array(1) { [0]=> object(stdClass)#12962 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

تحديات تنظيم القطاع المالي بعد الأزمة المالية العالمية

الأربعاء، 01 حزيران/يونيو 2011

زعزعت الأزمة المالية التي شهدها العالم مؤخراً دعائم النظام المالي الحالي، وفتحت باب النقاش حول إصلاحه على مصراعيه. وليس هناك من عنصر في هذا النظام لم يشكك فيه بدءاً من النظام المصرفي (الشبح) مروراً بتنظيم المشتقات المالية من عقود آجلة وغيرها وصولاً إلى وكالات التصنيف ومتطلبات رأس المال ووضع الدولار الأمريكي كعملة احتياطية.

يتمحور النظام المالي اليوم بشكلٍ رئيسي حول الدولار كعملة احتياطي وتراكم الديون بشكلٍ غير مسبوق، فمنذ عام 1980، سجلت الديون ارتفاعاً ملحوظاً في العالم كله. ووصلت الديون العامة والخاصة في الولايات المتحدة إلى 57 تريليون دولار، أي متوسط 187 ألف دولار لكل فرد يعيش في تلك البلاد. وبلغت الديون على إجمالي الناتج المحلي أكثر من الضعف وتقف الآن عند 499 في المائة. وارتفعت الديون في الولايات المتحدة عام 2008 أكثر من إجمالي الناتج المحلي بتسع مرات فيما تشكل أكثر من 80 في المائة من الدين العام بعد 1990.

ويعود هذا الارتفاع السريع في حجم الدين إلى تغيير بسيط في نظام (بروتن وودز) متعلق بأسعار الصرف الثابتة عام 1971. وتأسس هذا النظام غداة الحرب العالمية الثانية وجعل من الدولار الأمريكي عملة ربط دولية، وهي بدورها مرتبطة بسعر صرف الذهب الثابت. وبدأ النظام يواجه المشكلات في أواخر الستينات حين بدأت الولايات المتحدة تواجه عجزاً متزايداً في حساباتها الجارية. وبدأت الشكوك تتزايد حول إمكانية الولايات المتحدة إيفائها بوعودها بتبديل الدولار بالذهب عند الطلب مع التدفق المستمر للذهب من الولايات المتحدة إلى أوروبا. فأُلغي بند تبديل الدولار بالذهب من اتفاقية (بروتن وودز) عام 1971 مع عجز الولايات المتحدة عن تطبيقه. وبعد أن أصبح الدولار عملة حرة لم تستمر الاختلالات على الصعيد العالمي فحسب بل ازدادت بشكلٍ هائل ابتداءً من الثمانينات.

ولم تكن الولايات المتحدة وحدها راضيةً عن هذا التغيير، فالدول الأخرى أيضاً رحبت به. وعوض أن تكون ديون الدولار مشكلة أصبحت هي الحل، حيث إنها فعّلت التصدير مما شجع النشاط الصناعي في آسيا والعولمة بشكلٍ عام. وكان لا بد من التفكير بالتغيير الذي طرأ وولد معدلات دين على إجمالي الناتج المحلي لا سابق لها في الولايات المتحدة والعالم. وبذل كبار الخبراء جهوداً حثيثةً من أجل تأكيد عدم وجود أية مشكلة. فآلن غرينسبان رأى في الوضع آنذاك معجزة إنتاجية تبرر ارتفاع أسعار الموجودات وتعيق أي إشراف على مشتقات العقود الآجلة التي ازدادت بدورها بسرعة خيالية. ورأى بن برنانكي في الديون المتزايدة أداةً ضرورية لاستيعاب السيولة التي تلتهمها أسواق آسيا. وأتت وثيقة العمل الصادرة عن المكتب الوطني للأبحاث الاقتصادية لتصب في الخانة نفسها مؤكدةً نظام (بروتن وودز) ثانياً غير نظامي، ولكن مستدام نشأ مع إصدار الولايات المتحدة سندات ديون تشتريها آسيا لتسهيل الصادرات الناتجة عن النمو.

