array(1) { [0]=> object(stdClass)#12962 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

العدد 169

"السياسات" منها الناجح وبعضها يحتاج مراجعة أو زيادة التمويل والرقابة

الخميس، 30 كانون1/ديسمبر 2021

السياسات الاجتماعية هي مروحة واسعة من الأنظمة والتشريعات والقوانين وحتى الأعراف واللصيقة بالإنسان، في هذه الحالة الإنسان القاطن في الخليج سواء مواطن أو مقيم، وهناك سياسات تقدم خدمات لكل من المواطن والمقيم على حد سواء، وهناك برامج تقدم للمواطنين. على سبيل المثال برامج الأمن والموصلات وبعض الخدمات الطبية تقدم للجميع. وعلينا في البداية أن نحدد البرامج الاجتماعية وهي على سبيل المثال لا الحصر، النظام التعليمي والنظام الصحي ونظام الإسكان ونظام التكافل الاجتماعي (التأمينات الاجتماعية) ويتفرع منها الاهتمام بكبار السن والأطفال والشباب والمرأة، فهي إذًا أنظمة عديدة ومتفرعة، كما أنها تختلف جزئيًا في سوية الخدمة وشمولها من دولة خليجية إلى أخرى، ولكن في الغالب تتشابه. ولأن الفضاء الذي تتحرك فيه هذه الأنظمة هو فضاء اجتماعي، فإننا نجد أن ردة فعل قطاعات من المجتمع تختلف باختلاف ما يقدم من خدمات وكذلك يعتمد قبولها أو رفضها على خلفية الشرائح الاجتماعية، على سبيل المثال الموقف من ( تمكين المرأة) و هو مطلب إنساني و حضاري وقد شرع لها في بعض مجتمعات الخليج، إلا أن الدخول في تفاصيل كيفية تحقيق ذلك يصدم بموقف شرائح تقليدية أو محافظة معتمدة على العادات والتقاليد أو حتى ذات منحى ذو هدف سايسي ، تقوم تلك الشرائح أو الأفراد بتشويه المقاصد وتغيير الحقائق، يقابل ذلك مثلاً ضعف في (المناعة المعرفية) الذي تتكون عادة من خلال التعليم . في سنوات سابقة كان التعليم في تلك الزاوية ضعيفًا بل يحث على تأكيد التقاليد فأنتج رأيًا عامًا لا يقبل بالموافقة على الإصلاحات الاجتماعية وأيضًا يقابلها بالشجب. ولان مجتمعات الخليج بصفة عامة هي مجتمعات تخوض مرحلة انتقالية من شكل من الإنتاج الاقتصادي والمصفوفة القيمية إلى شكل آخر حديث، فإن من المتوقع أن يحدث ذلك (الاختلاف في الرؤى) والذي يحتاج إلى سياسات إعلامية وتعليمية ذات جودة ترفع من المناعة المعرفية لشرائح المجتمع المختلفة، وذلك أمر يسهل قوله وربما يصعب تنفيذه بسبب شيوع (فوضى) الشبكات الرقمية فيما يسمى (وسائل التواصل الحديث) وهي مفتوحة للكثير من اللامنطقي وخوض العوام وأشباه العوام في قضايا لا يعرفون أبعادها.

من هنا فإن المقالة سوف تركز على السياسات الاجتماعية المعتمدة في دول الخليج من السهلة إلى الأكثر صعوبة.

 

الفرق فيما بين ما يشترى بالمال وما يغير الأفكار:

السياسيات الإسكانية:

