array(1) { [0]=> object(stdClass)#12962 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

الإرهاب من وجهة نظر جورج تينيت

الجمعة، 01 تموز/يوليو 2011

أكد مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية السابق جورج تينيت في مذكراته أنه وإدارته كانوا يتوقعون أعمالاً إرهابية ضد الولايات المتحدة الأمريكية، وقال إن تَعرُضُنا إلى هجمات إرهابية قبل 11/9/2001م كان أمراً محتملاً، فعناوين ومانشيتات الصحف والمجلات كانت تعبر عن ذلك باستمرار، حيث إن ظهور قضية الإرهاب على الساحة بدأ بتفجير ثكنات مشاة البحرية في بيروت في أوائل الثمانينات من القرن الماضي.

بهذا التحديد فكأنما أراد تينيت أن يبرئ بلاده وإسرائيل وقوى الاستعمار والنازية والفاشية من صفة الإرهاب ومن تصرفاتهم الإرهابية، ويتطوع ليمنحهم شهادة براءة على أنهم أبرياء لم يسبق لهم أن مارسوا الإرهاب والإجرام والعدوان، وأن ضحايا الحربين العالميتين ليسوا أبرياء. وهذا الخلط قصد منه أن يتوافق مع خلط ومكر ونفاق إدارته بخصوص موضوع الإرهاب، ثم يتابع قائلاً:

* أعلنت وكالة المخابرات في عام 1993م أن أسامة بن لادن أحد كبار ممولي الحركات الإرهابية الإسلامية في البوسنة وكشمير والأردن وتونس والجزائر واليمن.

* كانت تنافس أسامة بن لادن (يو.بي.إل. وهو رمز ابن لادن لدى الوكالة) عشرات الجماعات الأخرى، لكي تحظى هي الأخرى بالاهتمام، كحركة حماس والجهاد المصرية. ومرة أخرى ينافق ويدلس تينيت حين يقزم المقاومة لتحرير الأوطان على أنها نوع من لفت الانتباه.

* أدركنا جميعاً في الوكالة والإدارة عام 1996م، أن أسامة بن لادن أصبح زعيم منظمة إرهابية عالمية، وأنه يريد ضرب الولايات المتحدة الأمريكية في عقر دارها، وأن (القاعدة) تحاول الحصول على مواد لتصنيع أسلحة كيماوية وبيولوجية وإشعاعية ونووية، وأن ابن لادن قام بشراء خدمات فيزيائي مصري للعمل في هذه المشاريع، وأن تجاربه تركزت حول إنتاج غازات سامة لاستخدامها ضد القوات الأمريكية المنتشرة في المنطقة. وأبلغنا أحد المنشقين عنه أن ابن لادن أرسل قبل ثلاث سنوات بعض رجاله للعمل كمستشارين لدى محمد فارح عيديد في الصومال، وأن انسحاب قواتنا من الصومال ألهب حماسته حين قال: إن الولايات المتحدة الأمريكية نمر من ورق، يمكن هزيمته على نحو أسهل مما كان عليه الحال مع الروس في أفغانستان. ونقلت صحيفة (الاندبندنت) البريطانية في يوليو 1996م تصريحاً منسوباً إليه يعتبر أن هجمات (الخبر) هي بداية الحرب بينه وبين الولايات المتحدة الأمريكية.

* رحل أسامة بن لادن إلى باكستان في 19/5/1996م بعد أن شعر بالخطر من وجوده في السودان، ثم اتجه إلى أفغانستان ليتحالف مع الملا عمر زعيم طالبان.

* أقامت الوكالة محطة واحدة أعطيناها اسم محطة الفضيلة، ثم اسماً كودياً آخر هو محطة (أليس). وهذه المحطة عهد إليها بتولي حلقات تمويل الإرهاب، واستطاعت هذه المحطة في عام 1999م تجميع كل ملامح الصورة عن أسامة بن لادن لتقدمه للوكالة كآلة للشر، وليس مجرد شخص أحمق تكتظ جيوبه بالمال. (وهذا الكلام معناه أن ابن لادن بريء من الإرهاب).