ونشأت الأزمة المالية العالمية الحالية عن تراكم العوامل؛ فالمصارف المركزية أسهمت في الأزمة من حيث السياسات النقدية المرنة جداً، وركز المستثمرون على شراء المنتجات الاستثمارية  المتطورة الصادرة عن المصارف الاستثمارية التي زرعت ثقافة الطمع. أما وكالات التصنيف فواجهت تضارباً في المصالح، إذ منحت تصنيفاً جيداً للشركات التي تدفع لها فيما رفض المنظمون ممارسة إشراف مشدد على مشتقات العقود الآجلة وصناديق التحوط والمراكز المالية في الخارج. وأخيراً لم يكن المستهلكون بريئين في كل ما جرى، فهم أيضاً رفعوا معدلات دينهم إلى مستويات عالية جداً إما لأنهم اضطروا لذلك مع تدني الأجور أو لأنهم دخلوا دوامة الاستهلاك المفرط. فنمط العيش في فقاعة الدين تلك كان يختصر على النحو الآتي: اشترِ ما لا تحتاجه بما لا تملك للفت نظر من لا تحب. 

ويحتدم النقاش حول الاختلالات في النظام المالي الدولي التي أدت إلى الأزمة والتي يجب إصلاحها. وركزت هذه النقاشات على:

  • السيطرة على نظام مصرفي شبح شجع الإقراض المتفلّت من خارج الميزانية.
  • تنظيم أكثر صرامة لأسواق رأس المال وللمشتقات المالية والعقود الآجلة بشكلٍ خاص.
  • متطلبات صارمة على رؤوس الأموال لتعزيز معايير الإقراض الحذرة.
  • تنظيم وكالات التصنيف ومعالجة تضارب المصالح الذي تواجهه.
  • إعادة النظر بالتعويضات التي تُدفع للمديرين
  • إصلاح صندوق النقد الدولي وتعزيز دور مجموعة العشرين والنظر في عملات احتياطية بديلة.

 السيطرة على نظام مصرفي شبح

يعتبر بول كروغمان، حائز جائزة نوبل للسلام، أن ما عُرف بالنظام المصرفي الشبح هو المسبب الرئيسي وراء الأزمة الائتمانية التي شكلت المدخل إلى الأزمة المالية العالمية الحالية. ووصل حجم هذا النظام بحسب تيموثي غايتنر، رئيس الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك، إلى عشرة تريليونات دولار، أي ما يوازي حجم النظام المصرفي الفعلي. والنظام المصرفي الشبح هو جزء من عملية الإقراض إلا أنه ليس مصرفاً تجارياً تقليدياً وبالتالي لا يخضع للإشراف والتنظيم الضروريين. ويُعتبر هذا النظام وسيطاً بين المستثمر والمقترض كالمصارف الاستثمارية وصناديق التحوط والأدوات الاستثمارية الخاصة. وعلى خلاف المصارف التقليدية، لا يحتفظ هذا النظام الشبح بالودائع ولا يخضع لمعايير الإقراض الحذرة، بل يجني مكسبه من التكلفة التي يفرضها مقابل خدماته أو من أسعار الفائدة. واستفادت هذه المؤسسات من الفارق بين ما يُدفع للمستثمرين وما يتلقاه الدائنون من خلال تمويل موجودات طويلة الأمد بديون قصيرة الأمد. لكن المخاطر مقابل هذه البنى المربحة كانت مرتفعة جداً على مستوى السيولة والفوائد والائتمانات لجهة الطرف المدين. ولم تكن الأزمة الحالية سوى ترجمةً لهذه المخاطر في الواقع، إذ تجمدت أسواق الأوراق التجارية وارتفعت أسعار الفائدة على الأمد القريب فيما كشفت الأزمة الائتمانية عن الأصول الممولة نازعةً النقاب عن المخاطر الائتمانية التي تضمنتها.

ولطالما كانت عملية التخلي عن الوساطة عرضة للانتقادات، إذ اعتبر الخبراء أن الوساطة أداةً مفيدة جداً للسوق، فبدأت المصارف التجارية تستفيد منها. وبالتالي يصبح من الممكن تجنب قواعد متطلبات الإقراض ورفع الفائدة عليها. ومع زيادة الربحية ارتفعت المخاطر مع الإقراض المرن لأنه بكل بساطة في صيغة الإقراض الجديدة روحية المساءلة غائبة. ومع مساعدة وكالات التصنيف كان يمكن تصنيف القروض الائتمانية بـ AAA (أي أن الخطر الائتماني شبه معدوم) فتشتريها صناديق المعاشات التقاعدية أو المستثمرون المخدوعون.

