array(1) { [0]=> object(stdClass)#12962 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

العدد 160

3 أسباب تضمن نجاح وساطة عُمان القادرة على نقل التحفظات الخليجية

الإثنين، 29 آذار/مارس 2021

منذ تولي الإدارة الأمريكية الجديدة برئاسة جو بايدن في يناير 2021م، توجد محاولات جادة من قبل الولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين لإحياء الاتفاق النووي الإيراني الذي تم توقيعه عام 2015م، بعدما انسحبت الولايات المتحدة منه في بداية عهد الرئيس دونالد ترامب. إن انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق عام 2016م، وعدم قدرة الدول الأوروبية على الالتزام ببنود الاتفاق، شجع إيران على المضي في تطوير برنامجها النووي من خلال تسريع وتيرة تخصيب اليورانيوم إلى مستويات عالية وتحديث برنامج الصواريخ الباليستية بما يضر بالأمن والسلم الدوليين، خاصة أمن منطقة الخليج العربي. ونظرًا لفشل الاتفاق النووي الذي ولد ضعيفًا يقدم هذا المقال رؤية جديدة لاتفاق جديد يؤدي إلى بناء نظام أمن إقليمي يجمع بين الحفاظ على الأمن والسلم الدوليين وتجسيد وبناء تحالف إقليمي جديد يقوم على التنمية والتعاون الاقتصادي.

صعوبات أعاقت نجاح الاتفاق النووي الإيراني منذ إبرامه

يعتبر الاتفاق النووي الإيراني الذي تم توقيعه بين إيران والدول الخمسة الأعضاء بمجلس الأمن بالإضافة لألمانيا عام 2015م، أهم خطوة اتخذتها الدول الكبرى نحو كبح جماح إيران لتطوير أسلحتها النووية. فقد نجح الاتفاق حتى الآن في منع إيران أن تكون قوة نووية، ولكنه لم يحيد المخاطر الأمنية لإيران تجاه الدول الكبرى ودول مجلس التعاون الخليجي التي تتمتع بأهمية استراتيجية واقتصادية للنظام الاقتصادي الدولي.

يعتقد كثير من المحللين السياسيين أن انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي الإيراني عام 2016م، كان نتيجة الرؤية الأحادية السلبية للرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب بسبب الضغوط التي مارستها أطراف عديدة مثل إسرائيل واللوبي اليهودي واليمين المتطرف في الولايات المتحدة. ربما يكون ذلك سببًا هامًا تماشى مع طبيعة سياسة الرئيس ترامب الذي اعتاد على محو كل مما حققه الرئيس الأسبق بارك أوباما من إنجازات مثل الاتفاق النووي وأوباما كير للتأمين الصحي، ولكنه ليس السبب الرئيسي في فشل الاتفاق النووي الإيراني الذي تم توقيعه في عهد الرئيس باراك أوباما عام 2015م.  في الواقع يرجع فشل الاتفاق النووي الذي استغرق مدة عشر سنوات تقريبًا من المفاوضات إلى عدة أسباب، أهمها أن الاتفاق النووي ولد ضعيفًا منذ اليوم الأول نظرًا للإطار الضيق الذي اتبعته الدول الأعضاء في عملية التفاوض والتركيز فقط على ضمانات معينة لعدم امتلاك إيران أسلحة نووية.

ركز الاتفاق النووي على خفض عدد أجهزة الطرد المركزي بنسبة الثلثين خلال عشر سنوات والسماح بتشغيل 5 آلاف جهاز فقط لتخصيب اليورانيوم في منشأة نطنز بنسبة 3.67 بالمئة خلال خمس عشرة عام، وخفض المخزون الإيراني من اليورانيوم الضعيف التخصيب من 10 آلاف كليو جرام إلى 300 كليو جرام ، وعدم بناء أي منشأة نووية جديدة خلال نفس الفترة، مع تكليف الوكالة الدولية للطاقة الذرية بمراقبة منتظمة لجميع المواقع النووية الإيرانية وكل الشبكة النووية بدءًا من استخراج اليورانيوم و وصولاً إلى الأبحاث والتطوير ومرورًا بتحويل وتخصيب اليورانيوم. على الرغم من التأكيدات الأوروبية بالتزام إيران بتعهداتها ببنود الاتفاق إلا أن الاتفاق لم يمنع إيران من التوقف عن تطوير منظومة أسلحة الصواريخ الباليستية المتطورة، حيث نجحت إيران من الفصل بين البرنامج النووي وبرنامج تطوير الأسلحة المتطورة خاصة الصواريخ الباليستية المتوسطة وطويلة المدى والتي يمكنها حمل رؤوس نووية بعد فترة انتهاء صلاحية الاتفاق في عام 2025م، بما يجعل إيران حرة في إعادة بناء قدراتها النووية وإنتاج أسلحة نووية في فترة ما بعد الاتفاق بما يشكل خطرًا كبيرًا على مصالح وأمن دول الخليج العربي.

