تتسم العلاقات الاقتصادية بين الولايات المتحدة ودول مجلس التعاون الخليجي بكونها علاقات ذات مصالح استراتيجية مشتركة قوية، امتدت عبر عقود طويلة، وهي لا تتأثر بتغير الإدارات السياسية الأمريكية، وهذا ما يمكن أن نستشفه من حركة التجارة السلعية والخدمات وتدفقات الاستثمارات المتبادلة بمختلف أنواعها ما بين الجانبين، فبالرغم من انخفاض الطلب الأمريكي على النفط الخليجي إلى أدنى المستويات خلال السنوات الأخيرة، بيد أن التبادل التجاري السلعي بين الطرفين في مجمله استمر بالتصاعد والنمو خلال العشرية الأولى والثانية من القرن الحادي والعشرين، علاوة على تصاعد حجم الاستثمارات المتبادلة بين الجانبين سواء ما تعلق بالاستثمارات الأجنبية المباشرة أو غير المباشرة في السندات الأمريكية، وذلك في إطار حرص دول مجلس التعاون الخليجي على تعزيز العلاقات الاقتصادية مع الولايات المتحدة بما يحقق مصالح دول المجلس ويتناغم مع سياساتها الاقتصادية الهادفة إلى تنويع القاعدة الاقتصادية ومصادر الدخل، لتعزيز تنافسية الاقتصادات الخليجية في ظل عالم سريع التحول.
سوف نتناول في مقالنا مشهد العلاقات الاقتصادية للولايات المتحدة مع دول مجلس التعاون الخليجي وتطورات هذه العلاقات خلال السنوات القادمة في ظل تنامي العلاقات الاقتصادية والشراكات التي تقيمها دول مجلس التعاون الخليجي مع جمهورية الصين الشعبية الذي في ظل توجه الإدارة الأمريكية الجديدة إلى الاستمرار في سياسة ترامب الاقتصادية المتشددة تجاه جمهورية الصين الشعبية، حيث ترى الإدارة بأن الأخيرة هي المنافس الرئيس في العالم في المجالات السياسية والاقتصادية والعسكرية، كما سُنبين الخيارات الاستراتيجية التي يمكن لدول مجلس التعاون الخليجي تبنيها مع مختلف الفاعلين في المشهد الاقتصادي العالمي في ظل تصاعد وتنامي الصراع الاقتصادي الأمريكي الصيني على قيادة الاقتصاد العالمي.
أولاً-ديناميكية العلاقات الاقتصادية الخليجية الأمريكية:
تتسم العلاقات الاقتصادية للولايات المتحدة مع دول مجلس التعاون الخليجي بكونها علاقات متينة وذات أسس راسخة، وتعكس تفاعل ديناميكي وهي لا ـتتأثر بتغير الإدارات الأمريكية بين الجمهوريين والديمقراطيين، وهذا ما يمكن أن نستشفه من مشهد التبادل التجاري بين الولايات المتحدة ودول مجلس التعاون الخليجي الذي شهد نموًا متسارعًا خلال العقدين المنصرمين في ظل إدارات أمريكية مختلفة، حيث ارتفعت قيمة التجارة الخارجية بين الجانبين من قرابة (33) مليار دولار عام 2000 إلى حوالي (70.5) مليار دولار عام 2019م، أي بنسبة زيادة قدرها (114%)، لكن سرعان ما تدنت بشكل غير مسبوق لتصل إلى نحو (44.3) مليار دولار عام 2020 نتيجة لتداعيات جائحة كوفيد -19 على مشهد التجارة العالمية ومنها تجارة الولايات المتحدة مع مختلف دول العالم بما فيها دول مجلس التعاون الخليجي.