تينيت: لولا بيروقراطية إدارة بوش لكان من الممكن تفادي وقوع أحداث الحادي عشر من سبتمبر

* أثناء حرب أسامة بن لادن على الروس أو المغامرة السوفييتية الفاشلة في أفغانستان، لم تكن لوكالة المخابرات المركزية أي اتصالات مع أسامة بن لادن. والمضحك في كلام جورج تينيت أنه يصف حرب الروس في أفغانستان على أسامة بن لادن الذي يعتبره زعيم الإرهاب بالمغامرة الفاشلة وليست بحرب على الإرهاب. (وهذا هو المكر والكذب والنفاق والخداع).

* حين عاد أسامة بن لادن إلى المملكة العربية السعودية في أوائل التسعينات من القرن الماضي لم يرحب به، ولم يكن مرغوباً وجوده في السعودية من قبل السلطة هناك، التي نزعت عنه الجنسية السعودية عام 1994م. فذهب إلى السودان حيث لاقى ترحيباً أكثر حرارة، ودعاه حسن الترابي لكي يتولى تدريب المقاومين الشماليين للتصدي للانفصاليين المسيحيين في الجنوب، وإقامة شركات اقتصادية وتجارية ومشاريع زراعية وصناعية في السودان.

* طرحت عملية اغتيال ابن لادن من قبل الوكالة في عهد كلينتون، لكن المعضلة هي صعوبة تحديد مكانه، ولذلك كانت وجهة نظري هي هجوم كاسح على مراكز تدريب (القاعدة) ومعاقلها لتدمير التنظيم برمته كإجراء وقائي، واستمت من أجل ذلك، لكن لم يستمع إلي أحد من كلتا إدارتي بيل كلينتون وجورج بوش الابن.

حاول تينيت في مذكراته أن ينسب لنفسه النجاح في أفغانستان بينما ينسب الفشل إلى غيره في العراق

ويستغرب جورج تينيت لجوء بعض أفراد إدارة الرئيس السابق جورج بوش إلى التعبير عن صدمتهم إزاء حجم وطبيعة هجمات الحادي عشر من سبتمبر، حيث يسهب في فضحهم وتعريتهم بسرده للحقائق الدامغة. قائلاً:

1- حذرتهم تكراراً ومراراً وفي كل مناسبة، وحتى قبل سنوات من وقوعها، من خطر تنظيم القاعدة، وبذلت كل ما بوسعي لكي ألفت انتباههم إلى هذا التنظيم وتهديداته.

2- في عام 1995م نشرت الوكالة تقديرات المخابرات القومية، بعنوان (التهديد الإرهابي الخارجي داخل الولايات المتحدة). وحذرنا من تنامي خطر الراديكاليين الإسلاميين، وقدرتهم على شن هجمات داخل أمريكا. وحددنا الأهداف المحتملة للهجوم وهي: الرموز الوطنية كالبيت الأبيض، والكونغرس، والرموز الرأسمالية كحي المال وول ستريت. وحددنا أيضاً الأدوات التي ستستخدم، وأنها ستكون الطائرات المدنية كهدف مغر لهذه الهجمات. وأكدنا ذلك التقرير بتقرير آخر عام 1997م، وبجلستي الاستماع بنفسي أمام الكونغرس عامي 1997-1998م، ومن قبل أن يصدر أسامة بن لادن فتواه بقتل الأمريكيين وحلفائهم في شتى بقاع العالم سواء أكانوا من العسكريين أم المدنيين.

3- قدمت للرئيس كلينتون في ديسمبر عام 1998م ملخصاً استخباراتياً بأن ابن لادن يستعد لخطف طائرات ركاب وشن هجمات.

4- أرسلت لكبار المسؤولين عن شركات الطيران ما بين الأول من إبريل وحتى 11 سبتمبر 2001م ما يصل إلى 105 موجزات استخباراتية تحمل التحذيرات نفسها.

