array(1) { [0]=> object(stdClass)#12962 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

العدد 162

استثمارات دول الخليج في إفريقيا (100) مليار دولار والتبادل التجاري بلغ (70) مليار دولار

الأحد، 30 أيار 2021

تُشكل العلاقات التاريخية والروابط الاجتماعية بين الدول العربية والإفريقية والتقارب الجغرافي والتنوع في امتلاك الموارد الطبيعية لاسيما النفط والغاز والمعادن، والحجم السكاني الذي يمثل قرابة خمس سكان العالم مما يشكّل سوقاً تجارية كبيرة ومهمة لتبادل السلع، وركائز رئيسة للتعاون الاقتصادي العربي الإفريقي في مجالي التجارة والاستثمار في عالمنا المعاصر الذي تشكل فيه التكتلات أساس التعاون الاقتصادي.

     لقد نجحت الدول الخليجية في دخول الأسواق الإفريقية بقوة والاستثمار في قطاعات متنوعة تمثلت باستغلال الموارد الطبيعية والمعادن، وإنشاء شركات للاتصالات، وإدارة المطارات والموانئ البحرية، وفروع لمصارف، علاوة على الاستثمار الزراعي، وقد تخطت استثمارات دول مجلس التعاون في إفريقيا (100) مليار دولار. كما شهد التبادل التجاري للدول الخليجية مع الدول الإفريقية نمواً غير مسبوق خلال العقدين المنصرمين حتى وصل إلى (70) مليار دولار عام 2019.

     وسوف نتناول في هذا المقال أهمية التجمعات الاقتصادية في قارة إفريقيا، وبيان تطور العلاقات الاقتصادية العربية / الخليجية الإفريقية، واستعراض أهم المعوقات التي تحد من تطوير التبادل التجاري وزيادة حجم الاستثمارات الخليجية في الدول الإفريقية.

أولاً-أهمية وحجم التكتلات الاقتصادية الإفريقية في غرب وشرق القارة

    شهدت سنوات السبعينات والثمانينات من القرن العشرين إنشاء عدة تكتلات إقليمية لدعم التعاون والتكامل الاقتصادي بين الدول الإفريقية والتي ترمي جميعها إلى زيادة حجم التبادل التجاري البيني والحد من العراقيل الجمركية وغير الجمركية، ودعم التنمية الإقليمية عن طريق تنمية القطاع الاقتصادي، البنية الارتكازية وإطلاق مشاريع كبرى في القطاعات المصنعة، علاوة على العمل على حرية تنقل عناصر الإنتاج، ترقية التعاون النقدي.

       تعددت أشكال التجمعات الاقتصادية في مختلف مناطق القارة الإفريقية خلال العقود الستة المنصرمة حتى وصلت إلى (16) تكتلاً، الفاعلة منها فقط ثلاثة تجمعات هي: تجمع دول شرق إفريقيا"، و"التجمع الاقتصادي لدول غرب إفريقيا"، و"التعاون التنموي لدول جنوب إفريقيا".

جدول (1) أهم المجموعات الاقتصادية الإقليمية في إفريقيا

المنطقة

التكتلات الاقتصادية الإقليمية

غرب إفريقيا

- مجموعة التنمية الاقتصادية لغرب إفريقيا CEDEAO/ ECOWAS))

- الاتحاد الاقتصادي والنقدي لغرب إفريقيا (UEMOA)

- مجموعة دول الساحل الصحراوي (CEN-SAD)

وسط إفريقيا

- المجموعة الاقتصادية لدول إفريقيا الوسطى(CEEAC/ECCAS)

- المجموعة الاقتصادية والنقدية لإفريقيا الوسطى(CEMAC)

- المجموعة الاقتصادية لبلدان البحيرة الكبرى (CEPGL)

جنوب إفريقيا

- مجموعة تنمية إفريقيا الجنوبية (SADC)

- الاتحاد الجمركي لإفريقيا الجنوبية (SACU)

- السوق المشتركة لشرق وجنوب إفريقيا(COMESA)

شرق إفريقيا

- المجموعة الاقتصادية للشرق (EAC)

شمال إفريقيا

- اتحاد المغرب العربي ( (UMA

 

المصدر: مسعودي محمد، تجارب التكامل الاقتصادي في إفريقيا – دراسة حالة السوق المشتركة لشرق وجنوب إفريقيا، مجلة الحقيقة، جامعة أحمد دراية، الجزائر، العدد (35)، 2015، ص 388