وبالتالي فشل الاتفاق النووي في إعطاء ضمانات للدول الإقليمية في الحد من الطموحات الإيرانية للهيمنة الإقليمية على منطقة الخليج والشرق الأوسط، حيث فشل الاتفاق في منع إيران من التدخلات الخارجية في الشؤون الداخلية لعدد كبير من دول المنطقة مثل العراق، وسوريا، ولبنان، واليمن، والبحرين. فقد استطاعت إيران من التأثير على مجريات الأحداث السياسية والعسكرية في دول عربية مثل اليمن مما أثار من جديد الصراع التقليدي بين إيران والمملكة العربية السعودية، حيث اعتبرت السعودية مساندة إيران للحوثيين بمثابة الدخول في مواجهة صريحة معها وتهديد مصالح السعودية واستقرار حدودها الجغرافية الجنوبية من اليمن. لم يمنع أيضًا الاتفاق النووي إيران من بسط نفوذها في لبنان من خلال حزب الله وتدخلها في إدارة الأزمة السياسية التي أعاقت لسنوات طويلة تحقيق استقرار سياسي واقتصادي واجتماعي ببلد تميز بانقسامات طائفية وحزبية، بالإضافة إلى استخدام حزب الله آلية لإثارة التوتر بين لبنان وإسرائيل. يعتبر التدخل الإيراني في سوريا لصالح نظام الرئيس بشار الأسد وفي العراق لصالح الطائفة الشيعية مصدر قلق كبير لهذه الدول وكذلك الدول الكبرى والإقليمية التي تعمل على الوصول لتفاهمات بين أطراف الصراع من أجل تحقيق أدنى قدر من الاستقرار الأمني والسياسي بهذه الدول. لذا فشل الاتفاق في الحد من النفوذ الإيراني السياسي والعسكري والذي مازال يمثل خطرًا على مصالح الدول الكبرى والدول الإقليمية والخليجية.

 الحاجة إلى اتفاق نووي جديد

من الواضح في تقارير منظمة الطاقة الذرية والدول الأوروبية الأعضاء في الاتفاق النووي أن إيران ملتزمة إلى حد كبير ببنود الاتفاق النووي وأنها ليس لديها القدرة على إنتاج أسلحة نووية تهدد بشكل مباشر أمن ومصالح الدول المعنية بالاتفاق، وبالتالي فإن الخطر الأمني والعسكري والبيئي من البرنامج النووي مازال محدودًا. ولكن الخطر الحقيقي من إيران يتمثل في تطوير قدراتها وبرنامجها العسكري لمستويات عالية يمكن من خلالها تغيير حالة التوازنات الإقليمية لصالحها بما يدفع دول المنطقة إلى الدخول في سباق تسلح والسعي إلى تطوير قدراتها العسكرية بالمثل وتحويل منطقة الخليج والشرق الأوسط إلى منطقة قلاقل ونزاعات في المستقبل أكثر مما هي عليه الآن. لذا يمكن تفادي هذه التوقعات من خلال إعادة التفاوض والوصول إلى اتفاق مرضي لكل الأطراف المعنية بما في ذلك الدول الخليجية الأكثر تضررًا من البرنامج النووي الإيراني.

يجدر الإشارة هنا إلى الرغبة الحقيقة التي أبدتها كلا من الولايات المتحدة الأمريكية وإيران للدخول في مرحلة جديدة من المفاوضات لإحياء الاتفاق النووي، وهذا يعكس رغبة الدول الأوروبية أيضًا في الحفاظ على هذا الاتفاق. ولكن الفجوة بين الطرفين الإيراني والأمريكي مازالت واسعة وتستلزم جهودًا دبلوماسية مضنية سبق أن قامت بها سلطنة عمان في تسهيل المفاوضات وتقريب وجهات النظر خلال فترة المفاوضات بين 2005 و2015م. وهنا تأتي أهمية الدور التي تلعبه سلطنة عمان من خلال سياستها الخارجية الوسطية إلى تحقيق الأمن والاستقرار الإقليمي وقدرتها على تبني جولة جديدة من المفاوضات لإحياء الاتفاق النووي على أسس جديدة تمنع من احتمالات فشله مرة أخرى في المستقبل القريب.

