array(1) { [0]=> object(stdClass)#12962 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

العدد 166

دعم الاقتصاد الأفغاني ببناء مؤسسات قوية تخضع للمساءلة وتشجيع القطاع الخاص

الثلاثاء، 28 أيلول/سبتمبر 2021

تظهر الشواهد المستمدة من الخبرات الدولية أن السلام يصمد على الأرجح إذا كان في سياق اقتصاد آخذ في النمو والازدهار، ووجود مؤسسات نظامية قوية، وقادرة على توفير خدمات عامة منتظمة، وحوكمة رشيدة، ، وهنا تكمن أهمية البعد الاقتصادي في الشأن الأفغاني.

من المؤلم أن يعيش سكان أي دولة في حالة من الفقر لسنوات طويلة، والأشد ألما أن يتعايشون معه، ويصنعون أسباب استدامته بأيديهم، ويمثل الاقتصاد الأفغاني حالة فريدة حول العالم، فهي من أفقر دول العالم بمتوسط دخل  للفرد 520 دولار في العام أي أقل من 1,5  دولار في اليوم، لا يتخلف عنه سوى بلدين في العالم هما مدغشقر (480 دولار في العام) وموزامبيق (460 دولار في العام). ومن سماته الفريدة أيضًا، أنه يعيش على المعونات الخارجية، سواء على مستوى الدول أو المنظمات الدولية متعددة الأطراف، وخاصة البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، والأغرب من كل ذلك أنه منذ أن عادت المساعدات الدولية منتصف عام 2002م، ومساعدة هذا البلد المنهك على إعادة بناء مؤسساته وتقديم الخدمات العامة لمواطنيه، استطاعت تحقيق أسرع معدلات النمو الاقتصادي في العالم  في بعض السنوات، حيث بلغ معدل النمو الاقتصادي 14,4% عام 2010م، وأصبح أكثر من ثمانية ملايين طفل أفغاني ملتحقين بالمدارس، وتراجع معدل وفيات الأمهات من 1100 لكل 100 ألف مولود حي في عام 2000 م، إلى 396 لكل 100 ألف مولود حي في 2015م،  وتضطلع النساء بدور أبرز في المجالات العامة والسياسية: نحو 21% من كل موظفي الخدمة المدنية الأفغان من النساء صعودًا من نحو صفر في عام 2001م، وتشغل النساء حاليًا أكثر من ربع مقاعد البرلمان، وهي نسبة أعلى من المتوسط للبلدان منخفضة الدخل،وهي المجموعة التي تصنف ضمنها أفغانستان.

لكن الاقتصاد الأفغاني أصبح اليوم على المحك، حيث تواجه أفغانستان الآن تحديات كبيرة في الحفاظ على مكاسب التنمية الأخيرة، في مواجهة تصاعد الشكوك السياسية، وتراجع دعم المنح الدولية، واستمرار انعدام الأمن، وبالأخص مع وصول طالبان إلى السلطة، وفي ظل تاريخها  الذي قد يفقد البلاد الدعم الدولي إذا استمرت على نفس النهج.

فهل سيتم اغتنام الفرصة لتحقيق السلام والرخاء في أفغانستان، بعد الإنسحاب الأمريكي من البلاد، وسيطرة طالبان على مقاليد الحكم، أم ستعود البلد إلى المربع الأول؟ ورغم أهمية التوصل إلى تسوية سياسية واستيلاء طالبان على مقاليد الحكم،  إلا أن ذلك لا يضمن إنهاء الصراع،  فالأهم هو التوصل إلى تسوية سياسية دائمة ومستقرة، حيث تظهر الشواهد المستمدة من الخبرات الدولية أن السلام يصمد على الأرجح إذا كان في سياق اقتصاد آخذ في النمو، وخدمات عامة منتظمة، وحوكمة رشيدة، ومؤسسات قوية، وهنا تكمن أهمية البعد الاقتصادي في الشأن الأفغاني.

