array(1) { [0]=> object(stdClass)#12962 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

العدد 169

القضية الفلسطينية معلقة بانتظار حسم خلافة عباس وبوادر انتفاضة ثالثة

الخميس، 30 كانون1/ديسمبر 2021

تشهد منطقة الشرق الأوسط  نشاطاً سياسيًا مكثفاً  سواء بين دول مجلس التعاون الخليجي أو على مستوى النظام العربي والدول الإقليمية والعلاقات أيضًا بين الدول الكبرى والإقليم، فالعلاقات بين دول المجلس تشهد تعاوناً سياسأ بعد انتهاء الأزمة القطرية وزيارات متبادلة بين زعماء المجلس للتنسيق، كما أن العلاقات مع دول المجلس وإيران وتركيا تشهد انفراجاً سياسيًا وتعاوناَ، فزيارة طحنون بن زايد مستشار الأمن القومي الإماراتي إلى تركيا وإيران تؤكد على الانفراج السياسي في العلاقات بين الإمارات وهذه الدول وقد تكون بالتنسيق مع دول المجلس، وزيارة ولي عهد الإمارات الشيخ محمد بن زايد لتركيا وتوقيع عدة اتفاقيات بين البلدين وزيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى قطر وتوقيع اتفاقيات اقتصادية وأمنية وسياسية، وكذلك زيارة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان إلى كل من سلطنة عمان وقطر والكويت، كما أن هناك مفاوضات في فينا بين إيران ومجموعة 4+1 حول المفاعل النووي الإيراني وتفاوض غير مباشر مع واشنطن، كلها تفاؤل بالوصول إلى اتفاق وعودة واشنطن إلى الاتفاق النووي الذي أبرم عام 2015م، في عهد الرئيس براك أوباما وانسحب منه ترامب، ولكن إدارة بايدن تعزم على العودة للاتفاق وعبر الوسائل الدبلوماسية، كما تجري محادثات بين تركيا ومصر لعودة العلاقات إلى وضعها الطبيعي لمصالحهما في شرق المتوسط وليبيا، وللتعاون لإيجاد حل سياسي في ليبيا يحقق الاستقرار تحت مظلة الأمم المتحدة وتفعيل دور الولايات المتحدة بعد تعيين استيفاني وليمز مستشارة  خاصة للأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا ولدورها السابق في جمع الأطراف الليبية.

أما على المستوى الدولي فانسحاب الولايات المتحدة من أفغانستان وتولى حركة طالبان الحكم كان الانسحاب مذلاً لواشنطن بالطريقة التي حدث بها وإعلان انسحابها من العراق وبقاء بعض قواتها وتنافس واشنطن مع الصين والتوتر مع روسيا في أزمة أوكرانيا، يعني أننا أمام تحول داخلي وإقليمي ودولي ليس في صالح إسرائيل إذا استغلته الدبلوماسية العربية.

إسرائيل في ظل التحولات الإقليمية ورفض الشعوب للتطبيع

رغم أن إسرائيل أقامت علاقات دبلوماسية مع كل من الإمارات العربية والبحرين وتبعهما السودان في إقامة علاقات مع إسرائيل وكذلك المغرب، ولكن الدوائر السياسية في إسرائيل لا تتفاءل كثيرًا بهذا التطبيع مع هذه الدول، لأن إسرائيل تريد تطبيعاَ حقيقاً مع الشعوب وهو ما ترفضه الشعوب العربية، فرغم أن مصر عقدت اتفاقية كامب ديفيد عام 1979م، إلا أن الشعب المصري يرفض التطبيع رغم مرور أربعة عقود من الاتفاقية " سلام بارد" حسب تعبير مستشار الأمن القومي الأمريكي الراحل بريجنسكي، وفي دراسة لمركز أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي (INSS) عن النقابات المصرية يؤكد أنها ترفض التطبيع وتعاقب أعضائها في حالة تطبيع مع إسرائيل كما أن الأحزاب المصرية ترفض التطبيع وعلى مستوى عامة الشعب، وكذلك رفض الأزهر للتطبيع وما جاء على لسان شيخ الأزهر أحمد الطبيب برفض الدعوة للإبراهيمية بقوله "تبدو في ظاهر أمرها دعوة للاجتماع الإنساني والقضاء على أسباب النزاعات والصراعات، وهي في الحقيقة دعوة إلى مصادرة حرية الاعتقاد وحرية الإيمان والاختيار "، ويرى معارضو الاتفاقية الإبراهيمية بأن لها هدفًا  سياسيًا لتطبيع مغلف بالدين.