ووصلت في أواخر 2008 الموجودات من خارج القطاع المصرفي إلى 5,3 تريليون دولار في أكبر أربعة مصارف في الولايات المتحدة؛ (بنك أوف أمريكا)، (جاي بي مورغان تشايس)، (سيتيغروب)، (ولز فارغو). واتضح عند حصول الأزمة أن حسابات وكالات التصنيف للرهون والضمانات ومخاطر الإعسار عن تسديد الديون لم تكن واقعية وانقلبت آليات الإقراض من خارج الميزانية على المصارف، وأدت إلى الحد من موجودات المؤسسات الاستثمارية. وعلى أعقاب الأزمة وأمام الاستحقاقات التي تواجهها الحكومات سيكون على المصارف استعادة الأصول من خارج الميزانية في عام 2009، الأمر الذي سيخفض رؤوس الأموال لديها. وقدرت (بلومبيرغ) هذه القروض بزهاء تريليون دولار.

وفيما عارض غايتنر وغيره من الخبراء تعزيز قواعد متطلبات إقراض في المؤسسات المصرفية الشبح اقترحوا تحسين إدارة المخاطر لجهة المدين لاسيما في ما يتعلق بالعقود الآجلة والعمليات خارج الموازنة. ولتطبيق هذه الأنظمة سيكون على مؤسسات الإشراف الحصول على المزيد من المعلومات عن المؤسسات المالية، كما يجب عليها أن تكون قادرة على التغلغل بينها. وتدعم حكومة أوباما إنشاء وكالة ناظمة مالية للمستهلك تشجع على العمل الواضح والبسيط وتوفر للمستهلك الإطار القانوني الملائم لتحميه من المنتجات المعقدة التي تبيعها المؤسسات المصرفية الشبح.

 تنظيم مشتقات العقود الآجلة

يتحمل النظام المصرفي الشبح الجزء الأكبر من المسؤولية في الزيادة اللافتة لمشتقات العقود الآجلة. ولا تخضع هذه الأخيرة لأي تنظيم. فعلى خلاف العقود المستقبلية أو عقود الخيارات كـ (نايمكس) و(كومكس) ليس هناك من هيئة توفر تنظيم متطلبات هذه المشتقات المالية، كما لا تتوفر أية معلومات أو عقود واضحة بشأنها. ففي العقد الذي سبق عام 2008 نمت هذه العقود نمواً مطرداً حتى بلغت زهاء 684 تريليون دولار في يونيو 2008 بحسب بنك التسويات الدولية.وارتبط معظم العقود بأسعار فائدة وصل مجموعها إلى 558 تريليون دولار. وارتفعت بالتالي بسرعة التزامات الدين المضمونة ومبادلات عدم الإيفاء بالالتزامات. فارتفعت هذه الأخيرة حتى وصلت إلى 60 تريليون دولار في سنوات قليلة بعد أن كانت لا تُذكر في عام 2004.

إذاً لا تخضع المبادلات لأي تنظيم، كما أنه ليس هناك من عقد ضمان ينص على وجود احتياطي سيولة كافٍ. وتتيح هذه المبادلات تحقيق المكاسب في الأوقات العادية إلى أن ارتفع عدد هذه المبادلات بشكلٍ هائل ليس للمصارف فحسب بل لشركات التأمين أيضاً التي باتت تكسب المال بمجرد إبرام عقود المبادلات بفضل اسمها وشهرتها.  لكن مع حلول الأزمة وإفلاس الدائنين بدأ أصحاب هذه العقود يطالبون بتسديد ديون تصل إلى مليارات الدولارات. ونتيجةً لذلك أعلنت كبرى شركات التأمين في العالم (إيه آي جي) إفلاسها، وبدأت المخاوف تظهر حول إذا ما كان لإفلاس مصرف (ليمان براذرز) أي انعكاسات على المصارف الأخرى.