تشخيص وضعية الاقتصاد الأفغاني

مع عودة تدفق المساعدات للبلاد عام 2002م، تمكنت أفغانستان من تحقيق معدل نمو اقتصادي سريع لأكثر من عقد من الزمان، وبلغ متوسط ​​النمو السنوي  للناتج المحلي الإجمالي معدلات عالية  حيث ارتفع من 8.8%  عام 2000م، إلى 21.4% عام  2009م، مدفوعًا بقطاع الخدمات المزدهر الذي تحركه المعونات، والنمو الزراعي القوي وهبط إلى 14.4 % عام 2010م، واتخذ اتجاهًا هبوطيًا فيما بعد  نتيجة انخفاض تدفق المعونة  من حوالي 100٪ من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2009 إلى 42.9٪ من إجمالي الناتج المحلي في عام 202 م، مما أدى إلى تباطؤ التقدم الاقتصادي والاجتماعي، مع نمو الاقتصاد بنسبة 2.5 في المائة فقط سنويًا بين 2015-2020م، حتى حقق معدلًا سالبًا تحت وطأة أزمة كورونا  عام 2020م، حيث سجل معدل نمو سلبي بلغ 1.93 %. 

ويعتبر الاقتصاد الأفغاني على رأس الاقتصادات الهشة في العالم، ويعتمد بشكل كبير على المساعدات الخارجية، ويسيطر القطاع العام والحكومة على النشاط الاقتصادي، ويأتي النشاط الزراعي في صدارة هيكل الاقتصاد الوطني بنصيب يبلغ حاليًا 27% من إجمالي الناتج المحلي، وتراجع نصب الصناعات التحويلية إلى نحو 12% ، ومن ثم تتركز 44% من العمالة في قطاع الزراعة ذي الإنتاجية المنخفضة، بحسب البنك الدولي.

ويعاني القطاع الخاص الأفغاني من مشاكل انعدام الأمن وعدم الاستقرار السياسي وضعف المؤسسات والبنية التحتية ، فضلاً عن انتشار الفساد وسوء بيئة الأعمال وصعوبتها، والتي تعد من بين أهم عوائق عمل القطاع الخاص في أفغانستان، خاصة وأنها احتلت المرتبة 173 من بين 190 دولة في تقرير ممارسة الأعمال لسنة 2020م.

فضلاً عما يفرضه سوء أوضاع المؤسسات وحقوق الملكية وضعف الشمول المالي ومصاعب الوصول إلى التمويل، حيث يشكل الائتمان الممنوح للقطاع الخاص 3%  فقط من إجمالي الناتج المحلي، كما أدى تراجع القدرة التنافسية للاقتصاد الأفغاني إلى  تفاقم العجز التجاري، الذي يعادل حوالي 30% من الناتج المحلي الإجمالي، ويتم تمويله بالكامل تقريبًا من تدفقات المنح الخارجية  التي بلغت 6,235.3 وحوالي 4,284.4 مليون دولار عام 2000 وعام 2020م،على التوالي.

ومثلت الإيرادات العامة بدون الإعانات نحو 14% من الناتج المحلي الإجمالي عام 2020م، فيما تساهم الإيرادات الضريبة بنسبة محدودة في هيكل الإيرادات العامة، حيث تبلغ  نسبتها للناتج المحلي الإجمالي نحو 9.9 % ، في حين تمول المنح حوالي 75% من الإنفاق العام، كما تشكل النفقات الأمنية (الأمن ) نسبة مرتفعة  حيث تبلغ 28% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2019م، مقارنة بمتوسط البلدان منخفضة الدخل الذي يبلغ حوالي 3% من الناتج المحلي الإجمالي. 

خطورة توقف  المساعدات الخارجية على معدلات النمو الاقتصادي 

تعتمد أفغانستان على المساعدات الخارجية في تمويل 75% من نفقاتها العامة، واستمر ذلك لفترة طويلة، مما ساعد في ضمان استغلال الفرص الاقتصادية والإنمائية المتاحة، وإمكان تحقيق استقرار طويل المدى وقابل للصمود، الأمل الذي يجب أخذه في الاعتبار إزاء التهديدات والمخاوف من توقف تلك المساعدات، وضرورة تدفق الأموال سريعًا إلى أفغانستان للحيلولة دون انهيار كامل للاقتصاد والنظام الاجتماعي، حيث من المؤكد أن تجميد الأرصدة الدولية الأفغانية وأموال المانحين سيؤدي إلى انكماش اقتصادي حاد، يصل بالملايين إلى خطرالجوع، كما قد يؤدي إلى موجة لجوء عالمية كبيرة.