 ويرفض الشعب المغربي التطبيع فعمت المظاهرات المدن المغربية إثر زيارة وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس إلى الرباط، ودعا رئيس مجموعة العمل الوطنية من أجل فلسطين عبد القادر العلمي " الشعب المغربي، وكل قواه المدنية والحزبية والنقابية والحقوقية والطلابية والنسائية ومنابر الإعلام، إلى إعلان التعبئة العامة الطويلة الأمد لمواجهة الاختراق التطبيعي التخريبي"؟ وقال إن التطبيع " لا يسيء فقط إلى قضية فلسطين، بل ويهدد المغرب وجودياَ ويستهدف وحدته الترابية وتماسك مجتمعه وأمنه واستقراره".

وعبر الشعب السوداني عن رفضه التطبيع مع إسرائيل، فقد وقع 28 حزباً وتكتلاً ومنظمة على ميثاق القوى الشعبية لمقاومة التطبيع مع إسرائيل، وقال دفع الله تاج السر ممثل الائتلاف " لا مصالح لنا في التطبيع مع الكيان الصهيوني المحتل الذي جاء لسرقة مواردنا"؟ وقال السياسي السوداني ربيع عبدالعاطي " لقد أقدمت الحكومة الانتقالية على خطة التطبيع من وراء ظهر الشعب السوداني، وفي خروج تام عن مهمتها الانتقالية، وأعتقد لا مستقبل لها في السودان". ويؤكد المحلل السياسي الإسرائيلي يوناتان نوفال في مقال له في صحيفة هآرتس 5 نوفمبر الماضي بفشل استراتيجية التطبيع مع السودان ويربطها بإجبار ترامب للقيادة العسكرية السودانية بالتطبيع ويقول" إسرائيل لديها مصالح مكتسبة باتت مرتبطة رسميا بالتحول السياسي في السودان في ضوء القرار الأبله لإدارة ترامب في العام الماضي إجبار السودان على الموافقة على تطبيع العلاقات مع إسرائيل مقابل حزمة من المحفزات المالية الحيوية، بما في ذلك رغبة السودان القديمة في أن يرفع اسمه من القائمة الأمريكية للدول الراعية للإرهاب، وكما أرغم السودان، كذلك المغرب كما يقول الكاتب المغربي عبد السلام بنعيسى " الولايات المتحدة الأمريكية التي تُرغِمُ المغرب على التطبيع مع الكيان الصهيوني للاعتراف له بمغربية صحرائه، ويتطوع لإبرام اتفاقيات أمنية وعسكرية واستخباراتية مع هذا الكيان لتأمين استمرار الاعتراف الأمريكي بالسيادة على أقاليمه الصحراوية، المغرب يتصرف وكأنه يُرهِنُ بذلك، حاضره، ومستقبله، كبلدٍ برمته، وليس فقط الأقاليم الصحراوية، يُرهنه، بأيدي الأمريكان والصهاينة، فهل في هذا مصلحة مغربية آنية ومستقبلية؟؟ ولكن إدارة بايدن لم تؤيد رسمياٍ ما قامت به إدارة ترامب.

