array(1) { [0]=> object(stdClass)#12962 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

العدد 163

المصالحة الخليجية تبلور موقفًا خليجيًا موحدًا للعودة للعراق وعدم تركها للتأثير الإيراني

الثلاثاء، 29 حزيران/يونيو 2021

لا تخفى أهمية الروابط التي تجمع بين العراق ودول مجلس التعاون لدول الخليج العربية ولاسيما تلك الروابط التي تجمع بين شعوب وسكان مجمل هذه الدول التي تتجلى بالروابط الاجتماعية والقومية والقيمية والدينية والسياسية والثقافية والاقتصادية وغيرها، والتي شكلت بدورها عوامل تعزيز للعلاقات بين أطرافها منذ نشأة واستقلال هذه الدول في عقود القرن الماضي. بيد أن للتحولات السياسية دورها في التأثير على مسيرة وتطور العلاقات الخليجية العراقية ولاسيما تلك التحولات التي شهدها النظام السياسي في العراق وكانت سبباً في التغييرات الجذرية لشكل وبنية هذا النظام، فكانت عاملاً مؤثراً في هذه العلاقات سلباً أو إيجاباً.

    ويجد المتتبع لنمط العلاقات الخليجية العراقية عبر مراحلها المختلفة أنها اتسمت بــ "عدم الثبات" وأخذت طابعاً إيجابياً في مراحل معينة وطابعاً سلبياً في مراحل أخرى، وأخذت الطابع الأكثر إيجابية في مرحلة الحرب العراقية - الإيرانية 1980-1988م، فتلقى العراق خلالها دعماً كبيراً من تلك الدول في مختلف المجالات السياسية والعسكرية والاقتصادية، بيد أن هذه مرحلة قد انتهت بالاجتياح العراقي للكويت في 2 أغسطس 1990م، فسادت حالة من الفرقة بين الطرفين لسنوات عديدة لاحقة، ولم يسعف في معالجتها انهيار النظام العراقي السابق بعد الاحتلال الأمريكي للعراق عام 2003م، إذ استمرت حالة التراجع والتأزم بين العراق ودول مجلس التعاون لدول الخليج العربية بعد أن طفت على السطح أسباب خلافات جديدة تتجلى بتوجهات الحكومات العراقية السابقة بالضد من دول الخليج واتهامها بـــ "دعم الإرهاب في العراق" وتحول الساحة العراقية إلى محطة صراع وتصفية حسابات وصراع بالوكالة بين إيران والقوى الدولية والإقليمية والعربية منها على وجه الخصوص .

   وكان المنظار الخليجي إلى العراق يرى بأن الولايات المتحدة الأمريكية قد سلمت العراق على "طبق من ذهب" لإيران وتغيرت بوصلة العراق عن حضانته العربية والخليجية، واستمرت العلاقات الخليجية العراقية على هذا النحو إلى عام 2014م، الذي شهد حدثين مهمين: الأول أمني، وتمثل بسيطرة تنظيم داعش على أجزاء واسعة من العراق ليشكل تهديداً يتجاوز الحدود العراقية نحو الدول الخليجية والعربية. والثاني سياسي تمثل بوصول حكومة حيدر العبادي إلى سدة الحكم التي أعلنت رغبتها بالانفتاح وإعادة العلاقة مع الدول الخليجية والعربية، فكانت انطلاقة إيجابية لتطور العلاقات بين الطرفين وبخاصة عندما كانت الاستجابة الخليجية بتقديم الدعم السياسي والاقتصادي والأمني للعراق وإن كان بشكل متفاوت من دولة إلى أخرى مجال حربه على الإرهاب.

   ومن الجدير بالذكر أن العلاقات الخليجية ــ العراقية تأخذ مستويات متباينة في أطرها الفرعية إذ تختلف العلاقات السعودية العراقية عن العلاقات البحرينية العراقية والتي تختلف بدورها عن العلاقات مع الإمارات أو قطر أو سلطنة عمان.