جدول (1) التبادل التجاري للولايات المتحدة مع دول مجلس التعاون الخليجي (2000-2020)
مليون دولار أمريكي
Source:http://www.census.gov/foreign-trade/balance/c0001.html
ويلاحظ من الجدول أعلاه بأن الميزان التجاري للولايات المتحدة مع دول مجلس التعاون كان يميل لصالح الأخيرة خلال العشرية الأولى من القرن الحادي والعشرين وذلك نتيجة لاعتماد الولايات المتحدة على النفط الخليجي، لكن سرعان ما تحول الميزان التجاري لصالح الولايات المتحدة خلال العشرية الثانية، وذلك نتيجة لانخفاض واردات أمريكا من دول مجلس التعاون بسبب زيادة الإنتاج الأمريكي من النفط الصخري، حيث باتت الولايات المتحدة المنتج الأول للنفط بالعالم. وتتمثل أهم صادرات الولايات المتحدة لدول الخليج في السيارات والمعدات والطائرات والآلات الكهربائية والمعدات الطبية والبصرية، بينما تمثلت وارداتها من دول الخليج في الألومنيوم والأسمدة والكيماويات العضوية.
وبالرغم من انخفاض استثمارات دول مجلس التعاون الخليجي في السندات الأمريكية بنسبة (15.6%) إلى (234.07) مليار دولار في شهر نوفمبر 2020، مقابل (277.27) مليار دولار في نهاية ديسمبر 2019، غير أن الاستثمارات الأجنبية تبقى تشكل نسبة لا بأس بها في السوق الأمريكية للسندات، حيث شكلت ما نسبته (14.1%) من إجمالي الاستثمارات الأجنبية في السندات الأمريكية لعام 2020.
وأظهرت بيانات وزارة الخزانة الأمريكية، أن المملكة العربية السعودية كانت أكبر حائزي دول مجلس التعاون الخليجي في السندات الأمريكية، باستثمارات تقدر بنحو (137.6) مليار دولار وبنسبة (58.8%) حتى نهاية نوفمبر 2020م، وجاءت الكويت بالمرتبة الثانية، بإجمالي استثمارات (46.6) مليار دولار وبنسبة (19.9%). وجاءت الإمارات العربية المتحدة بالمرتبة الثالثة وبنسبة (15.7%)، بإجمالي استثمارات (36.8) مليار دولار، ثم قطر بـ 6.8 مليارات دولار، وسلطنة عُمان (5.74) مليار دولار، والشكل التالي يُبين ذلك.
Source: US Treasury data
وغني عن البيان، فإن ما تعلنه وزارة الخزانة الأمريكية في بياناتها الشهرية، هو استثمارات دول الخليج في أذون وسندات الخزانة الأمريكية فقط، ولا تشمل الاستثمارات الأخرى في الولايات المتحدة سواء كانت حكومية أو خاصة للأفراد والشركات.
ثانيًا-الميزان التجاري الخليجي بين أمريكا والصين خاصة والغرب والشرق عامة:
يلاحظ من تتبع اتجاهات التجارة الخارجية لدول مجلس التعاون الخليجي حصول تحولات كبيرة في مشهد التبادل التجاري الخليجي مع الدول المؤثرة في الاقتصاد العالمي خلال العقود الثلاثة المنصرمة، فبعد أن كانت الدول الغربية (الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي) تُعد الشريك التجاري الأول مع دول مجلس التعاون الخليجي خلال العشرية الأخيرة من القرن العشرين والعشرية الأولى من القرن الحالي، تحول المشهد خلال العقد الأخير لصالح دول الشرق (الصين، اليابان، الهند، كوريا الجنوبية) التي باتت تُمثل الشريك التجاري الأول لدول مجلس التعاون الخليجي، ويلاحظ حصول تقدم مذهل لتجارة دول مجلس التعاون مع جمهورية الصين الشعبية حيث ارتفعت من نحو (1.5) مليار دولار عام 1990 إلى (179.1) مليار دولار عام ،2019، شكلت ما نسبته (16.8%) من إجمالي تجارة دول مجلس التعاون مع العالم والشكل التالي يُبين ذلك.
Source: International Monetary Fund, Direction of Trade Statistics, Various Years
وحقق الميزان التجاري الخليجي الصيني فائضًا لصالح دول مجلس التعاون الخليجي لعام 2019 بلغت قيمته نحو (42.3). أما على صعيد كل دولة، فحققت السعودية فائضًا قدره (30.5) مليار دولار، و(16.1) مليار دولار لصالح عمان و(9.5) مليار دولار و(6.3) مليار دولار لصالح قطر، بينما حقق الميزان التجاري للإمارات والبحرين مع الصين عجزًا قدر بنحو (18.4) و(1.3) مليار دولار على التوالي.