هناك سياسيات اجتماعية يمكن أن تشترى بالمال أو أن المال يكون قاطرة وضع السياسيات وسهولة تنفيذها النسبية، ولعل أولها هي السياسة الإسكانية، والتي اتخذت فيها الدولة الخليجية خطوات مشاهدة و مشهودة من خلال بناء المدن الجديدة والمتكاملة للمواطنين وتسهيل سكن غير المواطنين ووضع خطط لإسكان الأسر الجديدة في منازل مريحة وحديثة مشمولة بالخدمات الضرورية ( ماء و كهرباء و طرق) وأيضًا يجاورها مدارس للصغار ، وتشير الإحصاءات المتاحة إلى أنه بين 70% إلى 90% من مستحقي الرعاية السكنية من المواطنين في دول الخليج  قد حصلوا عليها إما مجانًا أو بأسعار معقولة تقوم الدولة بتمويل جلها  . إلا أن بعض بلدان الخليج يواجهها نقص في الأراضي المتاحة لفرزها كمناطق سكنية، لذلك فإن الحديث العام في بعض البلدان (مثل الكويت) يتوجه إلى طرح فكرة السكن العامودي (أي السكن في شقق سكنية تحويها مجمعات) وهي فكرة تظهر وتغيب في النقاش العام والبعض يرفضها تمماً وآخرون يقبلونها بشروط، في هذا الموضوع كتب أحد كتاب جريدة القبس الكويتية النص التالي (الإصرار على تملك فيلا لم يأتِ من فراغ، بل بسبب التقاعس الحكومي عن توفير البدائل الجميلة. فمشروع سكني رائع مثل «حصة المبارك» يمكن أن تبني الحكومة العشرات مثله في الأراضي الأميرية الملاصقة لعدد من المناطق السكنية. ويمكن أن تكون له إطلالات جميلة على البحر أو الحدائق العامة في الصليبخات والدوحة وغيرها، بدلاً من فلل في صحراء المطلاع القاحلة والبعيدة عن العمران. والمؤسف أن فكرة السكن العمودي قُتلت مع التجربة البائسة في مشروع الصوابر).

مثل هذا النقاش يتكرر في بعض دول الخليج قليلة المساحة في الأراضي، كما أن التفكير في السكن قريبًا من المناطق الحضرية هو هاجس كثيرين، إلا أنه لن يكون متوفر في الدول قليلة المساحة.

الرعاية الصحية

تمثل النجاح في الرعاية الصحية في دول الخليج في مواجهتها للجائحة كوفيد 19 والتي عمت العالم و سببت الخوف و الهلع على البشرية كافة، في دول الخليج واجهت الدولة تلك المعضلة ببنية تحتية صحية قادرة على تحمل الأعباء، بجانب السياسات التي اتخذت في تعويم الاقتصاد وقت الإغلاق الكلي أو الجزئي وقد تعاون القطاع الخاص في ذلك بتوفير خدمات  أو توفير مرتبات العاملين و أيضًا تخفيض الإيجارات، أدى كل ذلك إلى عبور زمن الجائحة أو معظمه بنجاح كبير، فنسبة المتعافين من الجائحة في مجمل دول الخليج (حتى وسط ديسمبر 2021) كان حوالي 90%  من الإصابات، أما الوفيات فقد بلغت حتى ذلك التاريخ فقط 4. , 0 %  وهي نسبة متقدمة إن أخذنا بعين الاعتبار  النسبة العالمية، وفي كل دول الخليج يتوفر قطاع صحي متكامل من المستشفيات حتى في المناطق النائية وسلسلة من المستوصفات، كما و يتوفر الدواء الأساسي بشكل مجاني، القطاع الخدمي الصحي في القطاع الخاص و في بعض  الدول هو فرع لمستشفيات دولية  أو فروع من مؤسسات صحية عالمية تقدم خدماتها على أرفع المستويات، بل يجرى في بعض مستشفيات الخليج عمليات صعبة و معقدة كمثل فصل التوائم السيامية التي اشتهرت بها الرياض في المملكة العربية السعودية من خلال جهد الدكتور عبد الله الربيعة و فريقه .كما إن الخطط المعلنة تشير إلى اهتمام الدولة بهذا القطاع كمثل مشروع المدينة الصحية المتكاملة الذي تخطط له المملكة العربية السعودية كجزء من رؤية 2030 .

يتوفر في بعض دول الخليج رعاية صحية بشكل مختلف وهي التأمين الصحي وخاصة لكبار السن، ففي الكويت يتمتع كبار السن بتأمين من الدولة يغطي احتياجاتهم الصحية في مستشفيات وعيادات القطاع الخاص وصرف الأدوية، ويوجد أيضًا في بعض دول الخليج مثل هذا التشريع (التأمين الصحي)، كما تقوم الدولة الخليجية بشكل عام بإرسال نسبة كبيرة من المرضى إلى الخارج وتتحمل تكاليف العلاج في أفضل مراكز العلاج الدولية.

