نجحت دول مجلس التعاون الخليجي خلال العقدين الماضيين في تطوير علاقاتها الاقتصادية بما يقربها من التكامل الاقتصادي والوحدة الاقتصادية، وتبنى المجلس الأعلى خلال اجتماعاته السنوية العديد من القرارات المهمة في المجال الاقتصادي، والتي دفعت بالعمل الاقتصادي المشترك خطوات كبيرة إلى الأمام، وكان من أهم هذه القرارات تلك المتعلقة بالاتحاد الجمركي، والسوق الخليجية المشتركة، والتكامل الإنمائي، والإتحاد النقدي.
ولتهيئة البيئة القانونية اللازمة لمواكبة هذه التطورات أصدر المجلس الأعلى في دورته العشرين (الرياض، نوفمبر 1999) قراره بتطوير الاتفاقية الاقتصادية بما يتلاءم مع تطور العمل المشترك، واستكمال متطلبات التكامل الاقتصادي بين دول المجلس، لمواكبة المستجدات الدولية في المجال الاقتصادي.
وتحقيقاً لهذا الهدف تم تكليف الأمانة العامة بإعداد مشروع للاتفاقية الاقتصادية المطورة يتم عرضه على الدول الأعضاء واللجان المختصة في إطار المجلس. ولتنفيذ ذلك استطلعت الأمانة العامة آراء الدول الأعضاء بما ترى إضافته إلى نصوص الاتفاقية أو حذفه أو تعديله، وتم إعداد مشروع أولي عُرض على الدول الأعضاء لإبداء رؤيتها بشأنه. وفي ضوء ذلك شُكّل فريق فني من الدول الأعضاء والأمانة العامة لدراسة المشروع، وعقد الفريق اجتماعات مكثفة لهذا الغرض خلال شهري فبراير ومارس 2001، تم خلالها مناقشة مرئيات الدول الأعضاء، وتعديل مشروع الاتفاقية الاقتصادية الموقعة عام 1981، والتي تنص في مادتها الثانية والعشرين على أن: "تقوم الدول الأعضاء بتنسيق سياساتها المالية والنقدية والمصرفية وزيادة التعاون بين مؤسسات النقد والبنوك المركزية بما في ذلك العمل على توحيد العملة لتكون متممة للتكامل الاقتصادي المنشود فيما بينها"[1].
الاتفاقية الاقتصادية الموقعة في 2001 لم تأت إلا نتيجة لتقارب دول مجلس التعاون الخليجي
إصدار عملة خليجية موحدة تشترك في إصدارها ستة اقتصاديات متباينة أمر يستحق الدراسة الدقيقة والتريث
من المهم جدًا أن تتعلم دول مجلس التعاون وتستفيد من دروس وتجارب من سبقوها
التجربة الخليجية سوف تستغرق وقتًا أقل من المدة التي أخذتها التجربة الأوربية للوصول إلى اليورو
قيام العملة الخليجية الموحدة ضرورة اقتصادية حتمية تفرضها المتغيرات الاقتصادية الدولية
التطورات السياسية والاقتصادية المتسارعة تفرض تحديات على دول الخليج تجاه الإسراع في وحدتها السياسية والاقتصادية
ورغبة من الدول الأعضاء في مجلس التعاون الموقعة على هذه الاتفاقية لتحقيق الهدف المنشود منها، والذي حددته مقدمتها في "تنمية وتوسيع وتدعيم الروابط الاقتصادية فيما بينها على أسس متينة لما فيه خير شعوبها، ومن أجل العمل على تنسيق وتوحيد سياستها الاقتصادية والمالية والنقدية، وكذلك التشريعات التجارية والصناعية، والنظم الجمركية المطبقة فيها" فقد قررت النظر في هذه الاتفاقية، وتعديلها بما يتفق والهدف من توقيعها، ووافق المجلس الأعلى على الاتفاقية الجديدة، وتم التوقيع عليها من قبل أصحاب السمو قادة دول المجلس في 31 ديسمبر 2001، خلال انعقاد الدورة الثانية والعشرين في مسقط بسلطنة عمان.
وجاءت هذه الاتفاقية الاقتصادية بنقلة فعلية حقيقية تتويجًا لأسلوب العمل المشترك بين الدول الأعضاء، حيث لا تقتصر على التعاون والتنسيق بين الدول الأعضاء، بل تتعدى ذلك إلى النص صراحة على التكامل الاقتصادي بين الدول الأعضاء في مجلس التعاون لدول الخليج العربية، من خلال تبني برامج محددة، وآليات قابلة للتنفيذ، لتحقق في النهاية إتحاد نقدي واقتصادي بين دول المجلس، تماشيًا مع ما نصت عليه في مادتها الرابعة: "بهدف تحقيق الاتحاد النقدي والاقتصادي بين دول المجلس بما في ذلك توحيد العملة، تقوم الدول الأعضاء وفق جدول زمني محدد بتحقيق متطلبات هذا الاتحاد بما في ذلك إحراز مستوى عالٍ من التقارب بين الدول الأعضاء في كافة السياسات الاقتصادية، لاسيما السياسات المالية والنقدية، والتشريعات المصرفية، ووضع معايير لتقريب معدّلات الأداء الاقتصادي ذات الأهمية لتحقيق الاستقرار المالي والنقدي، مثل معدّلات العجز والمديونية والأسعار"[2].