ومما يؤكد على خطورة توقف المساعدات والمنح الدولية، أن 72% من الشعب الأفغاني يعيشون تحت خط الفقر، وقد تصل هذه النسبة إلى 97% بحلول منتصف العام المقبل. كما تشهد  البلاد تراجعًا ملموسًا في معدلات النمو الاقتصادي، تحت وطأة الأزمة الناشئة عن كوفيد – 19 المستجد، حيث تراجع الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 2% تقريبًا العام 2020م، مما قد ينذر أن أفغانستان على مقربة من  فقر شامل يمكن أن يصبح حقيقة واقعة في منتصف العام المقبل  2022م،ما لم يتم بذل جهود عاجلة لدعم المجتمعات المحلية واقتصاداتها.

 

لماذا يحتاج تحقيق التنمية  الاقتصادية إلى حكومات نظامية مستقرة؟

منذ أن استولت حركة طالبان على كابول، حتى بدأت الأسئلة تطرح حول كيفية إدارة الاقتصاد الأفغاني، وهل تمتلك الحركة التي تحولت إلى حكومة، المهارات اللازمة للإدارة العامة، على سبيل المثال، وزارة مالية حديثة وبنك مركزي، على رأس نظام مالي مستقر؟ وهل سيثق المانحون الأجانب بهم فيما يتعلق بتقديم المساعدات؟ هل يمكنهم التعامل مع المستثمرين المهتمين بالثروة المعدنية للبلاد؟

والحقيقة أن تحقيق التنمية الاقتصادية في شتى دول العالم تحتاج إلى حكومات نظامية مستقرة ،يتأكد من خلالها للمواطنين أن النظام الاجتماعي والاقتصادي والسياسي يخدم مصالحهم، ويحشد موارد البلاد لتحقيق الأهداف التنموية ومكافحة الفقر، وإطلاق الطاقات والملكات الفردية، لخدمة أغراض التمية، و يضمن لكل أفراد المجتمع فرصًا مستقبلية في الترقي وتحسين مستويات المعيشة. 

يمكن رصد أربعة أدوار  اقتصادية أساسية  للحكومات  الحديثة:

1ـ الدور الأول يتعلق بوظائف الدولة التقليدية، الخاصة بحفظ النظام  وتحقيق الأمن وضمان احترام حقوق الملكية الخاصة، وإنفاذ التعاقدات وغيرها مما يمثل أساسًا للنظام العام، وتوفير الشروط المؤسسية الأولية. ويتطلب ذلك تطبيق أسس سليمة لإدارة مالية الدولة، من خلال نظم ضريبية توفر مصادر تمويل كافية، وتخصيص هذه الموارد على النفقات العامة بشكل ديموقراطي.

وهنا تجدر الإشارة  إلى أن قدرة الدولة على حشد الموارد المالية من أفراد المجتمع، تتعدى النسب التي تحددها الزكاة، فضلا عن أن مصارف الإيرادات العامة تتعدى مصارف الزكاة ورعاية الفقراء، وتمتد للإنفاق على التعليم الأساسي، وتوصيل المرافق العامة، وتوفيرعناصر البنية الأساسية، فضلاً عن القيام بالوظائف التقليدية كالدفاع والأمن والعدالة.

2ـ تنظيم العلاقات بين القوى الإنتاجية (مالكي: الموارد الطبيعية، ورأس المال، وقوة العمل، والتقنيات الحديثة) لتحقيق الصالح العام، وفي هذا السياق تتدخل الحكومة لضبط اختلالات القوة بين الفاعلين الاقتصاديين  من خلال قوانين منع الاحتكار والقوانين المنظمة لتدفق المعلومات في أسواق الأوراق المالية، والقواعد الضابطة لنشاط القطاع المصرفي، وقوانين حماية المستهلك وقواعد السلامة الصحية والأمن الصناعي والحد الأدنى من الحقوق للعمال وغيرها .