محفزات العلاقات

تتسم العلاقات الخليجية ـ العراقية في السنوات الأخيرة بالطابع الإيجابي وحصول تقارب بين العراق ودول مجلس التعاون لدول الخليج العربية ولكن ذلك لم يكن من فراغ بل جاء نتيجةً لوجود عدد من المعطيات التي شكلت بدورها محفزات وعوامل مساهمة في تحقيق هذا الطابع الإيجابي، ويأتي في مقدمتها مكانة العراق  الاستراتيجية المهمة إذ يشغل العراق موقعًا أعلى الخليج، فاصلًا بين ضفته الشرقية "إيران" وضفته الغربية "دول مجلس التعاون الخليجي"، فيكون هذا الموقع مضافًا إلى أهمية المنطقة الاستراتيجية وتقاطع المصالح الإقليمية والدولية فيها، عاملاً جعل من العراق طرفاً مؤثراً في مجمل التطورات والتفاعلات التي تشهدها المنطقة ودولها. يضاف إلى ذلك أهمية العراق في كل من العالمين العربي والإسلامي مثلما يحظى بأهمية جيوسياسية في منطقة الشرق الأوسط كونه الجسر الرابط بين منطقة الخليج العربي وأوروبا، ثم إلى مختلف دول البحر الأبيض المتوسط بحكم جواره لتركيا وسوريا، وفي ظل علاقات جيدة مع دول الخليج سيكون عاملاً في تحقيق مصالح الطرفين فضلاً عن تأثيره في معادلات التوازن الإقليمي.

ومن ناحية المصالح وتحقيقها، فهناك مصالح متبادلة بين العراق ودول الخليج ففي ظل الحرب على الإرهاب والأزمة المالية التي مرت بها البلاد وجد العراق نفسه بحاجة إلى دعم ومساندة عربية ودولية في تحمل تكاليف هذه الحرب من جهة، والمساعدة في عملية إعادة إعمار المدن والبلدات المحررة وتأهيل البنى التحتية وتوفير الخدمات الأساسية تمهيداً لعودة سكانها من جهة أخرى، وتبلور إدراك بأن دول الخليج تملك القدرة والرغبة على الوقوف إلى جانب العراق في ظل هذه الظروف، فضلاً عن حاجة العراق للعودة إلى حاضنته العربية. وفيما يخص دول الخليج فإن العراق يمثل بوابتها الشمالية صوب تركيا وأوروبا، والعودة الى تفعيل علاقتها معه تساهم بإعادة الدور الخليجي إلى الساحة العراقية وعدم تركها للنفوذ الإيراني المتنامي فيها، مثلما هنالك ادراك خليجي على ضرورة إيجاد توافق عراقي خليجي من أجل تحقيق متطلبات التوازن الاستراتيجي الإقليمي، مع التأكيد على أهمية التركيز على القواسم المشتركة بين العراق ودول الخليج التي يمكنها أن تؤسس لعلاقات فاعلة مبنية على مرتكزات المصالح المشتركة والمتبادلة التي تؤدي بدورها لعودة العراق إلى محيطه الخليجي .

   وما يدعم تطور العلاقات الخليجية ــ العراقية أيضاً هو وجود توجهات سياسية لدى الطرفين للتقارب، إذ برزت في الساحة العراقية وعلى الصعيدين الرسمي والشعبي توجهات ودعوات للتقارب والانفتاح مع الدول الخليجية، وبالقابل كان هنالك توجه وانفتاح خليجي لتعزيز العلاقات مع العراق قادته المملكة العربية السعودية وقطر وتبعتهما باقي دول الخليج الأخرى.

   وتأتي العوامل الاقتصادية لتدعم أيضاً مسار تعزيز العلاقات الخليجية العراقية، وتشكل هذه العوامل أكثر المجالات استمراراً في هذه العلاقات، إذ شهدت العلاقات الاقتصادية بينهما تطوراً ملحوظاً منذ عام ٢٠٠٣م، ومن مظاهره دخول العديد من الشركات الخليجية إلى الساحة الاقتصادية العراقية والتبادل التجاري المتمثل بتوريد السلع والبضائع من دول الخليج إلى العراق سواء السلع الخليجية أو نقل السلع والبضائع من دول أخرى إلى العراق، وكان للدول الخليجية دورها في تقديم الدعم المالي والمساعدات الإنسانية خلال مرحلة الحرب على الإرهاب في العراق، وتم التوصل إلى العديد من الاتفاقيات والمذكرات الاقتصادي بين العراق ودول الخليج التي تعزز التبادل التجاري والاقتصادي بين الطرفين، فضلاً عن فتح المعابر الحدودية مع العراق وإعلان دول الخليج عن توجهاتها للمساهمة في عملية إعادة الإعمار في العراق ولعل المثل الأبرز على ذلك هو إعلان الدول الخليجية لدعم العراق في مؤتمر الكويت لإعادة الإعمار في العراق عام 2018م.