والحقيقة أن الاتفاقية الاقتصادية الموقعة في 2001 لم تأت إلا نتيجة لتقارب دول مجلس التعاون الخليجي منذ قيامه في 1981، وليست إلا تتويجًا لمسيرة التعاون الاقتصادي المشترك بين الدول الأعضاء، إذ تضمنت البيانات الختامية للمجلس الأعلى لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، سلسة خطوات من أجل تحقيق التقارب الاقتصادي، والذي توج بالسعي إلى توحيد العملة الخليجية، إذ تضمن البيان الختامي للمجلس الأعلى في دورته الحادية والعشرين في المنامة بمملكة البحرين في 31 ديسمبر 2000 بندًا خاصًا بتنسيق السياسات المالية والنقدية وهو:
"وسعيا إلى تنفيذ المادة 22 من الاتفاقية الاقتصادية الموحدة المتعلقة بتنسيق السياسات المالية والنقدية والمصرفية، وزيادة التعاون بين مؤسسات النقد والبنوك المركزية بما في ذلك العمل على توحيد العملة لتكون متممة للتكامل الاقتصادي المنشود فيما بينها، اعتمد المجلس الأعلى مثبتا مشتركا لعملات دول المجلس، كخطوة أولى لتحقيق هذا الهدف. ووجه لجنة التعاون المالي والاقتصادي، ولجنة محافظي مؤسسات النقد والبنوك المركزية بوضع برنامج عمل، وفق جدول زمني محدد لتحقيق ذلك، وعرضه على المجلس الأعلى في دورته القادمة. كما وجه لجنة المحافظين بالاتفاق على الآليات والإجراءات اللازمة لزيادة تسهيل التعامل بعملات دول المجلس في أسواق الدول الأعضاء"[3].
ليعتمد المجلس في دورته التالية الثانية والعشرين "الاتفاقية الاقتصادية بين دول المجلس "لتحل محل الاتفاقية الاقتصادية الموحدة، التي اقرها المجلس في نوفمبر 1981" وذلك لمواجهة تطورات العمل الاقتصادي في المجلس وانجازاته، ومواكبة للتطورات على الساحة الاقتصادية الدولية.
وفي البيان الختامي للدورة نص على: "وسعيا إلى إقامة الاتحاد النقدي لدول المجلس وإطلاق العملة الموحدة، وافق المجلس الأعلى على البرنامج الزمني للاتحاد النقدي حيث وجه لجنة محافظي مؤسسات النقد والبنوك المركزية بتطبيق قرار المجلس الأعلى بشأن اعتماد الدولار مثبتا مشتركا لعملات دول المجلس في موعد أقصاه نهاية عام 2002، كما وجه لجنة التعاون المالي والاقتصادي ولجنة المحافظين بالاتفاق على معايير الأداء الاقتصادي اللازمة لنجاح الاتحاد النقدي، وذلك في موعد أقصاه نهاية عام 2005 تمهيدا لإطلاق العملة الموحدة في موعد أقصاه الأول من يناير 2010".
وقامت الدول الأعضاء على الفور باعتماد الدولار الأمريكي مثبتا مشتركا لعملاتها، وعرض تقرير الأمانة العامة في الدورة التالية الثالثة والعشرية بالدوحة بدولة قطر في 22 ديسمبر 2002 بشأن متابعة تنفيذ البرنامج الزمني للاتحاد النقدي، وعبر عن ارتياحه للإجراءات التنفيذية التي اتخذتها الدول الأعضاء لاعتماد الدولار الأمريكي مثبتاً مشتركاً لعملات دول المجلس في المرحلة الحالية، وربط أسعار صرف عملاتها به، ليؤكد البيان الختامي للدورة الرابعة والعشرين بالكويت بدولة الكويت في 22 ديسمبر 2003 على موافقة الدول الأعضاء بالمجلس على البرنامج الزمني لإصدار العملة الخليجية الموحدة في موعد أقصاه 2010.