تتمثل أهمية الدور العماني في إحياء الاتفاق النووي الإيراني في ثلاث نقط أساسية. أولا: تمثل سلطنة عمان الدولة الإقليمية الوحيدة التي تتمتع بعلاقات سياسية ودبلوماسية جيدة مع كل أطراف الاتفاق، كما تحظى باحترام كبير وقدرة على التعامل مع هذه الأطراف بما يساعد على الوصول إلى طاولة المفاوضات في فترة وجيزة. ثانيًا: تتميز السلطنة بالخبرة الكبيرة في لعب دور الوساطة في صراعات إقليمية ودولية كثيرة، حيث قامت بدور قوي وفعال في تقريب وجهات النظر وتسهيل جولات التفاوض بين إيران والدول الأخرى الأعضاء في الاتفاق النووي التي توج بالتوقيع عليه في 14 يوليو 2015م، ثالثًا: أن سلطنة عمان لديها القدرة على نقل تحفظات دول الخليج العربي بشكل مقبول إلى الأطراف المعنية بالاتفاق ويمكنها أن تلعب دور الممثل لدول مجلس التعاون الخليجي في المفاوضات المقبلة.   

اتفاق جديد يضم مجلس التعاون الخليجي (5+2)

يعد عدم مشاركة دول مجلس التعاون الخليجي من الاتفاق المبرم عام 2015م، أحد أهم نقاط الضعف في الاتفاق النووي الإيراني نظرًا للدور الذي تقوم به إيران في زعزعة أمن هذه الدول وبالتالي لم يحقق الاتفاق أدنى درجات الضمان لأمن وسلامة الدول الخليجية العربية المجاورة الأقل قوة عسكريًا وسياسيًا واقتصاديًا وديمغرافيًا من إيران. كما أن الاتفاق النووي الإيراني لم يخفف من حدة المشكلة الأمنية التي تواجه دول مجلس التعاون الخليجي، بل على العكس من ذلك فقد ساهم الاتفاق عن طريق الامتيازات التي منحت لإيران بزيادة عدم الثقة بين دول الخليج العربي وإيران وأثارت بعض الشكوك لدى دول الخليج العربي في التزام الولايات المتحدة بأمن الخليج. كما يري البعض أن تدهور العلاقات الخليجية-الخليجية والخليجية-الإيرانية جعل الاتفاق محفزاً لدخول دول المنطقة في مرحلة جديدة من المواجهة والصراع في فترة ما بعد الاتفاق.

وبالتالي كشف الاتفاق النووي الإيراني عن تداعيات ذات تأثير مباشر على القضايا الإقليمية التي تتعارض فيها المصالح الخليجية مع المصالح الإيرانية، وخلق حالة من التوتر في العلاقات الخليجية-الأمريكية نتيجة التقارب الغربي-الإيراني وتقديم ما يراه الخليج تنازلات أمريكية لإيران، مما أدى إلى تغير ملحوظ في سلوك دول الخليج وانتهاج سياسة التدخل المباشر للتصدي لمحاولات الاختراق الإيرانية، وزيادة إنفاق على التسليح، والعمل على تأسيس تحالفات إقليمية وعسكرية جديدة لملء الفراغ الناجم عن تراجع الدور الأمريكي في المنطقة.

ونظرًا لأن الاتفاق النووي الإيراني أصبح مصدرًا لتهديد أمن واستقرار دول الخليج العربي يدعو هذا المقال إلى ضرورة إشراك دول مجلس التعاون الخليجي في مفاوضات إحياء الاتفاق النووي على أن تقوم هذه الدول بتقديم تصور واضح للآثار السلبية لاتفاق عام 2015م، على دولهم وأن تتولى رعاية مصالحها وحماية أمنها القومي والإقليمي بدلاً من قيام طرف ثالث مثل الولايات المتحدة بهذا الدور في المفاوضات. لذلك يجب أن تشارك دول الخليج العربي في المفاوضات كعضو كامل ممثلا من خلال مجلس التعاون الخليجي ليكون شريكًا أساسيًا في الاتفاق، بالإضافة إلى قيامه بدور فعال مماثل للدور الذي قامت به ممثلة الاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية في مفاوضات اولات السابقة، ما يؤدي إلى تغيير تسمية المفاوضات إلى مفاوضات 5+2 بدلا من 5+1.  