إن التطبيع له تداعياته على الأمن القومي العربي، فالاختراق الإسرائيلي إلى السودان يهدد الأمن القومي المصري وإسرائيل كانت تدعم جنوب السودان منذ عقود وساهمت بدعمها انفصال الجنوب كما كان لإسرائيل دور في أزمة دارفور في السودان وتأليب واشنطن والمنظمات الدولية على الحكومة السودانية وكانت إسرائيل عقدت صفقة عن طريق واشنطن في عهد الرئيس نميري لتهجير الفلاشا إلى إسرائيل، وفي ظل أزمة المجلس العسكري مع الأحزاب السودانية، فكتبت الصحافة الإسرائيلية أن لإسرائيل دور في أزمة السودان الأخيرة بعلاقتها مع القيادة العسكرية، كما أن إسرائيل شجعت منذ عقود بناء أثيوبيا السدود المائية وأمدتها بالخبراء، ولذلك ينظر بحذر لدور إسرائيل في السودان خاصة أن الخبراء والمسؤولين في إسرائيل ما زالوا يعتبرون أن مصر الخطر الحقيقي على إسرائيل رغم اتفاقية السلام كأكبر دولة عربية وجيش عربي ورفض الشعب للتطبيع. كما أن اتفاقية التطبيع المغربية مع إسرائيل لها انعكاسها على تأزم العلاقات المغربية ـ الجزائرية خاصة مع إعلان إسرائيل اتفاقيات تعاون مع المغرب مما يهدد استقرار المغرب العربي ويصعد المواجهة في الصحراء.

                            إسرائيل تلوح بمسدس فارغ

إن أسرائيل تتوعد دائماً إيران حول المفاعل النووي، وأنها لن نسمح بأن تصبح إيران دولة نووية وتتوعد بعمل عسكري. تريد إسرائيل احتكار امتلاك السلاح النووي في الشرق الأوسط فقامت في السابع من يونيو 1981م، بغارة على المفاعل العراقي (أوزيراك) الذي أثبتت الوثائق السرية التي كشف عنها مؤخراً عن اجتماع سري بين المسؤولين الأمريكيين والفرنسيين في باريس 25 يوليو 1980م، تم الاتفاق فيه، أن شحنات اليورانيوم التي أرسلت للعراق من فرنسا يتم تعديلها كيميائياً سراً لجعلها عديمة الفائدة في حال استخدامها لتطوير أسلحة نووية. وتحرض إسرائيل الولايات المتحدة على إيران وشنت حملة إعلامية على الرئيس أوباما بسبب اتفاقية المفاعل النووي الإيراني 2015م، ولما وصل ترامب للبيت الأبيض، استغل نتنياهو علاقته مع ترامب وصهره كوشنر ودفعه للانسحاب من اتفاقية المفاعل النووي 2017م، ونقل السفارة الأمريكية إلى القدس المحتلة ودفع بعض الدول العربية للتطبيع مع إسرائيل واعترافه بالسيادة الإسرائيلية على هضبة الجولان والتي صرح ترامب مؤخرًا أنه قام بذلك من أجل فوز نتنياهو في الانتخابات الإسرائيلية ولولا اعترافه لخسر نتنياهو الانتخابات الإسرائيلية 2019م، واعترف ترامب أنه استغله وصداقته واستخدمه في التصعيد ضد إيران وأن نتنياهو لا يريد أي سلام مع الفلسطينيين.

إن إدارة بايدن ترفض الانصياع لمطالب الحكومة الإسرائيلية رغم الاتصالات المكثقة لزعماء إسرائيل مع إدارة بايدن لثني واشنطن عن الاتفاق وآخرها زيارة وزير الدفاع الإسرائيلي غانتس ومدير جهاز الموساد ديفيد بارينع لواشنطن في الأول من ديسمبر الماضي ولكن الزيارة لم تحقق نجاحاً، فإدارة بايدن جادة للعودة لاتفاقية المفاعل النووي، ولكن إسرائيل تهدد بشن ضربة عسكرية لتدمير المفاعل النووي. إن التهديد الإسرائيلي للاستهلاك الداخلي ولرفع أسهم حكومة نفتالي بنيت، ويعلق الصحفي الإسرائيلي عاموس هرئيل في صحيفة هآرتس على تهديد الحكومة الإسرائيلية " إن إسرائيل تلوح بمسدس فارغ من الذخيرة "؟  فهي لا تستطيع شن غارة على إيران بدون الولايات المتحدة، ولكن ما استطاعت إسرائيل القيام به اتجاه إيران، اغتيال علماء وهجمات سايبرس وهجمات بحرية وهجمات جوية على قواعد ميليشيات مؤيدة لإيران في سوريا وضرباً منهجياً لقوافل تهريب السلاح من إيران لحزب الله ولكنها رغم ذلك لم تحقق وقف نشاط إيران، وظهر انقسام بين النخبة الإسرائيلية وخاصة العسكرية حول جدوى عمل عسكري ضد إيران وتؤيد إدارة بايدن في الحل الدبلوماسي والعودة للاتفاق، فالاحتواء الدبلوماسي أفضل لتحقيق المصالح من مواجهة عسكرية يرفضها المجتمع الدولي لخطورة المواجهة العسكرية التي يصعب التنبؤ بنتائجها والخروج منها .