ومنذ هذا التاريخ ودول المجلس تخطو خطوات جادة في سبيل تحقيق هذا الاتحاد النقدي، وتوحيد العملة الخليجية، وفي سبيل ذلك تحققت عدة إنجازات منها: السماح لمواطني الدول الأعضاء بممارسة تجارة التجزئة وتجارة الجملة، وتملك الأسهم والعقارات، وممارسة المهن والأنشطة الاقتصادية كالزراعة والصناعة والمقاولات والثروات الحيوانية، وإقامة الفنادق والمطاعم ومراكز التدريب، والحصول على قروض من البنوك وصناديق التنمية الصناعية بالدول الأعضاء وغيرها من القرارات والأنشطة، التي هيئت الأرضية لإقامة السوق الخليجية المشتركة، التي تعد خطوة أولى في سبيل تحقيق الإتحاد الجمركي، ومن ثم توحيد العملة، والاتحاد النقدي الذي يتبعه الإتحاد الاقتصادي، والذي يعد خطوة في سبيل تحقيق الاتحاد السياسي.
ولكن رغم ذلك فإن تجربة مجلس التعاون الخليجي لم تبلغ بعد ما بلغته التجربة الأوروبية من كمال رغم محاولات مجلس التعاون الخليجي الجادة للأخذ بنظام المجموعة الأوربية، لكنه لم يفلح في الاعتداد بها في بعض المبادئ الأساسية، التي تمثل حجر الزاوية في نجاح أي تجربة في التكتلات الإقليمية، وذلك أن المجموعة الأوربية قد قبلت التنازل عن قدر من سيادتها الوطنية لصالح المؤسسات فوق القومية، أما الدول أعضاء مجلس التعاون، فقد انتابت أمانته العامة المخاوف من تذمر بعض الأعضاء من الانتقاص من سيادتها، ولو كان ذلك بسبب مصلحة المؤسسات فوق القومية، كما أن دول مجلس التعاون قد اتخذت مفهوم التعاون أساس لتطوير علاقاتها بدلا من مفهوم التكامل، وهو ما يقلل من مقتضيات التكامل من حزم ودقة في تنفيذ المراحل، التي يبنى عليها نطاق التكامل، وفي الحقيقة فإن مجلس التعاون بوسعه أن يحقق مزيدا من التكامل فيما لو اتخذ من تجربة دولة الإمارات العربية المتحدة في الإتحاد منهجا له، وهو منهج موفق، حيث جرى على فحوى ما هو معمول به في ميثاق المجموعة الأوربية، ولا أدل على ذلك من أن مسألة وزن الأصوات داخل دولة الإمارات لا يجعل لكل إمارة صوتا بل يجعل لكل إمارة عددا من الأصوات يتناسب مع ثقلها داخل الإتحاد[4]، تماما كما هو الشأن في ميثاق المجموعة الأوروبية.
وفي نطاق المحكمة الاتحادية لدولة الإمارات العربية المتحدة نجد أن أحكام هذه المحكمة ملزمة لكافة الإمارات المتحدة، فإذا ما قضت هذه المحكمة بعدم دستورية قانون أو لائحة، أو قرار صادر عن إحدى الإمارات، ويتعارض مع دستور دولة الاتحاد تعين على السلطة المعنية في الإمارة اتخاذ ما يلزم من التدابير لإزالة المخالفة الدستورية أو تصحيحها، وذلك وفقا لنص المادة 101 من دستور دولة الإمارات العربية المتحدة[5]، والتي نجد صداها في ميثاق المجموعة الأوربية، بينما يفتقر إليها ميثاق مجلس التعاون الخليجي[6].
هذا وقد اتخذت دول مجلس التعاون الخليجي بالرياض في 19 مارس 2005 عدة خطوات اقتصادية تعبد الطريق نحو قيام الاتحاد النقدي الخليجي والعملة الخليجية الموحدة. ومن هذه الخطوات وضع حد أدنى للدين العام لا يتجاوز 60% من الناتج الوطني لدول الخليج، كما وافق محافظو البنوك المركزية بالدول الست على تحديد مستويات أسعار الفائدة على العملات، وعلى حجم الاحتياطات النقدية، ونسبة العجز في الميزانيات الحكومية بالنسبة للناتج الوطني على أن يتم الالتزام بهذه الخطوات ابتداء من عام 2007، وعلى هذا فان قرار إصدار عملة خليجية موحدة تشترك في إصدارها ستة اقتصاديات متباينة في أحجامها من حيث الناتج الوطني وعدد السكان وإيرادات ومصروفات الميزانية، وكذلك التباين الكبير في الميزان التجاري وميزان المدفوعات لأمر يستحق الدراسة الدقيقة والتريث، فبالرغم من جرأة الفكرة وبراعة أهدافها الوطنية إلا انه من المهم جدًا أن تتعلم وتستفيد من دروس وتجارب من سبقوها في هذا المضمار الاقتصادي الشائك، وأعني بذلك تجربة قيام العملة الأوروبية الموحدة "اليورو" ليس فقط بعد إصدارها، وما حققته من أهداف وطموحات لشعوبها، ولكن من المهم أيضا معرفة الخطوات التاريخية التي مرت به هذه العملة قبل إصدارها.