3ـ  الدور التنموي  للحكومة وإدارة جانب من الموارد الاقتصادية ويمتد هذا الدور إلى اضطلاع الحكومة بدور داعم للأفراد والقطاع الخاص عن طريق تنفيذ قدر مناسب من الاستثمار الحكومي في البنية الأساسية، والاستثمار في الموارد البشرية من خلال التعليم والتدريب المهني والرعاية الصحية والتأمين الاجتماعي، وهي قضايا لها بعد تنموي من ناحية لأنها تزيد من قدرة الاقتصاد على المنافسة والنمو وترفع من مستويات المعيشة، ولها بعد اجتماعي كذلك لأنها تمس القدرات الإنتاجية للمواطنين، وترتب لهم حقوقًا اقتصادية واجتماعية كمواطنين وليسوا فحسب كأطراف في العملية الإنتاجية. 

4ـ دور الحكومة  في إعادة توزيع الدخل والثروة، ويتحدد هذا من خلال إدارة مالية الدولة في المقام الأول، والذي تقوم الحكومة من خلاله بتحصيل الضرائب وغيرها من الإيرادات واستخدامها للانفاق على القيام بوظائفها التقليدية، وتوفير الضمان الإجتماعي ومساعدة الفقراء، ووضع نظم فاعلة للرعاية الصحية والتأمينات الإجتماعية .

مخاطر تراجع برامج التنمية الاقتصادية

خطر الوقوع في براثن الفقر

يسير النمو الاقتصادي في أفغانستان بخطى بطيئة في السنوات الأخيرة، وتراجع معدل النمو الحقيقي لإجمالي الناتج المحلي من 12,75% عام 2012م، إلى 1,45% عام 2015م، ثم هبط إلى 1,19% عام 2019م، وأخيرا حقق معدل نمو سالب عام 2020 (- 1,93%)، مما أدى إلى تراجع  متوسط نصيب الفرد من الدخل القومي، حيث حقق  معدل النمو السكاني 3%،  وشهدت أفغانستان ثالث أكبر طفرة في أعداد الشباب على مستوى العالم،  فأكثر من خمس سكانها البالغين تتراوح أعمارهم بين 15 و24 عامًا. ومع ذلك، يعيش 39% من الأفغان في فقر، وقرابة 70% من السكان في سن العمل أميون، ومعدل البطالة في صفوف الشباب 28%. ويؤدي سوء التغذية لاسيما بين الأطفال  للتأثير سلبًا على رفاهة الناس.

خطر توقف المساعدات الدولية

تتعرض مخاطر توقف المساعدات الخارجية، وخطر فرض عقوبات اقتصادية ومالية تفضي المعطيات الحالية إلى القول بأن أفغانستان تواجه الآن كارثة إنسانية وتنموية ناتجة عن عدم الاستقرار السياسي، وتجميد احتياطيات النقد الأجنبي، وانهيار نظام المالية العامة، وضعف البنوك المحلية فضلاً عن تأثير جائحة كوفيد-19، خاصة وأن الوضع قبيل استيلاء طالبان على السلطة  كان السكان الأفغان بالفعل على وشك الانهيار اقتصاديًا واجتماعيًا، وبالتالي فإن أهم شيء هو إنقاذ سبل العيش، والتي يمكن أن تنقذ الأرواح أيضًا.