وتجدر الإشارة إلى أن جمهورية الصين الشعبية قد جاءت بالمرتبة الأولى من بين أهم الشركاء التجاريين لمجلس التعاون من حيث إجمالي الصادرات السلعية، حيث شكلت ما نسبته (17.4%) من إجمالي الصادرات السلعية لمجلس التعاون إلى الأسواق العالمية في عام 2019م، حيث بلغت قيمة إجمالي الصادرات السلعية إلى الصين نحو (106.3) مليار دولار أمريكي في عام 2019م، مقارنة بــ (98.7) مليار دولار أمريكي في العام 2018م، بنسبة نمو بلغت (7.7%) فيما احتلت اليابان المرتبة الثانية بنسبة 12.9%، تليها الهند (12.1%)، وكوريا الجنوبية (9.2%)، وسنغافورة (5.0%)، ثم الولايات المتحدة (4.0%)، حيث تشكل هذه الدول الآسيوية أكبر المستوردين للنفط الخام والغاز الطبيعي من دول مجلس التعاون.واستحوذت خمسة دول آسيوية على ما نسبته (56.6%) من الصادرات السلعية الخليجية لعام 2019، والشكل التالي يوضح ذلك.
المصدر: من إعداد الباحث بالاعتماد على بيانات المركز الإحصائي لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية،
وعلى صعيد الشركاء التجاريين في الواردات السلعية، فقد جاءت الصين بالمرتبة الأولى من بين أهم الشركاء التجاريين لدول مجلس التعاون في إجمالي الواردات السلعية لعام 2019م، حيث شكلت ما نسبته 18.3% من قيمة إجمالي الواردات السلعية لدول مجلس التعاون من الأسواق العالمية لعام 2019م، حيث بلغت قيمتها نحو (83.7) مليار دولار أمريكي لعام 2019م، مقارنة بـ (75.2) مليار دولار أمريكي في العام 2018م مسجلة ارتفاعًا بنسبة )11.3 (%فيما جاءت الولايات المتحدة بالمرتبة الثانية بنسبة ( 11%)، تليها الهند (8.6%)، واليابان (5.4%)، وألمانيا 5.0%، وإيطاليا (3.2%)، من قيمة إجمالي الواردات السلعية لدول مجلس التعاون من الأسواق العالمية.
المصدر: من إعداد الباحث بالاعتماد على بيانات المركز الإحصائي لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية
وصفوة القول، فإن التبادل التجاري لدول مجلس التعاون سيبقى متصاعدًا مع الدول الآسيوية التي وقعت على العديد من الاتفاقيات الطويلة الأجل لتزويدها بمصادر الطاقة (النفط والغاز)، حيث تعتمد الصين على الدول الخليجية في الحصول على أكثر من (%40) من احتياجاتها من النفط والغاز، بالوقت الذي قل الطلب الأمريكي على النفط الخليجي الخام والمنتجات النفطية إلى أدنى المستويات، حيث بلغت الواردات الأمريكية منه (285,478) ألف برميل عام 2020م، مقارنة بـــ (910,598) ألف برميل عام 2000م، شكلت قرابة ربع واردات الولايات المتحدة من النفط الخام والمنتجات النفطية العالمية . ويرجع السبب في ذلك إلى ثورة النفط الصخري الذي غيرت معالم إنتاج النفط في الولايات المتحدة الذي تخطى (15) مليون برميل عام 2018.