إن التحضير لقيام اليورو بدأ قبل أكثر من 50 عاما من الاستعدادات الهائلة من أجل بناء الصرح الاقتصادي والسياسي الضروري، الذي سيتداول العملة الموحدة، ففي 19 سبتمبر 1946 بعد الحرب العالمية الثانية، نادي ونستن تشرشل رئيس وزراء بريطانيا آنذاك بقيام اتحاد أوروبي على غرار الولايات المتحدة يسمى الولايات المتحدة الأوروبية، وفي 16 ابريل 1948 وعلى إثر التمويل الأميركي لإعادة بناء أوروبا بواسطة خطة مارشال أنشئت منظمة التعاون الاقتصادي الأوروبي لتنظيم وإدارة نحو13 مليار دولار للإنفاق على المشاريع الأوروبية، وعقب ذلك العديد من المفاوضات والاجتماعات، تمخضت عنها بعض المعاهدات، أهمها معاهدة باريس في 18 ابريل 1951 لإقامة الاتحاد الأوروبي للفحم والحديد بمشاركة بلجيكا وفرنسا وألمانيا وايطاليا ولكسمبورغ وهولندا، ومن نتائجها إلغاء التعريفة الجمركية وبعض القيود التجارية بينها عام 1953.
وفي روما وقعت معاهدة إنشاء المجموعة الأوروبية (الاتحاد الأوروبي حاليًا) ومعاهدة الاتحاد الأوروبي للطاقة النووية، اللتان دخلتا حيز التنفيذ في أول يناير 1958، واستمرت اللقاءات الاقتصادية والسياسية بين الدول الأوروبية بين شد وجذب حتى تمخضت عن قيام معاهدة ماسترخت عن الاتحاد الأوروبي بمباركة 15 دولة أوروبية غربية دخلت حيز التنفيذ في أول نوفمبر 1993، وكانت هذه المعاهدة التاريخية اللبنة الرئيسة لقيام العملة الأوروبية الموحدة التي وافقت 11 دولة على تبنيها بينما تحفظت بريطانيا والدنمرك والسويد واليونان للانضمام لمنطقة اليورو، إلا أن اليونان انضمت عام 2001، وقد أخذ طرح اليورو في الأسواق ثلاث مراحل: الأولى في أول يوليو 1990 وتهدف إلى تحقيق حرية كاملة لانتقال رؤوس الأموال والاستثمارات عبر دول الاتحاد، وتحقيق تعاون في السياسات النقدية والمالية، المرحلة الثانية بدأت أول يناير 1994 بإنشاء معهد النقد الأوروبي، أما المرحلة الثالثة فبدأت في أول يناير 1999 حيث بدأ العمل من الناحية المحاسبية باليورو، وفي أول يناير 2002 بدأ تداول اليورو بالأسواق الأوروبية.
وعلى ضوء هذه الخطوات الاقتصادية التاريخية الهامة يمكن أن ندرك أن توحيد عدة عملات لاقتصاديات متباينة الإمكانات لا يحتاج فقط إلى وقت لانجازه بل يحتاج إلى تخطيط عميق ومعرفة علمية واسعة بالمراحل الاقتصادية، التي يجب أن يتم من خلالها بناء القاعدة السياسية الاقتصادية الصلبة، التي سوف تقوم عليها العملة الموحدة، فتوحيد العملة يعني ضم السياسات النقدية الست في سياسة نقدية موحدة، تحمل على عاتقها مسؤولية زيادة الناتج الوطني لهذه الدول إلى أقصى مستوى، وخفض معدلي البطالة والتضخم من أجل رفع المستوى المعيشي لمواطني مجلس التعاون.
هناك أسئلة هامة يجب طرحها للنقاش، وهي هل توحيد العملة يقوي اقتصاديات دول الخليج أم يعود عليها بالخسارة؟ ولماذا؟ وكيف؟ ومن سيكون أكثر انتفاعا بالعملة الموحدة؟ ومن سيكون أكثر تضررًا بها؟ أين سيكون البنك المركزي الموحد ومن سيديره؟ من المسئول الأول والأخير عن نجاح أو فشل السياسة النقدية الموحدة؟ وهل التكامل الاقتصادي بين دول الخليج يحتاج إلى قيام عملة اقتصادية موحدة؟ وهل سترتبط العملة الخليجية الموحدة بالدولار أم بسلة من العملات؟ وما هو حجم السيولة المتوقعة لهذه العملة، والتي من شأنه تقوية أركانها؟ وهل يمكن للدول الست الالتزام الكامل بحد أعلى للدين العام لا يزيد عن 60% وبعجز في الميزانية لا يزيد على 3%؟ وما مصير هذه العملة إذا انخفضت أسعار البترول إلى أدنى حد؟ وحري بنا أيضا أن نتساءل هنا عما إذا انفصلت إحدى دول الخليج الست فجأة عن العملة الخليجية الموحدة، كما حدث أخيرا خلال الاتفاقات الثنائية لبعض دول مجلس التعاون مع الولايات المتحدة؟ وأخيرا وليس آخرا لماذا رفضت بريطانيا والدنيمارك والسويد الانضمام إلى اليورو؟ أسئلة يجب أن يواجهها محافظو البنوك المركزية بدول مجلس التعاون خلال اجتماعاتهم قبل إصدار العملة الخليجية الموحدة.