التعليم والتدريب:

هذا قطاع هام وأساسي في الخدمات الاجتماعية التي تقدمها الدولة في الخليج، وهو مجاني من سنوات الدارسة الأولى وحتى الجامعة وفي بعض الحالات ما بعد الجامعة تقريبًا منذ أن تأسس في شكله الحديث من حوالي -في بعض دول الخليج-قرن من الزمان. ولقد بدأ التعليم في هذه الدول مبكرًا بعضه اليوم بفوق تاريخه ماءة عام أو يزيد، كما تسارع في الخمسين عامًا الأخيرة من حيث الكم والكيف، من عدد قليل من الجامعات حتى أصبح اليوم أكثر من مئة جامعة بين رسمية وخاصة، وقد تكاثرت الأخيرة بسبب الطلب الكبير على التعليم العالي. كما انتشرت مؤسسات التعليم قبل الجامعي بصورة ضخمة في القرى والمدن حتى أصبح العاملون في هذا القطاع من أكبر شرائح العاملين في الدولة الخليجية الحديثة. إلا أن التعليم في الخليج كما كتب كثيرا كاتب المقال يحتاج إلى إعادة زيارة جدية.

 تكلفة الجهل...!

خبر مثير نشر في الكويت صيف 2017م، يقول الخبر: (إن اثنان وثلاثون عملية جراحية، أجريت لاستخراج سماعات صغيرة من آذان الطلبة) طبعًا تلك السماعات كانت هناك في الآذان من أجل (الغش) في الامتحانات! هذا في الكويت التي يضمن قانونها التشغيل الكامل للمواطنين، متى ما طلبوا الوظيفة، فكم من الحيل يقوم بها أبناؤنا الطلبة (والطالبات أيضًا) في مختلف درجات التعليم على مستوى دول الخليج حتى يحصلون على درجات تؤهلهم لوظائف محتملة!، ساعدت التقنية الحديثة في تطوره، وفي وبعضه لا يطرأ على الأذهان. هذه الظاهرة تعني أن هناك (عوار) ملحوظ في مناهج التعليم  يشير إليه الكم من هذه الحيل، وهو ضياع  كبير ومخيف لا أريد أن أضع اللؤم كله على الطلاب والطالبات، ربما هناك خطأ جوهري في نظام تعليمنا للأبناء من الصفوف الأولى حتى الجامعة ،إنه التلقين والحفظ والتسميع ، الذي درجنا عليه، دون هضم للمعلومات أو منهج يستطيع به الفرد استخدام المنطق العقلي كي يصل إلى المعرفة،  كل ذلك ينتج لنا في المجتمع  فئة من الناس ممحية ( امُيتها الهجائية) فقط ، ولكن لا ينتج بشرًا قادرين  على التعامل مع متطلبات الحياة وتغير ظروفها إلى الأحسن .  يقولها خبراء التعليم العرب في كل مكان إن ما نحتاجه هو (جودة التعليم ومتعلمون قادرون على الابتكار) لا كمية متراكمة من فكاكي الخط !، ولا توجد آذان صاغية تستمع إلى القول، نعم كلفة التعليم الجيد مرتفعة، ولكن أيضًا كلفة الجهل أكثر ارتفاعًا واشد إضرارًا بالمجتمع، وما كل ما نراه من تعصب، وإيمان بالخرافة بل ومن تدهور في القيم، وضياع في فرص التنمية، بل وحتى من إرهاب، جله من رداءة التعليم.

