array(1) { [0]=> object(stdClass)#12962 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

العدد 158

286 مؤسسة خليجية تمول "الصغيرة والمتوسطة" بـ 15.5 مليار دولار

الأربعاء، 27 كانون2/يناير 2021

تلعب الصناعات الصغيرة والمتوسطة دورًا مهمًا في مختلف اقتصادات العالم المتقدمة والنامية وذلك لدورها الفاعل في توليد فرص العمل وتحقيق زيادة ملموسة في القيمة المضافة، علاوة على دورها في تعزيز وتدعيم قواعد التنويع الاقتصادي الذي يُعد أحد الركائز الأساسية لتعزيز تنافسية الاقتصاد.وقد ظهر ذلك بصورة ملفتة للنظر في المشهد الصناعي العالمي خلال الأربعين سنة المنصرمة، وذلك نتيجة لجملة من التحولات في النظم الاقتصادية التي شهدتها أغلب دول العالم، وانحسار دور الدولة وعدم قدرتها على توفير فرص العمل لمخرجات التعليم بمختلف مراحله.

    ويرى العديد من المختصين باقتصاديات التنمية، إلى أن تطوير الصناعات الصغيرة والمتوسطة يُعد أحد أهم المداخل لتحقيق التنمية المستدامة، وذلك بوصفها تمثل ركيزة رئيسة لزيادة الطاقة الإنتاجية، وفي المساهمة الفاعلة للحد من الفقر والبطالة. ولذلك اهتمت دول كثيرة بهذه الصناعات، وقدمت لها الدعم بهدف تعزيز قدرتها على مواجهة المنافسة الإقليمية والدولية. ويأتي الاهتمام الكبير بالصناعات الصغيرة والمتوسطة، وذلك لقدرتها الفائقة في خلق فرص العمل ولقلة حجم الاستثمار فيها قياسًا بالصناعات الكبيرة، علاوة على إنها تمثل مجالاً لتطوير المهارات على الصعد الإنتاجية والإدارية والفنية والتسويقية.

    أما على صعيد دول مجلس التعاون الخليجي، فقد قامت بتوجيه المزيد من الاهتمام للصناعات الصغيرة والمتوسطة في العقود الثلاثة المنصرمة، تجسد في اتخاذ مجموعة من السياسات والخطط والإجراءات المشجعة، كحاضنات المشاريع الصغيرة وصناديق تنمية المبادرات الذاتية للشباب، وتأسيس شركات لتطوير مناطق صناعية يتم تخصيصها للصناعات الصغيرة والمتوسطة.

     وسوف نتناول في هذا المقال أهداف الرؤية في دول مجلس التعاون لتنويع مصادر الدخل بالدخول إلى عصر المشروعات الاقتصادية العملاقة غير النفطية، وأيضًا دعم الصناعات الصغيرة والمتوسطة في إطار دعم القطاع الخاص لتحقيق أهداف الرؤى التنموية الخليجية، وبيان أهم الصناعات الصغيرة والمتوسطة التي تقوم على المزايا النسبية لدول مجلس التعاون الخليجي، وكيفية النهوض بهذا القطاع المهم في الناتج الإجمالي للعديد من دول العالم، ومدى وجود هذا القطاع الصناعي على خارطة الرؤى الخليجية، وتقديم المقترحات لتطوير هذا القطاع الصناعي الخليجي وتعزيز تنافسيته.

 

أولاً-أهداف الرؤية المستقبلية في دول الخليج العربي لتنويع مصادر الدخل

    تهدف رؤية المملكة العربية السعودية 2030 إلى دعم وتطوير المشروعات الصناعية الصغيرة والمتوسطة من خلال تنفيذ العديد من المبادرات والإصلاحات الرئيسة منها تشجيع المؤسسات المالية على تخصيص ما يصل إلى (%20) من إجمالي التمويل الذي تقدمه للمشاريع الصغيرة والمتوسطة بحلول العام 2030، الأمر الذي سيسهم في رفع مساهمتها في إجمالي الناتج المحلي من (%20) إلى (%35)، وزيادة عدد الوظائف التي يوفرها القطاع للمواطنين السعوديين من مليون وظيفة عام 2017م، إلى (4.3) مليون وظيفة عام 2030.