وفى ضوء التجربة الأوربية وحسب آراء الاقتصاديين الخليجيين فإن التجربة الخليجية سوف تستغرق وقتًا، لكن ربما يكون أقل من المدة الزمنية التي أخذتها التجربة الأوربية للوصول إلى اليورو كعملة أوربية موحدة، وربما جاء تحفظ سلطنة عمان في الدخول في الوحدة النقدية مماثلا لتحفظ وعدم دخول بريطانيا والدانيمارك حتى الآن في الوحدة النقدية الأوربية، حيث تولي سلطنة عمان أهمية لعملتها الوطنية "الريال العماني"، وربما أيضًا مخاوف من عدم نجاح العملة الخليجية الموحدة في حال إقرارها.
هذا وتتباين وجهات النظر بين المصرفيين والاقتصاديين الخليجيين بشأن الوحدة النقدية فالمؤيدون يرون أن الوقت قد حان لتدشين الوحدة النقدية الخليجية في ضوء التحديات التي تواجه دول المجلس، في حين يرى المعارضون أو المتحفظون أن دول المجلس لم تحقق إلا منجزات بسيطة، لا تؤهلها للدخول في وحدة نقدية لها تبعاتها، وتستلزم قطع شوط طويل من إقرار خطوات عدة، والآراء المؤيدة ترى أن اعتماد عملة خليجية موحدة له مزايا عديدة ستنعكس بشكل إيجابي على اقتصاد دول الخليج من جهة، وعلى مواطني دول المجلس، حيث ستلغى العملة الموحدة مسألة تبديل العملة عند الانتقال من بلد خليجي إلى آخر مما يعطي حرية أكبر في انتقال الأفراد بين الدول الأعضاء، ويشجع التجارة البينية والسياحة، بالإضافة إلى أن العملة الموحدة ستجعل من الدول الأعضاء كتلة اقتصادية واحدة لها ثقلها في مواجهة تكتلات اقتصادية عالمية مثل الاتحاد الأوربي، الذي سيجد نفسه مضطرا إلى إعادة النظر في علاقته الاقتصادية مع دول الخليج، بعد أن أصبح لها عملة موحدة، ومن هنا يتعين على الخليجيين الاستفادة من التجربة الأوربية في التوصل إلى عملة موحدة، ومحاولة تجنب السلبيات التي واجهها اليورو، ذلك أنه من المتوقع أن تواجه العملة الخليجية الموحدة في حال إقرارها عقبات وسلبيات عديدة، متمثلة في مخاطر العملة، وعدم القدرة على المحافظة على قيمتها كما حدث بالفعل مع اليورو.
ولا خلاف على أن التوصل إلى اتحاد نقدي خليجي سوف يستغرق وقتا طويلا، فالأمر ليس بالسهولة، ناهيك عن أن دولا بحجم الدول الأوربية قطعت سنوات حتى وصلت إلى عملتها الموحدة، لكن تظل نقطة البداية هي الأهم، وهو ما فعلته قمة المنامة خصوصًا وأن قرارها اتخذ بناء على خطوات عملية قطعتها دول الخليج في التقريب بين سياساتها المالية والنقدية، حيث إن مجالات التنسيق والتعاون في مجال السياسة النقدية بين الدول الأعضاء شملت معدلات الصرف والائتمان المصرفي، والرقابة والإشراف على الجهاز المصرفي، وكذلك أجهزة المقاصة والتدريب، لكن يظل الأمر المتعلق بالعملة الخليجية الموحدة يحتاج إلى المزيد من الدراسة، التي تحدد الالتزامات التي يجب على كل دولة الوفاء بها؛ كي يتأهل الجميع للاتحاد النقدي.
