array(1) { [0]=> object(stdClass)#12962 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

العدد 160

"الإيماءات الجيدة" تُعطي نافذة أمل لأوروبا بإنقاذ الاتفاق النووي مع إيران بسرعة

الإثنين، 29 آذار/مارس 2021

لعب الأوروبيون دوراً مهماً في تسهيل الدبلوماسية النووية بين الولايات المتحدة وإيران، فكان لهم القدح المعلى في توقيع الاتفاق المعروف بـ"5+1"، الذي يُشير إلى عدد المشاركين فيه، وهي مجموعة الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة؛ الولايات المتحدة، فرنسا، بريطانيا، روسيا، الصين، بالإضافة إلى ألمانيا، التي تتولى المفاوضات مع إيران حول برنامجها النووي، والتي بدأت عملها في عام 2006م، ولا تزال مستمرة حتى اليوم. فالاتفاق النووي الإيراني، أو كما يُعرف رسمياً، خطة العمل الشاملة المشتركة(JCPOA) ، بالنسبة إلى الاتحاد الأوروبي، والدول الأعضاء فيه، هو قصة فخر تحولت إلى مرارة، ثم إلى أمل متجدد مرة أخرى. لذا، فقد وصفَ ريكاردو ألكارو، في دراسة له بعنوان: "دفاع أوروبا عن اتفاق إيران النووي: أقل من نجاح، أكثر من فشل"، الذي نُشِرَ في المجلة الإيطالية للشؤون الدوليةThe International Spectator، العدد 1، المجلد 56، 2021م، أن قرار الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب الانسحاب من الصفقة، والعودة إلى ممارسة أقصى قدر من الضغوط الاقتصادية على إيران في عام 2018م، جعل الأوروبيين يحاولون إعادة خلق مجال جديد للمشاركة الأمريكية ـــ الإيرانية. ورغم أنها لم تنجح، لكنها ساهمت، مع ذلك، في الحفاظ على أهميتها لكلا الجانبين. إن التلويح باحتمال تطبيع العلاقات الاقتصادية مع أوروبا قد وفر لإيران حافزاً على عدم السعي للحصول على أسلحة نووية. أما بالنسبة للولايات المتحدة، فإن الاتفاق النووي، الذي لا يزال قائماً رسمياً بفضل أوروبا، هو الإطار الوحيد المتاح لإعادة إشراك إيران في الدبلوماسية النووية، وهو احتمال تعهدت الإدارة الجديدة لجو بايدن بأخذه في الاعتبار.

لقد كانت صحيفة الـ"غارديان" البريطانية محقة تماماً عندما نشرت في افتتاحيتها بعنوان: "حاول دونالد ترامب تدمير الاتفاقية، هل تستطيع إدارة بايدن وطهران إيجاد حل؟"، التي نُشرت صبيحة يوم الثلاثاء 23 فبراير 2021م، أن الأخبار السارة لا تصل دائماً بأشكال واضحة، مُشِيرَة إلى أنه قبل ست سنوات، كان الاتفاق النووي الإيراني انتصاراً دبلوماسياً حققته عملية طويلة ومؤلمة. وقد شهدت عطلة الأسبوع قبل الأخير من فبراير الماضي انتصاراً أكثر تواضعاً، ولكنه ضروري بنفس القدر. على الرغم من أن إيران قلصت قدرة وصول الوكالة الدولية للطاقة الذرية لضمان الامتثال للاتفاق، فإن اتفاقاً مدته ثلاثة أشهر تم التوصل إليه، يوم الأحد 21 فبراير 2021م، سيسمح بالمراقبة المستمرة. وكما لاحظ المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافائيل غروسي، فإن ذلك "ينقذ الوضع في الوقت الحالي." وكان الخوف هو أنه على الرغم من أن عدم امتثال طهران قد تم ضبطه بعناية حتى الآن، فقد تكون خطواتها التالية لا رجعة فيها.