https://www.eia.gov/dnav/pet/hist/LeafHandler.ashx?n=PET&s=MTTIMUSPG1&f=M
ثالثًا-الخيارات الاستراتيجية لدول مجلس التعاون في علاقاتها الاقتصادية في ظل الإدارة الأمريكية الجديدة:
تبنت دول مجلس التعاون الخليجي منذ عقدين مقاربة دقيقة في إدارة علاقاتها الاقتصادية الخارجية سواء في إطار جماعي أو ثنائي من خلال تبني سياسة اقتصادية متوازنة مع كافة الأطراف المؤثرة في الاقتصاد العالمي، حيث قامت بالتوقيع على اتفاقيات للتعاون التجاري والاقتصادي والمالي مع الولايات المتحدة وجمهورية الصين الشعبية والمملكة المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي والدول الآسيوية التي باتت تشكل الشريك التجاري الأول لدول المجلس، ولن يؤثر مجيء الإدارة الأمريكية على مسار هذا التعاون الاقتصادي، فدول مجلس التعاون الخليجي حققت تقدمًا ملحوظًا في اتفاقية التجارة الحرة بينها وبين الصين والقادة من كل الطرفين أشاروا جميعًا في مناسبات عديدة إلى الرغبة العميقة في رؤية اتفاقية التجارة الحرة بينهما ، الأمر الذي سيحقق تحولات نوعية في السير نحو التكامل الاقتصادي مستقبلاً لاسيما مع الموقف المهم لدول مجلس التعاون الخليجي ضمن مبادرة الحزام والطريق بحكم الموقع الجغرافي والاستراتيجي لها.
ومن المتوقع أن يتكثف التعاون بين دول مجلس التعاون الخليجي والصين في مجالات التجارة والطاقة، وإنشاء البنية التحتية، ونقل التكنولوجيا، لاسيما مع المقترحات المقدمة من الجانب الصيني في إطار التعاون الاستراتيجي والمتمثلة في زيادة الانفتاح على الاستثمارات الخليجية، ومساعدة دول المجلس في تطوير عائدات طاقة أكثر استقرارًا، ومرافق أفضل، ومستوى أكثر تقدمًا في العلوم والتكنولوجيا، والمساهمة في التنمية المستقبلية لدول مجلس التعاون الخليجي. كما سيكون هناك المزيد من التعاون في السياسات في عالم الرقمنة، فالتحول الرقمي موجود في الرؤى والاستراتيجيات التنموية لدول الخليج التي تعمل من أجل بناء اقتصادات ترتكز على المعرفة، وهذا يتماشى أيضًا مع الطموحات الصينية في المنطقة. ويقوم طريق الحرير الرقمي بالصين، وهو بديل محتمل “لعالم التكنولوجيا الذي تهيمن عليه الولايات المتحدة”، بقطع أشواط طويلة في دول الخليج. وحصل التعاون مع شركة هواوي في بناء شبكات 5G على نصيب الأسد من الاهتمام، وتشترك الشركات الصينية بنشاط مع نظيراتها الخليجية، في توقيع مذكرات تفاهم عبر مجموعة واسعة من تطبيقات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، بما في ذلك خدمات الأقمار الصناعية والأمن الإلكتروني وإنشاء المحتوى الرقمي، وتطوير شبكة البرود باند.
وتجدر الإشارة إلى أن دول مجلس التعاون ستسعى خلال الفترة القادمة، للاستفادة من التحسن في أسعار النفط التي تخطت الــــ (60) دولاراً خلال فبراير2021 م، لتنويع اقتصاداتها، من خلال استقطاب العديد من الاستثمارات الأجنبية في قطاعات النقل والتجارة والتكنولوجيا والصحة والطاقة المتجددة والسياحة، على مدار الأعوام القادمة، كما تنتظر دول الخليج استثمارات أميركية كبيرة في قطاعات النقل والإمداد والتجارة، ومع الإدارة الأمريكية الجديدة سيتوفر المزيد من الاستقرار في المنطقة والحل النهائي والتدريجي للأزمات الإقليمية ما سيسمح بجذب المزيد من الاستثمارات الأمريكية.