   يضاف إلى ذلك وجود الدافع الأمريكي لتعزيز العلاقات الخليجية ـ العراقية، فالولايات المتحدة الأمريكية لها علاقات وثيقة مع دول مجلس التعاون الخليجي وترابط سياسي وعسكري واقتصادي بينهما من جهة، والارتباط الأمريكي العراقي والدور الأمريكي الفاعل في الساحة العراقية من جهة أخرى، يكون بذلك الدافع الأمريكي مهم وفاعل في علاقات الطرفين والاتجاه نحو تعزيزها. ويعود هذا التأثير بشكل أساس إلى إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب منذ توليها الحكم في البيت الأبيض إذ أدت دوراً مهماً في إيجاد مساحات للتقارب وتعزيز العلاقات الخليجية العراقية، وعملت على إقناع دول الخليج بأن هنالك دوراً حيوياً يجب عليها تأديته في العراق لتحقيق استقراره وإعادة ترتيب التوازنات الاستراتيجية في المنطقة من خلاله، وإن خلاف ذلك سيؤدي إلى زيادة نفوذ الأطراف الإقليمية الأخرى فيه، ويتمثل الهدف الأمريكي من ذلك بتحقيق قرب دول الخليج من تطورات الساحة العراقية وإمكانية تحقيق مصالحها الاقتصادية معه. وبالفعل أنتجت الضغوط الأمريكية على العراق توجهه إلى استيراد الطاقة الكهربائية والغاز الطبيعي من دول مجلس التعاون الخليجي بدلاً من إيران وعقد العراق اتفاقات سريعة مع السعودية من أجل تزويده بالكهرباء لتخفيف الاعتماد على إيران في هذا المجال وصولاً إلى التخلي عنها، وهو أمر استجابت له السعودية بشكل إيجابي بالرغم مما لاقاه من رفض إيراني.

الكوابح المؤثرة

    تبرز مجموعة من الكوابح والمعوقات في مسار العلاقات الخليجية العراقية لتشكل عقبات تعترض هذا المسار بين الحين والآخر، يأتي في مقدمتها تعقيدات الوضع السياسي في العراق وخارطة القوى السياسية واختلاف توجهات وميول وأيديولوجيات هذه القوى والتيارات وتبني توجهات تبتعد في أولويات التحرك السياسي عن المحيط الخليجي والعربي للعراق، ولعل من يتبنى هذه التوجهات هي القوى السياسية الأكثر تأثيراً في القرار السياسي العراقي على الصعيدين الداخلي والخارجي وفي الوقت نفسه لها روابط وعلاقات وثيقة مع إيران، الأمر الذي أبرز تعاملها في ملف علاقات العراق الخارجية بسعيها إلى تعزيز العلاقات مع إيران والابتعاد بل والتشكيك في أي توجه لتعزيز العلاقات مع دول الخليج. حتى أن هنالك سلوكيات ومواقف تشكيك أو استعداء تتبناها قوى مؤثرة في الساحة العراقية تجاه أي حدث أو تطور سياسي في الدول الخليجية أو معها، ومنها صدور دعوات لمقاطعة البضائع الخليجية، وهددت جماعات مسلحة بقصف الكويت والسعودية في مواقف عدة، الأمر الذي يشكل تحدياً فعلياً للقرار السياسي العراقي الهادف إلى تعزيز العلاقات مع دول الخليج العربية.

يضاف إلى ذلك كوابح على مستوى الداخل العراقي تؤثر سلباً على توجهات تعزيز العلاقات الخليجية العراقية منها الوضع الأمني غير المستقر الذي يعيق بدوره وجود وعمل الشركات الخليجية الراغبة بالعمل في العراق، ناهيك عن أزمة الفساد المستشري التي تُعد تحدياً كبيراً أمام تعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية بين العراق ودول الخليج بل وحتى تشكل عائقاً أمام تقديم أي مساعدات مالية أو قروض للعراق.

هنالك تحد آخر يواجه تعزيز العلاقات العراقية الخليجية يتجلى باختلاف الرؤى بين العراق ودول مجلس التعاون الخليجي وتباين المواقف التي يعتمدها الطرفان إزاء قضايا وأحداث المنطقة إذ أن لكل طرف رؤيته وموقفه بناءً على ظروف ومعطيات يتصورها صانع القرار السياسي انها تصب في مصلحة بلاده أو مصلحته السياسية، فعند النظر إلى الموقف من الوضع في سوريا يتضح أن العراق يقف إلى جانب النظام السوري من جهة ويدعو إلى الحل السلمي من جهة أخرى. ويتجلى الاختلاف الآخر حول الأزمة في اليمن إذ صارت دول الخليج طرفاً فيها إلى جانب الحكومة الشرعية بالضد من الحوثيين بينما تقف العديد من القوى السياسية العراقية إلى جانبهم.