تفاؤل يتجدد:

إن وجهة نظر الـ"غارديان" بشأن الاتفاق النووي الإيراني تقول بوضوح إن الآمال تتزايد بشأن خطة العمل الشاملة المشتركة(JCPOA) ، لكن الوقت ضيق. فبعد أربع سنوات من الخراب، الذي أحدثته إدارة ترامب، والتي تخلت عن هذه الخطة، وبذلت قصارى جهدها، أو أسوأ ما في وسعها، لقتل الصفقة، فهذه أخبار سارة. إنها تُشير إلى إرادة ومرونة سياسية جديدة من جانب إيران والولايات المتحدة على حد سواء، وهناك الآن احتمال حقيقي لإجراء محادثات غير رسمية بوساطة الاتحاد الأوروبي. يبدو أن طهران مطمئنة إلى أن إدارة بايدن لا تخطط للاستفادة من عقوبات دونالد ترامب للحصول على المزيد من التنازلات، كما كانت تشتبه. لذلك، نستطيع القول إن هناك المزيد من الوقت، الذي يُحسَب على مدار الساعة، ولكنه في المحصلة النهائية ليس كثيراً، خاصة وأن المرشد الأعلى الخامنئي قال في خطابه، يوم الإثنين 22 فبراير 2021م، إن إيران يمكنها تخصيب اليورانيوم بنسبة تصل إلى 60٪، إذا لزم الأمر، فهو بمثابة طمأنة للمتشددين داخلياً، وكذلك تذكيراً للولايات المتحدة بأنه يجب أن يمهد الإصلاح قصير المدى الطريق لحل طويل الأمد. على الجانب الأمريكي، يشير خطاب إدارة بايدن والتعيينات، جنباً إلى جنب مع تنسيقها مع الـ"E3"؛ ألمانيا وفرنسا والمملكة المتحدة، إلى الرغبة في إحراز تقدم. ولا شك أن الحكومتين؛ الأمريكية والإيرانية، تواجهان معارضة داخلية هائلة. إذ أن جو بايدن لديه أجندة ضخمة ورأس مال سياسي محدود، أما في إيران، فقد تعرضت اتفاقية الوكالة الدولية للطاقة الذرية قصيرة المدى لهجوم مرير في البرلمان.

 لهذا، من المرجح أن تشهد الانتخابات الإيرانية في يونيو القادم المزيد من عداء المتشددين للولايات المتحدة، على الرغم من أن المؤسسة السياسية الأكثر توحيداً للقرار السياسي في البلاد قد تبسط الأمور في بعض النواحي. ففي التحرك قبل مغادرة الرئيس حسن روحاني منصبه في أغسطس، سيتعامل الطرفان مع الوجوه المألوفة، ويمكن للولايات المتحدة أن تستفيد من ارتباطه بالاتفاق. ولكن كلما طال وقت الدبلوماسية، زاد التقدم، الذي يمكن أن تحرزه إيران في برنامجها النووي. ونظراً لأن الدبلوماسية تتلخص في النهاية في الدفاع عن المصالح، فإن تحليل تصرفات أوروبا فيما يتعلق بالمسألة النووية الإيرانية يجب أن يبدأ بالنظر في مصالحها في هذا الشأن، التي يمكن تقسيمها إلى ثلاث فئات منفصلة، ولكنها مترابطة: معيارية وأمنية واستراتيجية.

أرباح مؤجلة:

لقد استثمرت مجموعة الدول الثلاث "E3"؛ فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة، بين عامي 2003 و2015م، رأس مال سياسي ودبلوماسي كبير في التأكد من أن إيران أعطت ضمانات يمكن التحقق منها بشأن الطبيعة السلمية لبرنامجها النووي. وحصلت مجموعة "E3" على الدعم من شركائها في الاتحاد الأوروبي، وتغلبت على مقاومة الولايات المتحدة لإشراك إيران، وخلقت أرضية مشتركة مع روسيا والصين. وضمنت، بالتالي، إضفاء الشرعية على المساعي الدبلوماسية والضغط على طهران من قبل مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. وعندما تم التوقيع على الاتفاق النووي في يوليو 2015م، كان بإمكان الأوروبيين أن يزعموا بشكل شرعي أنهم أعطوا مضموناً لطموح الاتحاد الأوروبي في أن يكون لاعباً أمنياً موثوقاً به. وبالتالي، كان من دواعي الفزع المتزايد أنهم رأوا الرئيس السابق دونالد ترامب ينهي من جانب واحد امتثال الولايات المتحدة للاتفاق، ويلغي التزام أوروبا بالتجارة القانونية مع إيران عن طريق عقوبات تتجاوز الحدود الإقليمية، وترد إيران من خلال استئناف الأنشطة النووية المعلقة. لذا، كانت السهولة النسبية، التي أهدرت بها حكومة الولايات المتحدة سنوات من الجهود الدبلوماسية تذكيراً مؤلماً بقدرة أوروبا المحدودة على تشكيل الأحداث.