وغني عن البيان، فإنه بالرغم من تصاعد وتيرة الشراكة الاقتصادية الخليجية الصينية، غير أن التعاون الاقتصادي الخليجي الأمريكي مازال قائمًا وهذا ما يؤكده المشهد الإحصائي لحجم الاستثمارات الخارجية لدول مجلس التعاون بالولايات المتحدة، حيث أن الاقتصاد الأمريكي هو الأكبر عالميًا، وبذلك يعتبر الأفضل والأكثر أمانًا بالنسبة للمستثمرين الأجانب بمن فيهم الخليجيون. وقد قدرت استثمارات دول الخليج التي تتوزع ما بين أسهم وسندات، وحصص في شركات ومصارف أمريكية، وكذلك في العقارات عام 2019م، بنحو (1176) مليار دولار، بواقع (506) مليار للسعودية و (370) مليار للكويت و(180) مليار لقطر، و(120) مليار للإمارات. وقد استفادت الصناديق السيادية لدول مجلس التعاون من تراجع قيمة الأوراق المالية العالمية، المرتبط بجائحة كوفيد-19، في شراء الأسهم في الأسواق الأمريكية بسعر منخفض، وتستثمر الدول الخليجية حاليًا في الأسهم الخاصة وانتقال الطاقة وأسهم التكنولوجيا.
ومن نافلة القول، فإنه منذ عام أصبح صندوق الاستثمارات العامة السعودي مساهمًا بنسبة (8.2%) في رأسمال مجموعة كارينيفال الأمريكية-البريطانية التي تُعد أكبر مشغل للرحلات البحرية حول العالم، كما استحوذ على (7.5%) من شركة الترفيه الأمريكية "لايف نيشن إنترتينمنت"، التي تُعد الشركة الرائدة على الصعيد العالمي في تنظيم الحفلات. كما استثمر صندوق الثروة السيادي السعودي مليار دولار في شركة السيارات الكهربائية الأميركية " لوسيد" من أجل بناء مصنع بالقرب من جدة.
واشترى الصندوق السعودي السيادي حصصًا في (24) شركة أمريكية خلال الأشهر الأربع الأولى من عام 2020، أبرزها "بوينج" و"سيتي جروب" وفيسبوك" و"ووالت ديزني" و"بنك أوف أمريكا"، فيما توزعت الاستثمارات على عدد من المجالات منها الطيران والنقل والتكنولوجيا والسياحة والإعلام والترفيه والأدوية والأغذية والمشروبات. وبلغت قيمة أسهم الصندوق السيادي السعودي المدرجة في البورصات الأمريكية مع نهاية الربع الأول من 2020 قرابة (10) مليارات دولار، وفق بيانات لجنة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية.
في إطار سعي المملكة العربية السعودية لتحفيز الشركات العالمية الرائدة لضخ المزيد من الاستثمارات بما يتوافق مع رؤية المملكة 2030، وتعزيز تنافسية البيئة الاستثمارية في المملكة، وجعلها أكثر جاذبية لاستقطاب استثمارات أجنبية أخرى، تم منح الرخص إلى (13) شركة أمريكية تنوعت بين الخدمية، والصناعية، وتقنية المعلومات، والخدمات النفطية، والإنشاءات، وصناعة السيارات، والبيئة، والخدمات الغذائية، والنفط والغاز، والطاقة المتجددة.
واستقطبت الإمارات (%51) من استثمارات الولايات المتحدة المباشرة في منطقة الشرق الأوسط، وكانت قطاعات الصناعة الرئيسية للاستثمار خلال الفترة (2016-2018)، وهي خدمات البرمجيات وتكنولوجيا المعلومات مستحوذة على (%25) من إجمالي الاستثمار الأجنبي المباشر، وخدمات الأعمال بنسبة (%15)،والاتصالات بنسبة (%10) من إجمالي الاستثمارات الأمريكية الواردة. وبلغت الاستثمارات الأمريكية المباشرة في دبي التي جاءت بالمرتبة الأولى الذروة عام 2019، حيث قاربت (6) مليارات دولار، توزعت على (97) مشروعًا، بينما بلغ إجمالي الاستثمارات الصينية المباشرة في دبي نحو 3.74)) مليار دولار، محتلة المرتبة الثانية. وتعمل بالإمارات (505) شركة أمريكية، منها 335 شركة صغيرة ومتوسطة.