الاتفاق الجديد وضمان التوازنات الأمنية الإقليمية

من المؤكد أن البرنامج النووي وبرنامج الصواريخ الباليستية فشلا حتى الآن في بناء قوة ردع تضمن أمن وسلامة ورخاء إيران، بل على العكس مثلا عبئًا كبيرًا علي الدولة لحماية هذه المنشآت من أي اعتداء خارجي أو تخريبي من الداخل وتكلفة باهظة في التطوير والصيانة في وقت تعاني منه الدولة من حصار اقتصادي وتردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية. يجب أيضًا التنويه إلى التكلفة الباهظة التي يمكن لإيران ودول منطقة الخليج العربي أن تتكبدها من جراء حدوث أي حادث في المنشآت النووية والآثار المترتبة على النظام البيئي والبيولوجي في منطقة الخليج، وبالتالي يجب طرح آليات أكثر فعالية لضمان الأمن الإيراني وأمن وسلامة الدول العربية المجاورة وتجنب المواجهة والعداء مع جيرانها في دول مجلس التعاون الخليجي.

تتطلب الآلية الجديدة للأمن تقديم تصور شامل لمفهوم الأمن الإقليمي يختلف عن المفهوم التقليدي العسكري للأمن الذي ثبت فشله بالفعل في منطقة الخليج خلال الخمس سنوات الماضية. فقد أثبتت الدراسات العلمية أن الأبعاد العسكرية للأمن لم تعد المحدد الرئيسي لقوة الدولة أو ضعفها، بل أصبح للأمن الإقليمي أبعاد حديثة وغير تقليدية مثل الأبعاد السياسية والاقتصادية والاجتماعية والبيئية والحروب النفسية والبيولوجية والكيميائية والوبائية وتداعياتها المختلفة على الدولة والمجتمع. على سبيل المثال أثبتت جائحة كوفيد-19 عدم قدرة إيران والدول الخليجية العربية على حماية دولهم ومجتمعاتهم من الآثار السلبية للجائحة وأن إيران كانت أكثر الدول الخليجية تأثرًا بالجائحة من حيث عدد الإصابات والوفيات وأن دول الخليج المجاورة لم تستطع منع انتشار العدوة من إيران إليهم برغم الإجراءات الاحترازية الشديدة.

إن الدرس المستفاد هنا أن أمن الدول أصبح يعتمد على أمن جيرانها وأن البرنامج النووي لا يضمن بالضرورة أمن إيران، بل يمكن أن يكون نقمة عليها وعلى كل دول المنطقة في حالة حدوث أي أضرار بالمنشآت النووية. لذلك يجب أن تعتمد استراتيجية الأمن الإقليمي الجديدة على رؤية إيجابية ومتطورة لمفهوم الأمن بمعناه الشامل مع التركيز على الأبعاد البشرية والصحية والاجتماعية والبيئية ودورها في تحقيق التنمية والرخاء.

الاتفاق الجديد نواة لنظام إقليمي قائم على التنمية والتعاون الاقتصادي

إن الهدف الحقيقي من وراء ضم مجلس التعاون الخليجي كطرف جديد للاتفاق النووي هو إضافة البعد الإقليمي التنموي الذي يهم الدول المعنية بالمنطقة والتي تتأثر مباشرة بتداعيات هذا الاتفاق. على الرغم من تأثير الدول الكبرى على مسار المفاوضات إلا أن التفاهمات الإقليمية تحت مظلة الاتفاق النووي قد تسمح بتقارب بين وجهات النظر الإيرانية والخليجية العربية وتساعد على إيجاد صيغة مشتركة لحل المسائل الخلافية والاتفاق على أطر للتعاون الأمني والسياسي تسمح بالاستغناء تدريجيًا عن الحماية الدولية التي توفرها الدول الغربية من أجل ضمان أمن الخليج. إن تردد الولايات المتحدة في الاستمرار لتحمل تكاليف أمن المنطقة اضطر دول الخليج إلى زيادة ميزانية الدفاع، وشراء كميات ضخمة من الأسلحة، والدخول في سباق تسلح يستنزف أموالاً طائلة دون تحقيق الهدف المرجو منه.