ومع ذلك، فإن النتائج المتناقضة للجهود الأوروبية؛ قبل وبعد انتخاب ترامب، لا ينبغي أن تعمي عن الثوابت. لقد تصرفت الدول الأوروبية الثلاث والاتحاد الأوروبي بشكل مطرد، بناءً على التقييم القائل بأن الحل التوافقي للأزمة النووية مع إيران، يخدم مصالحهما في بقاء نظام عدم الانتشار واستقرار الشرق الأوسط. فقد كان افتراضهم ثابتاً بنفس القدر أنه لا يمكنهم متابعة مثل هذه المصالح إلا من خلال خلق انفتاح دبلوماسي للاعبين الرئيسين في النزاع، إيران والولايات المتحدة، لإيجاد أرضية مشتركة. لقد أدى هذا الافتراض إلى اتساق الدبلوماسية الأوروبية على الرغم من التكتيكات المختلفة، التي انخرطت فيها مجموعة الدول الأوروبية الثلاث والاتحاد الأوروبي خلال مراحل النزاع المختلفة، بدءاً من منع الصراع إلى الحد من الأضرار وانتهاءً بتسهيل الدبلوماسية الأمريكية / الإيرانية. وقد يقول قائل إن الفضل يرجع إلى مجموعة الـ"E3" لدعمها خطة العمل الشاملة المشتركة على الرغم من الضغوط الشديدة من إدارة ترامب وعدم قدرتها على إيجاد آلية اقتصادية فعالة للدعم، وقد أتى هذا الالتزام ثماره. 

ولكن لا يزال هناك الكثير مما يتعين القيام به لإنقاذ الصفقة، إذ لا تريد الولايات المتحدة أن تبدو وكأنها تسير بسهولة تجاه طهران. لكنها يمكن أن تنهي بهدوء عوائقها لطلب إيران من صندوق النقد الدولي بقيمة 5 مليارات دولار للتعامل مع جائحة كوفيد-19، أو إعطاء الموافقة على الإفراج عن الأموال المجمدة في بلدان أخرى بموجب ترتيبات تضمن استخدامها لأغراض إنسانية، وإن كانت العقبة النهائية هي عجز المصداقية، الذي خلفه ترامب. إن إيران تُدرك جيداً أن الإدارة الجديدة قد لا تتجاهل التزاماتها الحالية فحسب، بل ربما ستضغط عليها بمطالب مستجدة. وهذا يعني أن عملية "المزيد مقابل المزيد" لتجاوز الصفقة وحل القضايا العالقة المتعلقة بالصواريخ والعلاقات الإقليمية ستكون ضرورية في نهاية الأمر أكثر من أي وقت مضى. أظهرت سنوات ترامب أن صفقة ضيقة مثل خطة العمل الشاملة المشتركة لا يمكن أن تكون مستقرة في البيئة الحالية. لكن لا يمكن أن يكون هناك تقدم بدون العودة إليه.

عَينٌ على الانتشار:

يدور البعد المعياري، وفقاً لتقدير ألكارو، حول بقاء نظام عدم الانتشار، الذي يهدده برنامج نووي إيراني غير خاضع للرقابة بشكل مباشر وغير مباشر. فإذا نظرنا إليه بشكل مباشر، يمكن أن يمنح إيران مهلة لتحويل أنشطتها المدنية إلى الاستخدام العسكري، أما التعامل معه بشكل غير مباشر، قد يؤدي ذلك إلى إغراء لا يقاوم لمحاكاة جيران إيران، وخاصة منافسها الرئيسي، المملكة العربية السعودية، وربما تركيا. إن سباق التسلح النووي في الشرق الأوسط قد يوجه ضربة قاتلة إلى معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية (NPT)، وهي أحد أعمدة الأمن الدولي، التي انضمت إليها جميع دول المنطقة؛ باستثناء إسرائيل. من هنا، فإن هناك مصلحة معيارية إضافية لأوروبا تشمل استعادة، أو تعزيز، سلطة جهات إنفاذ المعايير، وهيئات التحقق المتعددة الأطراف؛ مثل، مجلس الأمن، والوكالة الدولية للطاقة الذرية. وبنفس القدر من الأهمية هناك البعد الأمني، فقد تقرر الولايات المتحدة وإسرائيل أن حملة القصف هي الطريقة الوحيدة لكبح برنامج إيران النووي، غير الخاضع للرقابة. نظراً لأن إيران سترد على الأرجح من خلال استهداف مصالح كل من الولايات المتحدة وشركائها الإقليميين، بما في ذلك من خلال تنشيط حلفائها في العراق ولبنان وسوريا واليمن، فإن صراعاً معمماً سيبتلع المنطقة، مع تداعيات تنذر بالسوء على أوروبا.