أما فيما يخص أزمة الملف النووي الإيراني فقد عارض العراق فرض أي عقوبات على إيران بسبب برنامجها النووي، بينما ترى دول الخليج أن هذا البرنامج يشكل خطراً يهدد أمن وسلامة دول المنطقة وتؤيد كبح طموحات إيران النووية وايقاف تدخلاتها في شؤون دول المنطقة.

البعد الإيراني

بعد سنوات الحرب المريرة بين العراق وإيران، وتعدد الخلافات بين الدولتين على مر العقود، شهدت مرحلة الاحتلال الأمريكي للعراق في أبريل 2003م، وما بعدها عصراً من التوافق والانسجام بينهما، وبشكل متميز عن باقي علاقات العراق حتى مع محيطه الخليجي والعربي، هذا الاحتلال الذي ساهمت فيه إيران بشكل غير مباشر، الأمر الذي أكده المسؤول الإيراني محمد علي أبطحي في إحدى تصريحاته عام 2005م، بقوله: "لولا إيران لما استطاعت أمريكا احتلال العراق وأفغانستان". ورأت فيه إيران فرصة تقدم لها على "طبق من ذهب"، كونه ساهم في إزاحة غريمها الإقليمي الذي طالما شكل عائقاً أمام تمددها في المنطقة.

هذه الفرصة التي استغلتها إيران بغية تقوية نفوذها في العراق، وبالفعل استطاعت ترسيخ هذا النفوذ وتقويته مثلما استطاعت تجاوز العديد من المشكلات العالقة مع العراق وصارت تستغل حالة الوهن التي تمر بها الدولة العراقية لتصفية مثل هذه المشكلات لصالحها وصارت العلاقات العراقية الإيرانية من القوة ما يميزها عن علاقات العراق الإقليمية والدولية، حتى أن إيران باتت الطرف الإقليمي الأكثر تأثيراً في تطورات المشهد العراقي من باقي الدول العربية والإقليمية الأخرى.

وعلى عكس نمط العلاقة التي تربط العراق بإيران، تكون علاقة دول الخليج بإيران "غير مستقرة" وتأخذ "منحى التوتر" وعدم الاستقرار في ظل توالي الأزمات التي تسببها سياسة إيران تجاه دول الخليج، والمنطلقة من هدف الهيمنة الإيرانية الإقليمية التي لم تتغير منذ عقود، سواء في عهد الشاه أو في عهد الجمهورية الإسلامية، حتى أن لمعظم دول الخليج مشكلات مع إيران مثل السعودية والكويت والإمارات والبحرين لمختلف الأسباب يتركز معظمها في سياسات التدخل التي تتبناها إيران في المنطقة ودولها.

    وترى دول الخليج أن الولايات المتحدة الأمريكية قد ساهمت في اختلال ميزان القوى الإقليمي لصالح إيران بعد احتلالها العراق، ورواج فكرة أن إيران أصبحت القوة المهيمنة في منطقة الخليج بعد القضاء على قوة العراق الذي كان قادراً على كبح جماح القوة الإيرانية، ناهيك عن أن النظام السياسي الذي أفرزه الاحتلال الأمريكي في العراق تديره قوى سياسية محسوبة لإيران، على نحو يزيد إيران قوةً وتأثيراً في تطورات الأحداث في العراق أو في المنطقة. مثلما تنظر دول الخليج بعين "الريبة" إلى علاقة العراق بإيران وُتثار تساؤلات عديدة في مراكز صنع القرار في دول الخليج عن مسألة تأثير إيران في الحكومة العراقية، والتأثير في توجهات العراق الخارجية لصالح إيران على حساب دول الخليج والدول العربية، فضلًا عن تمكن إيران من عقد اتفاقيات أمنية وسياسية واقتصادية وثقافية مع بغداد، ترى فيها الحكومات الخليجية إمعاًنا في زيادة التأثير الإيراني في العراق.