 

     وغني عن البيان، فإن نقطة البداية في دعم عملية التكامل في القارة الإفريقية فيما يعرف بمخطط لاغوس الذي تم اعتماده في أبريل 1980م، لمواجهة تدهور الأوضاع الاقتصادية في إفريقيا والتي يستهدف تحقيق أربعة أهداف رئيسة هي:

  • تحقيق مستوى نمو اقتصادي قوي ومستدام، وبناء قاعدة موارد مستدامة.
  • العمل على إعادة بناء التركيبة الاقتصادية والاجتماعية.
  • تحقيق التكامل على المستوى الإقليمي والجهوي من خلال إعادة هيكلة القارة وتحويلها إلى وحدات اقتصادية إقليمية وجهوية تساهم في الاندماج في الاقتصاد العالمي.

     وفي الثالث من يونيو 1991م، تم تدشين عهد جديد في مسيرة التكامل الاقتصادي الإقليمي في إفريقيا، حيث تم التوقيع في أبوجا بنيجيريا على المعاهدة الاقتصادية الإفريقية بهدف وضع القارة على خطى التكامل الإقليمي، عن طريق تبني برنامج يمتد حتى عام 2040م، يتم فيها تأسيس الوحدة الاقتصادية الإفريقية بعملة موحدة، مع حرية انتقال عناصر الإنتاج وحرية حركية السلع والخدمات، وذلك وفق ستة مراحل:

المرحلة

الإجراءات 

الفترة الزمنية للإنجاز

المرحلة 1

إنشاء جماعات اقتصادية إقليمية في المناطق التي لا توجد فيها مثل هذه الجماعات وتغير القائم منها

1991- 1999

المرحلة 2 

تنسيق الأنشطة والموائمة بينها، والإزالة التدريجية للحواجز الجمركية وغير الجمركية على المستوى الإقليمي

2000-2007

المرحلة 3

إنشاء مناطقة التجارة الحرة والاتحادات الجمركية على المستوى الإقليمي

2008- 2017

المرحلة 4

إنشاء اتحاد جمركي على مستوى القارة

2018-2019

المرحلة 5

إنشاء سوق مشتركة على مستوى القارة

2020-2023

المرحلة 6

إنشاء اتحاد اقتصادي ونقدي

2024-2040

المصدر: موالدي سليم وآخرون، محولات التكامل الإقليمي الاقتصادي في إفريقيا: المعوقات والآفاق، مجلة الحقوق والعلوم الإنسانية-القسم الاقتصادي، جامعة عاشور زيان بالجلفة، الجزائر، العدد (38)، 2011، ص 131

 

    وتجدر الإشارة إلى أن هذه التجمعات حققت تقدماً نسبياً في عملية التكامل الاقتصادي الإقليمي، إذ سجل الاتحاد الجمركي لإفريقيا جنوب الصحراء، على سبيل الإبانة، تقدماً ملحوظاً في تحرير حركة عوامل الإنتاج من خلال إزالة الحواجز الجمركية والتجارية بين دول الاتحاد. كما نجح الاتحاد الاقتصادي والنقدي لغرب إفريقيا في إنشاء نظام لسياسات الاقتصاد الكلي.

   لكن يبقى المسار العام هو تواضع الإنجازات التي حققتها ظاهرة التكامل في إفريقيا، خصوصاً أن أرقام التبادل التجاري البيني لم تحقق تقدماً خلال العقد الماضي سوى بنسبة (5%). وفي حين لم تتخط التجارة البينية الإفريقية (15%) عام 2018م، بينما سجلت في أوروبا نحو (69%)، وفي آسيا (60%).

      واستجابة لضرورة تنويع اقتصاداتها بسبب انخفاض أسعار المواد الأساسية، أصبحت إفريقيا محرك النمو العالمي، وحسب دراسة أجرتها اللجنة الاقتصادية لإفريقيا، فإن نجاح إنشاء منطقة التجارة الحرة القارية التي بدء العمل بها في مطلع عام 2021م من شأنه أن يؤدي إلى زيادة حجم التجارة بين البلدان الإفريقية بنسبة (22%)، وسيضيف نحو (1000) مليار دولار إلى الاقتصاد العالمي.