       وتشير رؤية قطر الوطنية 2030 إلى بناء اقتصاد متنوع يتناقص اعتماده على النشاطات الهيدروكربونية وتتزايد فيه أهمية دور القطاع الخاص ويحافظ على تنافسيته من خلال التوسع في الصناعات ذات الميزة التنافسية المستمدة من الصناعات الهيدروكربونية، كما ركزت استراتيجية التنمية (2018-2022) على الدور الذي تلعبه المنشآت الصناعية الصغيرة والمتوسطة في إنجاح سياسة التنوع الاقتصادي.

      كما تشير الركيزة الثانية من رؤية عمان 2040 " الاقتصاد والتنمية " إلى بناء اقتصاد متنوع وديناميكي ومتفاعل مع معطيات العولمة وقادر على المنافسة وتلبية احتياجات المواطنين في الحاضر والمستقبل، يكون للقطاع الخاص دور بارز فيه. كما تركز بشكل رئيسي على تحقيق التنويع الاقتصادي بما يضمن استمرار معدلات النمو الاقتصادي في المرحلة المقبلة مع انخفاض الطلب على النفط كمصدر أساسي للطاقة في المستقبل.

      وتهدف الأجندة الوطنية في دولة الإمارات إلى أن تكون الدولة من أفضل دول العالم في مجال ريادة الأعمال، حيث تواصل دورها في إطلاق إمكانات المواطنين ليقودوا عجلة التطوير الاقتصادي من خلال تشجيع المشاريع الصناعية الصغيرة والمتوسطة في القطاع الخاص، وغرس ثقافة ريادة الأعمال في الجامعات والمدارس، لتخريج أجيالٍ تتمتع بروح الريادة والإبداع والمسؤولية والطموح، بما يعزز حصول الدولة على مراكز متقدمة في مؤشرات سهولة ممارسة الأعمال والتنافسية العالمية والابتكار وريادة الأعمال والتنمية والتركيز على البحث والتطوير. وتستهدف الرؤية الاستراتيجية لدولة الإمارات النهوض بقطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة بحيث تساهم بنحو (%60) من الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي عام 2021.

     كما تشير الركيزة السادسة من رؤية الكويت 2035 إلى تطوير اقتصاد مزدهر ومتنوع للحد من اعتماد الدولة الرئيسي على العائدات من صادرات النفط. وتهدف استراتيجية الصندوق الوطني لرعاية وتنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة إلى المساهمة في خلق فرص عمل منتجة للكويتيين في القطاع الخاص، وزيادة مشاركة المشروعات الصغيرة والمتوسطة في الاقتصاد المحلي، والمساعدة في خلق بيئة ملائمة لأعمال هذه المشروعات.

     كما تتضمن "رؤية البحرين الاقتصادية 2030 "سياسات تهدف إلى تحسين نفاذ المشروعات الصناعية الصغيرة والمتوسطة إلى التمويل. وتستهدف استراتيجية مجلس تنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة (2018-2023) إلى زيادة مساهمة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في الناتج المحلي الإجمالي إلى (%40) ورفع مساهمة هذه المؤسسات إلى (%20) في التصدير.

ثانيًا-الأطر المؤسسية المعنية بتطوير الصناعات الصغيرة والمتوسطة

     قامت بعض دول مجلس التعاون بإنشاء مؤسسات تعنى برعاية الصناعات الصغيرة والمتوسطة وتقديم الدعم لها وتوفير الخدمات الفنية لها، مثل إنشاء مؤسسة محمد بن راشد لدعم المشاريع الصغيرة عام 2002، بالإمارات كي تصبح رافدًا حيويًا يوفّر الدعم والمعلومات للمنشآت الصغيرة والمتوسطة الناشئة، وصندوق خليفة لتطوير المشاريع عام 2007 م، بهدف تطوير المشاريع المحلية ودعم ريادة الأعمال. وفي عُمان أنشئت الهيئة العامة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة لتكون الجهة الرسمية والراعية لهذا القطاع، وتنظم بيئة ريادة الأعمال، والبرامج الهادفة إلى تطويره، وأنشأت قطر عام 2011م، جهاز قطر للمشاريع الصغيرة والمتوسطة لدعم برامج تنمية وتطوير المشروعات الصناعية الصغيرة والمتوسطة.