  بعد مرور الجائحة سوف تضج قاعات المدارس والجامعات بالطلبة الجدد والقدماء على مستوى بلداننا الخليجية، وسوف تعاد الكرة من جديد، فسوف نطرح مشكلات التعليم على أنفسنا، وسوف يجتهد القائمون على التعليم، بأن يحسبوا من وسائل (منع الطلاب من الغش!) في الامتحانات، وكيف يمكن أن يحشوا أدمغة طلابهم بالمعلومات (الضار منها والنافع) لا أن يهتموا بجودة التعليم التي من أسسها الإجابة على سؤال مركزي: كيف نخلق جيلاً متسائلاً قادرًا على إدارة الموارد الحالية، وابتكار موارد جديدة في المجتمع، والتعامل مع مستجدات حتى الآن غير معروفة! مناقشة كيف يمكن أن نطور التعليم ونجوده حقيقة لا شعارًا كتبت فيها الكتب، وألقيت المحاضرات من المهتمين من أبناء الإقليم، إلا أن التعليم العربي ومنه الخليجي في معظمه ظل في مكانه، ينتج (جهلة بشهادات)! ويستطيع أي متعصب ذلق اللسان ان يأخذ (حملة الشهادات أولئك) إلى (جهنم من التشدد والخرافة معا) دون علمهم، ينقادوا له انقياد الأعمى. لقد أصبح التحايل من أجل الحصول على درجات في المدراس والجامعات (صناعة) عربية بامتياز، وكثيرًا ما تسمعها في شكوى العاملين بالتعليم، فلابد أن هناك (قضية اجتماعية اقتصادية معقدة في التعليم عندنا) تفرز ذلك السلوك.  قبل أربعة أعوام  اتخذ مجلس الوزراء في الكويت قرارًا بأن يطلق يد وزير التعليم في متابعة وتقصي ( شهادات الدكتوراه المزورة) التي فاض بها المجال التعليمي وغيره، حتى أصبحت أكثر من الشهادات الحقيقية،  لقد أصبح ( بيع شهادات الدكتوراه)  ( بيزنس) أي عمل تجاري بحت، لا يستحي مروجوه ان ينشروا الإعلانات لجذب من يريد، ومستعد أن يدفع المبلغ اللازم ، وهي ظاهرة ليست في الكويت أو دول الخليج ،ولكنها ظاهرة عربية بامتياز ، يقوم هؤلاء ( المزورون)   بشهاداتهم باحتلال مناصب عالية ، ليس في الإدارة العامة فقط، بل وفي العمل التعليمي ،والصحفي و الصحي و الهندسي، فيصبح لدينا (جهلة تُخرج جهلة) وقد ينتهي خطأ الطبيب بأن يذهب المريض إلى المقبرة، و لكن أخطاء التعليم تصب في المجتمع لأجيال متعاقبة، عادة يتابع المجتمع من خلال مؤسسات الضبط مزوري  العملة ، أو المتاجرين بالمخدرات، ولكن من النادر أن نرى جهدًا منظمًا من مؤسسات الضبط في فضائنا العربي لمتابعة وكشف وتسمية (مزورو  الشهادات العليات و فضح حامليها) . تفاقم الأمر أن يصدر في الكويت قانون يجرم من يتقدم بشهادة مزورة ويجبره على المعادلة الرسمية.