5- بح صوتي من كثرة نداءاتي لإدارة كلينتون لكي تستمع إلي بعد تفجيرات سفارتينا في نيروبي ودار السلام، وتفجير المدمرة كول (U.S.S) في اليمن بتاريخ 12/10/2000م، وأنا أطالب بضرورة الذهاب إلى معاقل القاعدة في أفغانستان لتدميرها، وبينت لهم أن الانتظار والتأخر ليس في صالحنا، وأكدت للجنة التحقيق في هجمات سبتمبر حرفياً: أن الولايات المتحدة الأمريكية تقاعست عن الرد على الهجوم على المدمرة (كول).

6- قرأت وكالة المخابرات ((C.I.A هجمات 11/9/2001م قراءة صحيحة ودقيقة قبل وقوعها. وفي أول جلسة لي مع مستشارة الأمن القومي كونداليزا رايس في 29/1/2001م عرضت لها تهديدات (القاعدة)، وقدمت لها الحل لدرء الخطر، وهو ضرب معاقل القاعدة في أفغانستان بالصواريخ، مع تحييد باكستان أولاً، ثم الدفع ببرويز مشرف للتعاون معنا ثانياً، مع دعم تحالف الشمال بزعامة أحمد شاه مسعود لمواجهة باكستان وإسقاط طالبان. وبقيت منذ تلك اللحظة أدق ناقوس الخطر باستمرار في كل اجتماع وبشكل متكرر، وقدمت لها تحذيرات عديدة مرات عدة بأن الهجمات باتت وشيكة، وأهمها وأخطرها وآخرها قبل وقوعها، ولولا بيروقراطية إدارة بوش لكان من الممكن تفاديها.

7- حذر رايس مساعدها ديك كلارك مسؤول مكافحة الإرهاب في مجلس الأمن القومي التي تتولى رئاسته، والذي انزعج هو الآخر مثلي من عدم اهتمام إدارة بوش بقضية الإرهاب، وقدم كلارك مذكرة عاجلة أوصى فيها باتخاذ إجراءات فورية ضد تنظيم القاعدة وهي بعنوان (استراتيجية الحد من تهديد الشبكات الجهادية للقاعدة.. الوضع الراهن وسبل المواجهة)، وأوصى بنفس ما كنت أوصي به، وأبدى مخاوفه من احتمال وجود عناصر نشطة للقاعدة داخل الولايات المتحدة الأمريكية، ثم أرسل كلارك مذكرة أخرى إلى رايس بتاريخ 25/1/2001م، يبلغها بالحاجة الماسة لعقد اجتماع عاجل لقيادات مجلس الأمن القومي لبحث استراتيجية مواجهة القاعدة، لكن لم يعقد الاجتماع.

8- في مارس 2001م سلمت ستيفن هادلي نائب رايس في مجلس الأمن القومي قائمة بصلاحيات تريد الوكالة الحصول عليها لمطاردة ابن لادن، لكنه بعد يومين طُلب مني سحب الطلب، وأخبرني بأن الإدارة ستعيد النظر في سياستنا تجاه القضية برمتها. لكن لم ينفذ منها شيء.

9- بتاريخ 30/5/2001م اصطحبت معي إلى اجتماعي الأسبوعي مع رايس نائبي جون ماغلوكين وكوفر بلاك رئيس مكافحة الإرهاب في الوكالة ومساعده ريتش بي. وعرض ريتش في الاجتماع المؤشرات والأدلة على أن هناك هجوماً وشيكاً وقادماً ضد الولايات المتحدة الأمريكية، وكان ما عرضه مرعباً حقاً، وحضر مع رايس ديك كلارك وماري ماكارثي، وأبلغنا رايس بأن أحد كبار نشطاء (القاعدة) ويدعى (أبو زبيدة) يخطط لمهاجمة طائرات ركاب، وقدم كوفر قائمة بمخططات للقاعدة تمكنت الوكالة من رصدها، وهجمات ستنفذها القاعدة على أهداف داخل الولايات المتحدة الأمريكية.