إن إسرائيل لم تعد القوة التي تملك الجيش الذي لا يقهر وهي أسطورة انتهت في حرب أكتوبر 1973م، عندما عبر الجيش المصري قناة السويس وتغيرت وسائل الحروب لم تعد الحرب الخاطفة والقوة الجوية كما كانت تستعملها إسرائيل وأصبح العمق مكشوفاً في ظل عدم وجود عمق استراتيجي لها وأصبحت صواريخ المقاومة تحقق الردع مع إسرائيل، وهناك مؤشرات داخلية على تصدع داخلي في إسرائيل سواء على صعود الأجيال الجديدة وعزوفها عن التجنيد ورغبتها في حياة مترفة وآمنة وغياب القيادات التاريخية أو الكاريزما السياسية أو الأمنية. كما أن توجه المجتمع الإسرائيلي نحو اليمين المتطرف أخذ يفقد التعاطف في المجتمعات الغربية وتوجه انتقادات لممارسات إسرائيل وأسهمت مواقع التواصل الاجتماعي لكشف حقيقة إسرائيل وزيف الديمقراطية الإسرائيلية فالعالم قرية كونية أصبح من الصعب إخفاء الحقائق أو تضليل الشعوب.

 فقدت إسرائيل كثيراُ من التعاطف الخارجي شعبيًا أو على مستوى الحكومات والبرلمانات والمؤسسات الدولية، فتيار اليسار في الحزب الديمقراطي يهاجم إسرائيل وترفض إدارة بايدن الانسياق وراء إسرائيل في المنطقة وتؤكد عودتها لفتح القنصلية الأمريكية في القدس، وتنتشر الحملة العالمية لمقاطعة إسرائيل BDS التي تدعو لمقاطعة الاحتلال  Boycotوسحب الاستثمارات Divestment منها وفرض العقوبات sanctions عليها، وانتشرت على مستوى الجامعات وتدعو لتطبيق القرارات الدولية لحقوق الفلسطينيين. وإذا كان زعماء الصهيونية يرددون من النيل إلى الفرات كما يحاول بعضهم ترديد من المحيط إلى الخليج فهو ادعاء زائف يشكل نقطة ضعف لإسرائيل التي رغم سبعة عقود لم تحقق الأمن والاستقرار في فلسطين التاريخية بل فشلت وأثبتت معركة سيف القدس الفشل الإسرائيلي أمام انتفاضة الفلسطينيين داخل ما يسمى الخط الأخضر، فلسطين 1948م، وتضامنهم مع الفلسطينيين في الضفة والقطاع هذا التلاحم الذي أرعب إسرائيل التي حاولت خلال عقود غسيل الدماغ وفشلت فيه.