     وأنشأت السعودية عام 2015م، الهيئة العامة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة بهدف تنظيم قطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة في المملكة ودعمه وتنميته ورعايته، وفقًا لأفضل الممارسات العالمية، لرفع إنتاجية المنشآت الصغيرة والمتوسطة وزيادة مساهمتها في الناتج المحلي الإجمالي وزيادة الطاقة الاستيعابية للاقتصاد السعودي بما يؤدي إلى توليد الوظائف وإيجاد فرص عمل للقوى العاملة الوطنية وتوطين التقنية.

    وفي دولة الكويت تم إنشاء الصندوق الوطني لرعاية وتنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة عام 2013م، لدعم الشباب ومحاربة البطالة وتمكين القطاع الخاص لتحقيق النمو الاقتصادي، ولتمويل المشاريع الصغيرة أو المتوسطة المجدية والمملوكة من قبل كويتيين بنسبة تصل إلى (%80) من رأس المال. ويهدف الصندوق إلى زيادة مشاركة المشروعات الصغيرة والمتوسطة في الاقتصاد المحلي، والمساعدة في خلق بيئة ملائمة لأعمال المشروعات الصناعية الصغيرة والمتوسطة. وفي البحرين تم تأسيس مجلس تنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة عام 2018م، الذي وضع خطة خمسية (2018-2023) اشتملت على (20) مبادرة أساسية تتعلق بتطوير وتسهيل مصادر تمويل المشروعات الصناعية الصغيرة والمتوسطة ومساعدتها على تطوير قدراتها التصديرية.

    ويُبلغ عدد المؤسسات المصرفية وغير المصرفية التي تمنح تمويلاً للمشروعات الصناعية الصغيرة والمتوسطة في دول مجلس التعاون الخليجي (286) مؤسسة استحوذت الإمارات على النسبة الأكبر منها، ، بنسبة (30%)، ثم الكويت بنسبة (%29)، والشكل التالي يُبين ذلك.

شكل (1) إجمالي عدد المؤسسات المصرفية وغير المصرفية التي تمنح تمويلاً للمشروعات الصناعية الصغيرة والمتوسطة في دول مجلس التعاون الخليجي

المصدر: صندوق النقد العربي، النهوض بالمشروعات متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة في الدول العربية، أبو ظبي، 2019، ص 19

ثالثًا-تحليل واقع الصناعات الصغيرة والمتوسطة بدول مجلس التعاون:

    ارتفع عدد المصانع الصغيرة والمتوسطة في دول مجلس التعاون الخليجي خلال الفترة (2002-2016) بنسبة بلغت (11.76%)، حيث زاد عدد المصانع من (6928) مصنعًا عام 2002، منها (5439) مصنعًا من فئة المصانع الصغيرة، و(1489) مصنعًا من فئة المصانع المتوسطة ، إلى (14671) مصنعًا عام 2016، منها (11696) مصنعًا صغيرًا، و(2701) مصنع متوسط شكلت مجتمعة نحو (%83.4) من إجمالي عدد مصانع الصناعات التحويلية في دول المجلس البالغ عددها الإجمالي (17597) مصنعًا.

جدول (1) بنية الصناعات التحويلية في دول مجلس التعاون الخليجي

الفئات الصناعية

عدد المنشآت

إجمالي الاستثمار" مليون دولار

إجمالي القوى العاملة ( الف)