إن فلسفة وإدارة اتفاق أمني جديد يأسس لمرحلة جديدة في العلاقات الخليجية الإيرانية يعتمد على تراجع إيران عن تطوير برنامجها النووي العسكري والصواريخ الباليستية طويلة المدى وتعديل سلوكها الإقليمي للحد من المواجهات التي تؤدي لتوتر في العلاقات السياسية مع جيرانها الخليجيين خاصة تدخلها في الشؤون الداخلية لعدد من دول المنطقة مثل اليمن، والعراق، وسوريا، ولبنان. يجب أن يقوم الاتفاق النووي الجديد أيضًا على أسس ومبادئ تراعي المصالح الاستراتيجية لجميع الدول، ورفع العقوبات الاقتصادية عن إيران، ومساعدة إيران في الاندماج في المجتمع الدولي بشكل يضمن لها تحسين أحوالها الاقتصادية والاجتماعية، والسعي نحو بناء كيان اقتصادي جديد يساهم في تعزيز قنوات وسبل التعاون الاقتصادي والسياسي والأمني بين إيران ودول مجلس التعاون الخليجي.

إن أطر التعاون الاقتصادي الإقليمي أصبحت أكثر فاعلية من بناء القدرات العسكرية في تحقيق الأمن والاستقرار والرخاء للدول والشعوب. إن دعوة الإدارة الأمريكية الجديدة بالعودة إلى الاتفاق النووي على أسس جديدة تضمن نجاحه تعد فرصة يجب على إيران وجيرانها استثمارها في تغيير فلسفتهم وسلوكياتهم السياسية والأمنية والاقتصادية والعمل نحو تحقيق الأمن والاستقرار من خلال التعاون الإقليمي وتوجيه الموارد البشرية والمالية والاستثمارية الهائلة في عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية. إن إعادة التفاوض على بنود الاتفاق النووي والتوصل إلى تفاهمات جديدة تضمن استمراره فرصة أمام إيران لإدماجها في منظومة العمل الدولي والإقليمي بعد عقود طويلة من العزلة والحصار.

إن المكاسب السياسية والاقتصادية والمالية والأمنية التي يمكن لإيران حصدها تفوق بكثير التنازلات التي يمكن أن تقدمها في التوصل لعقد اتفاق جديد يقوم على أسس وروح التعاون بينها وبين شركائها الجدد في الاتفاق الجديد. من المتوقع أن يضمن الاتفاق الجديد لإيران رفع العقوبات الاقتصادية، واسترداد عشرات المليارات من أمولها المحتجزة في أمريكا وعدد الدول الأوروبية والآسيوية، وتخفيف القيود على تصدير النفط والمعاملات البنكية، والاتجاه نحو تطوير قاعدتها الصناعية المدنية وتحديث نظامها المالي والبنكي، والتركيز على تحقيق معدلات عالية من النمو الاقتصادي وتحقيق أهداف التنمية المستدامة. من ناحية أخرى يمكن لاتفاق نووي إيراني جديد يضمن أمن واستقرار دول مجلس التعاون الخليجي خلق شراكة اقتصادية بين إيران ودول المجلس، تمكن الأولى من الاستفادة من الاستثمارات الخليجية العربية الضخمة في إعادة بناء اقتصادها، وتساعد الثانية بتحويل مواردها المالية من شراء وبناء ترسانات أسلحة لا فائدة منها إلى استثمارها في تحقيق أهداف الرؤى الوطنية المستقبلية من خلال التنويع الاقتصادي، وتطوير الصناعات غير النفطية، وبناء القدرات البشرية الوطنية، والدخول في شراكات خليجية-إيرانية للاستفادة من السوق الإيراني الكبير في تلبية احتياجاتها.    

إن واقعية عقد اتفاق نووي إيراني جديد يعتمد بشكل كبير على إيمان كل الأطراف بأن التعاون الاقتصادي والشراكة في التنمية هما أفضل آلية لتحقيق الأمن والسلم والاستقرار في منطقة الخليج. 

مقالات لنفس الكاتب