مع ضعف مستويات تعبئة الإيرادات الداخلية، تواجه الحكومة احتمال تراجع المساعدات الدولية: وفي الوقت نفسه، قد يؤدي ازدياد النفقات على النواحي الأمنية إلى مزاحمة الإنفاق للأغراض المدنية.في الوقت الذي تحاول طالبان التحول "غير المستقر" من حركة تمرد إلى حكومة فاعلة، تواجه أفغانستان خطراً متزايداً بحدوث انهيار مالي بعد دعمها على مدى العقدين الماضيين من خلال المساعدات الخارجية التي تمثل قرابة نصف اقتصادها. وسيتحدد مصير الاقتصاد الأفغاني من خلال القرارات التي ستتخذها إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن والدول الأخرى في شأن الاعتراف بحكومة طالبان، وفي غضون ذلك، يخشى أن تغلق الولايات المتحدة والمجتمع الدولي، تدفق الأموال، تاركين الشعب الأفغاني  في قبضة العقوبات التي كانت تهدف إلى عزل طالبان عن النظام المالي العالمي.

وأشار تقرير البنك الدولي بشأن التنمية في أفغانستان، الذي نشر في أبريل 2021م، أن انسحاب القوات الأمريكية، أو التخفيضات في دعم المنح الدولية لقوات الأمن الأفغانية، ستكون لهما مجموعة من الآثار غير المتوقعة على الأمن والتماسك السياسي والاقتصادي. خاصة وأن الحيز المالي لا يزال مقيداً بشدة في سياق ضعف أداء الإيرادات، ومخاوف تراجع المنح الدولية. وتتمثل القضية الرئيسة في قدرة طالبان على تنفيذ مشاريع البنى التحتية التي تمولها مجموعات التنمية الأجنبية والحفاظ على الخدمات العامة لخلق اقتصاد قادر على النمو الذاتي. في حين أكد تقرير للأمم المتحدة في يونيو الماضي افتقار طالبان إلى المصداقية الاقتصادية، خاصة مع اعتمادها في توفير الموارد المالية من الأنشطة الإجرامية مثل تهريب المخدرات وإنتاج خشخاش الأفيون والابتزاز والاختطاف من أجل الحصول على فدية واستغلال المعادن.

مخاطر فرض عقوبات اقتصادية

لا يميل المانحون أو المستثمرون الجدد إلى الوثوق بطالبان على أي حال، وفي الوقت الحالي فقد جمدت إدارة بايدن 9.5 مليار دولار من أصول البنك المركزي الأفغاني وأوقفت شحنات النقد إلى البلاد؛ وأوقفت الحكومات الأوروبية مساعداتها التنموية، كما أوقف صندوق النقد الدولي الوصول إلى حقوق السحب الخاصة لأفغانستان.

ورغم أن العقوبات تعتبر أقوى الأوراق التي  تملكها  واشنطن  والدول الغربية الأخرى، وبقية العالم ضد  طالبان، إذا تم توظيفها بقوة لمحاصرة تمويل الحركة وتقليص قدرة قادتها على السفر، لكن من المهم أن ندرك أن الوضع الاقتصادي في أفغانستان مختلف عن نظيره في إيران، وستكون أي عقوبات تفرض على أفغانستان أكثر إيلاماً من تلك التي فرضتها أمريكا على إيران، التي تتمتع باقتصاد أكثر تطوراً من أفغانستان، وتمكنت من التهرب من القيود ومواصلة تصدير مئات الآلاف من براميل النفط.

وسيظل بالإمكان أن تفرض الحكومات الغربية والوكالات المتعددة الأطراف والجهات المانحة شروطا صارمة على استئناف التمويل، وستعتمد المساعدات على مدى التزام  طالبان  بالمحافظة على العديد من الحريات - خاصة للنساء - التي حصل الناس عليها في غيابهم، وعلى منع عودة ظهور الجماعات الإرهابية مثل القاعدة.

وسيأخذ المستثمرون الغربيون إشاراتهم من حكوماتهم، وسيولون اهتماماً للعقوبات الاقتصادية. وسيتأثرون أيضاً بالرأي العام في بلادهم: إذ ستدرك معظم الشركات الأمريكية والأوروبية رد الفعل المحلي المحتمل ضد ممارسة الأعمال التجارية، بشكل مباشر أو غير ذلك، مع طالبان.