ونتفق مع ألكارو في أنه من الناحية الإستراتيجية، كانت الأزمة النووية الإيرانية ساحة اختبار لطموحات السياسة الخارجية لأوروبا، لا سيما فيما يتعلق بتعزيز إدارة الأزمات المتعددة الأطراف، التي تشمل الولايات المتحدة والبلدان ذات النظرة الإستراتيجية المختلفة مثل روسيا والصين. ولا شك أن الحل التوافقي للنزاع النووي، بالنسبة للأوروبيين، هو أيضاً وسيلة لاستعادة الوصول إلى السوق الإيرانية، وخاصة في مجال الطاقة المربح، وخلق بيئة أكثر ملاءمة للحوار السياسي مع طهران حول مجموعة من القضايا، تمتد عبر النقاط الساخنة الإقليمية، إلى مسائل حقوق الإنسان، وغيرها من مواضيع الالتقاء والافتراق. إذ إن الدبلوماسية النووية الأوروبية مع إيران، كما نفذتها مجموعة "E3"، والممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي، نيابة عن الاتحاد الأوروبي بأكمله، قد استندت إلى مجموعة المصالح هذه. ويمكن القول إنه لم يؤثر أي شيء على التفكير الاستراتيجي الأوروبي أكثر من احتمالات المواجهة النووية مع إيران. فقد انعكست استراتيجية الأمن الأوروبي لعام 2003م، واستراتيجية مكافحة انتشار أسلحة الدمار الشامل، التي فسرت صراحة عدم الانتشار والتعددية والأمن الإقليمي وإدارة الأزمات التعاونية على أنها مصالح الاتحاد الأوروبي، وشكلت، في نمط دائري، المشاركة الأولية لمجموعة "E3" مع إيران في المحادثات النووية في ذلك العام، وما يليها، كممارسة مشروعة والاتفاق النووي الإيراني باعتباره إنجازاً كبيراً في السعي لتحقيق مصالح أوروبا. وفي حين أن هذه النقطة تبدو صحيحة بشكل عام، إلا أنها كانت ذات أهمية حاسمة في تعامل مجموعة "E3"، والاتحاد الأوروبي، مع الملف النووي الإيراني. 

ونظراً لأن الأوروبيين يفتقرون إلى أصول القوة لإجراء الدبلوماسية القسرية بنجاح بمفردهم، فإن عملهم كان دائماً هو الحاجة إلى بناء جسر بين الولايات المتحدة وإيران ثم الدفاع عنه. ويكشف هذا المنظور عبر الأطلسي عن الاستمرارية الإستراتيجية تحت التعديلات السياسية، التي أجرتها مجموعة E3"" والاتحاد الأوروبي على مر السنين، وتضمن حماية مصالحهم في منع الانتشار والأمن الإقليمي، تمكين الدبلوماسية النووية بين الولايات المتحدة وإيران. وبالتالي، فإن هذا الأخير هو المعيار لتقييم أداء "E3" والاتحاد الأوروبي بشأن إيران، ولكن أيضاً لتقدير إمكانات الاتحاد الأوروبي، بما في ذلك الدول الأعضاء والمؤسسات، كلاعب دبلوماسي استباقي. إذ كان سعي أوروبا لتحقيق مصالحها في هذه المسألة لا ينفصم أبداً عن قدرتها على ضمان قبول الولايات المتحدة، حيث أن القضية النووية وضعت التنافس الأيديولوجي الجيوسياسي طويل الأمد بين واشنطن وطهران في بؤرة أكثر حدة.