وتأسس في سبتمبر 2009 منتدى تنظيم المشتقات المالية لتنظيم العقود الآجلة وتجنب توسع رقعة الإعسار إلى الطرف الآخر. وكان هدف هذا المنتدى إنشاء غرفة مقاصة مركزية لمبادلات عدم الإيفاء بالالتزامات ووضع برنامج للحد من هذه العقود من خلال إنشاء شبكات ثنائية أو متعددة الأطراف. والتزم معظم المتعاملين بالمشتقات المالية بالبرنامج، وكان المخطط يقضي بإدخال أنواع أخرى من المشتقات ضمن البرنامج تدريجياً.

قليلةٌ كانت المعلومات حول أسعار مشتقات العقود الآجلة وحجمها بما أن التعامل بها يعني غياب أي تقييم للسيولة أو لمخاطر السوق. وحده بنك التسويات الدولية دعا إلى عملية جمع معلومات لا تقوم مقام قاعدة البيانات الشاملة، لكنها قادرة على تحسين بعض الأمورفي غياب قاعدة كهذه:

  • تغطية جغرافية وتغطية الأدوات.
  • انتظام إعداد التقارير.
  • شفافية في الإفصاح عن الأدوات المستخدمة وعن الطرف الآخر وتركز الأسواق.
  • نقل التركيز على حجم المعلومات إلى معلومات عن مخاطر السيولة والأسواق والائتمان.

 متطلبات رأس المال

على خلاف المؤسسات المصرفية الشبح تخضع المؤسسات المصرفية والمصارف التقليدية ومؤسسات الإيداع لأنظمة متطلبات رأس المال. وبحسب المعايير العالمية التي وضعها بنك التسويات الدولية على رأس المال أن يوازي على الأقل 8 في المائة من المخاطر الائتمانية التي تتعرض إليها المؤسسة. ويُقاس حجم التعرض للخطر بالمقارنة بالموجودات الخطرة على موازنة المصرف، فتكون مثلاً المخاطر على السيولة والسندات الحكومية صفراً فيما تكون المخاطر20 في المائة على القروض بين المصارف و50 في المائة على قروض الرهون العقارية و100 في المائة لأشكال الإقراض الأخرى. ويقسم رأس المال بالتالي إلى رأس المال الأساسي ورأس المال التكميلي. ولا يجدر برأي المال التكميلي أن يكون أكثر من 100 في المائة من رأس المال الأساسي. وعلى هذا الأخير أن يغطي على الأقل 4 في المائة من التعرض للخطر، أي نصف الـ8 في المائة  من معامل كفاية رأس المال.

وتقع مهمة تصنيف الأصول ورؤوس الأموال على عاتق بنك التسويات الدولية ولجنة بازل للرقابة المصرفية التي أنشأها. وتؤثر أنظمة البنك في متطلبات رأس المال على الصعيد الوطني إلا أن تطبيقها قد يختلف من دولة إلى أخرى. وحصلت اتفاقية بازل عام 1988 ثم تم استبدالها عام 2004 ببازل 2. وتغيرت في هذه الأخيرة طريقة تقييم المخاطر فيما أبقت (بازل 2) على طريقة احتساب رأس المال كما هي. وترددت الولايات المتحدة أكثر من الدول الأوروبية في تطبيق هذه الاتفاقية. وتنص (بازل 2) على تطبيق هذه الأنظمة تدريجياً ابتداءً من عام 2008 إلا أنها علقت التنفيذ في الوقت الحالي نظراً للضغوط التي تخضع لها المصارف من جراء الأزمة المالية العالمية. وللأسباب نفسها، طرحت الحكومة الألمانية في صيف 2009 تعليق بازل 2.

ومن المآخذ التي سُجلت على (بازل 2) تحولها مع الأحوال بحيث تشجع على الإقراض في المراحل الجيدة فيما تشجع على عدم الإقراض في مراحل الأزمات. فحين تزداد حالات الإعسار عن تسديد الدين ترتفع متطلبات رأس المال مما يعني معدلات فائدة أعلى وإقراض أقل. وتم اقتراح إجراءات مضادة عدة كتوفير رأسمال احتياطي يمتص الأزمات عند وقوعها وذلك في فترات الازدهار وتعزيز الإجراءات الاحترازية في الاقتصاد الكلي. ومجلس الاستقرار المالي هو من اقترح هذه الإجراءات وهو الهيئة الاستشارية لمجموعة العشرين التي خلفت منتدى الاستقرار المالي، والتي تأسست بدورها عام 1999، وكان عملها محصوراً بمجموعة السبع والدول الأعضاء في منظمة التنمية والتعاون الاقتصادية. ونتيجة للأزمة المالية تقرر شمل معامل المراجحة في تقييم المخاطر وتحسين اكتشاف المخاطر لدى الطرف الآخر.