هذا وقد بدأت فكرة إصدار عملة موحدة لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية مع نشأة المجلس، فقد أشارت الوثيقتان الرئيسيتان للمجلس، النظام الأساسي والاتفاقية الاقتصادية الموحدة لعام 1981، إلى الخطوط العريضة، والمعالم الأساسية والعامة لبرنامج تعاون وتكامل اقتصادي لدول مجلس التعاون، وضمن مجالات التعاون الأخرى التي استهدفها إنشاء المجلس فقد تناولت الاتفاقية الاقتصادية الموحدة مراحل التكامل الاقتصادي، حيث تحدثت بالتفصيل عن منطقة تجارة حرة، وتوحيد التعريفة الجمركية، وتناولت بإجمال متطلبات السوق المشتركة، والاتحاد الاقتصادي والنقدي، بما في ذلك ما نصت عليه المادة "22" من الاتفاقية الاقتصادية الموحدة بأن "تقوم الدول الأعضاء بتنسيق سياستها المالية والنقدية والمصرفية وزيادة التعاون بين مؤسسات النقد والبنوك المركزية بما في ذلك العمل على توحيد العملة لتكون متممة للتكامل الاقتصادي المنشود فيما بينها".
ومنذ ذلك الوقت بدأ العمل لتحقيق التكامل بين دول المجلس، فقد أنشئت في إطار المجلس عام 1983 لجنة محافظي مؤسسات النقد والبنوك المركزية في دول المجلس بهدف تنفيذ ما نصت عليه هذه المـادة، وتنسيق السياسات النقدية والمصرفية، وتفرع عن لجنة المحافظين لجان متخصصة لدراسة الجوانب الفنية للتعاون والتكامل في مجالات الإشراف والرقابة والتدريب المصرفي ونظم المدفوعات، وفي عام 2002 أنشئت لجنة الاتحاد النقدي.
وخلال الفترة مابين 1985-1987 أجرت لجنة المحافظين مشاورات مكثفة بين الدول الأعضاء للتوصل، كخطوة أولى نحو العملة الخليجية الموحدة، إلى مثبت مشترك لعملات دول المجلس، وطرحت حقوق السحب الخاصة SDR كمثبت مشترك غير أنها لم تحقق الإجماع.
ونظرا للاستقرار النسبي في أسعار صرف عملات دول مجلس التعاون خلال الثمانينات والتسعينات، ولكون إقامة الاتحاد النقدي وإصدار عملة موحدة تعتبر مرحلة تكاملية متقدمة يسبقها في الغالب، ووفق النظرية الاقتصادية مراحل تكاملية أخرى، هي منطقة التجارة الحرة، والاتحاد الجمركي، والسوق المشتركة، فقد كان الرأي السائد داخل مجلس التعاون في أوائل التسعينات أن الوقت لم يحن بعد لبحث تفاصيل إقامة الاتحاد النقدي، وإصدار العملة الموحدة، ولذلك ارتأى وزراء المالية والمحافظين بدول المجلس تأجيل بحثه إلى نهاية عقد التسعينات.
وبنهاية عقد التسعينات، ونظرا لتحقيق تقدم فيما يتعلق بالاتحاد الجمركي لدول مجلس التعاون، ولنجاح الاتحاد الأوربي في موضوع اليورو، وانطلاقا من توجه دول المجلس لتعزيز العمل الاقتصادي المشترك وتبني آليات وبرامج زمنية لتحقيقه أعيد بحث موضوع العملة الخليجية الموحدة، وقرر المجلس الأعلى في قمته التي عقدت في مملكة البحرين في ديسمبر 2000 تبني الدولار الأمريكي مثبتا مشتركا لعملات دول المجلس في المرحلة الحالية، ووجه وزراء المالية والمحافظين بإعداد برنامج زمني لإقامة الاتحاد النقدي وإصدار العملة الخليجية الموحدة.
ووافق المجلس الأعلى في ديسمبر 2001 على البرنامج الزمني لإقامة الاتحاد النقدي، والذي يقضي بتطبيق الدولار الأمريكي مثبتا مشتركا لعملات دول المجلس في المرحلة الحالية قبل نهاية 2002، وهو ما تم تطبيقه بالفعل من قبل جميع دول المجلس في الموعد المحدد، كما يقضي البرنامج بأن تتفق الدول الأعضاء على معايير تقارب الأداء الاقتصادي ذات العلاقة بالاستقرار المالي والنقدي اللازمة لنجاح الاتحاد النقدي قبل نهاية 2005، وذلك تمهيدًا لإطلاق العملة في موعد لا يتجاوز الأول من يناير 2010، وذلك ما تناولته متطلبات الاتحاد النقدي والاقتصادي، والتي نصت على أنه "بهدف تحقيق الاتحاد النقدي والاقتصادي بين دول مجلس التعاون بما في ذلك توحيد العملة، تقوم الدول الأعضاء وفق جدول زمني محدد بتحقيق متطلبات هذا الاتحاد بما في ذلك إحراز مستوى عال من التقارب بين الـدول الأعضاء في كافة السياسات الاقتصادية، لاسيما السياسات المالية والنقدية والتشريعات المصرفية ووضع معايير لتقريب معدلات الأداء الاقتصادي ذات الأهمية لتحقيق الاستقرار المالي والنقدي، مثل معدلات العجز والمديونية والأسعار".