10- بتاريخ 10/7/2001م وبفعل تلال التقارير المرعبة التي لا تقبل الدحض، والتي يشيب لهولها شعر الرأس، اتصلت هاتفياً برايس طالباً عقد لقاء معها لاطلاعها على تهديدات (القاعدة)، وبدأت الاجتماع بجملة استهلالية هي: هناك هجوم إرهابي كبير سيقع في الأسابيع أو الشهور المقبلة. وعرض ريتش بي الذي اصطحبته معي هو وكوفر رسماً توضيحياً لتجمع سبع معلومات استخباراتية خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية، وكلها تتنبأ بهذا الهجوم. وقال ريتش بي: إن الاستعدادات للهجوم قد تمت بالفعل، وأن الهجمات يمكن أن تكون متعددة ومتزامنة ومن دون تحذير مسبق أو محدد، وأن (القاعدة) تنتظر وتبحث عن نقطة ضعف لاستغلالها. وهنا طرحت رايس السؤال المتوقع: ماذا يتعين علينا أن نفعل؟ فرد كوفر على الفور: هذا البلد بحاجة الآن إلى الانتقال إلى وضع الحرب. وعادت رايس لتسأل: وما الذي يمكننا عمله للانتقال إلى وضعية الحرب؟ ولا أدري ما إذا كان الرد جاء على لساني أم على لسان كوفر: علينا أن نحصل على الصلاحيات التي سبق وتقدمنا للمطالبة بها في شهر مارس الماضي، لكن قبل ذلك يتعين على الرئيس بوش تعديل سياسته بما يتوافق مع الوضع الجديد. وهو ما أكدت رايس أنه سيحدث، لكن بيروقراطية إدارة بوش حالت دون منحنا الصلاحيات وذهبت آمالنا أدراج الرياح. وذلك رغم توالي التقارير والمعلومات الاستخباراتية على التوالي حتى تاريخ 10/9/2001م والتي تؤكد أن هجوماً كبيراً سيقع.

حاول تينيت التدليس في مذكراته والخلط بين الإرهاب والمقاومة الوطنية المشروعة

11- سعت (القاعدة) ما بين عامي (2002-2003م) إلى شراء أسلحة نووية من روسيا، إلا أننا تمكنا من إحباط العملية. ورغم ذلك فالقاعدة لا تزال تبحث عن سلاح نووي، وهذا هو التهديد الرئيسي، لأنهم يدركون أنه في حال نجاحهم في ذلك سيغيرون التاريخ.

12- لقد حاول كبار المسؤولين في إدارتين خدمت فيهما (بيل كلينتون + جورج بوش) أن يفعلوا ما يرونه الأفضل للولايات المتحدة الأمريكية، ويتعين أن يدور النقاش حول نتائج عملهم، والوسائل التي اتبعوها، وينبغي ألا يكون النقاش حول دوافعهم.