 الاشكال الذي نواجه مكون من معادلة شبه مستحيلة تقريبًا وهي (أن الطريق إلى التقدم هو التعليم، ولكن أي نوع من التعليم!)  فنحن نحتاج إلى (التعليم) ولكن (لم نطور التعليم)! كي يحقق اهدافا ترجوها المجتمعات العربية بشدة. يقول فولتير (الفيلسوف الفرنسي: سألت يومًا عمن سيقود الجنس البشري، فأجبت، الذين يعرفون كيف يقرأون، هنا تكمن القضية، فليس التعليم هو القراءة أو حتى التلقين، هو كيف يُبنى على القراءة بالبحث، وما هي المادة التي تقرأ؟  كيف نخلق عقلاً إنسانيًا متسائلاً وقادرًا على أن يفكر باستقلالية.   لعل من نافلة القول أن نعترف بأن السلم التعليمي ما قبل الجامعي في بلداننا العربية وفي الخليج، كما هو في العالم، أساس التعليم بعد ذلك، يتفرع منه الجامعي وما بعده، وإن كان هناك عوار في تلك المراحل الأولى ما قبل الجامعية، فإن ذلك العوار سوف يمتد إلى ما بعدها في التعليم الجامعي أو غيره. مسايرة لحقيقة في التراث المعرفي والقائلة (إذا تم وضع الحجر الأول في البناء بشكل خاطئ، فسوف يرتفع الجدار حتى السماء وهو مائل) وهو قول يأخذنا إلى حقيقة أن التعليم هو سلسلة واحدة، أهمها الأساس في الحلقات الأولى والثانية من السلم التعليمي، كما أن نظام التعليم مكون من عدد من الحلقات، البيئة الاجتماعية\ السياسية، المنهج، المدرس، التلميذ، الإدارة، وأيضًا رؤية الدولة، وهي حلقات شديدة الارتباط ببعضها، تسمى بشكل كلي (المنهج التعليمي).  الانطلاقة الأولى لإصلاح منظومة التربية والتعليم تستدعي معرفة مواطن الخلل التي تعاني منها تجربتنا العربية والخليجية، وفي أركانها الأساسية (القوانين واللوائح، الهيئة التدريسية، الإدارة، والترسانة الكبيرة من مخرجات التعليم ذو الجودة المتدنية، الذي يعاد توظيفه)، وبهذا لا يمكن أن نحقق النتائج المنشودة من التعليم الحديث والمميز، ما لم نضع الاستراتيجية التعليمية المتماسكة والاحترافية التي تُصلح الاختلالات، وترسم خارطة طريق المستقبل، إننا عاجزون، حتى الآن، عن فعل ذلك. حتى المؤسسات العربية المشتركة والمؤسسات الخليجية المشتركة، التي قصد منها (العمل على تجويد التعليم) أصبحت بيروقراطية، يُنفى إليها الموظفون، من أجل أغراض مختلفة، ليس من بينها الحرص على تجويد منظومة التعليم! ربما تعب الكٌتاب في هذا المجال وحتى القراء من الحديث عن تجارب الآخرين في  كيف حقق تجويد التعليم النقلة النوعية في مجتمعاتهم ، أمر يحتاج بالتأكيد إلى تضافر الجهود ويحتاج إلى وضوح الرؤية على مستوى متخذي القرار في الدولة المعنية،  وأجهزتها ونخبها الحية، ولكنها عملية ممكنة، نأخذ مثال بماليزيا كتجربة تعليمية، وأيضًا تجربة سنغافورة ،في أوائل الستينات كانت سنغافورة  في أدنى مرحلة اقتصادية، وكان الدخل القومي للفرد أقل من ستين دولارًا في العام، وعندما ترك لي كوان الحكم في التسعينات من القرن الماضي، أي بعد أقل من 25 سنة من حكمه، أصبحت سنغافورة  من أعلى دول العالم في دخل الفرد، بل أصبحت أعلى من اليابان وأمريكا! ، فكيف فعل ذلك، وليس لديه موارد ؟! لقد كان استثماره الأساسي في التعليم، وظلت الأمور في منحنى الصعود حتى وصلت إلى ما وصلت إليه سنغافورة اليوم، وهناك تجارب أخرى في الشرق والغرب، قررت أن تنهض من خلال (تجويد التعليم) واستثمار الإمكانيات البشرية فيه، لم يعد سرًا لا على الداني ولا على القاصي، أن الأمر يحتاج إلى قرار، كثير من دولنا تفتقد ذلك القرار، لأنه صعب وغير شعبوي، وبالتالي تنتشر بيننا الخرافة، والتشدد الأعمى والتعصب والفقر وحتى الإرهاب!

 

 الخدامات الاجتماعية الأخرى

يتمتع المواطن الخليجي في الغالب بتأمينات اجتماعية بعد التقاعد من الوظيفة، وحتى المواطن العامل في القطاع الخاص ينظم القانون اشتراكاته كما يحدد مساهمة صاحب العمل بنسبة محددة في الاشتراكات كي يضمن للعامل في حال التقاعد دخلاً مريحًا. كما وضعت برامج للمساعدة في حال العجز الكلي أو الجزئي (لأصحاب الهمم) كما اصطلح على تسميتهم، وأيضًا للمطلقات دون عائل والأرامل والأيتام، بل قامت بعض دول الخليج (كما في الكويت) بإصلاح جذري لنظام (الأوقاف) التقليدي بحيث يساير الحاجات المستجدة للمواطنين، وقد تبين أن ذلك الإصلاح يصب أيضًا في نظام التكافل الاجتماعي. ويستشط الخواص من جهة أخرى لتقديم خدمات ومساعدات على نطاق واسع من خلال التبرع لعدد من المؤسسات الخيرية والتي ينشط بعضها في المواسم، من أجل التكافل العابر للوطن (على مستوى دول الخليج) وبل خارجها، وتقدر الأموال التي تصل إلى هذا الجانب بملايين الدنانير، وقد تنبهت الدولة الخليجية مؤخرًا، بعد أن تسرب بعض أموال الخير إلى جماعات مشتبهة بالإرهاب إلى إصدار القوانين وضبط التحويلات لمستحقيها.

 

 الخلاصة

هناك الكثير من السياسيات الإيجابية في دول مجلس التعاون التي وضعت لصالح المواطن منها ما هو ناجح وحميد ومنها ما تقوم الدول اليوم بمراجعته، ومنها ما يحتاج إلى زيارة جدية من حيث التمويل والرقابة والإدارة الحديثة والتجويد.

 

مقالات لنفس الكاتب