وخلال السنوات الأربع الماضية عكفت اللجان المعنية في مجلس التعاون على تنفيذ هذه الفقرة، واستكملت بحث معايير التقارب الاقتصادي وتحديد مكوناتها وطريقة حسابها والنسب والحدود المقبولة للتقارب الاقتصادي، وذلك من خلال الدراسات المقدمة من الدول الأعضاء والأمانة العامة، مع الاستفادة من الدراسات التي أعدها البنك المركزي الأوربي وصندوق النقد الدولي لهذا الغرض، وأنشئت بالأمانة العامة وحدة متخصصة لدراسات الاتحاد النقدي للمساعدة فيما يتطلبه إقامته وإصدار العملة الخليجية الموحدة من دراسات وأبحاث وعمل مستمر لتأمين فرص نجاحه.
وقد أقـرّ المجلس الأعلى في دورته السادسة والعشرين بأبو ظبي في ديسمبر 2005 المعايير التالية لتحقيق تقارب الأداء الاقتصادي والاسـتقرار المالي والنقدي:
- معايير التقارب النقدي، وتتمثل قي معدلات التضخم، ومعدلات الفائدة، ومدى كفاية احتياطيات السلطة النقدية من النقد الأجنبي.
- معايير التقارب المالي، وتتمثل في نسبة العجز السنوي في المالية الحكومية إلى الناتج المحلي الإجمالي، ونسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي.
وقد ناقشت لجنة المحافظين في عام 2005، وفي اجتماعها في أبريل 2006، طريقة حساب وقياس هذه المعايير وتحديد نسب العجـز والمديونية القصوى المسموح بها. كما ناقشت البدائل المقترحة للسلطة النقدية المشتركة التي ستتولى مهام إصدار العملة الخليجية الموحدة وإدارة السياسة النقدية الموحدة. وتوصلت اللجنة إلى توصيات محددة حول هذه المواضيع.
ومن المتوقع أن يتم الاتفاق على تفاصيل معايير التقارب الاقتصادي، وعلى التشريعات والأنظمة المتعلقة بإنشاء السلطة النقدية المشتركة (مجلس نقدي يتحول إلى بنك مركزي خليجي) وتحديد مهامها وعملها وعلاقتها بالسلطات النقدية الوطنية في دول المجلس، كما يتوقع أن يتم الاتفاق على مواصفات العملة الخليجية الموحدة ومسماها وأسلوب طرحها للتداول.
وعلى أية حال فإن قيام العملة الخليجية الموحدة ضرورة اقتصادية حتمية تفرضها المتغيرات الاقتصادية الدولية، تلك العملة التي يقترح البعض بتسميتها "الدينار العربي" أو "الدينار العربي الخليجي" تميزا له عن الدينار العربي الحسابي المستخدم كوحدة حسابية للأقطار العربية مجتمعة في صندوق النقد العربي، وتكون هذه العملة قابلة للتحويل ومتداولة على نطاق أقطار مجلس التعاون الخليجي، خالقة بذلك منطقة عمل واحدة متجانسة وموحدة، وتعتبر هذه الصيغة ولا شك انسب الصيغ لظروف الواقع الموضوعي في الأقطار الخليجية، بل وأكثرها اتفاقا مع التطور التاريخي للمنطقة التي عرفت في بعض مراحلها التاريخية صيغة ما من صيغ التوحد النقدي في ظل الإدارة الاستعمارية عندما كانت نقود الخليج كلها باستثناء السعودية تصدر من قبل وكالة تابعة لحكومة الهند[7].
ومن ثم فإن العملة الخليجية الموحدة هي تأصيل وتتويج ونتاج الجهد المشترك من أجل الوحدة، ومن أجل تأصيل الانتماء وزيادة درجة الولاء والارتقاء بالآمال والطموحات الخليجية من أجل تحقيق نهضة شاملة ومتكاملة في كافة المجالات، والعملة الخليجية الموحدة ما هي إلا جسر بين ضفتين قد يرى البعض أنهما متباعدتين ابتعادًا ملموسًا، وهما ضفة أولى تعبر عن واقع حال الأمة العربية كلها في الحاضر الذي تعيشه ونحياه في ألم وحسرة ومهانة وذلة، وبين ضفة أخرى هي طموح كل الشعوب العربية والأجيال العربية الفتية، التي ترغب في أن تعيش قي عزة وكبرياء وشمم، والعملة الخليجية الموحدة لا تقف عند مجرد الهوية العربية والحفاظ عليها بل هي أداة فعل وتفعيل ومفاعله غبر محدودة في اقتصاد عالمي دخل إلى مرحلة العولمة الاجتياحية التي تجتاح كل شيء، ولا يقف أمامها حواجز فاصلة أو جدران عازلة بل تذوب أمام تيارها المتدفق كافة القيود والحدود.