2002

2016

2002

2016

2002

2016

الصناعات الصغيرة

5439

11969

3284

6000

245

472

الصناعات المتوسطة

1489

2701

5261

9500

118

250

الصناعات الكبيرة 

1226

2926

86913

378200

308

878

المجموع 

8154

17597

95458

393700

671

1600

المصدر: منظمة الخليج للاستشارات الصناعية، ملف الخليج الإحصائي، لعامي 2003و2017

    كما ارتفع حجم الاستثمارات في الصناعات الصغيرة والمتوسطة من نحو (8.5) مليار دولار أمريكي عام 2002 إلى (15.5) مليار دولار عام 2016 أي بنسبة زيادة قدرها (%82.3) وبواقع حوالي (6) مليارات دولار منها في الصناعات الصغيرة، ونحو (9.5) مليار دولار في الصناعات المتوسطة. وشكلت استثمارات الصناعات الصغيرة والمتوسطة قرابة (%4.0) من إجمالي الاستثمار في الصناعات التحويلية بدول المجلس البالغة (393.7) مليار دولار. وتستند "جويك" في تقسيم الصناعات على معيار رأس المال المستثمر بشكل موحد للتمييز بين أنواع الصناعات الخليجية وذلك بعد مراجعة شاملة لمكونات قاعدة بيانات الصناعة التحويلية بدول المجلس، حيث اعتبرت من الصناعات الصغيرة تلك التي يستثمر في كل منها أقل من مليوني دولار، أما الصناعات المتوسطة فهي التي يبلغ رأس مال كلِ منها ما بين مليوني دولار وأقل من (6) ملايين دولار، وتعتبر الصناعات كبيرة تلك التي يستثمر كل مصنع فيها (6) ملايين دولار فأكثر.

   أما فيما يتعلق بالقوى العاملة في الصناعات الصغيرة والمتوسطة فقد ارتفعت من (363000) عاملاً عام 2002 إلى نحو (721399) عاملاً، أي بنسبة زيادة تخطت (%100)، وشكل العاملين في الصناعات الصغيرة والمتوسطة ما نسبته (%44.3) من إجمالي عدد العاملين في الصناعات التحويلية والبالغ عددهم نحو (1.6) مليون عامل عام 2016، وقد استوعبت الصناعات الصغيرة نحو (%28.7) من إجمالي العاملين، بينما استوعبت الصناعات المتوسطة حوالي (%15.6).

    ويشير توزيع الصناعات الصغيرة والمتوسطة على الأنشطة الصناعية كافة بأن صناعة المعادن الإنشائية والنقل وصناعات أخرى كان في مقدمة الصناعات من حيث عدد المصانع (3369) مصنعًا شكلت قرابة (24%) من إجمالي عدد المصانع الصغيرة والمتوسطة،  تليها صناعة المواد اللافلزية، أي صناعة مواد البناء، حيث بلغ عددها هذا النشاط  نحو (2316) مصنعًا تشكل قرابة (%16.5) من إجمالي عدد المصانع الصغيرة والمتوسطة تلتها صناعة منتجات المطاط واللدائن بنسبة(%11)،  ثم صناعة المنتجات الغذائية والمشروبات بنسبة (%10.9) وباقي الأنشطة الصناعية بنسب أقل من ذلك.

     أما من حيث رأس المال المتراكم، فقد جاءت صناعة المعادن الإنشائية والنقل وصناعات أخرى بالمرتبة الأولى حيث بلغ حجم الاستثمارات المتراكمة في هذا النشاط (3.4) مليار دولار تشكل حوالي (%22) من إجمالي الاستثمارات في الصناعات الصغيرة والمتوسطة، فصناعة مواد البناء بحجم استثمارات تراكمية بلغ  نحو (3.2) مليار دولار أي بنسبة (%21)، تلتها صناعة المنتجات الغذائية والمشروبات بحجم استثمارات بلغت (1.9) مليار دولار  بنسبة 12% من إجمالي الاستثمارات، ثم صناعة المطاط واللدائن (البلاستيك) بقيمة (1.7) مليار دولار وبنسبة (%10.9)، ثم باقي الصناعات بنسب تقل عن ذلك.

    وبالنسبة لعدد العاملين فقد جاءت صناعة المعادن الإنشائية والنقل وصناعات أخرى بالمرتبة الأولى، حيث يعمل في هذه الصناعة حوالي (187) ألف عامل أي حوالي (%25) من حجم العاملين في الصناعات الصغيرة والمتوسطة، تلتها صناعة مواد البناء في المركز الثاني مع حوالي (125) ألف عامل، تشكل (%17.3) من إجمالي عدد العاملين في الصناعات الصغيرة والمتوسطة، تلتها صناعة المنتجات الغذائية والمشروبات بحوالي (75) ألف عامل وبنسبة (%10.4)، ثم صناعة منتجات المطاط واللدائن بعدد (72) ألف عامل وبنسبة (%10) فباقي الصناعات بنسب أقل من ذلك.

   وقد تركز العدد الأكبر في دول المجلس من المصانع الكبيرة في المملكة العربية السعودية بعدد 1774 مصنعًا، كما حازت المملكة العربية السعودية على العدد الأكبر من المنشآت الصناعية المتوسطة بعدد 1531 مصنعًا، بينما حازت دولة الإمارات على النسبة الأكبر من المصانع الصغيرة بعدد (5433) مصنعًا، تلتها سلطنة عمان بعدد 1284 مصنعًا لعام 2016م.

