر من مرة عن إعجابه بالرئيس المصري وأشاد بدوره في محاربة الإرهاب، والدفاع عن التعددية الدينية والنهوض بحقوق المرأة والحفاظ على النظام. وبالمقابل وجدت مجموعة من أعضاء الكونجرس، ومعها أعضاء في "مجموعة العمل حول مصر"، وعدد من مراكز الدراسات ومنظمات المجتمع المدني وبعض الإعلاميين، ممن ركزوا على موضوعات حقوق الإنسان، مطالبين باستخدام المساعدات الأمريكية للضغط على مواقف القاهرة.
رغم ذلك، قامت حكومة ترامب بدور إيجابي في محاولة إيجاد حل لمشكلة سد النهضة، إلا أن الحكومة الأثيوبية لم تتجاوب مع التحرك الأمريكي. ومضت واشنطن فطلبت عقد مجلس الأمن لبحث الموضوع، كما فرضت عقوبات على أديس أبابا مقابل مضيها في ملئ السد دون اتفاق مع مصر والسودان. وبالتوازي عادت قضية علاقات مصر العسكرية بأطراف ثالثة لتطل على المشهد حيث أعلن عن نية شراء طائرات "سو-35" الروسية، مما دفع وزيري الخارجية والدفاع الأمريكيين لإرسال خطاب مشترك للقاهرة للتحذير من تداعيات هذه الخطوة طبقًا لقانون "كاتس الذي يهدف إلى محاربة صفقات السلاح مع روسيا. هذا وقد درج الكونجرس على تجميد مبلغ من المعونة التي تطلبها الإدارة لصالح مصر سنويًا (300 مليون من حوالي 1.4 مليارات دولار)، حتى يقوم وزير الخارجية بإصدار إعفاء استنادًا إلى متطلبات الأمن القومي الأمريكي، وهو ما حدث في أغسطس 2019م.
المحصلة أن العلاقة المصرية – الأمريكية تحكمها معادلات استراتيجية في إطار مصالح كل طرف، وإن كان ذلك لم يحصنها من التعرض لهزات وأزمات متكررة. وهو ما بدت احتمالاته في إطار تركيز عدة جهات أمريكية على أوضاع حقوق الإنسان في مصر، وخاصة حالات تخص مصريين أمريكيين (أي مزدوجي الجنسية) ناشطين، وذلك من جانب ممن سبق لهم الخدمة في إدارة أوباما، وأعضاء في الكونجرس، وخاصة بين صفوف الديموقراطيين، وأعضاء في "مجموعة العمل حول مصر"، والصحافة الليبرالية (خاصة جريدتي "نيويورك تايمز" و "واشنطن بوست"). وتفاعل "بايدن" مع هذه التوجهات فأرسل "تويته" (وهي أسلوب العصر في التعبير عن المواقف السياسية) يتعهد فيها بالتوقف عن منح "شيكات على بياض".
ذهب البعض إلى تفسير موقف "بايدن" بأنه نابع من ضرورات الهجوم على سياسة "ترامب" في خضم الحملة الانتخابية، كما أنه يعكس رأي جناح هام في الحزب الديموقراطي ومؤيديه، بالإضافة إلى أنه يمثل عودة إلى توجهات جماعة "أوباما" المحيطين به واللذين يتوقع أن يعودوا إلى مناصب مؤثرة في الإدارة الأمريكية في حالة فوز بايدن. بالمقابل، فإن خبرة "بايدن" الطويلة في الشؤون الدولية، والطابع البرجماتي المتوقع منه، والواقع الجديد في الشرق الأوسط، سوف تدفع إلى ضرورة التعامل الواقعي، وبدون مواقف أيديولوجية مسبقة، مع حقائق القوة وضرورات المصالح في المنطقة.
مع عام جديد، وبينما تتوالى المشاهد الغريبة لتسليم وتسلم السلطة في واشنطن، ومع توقع انشغال الرئيس الجديد بالقضايا الداخلية التي تحتل الساحة الأمريكية، فإن على الدول العربية أن تستعد، عبر الدراسة والتشاور والتنسيق واتخاذ القرارات، للتعامل مع ساكن البيت الأبيض رقم 46.