وقال جورج تينيت عن أحداث 11/9/2001م: (في صبيحة ذلك اليوم الذي غيّر كل شيء بما فيه حياتنا ووجه أمريكا، كنت أتناول فطوري مع السيناتور الأنيق ديفيد بورين في فندق سانت ريغس بواشنطن حوالي الساعة 8:30، وكان الرئيس بوش في فلوريدا حيث لا تقرير يومياً لأقدمه له بسبب سفره، وكان ديفيد هو من انتقاني من العدم عام 1987م لأخدم كرئيس أركان لجنة الاستخبارات التابعة لمجلس الشيوخ التي كان يترأسها. وما كدت ألتقيه، حتى هرع إلي تيم وورد مرافقي والمسؤول عن حراستي، وملامح القلق بادية على محياه، فانتحيت بجانبه، وأبلغني بأن طائرة اقتحمت البرج الجنوبي لمركز التجارة العالمي، فأبلغت بورين بهذا الخبر، وتساءل عما إذا كان زكريا موسوي متورطاً في هذه الهجمات، وهرعت بسيارتي إلى مكتبي، واتصلت وأنا في الطريق برئيس أركاني جون موسيمان، وطلبت منه جمع كبار ضباط الأركان لعقد اجتماع فوري. وفي الساعة العاشرة طلبنا من موظفينا بالوكالة العودة إلى منازلهم، وحاولت الاتصال بمايك موريل الذي كان مسؤولاً عن استقبال موجزي الاستخباراتي للرئيس عندما لا يكون الرئيس في واشنطن. لكنه لم يكن موجوداً، حيث كان برفقة الرئيس. وأبلغني مايك موريل فيما بعد بأنه ومستشار الرئيس بوش كارل روف والمتحدث باسم البيت الأبيض آري فليتشر كانوا يركبون سيارة الغولف الصغيرة، عندما تلقى آري مكالمة تسأله عما إذا كان يعرف أي شيء عن أن طائرة ضربت مركز التجارة. وعلى الفور طلب مايك مركز عمليات الوكالة، فردوا عليه بأن الطائرة لم تكن صغيرة. بينما كان مايك الذي شاهد الهجوم على البرج الثاني ينتظر انتهاء بوش من لقائه مع تلاميذ وأساتذة المدارس الابتدائية. وعلى متن طائرة الرئاسة، سأل الرئيس بوش مايك: عما إذا كانت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين هي فعلاً مدبرة الهجمات. فرد عليه مايك: ليس محتملاً، فالجبهة الشعبية ليست لديها الإمكانات لعمل هذا). ويتابع تينيت كلامه فيقول في مذكراته:

1- استنسخت أسماء ركاب الطائرات فوجدت أنه ما من شك في أن تنظيم القاعدة وراء هذه الهجمات.

2- اتصل معي نائب الرئيس ديك تشيني ليسألني عما إذا كنت أتوقع المزيد من الهجمات؟ فأجبته بالنفي، لأن تجربتنا مع القاعدة تثبت أنها ستكتفي بهذا القدر في هذا اليوم.

3- وبعد عودة الرئيس بوش سألني عمن نفذ هذه الهجمات، فأجبته كما أجبت تشيني: (القاعدة).

4- عندما أبلغت الرئيس عن المحضار والحازمي، صرخ في وجه مايك موريل قائلاً: كان من المفترض أن أكون أول من يعلم. وكان الرئيس رابط الجأش ومحتفظاً بتركيزه، وألقى خطابه للأمة الساعة 8:30، من اليوم نفسه، ضمنه ما أصبح يعرف بمبدأ بوش. وهذا المبدأ يعني بالنسبة لنا أن القيود التي طالما فرضت علينا، وغلّت أيدينا، قد رفعت أخيراً. والحادث صقل رأس بوش، وحوله بطريقة لم يكن أحد ليتنبأ بها، حيث شهدت قيادته التالية اختلافاً هائلاً.

5- فوجئ جورج بوش عند إقرار الحرب على أفغانستان بأن وزارة الدفاع (البنتاغون) لم تكن لديها خطة جاهزة لمهاجمة القاعدة وطالبان في أفغانستان متى حانت أو سنحت اللحظة المناسبة، وشعر بخيبة أمل. وهنا ركزت كمدير للوكالة على أن المخابرات هي التي ستقود هذه الحرب، وليست القوة العسكرية المطلقة فقط. (وهنا على ما يبدو يريد تينيت أن ينسب إلى نفسه النجاح في أفغانستان، بينما ينسب الفشل إلى غيره في العراق. ولا ندري ما هو حاله الآن ونجاحه يتآكل في أفغانستان وباكستان).