جدول (2) توزيع المنشآت الصناعية الصغيرة والمتوسطة في دول مجلس التعاون الخليجي

الدولة

2002

2012

العدد

النسبة من الإجمالي

العدد

النسبة من الإجمالي

الإمارات 

2528

36.5%

5130

40.4%

البحرين

335

4.8%

724

5.7%

السعودية

2284

33.0%

4420

34.8%

عمان

787

11.4%

1328

10.5%

قطر

375

5.4%

556

4.4%

الكويت

616

8.9%

526

4.2%

المجموع 

6928

100.0%

12684

100%

المصدر: منظمة الخليج للاستشارات الصناعية، ملف الخليج الصناعي، سنوات مختلفة

   وتجدر الإشارة إلى انخفاض مساهمة قطاع الصناعات الصغيرة والمتوسطة في إجمالي النشاط الصناعي على الرغم من أهميته في خلق الوظائف وتحقيق النمو الاقتصادي. ولعل ما يؤكد ذلك ما جاء في الخارطة الصناعية التي أطلقتها منظمة الخليج للاستشارات الصناعية والتي أشارت إلى أن الصناعات الصغيرة والمتوسطة التي تشكل أكثر من (%86) من إجمالي المصانع الصناعية بدول المجلس لا يتجاوز حجم استثماراتها (%22) من إجمالي الاستثمار في القطاع الصناعي الخليجي.

 

ثالثًا-التحديات التي تواجه الصناعات الصغيرة والمتوسطة بدول مجلس التعاون:

    تواجه الصناعات الصغيرة والمتوسطة بدول مجلس التعاون الخليجي مجموعة من التحديات، قسم منها داخلية ترجع لقضايا فنية وتنظيمية ترتبط في البنية التحتية في مجالات الإنتاج والتسويق والتصدير، وصعوبة توفير المواد الخام، وعدم وجود بنية تشريعية خاصة بهذه الصناعة، وعدم توافر قاعدة بيانات إحصائية، إضافة إلى ضعف وصعوبة الاتصال مع المشاريع الكبيرة، وعدم توافر مؤسسات لتقديم المساعدات الفنية خاصة باكتساب مهارات العمل وإدارة المشاريع، وكذلك تأهيل المنشآت الصناعية الصغيرة والمتوسطة لإنتاج مخرجات مطابقة للمواصفات العالمية، وعدم توافر المعلومات الحديثة والدقيقة عن حركة الأسواق والبيئة الاقتصادية التي تُعد من المتطلبات الضرورية لإقامة واستمرار أي مشروع صناعي. علاوة على ضعف الدعم الإداري والفني المتوفرة لها، وبشكل أساسي اعتماد المصانع الصغيرة والمتوسطة على الموارد المالية الذاتية بسبب محدودية فرص التمويل من السوق المالية والمصارف، حيث تفضل المصارف تمويل المؤسسات الكبيرة رغبة في تخفيض تعرضها للمخاطر.

   وتواجه المشروعات الصناعية الصغيرة والمتوسطة معوقات ترتبط بالحصول على التكنولوجيا والابتكار تشمل عدم قدرتها على اعتماد تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، عدم وجود قدرات للبحث والتطوير أو تدني مستوى الإنفاق على البحث والتطوير، وتدني مستوى الابتكار، ضعف الاتصال بين القطاع الصناعي والجامعات.

   أما التحديات الخارجية التي تواجه المنشآت الصناعية الصغيرة والمتوسطة، فهي تتعلق بالمنافسة العالمية في ظل العولمة، حيث تبنت دول المجلس سياسات تحرير الأسواق والانفتاح على العالم الخارجي، حيث انضمت جميع الدول إلى منظمة التجارة العالمية، كمت قامت بتشجيع الاستثمار الأجنبي للدخول في المشاريع الوطنية، وأصدرت التشريعات التي تُنظم عمله، كما قامت بخصخصة العديد من المؤسسات الحكومية، وأن جميع ذلك يستدعي إعادة هيكلة قطاع الصناعات الصغيرة والمتوسطة بما يكفل قدرته على التفاعل مع الخطط التنموية.