بين طهران وواشنطن:

يبدو واضحاً أن خيارات العاصمة الأوربية بروكسل تتأرجح الآن بين طهران وواشنطن، إذ تكتنف العاصمتين؛ الإيرانية والأمريكية، حالة من عدم اليقين حول كيف تسير الأمور بعد إشارات التفاهم الأولية، التي حملتها التصريحات الدبلوماسية في الأيام الماضية. فمن ناحية، هناك متشددون في إيران يشعرون أن حكومة روحاني كانت تصالحية للغاية، وأن الحكومة، التي يقودها بنفسه لا يمكن أن تنتزع المزيد من التنازلات من الولايات المتحدة. ومن ناحية أخرى، تنقسم معارضة الصفقة المحتملة في الولايات المتحدة عموماً على أسس حزبية؛ بين ديمقراطيين مؤيدين، وجمهوريين معارضين لها. وبالمقارنة الأدق، تنطوي معارضة الصفقة في إيران على ديناميكية سياسية أكثر تعقيداً، ويرجع ذلك إلى كيفية تحول الرأي العام الإيراني، إلى حد كبير، ضد هذه الصفقة، منذ أن تخلت إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب عنها، وأعادت فرض العقوبات الأمريكية في عام 2018م. وسيتضح الموقف الإيراني أكثر بعد الانتخابات الرئاسية الحاسمة في يونيو المقبل، إذ يأمل المحافظون المعارضون للصفقة، والمهيمنون بالفعل في البرلمان، الذين يرون في الاتفاق إذلال لإيران، ويجب وقف إحيائه قبل هذه الانتخابات، باستبدال الرئيس الحالي، حسن روحاني، بطل الاتفاق، بشخصية تتفق مع رؤيتهم.

لقد عرض الاتحاد الأوروبي التوسط في محادثات مع الولايات المتحدة بهدف إحياء الاتفاق النووي، إلا أن إيران قللت من آمالها في إجراء محادثات نووية مع الولايات المتحدة، وقالت إنه على الرغم من هذا العرض، فإن أمريكا "يجب أن تتصرف" أولاً وترفع العقوبات. ومؤخراً، قدمت إدارة بايدن تعهدها الأكيد بإعادة التواصل مع إيران بشأن الصفقة، المعروفة باسم خطة العمل الشاملة المشتركة (JCPOA). وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية نيد برايس، يوم الخميس 18 فبراير 2021م، إن الولايات المتحدة ستقبل دعوة من الاتحاد الأوروبي للقاء إيران لإجراء محادثات. ومباشرة، غرد دبلوماسي الاتحاد الأوروبي الكبير إنريكي مورا بأنه "مستعد لدعوة" جميع الأطراف لإجراء محادثات، قائلاً إن هذه "لحظة حاسمة" بالنسبة للاتفاق. لكن سيد خطيب زاده، المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، قال في وقت لاحق، يوم الجمعة 19 فبراير 2021م، إن طهران "ستستجيب" فقط لدعوات إحياء الاتفاق بعد أن ترفع إدارة بايدن جميع العقوبات. بينما اقترح وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، في غضون ذلك، أن تلتزم إيران بالاتفاق بشكل كامل بمجرد رفع العقوبات الأمريكية، قائلاً إنها ستعكس أفعالها على الفور.

لهذا، صعدت إيران الضغط على إدارة بايدن، مهددة بمنع عمليات التفتيش الدولية لمواقعها النووية في غضون أيام إذا لم ترفع الولايات المتحدة العقوبات. ومعلوم أنه منذ انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق، استأنفت إيران، التي تقول إن برنامجها النووي سلمي، أو بدأت أنشطتها النووية المحظورة بموجب شروطها. وزاد ذلك من مخاوف أطراف الصفقة من الأوربيين، الذين يشتبهون في نوايا إيران. ورداً على ذلك، دعت الولايات المتحدة وحلفاؤها الأوروبيون؛ المملكة المتحدة وفرنسا وألمانيا، إيران إلى الامتناع عن عرقلة عمليات التفتيش، وحذروا بشكل مشترك من أن هذه الخطوة ستكون "خطيرة". وقالت الدول الأربع، يوم الخميس 18 فبراير، إنها تشارك في الالتزام بضمان أن إيران لن "تطور سلاحاً نووياً". لكن طهران تُصِرُّ على ضرورة رؤيتها لـ"إيماءات جيدة" من واشنطن قبل بروكسل، تقنعها بأن "ترامب غادر القاعة". إذ تعهدت إيران بالحد من برنامجها النووي مقابل رفع العقوبات الاقتصادية بموجب اتفاق 2015م، وقابلتها الولايات المتحدة بالإعراب عن نيتها في الانضمام إلى الصفقة من جديد في عهد الرئيس جو بايدن.

