array(1) { [0]=> object(stdClass)#13616 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

العدد 157

عام مضى وآخر بدأ: الدروس المستفادة

الأربعاء، 30 كانون1/ديسمبر 2020

جمال أمين همام

هناك إجماع على أن العام الذي انقضى (2020م) من الأعوام التي سيتوقف أمامها التاريخ طويلًا حيث شهد أحداثًا قلما تكررت في التاريخ المعاصر، فقد اجتمعت أحداث شتى وتضافرت مخاطر متنوعة والتقت عوامل مقلقة ومثيرة للمخاوف وتكالبت تحديات مجتمعة في وقت واحد، ومنها ما يمثل خطرًا ممتدًا وبعيد المدى والتأثير، ومنها ما قد يكون تأثيره مرحليً، ويمكن تجاوزه.

ولعل خطر جائحة كورونا يأتي في مقدمة هذه المخاطر لكونها كشفت ضعف البنية الصحية العالمية وسلطت الضوء على ارتباك الدول الكبرى والصناعية أمام هذا الفيروس الذي لا يُرى بالعين المجردة، بل كشفت فشل الحلول الفردية للدول في مواجهة هذه الجائحة، أو في إيجاد العلاج اللازم لفترة استمرت أكثر من عام، وحتى اللقاحات التي تم التوصل إليها وبدأ بالفعل استخدامها جاءت بمبادرات وأبحاث عجولة من شركات أدوية كبرى وليست دولاً، ومخاطر فيروس كورونا التي تمثل أخطر كارثة طبية استهدف جميع دول العالم بلا استثناء، بل الدول المتقدمة كانت الضحية الأولى لهذه الجائحة وهذا ما تؤكده أعداد الوفيات والإصابات في الولايات المتحدة وأوروبا الغربية التي زادت بأعداد كثيرة عن مثيلاتها في الدول الأكثر فقرًا، وامتد تأثير جائحة كورونا ليصل إلى جميع مناحي الحياة وفي مقدمتها القطاع الاقتصادي والخدمات والسياحة والنقل وغيرها، كما هبطت أسعار النفط ما أدى إلى تراجع معدلات الإنتاج ومن ثم هبوط معدلات النمو في الدول الغنية، وزادت نسبة البطالة ؛ وغير ذلك من مؤشرات سلبية خيمت على العالم.

ورغم هيمنة هذه الجائحة، إلا أنها لم تكون الوحيدة من المظاهر السلبية التي عاشتها الكرة الأرضية، فقد ألقت نتائج الانتخابات الرئاسية الأمريكية بظلالها على العلاقات الخارجية الأمريكية وعلاقتها مع الأصدقاء والشركاء من ناحية ومع الأعداء من ناحية أخرى، وامتد ت المخاطر إلى منطقة شرق البحر الأبيض المتوسط والصراع الدائر حاليًا مع الدول المطلة على المتوسط ،  وهو صراع مصالح وتكالب على الطاقة المختزنة في قاع البحر، وأمتد هذا الصراع ليصل إلى ليبيا التي تحولت إلى نقطة صراع محتدمة بين تدخل تركي سافر ضد الشعب الليبي ودول الجوار.

كما أن العلاقات العربية ـ العربية في عام 2020م، لم تكن في أحسن حالاتها فهي امتداد لما قبلها وإن كانت قد زادت في بعض الأحيان سخونة في الخلاف أو الاختلاف، حيث امتدت هذه الخلافات إلى كسل العمل العربي المشترك إن لم يكن وصل إلى حد الخمول فيما يتعلق بالتعاطي العربي الجماعي مع التحديات التي تواجه الدول العربية، واستمر التراشق الإعلامي الذي هبط إلى مستوى يسئ جدًا للعلاقات العربية ـ العربية وللتاريخ العربي ويجر المنطقة إلى حروب إعلامية ونهش في الجسد العربي العليل والمحاط بأعداء تقليديين وأعداء جدد، وإن كانت هناك بوادر إيجابية على طي هذه الخلافات قبل أيام قليلة من انتهاء العام المنصرم.

تظل كل هذه الأحداث وغيرها مهمة جدًا، وإن كانت سلبية، إلا أنه من الممكن أن تكون إيجابية شريطة التوقف أمامها للتعلم منها والاستفادة من الأخطاء وتدارك ما يمكن تداركه، ولعل من أهم هذه الدروس:

أهمية التعاون والتكامل العربي، حيث فشلت الحلول الفردية للدول الكبرى في مواجهة أحداث العام الفائت وتداعياتها، والوضع أكثر صعوبة بالنسبة للدول النامية ومنها بالطبع الدول العربية، وهذا ما يؤكد أهمية دخول المنطقة في تكامل حقيقي يعتمد على إعمال الفكر واللجوء إلى الأبحاث والدراسات في خدمة القضايا الحياتية المتعلقة بالصحة والتنمية والابتكارات واللحاق بقطار التقدم العالمي، وأن يكون البحث العلمي هدفًا ووسيلة معًا.

وبعد التجربة التي طالت من الخلافات العربية ـ العربية والتي استغلتها الدول الإقليمية أسوأ استغلال وعاثت فسادًا بالأمن القومي العربي، فقد آن الأوان أن تصل العلاقات العربية الجماعية إلى مرحلة الرشد وعدم خلط الخلافات السياسية بالمصالح العليا للمنطقة بما يفتح الباب واسعًا لدخول من يريد لزيادة الهوة بين الشعوب العربية واستنزاف خيراتها واستباحة أمنها، حيث جاءت التدخلات الإقليمية على حساب استقرار جميع الدول العربية دون استثناء وأن الخسائر طالتها جميعًا وتعيش المنطقة حاليًا صراعًا محتدمًا بين مشاريع قومية تستهدف الوجود العربي من أساسه وهذا ما يهدف إليه المشروع القومي التركي، والمشروع القومي الإيراني، والمشروع القومي الإسرائيلي، وإن تسربلت هذه المشاريع بأقنعة دينية تظل مشاريع موجهة ضد الوجود العربي وتستهدفه لاستئصاله من عقر داره، وحصاره في محيطه ، ومواجهة هذه المشروعات تتطلب قراءة أهدافها وأماكن تركيزها وتكون المواجهة بالأدوات نفسها.

وكلما تأخر العرب في المواجهة خصوصًا بالقوة الناعمة كلما زادت الخسائر العربية، لذلك من الضروري سرعة التهدئة العربية وقراءة مخططات الآخر والرد عليه بأسلحته.  

 

مقالات لنفس الكاتب