    وستواجه المشروعات الصناعية الصغيرة والمتوسطة التحديات التي تخلقها الثورة الصناعية الرابعة المستندة على الاقتصاد الرقمي الأمر الذي سيقود إلى اضمحلال دور المنشآت الصناعية المتوسطة والصغيرة في العملية الإنتاجية، نتيجة هيمنة الشركات الكبرى على الإنتاج الصناعي، والتهديد باختفاء الكثير من الوظائف وفرص العمل بنسبة (50%)، وهو ما يفرض تحدي انتشار معدلات البطالة لاسيما في الدول غير المستعدة لعملية التحول صوب الاقتصاد الرقمي.

   وتجدر الإشارة إلى أن عملية النهوض بقطاع الصناعات الصغيرة والمتوسطة في دول مجلس التعاون الخليجي، وتعزيز تنافسيته تستدعي الأخذ بالمقترحات التالية:

  • الاستفادة من الخدمات التمويلية التي يمكن أن تقدمها صناديق التنمية والمصارف الصناعية في دول مجلس التعاون في نطاق الاتفاقية الاقتصادية الموحدة بني دول المجلس.
  • إزالة عوائق السياسات التنظيمية والإدارية والسياسات الحكومية الكلية من أمام تنظيم القطاع المصرفي، وهذه من أهم العناصر الأساسية لإنجاح عمليات تمويل المصارف للمشاريع الصناعية الصغيرة والمتوسطة.
  • ضرورة التوسع في الاستفادة من برامج التعاون والمساعدة الدولية التي تقدمها المنظمات الدولية لاسيما منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية " اليونيدو"، والمنظمة العربية للتنمية الصناعية والتعدين، حيث توجد لدى هذه المنظمات برامج مخصصة لتطوير وتعزيز الصناعات المتوسطة والصغيرة.
  • تبني سياسات مالية ونقدية تحفز من إقبال البنوك التجارية على تمويل الصناعات الصغيرة والمتوسطة من خلال إقامة مؤسسات خاصة لضمان القروض فضلاً عن العمل على إنشاء صناديق خاصة بتمويل المشاريع والصناعات الصغيرة والمتوسطة.
  • إزالة التحيز للمشاريع والصناعات الكبيرة وتبني سياسات وإجراءات خاصة بالصناعات والمشاريع الصغيرة والمتوسطة في مجالات عدة تتمثل بإقامة مناطق خاصة بالمنشآت الصناعية الصغيرة والمتوسطة، وتقديم الخدمات المختلفة كالكهرباء والماء بأسعار تفضيلية.
  • بناء تكتلات فرعية متخصصة قطاعيًا تمكن الصناعات الصغيرة والمتوسطة من التطور وتكوين مصالح مشتركة.
  • تشجيع مزودي الخدمات المالية على الاستفادة من استخدام بعض التقنيات المصاحبة للثورة الصناعية الرابعة، لاسيما تقنيات البيانات الضخمة، والذكاء الصناعي، والبلوك تشين في التغلب علىً تحدي عدم تماثل المعلومات التي كانت تحول مسبقًا دون تمكن القطاع المصرفي من توفير الائتمان للمشروعات الصغيرة والمتوسطة،

     وفي الختام نقول إن تدني مساهمة قطاع الصناعات الصغيرة والمتوسطة في إجمالي النشاط الصناعي في دول مجلس التعاون الخليجي يتطلب تقديم المزيد من الدعم والمساندة للمشروعات الصناعية الصغيرة والمتوسطة ويستدعي تعاون وتظافر جهود جميع الجهات المعنية بتطوير هذا القطاع لزيادة مساهمته في إجمالي القطاع الصناعي الخليجي، وبالتالي تحقيق زيادة في الناتج المحلي الإجمالي لها. وتعول الرؤى والاستراتيجيات الوطنية والخطط والبرامج التنموية القائمة بدول مجلس التعاون الخليجي على تنويع الدخل وبناء اقتصادات أكثر تنوّعًا واستدامة وتنافسية وأقل اعتمادًا على النفط وذلك من خلال مشاركة القطاع الخاص بدور أكبر في برامج التصنيع والتخصيص والشراكة بين القطاعين العام والخاص المرتبطة بتعزيز الدور التنموي للصناعات الصغيرة والمتوسطة في كسر حلقة الاقتصادات الريعية لدول مجلس التعاون الخليجي.

[

مقالات لنفس الكاتب