 وكالات التصنيف

تسيطر ثلاث مؤسسات فقط على قطاع التصنيف المالي وهي (ستاندرد آند بور) و(موديز) و(فيتش)، وهي وحدها تشكل 95 في المائة من هذا القطاع. وأنشئت هذه الوكالات منذ زهاء قرن كمؤسسة خدمات للمستثمرين وتطورت مع الوقت حتى أصبحت مؤسسات شبه رسمية في أسواق المال العالمية التي لا رقيب رسمياً عليها. وتعود ملكية هذه الوكالات إلى جهات خاصة تهدف إلى زيادة ربحية مالكي أسهمها، ومع ذلك تؤدي وظيفة رسمية، إذ إن تصنيفها يعتمد أساساً في السياسات المصرفية وهي ضرورية جداً من أجل تمويل أسواق رؤوس الأموال. وبطبيعة الحال ليس لتصنيفاتها أية تبعات قانونية ملزمة. فإن أخطأت وكالة التصنيف يمكنها اللجوء إلى حقها بحرية التعبير. على سبيل المثال، يتابع القضاء في نيويورك حالياً الدعوى التي رفعها بنك أبوظبي التجاري و(كينغ كاونتي) على وكالتي (ستاندرد آند بور) و(موديز) لإصدارهما معلومات مضللة. وإن كسبت هذه القضية ستعتبر سابقةً تفتح الأبواب أمام نزاعات قضائية عدة من هذا النوع. لكن حتى الآن لا تزال تصنيفات هذه الوكالات تُعامل كمجرد آراء وليست ملزمة قضائياً.

 جدول رقم 1: وكالات التصنيف المالي

وكالات التصنيف

العائدات

(مليون دولار)

المكسب

(مليون دولار)

الموظفون

سنة تأسيسها

أصحابها

ستاندرد آند تشبور

2654

1055

8500

1916

مكغرو- هيل

موديز

1205

537

3000

1909

16% لبركشاير هاتواي

فيتش

727

286

2300

1924

0% فيمالاك، 40% هرست

المصدر: مجلة (دير شبيغل) - العدد 47 - 16 نوفمبر 2009

 لقد بدلت وكالات التصنيف أساليب أجورها في السبعينات. وفيما كانت هذه الوكالات مدفوعة من قبل الشركات باتت الآن مدفوعة من الشركات التي تصنفها. ويشكل هذا الوضع تعارضاً في المصالح مما أدى إلى تصنيفات اتضح أنها لم تكن صحيحة، فقد حصلت مؤسسات (آنرون) و(ورلدكوم) و(برمالات) التي تمتعت بأعلى التصنيفات قبل أشهر قليلة من إشهارها إفلاسها وغيرها من الأمثلة على تصنيفات عالية من خلال نماذج وتقديرات غير موثوقة. فقسم تصنيف المنتجات المهيكلة في وكالة (موديز) مثلاً وفر 44 في المائة من العائدات عام 2006، وحقق ربحية قاربت الـ80 في المائة. واعتبر آنذاك حوافز اعتماد قانون أكثر تشدداً قليلة جداً.

ونتيجةً لهذه الإخفاقات كلها ارتفعت الأصوات المطالبة بالتنظيم الصارم. فاقترحت في الولايات المتحدة التي تحتضن وكالات التصنيف الثلاث هذه في يوليو 2009 تشديد الرقابة عليها والحد من تضارب المصالح. لكن حتى الآن ما من أنظمة ترعى هذه التوصيات في الولايات المتحدة في الوقت الذي بدأ الاتحاد الأوروبي في 23 إبريل 2009 تطبيق رقابة مشددة على وكالات التصنيف. أولاً سيكون من الآن فصاعداً على وكالات التصنيف الحصول على ترخيص من الاتحاد الأوروبي قبل بدء عملها ولا يحق لها توفير المشورة لشركة ستعيد تصنيفها فيما بعد. ولا تزال مسألة وضع أنظمة دولية لوكالات التصنيف موضع شك، إذ إنها لم ترد على جدول أعمال مجموعة العشرين في قمة بيتسبرغ، كما أن إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما لم تبد حماستها لهذا الموضوع مؤخراً.