ثانياً-العلاقات الاقتصادية العربية / الخليجية الإفريقية

   شهد التبادل التجاري الإفريقي العربي نمواً ملحوظاً خلال العقد الأخير. وبلغت صادرات إفريقيا نحو العالم العربي (%6.5) ‏من إجمالي صادراتها، كما بلغت صادرات العالم العربي إلى إفريقيا (5.3%) من أجمالي الصادرات العربية. إن تعزيز التبادل التجاري بين إفريقيا والعالم العربي من شأنه أن يسهم في تعزيز ثقل هاتين المنطقتين بصفة ملموسة في التجارة العالمية. أما بالنسبة لتجارة الدول الخليجية مع القارة الإفريقية، فقد شهدت ارتفاعاً غير مسبوق خلال الفترة (2005-2019م)، حيث ارتفعت من (5.6) مليار دولار عام 2005م، إلى (70) مليار دولار عام 2019م.

     وفي إطار تنمية العلاقات الاقتصادية والتجارية بين الدول العربية والدول الإفريقية قامت الدول العربية، بإنشاء المصرف العربي للتنمية الاقتصادية في إفريقيا عام 1974، ويستفيد من عملياته اليوم (44) دولة إفريقية – جنوب الصحراء. وطيلة عمله خلال الفترة (1975-2019م) قام المصرف بتنفيذ العديد من المشاريع في قطاعات النقل والمواصلات والزراعة والتنمية الريفية والمياه والصرف الصحي والصناعة والنقل والتعليم والصحة. والجدول التالي يُبين ذلك.

جدول (2) حصاد إنجازات المصرف العربي للتنمية الاقتصادية في إفريقيا (1975-2019)

 

القطاع/ المجال

الإنجازات

1

الطرق

15815 كلم من الطرق المعبدة

13102 كلم من الطرق الريفية

2

المياه والصرف الصحي

(126) عملية في 33 دول إفريقية

4829 كلم من شبكات المياه والصرف الصحي

3

الزراعة والتنمية الإفريقية

235428 هكتار من الأراضي المستصلحة

6295 بئر ماء

4

السكك الحديد

608 كلم من شبكات السكك الحديد

5

الموانئ

7 عمليات في 6 دول أفريقية

6

الصناعة

15 مشروع ومجمع صناعي في 12 دولة إفريقية

7

الطاقة

1328 ميجاواط طاقة مولدة

17503 كلم من شبكات نقل الطاقة

8

مطارات

16 مطار دولي

24 مطار داخلي

9

الصحة

12 مستشفى ومركز صحي

2623 سرير

10

التعليم

289 مؤسسة تعليمية (جامعات / معاهد/ مدارس)

1863 فصل دراسي

48433 طالب وطالبة سنوياً

المصدر: المصرف العربي للتنمية الاقتصادية في إفريقيا، التقرير السنوي 2019، الخرطوم، 2020، ص34

 

    وقد ساهم المصرف منذ العام 1995م، في رأس مال البنك الإفريقي للتصدير والاستيراد بمبلغ (10) ملايين دولار، كما وضع في عام 1997م، برنامجاً لتمويل الصادرات العربية إلى الدول الإفريقية وخصص له مبلغ (100) مليون دولار، وحتى انتهاء البرنامج في عام 2014م، بلغ إجمالي الموفقات (399.5) مليون دولار، سُحب منه ما يقارب (187) مليون دولار، وذلك لتمويل (29) عملية لصالح تنزانيا وغينيا وموريشيوس وزيمبابوي وسيشيل وزامبيا وكوت ديفوار وكينيا والسنغال وغامبيا استفادت بعضها بأكثر من عملية. ومنذ بداية عام 2015م، تمت إجازة برنامج تمويل التجارة الخارجية وخُصصت له مبالغ سنوية موضحة بالشكل التالي:

شكل (1) الصادرات العربية للدول الإفريقية بموجب نظام تمويل الصادرات العربية إلى الدول الإفريقية

 (2015-2019) مليون دولار

المصدر: المصرف العربي للتنمية الاقتصادية في إفريقيا، التقرير السنوي 2019، الخرطوم، 2020، ص28

   وبلغ المجموع التراكمي لعمليات صناديق التنمية العربية في الدول الإفريقية حوالي (37.2) مليار دولار لغاية 2018 م، شكلت ما نسبته (17%) من إجمالي عمليات هذه الصناديق توزعت على قطاعات الزراعة والتنمية الريفية والمياه وقطاعات البنية التحتية. كما بلغ إجمالي مساعدات مجموعة المؤسسات العربية لدول القارة أكثر من 100 مليار دولار خلال الفترة (1975-2019).