لقد كان يوما ما الدينار العربي الذهبي المصكوك في دولة العروبة الإسلامية الممتدة شمالا وجنوبا وشرقا وغربا في أسيا وأفريقيا وأوروبا، كان هذا الدينار العملة السائدة والمسيطرة في التعاملات والمبادلات التجارية، وكانت الدولة الأموية وخليفتها الدولة العباسية وما يتبعها من دول حريصة تمام الحرص على سيادة نظامها النقدي ليس فقط داخل أراضيها بل خارج أراضيها أيضا، ومن يتابع كنوز الممالك والدول الأخرى التي تم العثور عليها سيرى أن من بين أثارها المكتشفة، والمحتفى بها في متاحفها العملات الإسلامية الذهبية التي كان أفرادها وتجارها يستخدمونها في معاملاتهم ومبادلاتهم، وفي مخزون القيمة، وفي عمليات التداول والإدانة والاستدانة وفي عمليات استيفاء ديونهم.
إن العملة الخليجية الموحدة هي طوق النجاة، وأداة الإنقاذ للأمة العربية ولدول مجلس التعاون الخليجي لكي تحذوا الدول العربية حذو منهج هذه الدول، فهذه العملة المقترحة تعد وسيلة تنبيه وإيقاظ وصحوة قوية لبعث الهمة وشحذ الإرادة العربية نحو الوحدة، وهي بمثابة معالم طريق ممتد ومتوغل في حاضر شديد الإزعاج ومثير للقلق والتوجس إلى آفاق مستقبل مشرق ومفعم بالأمل الوثاب إلى الحياة الأجود والأفضل والأحسن، وبالتالي فإن العملة الخليجية الموحدة ليست خيار يخضع للقبول أو الرفض وليست أمل بين اليأس والرجاء، بل هي فوق هذا كله، حتمية من حتميات التواجد العربي والخليجي في عصر عولمة الاقتصاد.
ومن هذا العرض يتضح لنا أن العملة الخليجية الموحدة حلم طال انتظاره، وذلك لأن التطورات السياسية والاقتصادية المتسارعة إقليميًّا وعالميًّا تفرض تحديات على دول الخليج تجاه الإسراع في وحدتها السياسية والاقتصادية، وآيا كانت طبيعة الجدل القائم حول الوحدة النقدية الخليجية فإن المؤكد أن الأمر يتوقف على مدى جدية دول الخليج، ورغبتها في أن تصبح واحدًا يستطيع أن يحدد موقعه بوضوح على خريطة العولمة.
[1]المادة الثانية والعشرين من الاتفاقية الاقتصادية الموقعة بين دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية غداة تأسيسه عام 1981. الأمانة العامة لمجلس التعاون لدول الخليج العربية: الاتفاقية الاقتصادية بين دول مجلس التعاون، (الرياض: الأمانة العامة، 2004).
[2]المادة الرابعة من الاتفاقية الاقتصادية الموقعة بين دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية غداة تأسيسه عام 1981. الأمانة العامة لمجلس التعاون لدول الخليج العربية: الاتفاقية الاقتصادية بين دول مجلس التعاون، (الرياض: الأمانة العامة، 2004).
[3] اعتمدنا في الاقتباسات من البيانات الختامية للمجلس الأعلى لمجلس التعاون لدول الخليج العربية على الكتاب الصادر عن الأمانة العامة لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية: البيانات الختامية لدورات المجلس الأعلى من الدورة الأولى إلى الدورة 29 (الرياض: الأمانة العامة 2009)، والبيانات الختامية لدورات المجلس الأعلى من الدورة 23 إلى الدورة 31 (الرياض: الأمانة العامة، 2010).
[4] دستور دولة الإمارات العربية المتحدة، (أبو ظبي: المجلس الوطني الاتحادي، 2000).
[5] المصدر السابق، المادة 101.
[6]عبد المنعم محمد داوود: مجلس تعاون دول الخليج، (الإسكندرية: منشأة المعارف، 1988)، ص 105ــ107.
[7]حيث كانت السلطات النقدية البريطانية حتى يونيه 1959 تقف على استعداد دائم لتزويد تلك الأقطار بحاجتها من النقد المتداول وتامين تحويل النقد إلى الجـــنيه الإسترليني، أما السعودية فقد أصدرت عملتها الخــاصة (الريال السعودي الفضي) عام 1927 ووضعت بذلك حدا للفوضى التاريخية التي ظلت تعاني منها فترة من الزمن. عبد المنعم السيد على: التطور التاريخي للأنظمة النقدية في الأقطار العربية، (بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية، 1983)، ص 85، 86.