وبلغت استثمارات شركة مبادلة الإماراتية نحو (100) مليار دولار في الولايات المتحدة الأمريكية، وهو ما يشكل نحو (%41.7) من إجمالي محفظتها الاستثمارية البالغة قيمتها (240) مليار دولار.
وتُعد الولايات المتحدة الوجهة الاستثمارية الأهم بالنسبة للكويت، حيث أن ما يزيد عن (%50) من الاستثمارات الكويتية بالخارج هي مستثمرة في الاقتصاد الأمريكي بمختلف أصوله وقطاعاته وصناعته. وتأمل الكويت في نمو استثماراتها بالولايات المتحدة الأمريكية خلال الفترة (2020-2040) خصوصًا في البنية التحتية وقطاع العقارات وتطوير العقارات بالإضافة إلى قطاع التمويل.
أما في دولة قطر، فقد شهدت الشراكة الاستثمارية القطرية الأميركية دفعة جديدة في قطاع الطاقة بإعلان شركة قطر للبترول وأكسون موبيل بدء تشييد مرفأ جولدن باس لتصدير الغاز الطبيعي المسال في تكساس مايو 2019. وسيشكل هذا المشروع المتوقع أن يبدأ الإنتاج في 2024 نقلة نوعية في الاستثمارات القطرية بصناعة الغاز وشراكتها مع الولايات المتحدة في هذا القطاع، حيث تبلغ كلفة المشروع أكثر من (10) مليارات دولار، وهو مصمم لإنتاج حوالي (16) مليون طن سنويًا من الغاز الطبيعي المسال للتصدير، أو ما يعادل نحو (2.1) مليار قدم مكعبة يوميًا من الغاز الطبيعي. واستثمرت جهاز قطر للاستثمار مبلغًا صافيًا بلغ (4.5) مليارات دولار في أدوات الدخل الثابت الأمريكية في الربع الثالث من 2020.
وفي مقابل نمو الاستثمارات القطرية الولايات المتحدة، ساهم نمو الاقتصاد القطري والبيئة الاستثمارية الجاذبة، والعلاقات المتينة بين البلدين، في نمو التبادل التجاري وارتفاع عدد الشركات وحجم الاستثمارات الأمريكية في قطر، حيث بلغ عدد الشركات الأمريكية العاملة في دولة قطر بلغ نحو (658) شركة، منها نحو (117) مملوكة بنسبة 100% لأمريكيين، ووصل حجم الاستثمارات الأمريكية المباشرة المتدفّقة إلى داخل قطر حوالي (7.23) مليار دولار أمريكي
وتأسيسًا على ما سبق يمكون القول بأن دول الخليج العربي سوف تعمل على تعزيز علاقات التعاون الاقتصادي مع الولايات المتحدة التي تشكل أحد الملاذات الأمنة للاستثمارات بمختلف أشكالها، علاوة على الاستفادة من التكنولوجيا المتقدمة لاسيما في المجال الأمني والعسكري والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، بالإضافة إلى التعاون في قطاع الطاقة، حيث ستبقى دول مجلس التعاون تشكل الضامن الرئيس لاستقرار أسواق الطاقة العالمية وهذا ما أثبتته التطورات التي حصلت خلال السنتين المنصرمتين.
وفي الختام نقول بأن دول مجلس التعاون الخليجي ستستمر في بناء شراكاتها الاقتصادية الاستراتيجية ما بعد جائحة كورونا مع الأطراف المؤثرة في رسم وتشكيل النظام الاقتصادي العالمي وفي مقدمتها الولايات والمتحدة والصين ودول الاتحاد الأوروبي، بالإضافة إلى كوريا الجنوبية والهند ، وذلك في إطار سعيها للتحول من مجرد دول منتجة للنفط الخام والغاز الطبيعي إلى دول تمتلك اقتصادًا متنوعًا يرتكز على قاعدة إنتاجية معاصرة تواكب الثورة الصناعية الرابعة التي سيكون عمادها الاقتصاد الرقمي الذي سيكون له القول الفصل في تنافسية الاقتصادات العالمية.