 المكافآت الضخمة

 من بين الشوائب التي تخللت البنى المؤدية إلى الأزمة المكافآت الضخمة التي كانت تُدفع للمصرفيين العاملين في حقل الاستثمارات ومديري الشركات الذين شجعوا على المخاطر القصيرة الأمد عوضاً عن السلوك المستدام في الأعمال. وفي الواقع شهدت التعويضات والمكافآت المدفوعة للمديرين زيادةً مع الوقت منذ الثمانينات. ولعل أبرز ما لفت الانتباه بهذا الشأن كان المكافآت التي تصرف عادةً بالاعتماد على آراء شخصية. أما معامل مكافآت المديرين التمثيليين بالنسبة لأجور الموظفين العاديين فارتفعت من 42 عام 1980 إلى 525 عام 2000. وهذه النسبة تفوق بأشواط نسبة العشرين على واحد التي أوصى بها الخبير الإداري الشهير بيتر دروكر الذي يعتبر أن نجاح الشركة لا يعود إلى بعض القادة، بل إلى مجموعة من العوامل التي تعتمد على موظفيها جميعهم. وبالتالي يستحسن اعتماد مدفوعات أكثر توازناً.

ولطالما اعتبرت المكافآت التي تُصرف للمديرين التنفيذيين في الولايات المتحدة ضخمة، إلا أن ما كان مثيراً للعجب هو نموها المطرد وتوسعها لتصبح ظاهرة عالمية. لذا تم تبني معايير مبادئ للتعويضات السليمة في عدد من الدول خلال قمة مجموعة العشرين في بتسبيرغ في سبتمبر 2009. وكانت كل من فرنسا وألمانيا في طليعة الدول المبادرة إلى الحد من مكافآت المديرين على أعقاب الأزمة المالية فيما أبدت كل من المملكة المتحدة والولايات المتحدة تردداً إزاء الموضوع ومازالتا تعارضان وضع حدود معينة أو سقف لهذه المدفوعات. من جهتها وافقت إدارة أوباما على تحديد سقف للمكافآت التي تصرف للمديرين التنفيذيين في الشركات التي تعثرت، واستفادت من تعويم الاحتياطي الفيدرالي كمصرف (سيتيغروب) وشركة التأمين (إيه آي جي) أو (جنرال موتورز). وتم تبني هذا القرار في يونيو 2009. والهدف من هذه الإجراءات كان تخفيض المكافآت وليس الأجور للمديرين التنفيذيين مع ترك الحرية للشركات لتقرر المبلغ المناسب. وتهدف هذه الإجراءات أيضاً إلى إعطاء المساهمين صوتاً غير ملزم قانونياً في تحديد المدفوعات وتوسيع صلاحيات لجنة الأوراق المالية والتبادل لضمان استقلالية لجان الشركات التي تقرر مدفوعات المديرين.

 إصلاح صندوق النقد الدولي وتحسين مجموعة (العشرين)

أتاحت الأزمة المالية العالمية بروز الدول ذات الأسواق الناشئة في الساحة الدولية، وباتت هذه الاقتصادات الناشئة كالصين والهند والبرازيل وروسيا والدول المصدرة للنفط كالمملكة العربية السعودية التي تسجل معدلات إجمالي الناتج المحلي مرتفعة جداً تلعب دوراً أساسياً في حل المشكلات حتى إن حل المشكلات قد يستحيل أحياناً من دون مشاركتها. وفي الواقع تلاشت معالم مجموعة الثماني القديمة وبدأت مجموعة العشرين تأخذ مكانها تدريجياً كمنتدى يعالج المسائل الاقتصادية العالمية.