الخلاصة

أدى استمرار حالة عدم اليقين والمخاطر الأمنية إلى تراجع خطى النمو وزيادة الضغوط على المالية العامة. ومع ذلك، استطاعت أفغانستان الحفاظ على استقرار اقتصادها الكلي، وتهيئة الظروف المواتية للتعافي، وحققت تقدمًا كبيرًا في مجال التنمية البشرية بواسطة دعم المؤسسات الدولية، والدول المانحة .

وخلاصة القول أن إنجازات أفغانستان في السنوات العشر الماضية كانت مبشرة، لكن السنوات المقبلة ستكون حاسمة بالنسبة لتعزيز قدرة المؤسسات الأفغانية على تقديم الخدمات الأساسية على الصعيد الوطني، وتعزيز وتوسيع مكاسب التنمية الاقتصادية، وانتشال البلاد من مخاطر فقر مدقع يشمل غالبية السكان، وهي مسؤولية أولى لطالبان في المرحلة المقبلة، مع ضرورة ترتيب الأولويات للموارد المتاحة واستغلالها بكفاءة.

من ناحية أخرى فإن  تقديم دعم مستقر أو متراجع قليلاً على المدى المتوسط، من قبل المجتمع الدولي،  يمكن أن يساعد أفغانستان على تسريع وتيرة نموها، والحفاظ على مكاسبها الإنمائية، وتحقيق تقدم حقيقي نحو الاكتفاء الذاتي. وعلى النقيض، سيؤدي أي تخفيض شديد للدعم المقدم من خلال المنح إلى انهيار للخدمات العامة، والنشاط الاقتصادي ومستويات المعيشة، ومن ثمَ إلى إذكاء دوامة عدم الاستقرار،ومما يزيد من الحاجة إلى استمرار الدعم أن أزمة جائحة فيروس كورونا (كوفيد-19) فاقمت التحديات التي تشهدها أفغانستان مثل غيرها من الدول الفقيرة.

ويتطلب خروج البلاد من مخاطر الفقر وتدني مستويات المعيشة التحرك على مسارين متوازيين:

  • بناء مؤسسات نظامية قوية تخضع للمساءلة وقادرة على تقديم الخدمات العامة التقليدية للمواطنين، وحفظ النظام وإنفاذ القانون وصون الحقوق والممتلكات.
  • الاهتمام بدعم الأنشطة الاقتصادية، وتشجيع القطاع الخاص على القيام بدوره في عملية الاستثمار والتشغيل ومن ثم دعم النمو، ومواجهة كافة التهديدات، وتحقيق الاستقرار الأمني، وتوطيد الاحتواء الاجتماعي، وتخفيض مدى التعرض للمخاطر، حتى يمكن للمساعدات الخارجية الاستمرار في التدفق، وجذب استمارات أجنبية مباشرة قادرة على قيادة عملية التنمية.

 

المؤشرات الرئيسية للاقتصاد الأفغاني

بيان

2000

2010

2020

السكان

20.78

29.19

38.93

معدل نمو السكان سنويًا

3

2.7

2.3

المساحة بالألف كم مربع

652.9

652.9

652.9

معدل الفقر الوطني

 

38.3

59.6

الناتج القومي   بليون دولار

 

14,87

19.56

متوسط دخل الفرد بالدولار

 

510

500

العمر المتوقع عند الميلاد بالسنوات

56

61

65

المواليد تحت رعاية صحية % من المجموع

12

34

59

معدل وفيات الأطفال أقل من 5 سنوات لكل 1000

129

88

60

نسبة الذين يتمون الدراسة الابتدائية

 281990)

 

68

نسبة المسجلون بالابتدائي من مجموع الفئة العمرية

21

100.1

104

نسبة المسجلون بالثانوي من مجموع الفئة العمرية

12

51

55

الناتج المحلي الإجمالي بليون دولار

4.06

15.86

19.81

معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي

8.8

14.4

-1.9

معدل التضخم السنوي

11.7

3.8

5.5

نسبة الإيرادات العامة بدون المنح للناتج  المحلي

 

11.1

13.0

نسبة الضرائب للناتج المحلي  %

 

9.2

9.9

 

مقالات لنفس الكاتب