تينيت: لولا بيروقراطية إدارة بوش لكان من الممكن تفادي وقوع أحداث الحادي عشر من سبتمبر

6- بلورنا خطة من جديد يوم الجمعة بتاريخ 14/9/2001م. وعرضتها في 15/9/2001م في اجتماع كامب ديفيد حضره الرئيس ونائبه تشيني ووزير الخارجية باول ومعاونه ريتشارد أرميتاج ووزير الدفاع رامسفيلد ونائبه بول وولفويتز ورايس وستيفن هادلي وجون أشكروفت المدعي العام وروبرت موللر المدير الجديد لمكتب التحقيقات الفيدرالي. وكان عنوان الخطة (تدمير الإرهاب الدولي)، أما عنوان الصفحة الأولى فكان (الهدف الأول المطلوب اصطياده: تدمير القاعدة وإغلاق الملاذ الآمن). وقد عرضنا على الرئيس جزءاً من الخطة التي تتضمن:

* استغلال علاقاتنا مع الدول المجاورة لأفغانستان لإغلاق حدودها لمنع أعضاء (القاعدة) من الهرب والنجاة.

* الحصول على تسهيلات عسكرية من الدول المجاورة كأوزبكستان وباكستان.

* استخدام صلاتنا بدول العالم لاقتفاء أثر مصادر تمويل (القاعدة).

* رصد المنظمات غير الحكومية وكذلك الأفراد الذين يمولون العمليات الإرهابية.

* إغلاق قواعد التنظيم الإرهابي في 92 دولة.

7- انصاع الرئيس برويز مشرف لإملاءاتنا، وعرضت دول كثيرة تقديم المساعدة لنا في حربنا.

8- في 16/9/2001م قمت بتوزيع مذكرة داخلية على العاملين في الوكالة عنوانها (نحن في حالة حرب)، وأن عليهم تحمل مسؤولياتهم، فالقواعد قد تغيرت، وعهد البيروقراطية قد مضى.

9- في 20/9/2001م ألقى الرئيس بوش خطاباً أمام جلسة مشتركة لمجلسي الكونغرس والنواب، قال فيه: حربنا على الإرهاب ستبدأ بالقاعدة، لكنها لن تنتهي عند هذا الحد، لن تنتهي إلا بالوصول إلى كل الجماعات الإرهابية وفي أي مكان بالعالم وتوقيفها وتدميرها.

10- يخطئ من يتصور أن الحرب على الإرهاب اقتصرت على المخابرات والجيش والطيران والبحرية فقط، أي على المؤسسة العسكرية والمؤسسات ذات الصلة الوثيقة بها. فقد أشرفت الوكالة على اجتماعات تضم العناصر القيادية في مجالات لا تخطر على بال أحد. فحول موائد الاجتماعات، وفي قلب اجتماعات الوكالة التي دارت حول كيف يمكن استهداف العدو في شتى أنحاء العالم، كانت هناك رموز الفن والثقافة الأمريكية، والقيادات المسؤولة عن استوديوهات السينما، وحدائق الترفيه، والمراكز الرياضية، والمرافق الكبرى كالمطارات والموانئ والجسور، والمسؤولون عن المقار الرئيسية للمؤسسات الاقتصادية الكبرى، والعناصر المكونة للنظام الاقتصادي الأمريكي، بما في ذلك قطاع الطاقة، والمسؤولون عن الرموز الأمريكية الشهيرة، بما في ذلك تمثال الحرية، وجبل راشمور، ومتحف واشنطن، والمسؤولون عن شبكات الاتصالات العالمية، وفي مقدمتها الإنترنت، والتعاملات المصرفية الإلكترونية، وجاك فالنتي رئيس رابطة السينما الأمريكية، ومايكل أيزنر من شركة ديزني، وغاري بينمان المفوض الوطني للرابطة الوطنية لرياضة الهوكي، وديفيد شتبرن مفوض الاتحاد الوطني لكرة السلة. وكنت أهيب بهم أن يتأكدوا من سلامة إجراءات الأمن في مواقعهم، وأن يشاركوا من خلال أنشطتهم في الجهود المبذولة لدعم حربنا على الإرهاب على أوسع نطاق كل في مجال عمله وتخصصه.