وتكتسب الدول المصدرة للنفط والصين والدول الآسيوية الصناعية ككوريا الجنوبية أهمية كبرى لاسيما أنها الممول الأساسي للعجز الحالي في الخزانة الأمريكية. وبين عامي 2004 و2008 فاقت الدول المصدرة للنفط الصين لجهة الفائض. لكن هذه الفوائض اختفت مع تدهور أسعار النفط عام 2009 من أعلى مستوياتها، إذ ناهزت الـ150 دولاراً للبرميل الواحد، ويقدر صندوق النقد الدولي ألا يعود سعر النفط إلى هذه المستويات قبل عام 2014م. ويكمن اختلال التوازن العالمي في الفائض الصيني والعجز الأمريكي المستمر. وفي الواقع تسير كل من الدولتين على درب مدمر حيث إن الصين تعتمد على العجز الأمريكي في الإنفاق لتغذية نموها المرتكز على التصدير مع احتياطي نقدي يناهز 3,2 تريليون دولار. أما الولايات المتحدة فتحتاج إلى الصين لتمول عجزها وتعوّم مستهلكها. ونظراً للدور المحوري الذي يلعبه اقتصادا الصين والولايات المتحدة على صعيد السياسات الدولية، اقترح زبغينو بريجينسكي (مجموعة الاثنتين) في مقال له اكتسب أهمية كبيرة.

وطالبت كل من الصين والهند والرازيل، وهي دول أعضاء في مجموعة العشرين، بإصلاح صندوق النقد الدولي الذي لا تزال حقوق التصويت ضمنه موزعة على دول مجلس التعاون والتنمية الدولي. وتملك دول الاتحاد الأوروبي في الوقت الحاضر 32 في المائة من أصوات صندوق النقد الدولي فيما تملك الولايات المتحدة 17 في المائة منها. ويعتبر هذا التمثيل غير منصف بالنسبة للصين (3,7 في المائة) والهند (1,9 في المائة) نظراً لإجمالي الناتج المحلي لديهما. ويفترض أن يعاد توزيع 5 في المائة من هذه الأصوات مما قد يؤثر في دول العشرين الممثلة أكثر مما تستحق بالنسبة لإجمالي الناتج المحلي لديها كالمملكة العربية السعودية (3,2 في المائة) أو الأرجنتين.

وواجه صندوق النقد الدولي تحديات أخرى لاسيما من جهة الأسواق التي فرضت أنظمتها بنفسها كالبرازيل وتايوان بين أكتوبر ونوفمبر والضريبة على المعاملات المالية، التي تفرض على العمليات التي تُجرى في أسواق المال العالمية من أجل الحد من تدفقات الأموال بسبب المضاربات والحد من تذبذب الأموال. وهدفت هذه الإجراءات في البرازيل وتايوان إلى التخفيف من تدفق الأموال الذي يزيد قيمة العملة مما قد يقلل من تنافسية صادراتهما. وبالتالي، طالب الصندوق فرنسا وألمانيا بالقيام بدراسة معمقة لهذه الضريبة التي تبناها رئيس وزراء بريطانيا السابق غوردن براون في نوفمبر. وفيما تميل أوروبا إلى دعم هذه الضريبة لا تزال الولايات المتحدة غير موافقة عليها.

وفي الوقت الذي  تتزايد فيه مخاوف الولايات المتحدة بشأن ديونها لاسيما أن هذه الديون لا تنفك ترتفع، تبادر كل من الصين وروسيا إلى اقتراح استبدال الدولار كعملية احتياطية بسلة من العملات على شكل حقوق السحب الخاصة. واقترحت روسيا أيضاً جعل الذهب جزءاً من هذه السلة. ولا تزال هذه المطالب في الواقع مجرد حبر على ورق، ولعل وجودها يفيد بتذكير الولايات المتحدة بضرورة المحافظة على استقرار دولارها. وليست المهمة صعبة جداً، فسلة العملات لا يمكن التداول بها وبالتالي لا يزال الدولار من دون أي منازع على الساحة الدولية. وبما أن الدولار هو عملة التجارة الدولية والعملة الاحتياطية العالمية يعزز العجز الأمريكي النمو في الاقتصادات الناشئة والعولمة. ولا يسهل استبدال مثل هذه العملة باستثناء منطقة اليورو. أما المناطق الأخرى فلا تزال تفتقر إلى درجة الرسملة المطلوبة لكي تشكل بديلاً عن الدولار.

 

 

 

مقالات لنفس الكاتب