  وأطلقت المؤسسة الإسلامية لتمويل التجارة في ديسمبر 2020م، برنامج جسور التجارة العربية الإفريقية الذي يركز على زيادة تدفقات التجارة والاستثمار للأسواق الإفريقية والعربية، كما يستهدف البرنامج تعزيز قدرة المصدرين الحاليين وخلق جيل من المصدرين الجدد وتشجيع تطوير منتجات تصديرية جديدة في الأسواق الحالية وأسواق جديدة واعدة في إفريقيا.

ثالثاً-الاستثمارات الخليجية في إفريقيا

   تتنوع وتتعدد الفرص الاستثمارية في القارة الإفريقية التي يتوفر فيها قرابة ثلث الأراضي الصالحة للزراعة على الصعيد العالمي، علاوة على امتلاكها للثروات المعدنية والموارد السمكية والبحرية واحتياطات من النفط والغاز. وهذا دفع بالدول الخليجية إلى التوقيع على عشرات الاتفاقيات مع الدول الإفريقية في مجال الاستثمار الثنائي. وتركزت في نيجيريا وجنوب إفريقيا وكينيا وأوغندا. وبلغت الاستثمارات الخليجية في البنية التحتية أكثر من (30) مليار دولار خلال الفترة (2004 –2014) شكلت ما نسبته (7 – 10%) من إجمالي الاستثمارات الخارجية التي استقبلتها إفريقيا في هذا الشأن. وشهدت الفترة (2015-2020) تصاعداً في حجم استثمارات الدول الخليجية في الدول الإفريقية في مجالات الزراعة والطاقة وإدارة الموانئ والمطارات والفندقة والضيافة، حيث تخطت (100) مليار دولار، ويمكن إيجاز ذلك بالآتي:

1) الاستثمارات الإماراتية:

   تتنوع الاستثمارات الإماراتية وتدعم خطط التنمية في القارة الإفريقية مع بلوغها (25) مليار دولار أمريكي خلال الفترة (2014-2018م). وتحظى الإمارات بتواجد استثماري متميز في إثيوبيا، من خلال مشروعات متعددة يصل عددها الإجمالي إلى نحو (92) مشروعاً. وتتركز الاستثمارات الإماراتية في قطاعات الصناعة بنسبة (40.2%) والزراعة (22.8%)، والعقارات وتأجير الآلات (21.8%)، الإنشاءات وحفر الآبار (7.6%)، التعدين والصحة والفندقة (5.5%).

 

المصدر: https://thenewkhalij.news/article/188658

    قام صندوق أبو ظبي للتنمية بتمويل عدد من مشروعات الطاقة المتجدِّدة، ضمن استراتيجية لدعم انتقال الطاقة داخل الإمارات وخارجها. وضَخّ الصندوق، خلال العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين (1.3) مليار دولار لتمويل (90) مشروعاً في (65) دولة، من بينها سبع دول إفريقية (مالي، سيشل، توجو، ليبيريا، الصومال -ولاية أرض الصومال، السودان).

  وتعتزم الإمارات استثمار (500) مليون دولار في مبادرة "كونسورتيوم الإمارات العربية المتحدة من أجل إفريقيا"، بهدف الإسهام في تحقيق رؤية بناء متسارع لإفريقيا جديدة أكثر اتصالاً وتمكيناً، سيتولى "الكونسورتيوم" تنسيق التزام الحكومة الإماراتية وقطاعها الخاص تجاه إفريقيا، وسيجمع بين طموح التقدم والموارد التي ستدعم هذا الطموح في كيان واحد هدفه دعم التنمية والاستثمار، بما يسهم في تحقيق رؤية مستقبلية أكثر تفاؤلاً لإفريقيا.

2) الاستثمارات السعودية:

     لاتزال الاستثمارات السعودية في إفريقيا بسيطة قياساً بحجم الاقتصاد السعودي. ويتركّز النشاط السعودي في الاستثمار بالقطاع الزراعي في السودان وإثيوبيا وتنزانيا للحصول مباشرة على محاصيل وحيوانات حية لسدّ حاجة السوق السعودي المتنامية. وتنشط المملكة أيضاً في غرب إفريقيا في دول مثل السنغال وغانا، بطرح مزيد من وعود الاستثمار الزراعي، ومشاريع الطاقة والقطاع المصرفي وصناعة الملابس. وتنجز السعودية استثماراتها الزراعية بتكاليف منخفضة وعائدات مضمونة (كما في إثيوبيا والسودان وتنزانيا والسنغال على سبيل المثال).