هذا الوضع أدى بدول الخليج، إلى أن تتعامل مع العراق كساحة تنافس إقليمي مع القوى الإقليمية المنافسة لها، وفي مقدمتها إيران، فصارت مواجهة النفوذ الإيراني في العراق أحد اهتمامات دول الخليج في تعاملها مع المسألة العراقية. حتى إن السعودية -ومنذ الاحتلال الأمريكي للعراق-قد اضطرت إلى ممارسة دور إقليمي يواجه الدور الإقليمي الإيراني بعد تزايد نفوذ إيران في العراق ولبنان وسوريا واليمن، محاولة "احتواء" هذا الدور المتمدد باستمرار، بيد أن إيران ماضية بسياستها التدخلية في شؤون دول المنطقة والرامية إلى ترسيخ نفوذها، وتحقيق مصالحها فيها.

يضاف إلى ذلك أن إيران تعمل على إبعاد العراق عن محيطه الخليجي والعربي بشكل مباشر من خلال ضغطها على الحكومات العراقية المتعاقبة أو بشكل غير مباشر من خلال وكلائها وحلفائها في الساحة العراقية ، الأمر الذي جعل علاقة إيران مع العراق عاملاً مقيداَ لاستئناف العراق علاقة إيجابية مع دول الخليج، وعائقاً لانفتاح دول الخليج على العراق وإقامة علاقات فاعلة بين الطرفين في ظل سياسة إيرانية ترمي إلى فرض الهيمنة الإقليمية على المنطقة، وغير جادة في كف التدخل في شؤون عدد من دول المنطقة، وقد ثبت استعدادها لمواجهة أي قوة جديدة تشكل خطراً على نفوذها في العراق .

رؤية مستقبلية

عند محاولة النظر إلى آفاق العلاقات الخليجية العراقية في مدياتها المستقبلية القريبة أو البعيدة المدى فلابد من النظر والتركيز على المعطيات والعوامل المؤثرة في هذهِ العلاقات وكذلك طبيعة هذهِ العلاقات وكيف تبلورت بالشكل الذي هي عليه وما هي الضوابط الحاكمة لمسارها، ومن ثم يمكن توقع الوضع الذي ستؤول إليه هذهِ العلاقات مستقبلاً.

   لعل أهم العوامل المؤثرة في مستقبل العلاقات الخليجية العراقية هي إدراك صناع القرار لدى الطرفين بأهمية إعادة مسار العلاقات بينهما لما تحققه من مصالح كانت قد تأثرت سلباً في ظل التباعد والفتور بينهما في المرحلة السابقة، وكذلك التوقعات بشأن زيادة رفض التأثير الإيراني في الساحة العراقية على الصعيدين الشعبي والرسمي وهو ما أظهره جلياً الحراك الشعبي في العراق منذ أكتوبر 2019م.

    يضاف إلى ذلك التوجه الخليجي ولا سيما السعودي لتعزيز العلاقات مع العراق في المجلات السياسية والاقتصادية والأمنية ومختلف المؤشرات تذهب صوب تطور وتعزيز العلاقات السعودية العراقية. يضاف إلى ذلك أن العامل الأمريكي من المتوقع أن يكون له تأثيره خلال المرحلة القادمة في الدفع نحو تعزيز العلاقات الخليجية العراقية وإيجاد دور خليجي فاعل في الساحة العراقية وعدم ترك المجال فيها للدور الإيراني، لا سيما أن وصول إبراهيم رئيسي إلى رئاسة الجمهورية في إيران الذي يمثل التيار المحافظ فيها قد يزيد من التوتر الأمريكي الإيراني كأحد الاحتمالات المستقبلية مما يدفع بالولايات المتحدة الأمريكية إلى الضغط على إيران في الساحة العراقية من خلال دول الخليج العربية.

    كما من المتوقع أن تتطور العلاقات الاقتصادية بين العراق ودول مجلس التعاون الخليجي لاسيما في ظل التوجهات الأخيرة في العراق والذاهبة صوب الاستفادة من التبادل التجاري مع دول الخليج وإعادة فتح المعابر الحدودية واحتمالية استمرار العقوبات على إيران والتوجه لاستيراد الطاقة الكهربائية من السعودية. يضاف إلى ذلك عامل آخر يشكل دافعاً لتعزيز العلاقات الخليجية العراقية هو انتهاء الأزمة بين قطر وباقي دول الخليج مما يساعد على بلورة موقف خليجي موعد للعودة إلى الساحة العراقية وعدم تركها للتأثير الإيراني.

مقالات لنفس الكاتب