11- في الحرب على الإرهاب، فإن الحكومة الأمريكية ضلّت طريقها وهي تسير نحو بغداد، بعد أن أظهرت أداءً رائعاً عندما اجتاحت معاقل (القاعدة) في أفغانستان بعد 11/9/2001م، وقد اضطلعت وكالة المخابرات المركزية بمهمة ضخمة وشجاعة عظيمة وتصميم لا يصدق.

12- صباح 12/9/2001م وأثناء اجتماعنا مع الرئيس بوش فوجئت بريتشارد بيرل الملقب بالأب الروحي لحركة المحافظين الجدد، ويشغل منصب رئيس هيئة سياسات الدفاع، وهي مجموعة استشارية مستقلة تتبع وزارة الدفاع، يقول في الاجتماع: على العراق أن يدفع ثمن ما حدث بالأمس، العراق يتحمل المسؤولية. وكانت هذه هي المرة الأولى التي يطرح فيها اسم العراق. وبعد فترة فوجئت بأن قرار الحرب على العراق قرار قديم، ومعد سلفاً من جانب صقور ومحافظي إدارة الرئيس جورج بوش حتى قبل وصولهم إلى البيت الأبيض، لكن الموعد الذي أصبح فيه غزو العراق أمراً محتماً سيظل أحد أكبر الألغاز بالنسبة لي وللكثيرين مثلي.

13- بعد 11/9/2001م، حاول معظم مسؤولي الرئيس جورج بوش إخفاء ومداراة فشلهم في التعامل مع التحذيرات التي أطلقتها وكالة المخابرات المركزية من تنظيم القاعدة، باختلاق صلة تربط العراق وأسلحة دماره بتنظيم القادة، وتلاعبوا بعواطف الأمريكيين، واستغلالها عاطفياً من خلال رسالة ركزوا عليها، وفحواها: (نحن لن نسمح أبداً بأن يفاجئنا أحد كما حدث في 11/9/2001م، وأننا في حالة العراق إذا ما تآكلت العقوبات، واستمر صبر المجتمع الدولي على صدام، فسوف نستيقظ ذات يوم لنجد بحوزته سلاحاً نووياً، وحينها لن نكون في وضع يسمح لنا باحتواء تهديداته).

14- أبلغني ضابط عسكري كبير كان برفقة دوغلاس فيث في أوروبا وقت هجمات 11/9/2001م، بأنه أثناء عودتهم السريعة على متن طائرة عسكرية في اليوم التالي للهجمات بأن الضابط قال لدوغلاس فيث: إن (القاعدة) هي المسؤولة عن هجمات اليوم السابق، وأنه لابد من القيام بحملة عسكرية كبرى ضد معاقلها في أفغانستان. وكم كانت صدمة الضابط كبيرة عند سماعه فيث وهو يرد عليه قائلاً: الحملة يجب أن تتجه على الفور إلى بغداد.

15- في اجتماعاتنا مع الرئيس جورج بوش في كامب ديفيد فور وقوع هجمات 11/9/2001م، كان لدى بول وولفويتز وريتشارد بيرل إصرار غريب على إدراج صدام حسين في لائحة من تشملهم عملية الرد على هذه الهجمات. بينما لم يظهر في هذا الاجتماع على رامسفيلد تأييده لهذا الربط، على عكس نائبيه المتحمسين مع كونداليزا رايس.

16- الأعمال الإرهابية التي نفذتها (القاعدة) أطلعت عليها الجميع بمن فيهم تشيني ووولفويتز ورايس.

17- في الوقت الذي كنا منشغلين فيه بالمتطرفين حول العالم وحربهم ضدنا، كان أفراد إدارة الرئيس جورج بوش منشغلين بربط صدام حسين بالإرهاب وبتنظيم القاعدة.