    وتجدر الإشارة إلى نيّة المملكة بناء مصفاة نفط عملاقة بسعة (300) ألف برميل يومياً في جنوب إفريقيا توفر نصف احتياجات جنوب إفريقيا الحالية من منتجات البترول مطلع عام 2028م، وبتكلفة تتجاوز 10 مليارات دولار. ويأتي هذا التوجه بعد أن حققت الاستثمارات الموجودة أصلاً في هذه القارة نجاحات متعددة، وقفزت بخطوات ثابتة ما عزز جدواها على المديين المتوسط والبعيد. فالخطة الجديدة تشمل بصورة أساسية زيادة الاستثمارات في مشاريع المصب في كل من نيجيريا وجنوب إفريقيا وأنجولا. وتشمل هذه المصافي وخطوط أنابيب النفط.

     كما يسهم الحراك الاستثماري السعودي في إفريقيا في مواجهة أوجه العجز في البنى التحتية، ولا سيما في بلد كنيجيريا، حيث من المنتظر أن تضخ فيها استثمارات تصل إلى (50) مليار دولار. وهذا يحفز الأنشطة في مجالي النفط والغاز. ويسير التوسع الاستثماري السعودي في إفريقيا وفق المخططات الموضوعة له. فهو ينتج عوائد جيدة ويسهم في تعزيز الاستقرار العالمي على الساحة النفطية وميدان الطاقة بشكل عام. وكل ذلك يتماشى مع أبعاد ومعايير ومحاور "رؤية المملكة 2030".

3) الاستثمارات الكويتية:

    بلغت قيمة الاستثمارات الكويتية في القارة الإفريقية قرابة (10) مليارات دولار. تركز الجزء الأكبر منها في جنوب إفريقيا، حيث وصلت إلى نحو (3) مليارات دولار، وأن هناك إمكانات وفرصاً لرفعها، وبخصوص أبرز مجالات الاستثمارات الكويتية في جنوب إفريقيا في قطاعات العقار والسياحة والمواشي، كما وتدرس الكويت توسيع هذه الاستثمارات لتشمل قطاع اقتصاديات المحيط والثروة السمكية وتطوير الموانئ والطاقة. كما قام صندوق أسهم في تمويل (324) مشروعاً، استفادت منها (42) دولة إفريقية غير عربية، بقروض بلغت قيمتها نحو 4 مليارات دولار.

4) الاستثمارات القطرية:

    ضمن رؤية قطر الوطنية 2020م، واستراتيجياتها الاستثمارية الخارجية كانت قارة إفريقيا محط أنظار واهتمام دولة قطر للنهوض بها اقتصادياً، وتحقيق نجاحات بارزة في مجال الاستثمارات، حتى باتت تمتلك شبكة واسعة من المشاريع الناجحة في الدول الإفريقية. وأولت قطر اهتماماً كبيراً بالاستثمار في قارة إفريقيا بالقطاعات الاقتصادية المختلفة لاسيما السياحة، والزراعة، والاتصالات، والمعادن، والتنقيب عن النفط والغاز، تحقيقاً لمبدأ التنويع الاقتصادي والانفتاح على الاقتصادات المختلفة.

   وقعت قطر للبترول أكبر منتج للغاز الطبيعي المسال في العالم في مايو 2020، اتفاقية مع شركة توتال الفرنسية تستحوذ بموجبها على حصة تبلغ (45%) في المنطقتين (CI-705 &CI-706)) البحريتين الواقعتين في حوض "إيفوريان-تانو" قبالة سواحل جمهورية كوت دفوار. كما قامت قطر باستثمار نصف مليار دولار في قطاعي الزراعة والغذاء في السودان، إضافة إلى توقيع صفقة بقيمة (4) مليارات دولار لإدارة ميناء سواكن على البحر الأحمر مع السودان عام 2018. وفي جمهورية الكونغو استحوذت قطر للبترول على (15%) من شركة توتال الفرنسية، إضافة إلى استثمار آخر مرتقب في مجال الكهرباء بين مجموعة كونسورتيوم نبراس و"كهرماء" القطرية وقطر للبترول وقطر القابضة.