كانت القيادات الإسرائيلية السابقة في بداية عهدها ترفض الدخول في الخلافات العربية والتحالفات علانية وكانت أحياناً تلعبها بشكل سري، ولكن دخول إسرائيل في حلبة الصراع الإقليمي وخلافات داخل النظام الإقليمي يدخلها في مشكلات جمة وتوريطها كما هو حالها سواء في أقصى المغرب العربي أو منظقة الخليج ولا تستطيع إسرائيل التدخل عسكرياً ولكن تدخل ضمن عمليات الموساد السرية التي تشكل أكثر خطورة عليها، فإذا نجحت استراتيجية هنري كيسنجر بتحويل القضية الفلسطينية من صراع عربي إسرائيلي إلى خلافات عربية وصراع فلسطيني-إسرائيلي، فهي الآن تعيد الصراع إلى الحلبة العربية بعد تدخلها علانية في النظام الإقليمي، والامبراطوريات تاريخيًا انهارت بالانقسام الداخلي والتوسع المفرط، فالامبراطورية البريطانية تراجعت بعد توسعها وعدم قدرتها على تغطية نفقات مستعمراتها كما أن الاتحاد السوفيتي انهار داخليًا، فإسرائيل تشهد صراعًا داخليًا بين الأحزاب الإسرائيلية وانتشارها المفرط يكلفها سياسيًا واقتصاديًا واستراتيجيًا وهو الكيان الذي يعتمد في بقائه على الدعم الأمريكي وتاريخيًا الدول التي تعتمد في وجودها على غيرها لا تعمر طويلاً، وكل ما يسمى " السلام الإبراهيمي" فبركة نتنياهو واستغلال قلة خبرة ترامب السياسية من أجل تسويق نتنياهو داخليًا لمواجهة تهم الفساد والقضاء، وهذا ما أكده ترامب في تصريحاته النابية ضد نتنياهو كما قال الصحفي الإسرائيلي باراك رافيد الذي يعد كتابا " سلام ترامب : اتفاقات أبراهام وإعادة تشكيل الشرق الأوسط " ، فزعماء إسرائيل من نتنياهو حتى نفتالي بينت يستعمل أبراهام للتسويق الداخلي لضعفهم ولانتخابات قادمة ولا زال المجتمع الإسرائيلي لم يحقق إجماعاً لتشكيل حكومة ذات أغلبية حزبية وانما ائتلاف أحزاب متناقضة الأهداف، فإسرائيل تبالغ بقوتها وهناك من بعض النخب السياسية الإقليمية من يصدق تضليلها بقوتها.

ورغم الحرب الأهلية السورية التي بدأت منذ عقد تقريبًا، ولعبت إسرائيل دوراً خفياً فيها للاستفادة منها لإضعاف النظام السوري ولكنها تريد البقاء الضعيف له واخترقت بعض أطراف المعارضة واستفادت من التنسيق مع روسيا في الملف السوري والالتفاف غير المباشر على إيران بالتنسيق الاستخباراتي مع روسيا ثم استغلالها ضد النظام بشن غارات داخل سوريا لمنع الإمدادات لتصل إلى لبنان أو قواعد إيرانية قريبة من الجولان، ولكن الوضع السوري يبقى من المتغيرات في ظل الزيارات المتبادلة وفتح أبواب بعض السفارات العربية في دمشق والنشاط الدبلوماسي لعودة سوريا للجامعة العربية وتأجيل القمة العربية 2021م، في الجزائر إلى 2022م، قد يكون من أجل عودة سوريا في إصرار الجزائر على عودتها تدعمها دول ذات وزن إستراتيجي قوي مثل مصر وزيارة وزير خارجية الإمارات  عبدالله بن زايد لدمشق في 9 نوفمبر الماضي.