ولهذا، تُعطي هذه "الإيماءات الجيدة"، رغم ما يعتريها من تناقضات الشد والجذب في كلٍ من الولايات المتحدة وإيران، نافذة أمل لأوروبا بإمكانية إنقاذ الاتفاق النووي الدولي مع إيران بسرعة، قبل أن يحسم مصيرها عراك الجمهوريين والديمقراطيين في واشنطن، أو يعرقلها صراع القوى المؤيدة لها والمعارضة داخل الجمهورية الإسلامية في إيران.

خلاصة:

إن مستقبل الاتفاق النووي الإيراني معلق في ميزان دقيق من الأمل؛ يتأرجح بين تفاؤل مشوب بالحذر، وتشاؤم تقلل من وطأته موافقة الولايات المتحدة بأنها مستعدة لإجراء محادثات مباشرة مع إيران حول كيفية عودة كلا الجانبين إلى الامتثال الصارم لشروطه. وكشفت واشنطن عن استصحابها لمجموعة "E3"؛ فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة، التي رحبت باحتمال عودة الولايات المتحدة وإيران إلى الامتثال للاتفاق النووي، ثم تعزيزه ومعالجة المخاوف الأمنية الأوسع. وتسمح هذه الصياغة الجديدة حول التسلسل بالعودة المتبادلة إلى الصفقة الحالية، من دون الالتزام الضروري من كلا الجانبين لإعادة التفاوض عليها وتعزيزها، وهو أمر تعارضه إيران بشدة. من أجل هذا، يتوقع أن تستخدم مجموعة الدول الأوروبية الثلاث، بدعم من واشنطن، أية أصول لديهم لمناشدة إيران للانتباه للعلاقات التجارية والاستثمارية مع الاتحاد الأوروبي، ولكن أيضاً وبشكل أكثر جوهرية التزامها بالمؤسسات متعددة الأطراف والتحالف عبر الأطلسي لتعزيز مصالحها التقليدية مع الولايات المتحدة. وهذا يوضح أن هناك حالة يجب إثباتها بأن الاعتماد على الولايات المتحدة ليس هو العجز الكامل، وأن الاتحاد الأوروبي يحتاج إلى أن يكون مستقلاً بشكل كامل ليكون له تأثيره، حتى لو كان هذا التأثير دائماً متوقفاً على القوى، التي يستطيع الاتحاد الأوروبي الاعتماد عليها. وفي هذه الحالة إقرار بمدى التأثير، ولكن ليس السيطرة، إذ إن قصة الاتفاق النووي مع إيران هي، كما يقول ريكاردو ألكارو، تصريح لا لبس فيه عن مكانة أوروبا كلاعب أمني من الدرجة الثانية، لكنها ليست غير فعالة.

لقد صنع الجانب الأمريكي لأوروبا، في عهد ترامب، مشاكل أكثر بكثير مما فعلت إيران. لكن ظلت مجموعة الدول الأوروبية الثلاث، والاتحاد الأوروبي، حريصة على تأطير دفاعها عن خطة العمل الشاملة المشتركة على أنها مرتبطة بمصلحتها في إيجاد حلول في الشرق الأوسط، وعبر الأطلسي مع الولايات المتحدة، للتحديات الناشئة من إيران. وبينما كان الاستياء من الاستخدام العشوائي للعقوبات، التي تتجاوز الحدود الإقليمية صريحاً بشكل متزايد، تجنب الأوروبيون الاشتباكات العامة، والتي تذكر بتلك، التي حدثت أثناء الغزو الأمريكي للعراق عام 2003م. وهكذا، تمكنت مجموعة "E3" والاتحاد الأوروبي من تجنب تسييس خلافهم مع ترامب بشأن إيران إلى الحد الأدنى. وبالتالي، الحفاظ على أهمية أوروبا كمحور مهم بشأن إيران لمؤسسة السياسة الخارجية الأمريكية، حتى بين أولئك الذين يعارضون خطة العمل الشاملة المشتركة من الجمهوريين، والمحافظين المتشددين في أقصى اليمين الأمريكي والأوروبي.

مقالات لنفس الكاتب