     كما عززت قطر شراكتها مع جنوب إفريقيا في مجالات عديدة؛ أهمها النفط والمعادن والبتروكيماويات، وبلغت الاستثمارات المشتركة بين البلدين نحو (13) مليار دولار. وفي جنوب إفريقيا وقعت قطر للبترول اتفاقاً مع توتال لتصبح بموجبه شريكة بنسبة (25%) في أعمال الاستكشاف بالمنطقة البحرية، الواقعة قبالة شواطئ الدولة الإفريقية، حيث بلغ مجموع استثمارات قطر في قطاع الطاقة في هذا البلد نحو 9 مليارات دولار.

   كما نجحت قطر في الاستثمار بمجالات السياحة والضيافة، حيث استحوذت، في يناير 2021 م، على (8) فنادق في عدد من الدول الإفريقية، وتُعد هذه الصفقة هي الكبرى في تاريخ معاملات الضم أو الشراء في قطاع الضيافة الإفريقي.

رابعاً-المعوقات التي تواجه تطوير العلاقات الاقتصادية العربية / الخليجية الإفريقية:

   بالرغم من تزايد حجم التبادل التجاري بين الدول العربية/ الخليجية وبلدان القارة الإفريقية، وتنامي الاستثمارات بمختلف أشكالها، لكن يبقى ذلك دون طموح القيادات السياسية والفاعلين الاقتصاديين في كلا الجانبين وهذا يرجع إلى وجود جملة من الأسباب يمكن إيجازها بالآتي:

  1. عدم كفاية الأطر المؤسسية والتنظيمية " الأشكال الناعمة من البنية الأساسية المادية"، وعدم كفاية القدرات المالية واللوجستية في الهيئات الوطنية والإقليمية التي تعنى بالترويج للاستثمار وتنمية التبادل التجاري مع الدول العربية والخليجية.
  2. سوء تقدير المخاطر المصاحبة لأوضاع عدم الاستقرار السياسي وتصاعد حدة النزاعات المسلحة، والتقلبات الاقتصادية، الأمر الذي يمنع الدول الخليجية من الاستثمار في الدول التي تشهد صراعات تؤثر على السلم والأمن الذي يبحث عنه المستثمر.
  3. ضعف وتخلف البنية التحتية المؤثرة على قطاع النقل البري في أغلب الدول الإفريقية، وهي مسألة تهتم أجندة الاتحاد الإفريقي (2013-2063) بمعالجتها.
  4. عدم كفاية قدرة الموارد البشرية والإرادة السياسية اللازمة لتنفيذ مشاريع التعاون الاقتصادي والاستثماري المتفق عليها والافتقار إلى نظام مدفوعات إقليمية ملائمة تسهل المعاملات المالية عبر الحدود والتجارة الإقليمية.
  5. غياب القدرات التصديرية الأساسية، وضعف الروابط التجارية والصناعية، والمعرفة المحدودة بالأسواق الإفريقية من حيث طبيعتها وخصائصها العامة، علاوة على عدم توفر دعم مالي ملائم.
  6. غياب الثقة في قطاعات الأعمال، وانتشار الفساد وغياب الشفافية، وتخلف الأسواق المالية، وعدم تنسيق السياسات الخاصة بدعم التجارة والتنمية، علاوة على التقلبات في أسعار الصرف لعملات الدول الإفريقية الذي يؤثر على التكاليف المتوقعة للمشاريع الاستثمارية.

       وصفوة القول، فإن تعزيز التعاون الاقتصادي بين الدول العربية/ الخليجية والدول الإفريقية يتطلب من الأخيرة تحسين البيئة الداخلية في قطاعات الأعمال والتجارة وتحسين البنية التحتية لاقتصاداتها وجعلها جاذبة للاستثمارات الخارجية والتبادل التجاري، وتحسين الخدمات المصرفية واللوجستية، وتطوير الأسواق المالية. الأمر الذي سيوفر أدوات وفرصاً لفتح الآفاق الرحيبة أمام تحقيق التقدم والشروع في التصنيع والاندماج بشكل أفضل في الأسواق الإقليمية والدولية، علاوة على إطلاق العنان لإمكانات البلدان العربية والإفريقية في توفير الفرص الاقتصادية والاستثمارية اللائقة وبناء مجتمعات أكثر شمولاً، الأمر الذي سيؤدي إلى تحقيق الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي.

مقالات لنفس الكاتب