القدس وحل الدولتين وأوهام السلام

يقول رئيس السلطة الفلسطينية بأن السلام خيار استراتيجي مع إسرائيل وأن التنسيق الأمني مقدس معها، وبالمقابل ترى إسرائيل أن دخولها المفاوضات تكتيكية لتحقيق أهداف سياسية أمام ضغوط المجتمع الدولي والالتفاف على القرارات الدولية المطالبة بانسحاب إسرائيل من الأراضي المحتلة 1967م، ويعلن قادة إسرائيل بلا استثناء رفضهم لقيام دولة فلسطينية بمعنى أن حل الدولتين ليس في القاموس السياسي الإسرائيلي، ومع توجه المجتمع الإسرائيلي نحو اليمين المتطرف دينياً يبقى السلام المستحيل هو سيد الموقف، لأن إسرائيل لا تريد حل الصراع ولكن إدارة الصراع، وتسخر السلطة الفلسطينية لقمع أي عمل ضد إسرائيل في الضفة الغربية، فاتفاقية أوسلو 1993م، في نظر إسرائيل التي جاءت بعد الانتفاضة الأولى 1987م، تجعل السلطة في مواجهة الشعب الفلسطيني، فالجنرال الأمريكي دايتون وفريقه الذي بدأ في 2005م، لتدريب الشرطة الفلسطينية بالتنسيق مع الطرف الإسرائيلي وعقيدة دايتون للشرطة الفلسطينية مواجهة خلايا المقاومة ومنع عمليات ضد إسرائيل انطلاقاً من الضفة العربية، مما أدى لصدام بين الشرطة الفلسطينية والمقاومة كما حدث في مخيم جنين، فإسرائيل تريد بقاء السلطة الفلسطينية بما يخدم أغراضها، وأعلنت القدس عاصمة أبدية لإسرائيل وتتوسع في بناء المستوطنات بالضفة الغربية والقدس وتسعى للضغط لتهجير الفلسطينيين من القدس بالاستيلاء على منازلهم كما في حي الشيخ جراح، ولذلك فالوضع الداخلي الفلسطيني قابل للانفجار لانتفاضة ثالثة لتدهور الوضع الاقتصادي وفشل عملية السلام وانخفاض شعبية الرئيس الفلسطيني محمود عباس ففي استطلاع أجراه المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية أن 78% من المستطلعين في الضفة الغربية و قطاع غزة يطالبون باستقالة رئيس السلطة من منصبه، كما أن رئيس السلطة البالغ عمره 86 عاماً يشكل أيضأ مأزقاً للبحث عن بديل خاصة مع رفض الرئيس لإجراء انتخابات رئاسية وتشريعية كما أن هناك صراع خفي بين القيادات الفلسطينية على خلافته. وتبقى الانقسامات الفلسطينية نقطة ضعف خطيرة ورغم محاولات المصالحة بين حماس وفتح وقيام الحكومة المصرية بالوساطة بينهما فلا يتوقع المصالحة في ظل قيادة السلطة الفلسطينية الحالية لاختلاف الأهداف والاستراتيجية وفساد السلطة كما يراها الشعب الفلسطيني ولذلك تبقى الاحتمالات التالية:

  • الانتفاضة الشعبية الثالثة وقيادة جديدة تقود المقاومة الفلسطينية وتحقق المصالحة الفلسطينية وتلغي كل تنسيق أمني مع إسرائيل.
  • إن حل الدولتين أصبح شبه مستحيل فعلياً لأن إسرائيل تسيطر على كامل الأراضي الفلسطينية بمستوطنات في الضفة الغربية والخوف من عودة اللاجئين والعامل الديمغرافي بسبب ازدياد عدد الفلسطينيين في فلسطين التاريخية لأن نسبة المواليد عند الفلسطينيين أعلى منها عند اليهود إذا استثنيا الطائفة الحريدية اليهودية.
  • أن يكون هناك خيار الدولة الديمقراطية الواحدة وهو الخيار الذي ترفضه إسرائيل بالمطلق لأنه يتناقض مع مفهوم الدولة اليهودية.

تبقى القضية الفلسطينية معلقة بانتظار ماذا يحدث لخلافة عباس ومن هي القيادة الجديدة ولكن بوادر الانتفاضة الثالثة هي الأقرب للواقع لأن انتفاضة ثالثة بقيادة شابة من الداخل تقود المقاومة تضع إسرائيل في مأزق أمني خطير، والانتفاضة الثالثة إذا حدثت ستأثر على دول الجوار الجغرافي لإسرائيل بتحرك شعبي يؤيد الداخل الفلسطيني ويدفع لتحرك إقليمي ودولي في حالة انفجاره. وعندما انفجر الوضع في القدس وعملية سيف القدس من أجل الأقصى تحركت الشعوب بالتأييد للمقاومة، وقد تؤدي الرعونة الإسرائيلية إلى انفجار الوضع في القدس لإشعال الانتفاضة فكانت الانتفاضة الثانية عام 2000م، بسبب اقتحام شارون للمسجد الأقصى، وإن المقاومة الآن في القدس بشكل فردي ولكن قد يتم تنظيمها مستقبلاً في حالة استمرار الأوضاع الحالية والأشهر القادمة حبلى بالمفاجآت فالقدس تبقى في ضمير الشعوب العربية والإسلامية والمقاومة تبقى الاحتمال الأكبر في ظل يمين إسرائيلي لا يفهم إلا لغة القوة.

 

مقالات لنفس الكاتب