18- نشرت مجلة (ويكلي ستاندرد) في عددها الصادر بتاريخ 24/11/2003م افتتاحية بعنوان (القضية حسمت). تركز على مذكرة بالغة السرية كشفت عنها المجلة، وكان قد بعث بها دوغلاس فيث أحد أقطاب المحافظين الجدد وبات روبرتس رئيس لجنة استخبارات مجلس الشيوخ قبل أسابيع من نشرها للموضوع، يؤكد فيها أن جميع التقارير المخابراتية الموثوق بها، والشاملة والمفصلة، والتي تم جمعها من مصادر مختلفة، تؤكد وجود صلة عملياتية بين أسامة بن لادن وصدام حسين تعود إلى أوائل التسعينات من القرن الماضي. والمعلومات الواردة في المذكرة، قام فيث وليبي بتحريفها وتوجيهها بحيث تخدم في النهاية الهدف المطلوب، الذي يسعى إليه تشيني وشلته منذ البداية، وهو تبرير الحرب على العراق من خلال إدانة نظام صدام حسين بتهمة الإرهاب، والربط بينه وبين تنظيم القاعدة.

تينيت يرى أن الحكومة الأمريكية ضلت طريقها في حربها على الإرهاب وهي تسير نحو بغداد

وأعرب جورج تينيت في مذكراته عن فخره بالكثير من الأشياء التي عملها أثناء أداء مهامه الوظيفية، وأشياء كان يتمنى عملها، وأخطاء ارتكبها، ولقد كانت لديه الفرصة ليخدم بلاده وبذل ما بوسعه لكي يحافظ عليها آمنة وقت الشدائد، ويخلص إلى النتائج التالية:

* إنني من موقعي كنت أرى موجة المد الإرهابي، وأرى أيضاً وكالة المخابرات حيث يعمل مجموعة صغيرة من المحاربين في عزلة من دون تمويل، ويسبحون جميعاً وحدهم ضد هذا المد الإرهابي، ويدقون ناقوس الخطر، يحذرون، يردعون، يَقُضون مضاجع حركة إرهاب عالمية ويحاولون تدميرها. والحركة الإرهابية تعمل في سبع دول تقريباً، وتصر على تدمير بلادي.

* إنني ووكالتي تمكنا من تجريد دولة مارقة من أسلحة دمار شامل من دون أن نطلق رصاصة، وأتينا بأخطر دولة تنشر أسلحة دمار شامل إلى حيث العدالة.

* كان لدى الوكالة من الموارد ما يجعلها تضطلع بمهامها الخاصة بمواجهة حمى الإرهاب.

* رغم حاجة الوكالة لمزيد من التمويل لمواجهة تهديدات (القاعدة) المتزايدة، وزرع الجواسيس داخل التنظيم، إلا أن المحصلة كانت مخيبة للآمال.

* لدى تركي منصبي في تموز 2004م أصبحت بلادي بفعل جهود الوكالة أكثر أمناً مما كانت عليه قبل أحداث 11/9/2001م.

* إن لجنة التحقيق التابعة للكونغرس بأحداث 11/9/2001م، خلصت إلى نتيجة مفادها أن منع حدوث الهجمات أمر مستبعد.

* حرب بلادي على الإرهاب لن يكتب له النجاح ما لم:

1- تقتحم مشكلات البيئة التي يتربى فيها هؤلاء الإرهابيون.

2- أن تكون في هذه البيئات حكومات أمينة، وتجارة حرة، وتنمية اقتصادية، وإصلاح في التعليم، وحرية سياسية، واعتدال ديني.

3- تشجيع العالم الإسلامي على إجراء حوار داخلي لحل مشكلاته وقضاياه.

4- على الغرب وبلاده تحمل مسؤولياتهم بمساعدة هذه البيئات مالياً لحل مشكلاتها.

ونسأل بدهشة واستغراب: ما سر صمت السلطة التشريعية والقضاء الأمريكي والصحافة عن هذه الفضائح في حرب بلادهم على الإرهاب، خاصة بعد أن ذكر وحدد جورج تينيت الأسباب بالتفصيل بمذكراته؟ أم أن قيم الحرية والديمقراطية وحرية الصحافة والقضاء التي يتبجح بها في المجتمع الأمريكي ليس لها من وجود؟

مجلة آراء حول الخليج